عقيلة قريش آمنة بنت الحسين عليهما السلام

السيد محمد علي الحلو

عقيلة قريش آمنة بنت الحسين عليهما السلام

المؤلف:

السيد محمد علي الحلو


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة السبطين عليهما السلام العالمية
المطبعة: محمّد
الطبعة: ١
الصفحات: ١٥٤

رجال الخبر

الخبر مرسل ، فإن مصعب الزبيري رواه عن شيخ من المكيين لا يعرف من هو ، فالخبر مرسل لا اعتبار له من حيث الإرسال.

ومصعب الزبيري : ضعيف ، عرفت حاله.

والحسين بن يحيى : قال الذهبي في ميزان الاعتدال عن ابن الجوزي : يضع الحديث ، وكذلك ابن حجر في لسان الميزان (١).

فالخبر مرسل وفي سنده ضعفاء فهو ساقط عن الاعتبار.

أين هم أزواج سكينة وبنو هاشم عن كل هذا؟

اعتمد الخبر على رواية المتناقضات فأظهر زهد ونسك ابن سريج المغني وعبث السيدة سكينة ، مع أن الخبر أظهر في مطاويه الإشارة إلى حرمة الغناء وتجنب ابن سريج عن ذلك ، إلا أن السيدة سكينة كانت تصر على مخالفة مناهي الشريعة ، وترتكب ما هو حرام إشباعا لرغبتها في الاستماع ، لا سيما الخبر سرد أحداث القصة عند وقت متأخر من الليل ، وأظهر أن السيدة سكينة لا ترتبط مع أية علقة زوجية يمكنها أن تحتشم زوجها ـ على الأقل ـ في ارتكاب ما ينافي الشرع ومن ثم الأخلاق السائدة ، مع ما هولوه من تعدد أزواج «آمنة» سكينة بنت الحسين ، وبلغ عدد أزواجها أكثر من سبعة ، ومع هذا فلا نرى لواحد من هؤلاء الأزواج دور في التصدي إلى ماترتكبه السيدة سكينة من مخالفات شرعية وعرفية ، يأنف من خلالها الغيور على حرمه ، ولا يرضى في انتهاك حرمته بما يقع من حليلته ، وهي بين أجانب خلعاء تعقد لهم مجالس الغناء في بيته دون وازع ولا من رادع.

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٥٤١ : ١ ، لسان الميزان ٣٨٦ : ٢.

٨١

أي غيور يرضى لزوجته أن ترتكب مثل هذه الأفعال الشائنة بسمعته والمنافية لغيرته؟ وإذا لم يكن هناك دور للزوج في مثل هذه القصص ، فأين كان الإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام وهو يرى أخته ترتكب خلاف الشريعة وما ينافي قيم الإسلام؟ أين كان محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام عن هذه التصرفات؟ أين كان بنو هاشم وهم ـ على الأقل ـ يجابهون عدوا لدودا يصطنع لهم الأكاذيب والافتراءات؟ فكان عليهم مراعاة جانب أعدائهم إن لم يراعوا جانب حرمة الشريعة.

مما يكشف سذاجه هؤلاء الوضاعين وبلادتهم حينما يختلقون أكاذيبهم بما ينافي الشرع والعادة والأعراف ، وليتهم توسلوا بغير ذلك لئلا ينكشف غباؤهم ولعبتهم الطائشة.

إنه خراج بعض الكور

وإذا صور رواة الخبر بذخ سكينة وهي تعطي لأحد المغنين دملجا وزنه أربعين مثقالا ، فإن هذه التصرفات هي سمة خلفائهم الذين شهدت لياليهم الحمراء بذخهم وعبثهم بأموال المسلمين.

قال ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد : غنى إبراهيم الموصلي محمد بن زبيدة الأمين بقول الحسن بن هانئ فيه :

رشأ لولا ملاحته

خلت الدنيا من الفتن

قال : فاستخفه الطرب حتى قام من مجلسه وأكب على إبراهيم يقبل رأسه ، فقام إبراهيم من مجلسه يقبل أسفل رجليه وما وطئتا من البساط ، فأمر له بثلاثة آلاف درهم ، فقال إبراهيم : يا سيدي قد أجزتني إلى هذه الغاية بعشرين ألف ألف درهم [ أي عشرين مليون درهم].

٨٢

فقال الأمين : وهل ذلك إلا خراج بعض الكور (١)؟

هذه هي أعطيات الخلفاء في الليالي الحمراء ومن بيت مال المسلمين ، والمسلمون يعانون من الضيق في العيش والفقر والفاقة ، لذا فقد عمد هؤلاء الرواة إلى التستر على بذح أسيادهم ، وأتهام آل البيت عليهم‌السلام بتصرفات أعدائهم ؛ ليدفعوا عنهم تهورات هؤلاء وعبثهم.

