عصمة الأنبياء

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]

عصمة الأنبياء

المؤلف:

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ١٤٤

هذه الدلائل الباهرة لما أبطلت قولهم وجب القطع بفسادها. فالعجب اتفاق الناس على أن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن ، والظن إنما ينتفع به في العمليات وهذه المسألة ليست من العمليات ، فصارت روايتهم ساقطة العبرة من كل الوجوه. وعن سعيد بن المسيب والحارث الأعور أن عليا رضي اللّه عنه قال : « من حدثكم بحديث داود عليه السلام على ما يرويه القصاص جلدته مأتين وستين وهو حد الفرية على الأنبياء ». وروي أن واحدا ذكر ذلك الخبر عند عمر بن عبد العزيز وعنده رجل من أهل الحق فكذب المحدث به وقال : إن كانت القصة على ما في كتاب اللّه تعالى فما ينبغي أن نلتمس خلافها ، وإن كان على ما ذكرت وكف اللّه عنها سترا على نبيه فيما ينبغي إظهارها عليه ، فقال عمر : سماعي هذا الكلام أحب إلي مما طلعت الشمس عليه.

فإذا ثبت هذا فلنبحث أنه هل في الآية ما يدل على صدور الصغيرة عنه أم لا؟ فنقول : قال كثير من أهل الحق قول اللّه ( هَلْ أَتٰاكَ نَبَأُ اَلْخَصْمِ ) (١) أخبر عن جماعة أنهم تسوروا قصره قاصدين قتله والإساءة إلى أهله فدخلوا قصره في وقت ظنوا أنه غافل. فلما رآهم داود عليه السلام خافهم لما تقرر في العرف أنه لا يتسور أحد دار غيره بغير أمره

__________________

كان ذلك الخصم قوما من بني آدم بلا شك مختصمين في نماذج من الغنم على الحقيقة بينهم. بغى أحدهما على الآخر على نص الآية. ومن قال : أنهم كانوا ملائكة معرضين بأمر النساء فقد كذب على اللّه عز وجل ، وقوله ما لم يقل وزاد في القرآن ما ليس فيه وكذب اللّه عز وجل ، وأقر على نفسه الخبيثة انه كذب الملائكة ، لان اللّه تعالى يقول ( هَلْ أَتٰاكَ نَبَأُ اَلْخَصْمِ ) فقال هو : لم يكونوا قط خصمين ، ولا بغي بعضهم على بعض ولا كان قط لاحدهما تسع وتسعون نعجة ولا كان للآخر نعجة واحدة ، ولا قال له : ( أَكْفِلْنِيهٰا ) فاعجبوا لما يقحم فيه أهل الباطل أنفسهم ، ونعوذ باللّه من الخذلان ثم كان ذلك بلا دليل ، بل الدعوى المجردة.

١ ـ قصة في سورة الآية ص ٢١ ـ ٢٦.

١٠١

إلا لسوء يريده من قتله أو لمكاره على أهله أو سرقة ماله خصوصا إذا كان صاحب الدار شخصا معظما فلما رأوه مستيقظا انتقض عليهم التدبير فاقترح بعضهم عند فزعه خصومة لا أصل لها زاعما أنهم قصدوه لاجلها دون ما توهمه فقالا (خَصْمٰانِ بَغىٰ بَعْضُنٰا عَلىٰ بَعْضٍ) ثم ادعى أحدهما على الآخر مالا. فقال ( إِنَّ هٰذٰا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً ) الآية فقال داود عليه السلام ( لَقَدْ ظَلَمَكَ ) الآية ثم قال اللّه تعالى ( وَظَنَّ دٰاوُدُ أَنَّمٰا فَتَنّٰاهُ ) أي امتحناه. لكنه لم يعمل على ظاهر الحال ، ولم ينتقم منهم مع كونه ذا أيد وقوة وسلطان وقدرة بل صار مستغفرا للقوم الذين قصدوه وطالبا من اللّه تعالى العفو عنهم وذلك إن اللّه تعالى لم يقل إنه أذنب ولا أنه استغفر لنفسه فإن المستغفر قد يستغفر لنفسه تارة ولغيره أخرى. قال اللّه تعالى في وصف الملائكة ( وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) (١) وقال أولاد يعقوب لوالدهم ( يٰا أَبٰانَا اِسْتَغْفِرْ لَنٰا ) (٢) ثم قال اللّه تعالى ( فَغَفَرْنٰا لَهُ ذٰلِكَ ) (٣) معنى غفرنا لأجل حرمة داود لأولئك وقبلنا شفاعته في التجاوز عنهم فهذا الذي قلناه مما ينطبق عليه لفظ الكتاب العزيز ، فلا يحتاج فيه إلى المجاز من حمل الخصمين على الملكين ، وادعاؤهما الخصومة على التمسك لا على التحقيق ، وحمل النعجة على المرأة ويناسبه أمر رسولنا عليه الصلاة والسلام بالاقتداء به في قوله ( فَاصْبِرْ كَمٰا صَبَرَ أُولُوا اَلْعَزْمِ مِنَ اَلرُّسُلِ ) (٤) وتأدب به عليه الصلاة والسلام يوم أحد لما هشمت ثناياه فقال « اللهم اهد قومي فإنهم

