مركز الأبحاث العقائديّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-01-0
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥٧٨
وسئل : هل روى سفيان الثوري عن أبي حنيفة شيئاً ؟ ـ قال : « معاذ الله ، سمعت سفيان الثوري يقول : ربّما استقبلني أبو حنيفة يسألني عن مسألة ، فأجيبه وأنا كاره ، وما سألته عن شيء قط » (١) .
(١١) وبسنده عن محمّد بن عصام بن يزيد الأصبهاني يقول : سمعت سفيان الثوري يقول : « أبو حنيفة ضالّ مضلّ » (٢) .
(١٢) وبسنده عن أبي ربيعة محمّد بن عوف قال : سمعت حماد بن سلمة يكنّي أبا حنيفة : أبا جيفة (٣) .
(١٣) وبسنده عن أسود بن سالم قال : قال أبو بكر بن عيّاش : « سوّد الله وجه أبي حنيفة » (٤) .
(١٤) وبسنده عن أحمد بن إبراهيم قال : قيل لشريك : أُستُـتيب أبو حنيفة ؟ قال : « قد علم ذاك العواتق في خدورهن » (٥) .
(١٥) وبسنده عن محمّد بن فليح المدني ، عن أخيه سليمان ـ وكان علامة بالناس ـ قال : إنّ الذي استتاب أبا حنيفة خالد القسري . قال : فلمّا رأي ذلك أخذ في الرأي ليعمى به .
وروى أنّ يوسف بن عمر استتابه ، وقيل : إنّه لمّا تاب رجع وأظهر القول بخلق القرآن ، فاستتيب دفعة ثانية . فيحتمل أن يكون يوسف استتابه مرّة ، وخالد استتابه مرّة ، والله أعلم (٦) .
______________________
(١) المصدر السابق ١٣ : ٤٠٥ ـ ٤٠٦ / ٥٨ .
(٢) المصدر السابق ١٣ : ٤١١ / ٨٧ .
(٣) المصدر السابق ١٣ : ٤٠٨ / ٧٠ .
(٤) المصدر السابق ١٣ : ٤١٠ / ٨٢ .
(٥) المصدر السابق ١٣ : ٣٧٨ / ٤٩ .
(٦) المصدر السابق ١٣ : ٣٧٨ / ٥٠ .
(١٦) وبسنده عن يحيى بن سعيد قال : سمعت شُعبة يقول : كفٌّ من تراب خير من أبي حنيفة (١) .
(١٧) وبسنده عن طريف بن عبد الله قال : سمعت ابن أبي شيبة ـ وذكر أبا حنيفة ـ فقال : أراد كان يهودياً (٢) .
القول في مالك بن أنس ( ت ١٧٩ هـ )
(١) قال يوسف بن عبد البرّ ( ت ٤٦٣ هـ ) ذاكراً من طعن في مالك : « وقد تكلّم ابن أبي ذئب في مالك بن أنس بكلام فيه جفاء وخشونة ، وكرهتُ ذِكْره ، وهو مشهور عنه .
وكان إبراهيم بن سعد يتكلّم ، وكان إبراهيم بن أبي يحيى يدعو عليه .
وتكلّم في مالك أيضاً ـ فيما ذكره الساجي في « كتاب العلل » ـ عبد العزيز ابن أبي سلمة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وابن إسحاق ، وابن أبي يحيى ، وابن أبي الزناد . وعابوا أشياء من مذهبه ، وتكلّم فيه غيرهم منه .
وتحامل عليه الشافعي ، وبعض أصحاب أبي حنيفة في شيء من رأيه حسداً لموضع إمامته » (٣) .
(٢) وقال الخطيب البغدادي أحمد بن علي ( ت ٤٦٣ هـ ) بسنده عن حسن بن زيد ، عند اجتماع مجموعة من الفقهاء عند أبي جعفر المنصور : فقال ابن أبي ذئب لمالك : « يا مالك داهنت وفعلت وفعلت وملت إلى الهوى » (٤) .
______________________
(١) المصدر السابق ١٣ : ٤١٩ / ١٢٦ .
(٢)المصدر السابق ١٣ : ٤١٥ / ١٠٣ .
(٣) جامع بيان العلم وفضله : ٤٧٤ / ١٥٦٩ .
(٤) تاريخ بغداد ٣ : ١٠١ / ١١٠٣ .
