موسوعة الأسئلة العقائديّة - ج ١

مركز الأبحاث العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة - ج ١

المؤلف:

مركز الأبحاث العقائديّة


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-01-0
ISBN الدورة:
978-600-5213-00-3

الصفحات: ٥٧٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

والنتيجة : إنّ النسبة المذكورة مفتعلة قطعاً ، وضعها بعض الأُمويين للنيل من كرامة هذا الصحابي الجليل المتفاني في الولاية .

« كرّار أحمد المصطفى ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة ومبلّغ دين »

مكانة عبد الله بن جعفر ومحمّد بن الحنفية عندنا :

س : ما هي مكانة عبد الله بن جعفر ، ومحمّد بن الحنفية في وجداننا ؟ وهل هما مخلصان لأئمّة زمانهما ؟ ودمتم موفّقين لخدمة محمّد وآل محمّد عليهم‌السلام .

ج : إنّهما كانا من الموالين لخطّ أهل البيت عليهم‌السلام بلاشكّ ولا شبهة .

وأمّا الكلام فيهما من جهة عدم حضورهما في كربلاء ففيه وجوه وأقوال ، منها : أنّ تخلّفهما كان بأمر الإمام عليه‌السلام لمصالح شتّى .

ومنها : وجود المانع من مرض وغيره .

وعلى أيّ حال ، فلا إشكال في إخلاصهما وولائهما ؛ نعم من اليقين أنّ مكانتهما عند الشيعة وأئمّتها عليهم‌السلام لا تصل إلى مقام شهداء كربلاء ، الذين ضحّوا بكلّ غالٍ ونفيس في سبيل العقيدة ، وفدوا الإمام عليه‌السلام بأرواحهم وأجسامهم .

« السيّد محسن الميلاني ـ كندا ـ ٢٥ سنة ـ طالب »

العباس يُعدّ في المرتبة الأُولى بعد المعصومين :

س : هل يمكن القول بأنّ مقام أبي الفضل العباس عليه‌السلام أعلى من كلّ من هم دون المعصومين الأربعة عشر ؟ أفيدونا مأجورين .

ج : إنّ المتتبّع لتاريخ حياة أبي الفضل عليه‌السلام يلمس بوضوح : بلوغ العباس بن علي عليهما‌السلام درجة عالية من الالتزام بالشريعة ، وطاعة أُولي الأمر ، المتمثّلين بالأئمّة المعصومين عليهم‌السلام ، بأن يوكل الإمام الحسين عليه‌السلام إليه مهمّة حمل رايته في واقعة

٤٠١

الطفّ ، وقيادة البيت الهاشمي في تلك المعركة .

وفي فقرات الزيارة الواردة عن الإمام الصادق عليه‌السلام بسند معتبر ـ والتي يذكرها الشيخ القمّي قدس‌سره في مفاتيح الجنان ـ يلمس القارئ سمو منزلة أبي الفضل عليه‌السلام ، وشهادة المعصوم عليه‌السلام بحقّه في بلوغه مراتب عدّة ، كما هو المستفاد من هذه الفقرات : « أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة لخلف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله » ، و « أشهد أنّك قتلت مظلوماً ، وأنّ الله منجز لكم ما وعدكم » ، و « أشهد وأشهد الله أنّك مضيت على ما مضى عليه البدريون والمجاهدون في سبيل الله » ، و « أشهد أنّك لم تهن ولم تنكل ، وأنّك مضيت على بصيرة من أمرك » .

وغيرها من الفقرات التي يستفاد منها : إنّ العباس عليه‌السلام يُعدّ في المرتبة الأُولى بعد المعصومين الأربعة عشر عليهم‌السلام .

وأمّا تحديد هذه المرتبة ومقدارها فعلمها عند الله تعالى ، لأنّ العصمة لطف إلهيّ وملكة نفسانية ، لا يتسنّى الاطلاع عليها ، نعم يمكن للمعصوم أن يخبر عنها .

« إبراهيم حسين لمع ـ الكويت ـ ٣٢ سنة ـ طالب جامعة »

الكتب الشيعية المعتبرة ونقلها للأحاديث الضعيفة :

س : كنت أتصفّح بعض مواقع إخواننا أهل السنّة ، والذين أقول عنهم إخواننا حتّى ولو كانت مواقعهم تكفّرنا ، وندعو لهم بالهداية .

قد أثاروا الكثير من الشبهات علينا ـ كتحريف القرآن ، ونوم الإمام علي عليه‌السلام في نفس الفراش مع عائشة والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ .

ولكنّني بعد البحث وجدت ردوداً في مواقعنا على هذه الشبهات وهي مقنعة ، ففي معظم الأحيان فإنّ الروايات الواردة حتّى في الكافي حول هذا الموضوع هي روايات ضعيفة ، بل وغير معتبرة ، فإذا كانت كذلك لماذا تضمّنها هذا الكتاب القيّم ؟ ولم يتمّ إسقاطها منه ؟ آجركم الله .

٤٠٢

ج : نحن لا ندّعي أن كتاب « الكافي » من الكتب التي لا يوجد فيها إلّا الصحيح من الحديث ، كما يدّعي أهل السنّة في بعض كتبهم ـ كالبخاري ومسلم ـ وأنّه لا يوجد فيها إلّا الصحيح من الحديث .

بل نقول : كلّ كتبنا حتّى المعتبرة منها ـ ككتاب الكافي ـ من المحتمل أن توجد فيه روايات ضعيفة ، أي لم نحرز فيها شرائط الحجّية ، لا بمعنى أنّها مكذوبة ومجعولة ومدسوسة وموضوعة ، والسبب في ذلك : إنّ كثير من المحدّثين لم يشترطوا في جمعهم أن يكون الحديث صحيحاً ، بل جمعوا من الأحاديث ما يعلمون أنّ بعضها مرسلاً ، أو أن أصحابها مجهولون ، وما إلى ذلك .

