موسوعة الأسئلة العقائديّة - ج ١

مركز الأبحاث العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة - ج ١

المؤلف:

مركز الأبحاث العقائديّة


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-01-0
ISBN الدورة:
978-600-5213-00-3

الصفحات: ٥٧٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

١

٢

٣
٤

مقدّمة المركز

بقلم : الشيخ محمد الحسون

الحمدُ لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى آله الطيّبين الطاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين .

انقسم المسلمون بعد وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قسمين :

الأوّل : قال بإمامة وخلافة سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ورفض خلافة أبي بكر ومن تبعه من بعده .

الثاني : قال بخلافة أبي بكر ومن تبعه ، ورفض إمامة وخلافة الإمام علي عليه‌السلام .

والقسم الأوّل يسمّون بالشيعة ، وأتباع مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام .

والقسم الثاني يسمّون بالسنّة ، وأتباع مدرسة الخلفاء .

أمّا تسمية القسم الأوّل بـ « الرافضة » أو « الروافض » خاصةً ، دون غيرهم من المسلمين ، فهي تسمية باطلة ، لا أساس لها ؛ إذ سمعنا الكثير من علماء السنّة يعلّلون هذه التسمية للشيعة : بأنّهم رفضوا خلافة أبي بكر لذلك سمّوا بالرافضة ؛ إذ السنّة أيضاً رفضوا إمامة وخلافة الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فلماذا لا يسمّون بالرافضة ؟!

وقال لي بعض علمائهم معلّلاً هذه التسمية : أنتم رفضتم الحقّ لذلك سمّيناكم رافضة .

٥

فأجبته : هذا أوّل الكلام ، فكلّ مذهب يدّعي أتباعه أنّهم على الحقّ ، وغيرهم على الباطل .

وعلى كلّ حال ، فإنّ هذا الاختلاف بين المسلمين مبنيّ على اختلافهم في منصب الإمامة .

فالشيعة الإمامية يذهبون إلى أنّه منصب إلهي جعلي ، شأنه في ذلك شأن منصب النبوّة ، فكما أنّ الباري عزّ وجلّ هو الذي يختار من بين البشر أنبياءً ، كذلك هو الذي يختار من بينهم أئمة وخلفاء ، وليس للمسلمين دخل في هذا الأمر .

والسنّة يذهبون إلى أنّه ليس كمنصب النبوّة ، بل أنّ الله سبحانه وتعالى أوكل هذا الأمر إلى المسلمين ، فإذا توفّي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يجب على المسلمين أن يجتمعوا وينتخبوا خليفة لهم ، ولذلك فقد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة ، واختاروا من بينهم أبا بكر للخلافة .

ونحن نناقش في اجتماع المسلمين بعد وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذ لم يحضر فيه خيرة الصحابة كعليّ عليه‌السلام وبني هاشم ، وسلمان والمقداد وأبي ذر وغيرهم .

إضافةً لذلك فنحن نسألهم هذا السؤال : ما هي المواصفات التي يجب أن تتوفّر في الشخص الذي يجب على الأمة أن تنتخبه ؟ فهل تضعون شروطاً خاصة ، أو أنّ الأمّة يحقّ لها أن تنتخب من شاءت ؟ كما يحقّ لكلّ مسلم أن يرشّح نفسه لهذا المنصب الخطير ؟

فعند مراجعتنا لأمهات كتبهم في هذا المجال : كالمواقف للقاضي الإيجي ، وشرحه للشريف الجرجاني ، وشرح القوشجي على التجريد ، وشرح المقاصد لسعد الدين التفتازاني ، وغيرها من المصادر الرئيسية عندهم .

٦

نراهم يشترطون ثلاثة شروط في الذي يجب على الأمّة أن تنتخبه لهذا المنصب ، وهي :

الأول : العلم ، أي يكون عالماً بالأصول والفروع بحيث يمكنه من إقامة الحجج والبراهين على أحقيّة الإسلام ، ويمكنه دفع الشبهات الواردة من الكفّار .