(٣) وبسنده عن أحمد بن حنبل قال : بلغ ابن أبي ذئب أنّ مالكاً لم يأخذ بحديث درر البيعين بالخيار ، قال : « يُستتاب وإلا ضربت عنقه » (١) .
(٤) وقال أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت ٨٥٢ هـ ) : ويقال : إنّ سعداً وعظ مالكاً فلم يرو عنه . حدّثني أحمد بن محمّد ، سمعت أحمد بن حنبل يقول : سعد ثقة ، فقيل له : إنّ مالكاً لا يحدّث عنه ، فقال : ومن يلتفت إلى هذا ، سعد ثقة رجل صالح .
وقال أحمد البرقي : سألت يحيى عن قول بعض الناس في سعد : أنّه كان يرى القدر ، وترك مالك الرواية عنه ، فقال : لم يكن يرى القدر ، وإنّما ترك مالك الرواية عنه لأنّه يتكلّم في نسب مالك ، فكان مالك لا يروي عنه ، وهو ثبت لا شكّ فيه » (٢) .
(٥) وقال الخطيب البغدادي ، أحمد بن علي ( ت ٣٦٤ هـ ) بسنده عن ابن وهب قال : سمعت مالكاً يقول : « كثير من هذه الأحاديث ضلال ، لقد خرجت مني أحاديث لوددت أنّي ضربت بكلّ حديث منها سوطين وأنّي لم أحدّث بها » (٣) .
(٦) وقال محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ( ت ٧٤٨ هـ ) : « إنّ مالكاً لم يشهد الجماعة خمساً وعشرين سنة » (٤) .
(٧) وقال أيضاً : عن الهيثم بن جميل قال : « سمعت مالكاً سُئل عن ثمان
______________________
(١) المصدر السابق ٣ : ١٠٣ . وانظر أيضاً العلل لأحمد بن حنبل ١ : ٥٣٩ ، وسير أعلام النبلاء للذهبي ٧ : ١٤٢ .
(٢) تهذيب التهذيب ٣ : ٤٠٣ .
(٣) معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري ( ت ٤٠٥ هـ ) : ٦١ ، تاريخ الإسلام للذهبي ( ت ٧٤٨ هـ ) ١١ : ٣٢٥ .
(٤) تذكرة الحفّاظ ١ : ٢١٠ .
وأربعين مسألة ، فأجاب عن اثنتين وثلاثين منها بـ « لا أدري » (١) .
(٨) وقال ابن العماد الحنبلي ( ت ١٠٨٩ ه ) : إنّ مالكاً بكى في مرض موته وقال : « والله لوددت أنّي ضُربت في كلّ مسألة أفتيت بها ، وليتني لم أُفت بالرأي » (٢) .
(٩) وفي فتاوى ابن الصلاح : أنّه ـ أي مالك ـ ربما يُسأل خمسين مسألة ، فلا يجيب في واحدة منها » (٣) .
(١٠) وقال يوسف بن عبد الله ( ت ٤٦٣ هـ ) بسنده عن الليث بن سعد أنّه قال : « أحصيت على مالك بن أنس سبعين مسألة كلّها مخالفة لسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ممّا قال فيها برأيه ، ولقد كتبت إليه في ذلك » (٤) .
القول في محمّد بن إدريس الشافعي ( ت ٢٠٤ هـ )
(١) قال يوسف بن عبد البرّ ( ت ٤٦٣ هـ ) : قيل ليحيى بن معين : والشافعي كان يكذب ؟ قال : « ما أحبّ حديثه ولا ذكره » (٥) .
(٢) وقال أيضاً : واشتهر عن يحيى أنّه كان يقول عن الشافعي : « إنه ليس بثقة » (٦) .
(٣) وقال أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت ٨٥٢ هـ ) عن محمّد ابن عبدالله بن الحكم أنّه قال : « كان الشافعي قد مرض من هذا الباسور
______________________
(١) سير أعلام النبلاء ٨ : ٧٧ .
(٢) شذرات الذهب ١ : ٢٩٢ .
(٣) فتاوى ابن الصلاح ١ : ١٣ .
(٤) جامع بيان العلم وفضله : ٤٥٥ .
(٥) المصدر السابق : ٤٥٥ .
(٦) المصدر السابق : ٤٧٣ .
مرضاً شديداً حتى ساء خُلقه ، فسمعته يقول : « إنّي لآتي الخطأ وأنا أعرفه » (١) .