وعذرهم في ذلك هو : مادام يحتمل أن تكون الرواية صادرة عن الإمام عليه‌السلام فهم يدوّنوها ، ووزرها على من رواها ، وهو ليس مقصوراً على الشيعة ، وكذلك الحال في دلالة الروايات ، فإنّ المحدّثين وإن استبعدوا بعض الأحاديث ، فإنّهم أيضاً يدوّنونها مادام يحتمل من التغيّر والتأويل ما يجعل ذلك الحديث صحيحاً ، كما أنّ العلماء والمحدّثين لا يرون أنفسهم أنّهم أفقه الفقهاء في مضامين الأحاديث ، فإنّهم وإن لم يقبلوا بعض الأحاديث من جهة المضمون ، إلّا أنّهم ينقلونها إلى من هو أفقه قولاً منهم ، عملاً بقول الإمام الصادق عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ، وبلّغها من لم تبلغه ، يا أيّها الناس ليبلّغ الشاهد الغائب ، فربّ حامل فقه ليس بفقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه » (١) .

ومن هنا فالبحث في صحّة وضعف بعض الأحاديث لم يتوقّف لحدّ الآن ، لأنّ جرح الرجال وتعديلهم ما يكون حسّي ، وما يكون حدسي اجتهادي ، ثمّ إنّ بعض الأحاديث لها معاضد ومؤيّد ، وبعضها يظهر لها طرق أُخرى ، ثمّ أنّ مباني تضعيف وتوثيق الرجال تختلف بين علماء الرجال ، وبالتتبع تصحّح أو تحسّن أو

______________________

(١) الكافي ١ / ٤٠٣ .

٤٠٣

تضعّف الأحاديث ، فلاحظ .

« عيسى سلمان ـ البحرين ـ ٣٦ سنة ـ طالب ثانوية »

ترجمة المختار الثقفي وتاريخ ثورته :

س : من هو المختار ؟ ومتى كانت ثورته ؟

ج : قال ابن نما الحلّي حول المختار ما نصّه : « هو المختار بن أبي عبيدة بن مسعود بن عمير الثقفي ، وقال المرزباني : ابن عمير بن عقدة بن عنزة ، كنيته أبو إسحاق ، وكان أبو عبيدة والده يتنوّق في طلب النساء ، فذكر له نساء قومه ، فأبى أن يتزوّج منهن ، فأتاه آت في منامه ، فقال : تزوّج دومة الحسناء الحومة ، فما تسمع فيها للائم لومه ، فأخبر قومه ، فقالوا : قد أمرت ، فتزوّج دومة بنت وهب بن عمر بن معتب ، فلمّا حملت بالمختار ، قالت : رأيت في النوم قائلاً يقول :

ابشري بالولد

أشبه شيء بالأسد

إذا الرجال في كبد

تقاتلوا على بلد

كـان لـه الحـظّ الأشد

فلمّا وضعت أتاها ذلك الآتي فقال لها : إنّه قبل أن يترعرع ، وقبل أن يتشعشع ، قليل الهلع ، كثير التبع ، يدان بما صنع ... .

كان مولده في عام الهجرة ، وحضر مع أبيه وقعة قس الناطف ، وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وكان يتفلّت للقتال فيمنعه سعد بن مسعود عمّه ، فنشأ مقداماً شجاعاً لا يتّقي شيئاً ، وتعاطى معالي الأُمور ، وكان ذا عقل وافر ، وجواب حاضر ، وخلال مأثورة ، ونفس بالسخاء موفورة ، وفطرة تدرك الأشياء بفراستها ، وهمّه تعلو على الفراقد بنفاستها ، وحدس مصيب ، وكفّ في الحروب مجيب ، ومارس التجارب فحنكته ، ولابس الخطوب فهذّبته .

وروي عن الأصبغ بن نباتة أنّه قال : رأيت المختار على فخذ أمير المؤمنين عليه‌السلام ،

٤٠٤

وهو يمسح رأسه ويقول : « يا كيّس يا كيّس » ، فسمّي كيسان ... » (١) .

وقد اختلفت الروايات عنه ، فمنها مادحة ، ومنها ذامّة ، فمن المادحة : ما ورد عن الإمام الباقر عليه‌السلام أنّه قال : « لا تسبّوا المختار ، فإنّه قتل قتلتنا ، وطلب بثأرنا ، وزوّج أراملنا ، وقسّم فينا المال على العسرة » (٢) .

وكذلك ما ورد عن الإمام الباقر عليه‌السلام لابن المختار لمّا سأله عن أبيه ، فقال عليه‌السلام : « سبحان الله ، أخبرني أبي والله أنّ مهر أُمّي ممّا بعث به المختار ، أولم يبن دورنا ؟ وقتل قاتلنا ؟ وطلب بدمائنا ، فرحمه الله ... ما ترك لنا حقّاً عند أحد إلّا طلبه ... » (٣) .

أمّا الروايات الذامّة : فمنها ما ورد عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : « كان المختار يكذب على علي بن الحسين عليهما‌السلام » (٤) ، وكذلك ما ورد عن علي بن الحسين عليهما‌السلام رفضه لإحدى هداياه ، وقوله عليه‌السلام لرسل المختار : « أميطوا عن بابي ، فإنّي لا أقبل هدايا الكذّابين ، ولا أقرأ كتبهم » (٥) .

والروايات الذامّة للمختار ضعيفة السند جدّاً ، كما ذكر السيد الخوئي في معجمه (٦) ، وقال أيضاً : « ويكفي في حسن حال المختار إدخاله السرور على قلوب أهل البيت عليهم‌السلام بقتله قتلة الحسين عليه‌السلام ، وهذه خدمة عظيمة لأهل البيت عليهم‌السلام ، يستحقّ بها الجزاء من قبلهم » (٧) .

أمّا ثورة المختار ، فقد كانت ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر ، سنة ست وستين (٨) .

______________________

(١) ذوب النضار : ٥٩ .

(٢) اختيار معرفة الرجال ١ / ٣٤٠ ، خلاصة الأقوال : ٢٧٦ ، رجال ابن داود : ٢٧٧ .

