موسوعة الأسئلة العقائديّة - ج ١

مركز الأبحاث العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة - ج ١

المؤلف:

مركز الأبحاث العقائديّة


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-01-0
ISBN الدورة:
978-600-5213-00-3

الصفحات: ٥٧٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

مريداً للعلوّ في الأرض والفساد ، وهذا حال فرعون !! والله تعالى يقول : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) ، فمن أراد العلوّ في الأرض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الآخرة .

وليس هذا كقتال الصدّيق للمرتدّين ومانعي الزكاة ، فإنّ الصدّيق إنّما قاتلهم على طاعة الله ورسوله لا على طاعته ، فإنّ الزكاة فرض عليهم ، فقاتلهم على الإقرار بها وعلى أدائها ، بخلاف من قاتل ليطاع هو » (١) .

٣ ـ طعنه فيه وفي فضائله :

قال ابن تيمية : « إنّ الفضائل الثابتة في الأحاديث الصحيحة لأبي بكر وعمر أكثر وأعظم من الفضائل الثابتة لعلي ، والأحاديث التي ذكرها هذا ، وذكر أنّها في الصحيح عند الجمهور ، وأنّهم نقلوها في المعتمد من قولهم وكتبهم هو من أبين الكذب على علماء الجمهور ، فإنّ هذه الأحاديث التي ذكرها أكثرها كذب أو ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث ، والصحيح الذي فيها ليس فيه ما يدلّ على إمامة علي ، ولا على فضيلته على أبي بكر وعمر ، بل وليست من خصائصه ، بل هي فضائل شاركه فيها غيره ، بخلاف ما ثبت من فضائل أبي بكر وعمر ، فإنّ كثيراً منها خصائص لهما ، لاسيّما فضائل أبي بكر ، فإنّ عامّتها خصائص لم يشركه فيها غيره .

وأمّا ما ذكره من المطاعن فلا يمكن أن يوجّه على الخلفاء الثلاثة من مطعن إلّا وجّه على علي ما هو مثله أو أعظم منه ... .

فإنّ علي رضي‌الله‌عنه لم ينزّهه المخالفون ، بل القادحون في علي طوائف متعدّدة ، وهم أفضل من القادحين في أبي بكر وعمر وعثمان ، والقادحون فيه أفضل من الغلاة فيه ، فإنّ الخوارج متّفقون على كفره ، وهم عند المسلمين كلّهم خير من الغلاة ... .

______________________

(١) المصدر السابق ٤ / ٤٩٩ .

١٠١

ومن المعلوم أنّ المنزّهين لهؤلاء أعظم وأكثر وأفضل ، وإنّ القادحين في علي حتّى بالكفر والفسوق والعصيان طوائف معروفة ، وهم أعلم من الرافضة وأدين ... .

والذين قدحوا في علي رضي‌الله‌عنه وجعلوه كافراً أو ظالماً ليس فيهم طائفة معروفة بالردّة عن الإسلام ، بخلاف الذين يمدحونه ويقدحون في الثلاثة ... .

بخلاف من يكفّر علياً ويلعنه من الخوارج ، وممّن قاتله ولعنه من أصحاب معاوية وبني مروان وغيرهم ، فإنّ هؤلاء كانوا مقرّين بالإسلام وشرائعه ، يقيمون الصلاة ، ويؤتون الزكاة ، ويصومون رمضان ، ويحجّون البيت العتيق ، ويحرّمون ما حرّم الله ورسوله ، وليس فيهم كفر ظاهر ، بل شعائر الإسلام وشرائعه ظاهرة فيهم ، معظّمة عندهم ... .

فمعلوم أنّ الذين قاتلوه ولعنوه وذمّوه من الصحابة والتابعين وغيرهم هم أعلم وأدين من الذين يتولّونه ويلعنون عثمان ، ولو تخلّى أهل السنّة عن موالاة علي رضي‌الله‌عنه وتحقيق إيمانه ووجوب موالاته لم يكن في المتولّين له من يقدر أن يقاوم المبغضين له من الخوارج والأُموية والمروانية ؛ فإنّ هؤلاء طوائف كثيرة » (١) .

والكلام واضح لا يحتاج إلى تعليق .

٥ ـ طعنه في فاطمة عليها‌السلام واتهامها بالنفاق !!