(٤) وقال أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ٨٥٢ هـ ) : عن معمّر بن شبيب أنّه سمع المأمون يقول : امتحنت الشافعي في كلّ شيء فوجدته كاملاً ، وقد بقيت خصلة ، وهو أنّه أسقيه من الهندبا تغلب على الرجل الجيد العقل ، فحدّثني ثابت الخادم أنّه استدعى به فأعطاه رطلاً فقال : يا أمير المؤمنين ما شربته قط ، فعزم عليه فشربه ، ثمّ والى عليه عشرين رطلاً فما تغيّر عقله ولا زال عن فجّه » (٢) .
القول في أحمد بن حنبل ( ت ٢٤١ هـ )
(١) قال محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ( ت ٧٤٨ هـ ) : قال عبد الله ابن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : « وددتُ أنّي نجوت من هذا الأمر ، لا عليّ ولا لي » (٣) .
(٢) وفي فتاوى ابن صلاح : عن أبي بكر الأقرم قال : « سمعت أحمد بن حنبل يستفتى ، فيكثر أن يقول : « لا أدري » (٤) .
(٣) وفي مناقب الشافعي : قال الفخر الرازي : إنّه ـ يعني الإمام أحمد ـ « ما كان في علم المناظرة قوياً ، وهو الذي قال : لولا الشافعي لبقيت أقفيتنا كالكرة في أيدي أصحاب الري » (٥) .
______________________
(١) عوالي التأسيس لابن حجر : ٧٧ .
(٢) لسان الميزان ٦ : ٦٧ .
(٣) سير أعلام النبلاء ١١ : ٢٢٧ .
(٤) فتاوى ابن الصلاح ١ : ١٣ .
(٥) مناقب الشافعي : ٣٨٩ .
(٤) وقال أحمد بن علي بن حجر ( ت ٨٥٢ هـ ) : وقال ابن أبي خيثمة : « قيل لابن معين : إنّ أحمد يقول : إنّ علي بن عاصم ليس بكذاب .
فقال : لا والله ، ما كان علي عندي قطّ ثقة ، ولا حدّث عنه بشيء ، فكيف صار اليوم عنده ثقة » ؟ (١) .
(٥) وقال الخطيب البغدادي أحمد بن علي بن ثابت ( ت ٣٦٤ هـ ) : قال الحسين بن علي الكرابيسي في الطعن في أحمد : « أيش نعمل بهذا الصبي ؟ قلنا : ( مخلوق ) قال : بدعة . وإن قلنا : ( غير مخلوق ) قال : بدعة » (٢) .
أقوال باقي أعلام السنّة بعضهم بالبعض الآخر
(١) عن الأعمش قال : ذُكر إبراهيم ] بن يزيد بن الأسود ( ت ٩٤ أو ٩٦ هـ ) [ عند الشعبي ] عامر بن شراحبيل ( ت بعد ١٠٠ هـ ) [ فقال : « ذاك الأعور الذي يستفتى بالليل ويجلس ويفتي الناس بالنهار . قال : فذكرت ذلك لإبراهيم ، فقال : ذلك الكذّاب لم يسمع من مسروق شيئاً » (٣) .
(٢) عن سعيد بن جبير ( ت ٩٥ هـ ) أنّه قال في العمرة : هي واجبة ، فقيل له : إنّ الشعبي يقول : ليست بواجبة ، فقال : « كذب الشعبي » (٤) .
(٣) عن أيوب قال : قدم علينا عكرمة ] أبو عبد الله ، مولى ابن عباس ( ت ١٠٧ هـ ) [ فلم يزل يحدّثنا حتى صرت بالمربد ، ثم قال : « أيُحسنُ حَسنُكُم مثل هذا » ؟ (٥)
______________________
(١) تهذيب التهذيب ٧ : ٣٠٤ .
(٢) تاريخ بغداد ٨ : ٦٥ .
(٣) جامع بيان العلم وفضله : ٤٦٤ / ١٥٣٤ .
(٤) المصدر السابق ٤٦٦ / ١٥٤٤ .
(٥) المصدر السابق ٤٦٥ / ١٥٤١ .
ويقصد به الحسن البصري ( ت ١١٠ هـ ) .
(٤) وكان قتادة ] بن دعامة السدوسي (ت ١١٧ هـ) [ يقول : « متى كان العلم في السمّاكين ؟ يُعرّض بيحيى بن أبي كثير ( ت ١٣٢ هـ ) ، وكان أهل بيته سمّاكين » (١) .