(٣) اختيار معرفة الرجال ١ / ٣٤٠ ، رجال ابن داود : ٢٧٧ .

(٤) اختيار معرفة الرجال ١ / ٣٤٠ ، رجال ابن داود : ٢٧٧ .

(٥) اختيار معرفة الرجال ١ / ٣٤١ ، رجال ابن داود : ٢٧٧ .

(٦) معجم رجال الحديث ١٩ / ١٠٥ .

(٧) المصدر السابق ١٩ / ١٠٨ .

(٨) الأمالي للشيخ الطوسي : ٢٤٠ .

٤٠٥

« ... ـ ... ـ ... »

خولة والدة محمّد بن الحنفية :

س : أرجو أن تسعفوني بإعطائي معلومات عن والدة محمّد بن الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام المعروف بمحمّد بن الحنفية ، وهل هي من قوم مالك بن نويرة ؟

ج : ليست أُمّه من قوم مالك بن نويرة وسبيه ، بل في تزوّج الإمام عليه‌السلام منها عدّة روايات ، ليس فيها واحدة بأنّها من قوم مالك ، وإليك بعضها :

١ ـ إنّها من سبي اليمامة في عهد أبي بكر .

قال الذهبي : « وأُمّه من سبي اليمامة زمن أبي بكر » (١) .

وقال المزّي : « واسمها خولة بنت جعفر ... بن حنيفة ، وكانت من سبي اليمامة الذين سباهم أبو بكر ... ، وقيل : كانت أُمّه لبني حنفية ، ولم تكن من أنفسهم » (٢) .

وقال ابن سعد : « عن فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : رأيت أُمّ محمّد بن الحنفية سندية سوداء ، كانت أمة لبني حنيفة ، لم تكن منهم ، وإنّما صالحهم خالد على الرقيق ، ولم يصالحهم على أنفسهم » (٣) .

ويشهد لهذه الرواية ما رواه ابن كثير عن غزوة اليمامة : « وخرج خالد وتبعه مجاعة بن مرارة يرسف في قيوده ، فجعل يريه القتلى ليعرفه بمسيلمة ... ثمّ بعث خالد الخيول حول اليمامة ، يلتقطون ما حول حصونها من مال وسبيّ ، ثمّ عزم على غزو الحصون ، ولم يكن بقي فيها إلّا النساء والصبيان والشيوخ الكبار ... فانتظر ـ خالد ـ الصلح ، ودعاهم خالد إلى الإسلام فأسلموا عن آخرهم ، ورجعوا إلى الحقّ ، وردَّ عليهم خالد بعض ما أخذ من السبيّ ، وساق الباقين إلى

______________________

(١) سير أعلام النبلاء ٤ / ١١٠ .

(٢) تهذيب الكمال ٢٦ / ١٤٨ .

(٣) الطبقات الكبرى ٥ / ٩١ .

٤٠٦

الصدّيق ، وقد تسرى علي بن أبي طالب عليه‌السلام بجارية منهم ، وهي أُمّ ابنه محمّد ، الذي يقال له : محمّد بن الحنفية رضي‌الله‌عنه » (١) .

وقد روى البخاري عن أنس قال : « ويوم اليمامة على عهد أبي بكر يوم مسيلمة الكذّاب » (٢) ، وأقرَّ ذلك ابن حجر في شرحه لهذه الرواية (٣) .

وقال ابن حجر : « وهي خولة بنت جعفر بن قيس من بني حنيفة ، ويقال من مواليهم ، سبيت في الردّة من اليمامة » (٤) .

فجميع هذه الروايات عند هؤلاء المحقّقين تؤكّد : بأنّ الحنفية من اليمامة ، من قوم مسيلمة الكذّاب ، وإنّما اختلفوا في كونها من بني حنيفة أنفسهم ، أو أنّها أمة لهم ليس إلّا .

٢ ـ إنّها من سبي اليمن في ردّتهم على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال البلاذري : « قال علي بن محمّد المدائني : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علياً إلى اليمن ، فأصاب خولة في بني زبيد ، وقد ارتدّوا مع عمرو بن معدي كرب ، وصارت في سهمه ، وذلك في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن ولدت منك غلاماً فسمّه باسمي وكنّه كنيتي » ، فولدت له بعد موت فاطمة عليها‌السلام غلاماً فسمّاه محمّداً ، وكنّاه أبا القاسم » (٥) .

٣ ـ إنّها تزوّجت أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد أن أعتقها .

قال البلاذري : « أغارت بنو أسد بن خزيمة على بني حنيفة ، فسبوا خولة بنت جعفر ، ثمّ قدموا بها المدينة في أوّل خلافة أبي بكر فباعوها من علي عليه‌السلام ، وبلغ الخبر قومها ، فقدموا المدينة على علي عليه‌السلام فعرفوها ، وأخبروه بموضعها

______________________

(١) البداية والنهاية ٦ / ٣٥٨ .

(٢) صحيح البخاري ٥ / ٣٨ .

(٣) فتح الباري ٧ / ٢٨٨ .

(٤) تهذيب التهذيب ٩ / ٣١٥ .

(٥) أنساب الأشراف : ٢٠٠ .

٤٠٧

منهم ، فأعتقها علي ومهرها وتزوّجها ، فولدت له محمّداً ابنه ... وهذا أثبت من خبر المدائني » (١) .

ويشهد لهذه الرواية ويقاربها ما رواه ابن حجر فقال : « خولة بنت إياس بن جعفر الحنفية ، والدة محمّد بن علي بن أبي طالب ، رآها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في منزله فضحك ، ثمّ قال : « يا علي أمّا إنّك تتزوّجها من بعدي ، وستلد لك غلاماً فسمّه باسمي ، وكنّه كنيتي وأنحله » .

