الرسائل الأحمديّة - ج ٣

الشيخ أحمد آل طعّان

الرسائل الأحمديّة - ج ٣

المؤلف:

الشيخ أحمد آل طعّان


المحقق: شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الموضوع : الفقه
الناشر: دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: أمين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١١

إذا تنافي العام والخاص فذا

ثامنها ولا تبادرْ أبدا (١)

للأخذ للعموم قبل الفحصِ

وإنّه التاسعُ منها فاحْصِ

أوّلُ الاستثنا هنا المنقطعُ

مستغرق لغو عليه اجتمعوا

أمّا الخلاف في عليِّ عشرهْ

أقوالهم فيه غدت مشتهرهْ

كذاك مستثنًى أتى بعد الجملْ

بالواو فالخلاف فيه قد حصلْ

وكلُّ مستثنًى عقيب النفي قدْ

أتى فإثباتٌ وعكسه اطّردْ

قبل ضمير آية الطلاق

مخصّص وليس باتّفاق

* * *

المطلب الثالث في المطلق معْ

مقيّد وفيه فصل قد وقعْ

والمطلب الرابع فيه المجملُ

مبيّن فصلين فيه فصَّلوا

فالمجملُ الأوّل والمبيّنُ

ثانيهما محقّقٌ مبرهنُ

والمطلب الخامس لم يشتمل

إلّا على الظاهر والمؤوَّلِ

المطلب السادس في المنطوق

كذلك المفهوم بالتحقيق

فصولُهُ أربعة له تلي

قد جاء تعريفُهما في الأوَّلِ

مفهومُ شرطٍ بعد يا ذا المعرفهْ

جاء وفي الثالث مفهوم الصفهْ

مفهومُ غايةٍ وهذا الرابع

واللّقب الحصرُ إليه تابع

* * *

المطلب السابع في النسخ وما

فيه من الخلاف بين العلماء

فصوله ثلاثة في العدِّ

مضبوطةٌ فاصغِ لها واستجدِ

فالأوّل التعريف في النسخ وهلْ

يجوز نسخ قبل أوقاتِ العملْ

وتُنسَخ السنّةُ والكتابُ

وذاك حكمٌ فيه لا يُرتابُ

__________________

(١) كذا في المخطوط ، ولا يستقيم الوزن إلّا بإسكان ( راء ) تبادر. ولعلّ الناظم تسامح في حرفي الدال والذال لتقارب مخرجيهما.

٢٦١

المنهج الرابعُ فيما قُرِّرا

في الاجتهادِ مُثبَتاً مُحرَّرا

فيه فصولٌ خمسةٌ فالأوّل

تعريفه وذاك ليس يُجهلُ

حكمُ النبيّ لا عن اجتهاد

واشتهر التصويبُ بالفسادِ

شرائط للاجتهاد بُيِّنت

في رابع منها وقد تعيَّنت

كفايةُ التقليد في الأُصول

وهو تمام الخمسة الفصول

* * *

المنهج الخامسُ في التعادل

وفي التراجيح لذي الدلائلِ

فصولُه ثلاثةٌ مقرَّرهْ

أوَّلُها التعريف فيه ذكره

ثانيهما المتن وفيه المُسندُ

على المراسيل وذا يعتمدُ

والثالث المدلولُ فالتحريم

على إباحة وذا معلوم

إلى هنا عدّ الفصول قد كَمَلْ

والحمدُ للهِ على نيلِ الأملْ

أتقنتُ ضبطها ولن اضيِّعهْ

كثيرة بعدُ تليها أربعة

ثمّ صلاة الله والسلام

على النبيّ ما بكى الغمام

وآلِهِ الغُرّ أُصول الفخرْ

مناهجِ الحقِّ وأهلِ الذكر

* * *

قد نظم الزبدة شيخُنا الأجل

أحمد نجل الشيخ صالح العملْ

مهذَّبُ الأخلاقِ حاوي الكرم

طودُ العُلا السامي حميد الشيَم

كنزُ التّقى بحرُ العلومِ الزاخر

بفضله يعترفُ المعاصِر

أثابهُ اللهُ بخيرِ أجر

وعمَّ نفعُه ليومِ الحشر

فجاء نظماً رائقاً مهذَّبا

تعشقه نفسُ الأديب طَربا

حوى مع السهولة الجزالهْ

يلذّهُ السمعُ بلا ملالهْ

يفوقُ عقدَ الدرِّ في انتظامِهْ

وقد حوى البديع في انسجامِهْ

٢٦٢

خالٍ من الإطنابِ والإسهابِ

عارٍ من العيبِ بلا ارتيابِ

وقلتُ أبياتي له مقرِّظا

حيث أرى مدحي له مُفترَضَا

وإنّني أقولُ بالتقصير

لا يسقط الميسورُ بالمعسور

أرجو بأن يسعِفَني القبول

منه له فإنّه المأمول

فهاكها خريدة معطارهْ

ولم تكن لغيركم مختارهْ

تتحفُكُم بأوفرِ السلامِ

تميس بالتاريخ في الختامِ

تاريخُه ( يا شيخنا بدر العلا

نظمُكَها بحُسنِ سبكٍ أُكملا )