حكم الغناء في الشريعة المقدسة

ذهب علماؤنا ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ إلى حرمة الغناء (٢) ، وادعوا الإجماع عليه ، بل عدوه من ضرورات المذهب للأدلة الواردة في حرمته من آيات وروايات لعلها متواترة. كما ذهب إلى ذلك بعضهم ، فمن ذلك تفسير قوله تعالى : ( لا يشهدون الزور )(٣) بالغناء كما في صحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام (٤).

وتفسير الغناء بالزور في قوله تعالى : ( واجتنبوا قول الزور )(٥) كما في صحيحة زيد الشحام ، ومرسلة ابن أبي عمير ، وموثقة أبي بصير (٦).

وما ورد في تفسير لهو الحديث بالغناء كما في صحيحة محمد بن مسلم (٧).

__________________

(١) العقد الفريد ٤٢ : ٧.

(٢) نقل الإجماع على ذلك السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٥٢ : ٤ ، حيث قال : أما حكمه فلا خلاف ، كما في مجمع البرهان ، في تحريمه وتحريم الأجرة عليه وتعلمه وتعليمه واستماعه ....

(٣) الفرقان ٧٢ : ٢٥.

(٤) الوسائل ٣٠٤ : ١٧ ، ب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، ح ٥.

(٥) الحج ٣٠ : ٢٢.

(٦) الوسائل ٣٠٣ : ١٧ و ٣٠٥ ، ب ٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، ح ٢ و ٨ و ٩.

(٧) المصدر السابق : ٣٠٤ ، ح ٦.

٨٣

ومن الروايات ما تواتر من حرمة الغناء كما في رواية يونس قال : سألت الخراساني صلوات الله عليه عن الغناء وقلت : إن العباسي ذكر عنك أنك ترخص في الغناء ، فقال : «كذب الزنديق ما هكذا قلت له ، سألني عن الغناء فقلت له : إن رجلا أتى أبا جعفر عليه‌السلام فسأله عن الغناء فقال : يافلان إذا ميز الله بين الحق والباطل فأين يكون الغناء؟ قال : مع الباطل ، فقال : حكمت» (١).

وعن عبد الأعلى قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن الغناء وقلت : إنهم يزعمون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رخص في أن يقال : حيونا حيونا نحييكم. فقال : «إن الله تعالى يقول : ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين * لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين * بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ) (٢) ـ ثم قال ـ : ويل لفلان مما يصف ، رجل لم يحضر المجلس» (٣).

وفي مرسلة المقنع عن الصادق عليه‌السلام : «شر الأصوات الغناء» (٤).

وفي الخصال بسنده عن الحسن بن هارون قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : «الغناء يورث النفاق ويعقب الفقر» (٥).

ويعضده الأخبار الدالة على تحريم الاستماع له كما في صحيحة مسعدة بن زياد قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال له رجل : بأبي أنت وأمي إني أدخل كنيفا ولي جيران ، وعندهم جوار يتغنين ويضربن بالعود ، فربما

__________________

(١) الوسائل ٣٠٦ : ١٧ ، ب٩٩ من أبواب ما يكتسب به ، ح ١٣.

(٢) الأنبياء ١٦ : ٢١ ـ ١٨.

(٣) الوسائل ٣٠٧ : ١٧ ، ح ١٥.

(٤) المصدر السابق : ٣٠٩ ، ح ٢١.

(٥) المصدر السابق : ٣٠٩ ، ح٢٣.

٨٤

أطلت الجلوس استماعا مني لهن ، فقال : «لاتفعل» ، فقال الرجل والله ما أتيتهن وإنما هو سماع اسمعه بأذني ، فقال : «بالله أنت أما سمعت الله تعالى يقول : ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا )»؟ فقال : بلى والله وكأني لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله تعالى من عجمي ولا عربي ، لا جرم أني لا أعود إن شاء الله تعالى ، وأني أستغفر الله ، فقال له : «فاغتسل وصل مابدا لك ، فإنك كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لو مت على ذلك ، إحمد الله وسله التوبة من كل ما يكره ، فإنه لا يكره إلا كل قبيح ، والقبيح دعه لأهله ، فإن لكلّ أهلا» (١).

وعن عنبسة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «استماع الغناء واللهو ينبت النفاق في القلب ، كما ينبت الماء الزرع» (٢).