رويناه في فوائد أبي الحسن أحمد بن عثمان الآدمي من طريق إبراهيم بن عمر ابن كيسان ، عن أبي جبير عن أبيه قنبر حاجب علي ، قال : رآني علي فذكره ، وسنده ضعيف ، وثبوت صحبتها مع ذلك يتوقّف على أنّها كانت حينئذٍ مسلمة » (٢) .

والنتيجة : فإنّه على جميع الاحتمالات والروايات ، ليس هناك شكّ في أنّ الحنفية ليست من سبيّ قوم الصحابي الجليل مالك بن نويرة .

« ... ـ ... ـ ... »

خالد بن الوليد وتعلّقه بزوجة مالك بن نويرة :

س : هل كان خالد بن الوليد مأموراً بقتل مالك بن نويرة ؟

ج : إنّ خالداً لم يؤمر بالذهاب إلى مالك ، وقد خالفه الأنصار في ذهابه إليه ، وبالتالي يتبيّن بأنّ خالداً ذهب لغرض آخر ، ألا وهو امرأة مالك ، حتّى إنّ مالكاً رضي‌الله‌عنه أخبرنا بذلك ، وهو شاهد عيان لما يدور حوله ، وما يعرفه من خالد عندما رأى امرأته عند أسره ، وهي مكشوفة الوجه ، قال لها : لقد قتلتيني ، أي أنّي سأقتل بسببك ، وهذا قول من يشاهد الأحداث ، بل المجنى عليه ، وهو

______________________

(١) المصدر السابق : ٢٠١ .

(٢) الإصابة ٨ / ١١٣ .

٤٠٨

خير شاهد ، وليس هو قول الجاني أو أنصاره ، أو حتّى قولنا بعد أكثر من ألف وأربعمائة سنة .

ولنسرد الروايات والأقوال في مالك ، وقتل خالد له ، ومن أصحّ الكتب والمحقّقين عند أهل السنّة .

١ ـ قال ابن حجر : « قال المرزباني : وكان ـ مالك بن نويرة ـ من أرداف الملوك ، وكان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله استعمله على صدقات قومه ، فلمّا بلغته وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أمسك الصدقة وفرّقها في قومه » (١) .

٢ ـ روى عبد الرزّاق عن معمر عن الزهري : « إنّ أبا قتادة قال : خرجنا في الردّة حتّى إذا انتهينا إلى أهل أبيات ، حتّى طلعت ـ أي طفقت ـ الشمس للغروب ، فأرشفنا إليهم الرماح ، فقالوا : من أنتم ؟ قلنا : نحن عباد الله ، فقالوا : ونحن عباد الله ، فأسرهم خالد بن الوليد ، حتّى إذا أصبح أمر أن يضرب أعناقهم .

قال أبو قتادة : فقلت : اتقِ الله يا خالد ! فإنّ هذا لا يحلّ لك ، قال : اجلس ، فإنّ هذا ليس منك في شيء .

قال : فكان أبو قتادة يحلف لا يغزو مع خالدٍ أبداً .

قال : وكان الأعراب هم الذين شجّعوه على قتلهم من أجل الغنائم ، وكان ذلك في مالك بن نويرة » (٢) .

٣ ـ روى المتّقي الهندي عن أبي عون وغيره : « إنّ خالد بن الوليد ادّعى أنّ مالك ابن نويرة ارتدّ بكلام بلغه عنه ، فأنكر مالك ذلك ، وقال : أنا على الإسلام ما غيَّرت ولا بدَّلت ، وشهد له بذلك أبو قتادة ، وعبد الله بن عمر ، فقدّمه خالد وأمر ضرار بن الأزور الأسدي فضرب عنقه ، وقبض خالد امرأته ، فقال ـ أي عمر ـ لأبي بكر : إنّه قد زنى فارجمه ، فقال أبو بكر : ما كنت لأرجمه ، تأوّل فأخطأ .

______________________

(١) الإصابة ٥ / ٥٦٠ .

(٢) المصنّف للصنعاني ١٠ / ١٧٤ .

٤٠٩

قال : فإنّه قد قتل مسلماً فاقتله ، قال : ما كنت لأقتله ، تأوّل فأخطأ .

قال : فاعزله ، قال : ما كنت لأشيم ـ أي لأغمد ـ سيفاً سلَّه الله عليهم أبداً » (١) .

٤ ـ روى ابن عساكر الزهري عن سالم عن أبيه قال : « قدم أبو قتادة على أبي بكر فأخبره بقتل مالك بن نويرة وأصحابه ، فجزع من ذلك جزعاً شديداً ، فكتب إلى خالد ، فقدم عليه ، فقال أبو بكر : هل يزيد خالد على أن يكون تأوّل فأخطأ » ؟ (٢) .

٥ ـ أقرّ ابن حجر بأسلوب خالد وتصرّفاته فقال : « وكان سبب عزل عمر خالداً ما ذكره الزبير بن بكار قال : كان خالد إذا صار إليه المال قسّمه في أهل الغنائم ، ولم يرفع إلى أبي بكر حساباً ، وكان فيه تقدّم على أبي بكر ، يفعل أشياء لا يراها أبو بكر ، أقدم على قتل مالك بن نويرة ، ونكح امرأته ، فكره ذلك أبو بكر ، وعرض الدية على متمم بن نويرة ، وأمر خالداً بطلاق امرأة مالك ، ولم يرَ أن يعزله ، وكان عمر ينكر هذا وشبههُ على خالد ، وكان أميراً عند أبي بكر ... » (٣) .

٦ ـ أمّا ابن كثير فقد روى قصّة مالك مع خالد كما يلي : « فصل في خبر مالك بن نويرة اليربوعي التميمي : كان قد صانع سجاح حين قدمت من أرض الجزيرة ، فلمّا اتصلت بمسيلمة ـ لعنهما الله ـ ثمّ ترحّلت إلى بلادها ـ فلمّا كان ذلك ـ ندم مالك بن نويرة على ما كان من أمره ، وتلوَّم في شأنه ، وهو نازل بمكان يقال له : البطاح ، فقصدها خالد بجنوده ، وتأخّرت عنه الأنصار ، وقالوا : إنّا قد قضينا ما أمرنا به الصدّيق ، فقال لهم خالد : إنّ هذا أمر لابدّ من فعله ، وفرصة لابدّ من انتهازها ، وإنّه لم يأتني فيها كتاب ، وأنا الأمير ، وإليّ

______________________

(١) كنز العمّال ٥ / ٦١٩ .