* * *

سنة (١٣١٠)

٢٦٣

المنظومة الشريفة

بسمِ الله الرحمنِ الرحيمِ

الحمدُ للهِ على ما أنعما

والشكرُ دائمٌ على ما علَّما

علَّمنا قواعدَ الأحكام

بغايةِ الإتقانِ والإحكام

مربوطةُ الفروعِ بالأُصول

مضبوطةٌ بزُبدةِ المحصول

ثمّ صلاة اللهِ والسلام

لمن هم المبدا والختام

أصلُ أُصولِ الحقِّ والإيجاد

والحجةُ العظمى على العباد

وبعد : فالعبدُ الأقلُّ الجاني

أحمدُ نجلُ صالحِ البحراني

عاملَه اللهُ بحسنِ عفوِهِ

ومحو ذنبه وستر هفوهِ

يقول إنَّ زبدةَ الأُصول

حَريَّةٌ بالمدحِ والقبول

إذ جمعتْ جزالة المعاني

معْ جمعِها وجازةَ المباني

فحقَّ قولُ العالمِ الأوّاه

ذاك سليمان بن عبد الله

في مدحه لها ببعضِ الوصفِ

لكنَّه لذي الذكاءِ يكفي

( يا سائلي عن زبدةِ الأُصول

تلك لعمري حاصلُ المحصول

صفوةُ مستصفًى بلا ارتياب

محجَّة السداد والصواب

فاقت على التهذيب (١) في التهذيب

وفي بلاغة وفي الترتيب

وأبدت التنقيح والمنهاجا

غدت سراجاً في الدجى وهّاجا )

__________________

(١) تهذيب الوصول إلى علم الأُصول للعلامة الحلي.

٢٦٤

فاخترتُ أن أنظم منها ما انتثرْ

نظماً يفوقُ عقدُه عقدَ الدُّرَرْ

في أسطرٍ قليلةٍ وجيزهْ

لكنّها في شأنها عزيزهْ

مفصِّلاً فيها لما قد أجمله

مبيّناً فيها لبعضٍ أهملهْ

سمّيتها ( العمدةُ نظم الزبدهْ )

فلا تكن في شأنها ذا زهدهْ

وأستعينُ اللهَ في إتمامها

والفوزِ في سعادةِ اختتامِها

وأسأل الله بها الثوابا

وإن يعمَّ نفعها الطلّابا

وآن أن أشرع في المقصود

بعون ربِّي الملك المعبود

* * *

قال رقى في أرفعِ المعارج

ترتيبها خمس من المناهج

٢٦٥

المنهج الأوَّل مقدمات الكتاب

المنهج الأوّل فيما يجب

تقديمه وإنّه مطالب

فصل : المبادئ المنطقيَّة لعلم الأُصول

أوّلُها في كشفِ بعضِ الطرق

وفي مباديه الَّتي من منطق

اعلم بأنّ علم هذا العلم في

الأصل مركّب إضافيٌّ نقل

فالأصل أصلاً مبتنى الأحكام

والفقه كان العلم بالأحكام

شرعيَّة فرعيَّة قد انجلت

عن الأدلَّة التي تفصّلت

بالفعل أو بالقوّة القريبة

فليس من شكِّ الفقيه ريبهْ

والعلم معْ ظنّ الدليل مشكلُ

إلّا على التصويب أو يُؤوَّلُ

بظاهريٍّ أو خصوص الظنّ أو

بالقطع بالتزامهم بما رأوا

وخيرها الأوسط والقطعي لا

فقه به مع (١) اجتهاد حصلا

كما أفادَ الحدُّ والإحكام

مسائل الفنِّ ، وهذي اللام

جنسية للشكِّ إذ (٢) تعذّرا

تهيّأ للكلِّ أو تعسَّرا

فصحَّ لا أدري مع التجزِّي

وعن بالاستدلال ذاك مجزي

إذ علمُ جبرائيل والمقلّدِ

قد خرجا عنه بـ ( عن ) فاعتمد

وخصّصوا أدلّةً بالأربعهْ

وهي الكتابُ معْ ثلاثة معهْ

إذ القياس ليس من مذهبِنا

كما يجي‌ء إبطالُهُ مُبرهَنا

ومَن رآهُ علَماً قد حدّدهْ

بالعلم بالقواعد المُمَهَّدهْ

لأجل الاستنباط ، والتوصيفُ

للاختصاص فانتفى التزييفُ

للطّرد من إدخاله لِلعربي

ومنطق ووجهه غير غبي

__________________

(١) في نسخة : ولا. ( منه ).