(٥) عن محمّد بن الشعر بن مالك بن مغول قال : سمعت إسماعيل بن حمّاد ابن أبي حنيفة يقول : قال أبو حنيفة : « إن ابن أبي ليلى ليستحلّ مني ما لا استحلّه من بهيمة » (٢) .
(٦) قال أبو عمر يوسف بن عبد البرّ ( ت ٤٦٣ هـ ) : وروينا أنّ منصور بن عمّار ( ت القرن الثالث ) قصّ يوماً على الناس ، وأبو العتاهية ] إسماعيل بن القاسم بن سويد ( ت ٢١١ هـ ) [ حاضر فقال : إنّما سرق منصور هذا الكلام من رجل كوفي ، فبلغ منصوراً ، فقال : « أبو العتاهية زنديق » (٣) .
قول واحد في جماعة
(١) عن مغيرة قال : قدم علينا حمّاد بن أبي سليمان من مكّة ، فأتيناه لنسلّم عليه ، فقال لنا : « أحمدوا الله يا أهل الكوفة فإنّي لقيت عطاءً وطاووساً ومجاهداً ، فلصبيانكم وصبيان صبيانكم أعلم منهم » (٤) .
وحماد بن أبي سليمان ( ت ١٢٠ هـ ) هو أستاذ أبي حنيفة .
وعطاء بن السائب ( ت ١٢٦ هـ ) .
وطاووس بن كيسان اليماني ( ت ١٠٦ هـ ) .
______________________
(١) المصدر السابق ٤٦٩ / ١٥٥٧ .
(٢) تاريخ بغداد ١٣ : ٣٧٧ / ٤٤ .
(٣) جامع بيان العلم وفضله : ٤٧١ / ١٥٦١ .
(٤) المصدر السابق : ٤٦٢ / ١٥٢٦ .
ومجاهد بن جبر ( ت ١٠٣ هـ ) .
(٢) عن محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : قال لي محمّد بن إدريس الشافعي ( ت ٢٠٤ ه ) : « نظرت في كتب لأصحاب أبي حنيفة ، فإذا فيها مائة وثلاثون ورقة ، فعددت منها ثمانين ورقة خلاف الكتاب والسنّة » .
قال أبو محمّد : لأن الأصل كان خطأ فصارت الفروع ماضية على الخطأ (١) .
(٣) وقال أيّوب بن شاذ بن يحيى الواسطي صاحب يزيد بن هارون : سمعت يزيد بن هارون يقول : « ما رأيت قوماً أشبه بالنصارى من أصحاب أبي حنيفة » (٢) .
(٤) عن محمّد بن عبد الله الشافعي قال : سمعت إبراهيم بن إسحاق الحربي قال : سمعت أحمد بن حنبل ـ وسُئل عن مالك ـ فقال : « حديث صحيح ورأي ضعيف ، وسُئل عن الأوزاعي فقال : « حديث ضعيف ورأي ضعيف ، وسُئل عن أبي حنيفة فقال : لا رأي ولا حديث » (٣) .
(٥) وقال محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ( ت ٧٤٨ هـ ) : قال الشيخ أبو إسماعيل : قصدت الشيخ أبا حاتم بن حاموش الحافظ بالري ، وكان مقدّم أهل السنّة بالري ، وكلّ من يدخل الري يعرض اعتقاده عليه ، فلمّا قربت من الري كان معي في الطريق رجل من أهلها ، فسألني عن مذهبي ، فقلت : أنا حنبلي ، فقال : مذهب ما سمعت به وهذه بدعة ، وأخذ بثوبي وقال : لا أفارقك حتى أذهب بك إلى الشيخ أبي حاتم ، فقلت : خيراً ، فذهب بي إلى داره ، وكان له ذلك اليوم مجلس عظيم ، فقال : هذا سألته
______________________
(١) تاريخ بغداد ١٣ : ٤١٢ / ٩٠ .
(٢) المصدر السابق ١٣ : ٤١١ / ٨٩ .
(٣) المصدر السابق ١٣ : ٤١٨ / ١٢٢ .
عن مذهبه فذكر مذهباً لم أسمع به قط ، قال : ما قال ؟ قال : أنا حنبلي ، فقال : « دعه فكلّ من لم يكن حنبلياً فليس بمسلم » (١) .
