معالم الدين وملاذ المجتهدين - ج ٢

الشيخ حسن بن زين الدين العاملي

معالم الدين وملاذ المجتهدين - ج ٢

المؤلف:

الشيخ حسن بن زين الدين العاملي


المحقق: السيد منذر الحكيم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الفقه للطباعة والنشر
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
ISBN: 964-91559-5-3
الصفحات: ٥٢٠
الجزء ١ الجزء ٢

١

٢

٣
٤

المطلب الثاني

في الطهارة من النجاسات

وما يتعلّق بها

وفيه فصول

٥
٦

الفصل الأوّل

في أصناف النجاسات

٧
٨

الفصل الأوّل

في أصناف النجاسات

مسألة [١] :

بول الآدميّ وغائطه نجسان ، وعلى ذلك إجماع علماء الإسلام.

حكاه المحقّق والفاضل (١) ، لكنّهما استثنيا منه بعض العامّة فحكيا عنه القول بطهارة بول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمر هذا الاستثناء سهل.

والنصوص الواردة عن الأئمّة عليهم‌السلام بغسل البول عن الثوب والبدن كثيرة :

فمنها : صحيح محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « سألته عن البول يصيب الثوب؟ فقال : اغسله مرّتين » (٢).

وصحيح ابن أبي يعفور ، قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البول يصيب الثوب؟ قال : اغسله مرّتين » (٣).

ومنها رواية الحسين أبي العلاء قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن البول يصيب الجسد؟ قال : صبّ عليه الماء مرّتين ، فإنّما هو ماء. وسألته عن الثوب

__________________

(١) المعتبر ١ : ٤١٠ ، ونهاية الإحكام ١ : ٢٦٥.

(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٢٥١ ، الحديث ٧٢١.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٢٥١ ، الحديث ٧٢٢.

٩

يصيبه البول؟ قال : اغسله مرّتين » (١). الحديث.

وحسنة الحلبي ، قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن بول الصبيّ قال : تصبّ عليه الماء ، فإن كان قد أكل فاغسله غسلا » (٢). الحديث.

ورواية أبي إسحاق النحوي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سألته عن البول يصيب الجسد؟ قال : صبّ عليه الماء مرّتين » (٣).

ورواية الحسن بن زياد قال : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يبول فيصيب بعض فخذه نكتة من بوله فيصلّي ثمّ يذكر بعد أنّه لم يغسله؟ قال : يغسله ويعيد صلاته » (٤).

ورواية محمّد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الثوب يصيبه البول؟ قال : اغسله في المركن مرّتين ، فإن غسلته في ماء جار فمرّة واحدة » (٥).

وهذه الرواية تعدّ في الصحيح ، لكن في طريقها السنديّ بن محمّد ، ولم استثبت عدالته إذ لم يوثّقه غير النجاشي (٦) ، وتبعه العلّامة في الخلاصة (٧). وقد تكرّر القول في مثله بل سبق الكلام على هذا السند بخصوصه.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ : ٢٤٩ ، الحديث ٧١٤.

(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٢٤٩ ، الحديث ٧١٥.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٢٤٩ ، الحديث ٧١٦.

(٤) تهذيب الأحكام ١ : ٢٦٩ ، الحديث ٧٨٩.

(٥) تهذيب الأحكام ١ : ٢٥٠ ، الحديث ٧١٧.

(٦) رجال النجاشي : ١٨٧ ، الرقم ٣٩٧ ، راجع الصفحة ٢١٣ ، البحث الرابع في المستعمل ، الفرع الرابع من المسألة الأولى.

(٧) خلاصة الأقوال : ٨٢.

١٠

وأمّا الغائط فيدلّ على حكمه من جهة النصّ أخبار الاستنجاء وسيأتي في بابها.

وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يصلّي وفي ثوبه عذرة من إنسان أو سنّور أو كلب أيعيد صلاته؟ قال : إن كان لم يعلم فلا يعد » (١).

ومفهوم الشرط وجوب الإعادة مع العلم وهو دليل النجاسة.

وفي الصحيح عن موسى بن القاسم عن عليّ بن محمّد قال : « سألته عن الفأرة والدجاجة والحمام وأشباههما تطأ العذرة ثمّ تطأ الثوب أيغسل؟ قال : إن كان استبان من أثره شي‌ء فاغسله. وإلّا فلا بأس » (٢).