(٢) في نسخة : بل. ( منه ).

٢٦٦

ثمّ مباديه من الكلامِ

معْ عربي منطق أحكامِ (١)

رتّبته بعد الثلاثة الأُوَل

موضوعة دلائل الفقه الأجل

من حيث الاستنباط ليس مطلقا

غايتُهُ سعادةٌ والارتقا

لأوجِ الاجتهاد عن حضيضِ

إلّا إذا استعمِل في النقيضِ

وجوبه كفايةٌ والعين شذْ

للحرج الظاهر فيه فانتبذْ

وليس كلّ ما الكفائي وقفْ

عليه كان مثله إذ قد عُرِفْ

قدحٌ بكبراه من المعارف

إذ وجبتْ عيناً لكلِّ عارف

والحذف للتحصيل يلغي الباقي

وفيه إشكالٌ لدى الحذّاق

فصلٌ : ماهية الدليل

إنّ الدليل عندنا ما يمكن

به اكتساب خبريٍّ يقرن

بصحَّة الفكر وبالإمكان

يندرج المغفول (٢) في ذا الشأن

ويخرج الحدُّ بقيدِ الخبري

وفي اصطلاحِ المنطقيِّ النظري

قولانِ أو أكثر عنه يلزم

لذاته آخر أو لا يلزم

ويظهر الخلافُ في الأمارهْ

والأشعريُّ خالفَ النظارهْ

فلم يفرّق فيهما ، والنظر

تأمّل المعقول حيث يظهر

منه خفي الحكمُ والمجهول

والعلمُ صورةٌ أو الحصول

لمدركٍ أو صفة قد أوجبتْ

ما يمنع النقيض لَمّا أنْ ثبَتْ

ولا ينافيه عموم القدرهْ

ومطلقُ التجويز عند الفطرهْ

أو صفة تكشف أمراً معنويْ

لمن به قامت وذا غير قويْ

إذ يخرج الإحساس منه والأحقْ

دخوله كما بتعريفٍ سبقْ

__________________

(١) كذا ، وفي نسخة : ( عربيّة ) ، بدل ( عربي ).

(٢) أي لإدراج الدليل الذي غفل عنه ، فإنه دليل وإن لم يخطر ببال ، ( من الشيخ البهائي قدس‌سره ).

٢٦٧

وعلمه به وعلمنا بنا

لا دور فيه وبداهة لنا

إذ الحصولُ غايرَ التصوُّرا

فليس كلُّ حاصلٍ تصوَّرا

وهو مع الإذعان تصديق وإنْ

يخلُ فذا تصورٌ منّا زُكِنْ

وليس كلٌّ منهما بالكسبي

ولا الجميع قد خلا عن كسب

للقطع بالقسمين ثمّ يلزمُ

توجُّه النفس لما لا يعلمُ

ثمّ البديهيُّ من التصوُّرِ

ما لم يكن إدراكه عن نظر

وليس ما يزعمه ابن الحاجب

وضعفُه عن ذي الحجا لم يُحجَب

إذ البسيط رسمه قد يُطلبُ

وجاز ألّا يطلب المركّبُ

وذكرنا النفسيَّ علم إن منعْ

من النقيض مطلقاً ، وإن وقعْ

من ذاكرٍ فهو اعتقاد ومتى

صادف رجحاناً فظنّ ثبتا

والوهمُ مرجوحٌ وشكٌّ ما استوى

وجهاهُ عند ذاكرٍ على السوا

فصلٌ : في الجزئي

جزئيُّهم ما يمنع التكثُّرا

وعكسه كليُّهم بلا امترا

وقد يساوي غيره إن صدقا

كلِّيَّةً جزماً ولن يفترقا

كذا النقيضان وقد يباين

إن كان بالعكس كما قد بَرهَنوا

وهو أعمُّ وأخصُّ مطلقا

عكس النقيضين إذا ما صدَقا

من واحد ومنهما من وجه

والقولُ بالخمس خلافُ الوجه

والثاني كالرابع في التباين

بين النقيضين بحكم بيّن

وذاك في التباين الجزئيِّ

إذ عمّ للتباين الكلِّيِّ (١)

__________________

(١) وفي نسخة : الجليِّ. ( منه ).