(٢) تاريخ مدينة دمشق ١٦ / ٢٥٦ .

(٣) الإصابة ٢ / ٢١٨ .

٤١٠

تردّ الأخبار ، ولست بالذي أجبركم على المسير ، وأنا قاصد البطاح !!

فسار يومين ، ثمّ لحقه رسول الأنصار يطلبون منه الانتظار فلحقوا به ، فلمّا وصل البطاح ، وعليها مالك بن نويرة ، فبثّ خالد السرايا في البطاح ... فجاءته السرايا ، فأسروه وأسّروا معه أصحابه ، واختلفت السرية فيهم ، فشهد أبو قتادة ـ الحرث بن ربعي الأنصاري ـ أنّهم أقاموا الصلاة ، وقال آخرون ـ أي الأعراب الذين ذكرهم أبو قتادة كما في الرواية الأُولى أنّهم شجّعوا خالداً من أجل الغنائم ـ : أنّهم لم يؤذّنوا ولا صلُّوا ... وقتل ضرار بن الأزور مالك بن نويرة ، فلمّا سمع الداعية ، خرج وقد فرغوا منهم !! فقال : إذا أراد الله أمراً أصابه .

واصطفى خالد امرأة مالك بن نويرة !! وهي أُمّ تميم ابنة المنهال ، وكانت جميلة !! فلمّا حلّت بني بها ـ وهذا تردّه الروايات الأُخرى الأصحّ منه ـ ... وأمر برأسه فجعله مع حجرين ، وطبخ على الثلاثة قدراً ... ويقال : إنّ شعر مالك جعلت النار تعمل فيه إلى أن نضج لحم القدر ، ولم تفرغ الشعر لكثرته !! ـ لكثرته أم لكرامته ! ـ وقد تكلّم أبو قتادة مع خالد فيما صنع ، وتقاولا في ذلك ، حتّى ذهب أبو قتادة فشكاه إلى الصدّيق ، وتكلّم عمر مع أبي قتادة في خالد ... وجاء متمم بن نويرة فجعل يشكو إلى الصدّيق خالداً ، وعمر يساعده ، وينشد الصدّيق ما قال في أخيه من المراثي ، فوداه الصدّيق من عنده ... واستمر أبو بكر بخالد على الإمرة ، وإن كان قد اجتهد في قتل مالك بن نويرة وأخطأ في قتله » ! (١) .

٧ ـ ونختم برواية ابن الأثير ، ونكتفي بقوله وتعليقه : « مالك بن نويرة ... قدم على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واستعمله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على بعض صدقات بني تميم ، فلمّا توفّي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وارتدّت العرب ، وظهرت سجاح ، وادعت النبوّة صالحها ، إلّا إنّه لم تظهر عنه ردّة ، وأقام بالبطاح ، فلمّا فرغ خالد من بني أسد وغطفان ،

______________________

(١) البداية والنهاية ٦ / ٣٥٤ .

٤١١

سار إلى مالك ، وقدم البطاح ، فلم يجد به أحد ، كان مالك قد فرّقهم ونهاهم عن الاجتماع ، فلمّا قدم خالد البطاح بثّ سراياه ، فأتى بمالك بن نويرة ونفرٍ من قومه ، فاختلفت السرية فيهم ، وكان فيهم أبو قتادة ، وكان فيمن شهد أنّهم أذّنوا وأقاموا وصلّوا ، فحبسهم في ليلة باردة ، وأمر خالد فنادى ادفئوا أسراكم ...!! ، فخرج وقد قُتِلوا ، فتزوّج خالد امرأته !!

فقال عمر لأبي بكر : سيف خالد فيه رهق وأكثرَ عليه ، فقال أبو بكر : تأوّل فأخطأ ، ولا أشيم سيفاً سلّه الله على المشركين ، وودى مالكاً ، وقدم خالد على أبي بكر ، فقال له عمر : يا عدّو الله ، قتلت امرءاً مسلماً ، ثمّ نزوت على امرأته ، لأرجمنّك .

وقيل : إنّ المسلمين لما غشّوا مالكاً وأصحابه ليلاً أخذوا السلاح ، فقالوا : نحن المسلمون ، فقال أصحاب مالك : ونحن المسلمون ، فقالوا لهم : ضعوا السلاح وصلُّوا ... فقدم متمم على أبي بكر يطلب بدم أخيه ، وأن يردَّ عليهم سبيهم ، فأمر أبو بكر بردِّ السبيّ ، وودى مالكاً من بيت المال ... فهذا جميعه ذكره الطبري وغيره من الأئمّة ، ويدلّ على أنّه لم يرتَدَّ .

وقد ذكروا في الصحابة أبعد من هذا ، فتركهم هذا عجب ، وقد أختلف في ردّته ، وعمر يقول لخالد ٍ : قتلت امرءاً مسلماً ، وأبو قتادة يشهد أنّهم أذّنوا وصلّوا ، وأبو بكر يردّ السبيّ ، ويعطي دية مالك من بيت المال ، فهذا جميعه يدلّ على أنّه مسلم ... رحمه الله ورضي عنه » (١) .

أقول : ونستفيد من هذه الروايات أيضاً بأنّ سبي خالد لقوم مالك ليس شرعيّاً .

ونختم برواية تشهد لما قدّمناه من سبب قتل خالدٍ مالكاً كما يرويها الذهبي : « إنَّ خالداً بثّ السرايا ، فأتي بمالك ، فاختلف قول الناس فيهم وفي

______________________

(١) أُسد الغابة ٤ / ٢٩٥ .