قال ابن تيمية : « إنّ فاطمة رضي‌الله‌عنها إنّما عظم أذاها لما في ذلك من أذى أبيها ، فإذا دار الأمر بين أذى أبيها وأذاها كان الاحتراز عن أذى أبيها أوجب ، وهذا حال أبي بكر وعمر ، فإنّهما احترزا عن أن يؤذيا أباها أو يريباه بشيء ، فإنّه عهد عهداً وأمر بأمر ، فخافا أن غيّرا عهده وأمره أن يغضب لمخالفة أمره وعهده ويتأذّى بذلك ، وكلّ عاقل يعلم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا حكم بحكم وطلبت فاطمة أو غيرها ما يخالف ذلك الحكم ، كان مراعاة حكم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

______________________

(١) المصدر السابق ٥ / ٦ ـ ١٠ .

١٠٢

أولى !! فإنّ طاعته واجبة ومعصيته محرّمة » (١) .

فصوّر فاطمة عليها‌السلام بأنّها تريد أن يحكم أبو بكر بغير حكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فرفض أبو بكر ذلك فتأذّت !!

وهذا معناه النفاق في فاطمة ـ أعاذنا الله من هذا ـ لأنّ الذين يريدون أن يحكم إليهم بخلاف حكم الله ورسوله هم المنافقون .

هذا وهناك الكثير من المطاعن التي وجّهها ابن تيمية إلى أهل البيت عليهم‌السلام وإلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، سواء من ناحية التنقيص فيه ، أو تكذيب فضائله الثابتة له ، ومن شاء راجع « منهاج السنّة » ليرى النصب فيه طافح ، والتحامل على علي عليه‌السلام وأهل بيته ظاهر !! هذا ما يتعلّق بابن تيمية الحرّاني .

وأمّا ما يتعلّق بمحمّد بن عبد الوهّاب فمنهجه هو منهج ابن تيمية لا غير ، سواء من ناحية العقيدة كصفات الله والأنبياء وغيرها أو من ناحية تحامله على المسلمين وتكفيرهم ، أو من ناحية تحامله على أهل البيت عليهم‌السلام .

وارجع إلى كتابه « كشف الشبهات » لترى فيه التكفير الصريح للأُمّة الإسلامية جمعاء ، لأنّها تزور القبور ، وتتوسّل بالأنبياء والصالحين !!

وكذلك كتابه « الدرر السنية في الأجوبة النجدية » ، تجده مليئاً بالتكفير ورمي المسلمين بالغلوّ والشرك ، فمن نماذج تكفيره للمسلمين قوله :

١ ـ قال : « وهذا أي الشرك هو فعلكم عند الأحجار والبنايات التي على القبور وغيرها »!! (٢) .

٢ ـ قال : ويصيحون كما صاح إخوانهم حيث قالوا : ( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ) (٣) .

ومقصوده بذلك المسلمين الذي يزورون القبور ويتوسّلون بالأنبياء والصالحين !

______________________

(١) المصدر السابق ٤ / ٢٥٣ .

(٢) كشف الشبهات : ١٧ .

(٣) المصدر السابق : ١٩ .

١٠٣

٣ ـ وقال في نفس الصفحة : « فإذا عرفت أنّ هذا الذي يسمّيه المشركون في زماننا الاعتقاد هو الشرك الذي أنزل فيه القرآن ، وقاتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الناس عليه ؛ فاعلم أنّ شرك الأوّلين أخفّ من شرك أهل زماننا بأمرين » !!

٤ ـ قال : « أنّ الذين قاتلهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصحّ عقولاً وأخفّ شركاً من هؤلاء » !! (١) .

فهذا تكفير صريح لعامّة المسلمين ، أعاذنا الله من ذلك .

٥ ـ قال : « وأنا أذكر لك أشياء ممّا ذكر الله في كتابه جواباً لكلام احتجّ به المشركون في زماننا علينا » !! (٢) .

وغير ذلك كثير جدّاً يمكن مراجعته في الكتابين اللذين أشرنا إليهما .

فمحمّد بن عبد الوهاب لم يتورّع في دماء المسلمين ، وحكم على الأُمّة الإسلامية بالشرك والكفر ، وأنّ شركها أعظم من شرك كفّار قريش أو اليهود والنصارى ، وقام بمحاربتهم وسفك دمائهم ، وقتل ذراريهم واستباحة أعراضهم ، إلى غير ذلك من الأفاعيل الشنيعة التي تبيّن مدى فساد عقيدة هذا الشخص وضحالة تفكيره ، وخطورته في نفس الوقت .

« خالد ـ السعودية ـ سنّي »

تكفيره الشيعة :

س : أنتم الشيعة تتّهمون شيخ الإسلام ابن تيمية ، بأنّه يكفّر الشيعة ، فأين دليلكم على ذلك ؟

ج : ابن تيمية !! وما أدراك ما ابن تيمية ؟! أصل الفتنة ، وأصل كلّ خلاف ، شديد النصب للإمام علي عليه‌السلام .