٢٦٨

فصلٌ : معنى الذاتي

ذاتيُّ ماهياتهم ما ثبتا

لها بغير علّة أو ما أتى

في الفهم قبلها أو الّذي سبقْ

تعقُّلاً والعرضي العكس استحقْ

وجزؤها الشامل للمختلف

جنس وللتمييز فصلاً وضف

وما يكون منهما محقَّقا

نوعٌ إضافي كذا ما اتّفقا

آحاده حقيقة حقيقي

عمهما الإنسان بالتحقيق

وخصّص الأوّل بالجنس الوسطْ

وخُصِّص الثاني بجنس انبسط

وخارج مثل الأخير خصّا

أو عرض عمّ إذا ما اختصّا

بأوّل والكلّ إمّا لازمٌ

أو لا وهذا الثاني إمّا دائمٌ

أو لا سوى كان كحمرة الخجلْ

أو لا كشيبٍ وشباب للرجلْ

فصلٌ : الحدود

الحدُّ ما ميّز شيئاً عندنا

عن غيره طرداً وعكساً أتقنا

وهو حقيقي إذا ما كشفا

عنه بذاتيّاته بلا خفا

وما بلازم فرسميُّ وإن

بمثلِه أجلى فلفظي زُكِن

وعند غيرنا لقد خصّ بما

للجنس والفصل القريبين انتمى

وما بخاصّة وجنس قرّبا

حدٌّ ورسمٌ للتمام انتسبا

وما بدونه فناقصانِ

ولو بخاصّة وفصل داني

وصورة الحدّ الحقيقي أتتْ

جنساً قريباً ثمّ فصلاً قد ثبت

والكسب بالبرهان فيه أشكلا

بالدور أو تحصيل ما قد حصَّلا

وليس في التصديق ما يستشكل

إذ المُراد الحال لا التعقُّل

٢٦٩

فصلٌ : معنى القضية

قضيّة لعرفهم تنتسب

قول يجوز صدقه والكذب

أو ما إلى النسبة منه خارج

وليس عن حمل وشرط خارج

فما بها الإثبات والسلب قصدْ

حمليّة وذات شرط ما فقدْ

موضوع ذات الحمل إمّا الشخص أو

نفس طبيعة فراعِ ما رَعَوْا

أُولاهما شخصيّة والثانيه

ذات طبيعة لديهم آتيه

وإن بها كمٌّ لأفراد يبنْ

محصورة مهملة إن لم تَبِنْ

وذات كيف نسبة موجّههْ

بسيطة أو لا لتركيب الجههْ

وذات شرطٍ عيّنوا جزأيها

مقدَّماً وتاليا إليها

فإن بها تعليق نسبة على

اخرى فالاتّصال فيها حصلا

إمّا اتّفاقاً أو لزوماً والَّتي

فيها تنافٍ أو سواه أثبتِ

لها حقيقي انفصال أوسمِ

بمنعِ جمعٍ أو خُلوٍّ فاعلمِ

فصلٌ : أقسام البرهان

إن يحذف اللازم والنقيض منْ

برهانهم فهو اقتراني زُكِنْ

يكون حمليّاً وشرطيّاً وما

لم يخلُ إنّه للاستثنا انتَمى

والمبتدا الموضوع أو قُلْ أصغر

وما به صغرى كذاك الخبر

سمِّ بمحمول وأكبر وما

به هي الكبرى وما بينهما

مكرّراً قد خصّصوه بالوسطْ

وهذه الهيئة شكل انضبطْ

ويجعل الدليل إبطالاً لِمَا

ناقض أو تحقيق عكسٍ لزما

ثمّ النقيضان قضيّتان

في الصدقِ والكذبِ معاكسان

شخصيّة تشرط بالوحداتِ

وغيرها معاً خلاف يأتي

كمّاً وكيفاً فنقيض الموجبهْ

كليَّة جزئيَّة وسالبهْ

٢٧٠

جزئيّة سالبة كليّهْ

وعيّنوا للعكس في القضيّة

تبديل جزأيها مع البقاء

للصدق والكيف بلا امتراء

فالعكس في الموجبتين موجبهْ

جزئيّة ومثل عكس السالبه

كليّة وليس للجزئيّةِ

عكس وفي عكس النقيض أثبتِ

تبديلهم نقيضي الجزأين معْ

بقاء صدقٍ مع كيفٍ اجتمعْ

وذات سلبٍ فيه مثل الموجبهْ

في المستوي وهي بعكس السالبه

فصلٌ : أشكال القياس

هيئة وضع وسط عندهما

أي أصغر وأكبر شكل نما

فأوّل ما هو في الصغرى حملْ

وكان في الكبرى بوضع يستقل

وشرطه الإيجاب والكليّهْ

بمقتضى الترتيب في الكيفيهْ

أربع محصوراتها منه فمِن

موجبة موجبتين [ فاستبن (١) ]