__________________

١ ـ سورة غافر الآية ٧.

٢ ـ سورة يوسف الآية ٩٧.

٣ ـ سورة ص الآية ٢٥.

٤ ـ سورة الاحقاف الآية ٣٥.

١٠٢

لا يعلمون » (١) ويناسبه ما حصل عقيبه من المنصب العظيم وهو خلافة اللّه في أرضه.

ووجه آخر : لعل الاستغفار إنما كان لأن القوم لما تسوروا ظن داود عليه السلام بهم أنهم يقصدون قتله فلما لم يظهر الأمر كما ظن ندم على ذلك الظن ، فكان الاستغفار عليه ، أو لأنه لما هضم نفسه ولم يؤدبهم ولم ينتقم منهم مع القدرة التامة دخله شيء من العجب على كمال حلمه ، فكان الاستغفار منه لأن العجب من المهلكات. فهذا قول لا دلالة في الآية على شيء من الزلات وهو الحسن عندي.

( القول الثاني ) وهو قول من سلم دلالتها على الصغيرة فلهم فيها وجوه خمسة :

( الأول ) أنه عليه السلام كان عالما بحسن امرأة أوريا فلما سمع أنه قتل قل غمه لميل طبعه إلى نكاح زوجته ، فعوتب عليه بنزول الملكين.

( الثاني ) : أن أهل زمان داود عليه السلام كان يسأل بعضهم بعضا أن ينزل عن امرأته فيتزوجها إذا أعجبته ، وكان ذلك جائزا فيما بينهم ، فاتفق أن عين داود عليه السلام وقعت على امرأة أوريا ، فأحبها فسأله النزول عنها فاستحى أن يرده ، ففعل فتزوجها وهي أم سليمان عليه السلام ، فقيل له. إنك مع ارتفاع قدرك وكثرة نسائك لم يكن ينبغي لك أن تسأل رجلا ليست له إلا امرأة واحدة النزول عنها ، بل كان الواجب قهر نفسك.

( الثالث ) أن أوريا خطبها ثم خطبها داود عليه السلام فآثره أهلها فكان ذنبه أنه خطب على خطبة المؤمن مع كثرة نسائه.

__________________

١ ـ ما ورد عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في يوم أحد أنه قال : كيف يفلح قوم شجوا نبيهم (بخاري ٥ / ٣٥) وما ذكر هنا حكايته صلّى اللّه عليه وسلّم عن نبي من الأنبياء (بخاري ٨ ـ ٥١ ، ابن حنبل ١ / ٣٨٠).

١٠٣

( الرابع ) أن داود عليه السلام كان مشتغلا بعبادته فأتاه رجل وامرأة يتحاكمان فنظر إلى المرأة ليعرفها بعينها ليحكم لها أو عليها ، وذلك نظر مباح فمالت نفسه إليها ميل الخلقة ففصل بينهما وعاد إلى عبادته فشغله الفكر في أمرها عن بعض نوافله فعوتب.

( الخامس ) أن الصغيرة منه إنما كانت بالعجلة في الحكم قبل التثبت وكان يجب عليه لما سمع الدعوى من أحد الخصمين أن يسأل الآخر عما عنده فيها ولا يقضي عليه قبل المسألة.

والمجيب بهذا الجواب قال : ان الفزع من دخولهما عليه في غير وقت العادة أنساه التثبت والتحفظ والقائلون بهذا القول حملوا التحاكم على ضرب المثال ، وإلا فيلزم إقدام الملك على الكذب وحملوا النعاج على النسوة ، وكل ذلك عدول عن الظاهر من غير دليل.

( فإن قيل ) هب أنه لا دلالة في الآية على الذنب البتة ولكن مسارعته إلى تصديق أحد الخصمين حلى حكمه يكون الآخر ظالما غير جائز ( قلنا ) ليس في القرآن أنه صدقه من غير ظهور الحجة ، إذ المراد إن كان الأمر كما ذكرت فقد ظلمك.