إذا تقرّر هذا فاعلم أنّ جمهور الأصحاب لم يفرّقوا في حكم البول بالنظر إلى أصل التنجيس بين الصغير والكبير.

وخالف في ذلك ابن الجنيد فحكم بطهارة بول غير البالغ ما لم يأكل اللحم بشرط أن يكون ذكرا (٣). واحتجّ له برواية السكوني (٤) عن جعفر عن أبيه ، أنّ عليّا عليه‌السلام قال : « لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل أن تطعم ؛ لأنّ لبنها يخرج من مثانة امّها ، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ، ولا بوله قبل أن يطعم لأنّ لبن الغلام يخرج من العضدين والمنكبين » (٥).

__________________

(١) الاستبصار ١ : ١٨٠ ، الحديث ٦٣٠.

(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٤٢٤ ، الحديث ١٣٤٧.

(٣) راجع مختلف الشيعة ١ : ٤٥٩.

(٤) في « ج » : برواية الكوفي عن جعفر.

(٥) تهذيب الأحكام ١ : ٢٥٠ ، الحديث ٧١٨.

١١

وهذه الرواية مع ضعف سندها غير دالّة على مدّعاه كما لا يخفى.

والأصحاب معترفون بما دلّت عليه من عدم وجوب الغسل من بول الرضيع ويوجبون التطهير منه بصبّ الماء ، كما ورد في حسنة الحلبي (١) ، فعلم أنّ نفي وجوب الغسل لا يصلح دليلا على عدم التنجيس.

مسألة [٢] :

وفي حكم بول الآدميّ وغائطه بول ما لا يؤكل لحمه ممّا له نفس سائلة وروثه. وقد حكى فيه الفاضلان إجماع علماء الإسلام أيضا (٢). إلّا أنّ الفاضل استثنى شذوذا من أهل الخلاف فحكى عنه القول بطهارة أبوال البهائم كلّها ، وذكر أنّه لا يعرف له دليلا.

ويدلّ على النجاسة هنا بالنظر إلى البول ـ مضافا إلى الإجماع المحكيّ ـ عموم الأخبار السابقة ، وخصوص ما رواه الشيخ في الحسن عن عبد الله بن سنان قال : « قال أبو عبد الله عليه‌السلام : اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » (٣).

ويؤيّده رواية سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إن أصاب الثوب شي‌ء من بول السنّور فلا تصلح الصلاة فيه حتّى تغسله » (٤).

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ للأصحاب في فضلة الطير خلافا ، فأكثرهم على أنّها كفضلة غيره ، فهي من غير المأكول نجسة.

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ : ٢٤٩ ، الحديث ٧١٦.

(٢) المعتبر ١ : ٤١٠ ، وتذكرة الفقهاء ١ : ٤٩.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٢٦٤ ، الحديث ٧٧٠.

(٤) الكافي ٣ : ٥٦.

١٢

وظاهر الصدوق طهارتها مطلقا ؛ فإنّه قال في من لا يحضره الفقيه : ولا بأس بخرء ما طار وبوله (١). ويحكى عن ابن أبي عقيل نحوه (٢) ، وعن الشيخ أنّه قال في المبسوط : بول الطيور كلّها طاهر ـ سواء أكل لحمها أو لم يؤكل ـ وذرقها إلّا الخشّاف. وحينئذ فكان على الفاضلين أن يستثنيا الطير من عموم غير المأكول في حكاية الإجماع ، ولعلّهما اعتمدا في ترك التصريح بذلك على نقلهما الخلاف فيه على أثر الإجماع أو على عدم تأثير مثل هذا الخلاف في دعوى الإجماع لمعلوميّة المخالف.

قال المحقّق في المعتبر ـ بعد الإشارة إلى قول الشيخ في المبسوط ـ : ولعلّ الشيخ استند إلى رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كلّ شي‌ء يطير فلا بأس بخرئه وبوله » (٣).

ثمّ احتجّ المحقّق لما ذهب إليه من مساواة الطير لغيره بأنّ ما دلّ على نجاسة العذرة ممّا لا يؤكل لحمه يتناول موضع النزاع ؛ لأنّ الخرء والعذرة مترادفان وردّ الاستناد إلى رواية أبي بصير بأنّها وإن كانت حسنة لكنّ العامل بها من الأصحاب قليل (٤).