كذاك مع سالبة ثنتانِ

سالبتان ثمّ شكل ثاني

ما هو محمولهما وشرطه

كليّة الكبرى وأيضاً معه

تخالف الكيف وليس ينتج

سوى سوالب فمن ذا تنتج

كليّة كليّتاه وكذا

جزئيّة ذات اختلاف لا احتذا

وثالث ما هو موضوعهما

وشرطه إيجاب صغراه كما

قد لزمَت إحداهما الكليّهْ

وليس منتجاً سوى الجزئيّهْ

موجبتاه مع كبرى موجبهْ

كليّة والعكس أيضاً موجبهْ

كما هما مع ذات سلبٍ سالبهْ

فهذه الستّة منه واجبهْ

وعكسُ أوّلٍ يكون الرابع

والشرط فيه عند ما تجامع

كليَّةٌ الصغرى إيجابهما

أو اختلاف إن تكن إحداهما

__________________

(١) في المخطوط : استبن.

٢٧١

كليَّة ينتج غير الاولى

من أربعٍ ذوات حصر تولى

فذات إيجاب له كليَّهْ

صغرىً مع الأربع كبرويَّهْ

موجبة سالبة قد جمعا

جزئيَّة لا مطلقاً فاتّبعا

وعكس أُولاه بسلبٍ تنتجُ

معْ اوليَيْها ذات سلبٍ تخرجُ

كليَّة نظير كبراه وإن

جزئيَّة كانت فمثلها استبن

سالبةً جزئيّةً قطعاً كما

جزئيّتيه مع مخالفيهما

كليَّة كمّاً وكيفاً عُلِما

وإنَّ ذا خلاف رأي القُدَما

فصلٌ : القياس الاستثنائي

ما كان لاستثنائهم منتسبا

حصر بقسمين له قد وجبا

متّصلٌ يلزم منه استثنا

مقدّم تاليه حيث عنا

أكثره بأن كذاك يلزم

نقيضُه نقيضَه ويعلم

أكثره بـ ( لو ) وقسم انفصل

مستلزم تنافياً حيث حصل

نفياً وإثباتاً أو الإثبات أو

نفياً ففي الأوَّل حتماً قد رأوا

إثبات كلٍّ لنقيض الآخر

ومن نقيض عينه فاستبصر

كما يجي‌ء أوَّلاً في الثاني

كذا الأخير ثالث العنوان

وجازَ رَدُّ ذا للاقتراني

والعكس أيضاً ظاهر البيانِ

فصلٌ : المبادئ اللغويَّة

المطلب الثاني به المبادي

من لغة توضح للمرادِ

لغتهم لفظ لمعنًى وضعا

تواتراً أو واحداً قد سمعا

ولا تقس والدوران منقلبْ

والوضع للضدَّين يأبى ما نسبْ

للبعض من تناسب وخصّصتْ

إرادة الواضع معنًى قد ثبت

٢٧٢

وذاك إمّا الله حيثُ علَّما

لآدم الاسما وحيث أنعما

على العباد باختلاف الألسنهْ

فكان من آياته المستحسنه

أو العباد بدليل قولهِ

في الذكر ( إِلّا بِلِسانِ قَوْمِهِ )