( الشبهة الثانية ) تمسكوا بقوله تعالى : ( وَدٰاوُدَ وَسُلَيْمٰانَ إِذْ يَحْكُمٰانِ فِي اَلْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ اَلْقَوْمِ وَكُنّٰا لِحُكْمِهِمْ شٰاهِدِينَ فَفَهَّمْنٰاهٰا سُلَيْمٰانَ ) (١) قالوا فلو كان داود عليه السلام مصيبا في حكمه لما خص اللّه تعالى سليمان بقوله : ( فَفَهَّمْنٰاهٰا ).

جوابه : أن تخصيص سليمان عليه السلام بالذكر لا يدل على أن داود بخلافه فإن دليل الخطاب في اللقب لا يفيد بإجماع المحققين ، ثم في هذا التخصيص فائدتان سوى ما ذكروه :

__________________

١ ـ سورة الأنبياء ، آية ٧٨ ـ ٧٩.

١٠٤

( الأولى ) أن داود عليه السلام كان متوقفا لتعارض الأمارات وسليمان لم يكن كذلك.

( الثانية ) أن داود عليه السلام كان عالما به لكنه ما أفتى امتحانا لابنه سليمان رجاء أن يفتي به ويستخرج حكمه ويكون تخصيص ابنه سليمان بأن فهمه ذلك تقريرا لعين والده وإعلاء درجته في الناس وإنما أعرض عن ذكر داود عليه السلام للعلم باشتهاره فيما بين الخلق بمعرفة الأحكام ، ثم إنه تعالى خلف الكلام بقوله : ( وَكُلاًّ آتَيْنٰا حُكْماً وَعِلْماً ) (١) لئلا يتوهم أنه كان جاهلا به وحاكما فيه بغير الصواب.

__________________

١ ـ سورة الأنبياء آية ٧٨ ـ ٧٩.

١٠٥

قصة سليمان عليه السلام

( وفيها شبهات ثلاثة )

( الأولى ) تمسكوا بقوله تعالى : ( إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ اَلصّٰافِنٰاتُ اَلْجِيٰادُ ) الآيات (١) قالوا : ظاهر الآية يدل على أن مشاهدة الخيل ألهته عن ذكر ربه حتى روي أن الصلاة فاتته.

( جوابه ) نذكر تفسير الآية فإن بذكره تزول الشبهة ، فنقول : المخصوص بالمدح في ( نعم العبد ) محذوف فقيل : هو سليمان ، وقيل : هو داود عليهم السلام ، والأول أولى ، لأنه أقرب المذكورين ثم علل كونه ممدوحا بكونه أوابا رجاعا إليه بتوبته ، أو مئوبا بالتسبيح مرجعا لأن كل مئوب أواب ( إذ عرض عليه ) أي على سليمان عليه السلام لأنه أقرب المذكورين ـ الصفون ـ الوقوف على ابن قتيبة وصفها بالصفون والجودة ليجمع لها بين الوصفين المحمودين واقفة وجارية فإذا وقفت كانت مطمئنة في مواقفها وإذا جرت كانت سراعا في جريها ( أحببت حبّ الخير عن ذكر ربّي ) وفيه ثلاثة أوجه :

( الأول ) أن تضمن أحببت معنى فعل يتعدى بعن ، كأنه قيل : أتيت حب الخير عن ذكر ربي.

__________________

١ ـ سورة ص ، الآيات ٣١ ـ ٣٣.

١٠٦

( الثاني ) أحببت بمعنى لزمت الخير عن ذكر ربي عن كتاب ربي وهو التوراة أو غيرها. فكما أن ارتباط الخيل في كتابنا ممدوح فكذا في كتابهم ، وهذا أولى من الأول ، لأن فيه تقرير الظاهر.

( الثالث ) أن الإنسان قد يقول : إني أحب كذا ولكني أحب أن لا أحبه كالمريض الذي يشتهي ما يؤذيه فأما من أحب شيئا وأحب محبته له كان ذلك غاية المحبة ، فقوله : أحببت حب الخير بمعنى أحببت حبي لهذه الخيل. وهذا الوجه الذي استنبطته أظهر الوجوه. والضمير في ( حتى تورات ) وفي ( ردّوها ) يحتمل أن يكون عائدا إلى الشمس لأنه جرى ذكر ما له تعلق بها وهي العشى ، وأن يكون عائدا إلى الصافنات وهذا أولى الوجهين ، لأنها مذكورة صحيحا دون الشمس ولأنه أقرب في الذكر من لفظ العشى ، وعند ذلك يفرض هاهنا احتمالات أربعة.