ولي في كلامه هاهنا تأمّل ؛ لأنّ الإجماع الذي ادّعاه على نجاسة البول والغائط من مطلق الحيوان غير المأكول إن كان على عمومه فهو الحجّة في عدم التفرقة بين الطير وغيره ، وإن كان مخصوصا بما عدا الطير فأين الأدلّة

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٧١.

(٢) مختلف الشيعة ١ : ٤٥٦.

(٣) المبسوط ١ : ٣٩.

(٤) المعتبر ١ : ٤١١.

١٣

العامّة على نجاسة العذرة ممّا لا يؤكل؟ والحال أنّا لم نقف في هذا الباب إلّا على حسنة عبد الله بن سنان ، ولا ذكر أحد من الأصحاب الذين وصل إلينا كلامهم في احتجاجهم لهذا الحكم سواها. وهي كما ترى واردة في البول ، ولم يذكرها هو في بحثه للمسألة بل اقتصر على نقل الإجماع كما حكيناه عنه ، فلا يدرى لفظ « العذرة » أين وقع معلّقا عليه الحكم ليضطرّ إلى بيان مرادفة الخرء له ويجعلها دليلا على التسوية التي صار إليها. ما هذا إلّا عجيب من مثل المحقّق رحمه‌الله.

وللعلّامة أيضا في هذا المبحث كلمات ركيكة جدّا ؛ فإنّه اختار مذهب المحقّق ، واحتجّ له في المختلف بحسنة ابن سنان ، وادّعى عمومها في صورة النزاع ، وبأنّ الذمّة مشغولة بالصلاة قطعا ولا تبرأ بأدائها قطعا مع ملاقاة الثوب أو البدن لهذه الأبوال فيبقى في عهدة التكليف. ثمّ ذكر أنّ حجّة الشيخ رواية أبي بصير ، وأصالة الطهارة.

وأجاب عن الرواية بأنّها مخصوصة بالخشّاف إجماعا فيخصّ بما شاركه في العلّة وهو عدم كونه مأكولا. وعن الوجه الآخر بالمعارضة بالاحتياط (١).

وأنت إذا لاحظت كلامه هذا بأدنى النظر تعلم ما فيه من التعسّف والقصور فلا حاجة إلى الإطالة ببيانه.

والحقّ أنّ أصالة الطهارة لا تدفع بمثل هذه التمحّلات. وحسنة عبد الله بن سنان على تقدير العمل بها إنّما تدلّ على حكم البول. والمعروف في الطيور إنّما هو الرجيع فلا دلالة لها بالنظر إلى الطيور وإن كانت عامّة.

وأمّا رواية أبي بصير فهي وإن تطرّق إليها الإشكال من حيث عدم صحّة

__________________

(١) مختلف الشيعة ١ : ٤٥٦.

١٤

سندها واقتضائها تحقّق البول للطيور على خلاف ما هو الظاهر المعروف ، إلّا أنّ ضعف سندها منجبر بموافقتها لمقتضى الأصل.

ومخالفتها للظاهر قابلة للتأويل فيتّجه حينئذ القول بطهارة ذرق الطيور إن لم يكن الإجماع المدّعى مأخوذا على جهة العموم وإلّا لكان هو الحجّة والمخرج عن مقتضى الأصل.

فروع :

[ الفرع ] الأوّل :

لا فرق في حكم غير المأكول بين ما يكون تحريمه بالأصالة كالسباع ، وبين ما يكون بالعارض كالجلّال وموطوء الإنسان ؛ فإنّ الدليل يتناول القسمين. وقد ذكر العلّامة في التذكرة أنّه لا خلاف في ذلك (١).

[ الفرع ] الثاني :

إذا قلنا بطهارة رجيع الطير فالظاهر عدم الفرق بين الخفّاش وغيره ، كما هو الظاهر من كلام الصدوق وابن أبي عقيل (٢) ؛ فإنّ مستند الشيخ في استثنائه له من بينها في المبسوط (٣) على ما يظهر هو التمسّك برواية داود الرقي قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن بول الخشاشيف يصيب ثوبي فأطلبه ولا أجده؟ قال : اغسل ثوبك » (٤).

وهذه الرواية ضعيفة السند بداود وغيره.

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ١ : ٥١.