______________________

(١) المصدر السابق : ٢١ .

(٢) المصدر السابق : ١٣ .

١٠٤

ابن تيمية يقول بالتجسيم والتشبيه ، ابن تيمية يقول بقدم غير الله تعالى ، وبحوادث لا أوّل لها .

ابن تيمية ينفي فضائل الإمام علي عليه‌السلام ، حتّى اعترض عليه الألباني في « سلسلة الأحاديث الصحيحة » ، وقال عنه : « إنّ هذه الاشتباهات وقع فيها ابن تيمية لتسرّعه في الردّ على الرافضة » .

ابن تيمية يكذّب أكاذيب واضحة ، ولا يتّقي الله ولا يتورّع ، ابن تيمية ردّ عليه كبار علماء المذاهب الإسلامية ، قبل علماء الشيعة ، حتّى إنّ بعضهم نعته بالكفر والزندقة .

ونقول في الجواب على قولك : راجع كتابه « منهاج السنّة النبوية » (١) لتجد ذلك بنفسك .

وفي الختام : نذكّرك بكلام الحافظ أبو الفضل عبد الله الغماري : « وابن تيمية ، يحتجّ كثير من الناس بكلامه ، ويسمّيه بعضهم شيخ الإسلام ، وهو ناصبي ، عدوّ لعلي كرّم الله وجهه ، اتهم فاطمة بأنّ فيها شعبة من النفاق ، وكان مع ذلك مشبهاً ، إلى بدع أُخرى كانت فيه ، ومن ثمّ عاقبه الله تعالى ... فكانت المبتدعة بعد عصره تلامذة كتبه ، ونتائج أفكاره ، وثمار غرسه » (٢) .

« حيدر القزّاز ـ كندا ـ ٢٩ سنة ـ مهندس »

رأيه في قاتل علي :

س : أرجو بيان ما رأي ابن تيمية بالمجرم عبد الرحمن ابن ملجم ( لعنه الله ) ؟ وما هو رأيه عندما قتل أمير المؤمنين عليه‌السلام ؟ مع ذكر المصادر إن أمكن .

ج : إنّ ابن تيمية كعادته يحاول الطعن بالإمام علي عليه‌السلام ، وذلك بصورة غير مباشرة ، كتكذيب فضائله ، والتشكيك في المسلّمات ، بل وبصورة مباشرة

______________________

(١) منهاج السنّة النبوية ٤ / ٣٦٣ و ٧ / ٩ و ٢٧ .

(٢) الصبح السافر : ٥٤ .

١٠٥

أحياناً ، فتراه ذلك الناصبي المراوغ ، الذي يتلاعب بالألفاظ والأساليب .

فتراه يقول في ابن ملجم : « والذي قتل علياً ، كان يصلّي ويصوم ، ويقرأ القرآن ، وقتله معتقداً أنّ الله ورسوله يحبّ قتل علي ، وفعل ذلك محبّة لله ورسوله في زعمه وإن كان في ذلك ضالاً مبتدعاً » (١) .

ويقول عنه أيضاً : « كان من أعبد الناس » (٢) .

هذا قول ابن تيمية في ابن ملجم ، وقد وصف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قاتل علي عليه‌السلام بأنّه : « أشقى الناس » (٣) .

« السيّد أحمد السيّد نزار ـ البحرين »

ردّ علماء أهل السنّة على قوله بالتجسيم :

س : تحية طيّبة وبعد :

هناك من الأصدقاء من يقول : إنّ ابن تيمية ومحمّد بن عبد الوهّاب لا يقولان بالتجسيم ، وما يقال ذلك عنهما نابع من التعصّب ، وردّ التهمة بتهمة مثلها .

أين هي الكتب والمصادر التي يدّعون فيها أنّهما يقولان بالتجسيم بصراحة ؟ دون أن يكون لها وجه آخر ، أرجو ذكر أقوالهما مع ذكر المصادر لكي تتمّ الحجّة .

ج : المعروف عن بعض الحنابلة أنّهم من القائلين بالتجسيم ، بمعنى أنّ لله تعالى يداً ، ووجهاً وعيناً وساقاً ، وأنّه متربّع على العرش ، شأنه شأن الملوك والسلاطين ، واستدلّوا على ذلك ، بآيات من القرآن الكريم ، كقوله تعالى : ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) ، و ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) ، و ( يَوْمَ يُكْشَفُ

______________________

(١) منهاج السنّة النبوية ٧ / ١٥٣ .