( الأول ) أن يعود الضمير إلى الصافنات ، كأنه قيل : حتى توارت الصافنات بالحجاب ردوا الصافنات إلى.

( الثاني ) أن يعود إلى الشمس ، كأنه قيل : حتى تورات الشمس بالحجاب ردوا الشمس ، قيل : إنه عليه الصلاة والسلام لما فاتته الصلاة سأل اللّه أن يرد الشمس وهذا بعيد لأن قوله ( ردوها ) خطاب للجمع والأنبياء لا يخاطبون اللّه تعالى بمثل هذا.

( الثالث ) أن يعود الأول إلى الشمس والثاني إلى الصافنات. وهو الذي ذهب إليه الأكثرون كأنه قيل حتى توارت الشمس بالحجاب. ردوا الصافنات إليّ. وهذا أبعد لأنهما ضميران وردا في موضع واحد فتفريقهما لا بالدليل غير جائز.

( الرابع ) أن يعود الأول إلى الصافنات والثاني إلى الشمس. وهذا

١٠٧

مما لم يذهب إليه أحد ( فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَاَلْأَعْنٰاقِ ) فجعل يمسح مسحا فالأكثرون أي يمسح بالسيف بسوقها وأعناقها ، يعني يقطعها وهذا بعيد ، لأنه لو كان المسح بالسوق والأعناق هو القطع لكان القائل إذا قال : مسحت رأس فلان ويده فهم منه أنه قطعها ولكان معنى قوله ( وَاِمْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) (١) القطع بل لو قيل مسح رأسه بالسيف فربما فهم منه ضرب العنق ، فأما إذا لم يذكر السيف فإنه لا يفهم منه الضرب والقطع البتة ، على أن قوله : مسح عنقه بالسيف لا يفيد القطع إلا على سبيل المجاز. فكيف إذا ترك ذكر السيف؟

فإذا عرفت التفسير زعمت الحشوية أنه عليه السلام غزا أهل دمشق فأصاب ألف فرس فقعد يوما بعد ما صلى الأولى على كرسيه واستعرضها فلم تزل تعرض عليه حتى غفل عن صلاة العصر ، أو عن ورد كان له من الذكر وقت العشى ، حتى غربت الشمس وهو المراد من قوله تعالى (توارت بالحجاب) ثم استرد الخيل ، وهو المراد بقوله (ردوها علي) ثم عقرها تقربا إلى اللّه تعالى وهو المراد بقوله ( فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَاَلْأَعْنٰاقِ ).

واعلم أن هذه الحكاية مع أنه لا دلالة عليها البتة ففي الآية ما ينافيها من وجوه خمسة :

( الأول ) أنه تعالى وصف سليمان عليه السلام في مقدمة الآية بأن اللّه تعالى وهبه لداود عليه السلام في معرض الإكرام (٢) وذلك ينافي أن يعقب ذلك بذكر أن سليمان كان تاركا للصلاة وبأنه أواب حال ما

__________________

١ ـ سورة المائدة ، آية ٦.

٢ ـ بل وقوله « نعم العبد » من أدل الدلائل على أن من أبعد الامور أن يشغل بالدنيا وحبها عن ذكر اللّه وطاعته.

١٠٨

عرضت عليه الصافنات فإن لفظة ( إذ ) دالة على ذلك ، وكونه أوابا وتاركا للصلاة في زمان واحد محال.

( الثاني ) أن قوله ( أَحْبَبْتُ حُبَّ اَلْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي ) لو فسرناه بأني لزمت الخير عن ذكر ربي لكان ذلك منافيا لما أرادوه ، أما إذا فسرناه بأني أتيت حب الخير عن ذكر ربي فربما استقام لهم ما ذكروه ، لكنا بينا أن الأول أولى.

( الثالث ) أن رجوع الضمير في (تورات) إلى الشمس يقتضي ترجيح غير المذكور ، وترجيح البعيد على القريب ، وهو غير جائز وعلى تسليم ذلك فالحكم برجوع الضمير في (ردوها) إلى الصافنات تفريق للضمائر المشاكلة على أشياء متباينة.

( الرابع ) أن قوله تعالى ( فَطَفِقَ مَسْحاً ) لا دلالة فيه البتة على قولهم.