أو منه ما اضطرّ ومنّا حصلا

باقٍ وإلّا دارَ أو تسلسَلا

والقطع غير حاصل لنا لما

يجوز أنّه لوضعٍ الهما

أو أنّه قد علِمَ الحقائقا

وجاز توقيف على ما سبقا

وأنّه أقدرهم وعلَّما

لآدم وأنّه تكرَّما

بنعمةِ التعريفِ للأقوالِ

كمثل ما يكون في الأطفالِ

فصلٌ : دلالة اللفظ على المعنى

اللفظ إمّا أن يفيد المعنى

أو جزؤه الواقع فيه ضمنا

أو خارجاً عنه مع التلازم

ولو بفرض العرف في التفاهم

فأوّل خصّص بالمطابقهْ

وبالتضمن اخصصنَّ لاحقهْ

وثالث خصّص بالتزام

وليس غيرهن في الكلام

فإن بجزءٍ منه جزء يقصد

فهو مركّب وإلّا مفرد

وسمِّ باسمٍ منه ما استقلّا

ولم يكن بهيئة قد دلّا

على زمان والذي منه يدلْ

عليه فعل والذي لم يستقل

فذاك حرف وهو حصر عقلي

وليس غيرها أتى في النقلِ

وإن يكن معناه قد توحّدا

مع التساوي في كثير عدّدا

فسمّه بالمتواطئ ومتى

أفاد في أفراده تفاوتا

فإنّه عندهم مشكّك

فأكثر المعنى به مشترك

إن كان في الكلّ بوضع مستقلْ

وعكسه سمِّ بلفظ قد نقلْ

إن يشتهر في الثاني إن لم يشتهر

فبالمجاز والحقيقة اعتبر

٢٧٣

وإن تكثّرا فبالتباين

خصّ أو اللفظ فقط فعيّن

ترادفاً وذي أُصول التسميهْ

وأعطِ للفروع اذناً واعيهْ

فصلٌ : أقسام اللفظ باعتبار مدلوله

اللفظ مهما كان لم يحتمل

غير الذي يفيده نصٌّ جلي

وظاهر إن يحتمله راجحا

مؤوَّل أن يحتمل مرجحا

ومجملٌ إذا التساوي يعلمُ

مشترك في الأوّلَين محكمُ

مشترك بين الأخيرين اشتبهْ

وذاك أمر إن يُفد تطلبهْ

من نفس مستعلٍ سؤال ودعا

من سافلٍ وهو التماس في السوا

فصلٌ : المشترك

الاشتراك واقع كالعين

في اللغة الفصحى بغير مين

لا لخلوِّ أكثر عن اسم

لولاه أو لزوم هذا الوهم

وهو التواطي بالوجود مطلقا

لولا اشتراك عندنا تحقّقا

والاختلال بالقرينة ارتفعْ

ويقصد الإجمال وهو قد وقعْ

في الذكر في القُرْء ، والامتثالُ

فائدة ينفى بها الإشكال

وصحّ في الفصيح ليث وسبعْ

وهو دليل لترادف وقعْ

وجاز أن يبتدلا ولا يردْ

( خداي ) أكبر لنص مطَّرد

وهو بقيد اللفظ زيناً وسَعهْ

وإن يثنِّي آية متَّبعهْ

وليس منه تابع وحدُّ

إذ في معانيها تنافي القصد

٢٧٤

فصلٌ : الحقيقة والمجاز

حقيقة لفظ بوضع أُوّلا

قد كان في المقصود منه استعملا

مجازهم في غيره مستعمل

إذا علاقة لديهم تحصل

والحصر في ( كه ) (١) واضح البيان

وقبل الاستعمال يمنعان

ونقلها كفاية عن نقله

والسلب أيضاً آية لمثله

ولم يَدُر وأُعدم اطّراده

أيضاً علامة له لا ضدّه

وشاع في الذكر نعم أسماؤه

توقَّفت فالمنع ذا ابتناؤه

وإنّه أولى من اشتراك

لأنّه أغلب في التحاكي

وما له من المزايا تغلب

ما لاشتراك من مزايا تطلبُ

ولم يكن يستلزم الحقيقة

وفيه جدوى صحَّة الطريقهْ

ونحو أنبت الربيع البقلا

وجوهه أربعة ستجلى

من المجازيْ بكلا القسمين

أو استعارة على وجهين

إمّا على التمثيل أو كنايهْ

وكلُّ هذه به الكفايهْ

ثمّ حقيقة لمن تشرَّعا

شائعة نعم كلام وقعا

فيما إلى الشارع من حقائق

والبسط في الأقوالِ غير لائق

والظاهر الثبوت للتبادر

ونمنع استلزام هذا الظاهر

لكون ذا القرآن غير عربي

مع اشتماله على المعرّبِ

كمثل (مشكاة) (٢) و (سجّين) (٣) وما

كان كإبراهيم كان علَمَا

__________________

(١) كه : وهو بحساب الجمل يساوي خمسة وعشرين ، ومراده أن العلاقة بين الحقيقة والمجاز حصرت في خمسة وعشرين.

(٢) النور : ٣٥.

(٣) المطففين : ٧ و ٨.

٢٧٥

فصلٌ : افادة الواو العاطفة الإطلاق

الواو في العطف لجمع مطلقا

لنصِّهم وقولهم ما اتّفقا

في عطفهم بها كحكم المختلف

فلاحق كسابق لا يختلف

وصحّة الورود في القبليهْ

وفي معيَّة وفي البعديّهْ

وفي تفاعل بلا ترتُّبِ

وهكذا سؤالهم (١) إلى النبي

ويدفع استفادة للجمع من

جوهر لفظ احتمال قد زُكِنْ

إذ تركها يفضي إلى الإضراب

وذكرها دفع للارتياب

وردُّهم تقديم عمرة كما

قال ابن عباس (٢) نبيل العلماء

معارضٌ بأمره وهو أدلْ

والفاء للتعقيب كيف ما حصلْ

لكنّه مختلف الإرادهْ

كصحّة التزويج فالولادهْ

وعقب الامتحان بالعذاب

لكذبهم لشدّة اقتراب

وصحّ أهلكنا « فجاءها » (٣) على

معنى إرادة من الله علا

أو إن ذا التعقيب ذكريٌّ على

عطف مفصَّل على ما أجملا

والباء للتبعيض في نصٍّ (٤) وردْ

وقول سيبويه (٥) في هذا يُردْ

لقوّة النصّ بغير مين

وبسطه في مشرق الشمسين (٦)

فصلٌ : بيان المشتق

مشتقهم فرع لأصل وافقا

في أحرف له وقد تطابقا

__________________

(١) الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٦٠ ٦١.