(٢) المصدر السابق ٥ / ٤٧ .

(٣) مجمع الزوائد ٧ / ١٤ و ٢٩٩ ، فيض القدير ١ / ٦٧٢ و ٣ / ١٢٨ ، ينابيع المودّة ٢ / ٢٠٠ و ٣٩٦ ، جواهر المطالب ٢ / ١٠٦ ، وغيرها من مصادر أهل السنّة ، فضلاً عن المصادر الشيعية .

١٠٦

عَن سَاقٍ ) ، و ( الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ) وغيرها من الآيات .

وقالوا : إنّ اليد والوجه والساق والاستواء جاءت في القرآن على وجه الحقيقة في معانيها ، وليست مصروفة إلى معانيها المجازية .

وقالوا : نعم يد الله ليست كيدنا ، ووجهه ليس كوجهنا ، وساقه ليس كساقنا بدليل قوله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) .

ولا يخفى عليك أنّ ابن تيمية ، ومحمّد بن عبد الوهّاب يدّعيان أنّهما من الحنابلة .

وأقوال ابن تيمية في التجسيم كثيرة جدّاً ، وللوقوف على ذلك راجع مثلاً كتابه « الفتوى الحموية الكبرى في مجموعة الفتاوى ، كتاب الأسماء والصفات » .

وإنّ عقيدته في التجسيم كانت واحدة من أهمّ محاور الصراع الذي خاضه مع علماء عصره ، فهي السبب الوحيد لما دار بينه وبين المالكية من فتن في دمشق ، وهي السبب الوحيد لاستدعائه إلى مصر ، ثمّ سجنه هناك ، كما كانت سبباً في عدّة مجالس عقدت هنا وهناك لمناقشة أقواله .

ولم تنفرد المالكية في الردّ عليه ، بل كان هذا هو شأن الحنفية ، والشافعية أيضاً ، وأمّا الحنبلية فقد نصّوا على شذوذه عنهم .

قال الشيخ الكوثري الحنفي في وصف عقيدة ابن تيمية في الصفات : « إنّها تجسيم صريح » ، ثمّ نقل مثل ذلك عن ابن حجر المكّي في كتابه « شرح الشمائل » .

وللشافعية دورهم البارز في مواجهة هذه العقيدة ، فقد صنّفوا في بيان أخطاء ابن تيمية فيها تصانيفاً كثيرةً ، وربّما يُعدّ من أهمّ تصانيفهم تلك ما كتبه شيخهم شهاب الدين ابن جَهبَل ـ المتوفّى سنة ٧٣٣ هـ ـ ويكتسب هذا التصنيف أهمّيته لسببين :

أوّلهما : إنّ هذا الشيخ كان معاصراً لابن تيمية ، وقد كتب ردّه هذا في حياة ابن تيمية موجّهاً إليه .

١٠٧

والثاني : إنّه ختمه بتحدٍّ صريح قال فيه : « ونحن ننتظر ما يَرِدُ من تمويههِ وفساده ، لنبيّن مدارج زيغه وعناده ، ونجاهد في الله حقّ جهاده » .

ثمّ لم يذكر لابن تيمية جواباً عليه ، رغم أنّه قد وضع ردّاً على الحموية الكبرى التي ألقاها ابن تيمية على المنبر في سنة ٦٩٨ هـ .

وأمّا دفاع ابن تيمية عن التجسيم ، فهو دفاع المجسّمة الصرحاء ، فيقول ردّاً على القائلين بتنزيه الله تعالى عن الأعضاء والأجزاء : « إنّهم جعلوا عُمدتهم في تنزيه الربّ عن النقائص على نفي الجسم ، ومن سلك هذا المسلك ، لم يُنزِّه الله عن شيء من النقائص البتّة » (١) .

ثمّ طريق إثبات شيء على المتّهم لا يتمّ بإقراره فقط ومن كتبه ، فإنّه قد لا يذكر ذلك صريحاً ، خوفاً من المسلمين ، ولكن هناك طريقة أُخرى ، وهي شهادة شهود عليه ، فإن هذا من أقوى أدلّة الإثبات ، خاصّة إذا كانوا كثيرين .