٤١٢

إسلامهم ، وجاءت أُمّ تميم كاشفة وجهها فأكبّت على مالك ، وكانت أجمل الناس ، فقال لها : إليك عنّي ، فقد والله قتلتني .

فأمر بهم خالد ، فضُربت أعناقهم ، فقام أبو قتادة فناشده فيهم ، فلم يلتفت إليه ، فركب أبو قتادة فرسه ، ولحق بأبي بكر وحلف : لا أسير في جيش وهو تحت لواء خالد .

وقال : ترك قولي وأخذ بشهادة الأعراب الذين فتنتهم الغنائم » (١) ، ورواه أيضاً ابن عساكر (٢) .

وقال ابن حجر : « وروى ثابت بن قاسم في الدلائل : إنّ خالداً رأى امرأة مالك ، وكانت فائقة في الجمال ، فقال مالك بعد ذلك لامرأته : قتلتيني ، يعني سأُقتل من أجلك » (٣) .

فقد ثبت من كلّ ذلك أنّه ليس هناك ردّة لمالك ، ولا سبي صحيح ، بل أرجع لهم سبيهم ، وبقي مالك مسلماً صحابياً جليلاً .

« خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي »

ابن النديم صاحب الفهرست ليس شيعياً :

س : في الحقيقة أردت أن أسال سماحتكم عن ابن النديم ، صاحب كتاب الفهرست ، هل هو شيعي ـ كما يقول البعض ـ أم أنّه من العامّة ؟ وبارك الله فيكم ، ونسألكم الدعاء .

ج : هناك الكثير من المؤشّرات التي ترجّح عدم كون ابن النديم شيعياً ، منها :

١ ـ عدم ترجمة النجاشي والشيخ الطوسي له في كتابيهما ، فيظهر منه أنّ

______________________

(١) سير أعلام النبلاء ١ / ٣٧٧ .

(٢) تاريخ مدينة دمشق ١٦ / ٢٥٨ .

(٣) الإصابة ٥ / ٥٦١ .

٤١٣

الرجل من أهل العامّة (١) .

٢ ـ عندما يذكر الأئمّة عليهم‌السلام لا يقول : الإمام الصادق مثلاً ، بل يقول : جعفر الصادق ، دون الإشارة إلى إمامته ، وهذا على خلاف عادة الكتّاب الشيعة .

٣ ـ عندما يذكر مؤمن الطاق ، يعنونه بشيطان الطاق ، ثمّ يقول : إنّ الشيعة تلقّبه بمؤمن الطاق .

٤ ـ تتلمذه على البلاذري نديم المتوكّل العباسيّ ، المعروف بعدائه ونصبه لأهل البيت عليهم‌السلام .

٥ ـ تقديمه لذكر فقهاء المذاهب الأُخرى على فقهاء الشيعة في كتاب الفهرست .

٦ ـ بعض الذين وصفوه بالتشيّع ، استدلّوا على ذلك بحجج واهية ، فمثلاً الزركلي يقول عنه : « وكان معتزلياً متشيّعاً ، يدلّ كتابه على ذلك ، فإنّه كما يقول ابن حجر ، يسمّي أهل السنّة الحشوية ، ويسمّي الأشاعرة المجبّرة ، ويسمّي كلّ من لم يكن شيعياً عامّياً » (٢) .

فإنّ ذكره لأسمائهم هذه المتداولة في عصره لا تجعله لوحدها شيعياً .

« عبد الله ـ السعودية ـ ٣٨ سنة »

روايات عقد الفريد لابن عبد ربّه الأندلسي :

س : ربما يقول أو يشكل بعضهم : إنّ أكثر استشهاداتك مأخوذة من كتاب العقد الفريد للأندلسي ، وهذا الكتاب كتاب أدب ، وفيه ما فيه من المبالغات والتصوّرات والتخيّلات التي لا واقع لها ، كما يفعل الشعراء والأدباء في وصفهم للأحداث والأشياء ، إذ تراهم يبالغون في الوصف للوصول إلى الغاية الأدبية ، أو قد يتصوّرون تصوّرات يسقطونها على أحداث واقعية .

______________________

(١) أُنظر : معجم رجال الحديث ١٦ / ٧٢ .

(٢) الأعلام ٦ / ٢٩ .

٤١٤

وابن عبد ربّه الأندلسي أديب ، ولا يستثنى من هذه القاعدة ، وكتابه هو كتاب أدب ، وليس كتاب تاريخ ، أو أحاديث يوثق به ويطمئن إليه ، بل أكثر من ذلك ، إذ يعمد أحياناً إلى اتهام العقد الفريد أنّه مشحون بالأكاذيب ، طبعاً هذا ما قاله لي أحد الأصدقاء السنّة في معرض ردّه عليّ حين استدلالي بالعقد الفريد على نقطة أثرتها معه .

ج : أعلم أنّنا لا نقول بصحّة كلّ ما في بطون الكتب ـ إلّا كتاب الله تعالى ـ كما يفعل إخواننا السنّة ، بل كلّ كتاب عندنا مهما تكن وثاقته ، مؤلّفه خاضع عندنا للجرح والتعديل ، وهذا ما تجده في كثير من بحوث علمائنا ، هذا من جهة .

أمّا الجهة الأُخرى ، فالرواية وإن وردت في العقد الفريد ، فإنّ كانت ذات سند فنبحث عن سندها ، وكذلك ما يعضدها من مصادر أُخرى وردت فيها ، وبالتالي يرتقي بحثك إلى صورة علمية واقعية لا تقبل الشكّ ، وهذا ليس بخصوص العقد الفريد ، بل كلّ كتاب فهو ليس وحده مشحون بالأكاذيب ـ على قولك ـ بل حتّى كتب التاريخ والرواة وغيرهم مشحونة بالأكاذيب ، فكان الخليفة يعطي لمن يضع حديث في ذمّ علي عليه‌السلام الآلاف من الدنانير الذهب من بيت مال المسلمين ، فما المانع من وضعها ؟!

كما فعل بعض ممّن يعدّ من الصحابة ومجموعة من التابعين !!