قول جماعة في واحد
(١) ذكرنا في ما سبق أسماء الأعلام الذين تكلّموا في أبي حنيفة وطعنوا فيه ، وفي مقدّمتهم : مالك بن أنس ( ت ١٧٩ هـ ) ، ومحمد بن إدريس الشافعي ( ت ٢٠٤ هـ ) ، وأحمد بن حنبل ( ت ٢٤١ هـ ) .
وكذلك ذكرنا حمّاد بن أبي سليمان ( ت ١٢٠ هـ ) وهو أستاذ أبي حنيفة ، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ( ت ١٥٧ هـ ) ، وسفيان بن سعيد الثوري ( ت ١٦١ هـ ) ، وغيرهم .
(٢) قال الخطيب البغدادي أحمد بن علي بن ثابت ( ٤٦٣ هـ ) : حدّثنا محمّد بن علي بن مخلد الورّاق ـ لفظاً ـ قال في كتابي عن أبي بكر محمّد ابن عبد الله بن صالح الأسدي الفقيه المالكي قال : سمعت أبا بكر بن أبي داود السجستاني يوماً وهو يقول لأصحابه : ما تقولون في مسألة اتفق عليها مالك وأصحابه ، والشافعي وأصحابه ، والأوزاعي وأصحابه ، والحسن بن صالح وأصحابه ، وسفيان الثوري وأصحابه ، وأحمد بن حنبل وأصحابه ؟
فقالوا له : يا أبا بكر لا تكون مسألة أصحّ من هذه .
فقال : « هؤلاء كلّهم اتّفقوا على تضليل أبي حنيفة » (٢) .
(٣) ذكر أبو عمر يوسف بن عبد البرّ ( ت ٤٦٣ هـ ) من تكلّم وطعن في مالك بن أنس فقال : « وقد تكلّم ابن أبي ذئب في مالك بن أنس بكلام فيه جفاء وخشونة ، وكرهت ذكره ، وهو مشهور عنه ... وكان إبراهيم بن سعد
______________________
(١) تاريخ الإسلام ٣٣ : ٥٧ .
(٢) تاريخ بغداد ١٣ : ٣٨٢ ـ ٣٨٣ / ٦٦ .
يتكلّم ، وكان إبراهيم بن أبي يحيى يدعو عليه . وتكلّم في مالك أيضاً ـ في ما ذكره الشاجي في « كتاب العلل » ـ عبد العزيز بن أبي سلمة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وابن إسحاق ، وابن أبي يحيى ، وابن أبي الزناد ، وعابوا أشياء من مذهبه ، وتكلّم فيه غيرهم ... وتحامل عليه الشافعي وبعض أصحاب أبي حنيفة في شيء من رأيه حسداً لموضع إمامته » (١) .
قول واحد بأهل بلد كافة ونسبتهم إلى الجهل
(١) عن مغيرة ، عن حمّاد بن أبي سليمان ، أنّه ذكر أهل الحجاز فقال : « قد سألتهم فلم يكن عندهم شيء ، والله لصبيانكم أعلم منهم ، بل صبيان صبيانكم » (٢) .
وذكرنا أنّ حماد بن أبي سليمان ( ت ١٢٠ هـ ) هو أستاذ أبي حنيفة .
(٢) عن ابن وهب قال : قال مالك ـ وذكر عنده أهل العراق ـ فقال : « انزلوهم عندكم بمنزلة أهل الكتاب ، ولا تصدّقوهم ولا تكذّبوهم ( وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ ) » (٣) .
(٣) وقال سعيد بن منصور : كنت عند مالك بن أنس ، فأقبل قوم من أهل العراق فقال ( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) (٤) .
(٤) وقال عبد الله بن وهب : سُئل مالك بن أنس عن مسألة فأجاب فيها ، فقال له السائل : إنّ أهل الشام يخالفونك فيها فيقولون كذا وكذا . قال :
______________________
(١) جامع بيان العلم وفضله : ٤٧٤ / ١٥٦٩ .
(٢) المصدر السابق : ٤٦٢ / ١٥٢٥ .
(٣) العنكبوت ٢٩ : ٤٦ ، جامع بيان العلم وفضله : ٤٦٨ ـ ٤٦٩ / ١٥٥٣ .
(٤) الحجّ ٢٢ : ٧٢ ، جامع بيان العلم وفضله : ٤٦٩ / ١٥٥٥ .
« ومتى كان هذا الشأن بالشام ؟! إنّما هذا الشأن وقف على أهل المدينة والكوفة » (١) .