وما ورد في حرمة شراء المغنية وأن ثمنها سحت ، كما في الكافي عن الحسن بن علي الوشاء قال : سئل أبوالحسن الرضا عليه‌السلام عن شراء المغنية؟ فقال : «قد تكون للرجل الجارية تلهيه ، وما ثمنها إلا ثمن الكلب ، وثمن الكلب سحت ، والسحت في النار» (٣).

وعن سعيد بن محمد الطاطري ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سأله رجل عن بيع الجواري المغنيات ، فقال : «شراؤهن وبيعهن حرام ، وتعليمهن واستماعهن نفاق» (٤).

إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة ، وهي كما علمت مطلقة لا يمكن تخصيصها ، وإن التزم بعضهم ببعضها على أنها مخصصات للحرمة ، إلا أنها

__________________

(١) الوسائل ٣٣١ : ٣ ، ب١٨ من أبواب الأغسال المندوبة ، ح١.

(٢) الوسائل ٣١٦ : ١٧ ، ب ١٠١ من أبواب ما يكتسب به ، ح١.

(٣) المصدر السابق : ١٢٤ ، ب ١٦ ، ح٦.

(٤) المصدر السابق : ١٢٤ ، ح ٧.

٨٥

لا تصلح للتخصيص حقيقة لا كما فهمه البعض ، ولا مجال لذكر ما احتجوا بأنها مخصصات ، وكون الحرمة مشروطة بانضمام بعض المحرمات كمجالس اللهو ، ودخول الرجال على النساء وغير ذلك ، على أن المعارضات التي ذكرها البعض لا تقوى على معارضة ما ذكرناه من أخبار التحريم ؛ لمخالفتها لكتاب الله وموافقتها للعلامة ، وهي مرجحات لا يختلف في العمل بها أحد ، فتبقى حرمة الغناء ذاتا على حالها غير معارضة بما توهمه البعض بأنها معارضات.

هذا حكم الغناء في الشريعة ، والقصة المذكورة منافية لضرورات الدين ، ولإجماع الطائفة الحقة منذ عهد أئمتهم ـ صلوات الله عليهم ـ حتى يومنا هذا ، فكيف ينسجم واقعهم مع هذه الموضوعات بعد ذلك؟!

حقيقة الأمر ما هي؟ ابن سريج نائحا أم مغنيا؟

وإذا أمعنا في بطلان هذه القصة وأمثالها ، فإن الإصفهاني يؤكد فيما يرويه في موضع آخر تنافي هذه القصة مع الواقع ، وتعارضها مع خبر النياحة الذي اشتهر بها ابن سريج.

فقد كان ابن سريج نائحا ، وكانت السيدة «آمنة» سكينة تتحرى موارد النياحة بما يساعدها على التخفيف من مصائبهم أهل البيت عليهم‌السلام ، بل كانت النياحة أسلوبا جديرا في بيان ما أصاب أهل هذا البيت من فجائع ، وتصرفات الدهور وتقلبات الأيام ونوائبها ، لذا حرص أهل البيت عليهم‌السلام على النياحة كأسلوب مهم من أساليب بيان مظلوميتهم ، ومشاركة العواطف والأحاسيس العامة مع مأساتهم التي سببتها الأنظمة السياسية الطامحة إلى سحق كل القيم من أجل الوصول إلى الحكم والسلطة ، لذا حرص الأئمة

٨٦

الأطهار عليهم‌السلام إلى أساليب النياحة حينما وجدوا أن أحاسيس الناس تشاركهم متى ما أظهروا مصائبهم.

فالإمام زين العابدين عليه‌السلام طلب من الطرماح بن عدي أن يتقدم الركب الحسيني المفجوع عند دخوله المدينة ، وينعى الحسين عليه‌السلام ، مما حدى بالناس إلى الاجتماع واستقبال الإمام عليه‌السلام وعائلته بشكل يتناسب وعظم المصاب ، بل وإدانة النظام كذلك ، فكانت محاولة ناجحة للاحتجاج على السلطة بشكل لم يبق لاعتذار أزلامها في الإقدام على قتل سيد الشهداء عليه‌السلام مجال.

وهكذا كان الإمام محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام يخصص مبلغا في كل عام للنياحة عليه عليه‌السلام في منى إمعانا في إظهار مظلوميتهم ، وإشارة إلى ما بلغه النظام من تنكيل وتقتيل لأهل هذا البيت العلوي الطاهر ، حتى انه عليه‌السلام أوصى بندبه عشر سنين في منى ، وهو موضع اجتماع الحجيج ؛ ليتسنى للمسلمين معرفة ماجرى على أهل هذا البيت عليهم‌السلام من ظلم واضطهاد.

وهكذا كان الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما‌السلام يقيم مجالس النياحة على جده الحسين عليه‌السلام حينما ينشده السيّد الحميري ويأمر أهله بالجلوس.