(٢) الدرُّ المنثور ١ : ٣٧٧ ، التبيان في تفسير القرآن ٢ : ١٥٤ ١٥٥ ، العدّة في أُصول الفقه ١ : ١٨٩.

(٣) إشارة إلى قوله تعالى « وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً .. ». الأعراف : ٤.

(٤) مشرق الشمسين : ١١١.

(٥) كتاب سيبويه ٤ : ٢١٧.

(٦) مشرق الشمسين : ١١١.

٢٧٦

أنواعه قد حصرت في ( يه ) (١) ولا

يلزم أن يبقى الذي قد حصلا

في صدقه حقيقة لأنه

قد كان موضوعاً لما كان له

لصدق مخبر ونحوه على

من انقضى عنه حديث كملا

ويلزم المجاز في المؤمن إنْ

يكن بنوم أو ذهول يقترنْ

وصحّة استعماله في الأزمنه

وهي في الاستقبال أيضاً متقنهْ

والأصل في استعماله الحقيقهْ

وهو دليل واضح الطريقهْ

أخرج الاستقبال بالإجماع

فيسلم الباقي بلا نزاع

والنفي حالاً لا يفيد ومنعْ

إطلاق كافر لمؤمن تبع

بالشرع أو يخرج عن نزاع

إذ هو ما لم يطْرَ (٢) في البقاع

وصف وجوديٌّ ينافي الأوّلا

كما عن المحصول بعض نقلا

فقائم لقاعد إن أطلقا

كان مجازاً باتّفاق حقّقا

لا سارق والزاني بعد الفعل

فليس يُبتنى بهذا الأصل

تكريه الاستعمال بالمسخن

بالشمس بعد برده المستحسن

فصلٌ : هل يشترط الاتّصاف بالمبدإ في المشتق؟

لا شرط في المشتق لكن غلبا

تلبُّس بمبدإ قد وجبا

والصدق للمؤلم والضارب معْ

قيام معنى بسواهما اندفعْ

فإنّما المبدا هوَ التأثيرُ

لا أثر فيفسد التفسيرُ

ويمكن استدلالنا إليه

بعالم لصدقه عليه

سبحانه والعلم عين ذاته

وخالق ولم يقم خلق به

__________________

(١) يه : وهو بحساب الجمل يساوي خمسة عشر ، ويريد بها أن أنواع المشتق هكذا ، فهي زيادة في المشتق أو نقص ويكون في الاحادىِّ أربعة ، وفي الثنائي ستة ، وفي الثلاثي أربعة ، وفي الرباعي واحداً ، فيكون المجموع خمسة عشر.

(٢) مخفَّف : ( يطرأْ ).

٢٧٧

وهم تشبّثوا بالاستقراء

وذاك دعوى واضح انتفاء (١)

وصدق موجود وصائت على

شي‌ء وواجب على ما حصلا

له الوجوب كالصلاة مثلا

يلزمهم أن يمنعوه كملا

لزعمهم عينيّة الوجود معْ

قيام صوت بهواء اتسعْ

وجعلهم من الكلام النفسيْ

وجوب ما أوجب ربُّ القدسِ

والحقُّ أنّ البحث في هذا اتّسعْ

لأنّه في العرف غير متّبعْ

المبادئ الأحكامية

المطلب الثالث في المبادي

ذوات أحكام على العبادِ

الحكم شرعاً طلب الشارع منْ

مكلّف للفعل أو ترك قرنْ

بشرط ذم بالخلاف لهما

ودون ذاك أو تساوٍ بهما

بوصف اقتضى لها فاجتمعت

خمسة أحكام بحدٍّ عُلِمت

وليس وضعيٌّ بحكم إنّما

بكون وضعي له مستلزما

ومنْعُ أن يطلب ترك اندفعْ

لأنّ الاستمرار مقدور يقعْ

والحكم في التمرين لازم الولي

وليس في عباده كره جلي

لأنه ندب لرجحان حُبي

أو منه بالردِّ لوصف أجنبي

فمن يسدّس قسمة به اعتسفْ

لحصرها في خمسة عند النصفْ

فصلٌ : تعريف الحكم (٢)

الحكمُ قد عرَّفه الغزالي

بأنَّه خطاب ذي الجلالِ

__________________

(١) وفي نسخة : ( افتراء ) ، ( منه ).