الثاني : العدالة ، أي العدالة في سيرته وسلوكه مع الناس ، وفي حكمه بينهم ، والعدالة في تقسيم الأموال .

الثالث : الشجاعة ، أي يكون شجاعاً بحيث يمكنه تجهيز الجيوش والدفاع عن الدين .

ولو وجّهنا هذا السؤال لكلّ مسلم منصف بغضّ النظر عن انتمائه المذهبي ، وهو : في أيّ شخص تتوفّر هذه الشروط بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ أي من هو أعلم الصحابة وأعدلهم وأشجعهم ؟

فهل يستطيع أحد من المسلمين المنصفين أن يتجاوز عليّاً عليه‌السلام في كونه أعلم الصحابة وأعدلهم وأشجعهم ؟

والتاريخ أمامنا مليء بما يدلّ على هذا ، ولو أردنا إيراد ما لدينا من أدلّة في كون علي عليه‌السلام أعلم الصحابة وأعدلهم وأشجعهم ، لاحتجنا إلى مصنّفات كثيرة ، ومن شاء الاطلاع والوقوف على حقيقة الأمر ، عليه أن يراجع مصادر السنّة نفسها ـ فضلاً عن مصادر الشيعة ـ ليقف بنفسه على صحة ما ندّعيه .

ومن أجل التخلّص من هذا الإشكال ، نرى من السنّة مَن ذهب إلى القول بجواز تقديم المفضول على الفاضل .

٧

ولا نريد الدخول في تفاصيل هذا الموضوع ، حتّى لا نخرج عن هدف المقدّمة ، وهو موكول إلى محلّ آخر إن شاء الله .

ما الذي يمثّل رأي المذهب الإسلامي ؟

عرفنا في ما تقدّم من الكلام ، أنّ المسلمين اختلفوا في أمر مهم وأساسي ، وهو الإمامة .

والاختلافات الواردة بين المسلمين ، سواء في العقائد والأحكام وغيرها ، ناشئة من ذلك الاختلاف :

إذ الشيعة يعتقدون بعصمة الإمام علي عليه‌السلام وأولاده الأئمة عليهم‌السلام ، وكون كلامهم وفعلهم وتقريرهم حجّة عليهم ، كما هو ثابت للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّ السنّة ـ وهي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن ـ تشمل أحاديث الأئمة عليهم‌السلام كما تشمل أحاديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأتباع مدرسة الخلفاء لا يرون هذا المقام للإمام علي عليه‌السلام ولأولاده المعصومين عليهم‌السلام ، إذ الحجّة عندهم قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقط ، أما الأئمة عليهم‌السلام وإن كانوا من أهل البيت ، ويجب احترامهم وحبّهم ، إلا أنّهم يعتبرونهم من الأصحاب والتابعين والرواة والعلماء .

ونتيجة لذلك فقد اختلفت الأحكام بين السنّة والشيعة ، بل اختلفت حتّى في دائرة أحدهما ، فانقسم السنّة إلى مذاهب كثيرة انتشر أربعة منها وهي : الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنبلية .

وانقسم الشيعة إلى عدّة مذاهب أيضاً عبر القرون الماضية ، انقرض أكثرها ، وبقي منها ثلاثة : الإمامية ، والزيدية ، والإسماعيلية وإن كانت الأخيرتان قليلة جداً الآن قياساً إلى الأولى .

٨

وظهرت للمسلمين عموماً مباني وآراء جديدة لم تكن موجودة سابقاً ، لذلك تشعّبت آراؤهم واختلفت أحكامهم ، ممّا أدى ببعض العلماء إلى جمع هذه الآراء والأحكام المختلفة في كتب خاصة بها .

وكلّ واحد من أصحاب هذه الآراء والأحكام يذهب إلى صحّة ما يدّعيه ، ويُخطّئ من خالفه ، بل وصل الأمر إلى أكثر من هذا أحياناً ، إذ طعن بعضهم بمخالفه ورماه بالجهل ، بل بالفسق ، بل بالخروج عن المذهب ، أو الخروج عن الدين .