(٢) من لا يحضره الفقيه ١ : ٧١.

(٣) المبسوط ١ : ٣٩.

(٤) تهذيب الأحكام ١ : ٢٦٥ ، الحديث ٧٧٧.

١٥

وروى الشيخ عن غياث عن جعفر عن أبيه قال : « لا بأس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف » (١).

وفي طريق هذه الرواية ضعف أيضا.

فإن تحقّق للخفّاش بول وعملنا بالحديث الحسن تعيّن اطراح هذه لدلالة حسنة عبد الله بن سنان على نجاسة البول من كلّ حيوان غير مأكول. فتتناول بعمومها الخفّاش وتقصر هذه عن تخصيصها. وكذا (٢) إن ثبت عموم محلّ الإجماع. وإلّا فالأصل يساعد على العمل بهذه وإن ضعفت ، ويكون ذكر البول فيها محمولا على التجوّز ، وقد قال الشيخ في التهذيب : إنّها رواية شاذّة. ويجوز أن تكون وردت للتقيّة (٣).

[ الفرع ] الثالث :

لا نعرف بين الأصحاب خلافا في أنّ رجيع ما لا نفس له من الحيوان غير المأكول ليس بنجس وهو مقتضى الأصل.

وقال المحقّق في المعتبر : أمّا رجيع ما لا نفس له كالذباب والخنافس ففيه تردّد. أشبهه أنّه طاهر لأنّ ميتته (٤) ودمه ولعابه طاهر فصارت فضلاته كعصارة النبات (٥).

وهذا الكلام يؤذن بظنّ تناول الأدلّة الدالّة على نجاسة فضلة الحيوان

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١ : ٢٦٦ ، الحديث ٧٧٨.

(٢) في « ب » : تقصر عن تخصيصها وهذا إن ثبت ..

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٢٦٦.

(٤) في « ب » : لأنّ ميّته.

(٥) في « ب » : كعصارة الثياب.

١٦

غير المأكول له ، وإلّا فقد كان التمسّك في طهارته بالأصل أولى من التوجيه الذي ذكره.

والحقّ أنّ تلك الأدلّة لا تصلح لتناوله فلا مخرج (١) في حكمه عن الأصل.

مسألة [٣] :

أكثر (٢) الأصحاب على أنّ البول والروث من كلّ حيوان مأكول اللحم طاهران.

وخالف بالنجاسة في ذلك جماعة فاستثنى بعضهم منه الخيل والبغال والحمير فحكم بنجاسة أبوالها وأرواثها. واستثنى البعض ذرق الدجاج. فالبحث هنا يقع في موضعين :

[ الموضع ] الأوّل : في حكم أبوال الدوابّ الثلاث وأرواثها. والمشهور بين الأصحاب طهارتها على كراهيّة بحيث لا نعرف الخلاف في ذلك إلّا من ابن الجنيد والشيخ في النهاية (٣).

ويدلّ على الطهارة وجوه :

أحدها : الأصل فإنّ إيجاب إزالتها تكليف ، والأصل يقتضي براءة الذمّة منه.

الثاني : اتّفاق من عدا ابن الجنيد من الأصحاب الذين نعرف فتاويهم فإنّهم لم ينقلوا الموافقة له عن أحد سوى الشيخ وهو قد وافق على المشهور

__________________

(١) في « ج » : فلا يخرج في حكمه عن الأصل.

(٢) في « أ » و « ب » : ذكر الأصحاب.

(٣) النهاية ونكتها ١ : ٢٦٥.

١٧

في غير النهاية (١). وظاهر كلامه في الاستبصار أنّ تضعيفه متأخّر عن النهاية ، ومختاره فيه الكراهة (٢) ، فيكون رجوعه إنّما هو إلى وفاق المشهور.

وذكر المحقّق في المعتبر بعد حكايته القول بالنجاسة عن ابن الجنيد ونهاية الشيخ أنّ على القول بالكراهية عامّة الأصحاب (٣).

الثالث : عموم ما دلّ على طهارة فضلة ما يؤكل لحمه ، فإنّه متناول لموضع النزاع ؛ إذ المفروض كون الأنواع المذكورة مأكولة اللحم. وسيأتي بيانه في محلّه إن شاء الله.

فروى الكليني في الحسن عن زرارة أنّهما قالا : « لا تغسل ثوبك من بول شي‌ء يؤكل لحمه » (٤).