(٢) عرَّفه في المستصفى من علم الأُصول ١ : ٥٥ ، بقوله : ( الحكم عندنا عبارة عن خطاب الشرع ، إذا تعلق بأفعال المكلفين .. ).

٢٧٨

إذا بأفعال لمن قد كُلِّفا

نِيطَ وفي العكس وفي الطرد خفي

إذ عكسُه من جهتين ينتقضْ

بكلِّ ما خُصَّ النبيُّ إذْ فُرِضْ

وطردُه بقولِ ذي الجلال

في خلقهِ لهم وللأعمال

أ تعبدونَ بتمام يذكرُ

بل انطباقه عليها أظهرُ

إذ شاركته في العمومين وإنْ

إشعارها كان بظاهر قُرِنْ

لأجل ذا احتجّوا بها لخلقه

سبحانه أعمال كُلِّ خلقه

وذبَّ عن عكس بلحظ الغير في

تخصيص حكمٍ بالنبيِّ الأشرفِ

والجنس في الجمعين فيه قد قصدْ

وحيَّث التكليف فيه فاطَّردْ

ويخدش الذبَّ عن العكس بما

يلزم من تجوُّز قد عُلِما

ومن تعدُّد بحكم خصّا

إباحة وحرمة قد نصّا

والذبَّ عن طرد بتحييث أتى

في آية (١) كما به قد أُثبتا

لأنّها تضمّنت إنكارا

عليهمُ إذ عبدوا الأحجارا

والسوق ظاهر بجوهر الصنمْ

لأنّه المعمول لا الفعل الأعم

إذْ خلق ما ينحت لله ثبتْ

فصحّ خلق ناحت وما نحتْ

ويبطل استدلالهم بها على

خلقِ الإله كلَّما قد عملا

فما ادّعاهُ ناصر البيضاوي (٢)

من أولويَّة هناك ثاويْ

إذْ التوقّف الذي تُوهِّما

عن أولويَّة كما بُعدُ السما

وإن تشأ البرهان للمحذور

فانظر إلى القدرة والمقدور

نقض الحدِّ بآخر سورة الزلزلة

ونقض طردٍ بعد تحييث بما

في آخر الزلزال (٣) حيث قسما

أظهر من نقض بتلك الآيهْ

للوعد والوعيد حسب الغايهْ

__________________

(١) الصافات : ٩٥. (٢) تفسير البيضاوي ٢ : ٢٩٨. (٣) الزلزلة : ٧ ٨.

٢٧٩

وإن يرد بذلك الخطاب

أفسدت العكس بلا ارتياب

بصورة التشريع للإباحهْ

وإن لطرد أورثت إصلاحهْ

كزيد الاقتضاء والتخيير إن

محكَّم الوضعي أيضاً فاستبن

إضافة الوضع ومن أرجعه

إليهما من حدّه أسقطه

ولم يخصَّ أوّلاً بما انصرح

بل أدرج الضمنيّ أيضاً فاتّضحْ

عليه نقض بكثيرٍ اشتملْ

من آي قرآن على حكم العملْ

كما على مخصَّص بما انصرحْ

نقض بـ (مَنْ يَقْتُلْ) (١) لتحريم وضح

والحقُّ أن تدرج في الحكم ومَنْ

على خلاف رام إجماعاً وهنْ

فصلٌ : المدح للمحسن ، والذمَّ للمسي‌ء

المدح بالعدل وبالإحسان

والذمُّ بالظلم وبالعدوان

ضرورة بشاهد الوجدان

وحكم من نفى إلى الأديانِ

وقاصر للحسن والقبح على

وصف كمالٍ ووفاق حصلا

للغرض المطلوب معْ ما ناقضا

ومنكر إيّاهما فيما مضى

بمعنى الاستحقاق قطعاً كابرا

لمقتضى عقلٍ له بلا امترا

والاختلاف بالوجوه منعا

مثل النقيضين إذا ما اجتمعا

ذاتيَّة إليهما فإن يَردْ

أدنى القبيحين فإنّه يُرَدْ

بأنّ إنقاذ النبيِّ لازم

فحاكم بقبح هذا ظالم

والقول في هذين بالشرعيّهْ

ينفي وثوق جملة الرعيّه

بالوعد والوعيد ثمّ يفحم

لأنبياء الله حين تعلم

بالمعجزات إذ يجوز شرعا

تمكين كاذب وليس يدعى

والعادة الَّتي عليها احتالوا

باطلة ليس لها مجالُ

__________________

(١) إشارة إلى قوله تعالى « وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها ». النساء : ٩٣.

٢٨٠