لذلك نشاهد بعض السنّة يذهب إلى تكفير الشيعة والطعن بأعلامهم ، لا لسبب ، بل لأنهم شيعة ، بل ذهبوا إلى أكثر من ذلك إذ وثّقوا مخالفيهم ورووا الحديث عنهم وإن كانوا ارتكبوا الجرائم البشعة كقتل الإمام الحسين عليه‌السلام .

بل إنّ أتباع المذاهب السنيّة المختلفة طعن بعضهم بالبعض الآخر ، واتهمه بالخروج عن الدين أحياناً ، وسوف نورد جملة من هذه الأقوال قريباً .

والآن فلنورد هذا السؤال : ما الذي يمثّل رأي كلّ مذهب إسلامي ؟

فنقول : لا شكّ أنّ في كلّ مذهب آراء شاذّة ، أي قال بها عدد قليل من علماء ذلك المذهب . فهل أنّ هذه الآراء الشاذّة هي التي تمثّل ذلك المذهب ؟ أو أنّ الذي يمثّله آراء أكثر علماء المذهب ؟ الذي يعبّر عنه بالمشهور ؟

ومن الطبيعي أن يكون جواب : أنّ ما عليه أكثر علماء أي مذهب إسلامي هو الذي يمثّل رأي ذلك المذهب ، ولا يُلتفت إلى الآراء الشاذّة التي قال بها عدد قليل من العلماء .

٩

كلمات بعض علماء السنّة في الشيعة وأعلامهم :

وهي تشمل على :

(أ) اختلاق روايات عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذمّ الرافضة .

(ب) كلام بعض علمائهم في ذمّ الرافضة .

(ج) ذمّ رواة الشيعة وأعلامهم ؛ لأنّهم رافضة .

(د) مدح وتوثيق أعداء أهل البيت عليهم‌السلام المعروفين بالنصب الذي كانوا يسبّون عليّاً عليه‌السلام،والّذين شاركوا في قتل الإمام الحسين عليه‌السلام .

(هـ) فتاوى بعض علماء السنّة المتأخّرين في تكفير الشيعة .

(١) أخرج علي بن أبي بكر الهيثمي ( ت ٨٠٧ هـ ) في مجمع الزوائد : « إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي : يا علي سيكون في أمّتي قوم ينتحلون حبّ أهل البيت ، لهم نبز يُسمّون الرافضة ، قاتلوهم فإنّهم مشركون » .

وعلّق عليه بقوله : « رواه الطبري ، وإسناده حسن » (١) .

(٢) قال أحمد بن حجر الهيتمي ( ت ٩٧٣ هـ ) بعد ما نقل أحاديث في تبديع وتضليل والتوعّد بالنار لأهل البدع : « وسيتلى عليك ما تعلم منه علماً قطعياً أنّ الرافضة والشيعة ونحوهما من أكابر أهل البدعة ، فيتناولهم هذا الوعيد الذي في هذه الأحاديث ، على أنه ورد فيهم أحاديث بخصوصهم » .

وأخذ بنقل الأحاديث التي تكفّر الرافضة (٢) .

(٣) حكى محمّد عبد الحليم بن تيمية ( ت ٧٢٨ هـ ) عن عبد الله بن

______________________

(١) مجمع الزوائد ٩ : ٧٤٩ .

(٢) الصواعق المحرقة ١ : ١٢ .

١٠

ادريس ( ت ١٩٢ هـ ) قوله : « ما آمن أن يكونوا قد ضارعوا (١) الكفّار ـ يعني الرافضة ـ » (٢) .

(٤) قال محمّد بن أبي سهل السرخسي ( ت ٤٨٣ هـ ) في المبسوط : « وأما الروافض قاتلهم الله تعالى فيأخذون بقول أهل الكتاب ويحرّمون الخِريَت » (٣) .