وروى الشيخ عن عمّار الساباطي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كلّ ما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه » (٥).

الرابع : خصوص ما رواه الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه عن أبيه عن محمّد بن يحيى العطّار عن إبراهيم بن هاشم عن صفوان بن يحيى ومحمّد ابن أبي عمير عن أبي الأعزّ النخّاس أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام فقال : « إنّي اعالج الدوابّ فربّما خرجت بالليل وقد بالت وراثت فتضرب إحداها بيدها

__________________

(١) الاستبصار ١ : ١٠٨.

(٢) الاستبصار ١ : ٥ ، مقدّمة الكتاب.

(٣) المعتبر ٣ : ٤١٣.

(٤) الكافي ٣ : ٥٧.

(٥) تهذيب الأحكام ١ : ٢٦٦ ، الحديث ٧٨١.

١٨

أو برجلها فينضح على ثوبي فقال : لا بأس به » (١).

ورواه الكليني في الكافي عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن عليّ بن الحكم عن أبي الأعزّ النخّاس إلّا أنّ فيه قليل تغيّر حيث قال بعد قوله وراثت : « فيضرب أحدها بيده أو رجله فينضح على ثيابي فأصبح فأرى أثره فيه. فقال : ليس عليك شي‌ء » (٢).

وما رواه الشيخ بإسناده الصحيح عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد ابن الحسين عن الحكم بن مسكين عن إسحاق بن عمّار عن معلّى بن خنيس وعبد الله بن أبي يعفور قالا : كنّا في جنازة وقدّامنا حمار (٣). قال : « فجاءت الريح ببوله حتّى صكّت وجوهنا وثيابنا فدخلنا على أبي عبد الله عليه‌السلام فأخبرناه فقال : ليس عليكم بأس » (٤).

وما رواه الشيخ أيضا بإسناده الصحيح عن أحمد بن محمّد عن البرقي عن أبان عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس بروث الحمير واغسل أبوالها » (٥).

وجه الدلالة في هذا الحديث نفي البأس عن الروث فيكون الأمر بغسل البول للاستحباب إذ لا قائل بالفصل في ما يظهر.

وقريب من هذا الحديث رواية أبي مريم قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام :

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٧٠.

(٢) الكافي ٣ : ٥٨.

(٣) في التهذيب : وفرّ بنا حمار.

(٤) تهذيب الأحكام ١ : ٤٢٥ ، الحديث ١٣٥١ ، وفيه : وقربنا حمار.

(٥) تهذيب الأحكام ١ : ٢٦٥ ، الحديث ٧٧٣.

١٩

ما تقول في أبوال الدوابّ وأرواثها؟ قال : أمّا أبوالها فاغسل ما أصابك وأمّا أرواثها فهي أكثر من ذلك » (١).

ورواية عبد الأعلى بن أعين قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أبوال الحمير والبغال؟ قال : اغسل ثوبك. قال : قلت : فأرواثها؟ قال : هو أكثر من ذلك » (٢).

قال المحقّق رحمه‌الله يعني : أنّ كثرتها يمنع التكليف بإزالتها وهو حسن.

وحجّة القول بالنجاسة عدّة روايات منها :

حسنة محمّد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن ألبان الإبل والغنم والبقر وأبوالها؟ فقال : لا تتوضّأ منه إلى أن قال : وسألته عن أبوال الدوابّ والبغال والحمير؟ فقال : اغسله فإن لم تعلم مكانه فاغسل الثوب كلّه ، فإن شككت فانضحه » (٣).

ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن حسين بن عثمان عن ابن مسكان عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أبوال الخيل والبغال؟ فقال : اغسل ما أصابك منه » (٤).

وعن الحسين بن سعيد عن فضالة عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تمسّه بعض أبوال البهائم أيغسل أم لا؟ قال : يغسل بول الحمار والفرس والبغل. فأمّا الشاة وكلّ ما يؤكل

__________________

(١) الكافي ٣ : ٥٧ ، الحديث ٥.

(٢) الاستبصار ١ : ١٧٩ ، الحديث ٦٢٥.

(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٢٦٤ ، الحديث ٧٧١.

(٤) تهذيب الأحكام ١ : ٢٦٥ ، الحديث ٧٧٥.

٢٠