« حسن حبيب ـ السعودية ـ ٢٤ سنة ـ طالب »

ابن الصبّاغ المالكي ليس شيعياً :

س : سؤالي حول ابن الصبّاغ المالكي ، أين أجد من أثنى عليه من علماء إخواننا السنّة ؟ لأنّه اتهم بالرفض .

ج : ابن الصبّاغ المالكي ، من مشاهير فقهاء المالكية ، وقد أكثر النقل عنه نور الدين السمهودي في كتابه « جواهر العقدين » ، وعبّر عنه الشيخ أحمد ابن عبد القادر العجيلي الشافعي بـ : « الشيخ الإمام علي بن محمّد الشهير بابن

٤١٥

الصبّاغ من علماء المالكية » .

وقد ذكر رشيد الدين خان الدهلوي كتاب « الفصول المهمّة » لابن الصبّاغ ، وقال : « إنّه من كتب أهل السنّة » .

وقد أكثر النقل من كتاب « الفصول المهمّة » عبد الله بن محمّد المدني الشافعي في كتابه « الرياض الزاهرة » .

وترجم له الزركلي في « الأعلام » بقوله : « ابن الصبّاغ : فقيه مالكي ... » (١) .

ويروي عنه بالإجازة السخاوي ، وينقل عن فصوله المهمّة الصفوري في « نزهة المجالس » ، ونقل عنه الحلبي في سيرته ، والشيخاني القادري في « الصراط السوي » ، ومحمّد محبوب عالم في تفسيره ، والصبّان في « إسعاف الراغبين » ، والعدوي الحمزاوي في « مشارق الأنوار » ، والشبلنجي في « نور الأبصار » (٢) ، والمولوي الدهلوي في « سعادة الكونين » ، والبلخي في « ينابيع المودّة » ، ونجم الدين المكّي في « اتحاد الورى » .

وكان ابن الصبّاغ المالكي يلقّب بألقاب التفخيم كالعلّامة والإمام ، والشيخ والبحر إلى غير ذلك من ألفاظ الإعجاب والتقدير ، التي تنم عن علوّ منزلته العلمية وجميع هؤلاء الأفاضل الأماثل اتفقوا بأنّ ابن الصبّاغ كان من أكابر علماء السنّة ، وأعاظم محدثيهم .

« حسن حبيب ـ السعودية ـ ٢٤ سنة ـ طالب »

سبط ابن الجوزي ليس شيعياً :

س : سؤالي حول سبط ابن الجوزي ، أين أجد من أثنى عليه من علماء إخواننا السنّة ؟ لأنّه اتهم بالرفض .

______________________

(١) الأعلام ٥ / ٨ .

(٢) نور الأبصار : ٧٥ .

٤١٦

ج : لقد أثنى عليه علماء أهل السنّة ، واعتمدوا عليه ونقلوا عنه ، ووثّقوه وأطّروه ، ومنهم :

أ ـ ابن خلكان بترجمة ابن الجوزي : « وكان سبطه شمس الدين أبو المظفّر يوسف بن قزغلي الواعظ المشهور ، حنفي المذهب ، وله صيت وسمعة في مجالس وعظه ، وقبول عند الملوك وغيرهم ، وصنّف تاريخاً كبيراً رأيته بخطّه في أربعين مجلّداً ، سمّاه مرآة الزمان ... » (١) .

ب ـ اليافعي : « العلّامة الواعظ المؤرّخ ... اسمعه جدّه ، ومن جماعة ، وقدم دمشق سنة بضع وستمائة ، فوعظ بها وحصل له القبول العظيم ، للطف شمائله ، وعذوبة وعظه ، وله تفسير في تسعة وعشرين مجلّداً ، وشرح الجامع الكبير ، وجمع مجلّداً في مناقب أبي حنيفة ، ودرّس وأفتى ، وكان في شبيبته حنبلياً ، ولم يزل وافر الحرمة عند الملوك » (٢) .

ج ـ القطب التوسي ، وقد عظّم شأن مرآة الزمان القطب التوسي ، فقال في الذيل الذي كتبه بعد أن ذكر التواريخ : فرأيت أجمعها مقصداً ، وأعذبها مورداً ، وأحسنها بياناً ، وأصحّها رواية ، تكاد جنّة ثمرها تكون عياناً مرآة الزمان .

وقال في ترجمته : « كان له القبول التامّ عند الخاصّ والعامّ من أبناء الدنيا ، وأبناء الآخرة ، ولما ذكر أنّه تحوّل حنفياً لأجل المعظم عيسى ، قال : إنّه كان يعظم الإمام أحمد ، ويتغالى فيه ، وعندي أنّه لم ينقل عن مذهبه إلّا في الصورة الظاهرة » (٣) .

د ـ الأزنيقي : « شمس الدين أبو مظفّر يوسف بن قزغلي الواعظ المشهور ، حنفي المذهب ، وله صيت وسمعة في مجالس وعظه ، وقبول عند الملوك وغيرهم ،

______________________

(١) وفيات الأعيان ٣ / ١١٨ .

(٢) مرآة الجنان : ٦٥٤ .

(٣) لسان الميزان ٦ / ٣٢٨ .

٤١٧

روي عن جدّه ببغداد ، وسمع ابن الفرج ابن كليب وابن طبرزد ، وسمع بالموصل ودمشق وحدّث بها وبمصر ... » (١) .

هـ ـ الذهبي : « ابن الجوزي العلّامة الواعظ المؤرّخ ... درّس وأفتى ، وكان في شيبته حنبلياً ، توفّي في الحادي والعشرون من ذي الحجّة ، وكان وافر الحرمة عند الملوك » (٢) .

ومحمود بن سليمان الكفوي : « يوسف بن قزغلي بن عبد الله البغدادي ، سبط الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي الحنبلي ، صاحب مرآة الزمان في التاريخ ، ذكره الحافظ شرف الدين في معجم شيوخه ... تفقّه وبرع وسمع من جدّه ... وكان إماماً عالماً فقيهاً ، واعظاً جيّداً نبيهاً ، يلتقط الدرر من كلمه ، ويتناثر الجوهر من حكمه ... وله القبول التامّ عند العلماء والأمراء ، والخاصّ والعامّ ، وله تصانيف معتبرة مشهورة ... » (٣) .