(٥) قال عبد الكريم بن محمّد بن منصور السمعاني ( ت ٥٦٢ هـ ) في الأنساب : « قال الشعبي : لعن الله الروافض لو كانوا من الطير لكانوا رُخماً ، ولو كانوا من الدواب لكانوا حمراً » (٤) .

(٦) قال محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ( ت ٧٤٨ هـ ) في سير أعلام النبلاء ، في كلامه عن العشرة المبشّرين بالجنّة : « فأبعد الله الرافضة ما أغواهم وأشدّهم !! كيف اعترفوا بفضل واحد منهم وبخسوا التسعة » (٥) .

وقال في مكان آخر : « لكن الرافضة قوم جهلة ، قد هوى بهم الهوى في الهاوية ، فبعداً لهم » (٦) .

وقال أيضاً نقلاً عن الشافعي أنّه قال : « لم أرَ أحداً أشهد بالزور من الرافضة » (٧) .

______________________

(١) أي شابهوا .

(٢) الصارم المسلول ١ : ٥٨١ .

(٣) المبسوط ١١ : ٢٣٠ .

(٤) الأنساب ٥ : ٢١٨ .

(٥) سير أعلام النبلاء ١ : ٤٠ .

(٦) المصدر السابق ٦ : ٢٥٥ .

(٧) المصدر نفسه ١٠ : ٨٩ .

١١

وقال في ميزان الاعتدال : « قال أشهب : سُئل ما لك عن الرافضة فقال : لا تكلّمهم ولا تروِ عنهم فإنهم يكذبون » .

وقال حرملة : سمعت الشافعي يقول : لم أرَ أشهد بالزور من الرافضة .

وقال مؤمل بن أهاب : سمعت يزيد بن هارون يقول : يُكتب عن كلّ صاحب بُدعة إذا لم يكن داعية إلى الرافضة ، فإنهم يكذبون .

وقال محمّد بن سعيد ابن الأصبهاني : سمعت شريكاً يقول : إحمل العلم عن كلّ من لقيت ، إلا من الرافضة ، يضعون الحديث ويتّخذونه ديناً (١) .

(٧) قال محمّد بن يوسف الصالحي الشامي ( ت ٩٤٢ هـ ) في سبيل الهدى والرشاد : « وأمّا أعداء الله الرافضة فيقولون : عزله بعلي (٢) ، وليس هذا ببدع من بهتهم وافترائهم » (٣) .

(٨) في ترجمة مروان بن الحكم ، قال أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت ٨٥٢ هـ ) في تهذيب التهذيب : « وعاب الإسماعيلية على البخاري تخريج حديثه ، وعدّ من موبقاته أنّه رمى طلحة ـ أحد العشرة ـ يوم الجمل ، وهما جميعاً مع عائشة ، فقتل ، ثمّ وثب على الخلافة بالسيف » (٤) .

ومعلوم لدى الجميع أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سمّاه وزغاً ، ولعنه ، ورفض أن يدعو له .

قال محمّد بن عبد الله الحاكم النيسابوري ( ت ٤٠٥ هـ ) في المستدرك ،

______________________

(١) ميزان الاعتدال ١ : ٢٧ .

(٢) أي في إبلاغ سورة البراءة .

(٣) سبل الهدى والرشاد : ٣١٠ .

(٤) تهذيب التهذيب ١٠ : ٨٢ .

١٢

نقلاً عن عبد الرحمن بن عوف أنّه قال : « كان لا يولد لأحدٍ مولود إلا أُتي به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فدعا له ، فأُدخل عليه مروان بن الحكم ، فقال : « الوزغ بن الوزغ الملعون بن الملعون » .

ثم قال : « وهذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرّجاه » (١) أي البخاري ومسلم .

ومعلوم أنّ مروان بن الحكم كان يسبّ علي بن أبي طالب عليه‌السلام في خطبة الصلاة .