والإمام علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام كان يأمر عياله بالاستماع إلى مراثي الإمام الحسين عليه‌السلام عندما ينشدها دعبل الخزاعي ، فيبكون ويأمرون شيعتهم بذلك.

هذا هو ديدن الأئمة الأطهار عليهم‌السلام ، يتحرون مواضع الندبة والبكاء على فجائعهم ، وليمعنوا في بيان مظلوميتهم ، لذا فإن السيدة «آمنة» سكينة بنت الحسين عليهما‌السلام كانت تستشعر هذا الإحساس ، وقد حرصت على إبراز ما تكنه

٨٧

نفوسهم الطاهرة من أحزان وآلام ، وهي لا تزال تعايش مصائب الطف ، وقتل إخوتها وأبيها بشكل مروع ، وتسييرهم أسارى من بلد إلى بلد ، وشعور الحزن والألم يتفاقم وهم لا يزالون مهضومي الحق ، مدفوعين عن مقامهم ، لذا فإنها عليهما‌السلام قريبة عهد بفجائع الطف ، والمناسب أن تتحرى ما يخفف من أحزانها ، ويعزز من موقف أهلها الميامين ببيان ما جرى عليهم ، والرواية التالية تؤكد هذا المنحى والاتجاه :

قال أبو الفرج الاصفهاني : إن سكينة بعثت إلى ابن سريج بمملوك لها يقال له : عبدالملك ، وأمرته أن يعلمه النياحة. فلم يزل يعلمه مدة طويلة ، ثم توفي عمها أبوالقاسم محمد بن الحنفية ، وكان ابن سريج عليلا بعلة صعبة ، فلم يقدر على النياحة ، فقال لها عبدها عبدالملك : أنا أنوح لك نوحا أنسيك نوح ابن سريج ، فقالت : أو تحسن ذاك؟ قال : نعم ، فأمرته فكان في الغاية (١).

هذه الرواية إذا ما قارناها بخبر غناء ابن سريج للسيدة «آمنة» سكينة ، وجدنا أن مصعب الزبيري قد افتعل الخبر ونسجه على منوال نياحة ابن سريج ، فاستبدل الزبيري مفردات هذه الرواية بوضع خبر الغناء هكذا :

١ ـ استبدال النياحة بالغناء.

٢ ـ استبدال عبارة «أن سكينة بعثت إلى ابن سريج بمملوك لها يقال له : عبدالملك ، وأمرته أن يعلمه النياحة» بعبارة خبر أشعب كالآتي :

قالت لأشعب : ويلك أن ابن سريج شاخص! وقد دخل المدينة منذ حول ولم أسمع غناءه.

٣ ـ استبدال اسم عبدالملك وهو مملوكها باسم «أشعب» الخليع

__________________

(١) الأغاني ٢٤٩ : ١ و ٢٥٠.

٨٨

الماجن ، مدعيا الخبر ملازمته للسيدة سكينة ؛ لمضاحكتها ومؤانستها على غرار ما كان يفعله مع خلفاء بني أمية وآل الزبير ، فقد عرف «أشعب» بولائه لآل الزبير ، وهو ابن حميدة سيئة السمعة والصيت ، فقد كانت مولاة لأسماء بنت أبي بكر زوجة الزبير ، ولها تاريخها الأسود بما ذكر عنها بأنها : كانت تدخل بيوت أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتحرش بينهن ، فأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتعزيرها ، وقيل : دعا عليها فماتت (١).

وقال ابن حجر في لسان الميزان : كانت تنقل كلام أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعضهن إلى بعض فتلقي بينهن الشر ، فدعا عليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فماتت (٢).

هذا هو أشعب الذي تربى في بيوت الزبيريين ، ونقل عنه ملاحم العبث معهم ما شهدت به مطولات التاريخ ، فمتى أتيح له أن يكون مع سكينة بنت الحسين لا يفارقها ، وهو حليف عدو الهاشميين الألداء آل الزبير ، الذين عرفوا بمنافستهم لآل علي عليه‌السلام وعدائهم وبغضهم لهم ، وهو أمر لا يستقيم مع ماذكر من مرافقته للسيدة سكينة ، وفي الوقت نفسه فهو مولى لآل الزبير؟!

على أن مرافقة أشعب للسيدة سكينة «آمنة» ـ كما نقله الخبر ـ يتعارض مع القيم الإسلامية والأخلاقية التي عرف بها آل علي ، من ورع وقداسة وتقوى تأبى معها مخالطة الرجال الأجانب والاجتماع بهم ومؤانستهم.