( الخامس ) أن هذه السورة إنما وردت في مناظرة الكفار ، والمقصود من هذه القصص أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالصبر على مشاق التكاليف ، ومتاعب الطاعات. وذلك المعنى لا يليق به ذكر أن الأنبياء كانوا تاركين للصلاة ومتهالكين في حب الدنيا بل التفسير الحق الذي ينطبق اللفظ عليه أن رباط الخيل مندوب إليه في دينهم كما أنه كذلك في ديننا. ثم إن سليمان عليه السلام جلس لتعرض عليه الخيل ، ثم بين أن ذلك لم يكن لحب الدنيا لأن اللّه تعالى أقره على ما قال ( إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ اَلْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي ) ثم أمر بركضها حتى توارت بالحجاب أي حتى غابت عن بصره ثم أمر بردها ( فَطَفِقَ مَسْحاً ) فطفق يمسح سوقها وأعناقها تشريفا لها وإبانة لعزتها لكونها من أعظم الأعوان في دفع العدو. أو لأنه أراد أن يبين عن نفسه أنه في السياسة وحفظ الدين والدنيا بحيث لا يخفى عليه شيء

١٠٩

من مصالحه ، أو لأنه كان أعلم بأحوال الخيل من غيره يفحصها ويمسحها ليعلم حالها في الصحة والسقم فهذا الذي ذكرناه كلام ينطبق عليه اللفظ ويلائمه ما قبل الآية وما بعدها. وفيه تعظيم الأنبياء فكان أولى بما يكون بالضد منه.

( فإن قلت ) فكيف تعمل باطباق الأكثرين على تلك الحكاية؟ (قلت) الكلام في تفسير كتاب اللّه تعالى غيره في حكاية منفصلة عن كتاب اللّه تعالى. ومقصودنا الآن هو الأول. وقد بينا أنه لا دلالة في الآية على تلك الحكاية البتة ، بل ظاهرها ينافيها من وجوه كثيرة. فإذن لم يبق إلا أن يقال : إنما حكاية منفصلة عن كتاب اللّه تعالى.

( فإن قلت ) فما قولك فيها؟

فنقول : الدلائل الباهرة عن المعقول والمنقول قد دلت على وجوب عصمة الأنبياء فاتباعها أولى من اتباع حكايات لا ندري أنها في أول الأمر من رئيس الملاحدة أو موضوعات اليهود. وباللّه التوفيق.

( الشبهة الثانية ) تمسكوا بقوله تعالى : ( وَلَقَدْ فَتَنّٰا سُلَيْمٰانَ وَأَلْقَيْنٰا عَلىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً ) الآية. (١)

( جوابه ) أما قوله : ( وَلَقَدْ فَتَنّٰا سُلَيْمٰانَ ) أي امتحناه ، وأما قوله : ( وَأَلْقَيْنٰا عَلىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً ) فقد اختلفوا فيه أما الذي يقوله المحققون فأحد أمور ثلاثة :

( الأول ) أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : « إن سليمان قال : لأطوفنّ الليلة على مائة امرأة فتلد كل منها غلاما يقاتل في سبيل اللّه ولم يقل إن شاء اللّه ، فطاف ولم تحبل إلا واحدة

__________________

١ ـ سورة ص ، الآية ٣٤ ـ ٣٥.

١١٠

فولدت نصف غلام فجاءت به القابلة وألقته على كرسيه بين يديه. ولو قال إن شاء اللّه لكان كما قال (١) » فكان الابتلاء لأجل تركه الاستثناء.

( الثاني ) أنه امتحنه بمرض شديد ، فصار جسدا لا حراك به مشرفا على الموت ، كما يقال : لحم على وضم (٢) وجسد بلا روح على معنى شدة الضعف ، والتقدير : وألقينا جسده على كرسيه ، فحذف الهاء للاختصار.

( الثالث ) ولد لسليمان ولد ، فاحتال الشيطان في قتله ، وقالوا : نخاف أن يعذبنا كما يعذبنا أبوه ، فأمر السحاب فحملته وأمر الريح فغذته خوفا من الشياطين فمات الولد ، فألقى ميتا على سريره ابتلاء حين خاف الشياطين.

فأما الذي يذكره الأكثرون من القصاص من حديث الخاتم وآصف فتلك الحكاية باطلة لم يدل على صحتها شيء فلا يجوز الالتفات إليها.