قال محمّد بن علي بن محمّد الشوكاني ( ت ١٢٥٥ هـ ) في نيل الأوطار : « كانوا في زمن مروان يتعمّدون ترك سماع الخطبة ؛ لما فيها من سبّ من لا يستحقّ السبّ ـ وهو علي ـ والإفراط في مدح بعض الناس ـ وهو معاوية ـ » (٢) .

ونفس هذا الكلام قاله قبله ابن حجر ( ت ٨٥٢ هـ ) في فتح الباري (٣) .

وقال محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ( ت ٧٤٨ هـ ) في ميزان الاعتدال : « وله أعمال موبقة ، نسأل الله السلامة ، رمى طلحة بسهم ، وفعل وفعل » (٤) .

وقال في سير أعلام النبلاء : « فلمّا رأى الهزيمة رمى طلحة بسهم فقتله ، وجرح يومئذٍ ... وكان يوم الحرّة مع مسرف بن عقبة يحرّضه على قتال أهل المدينة » (٥) .

(٩) في ترجمة عمر بن سعد ، قال ابن حجر ( ت ٨٥٢ هـ ) في تقريب

______________________

(١) مستدرك الصحيحين ٤ : ٤٧٩ . وانظر : الفتن للمروزي ( ت ٢٨٨ هـ ) : ٧٣ ، وإمتاع الأسماع للمقريزي ( ت ٨٤٥ هـ ) ١٢ : ٢٧٥ ، والسيرة الحلبية للحلبي ( ت ١٠٤٤ هـ ) ١ : ٥٠٩ .

(٢) نيل الأوطار ٣ : ٣٧٥ .

(٣) فتح الباري ٢ : ٣٧٦ .

(٤) ميزان الاعتدال ٤ : ٨٩ .

(٥) سير أعلام النبلاء ٣ : ٧٩ .

١٣

التهذيب : « صدوق ، ولكنه مقته الناس لكونه كان أميراً على الجيش الّذين قتلوا الحسين بن علي » (١) .

علماً بأن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي ( ت ٢٦١ هـ ) عدّه من الثقات وذكره في كتابه ( معرفة الثقات ) قائلاً : « مدني ثقة ، كان يروي عن أبيه أحاديث ، وروى الناس عنه ، وهو الذي قتل الحسين » (٢) .

(١٠) وفي ترجمة شبث بن ربعي ، وثّقه عدّة من الحفاظ ، وعدّه أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي ( ت ٢٦١ هـ ) من الثقات وأورده في كتابه ( معرفة الثقات ) قائلاً : « كان أوّل من أعان على قتل عثمان ـ رضي الله عن عثمان ـ وهو أول من حرّر الحرورية ، وأعان على قتل الحسين بن علي » (٣) .

وقال أبو الحجّاج يوسف المزّي ( ت ٧٤٢ هـ ) في تهذيب الكمال : « وقال الدارقطني : يقال : إنّه كان مؤذّن سجاح ثم أسلم بعد ذلك ، روى له أبو داود والنسائي ... » (٤) .

وأورد خير الدين الزركلي ( ت ١٣٦٩ هـ ) ترجمته مشيراً إلى تأريخه الأسود قائلاً : « أدرك عصر النبوّة ، ولحق بسجاح المنبئة ، ثم عاد إلى الإسلام ، وثار على عثمان ، وكان ممّن قاتل الحسين ، ثمّ ولي شرطة الكوفة » (٥) .

وموقف هذا الرجل يوم العاشر من المحرّم سنة ٦١ هـ معروف ، فهو أحد قادة الجيش الذين خرجوا لقتال الحسين عليه‌السلام ، وله مواقف مخزية ذلك اليوم .

______________________

(١) تقريب التهذيب ١ : ٧١٧ .

(٢) معرفة الثقات ٢ : ١٦٦ .

(٣) معرفة الثقات ١ : ٤٤٨ .

(٤) تهذيب الكمال ١٢ : ٣٥٢ .