وبهذا تنكشف جليا محاولات الوضع والتزوير على السيدة سكينة ،

__________________

(١) الإصابة في تمييز الصحابة ٢٧٥ : ٤.

(٢) لسان الميزان ٥٠٧ : ١.

٨٩

وما بذله أعداء آل البيت عليهم‌السلام من محاولات انتقاص هذا البيت الطاهر ، ودفع ما عرف به أعداؤهم من العبث والخلاعة ، وإلصاقها بهم ، ونسج مغامرات اللهو على منوال ما عرف به أعداء أهل البيت وشانئيهم.

محاولات وضع وتزوير أُخر

لم يكتف آل الزبير وأتباعهم في اختلاق القصص ووضعها ، بل أنهم حاولوا ابتداع أسلوب آخر من تزوير الحقائق ، حيث جعلوا بعض الأسماء الصريحة المعروفة بالخلاعة والعبث وادعوا أنها هي سكينة بنت الحسين ، وهو أمر يثير الاستغراب حقا ، فالأسماء الحقيقية لهذه الوقائع شخصيات أثبتها المؤرخون في مواقع عدة والأشخاص معروفين ، في حين تأتي الروايات الزبيرية فتلصقها بالسيدة سكينة بنت الحسين ظلما وعدوانا ، ونماذج من هذا الخرق الذي ارتكبه الزبيريون تبينه الأخبار التالية :

١ ـ روى ابن عبد ربه الأندلسي أن الأحوص قال يوما لمعبد : إمض بنا إلى عقيلة حتى نتحدث إليها ونسمع من غنائها وغناء جواريها ، فمضيا فألفيا على بابها معاذا الأنصاري وابن صياد ، فاستأذنوا عليها فأذنت لهم إلا الأحوص ، فإنها قالت : نحن على الأحوص غضاب ، فانصرف الأحوص وهو يلوم أصحابه على استبدادهم بها وقال :

ضنت عقيلة عنك اليوم بالزاد

وآثرت حاجة الثاوي على الغادي (١)

قال ابن عبد ربه في موضع آخر : إن عقيلة هذه هي جارية أبي موسى الأشعري ، وذكر قصتها منفردة.

__________________

(١) العقد الفريد ٢٢ : ٧.

٩٠

إلا أن الإصفهاني لسذاجته نسب عقيلة هذه إلى أنها من ولد عقيل بن أبي طالب ، فقال : وللأحوص مع عقيلة هذه أخبار قد ذكرت في مواضع أخر ، وعقيلة امرأة من ولد عقيل بن أبي طالب (١).

وأكذوبة الإصفهاني على أنها من ولد عقيل لم تكف آل الزبير ، حتى أمعنوا في التحريف فجعلوا عقيلة هذه هي سكينة بنت الحسين عليهما‌السلام.

قال الإصفهاني في نفس الموضع : وقد ذكر الزبير ، عن ابن بنت الماجشون ، عن خاله أن عقيلة هذه هي سكينة بنت الحسين كنى عنها بعقيلة (٢).

هكذا أمعن الزبيريون في تزوير الحقائق ، واتهام السيدة سكينة بأمور تتنافى وأبسط القيم الإسلامية ، ووسموها بأقبح الصفات من البذخ واللهو والعبث ، ولم يكتفوا حتى قرنوها بالأحوص الذي قال عنه الإصفهاني بأنه : كان قليل المروءة والدين ، هجاء للناس ، مأبونا فيما يروى عنه (٣).

٢ ـ قال أبو الفرج الاصفهاني : كانت سعدى بنت عبدالرحمن بن عوف جالسة في المسجد الحرام ، فرأت عمر بن أبي ربيعة يطوف بالبيت ، فأرسلت إليه : إذا فرغت من طوافك فأتنا. فأتاها ، فقالت : لا أراك يابن ربيعة إلا سادرا في حرم الله ، أما تخاف الله؟ ويحك إلى متى هذا السفه؟! قال : أي هذه ، دعي عنك هذا من القول ، أما سمعت ماقلت فيك؟ قالت : لا ، فما قلت؟ فأنشدها قوله :

قالت سعيدة والدموع ذوارف

منها على الخدين والجلباب

__________________

(١) الأغاني ٢٥٨ : ٤.

(٢) المصدر السابق.

(٣) المصدر السابق : ٢٣١.

٩١

إلى آخر الأبيات (١).

هذا ما ذكره الإصفهاني من الخبر وقصة الأبيات ، إلا أن المحرفين لم يرقهم ذلك فحرفوه ، وجعلوه على ألسنة المغنين بلفظ «سكينة» بدل «سعيدة» وقد اعترف الإصفهاني بهذه المشكلة فقال :

وهذا الشعر تغني فيه :

قالت «سكينة» والدموع ذوارف ....