الطعن بالشعر
وكان للشعراء ـ ولا زال ـ دور في ذكر هذه الطعون إذ أوردوها في مقطوعاتهم الشعرية ، نذكر منها :
(١) قال أحمد بن علي الخطيب البغدادي ( ت ٤٦٣ هـ ) في تاريخ بغداد بسنده عن علي بن صالح البغوي ، قال : أنشدني أبو عبد الله محمّد بن يزيد الواسطي لأحمد بن المعدّل :
إن كنت كاذبة التي حدّثتني |
|
فعليكِ أثم أبي حنيفة أو زفر |
المائلين إلى القياس تعمّداً |
|
والراغبين عن التمسّك بالخبر (٢) |
(٢) وقال فيه أيضاً : وقال بعض الشعراء :
إذا ذُو الرأي خاصم عن قياس |
|
وجاء ببدعة هنة سخيفة |
أتيناه بقول الله فيها |
|
وآيات محبرة شريفة |
فكم من فرج مُحصنة عفيف |
|
اُحلّ حرامها بأبي حنيفة (٣) |
(٣) ذكر أبو عمر يوسف بن عبد البرّ ( ت ٤٦٣ هـ ) في كتابه صحيح جامع بيان العلم وفضله أنّ أبا سعيد الرازي هجا أهل المدينة ومدح أهل الكوفة بمقطوعة شعرية ، منها :
لا تسألنّ مدينياً فتُحرجه |
|
إلا عن اليمّ والممشاة والزير |
______________________
(١) جامع بيان العلم وفضله : ٤٧٠ / ١٥٥٩ .
(٢) تاريخ بغداد ١٣ : ٣٩٣ / ٣٠ .
(٣) المصدر السابق ١٣ : ٤٠٩ / ٧٩ .
فردّ عليه أحد شعراء المدينة بقوله :
لقد عجبت لغاوٍ ساقهُ قدرٌ |
|
وكلُّ أمرٍ إذا ما حمَّ مقدور |
قال المدينة أرضٌ لا يكون بها |
|
إلا الغناء وإلا اليم والزير |
لقد كذبتَ لعمر الله إنّ بها |
|
قبر الرسول وخير الناس مقبور (١) |
(٤) وقال محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي ( ت ٥٣٨ هـ ) :
إذا سألوني عن مذهبي لم أبح |
|
به وأكتمه كتمانه لي أسلم |
فإن حنفياً قلت قالوا بأنني |
|
أُبيح الطلا وهو الشراب المحرّم |
وإن مالكياً قلت قالوا بأنني |
|
أبيح لهم أكل الكلاب وهم هم |
وإن حنبلياً قلت قالوا بأنني |
|
ثقيل حلولي بغيض مجسّم |
وإن قلت من أهل الحديث وحزبه |
|
يقولون تيس ليس يدري ويفهم (٢) |
(٥) وقال أحد الشعراء :
الشافعي من الأئمة قائل |
|
اللعب بالشطرنج غير حرام |
وأبو حنيفة قال وهو مصدّق |
|
في كلّ ما يروي من الأحكام |
شرب المثلّث والمربّع جائز |
|
فاشرب على طرب من الأيام |
وأباح مالكٌ القفا تطرّقاً |
|
وبه قوام الدين والإسلام |
والحبر أحمد حلّ جلد عميرة |
|
وبذاك يُستغنى عن الأرحام |
فاشرب ولُط وازنٍ وقـامر واحتج |
|
فـي كـلّ مسـألـة بقول إمـام (٣) |
* * *
______________________
(١) صحيح جامع بيان العلم وفضله : ٤٧٢ / ١٥٦٣ .
(٢) الفائق في غريب الحديث ١ : ٧ ، الكشّاف عن حقائق التنزيل ٤ : ٣١٠ .
(٣) من فقه الجنس : ٢١٢ نقلاً عن مختصر العلم والعمل لابن عبد البرّ المطبوع بهامش مبيد النقم ومعيد النعم .
خاتمة البحث
لم نورد هذه الأقوال والطعون التي صدرت من كبار علماء أتباع مدرسة الخلفاء بعضهم في البعض الآخر ، لم نوردها لأجل النيل منهم ، فكلّهم علماء الإسلام ، نحترمهم كعلماء ، لهم آراؤهم الخاصّة بهم ، وهم المسؤولون عنها يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون .
وإنّما أوردها ردّاً على ما نشاهده هذه الأيام من رمي أتباع مدرسة أهل البيت عليهمالسلام بمختلف الألفاظ الشنيعة : مبتدع ، ضالّ ، كافر . لا لسبب ، بل لأنّهم يدافعون عن آرائهم وعقيدتهم في أهل البيت عليهمالسلام ، ويقيمون على ذلك الحجج والبراهين الساطعة .
في الوقت الذي نرى المخالفين يسكتون عمّا أورده كبار علمائهم من الطعون بعضهم في البعض الآخر ، ويتحاملون علينا إذا ذكر أحدُنا أحد علمائهم أو طعن ببعضهم بجرحٍ أو عدم توثيق أو نسبته إلى الجهل أحياناً ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .
هذه الموسوعة
لا يخفى على أحد أهميّة استخدام الوسائل التقنيّة الحديثة ، التي أصبحت في زماننا هذا من أهم وسائل الاتصال وتبادل المعلومات في العالم .
فمن هذا المنطلق سعى مركز الأبحاث العقائديّة أن يستخدم أمثال هذه الوسائل ، ومنها الانترنيت الذي يشكّل في زماننا المعاصر أحدث الأجهزة تقريباً لبث المعلومات وإيصالها إلى الآخرين .
وقد استخدم المركز هذه الوسيلة في عدّة مجالات :
أ ـ التعرّف على مواقع الشيعة على الانترنيت وإيجاد الصلة المباشرة معها لأجل التعاون وتبادل النظر ، وقد تمّ لحدّ الآن التعرّف على مئات المواقع في هذا المجال .
ب ـ البحث عن مواقع خصوم الشيعة والنظر والتأمل فيما تنشره هذه المواقع ، ليحاول المركز أن يُنشئ ساحة حوار هادئة مع هذه المواقع ، وليسعه أيضاً أن يحيط بالتيّارات المضادّة والحركات المغرضة التي تستهدف تعكير المياه لتصطاد في الماء العكر .
ج ـ متابعة أهم الصحف والمجلّات والنشريات التي تنشر باللغة العربية عبر الانترنيت ، حيث يقوم المركز بمتابعة عشرات الصحف والمجلّات يومياً من مجموع ٢٥ دولة ، لينتقي عبر ذلك أحدث المعلومات المرتبطة بالتشيّع ، وليتم التعرّف على ما يستجد في الساحة العالمية من تحركات ضد مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، ثمّ تنقل هذه المعلومات إلى قسم الوثائق في المركز ليتمّ لحاظها وتنظيمها وترتيبها في الملفات الخاصة بها .
د ـ ترتيب وتنظيم مقالات علميّة حول مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، أو مسابقات حول مسائل العقيدة ، وإرسالها عبر البريد الالكتروني إلى عشرات الآلاف ، وذلك بعد تجميع العناوين بشتى الطرق .
ه ـ إنشاء « الشبكة العالمية لمركز الأبحاث العقائدية » ، وهي شبكة مستقلّة مختصة بالأبحاث العقائدية والمسائل الخلافيّة على ضوء مباني أهل البيت عليهمالسلام .
وهذه الشبكة التي يزورها آلاف الأشخاص
من أكثر دول العالم ، لها مكانتها المرموقة في الانترنيت من بين المواقع الإسلامية ، ويرجع ذلك إلى تخصّصها ، ممّا جعلها تكون مرجعاً للجميع ، تبيّن عقائد مذهب أهل
البيت عليهمالسلام وتردّ الشبهات عنه ، ممّا أدّى ذلك إلى تحامل الأعداء وغيظهم عليها ، حتّى أنّهم حاولوا عدّة مرّات النفوذ إليها لتخريبها ، ولكن باءت محاولاتهم بالفشل ، والحمد لله .
وللأهمية القصوى لمحتويات هذه الشبكة ، اقتبست أكثر الشبكات والمواقع الشيعية الكثير من مطالبها ووضعتها في مواقعها المباركة ، وذلك بعد أن أذن المركز للجميع الاقتباس من شبكته بشرط الحفاظ على الأمانة العلمية في النقل وذكر المأخذ .
وهذه الشبكة تحتوي :
١ ـ المكتبة العقائدية ، والتي تشمل نصّ مئات الكتب والمقالات .
٢ ـ المسبتصرون ، ويحتوي على الأقسام التالية :
من حياة المستبصرين ، مؤلّفات المستبصرين ، المستبصرون يتحدّثون معكم ، مواقع المستبصرين ، اتصال المستبصرين بالمركز ، مساهمات المستبصرين .