(٥) الأعلام ٣ : ١٥٤ .

١٤

(١١) وفي ترجمة الخارجي عمران بن حطّان ، يقول أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت ٨٥٢ هـ ) في تهذيب التهذيب : « قال العجلي : بصري تابعي ثقة .

وقال أبو داود : ليس من أهل الأهواء أصحّ حديثاً من الخوارج ، ثمّ ذكر عمران بن حطّان .

وذكره ابن حبّان في الثقات .

وقال يعقوب بن شيبة : أدرك جماعة من الصحابة ، وصار في آخره أن رأى رأي الخوارج ، وكان سبب ذلك فيما بلغنا أن ابنة عمّه رأت رأي الخوارج ، فتزوّجها ليردّها ، فصرفته إلى مذهبها .

وقال ابن حبّان في الثقات : كان يميل إلى مذهب الشراة .

وقال ابن البرقي : كان حرورياً .

وقال المبرّد في الكامل : كان رأس العقد من الصفرية وفقيههم وخطيبهم وشاعرهم » .

وهو الذي يمدح عبد الرحمن الملجم ، قاتل علي عليه‌السلام ويقول :

يا ضربة من تقي ما أراد بها

إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إنّي لأذكره حيناً فأحسبه

أوفى البريّة عند الله ميزانا (١)

(١٢) قال أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي ( ت ٤٦٣ هـ ) في تاريخ بغداد : « كان عيسى بن مهران المستعطف من شياطين الرافضة ومردتهم ... » (٢) .

______________________

(١) تهذيب التهذيب ٨ : ١١٣ . وانظر : الاستيعاب لابن عبد البرّ ( ت ٤٦٣ هـ ) ٣ : ١١٢٨ ، والبداية والنهاية لابن كثير ( ت ٧٧٤ هـ ) ٧ : ٣٦٤ ، والإصابة ٥ : ٢٣٢ .

(٢) تاريخ بغداد ١١ : ١٦٨ .

١٥

(١٣) قال محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ( ت ٧٤٨ هـ ) في ميزان الاعتدال عن علي بن هاشم : « ولغلوّه ترك البخاري إخراج حديثه فإنّه يتجنّب الرافضة كثيراً ، كأنّه يخاف من تديّنهم بالتقيّة . ولا نراه يتجنّب القدريّة ولا الخوارج ، ولا الجهميّة ، فإنّهم على بُدعهم يلزمون الصدق » (١) .

(١٤) وفي ترجمة أزهر بن عبد الله بن جميع الحرازي الحمصي ، قال أحمد بن عبد الله الخزرجي ( ت القرن العاشر ) في خلاصة تذهيب تهذيب الكمال : « ناصبيّ صدوق اللهجة » (٢) .

وقال عنه محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي ( ٧٤٨ هـ ) في الكاشف : « ناصبي ، د ، ن ، س » (٣) . أي روى عنه أبو داود والترمذي والنسائي .

وقال أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت ٨٥٢ هـ ) في تقريب التهذيب : « حمّصي ، صدوق ، تكلّموا فيه للنصب » (٤) .

وقال في تهذيب التهذيب : « قال ابن الجارود في كتاب الضعفاء : كان يسبّ عليّاً ... وكان في الخيل الذين سبوا أنس بن مالك ، فأتين به الحجّاج ... وقد وثّقه العجلي وابن حبان ... » (٥) .

(١٥) وفي ترجمة أبي لبيد لمازة بن زبار الأزدي الجهضمي ، قال محمّد ابن أحمد بن عثمان الذهبي ( ٧٤٨ هـ ) في الكاشف : « لمازة بن زبار ، أبو الوليد الجهضمي . . فيه نصب ، وُثّق » (٦) .

______________________

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ١٦٠ .

(٢) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال : ٢٥ .

(٣) الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستّة ١ : ٢٣١ .

(٤) تقريب التهذيب ١ : ٧٥ .