( الشبهة الثالثة ) تمسكوا بقوله : (رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاٰ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) (٣) قالوا : هذا حسد فكيف يليق بالنبي صلّى اللّه عليه وسلّم؟

( جوابه ) من وجوه سبعة :

( الأول ) أن معجزة كل نبي تجب أن تليق بأحوال أهل زمانه ،

__________________

١ ـ هذا الحديث رواه البخاري ومسلم بغير هذا اللفظ عن أبي هريرة.

٢ ـ الوضم. الخشبة يوضع عليها اللحم ليأخذ كل من مر به منه لا يمتنع على أحد الا أن يذب عنه ويدفع.

٣ ـ سورة ص آية ٣٥.

١١١

ولما كانت منافسة أهل زمانه بالمال والجاه طلب مملكة فائقة على كل الممالك لتكون معجزة له.

( الثاني ) أنه لما مرض ثم رجع إلى الصحة عرف أن خيرات الدنيا وما فيها صائرة إلى الغير بإرث أو غيره ، فسأل ربه ملكا لا يمكن أن ينتقل منه ، وذلك ملك الآخرة.

( الثالث ) أن في مراتب الرياضات والمجاهدات كثرة ولكل واحد من السالكين اختصاص بواحد منها فكأنه كان اختصاص سليمان عليه السلام بمقام رياضة النفس ومراقبتها ومحاسبتها أشد ، ومعلوم أن الدنيا حلوة خضرة والامتناع عن الانتفاع بها حال القدرة أشق من الامتناع حال العجز فكأنه عليه السلام قال : أعطني من الدنيا أكمل المراتب حتى أتحمل في الاحتراز عنها أعظم المشاق.

( الرابع ) إن من الناس من يقول الاحتراز عن لذات الدنيا أصعب لأنها نقد ولذات الآخرة نسيئة وترجيح النسيئة على النقد شاق ، فهو عليه السلام رد على هؤلاء الباطلين. وقال ( وَهَبْ لِي مُلْكاً ) الآية ، حتى تروا كيف استحقره في جنب الالتذاذ بطاعة المولى.

( الخامس ) هو أن الوصول إلى اللّه تعالى على نوعين : أحدهما ـ وهو الأكمل ـ أن يرفعه اللّه إليه ابتداءً فضلا منه ورحمة من غير تكليف شيء من المتاعب وهو طريقة رسولنا عليه الصلاة والسلام على ما قاله تعالى : ( سُبْحٰانَ اَلَّذِي أَسْرىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً ) (١).

( والثاني ) أن يتكلف العبد الذهاب إليه وهو الطريقة التي حصل

__________________

١ ـ سورة الاسراء آية ١.

١١٢

أعلاها لموسى عليه السلام في قوله ( وَلَمّٰا جٰاءَ مُوسىٰ لِمِيقٰاتِنٰا ) (١) وأن سليمان عليه السلام على شرع موسى عليه السلام وطريقته فكان أبدا في الرياضة ، والإنسان لا يفرغ قلبه عن شيء ما لم يجربه فكأن نفس سليمان عليه السلام كانت ملتفته إلى مملكة الدنيا فقال ( رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً ) الآية ، حتى أذوقه فيفرغ قلبي عنه فيزول شغل الالتفات إليه ، فيخلص السر إلى طاعتك والاشتغال بعبادتك.

( السادس ) إن للسيارين إلى اللّه تعالى تارات ، فتارة يختارون مقام التواضع ، وذلك إذا ما نظروا إلى أنفسهم من حيث هم هم ، وتارة مقام الاستعلاء وذلك إذا ما رأوا أنفسهم من حيث أنهم بالحق ، فلا يبعد أن يكون هذا الخاطر إنما ورد على سليمان عليه السلام في المقام الثاني.

( السابع ) وهو جواب المتكلمين إنه عليه السلام كان مأذونا من اللّه فيه وعلى هذا التقدير لا يكون فيه عتب.

__________________

١ ـ سورة الاعراف آية ١٤٣.

١١٣

قصة يونس عليه السلام

تمسكوا بقوله تعالى : ( وَذَا اَلنُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰادىٰ فِي اَلظُّلُمٰاتِ أَنْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّٰالِمِينَ ) (١) من ثلاثة أوجه :

( الأول ) أنه ذهب مغاضبا وذلك كان محظورا. ألا ترى أن اللّه تعالى قال : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاٰ تَكُنْ كَصٰاحِبِ اَلْحُوتِ) (٢) فذلك يقتضي أن ذلك الفعل من يونس عليه السلام كان محظورا.

( الثاني ) قوله ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) وذلك يقتضي كونه شاكا في قدرة اللّه تعالى.