٣ ـ الشيعة والتشيّع ، ويحتوي على الأقسام التالية :
معرفة الشيعة في العالم ، مواقع الشيعة على الانترنيت ، مؤسسات الشيعة في العالم .
٤ ـ الندوات العقائدية ، وهذا الحقل يحتوي على كافة الندوات العقائدية التي عُقدت في المركز ، وهي مرتبة حسب الترتيب الزمني ، والموضوع ، وأسماء المحاضرين .
٥ ـ الأسئلة العقائدية ، ويحتوي على كافة الأسئلة العقائدية التي ترد إلى المركز يومياً ، والتي تجيب عليها لجنة مختصة بذلك من داخل المركز وخارجه .
وهذه الأسئلة يختلف مستواها حسب مستوى السائل ، وكذلك تكون الأجوبة مختلفة من حيث الكم والعمق العلمي .
وقد وجد المركز ضرورة إصدار هذه الأسئلة العقائدية مع أجوبتها في موسوعة خاصة تصدر تباعاً ، كي يستفيد منها عموم القرّاء ، فجاءت هذه الأجزاء الخمسة ـ التي بين أيديكم ـ كدفعة أولى منها ، مرتبة حسب الحروف الألفبائية ، والتي تحتوي على ألف وخمسمائة سؤال تقريباً .
شكر وتقدير
وفي الختام نتقدّم بجزيل الشكر والتقدير لكلّ من ساهم في إصدار هذه الموسوعة من أعضاء مركز الأبحاث العقائدية في مدينتي قم المقدّسة والنجف الأشرف ، وهم :
(١) الشيخ محمّد رضا السلامي .
(٢) الشيخ حسن الكاتبي .
(٣) السيّد محمّد علي الحلو .
(٤) الشيخ عبّاس الحسّون .
(٥) الشيخ لؤي المنصوري .
كما نقدّم جزيل شكرنا وتقديرنا لأساتذة الحوزة العلمية آيات الله وحجج الإسلام والمسلمين ممّن ساهم في الإجابة على بعض هذه الأسئلة ، وهم :
(١) السيّد علي الميلاني .
(٢) الشيخ محمّد باقر الإيرواني .
(٣) الشيخ محمّد السند .
(٤) الشيخ محمّد رضا الجعفري .
(٥) السيّد عادل العلوي .
كما نشكر الأخ الشيخ أمين نجف الذي أخذ على عاتقه مهمّة التنظيم النهائي لهذه الأسئلة وترتيبها وتوحيدها على نسق واحد .
كما لا بدّ لنا أن لا ننسى المرحوم المغفور له المدافع عن مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، مؤسس هذا المركز المبارك ، الأخ الشيخ فارس الحسّون الذي ساهم في الإجابة على الأسئلة ، وكانت مهمة المراجعة النهائية عليه قبل إرسال الأجوبة لأصحابها ، تغمّده الله بواسع رحمته وحشره مع النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآله وأهل بيته الطاهرين الطيّبين ، وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين .
|
محمّد الحسّون مركز الأبحاث العقائدية ٢٢ ربيع الآخر ١٤٢٨ هـ الصفحة على الانترنت : site .aqaed .com/Mohammad البريد الالكتروني : mohammad@aqaed .com |
دليل كتاب
مقدمة المركز ................................................................... ٥
آية المباهلة ................................................................... ٦١
آية المودّة .................................................................... ٦٧
آية الولاية .................................................................... ٧٩
ابن تيمية .................................................................... ٨٩
ابن عباس .................................................................. ١١٣
أبو بكر .................................................................... ١١٩
أبو طالب .................................................................. ١٩٥
أبو هريرة ................................................................... ٢٠٧
الاجتهاد والتقليد ............................................................ ٢١١
إحسان إلهي ظهير ........................................................... ٢١٩
الأذان والإقامة .............................................................. ٢٢٣
الارتداد .................................................................... ٢٣٩
الاستخارة .................................................................. ٢٤٩
استعارة الفروج .............................................................. ٢٦١
الإسراء والمعراج .............................................................. ٢٦٥
الإسماعيلية ................................................................. ٢٧١
أُصول الدين وفروعه ......................................................... ٢٨٩
أعلام وكتب ................................................................ ٣٠١
إقامة المجالس لإحياء أمر أهل البيت عليهمالسلام ..................................... ٤٢٣
الإلهيات ................................................................... ٥٠١
فهرس المحتويات ............................................................. ٥٦٥