(٥) تهذيب التهذيب ١٠ : ١٧٩ .

(٦) الكاشف ٢ : ١٥١ .

١٦

وقال في ميزان الاعتدال : « بصري ، حضر وقعة الجمل ، وكان ناصبيّاً ، ينال من علي رضي الله تعالى عنه ، ويمدح يزيد » (١) .

وقال أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت ٨٥٢ هـ ) في تهذيب التهذيب : « قال موسى بن إسماعيل عن مطر بن حمران : كنّا عند أبي لبيد ، فقيل له : أتحبّ عليّاً ؟

فقال : أحبّ علياً !! وقد قتل من قومي في غداة واحدة ستّة آلاف .

وذكره ابن حبّان في الثقات .

وقال عباس الدوري : عن يحيى بن معين : حدّثنا وهب بن جرير عن أبيه عن ابن لبيد وكان شتّاماً .

قلت : زاد العقيلي : وقال وهب : قلت لأبي : من كان يشتم ؟

قال : كان يشتم علي بن أبي طالب .

وأخرجه الطبري من طريق عبد الله بن المبارك ، عن جرير بن حازم ، حدّثني الزبير بن خريت ، عن أبي لبيد ، قال : قلت له : لِم تسبّ علياً ؟

قال : أسبّ رجلاً قتل منّا خمسمائة وألفين والشمس هاهنا .

وقال ابن حزم : غير معروف العدالة » (٢) .

وقال في تقريب التهذيب : « ... صدوق ناصبي » (٣) .

وبعد ما لاحظ ابن حجر التناقض الواضح بين توثيق النواصب والطعن في الشيعة ، قال ضمن ترجمة زيارة : وقد كنت استشكل توثيقهم الناصبيّ غالباً وتوهينهم الشيعي مطلقاً ، ولا سيّما أنّ علياً ورد في حقّه « لا يُحبّه إلا

______________________

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٤١٩ .

(٢) تهذيب التهذيب ٨ : ٤١٠ .

(٣) تقريب التهذيب ٢ : ٤٧ .

١٧

مؤمن ولا يُبغضه إلا منافق » (١) .

انظر واعجب ، فعلماء السنّة خالفوا القاعدة ، إذ مقتضاها الأخذ بقول الشيعي المحبّ ؛ لأنه مؤمن ، والمؤمن صادق بشهادة القرآن . وطرح قول المبغض ؛ لأنّه منافق ، والمنافق كاذب بشهادة القرآن .

ثمّ أخذ ابن حجر بالاعتذار عن قومه بما هو أقبح من ذنبه ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .

والآن فلننقل فتاوى بعض علمائهم المتأخّرين في الشيعة الإمامية .

عبدالعزيز بن باز (٢)

السوال :

من خلال معرفة سماحتكم بتاريخ الرافضة ، ما هو موقفكم من مبدأ التقريب بين أهل السنّة وبينهم ؟

الجواب :

التقريب بين الرافضة وبين أهل السنّة غير ممكن ؛ لأنّ العقيدة مختلفة ، فعقيدة أهل السنّة والجماعة توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى ، وأنّه لا يدعى معه أحد ، لا ملك مقرب ولا نبيّ مرسل ، وأنّ الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الغيب ، ومن عقيدة أهل السنّة محبّة الصحابة رضي الله عنهم جميعاً والترضّي عنهم ، والإيمان بأنّهم أفضل خلق الله بعد الأنبياء ،

______________________

(١) تهذيب التهذيب ٨ : ٤١١ .

(٢) من موقع www .binbaz .org .

المصدر : مجلة المجاهد ـ السنة الأولى ـ عدد ١٠ ـ شهر صفر ١٤١٠هـ ـ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ـ الجزء الخامس .

١٨

وأنّ أفضلهم أبو بكر الصدّيق ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، ثمّ علي ، رضي الله عن الجميع ، والرافضة خلاف ذلك فلا يمكن الجمع بينهما ، فكما أنّه لا يمكن الجمع بين اليهود والنصارى والوثنيين وأهل السنّة ، فكذلك لا يمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السنّة ؛ لاختلاف العقيدة التي أوضحناها .