وفي موضع :

«أسعيد» ما ماء الفرات وبرده ....

«أسُكين» ، وإنما غيره المغنون ، ولفظ عمر ما ذكر فيه في الخبر (٢). أي الخبر المتقدم.

٣ ـ روى أبو علي القالي في أماليه قول عمر بن أبي ربيعة هكذا :

جددي الوصل يا قريب وجودي

لمحب فراقه قد ألما (٣)

فأبدلوا لفظة «قريب» بلفظ «سكين» أي ترخيم سكينة.

٤ ـ روى ابن قتيبة في المعارف : إن عائشة بنت طلحة تزوجها مصعب بن الزبير فأعطاها ألف ألف درهم ، فقال أنس بن زنيم الديلي لأخيه [ عبدالله بن الزبير ] :

أبلغ أمير المؤمنين رسالة

من ناصح لك لا يريد خداعا

بضع الفتاة بألف ألف كامل

وتبيت سادات الجيوش جياعا

__________________

(١) الأغاني ١٢ : ١٦. وقد مر الحديث حول القصة والأبيات ، فراجع صفحة : ٤٩ ـ ٥٢ و ٧٤.

(٢) المصدر السابق : ١٦٢.

(٣) أمالي أبو علي القالي ٣٠٥ : ٢.

٩٢

لو لأبي حفص أقول مقالتي

وأقص شأن حديثهم لا رتاعا (١)

إلا أن الإصفهاني رواها عن مصعب ، عن محمد بن يحيى هكذا :

ولما تزوج مصعب سكينة على ألف ألف ، كتب عبدالله بن همام على يد أبي السلاس إلى عبدالله بن الزبير :

أبلغ أمير المؤمنين رسالة

من ناصح لك لا يريد خداعا

بضع الفتاة بألف ألف كامل

وتبيت سادات الجيوش جياعا

لو لأبي حفص أقول مقالتي

وأقص شأن حديثهم لا رتاعا (٢)

هذا هو دأب الوضاع ، يقلبون الحقائق ، ويحرفون الكلم ، طعنا منهم في مخالفيهم أو مخالفي أسيادهم ، ويجهدون في دفع كل قبيح عنهم ، ليوصمون به مخالفيهم ، كما فعل من قبل معاوية بن أبي سفيان في الطعن على علي عليه السلام ، ظنا منه إطفاء نوره ، ويأبي الله إلا أن يتم نوره.

__________________

(١) المعارف لابن قتيبة : ٢٣٣.

(٢) الأغاني ١٦٤ : ١٦.

٩٣
٩٤

الأكذوبة الثانية

سكينة وحديث الأزواج

هناك عدة قوائم دبجت في تعداد أزواج سكينة :

الأولى : قائمة أبي الفرج الاصفهاني

روى الإصفهاني قال : حدث الزبير بن بكار قال : حدثني عمي مصعب ، قال : تزوجت سكينة بنت الحسين عليهما‌السلام عدة أزواج ، أولهم عبدالله ابن الحسن بن علي وهو ابن عمها وأبو عذرتها ، ومصعب بن الزبير ، وعبدالله بن عثمان الحزامي ، وزيد بن عمرو بن عثمان ، والأصبغ بن عبدالعزيز ولم يدخل بها ، وإبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف ولم يدخل بها (١).

على أن الإصفهاني روى أن الذي تزوج سكينة هو عمرو بن حكيم بن حزام وهو عم والد عبدالله بن عثمان بن عبدالله بن حكيم بن حزام كما أورد ذلك ابن سعد وابن خلكان وسبط ابن الجوزي في قوائمهم مما يعني اضطراب خبر زواجها من عبدالله بن عثمان بن عبدالله ، فمرة يتزوجها

__________________

(١) الأغاني ١٥٨ : ١٦.

٩٥

عبدالله بن عمرو ومرة يتزوجها عم أبيه ، فما الذي يعنيه هذا الاضطراب؟‍‍‍‍‍‍!

قال الاصفهاني : عن أبي الأزهر قال : حدثنا حماد بن اسحاق ، عن أبيه ، عن الهيثم بن عدي ، عن صالح بن حسان وغيره : إن سكينة كانت عند عمرو بن حكيم بن حزام ، ثم تزوجها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان ، ثم تزوجها مصعب بن الزبير ، فلما قتل مصعب خطبها إبراهيم بن عبدالرحمن ابن عوف ... إلى آخر الرواية (١) وسيأتي البحث فيها لاحقا.