( الثالث ) قوله : ( إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّٰالِمِينَ ).

( الجواب ) عن الأول أن الآية دلت على أنه ذهب مغاضبا ولم تدل على أنه غاضب اللّه ، وكيف ومغاضبة اللّه تعالى لا تجوز على أحد من المسلمين ، فكيف على النبي عليه السلام؟! فلعله إنما خرج مغاضبا لقومه ، فلم قلتم إن ذلك معصية؟ أما قوله : ( وَلاٰ تَكُنْ كَصٰاحِبِ

__________________

١ ـ سورة الأنبياء آية ٨٧.

٢ ـ سورة القلم آية ٤٨.

١١٤

اَلْحُوتِ ) فليس لأنه ثقلت عليه أعباء النبوة لضيق خلقه ، بل المراد أنه لم يقو على الصبر على تلك المحنة التي ابتلاه اللّه بها ولو صبر لكان أفضل فأراد اللّه تعالى بمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم أفضل المنازل وأعلاها ( وعن الثاني ) أن الشك في قدرة اللّه تعالى كفر ، ولا نزاع أنه لا يجوز اتصاف الأنبياء به ، بل المراد أن لا نضيق الأمر عليه (١) ، قال اللّه تعالى ( وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّٰا آتٰاهُ اَللّٰهُ ) (٢) وقال ( اَللّٰهُ يَبْسُطُ اَلرِّزْقَ لِمَنْ يَشٰاءُ وَيَقْدِرُ ) (٣) أي يوسع ويضيق ، وقال ( وَأَمّٰا إِذٰا مَا اِبْتَلاٰهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ) (٤) أي ضيقه (وعن الثالث) فالجواب عنه ما تقدم من قصة آدم عليه السلام.

__________________

١ ـ ويمكن أن تفسر القدرة بالقضاء أي فظن أن لن نقضي عليه بشدة وهو قول مجاهد وقتادة والضحاك والكلبي ورواية العوفي عن ابن عباس ، أما التفسير الوارد اعلاه بمعنى لن نضيق عليه فقد اختاره المفسر لانه حجة لمذهبه في خلق الافعال ، كما صرح في تفسيره ٦ / ١٥٠ قائلا أن هذا يدل على أن يونس عليه السلام مخير أن شاء أقام وان شاء خرج وان اللّه لا يضيق عليه في اختياره.

٢ ـ سورة الطلاق آية ٧.

٣ ـ سورة الرعد آية ٢٦.

٤ ـ سورة الفجر آية ١٦.

١١٥

قصة لوط عليه السلام

تمسكوا بقوله تعالى إخبارا عنه عليه السلام : ( هٰؤُلاٰءِ بَنٰاتِي إِنْ كُنْتُمْ فٰاعِلِينَ ) (١) عرض بالفاحشة مع بناته وذلك كسرة دالة على سقوط النفس.

( جوابه ) قال الشافعي رحمه اللّه : الكلام لم يجمل في غير مقصوده ويفصل في مقصوده ، فلما كان غرضه ترجيح النساء على الغلمان لا جرم لم يتعرض لذكر النكاح وإن كان معتبرا في نفس الأمر ، والدليل على أن هذا الشرط كان معتبرا وجهان :

( الأول ) قال : ( هُنَّ أَطْهَرُ ) (٢) ولا طهارة في الزنا.

( الثاني ) أنه لو دعا نفسه إلى الزنا لكان لهم أن يقولوا الزنا واللواطة حرامان على مذهبك ، فأي فائدة في الدعوى من أحدهما إلى الآخر؟

( فإن قيل ) هب أنه كذلك ولكن كيف يجوز تزويج المسلمة من الكافر؟

( جوابه ) من وجوه أربعة :

__________________

١ ـ سورة الحجر آية ٧١.

٢ ـ سورة هود آية ٧٨.

١١٦

( الأول ) أن ذلك مما يختلف باختلاف الشرائع. ألا ترى أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم زوج ابنته زينب من أبي العاص وهو كافر (١).

( الثاني ) أنا كما أثبتنا ضمنا فكذلك إسلام الزوج.

( الثالث ) أنه عليه السلام أراد موافقتهم وتسويفهم وذلك لأن الرسل من الملائكة عليهم السلام كانوا أخبروه بهلاكهم عند الصبح ، كما أخبر اللّه عنه ( وَقَضَيْنٰا إِلَيْهِ ذٰلِكَ اَلْأَمْرَ أَنَّ دٰابِرَ هٰؤُلاٰءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ) (٢).