السوال :

وهل يمكن التعامل معهم لضرب العدو الخارجي كالشيوعية وغيرها ؟

الجواب :

لا أرى ذلك ممكناً ، بل يجب على أهل السنّة أن يتحدوا وأن يكونوا أمّة واحدة وجسداً واحداً ، وأن يدعوا الرافضة أن يلتزموا بما دلّ عليه كتاب الله وسنّة الرسول صلى الله عليه وسلم من الحقّ ، فإذا التزموا بذلك صاروا إخواننا وعلينا أن نتعاون معهم ، أمّا ما داموا مصرّين على ما هم عليه من بغض الصحابة وسبّ الصحابة إلا نفراً قليلاً ، وسبّ الصديق وعمر ، وعبادة أهل البيت كعلي ـ رضي الله عنه ـ وفاطمة والحسن والحسين ، واعتقادهم في الأئمة الاثني عشر أنّهم معصومون وأنّهم يعلمون الغيب ؛ كلّ هذا من أبطل الباطل ، وكلّ هذا يخالف ما عليه أهل السنّة والجماعة .

ابن جبرين (١)

السوال :

ما حكم دفع زكاة أموال أهل السنّة لفقراء الرافضة ـ الشيعة ـ وهل تبرأ ذمّة المسلم الموكّل بتفريق الزكاة إذا دفعها للرافضي الفقير أم لا ؟

______________________

(١) من كتاب اللؤلؤ المكين من فتاوى فضيلة الشيخ ابن جبرين : ص ٣٩ .

١٩

الجواب :

لقد ذكر العلماء في مؤلّفاتهم في باب أهل الزكاة أنّها لا تُدفع لكافر ، ولا مبتدع ، فالرافضة بلا شكّ كفّار لأربعة أدلّة :

الأول : طعنهم في القرآن ، وادعاؤهم أنّه حذف منه أكثر من ثلثيه ، كما في كتابهم الذي ألّفه النوري وسماه : « فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربّ الأرباب » وكما في كتاب « الكافي » ، وغيره من كتبهم ، ومن طعن في القرآن فهو كافر مكذّب لقوله تعالى : ( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) .

الثاني : طعنهم في السنّة وأحاديث الصحيحين ، فلا يعملون بها لأنّها من رواية الصحابة الذين هم كفّار في اعتقادهم ، حيث يعتقدون أنّ الصحابة كفروا بعد موت النبيّ صلى الله عليه وسلم إلا علي وذريّته ، وسلمان وعمار ، ونفر قليل ، أمّا الخلفاء الثلاثة ، وجماهير الصحابة الذين بايعوهم فقد ارتدوا ، فهم كفّار ، فلا يقبلون أحاديثهم ، كما في كتاب « الكافي » وغيره من كتبهم .

الثالث : تكفيرهم لأهل السنّة ، فهم لا يصلّون معكم ، ومن صلّى خلف السنّي أعاد صلاته ، بل يعتقدون نجاسة الواحد منّا ، فمتى صافحناهم غسلوا أيديهم بعدنا ، ومن كفّر المسلمين ، فهو أولى بالكفر ، فنحن نكفّرهم كما كفّرونا وأولى .

الرابع : شركهم الصريح بالغلو في علي وذرّيته ، ودعاؤهم مع الله ، وذلك صريح في كتبهم ، وهكذا غلّوهم ووصفهم له بصفات لا تليق إلا بربّ العالمين ، وقد سمعنا ذلك في أشرطتهم . ثمّ إنّهم لا يشتركون في جمعيات أهل السنّة ، ولا يتصدّقون على فقراء أهل السنّة ، ولو فعلوا فمع البغض الدفين ، يفعلون ذلك من باب التقية ، فعلى هذا من دفع إليهم الزكاة

٢٠