الثانية : قائمة ابن سعد

قال : تزوجها مصعب بن الزبير بن العوام ، ابتكرها فولدت له فاطمة ، ثم قتل عنها ، فخلف عليها عبدالله بن عثمان بن عبدالله بن حكيم بن حزام بن خويلد ... فولدت له عثمان ـ الذي يقال له : قرين ـ وحكيما وربيحة ، فهلك عنها ، فخلف عليها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان فهلك عنها ، فخلف عليها إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف الزهري ، كانت ولته نفسها فتزوجها فأقامت معه ثلاثة أشهر ، فكتب هشام بن عبدالملك إلى واليه بالمدينة أن فرق بينهما ففرق بينهما ، وقال بعض أهل العلم : هلك عنها زيد بن عمرو ابن عثمان ، وتزوجها الأصبغ بن عبدالعزيز بن مروان (٢).

الثالثة : قائمة ابن خلكان

قال : تزوجها مصعب بن الزبير فهلك عنها ، ثم تزوجها عبدالله بن عثمان بن عبدالله بن حكيم بن حزام فولدت له قرينا ، ثم تزوجها الأصبغ بن

__________________

(١) الأغاني ١٦١ : ١٦.

(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ٤٧٥ : ٨ في قسم النساء اللواتي لم يروين عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وروين عن أزواجه وغيرهن.

٩٦

عبدالعزيز بن مروان وفارقها قبل الدخول ، ثم تزوجها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان ، فأمره سليمان بن عبدالملك بطلاقها ففعل (١).

الرابعة : قائمة سبط ابن الجوزي

قال : وأما سكينة فتزوجها مصعب بن الزبير فهلك عنها ، فتزوجها عبدالله بن عثمان بن عبدالله بن حكيم بن حزام فولدت له عثمان الذي يقال له : قرير [ والظاهر أنه قرين كما عليه غيره ] ، ثم تزوجها الأصبغ بن عبدالعزيز بن مروان أخو عمر بن عبدالعزيز ، ثم فارقها قبل الدخول بها ، وماتت في أيام هشام بن عبدالملك ....

قال سبط ابن الجوزي :

وأول من تزوجها مصعب بن الزبير قهرا ، وهو الذي ابتكرها ثم قتل عنها وقد ولدت له فاطمة (٢).

هذه قوائم أربع اخترناها لبيان مواضع الاختلاف في تعداد أزواج «آمنة» سكينة بنت الحسين عليهما‌السلام ، ومصدر هذه القوائم أكثرها زبيرية يرويها الزبير بن بكار ، عن عمه مصعب الزبيري وقد عرفت حالهما ، فلا حاجة إلى أن نعيد ما ذكره علماء الرجال من ضعفهما وكذبهما وانحرافهما عن عليّ وعن آله ـ صلوات الله عليهم ـ لذا فهي ساقطة عن الاعتبار سندا ، كونها بين مرسلة وبين ضعيفة برجالها ، إلا أن ذلك لا يمنعنا من مناقشتها وبيان متناقضاتها ، حتى لا يخفى على ذوي الأبصار محاولات الوضع المتعمد على هذه الشخصية الطاهرة ، وكيف أن آل الزبير عمدوا إلى الانتقاص من

__________________

(١) وفيات الأعيان ٣٩٤ : ٢رقم ٢٦٨.

(٢) تذكرة الخواص سبط ابن الجوزي : ٢٤٩.

٩٧

منافسيهم أهل البيت عليهم‌السلام ، ووصموا كل شائنة فيهم وألصقوها بأهل هذا البيت الطاهر؟ ومن ذلك حديث الأزواج ، حيث اشتهر عن عائشة بنت طلحة تعدد الأزواج ، وكان أولهم مصعب ، فألصقوا هذه الحادثة بالسيدة «آمنة» سكينة بنت الحسين عليهما‌السلام ، وأبعدوها عن أشخاصهم ، وسيأتي تفصيل ذلك قريبا إن شاء الله.

القائمة الموحدة

ويمكننا الآن أن نوحد هذه القوائم ليتسنى لنا مناقشة الجميع من خلال مناقشة هذه القائمة الموحدة ، وغرضنا من ذكر عدة قوائم ليتضح للقارئ الكريم اضطراب الرواة وتضاربهم في افتعال مثل هذه الحادثة ، والتي تقتضيها مصالح سياسية مقيتة ، أهمها : إلغاء الخلاف الفكري بين أهل البيت عليهم‌السلام وبين هذه المجموعات السياسية ؛ وإعطائها مسحة من الشرعية ؛ وإلغاء ما يمكن أن يقال عن هؤلاء من تجاوزه على أهل البيت عليهم‌السلام ، وتقدمهم عليهم وغصب حقوقهم. تماما كما وضعت قصة زواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم ، وقد أبطلنا هذه الشبهة في كتابنا «كشف البصر»(١). على أن هذه القوائم من الأزواج تتسم بتشكيلاتها السياسية ، فالأزواج المذكورين هم بين زبيريين إلى أمويين إلى مروانيين ، وهذا دليل وحده يكفي لإثبات أن القوائم الموضوعة رتبت على أساس منحى سياسي خاص ، يراد منه إلغاء الخلاف الفكري بين هذه التوجهات السياسية وبين أهل البيت عليهم‌السلام ، والشطب على مبتنيات الخلاف بين المدرستين.