( الرابع ) أنه يكفي في الإضافة أدنى سبب؛ فالبنات بنات الأمة إلا أنه أضافهن إلى نفسه لأن الرسل عليهم الصلاة والسلام كالأب لأمتهم.

__________________

١ ـ أبو العاص بن الريع كانت خالته خديجة رضي الله عنها أخذ أسيرا في بدر مع المشركين فمن عليه المسلمون على أن يترك زينب تهاجر الى المدينة ففعل ، ثم لم يلبث أن جاء مسلما بعد هجرة زينب بسنة فردها عليه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بالنكاح الأول. وقد كان تزوجها قبل البعثة النبوية.

٢ ـ سورة الحجر آية ٦٦.

١١٧

قصة زكريا عليه السلام

تمسكوا بقوله تعالى : ( يٰا زَكَرِيّٰا إِنّٰا نُبَشِّرُكَ بِغُلاٰمٍ اِسْمُهُ يَحْيىٰ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا. قٰالَ رَبِّ أَنّٰى يَكُونُ لِي غُلاٰمٌ وَكٰانَتِ اِمْرَأَتِي عٰاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ اَلْكِبَرِ عِتِيًّا قٰالَ كَذٰلِكَ قٰالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ) (١) قالوا : قد شك في قدرة اللّه تعالى.

( جوابه ) لو كان الأمر على ما قالوه لكان زكريا عليه السلام غير عاقل لما سأل اللّه ذلك فلما إضافة إليه استنكره فاستبعد قدرته عليه كان ذلك من أفعال المجانين ، فثبت أن الأمر بخلاف ما قالوه وذلك أن زكريا عليه السلام لم يسأل ربه أن يهب له ولدا من جهة الولادة وإنما سأله أن يهب له ولدا من عنده فقال : ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ) (٢) وقال في آل عمران : ( هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ) (٣) إنما سأل ذلك عند ما أخبرته مريم بأن رزقها يأتيها من عند اللّه فسأل ولدا من عنده فلما بشرته الملائكة بالولد سأل كيف ذلك يقع على كبره ، وكيف وكانت امرأته عاقرا؟ فقال : ( كَذٰلِكَ اَللّٰهُ يَفْعَلُ مٰا يَشٰاءُ ) (٤).

__________________

١ ـ سورة مريم ، آية ٧ ـ ٩.

٢ ـ سورة مريم ، آية ٥.

٣ ـ سورة آل عمران ، آية ٣٨.

٤ ـ سورة آل عمران ، آية ٤٠.

١١٨

قصة عيسى عليه السلام

( وفيها شبهتان ) ( الأولى ) تمسكوا بقوله تعالى : ( وَإِذْ قٰالَ اَللّٰهُ يٰا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّٰاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلٰهَيْنِ ) (١) من وجوه :

( الأول ) : أن عيسى عليه السلام إن كان قال هذا الكلام فالإشكال قائم. وإن لم يقل كان الاستفهام عبثا.

( الثاني ) : أن النفس هي الجسد فقوله تعالى ( وَلاٰ أَعْلَمُ مٰا فِي نَفْسِكَ ) (٢) ظاهره يوهم إثبات الجسم للّه تعالى.

( الثالث ) : أن كلمة ( في ) للظرفية ، وهي لا تجيء إلا في الأجسام.

( والجواب ) : عن الأول أنه عليه السلام ما قال ذلك وللاستفهام فائدة وهي تقريع من ادعى ذلك من النصارى ، وعن الثاني أن النفس في اللغة بمعنى الذات ، يقال : نفس الشيء ذاته ، وعن الثالث أن المراد حلول الصفة في الموصوف.

__________________

١ ـ سورة المائدة ، آية ١١٦.

٢ ـ سورة المائدة ، آية ١١٦.

١١٩

( الشبهة الثانية ) في قوله تعالى ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبٰادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ ) (١).

( الجواب ) المقصود من هذا الكلام تفويض الأمر إلى اللّه تعالى بالكلية وترك الاعتراض وتحقيق معنى ( لاٰ يُسْئَلُ عَمّٰا يَفْعَلُ ) (٢).

__________________

١ ـ سورة المائدة ، آية ١١٨.

٢ ـ سورة الأنبياء آية ٢٣ وقوله هذا في الجواب بناء على ما وضحه في تفسيره ٣ / ٤٨٦ : أنه يجوز على مذهبنا من الله أن يدخل الكفار الجنة وأن يدخل الزهاد والعباد النار لان الملك ملكه ولا اعتراض لاحد عليه.

١٢٠