ز ـ ابن الوردي : « الشيخ شمس الدين يوسف سبط جمال الدين ابن الجوزي ، واعظ فاضل ، له مرآة الزمان تاريخ جامع ، قلت : وله تذكرة الخواص من الأُمّة من مناقب الأئمّة » (٤) .

ح ـ أبو مؤيّد الخوارزمي : « أمّا المسند الأوّل ، وهو مسند الأُستاذ أبي محمّد الحارثي البخاري ، فقد أخبرني الأئمّة بقراءتي عليهم : ... والشيخ الإمام شمس الدين يوسف بن عبد الله ، سبط الإمام الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي بقراءتي عليه ... » (٥) .

وهذا ولقد اعتمد على روايته جمهور علماء السنّة ، بل لقد احتجّ بأقواله ورواياته جماعة من متعصّبيهم في مقابل الإمامية ، كالخواجة الكابلي في

______________________

(١) مدينة العلوم .

(٢) العبر في خبر من غبر : حوادث ٦٥٤ هـ .

(٣) كتائب أعلام الأخيار : مخطوط .

(٤) تتمّة المختصر ٢ / ٢٨٨ .

(٥) جامع المسانيد ١ / ٧٠ .

٤١٨

صواعقه ، والدهلوي في كتابه التحفة ، والقاضي السبكي في السيف المسلول ، حيث استندوا إلى روايته ، وقد نصّ محمّد رشيد الدهلوي في إيضاح لطافة المقال على كون سبط ابن الجوزي من قدماء أئمّة الدين المعتمدين عند أهل السنّة » (١) .

« حسن حبيب ـ السعودية ـ ٢٤ سنة ـ طالب »

القندوزي الحنفي ليس شيعياً :

س : سؤالي حول القندوزي الحنفي ، أين أجد من أثنى عليه من علماء إخواننا السنّة ؟ لأنّه اتهم بالرفض .

ج : الشيخ سليمان بن إبراهيم ، من أعلام الحنفية في الفروع ، وأساطين النقشبندية في الطريقة ، وقد كتب ولده وخليفته الشيخ عبد القادر أفندي إلى بعض الأفاضل الذين ترجموه : إنّ والده كان حنفي المذهب نقشبندي المشرب .

ولعلّ ما شمله من عواطف السلطان عبد العزيز في دار الخلافة ـ الآستانة ـ وتعينه من قبله بمسند مشيخة تكية الشيخ مراد البخاري ، وامتثاله للأمر ومباشرته له دليل على بعد مذهبه عن مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، وكتابه « ينابيع المودّة » الذي يشير فيه إلى فضائل الإمام علي عليه‌السلام وحده لا يكفي على تشيّعه .

« ... ـ البحرين ـ ١٣ سنة ـ طالبة »

النوري وكتابه فصل الخطاب :

س : ما هو موقف الشيعة من كتاب « فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربّ الأرباب » ؟ ومن مؤلّفه الشيخ النوري الطبرسي ؟ وأشكر حسن تعاونكم .

______________________

(١) أُنظر : خلاصة عبقات الأنوار ٩ / ٢٠٣ .

٤١٩

ج : الشيخ النوري الطبرسي هو أحد محدّثي الطائفة ، الذي بذل وسعه في جمع الأحاديث الواردة عن المعصومين عليهم‌السلام وغيرهم ، وكتابه هذا جمع فيه الأحاديث التي تنسب التحريف للقرآن ، ولا يعني جمعه لهذه الأحاديث أنّه يقول بتحريف القرآن ، بل كان هدفه هو جمع تلك الروايات التي تنسب التحريف للقرآن ، فالرواية شيء والاعتقاد شيء آخر .

والذي يمعن النظر في كتاب « فصل الخطاب » يرى : أنّ المحدّث النوري لم ينكر ما قام عليه الإجماع ، واتفاق المسلمين من عدم الزيادة ، ولم يقل إنّ القرآن قد زيد فيه ، بل قد صرّح بامتناع زيادة الآية أو تبديلها ، فقال : « وهما منتفيان بالإجماع ، وليس في أخبار التغيير ما يدلّ على وقوعهما ، بل فيها ما ينفيهما » (١) .

وقد اعترف المحدّث المذكور بخطئه في تسمية هذا الكتاب ، كما حكى عنه تلميذه الشهير ، وخرّيج مدرسة العلم ، الثقة الثبت الشيخ آقا بزرك الطهراني ـ مؤلّف كتاب « الذريعة » ، و « أعلام الشيعة » ـ فقال : ذكرنا في حرف الفاء من الذريعة عند ذكرنا لهذا الكتاب مرام شيخنا النوري في تأليفه « فصل الخطاب » ، وذلك حسبما شافهنا به ، وسمعناه من لسانه في أواخر أيّامه ، فإنّه كان يقول : « أخطأت في تسمية الكتاب ، وكان الأجدر أن يسمّى بفصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب ، لأنّي أثبتت فيه أنّ كتاب الإسلام القرآن الشريف الموجود بين الدفتين ، المنتشر في أقطار العالم ، وحي إلهيّ بجميع سوره وآياته وجمله ، ولم يطرأ عليه تغيير أو تبديل ، ولا زيادة ولا نقصان من لدن جمعه حتّى اليوم ، وقد وصل إلينا المجموع الأوّلي بالتواتر القطعي ، ولاشكّ لأحد من الإمامية فيه ، فبعد ذا أمن الإنصاف أن يقاس الموصوف بهذه الأوصاف بالعهدين ، أو الأناجيل المعلومة أحوالها لدى كلّ خبير ؟

______________________

(١) فصل الخطاب للنوري : ٢٣ .

٤٢٠