__________________

(١) كشف البصر عن زواج أم كلثوم من عمر للمؤلف ، يستعرض روايات الفريقين وعدم دلالة الجميع على واقعة الزواج ، فراجع.

٩٨

وسيكون ترتيب هذه القائمة الموحدة هكذا :

١ ـ مصعب بن الزبير ، حسب رواية الإصفهاني وابن سعد وابن خلكان وسبط ابن الجوزي.

٢ ـ عبدالله بن عثمان بن عبدالله بن حكيم بن حزام ، حسب رواية الإصفهاني وابن سعد وابن خلكان وابن الجوزي.

٣ ـ الأصبغ بن عبدالعزيز بن مروان ، كما في رواية ابن سعد ، أما الإصفهاني وابن خلكان وسبط ابن الجوزي فقالوا : لم يدخل بها.

٤ ـ زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان ، فهو برواية الإصفهاني وابن سعد وابن خلكان ، أما سبط ابن الجوزي فلم يذكره.

٥ ـ إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف ، لم يذكره غير الإصفهاني وابن سعد ، واتفقا أنه لم يدخل بها ، ولم يذكره ابن خلكان وسبط ابن الجوزي.

٦ ـ أما عبدالله بن الحسن بن علي ، فهو حسب رواية الإصفهاني فقط.

وبذلك فقد اشتملت القائمة الموحدة على مصعب بن الزبير وعبدالله ابن عثمان ، وهما الاسمان المشتركان في القوائم الأربع. وسيتم مناقشة هذين الاسمين بشيء من التفصيل ؛ ليمكننا تحديد الواقع من أحاديث الزواج هذه. ثم نأتي على بقية الأسماء ، كل بما يقتضيه البحث.

أولا : مصعب بن الزبير

ليتسنى لنا صحة دعاوى زواج مصعب بن الزبير من السيدة «آمنة» سكينة بنت الحسين عليهما‌السلام ، علينا أن نلقي نظرة سريعة على الخط الزبيري منذ نشوئه ، للحصول على رؤية واقعية عن توجهات هذا البيت الزبيري وأتباعه. وهل بالإمكان سيتم ثمة تقارب بين الزبيريين المعروفين

٩٩

بتوجهاتهم غير العلوية وبين الهاشميين؟

سؤال سيخرجنا من منعطفات مآزق الروايات الموضوعة من قبل رواة زواج السيدة «آمنة» سكينة بنت الحسين عليهما‌السلام.

من هم آل الزبير؟

يعد الزبير بن العوام مؤسس الخط الزبيري ـ إذا صح التعبير ـ فهو الذي سن توجهات آله ، وألقى لهم آراءه في علاقاته على المستوى الديني ، وطموحاته على المستوى السياسي.

كان الزبير بن العوام حليفا لعلي عليه‌السلام يوم السقيفة ، وكان من الذين انظموا إلى علي عليه‌السلام ، وممن أبوا بيعة أبي بكر ، بل كان من المعترضين الأشداء عليها. فهو لن يغمد سيفه ما لم تستقر البعية لعلي بن أبي طالب ، بعد ما سمع من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحقية علي عليه‌السلام في الخلافة ، لذا فإن ابن قتيبة في «الإمامة والسياسة» يصور لنا موقف الزبير المتصلب في رفض البيعة لأبي بكر ، وإصراره على أحقية علي عليه‌السلام في البيعة قائلا :

وأما علي والعباس بن عبدالمطلب ومن معهما من بني هاشم فانصرفوا إلى رحالهم وعمهم الزبير بن العوام ، فذهب إليهم عمر في عصابة فيهم أسيد بن حضير وسلمة بن أسلم فقالوا : انطلقوا فبايعوا أبابكر ، فأبوا. فخرج الزبير بن العوام بالسيف ، فقال عمر : عليكم بالرجل فخذوه ، فوثب عليه سلمة بن أسلم فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار ... (١).

وقال الطبري : أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال : والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة ،

__________________

(١) الإمامة والسياسة١٥ : ١.

١٠٠