وقد شهد على ابن تيمية الكثير ، منهم : ابن بطوطة في كتابه ، إذ يقول تحت عنوان : حكاية الفقيه ذي اللُّوثة ـ اللُّوثة بالضمّ : مَسُّ جنون ـ ! :

« وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة ، تقي الدين بن تيمية ، كبير الشام ، يتكلّم في الفنون ، إلّا أنّ في عقله شيئاً ! وكان أهل دمشق يُعظّمونه أشدّ التعظيم ، ويعظهم على المنبر ، وتكلّم مرّة بأمرٍ أنكره الفقهاء ...

قال : وكنت إذ ذاك بدمشق ، فحضرته يوم الجمعة ، وهو يعِظ الناس على منبر الجامع ويذكّرهم ، فكان من جُملة كلامه أنّ قال : إنّ الله ينزِلُ إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ، ونزل درجةً من المنبر !

فعارضه فقيه مالكي ، يعرف بابن الزهراء ، وأنكر ما تكلّم به ، فقامت العامّة إلى هذا الفقيه ، وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً ، حتّى سقطت عمامته ، وظهر على رأسه شاشية حرير ، فأنكروا عليه لباسها ، واحتملوه إلى دار عزّ الدين بن مسلم ، قاضي الحنابلة ، فأمر بسجنه ، وعزّره بعد ذلك ... » (٢) .

______________________

(١) مجموع الفتاوى ١٣ / ١٦٤ .

(٢) رحلة ابن بطوطة : ١١٢ .

١٠٨

ومقولة ابن تيمية هذه ذكرها ابن حجر العسقلاني أيضاً في كتابه (١) .

تلك صورة عن عقيدته في الله تعالى ، فهو يجيز عليه تعالى الانتقال والتحوّل والنزول ، وفي هذا التصوّر من التجسيم ما لا يخفى ، فالذي ينتقل من مكان إلى مكان ، وينزل ويصعد ، فلابدّ أنّه كان أوّلاً في مكان ، ثمّ انتقل إلى مكان آخر ، فخلا منه المكان الأوّل ، واحتواه المكان الثاني ، والذي يحويه المكان لا يكون إلّا محدوداً ! فتعالى الله عمّا يصفون !!

« سامر ـ فلسطين ـ ... »

تعقيب على الجواب السابق :

مجرد تعليق بسيط : ابن تيمية والوهّابية ، هم ملعونون وهم كفرة ، كما قال ابن عابدين : خوارج العصر ، وشيخنا عبد الله الهرري له باع طويل في الردّ على الكافرين ، ومن كتبه : « المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد ابن تيمية » ، وهو من (٥٠٠) صفحة ، وله أيضاً الردّ على الوهّابية أكثر من كتاب ، أعانه الله للوقوف في وجههم .

وليس الشيعة وحدهم يكفّرون ابن تيمية ، بل أهل السنّة ، فهم مجسّمة ، ويبغضون أهل البيت ، وثبت عندنا أنّ ابن تيمية ردّ أكثر من (٢٠) حديثاً في سيّدنا علي عليه‌السلام ، أقرأ كتاب المحدّث الهرري « الدليل الشرعي في عصيان من قاتلهم علي من صحابي وتابعي » ، وردّ على ابن تيمية ( لعنه الله ) .

« علوي ـ ... ـ ... »

رأيه في الجامع الكبير للترمذي :

س : هل هناك فرق بين المسند والصحيح عند القوم ؟ إذ الوهّابية يرفضون أن يكون الجامع الكبير للترمذي من الصحاح ، وإذا كان هناك ما يدفع كلامهم ، فأرجو البيان وذكر المصدر .

______________________

(١) الدرر الكامنة ١ / ١٥٤ .

١٠٩

الجواب : الفرق بين المسند والصحيح هو : أنّ المسند هو الأحاديث التي يرويها المحدّث بأسانيد عن كلّ واحدٍ من الصحابة ، فيذكر أحاديثه تحت عنوان اسمه ، كما هو الحال في مسند أحمد مثلاً .

أمّا الصحيح فهو مجموعة الأحاديث ، التي يرى المحدّث صحّتها بحسب شروطه ، مبوّبةً بحسب الموضوعات .

والوهابيّة الذين يرفضون « الجامع الكبير » للترمذي إنّما يقلِّدون ابن تيمية في كتابه « منهاج السنّة النبوية » ، لكنّكم إذا راجعتموه وجدتم ابن تيمية يحتجُّ بـ « الجامع الكبير » للترمذي ، في كلّ موردٍ يكون في صالحه ، وأمّا رفضه له فهو لروايته مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام .

فقال في حديث « أنا مدينة العلم وعلي بابها » : « أضعف وأوهى ، ولهذا إنّما يعدّ في الموضوعات ، وإن رواه الترمذي » (١) .

وقال في موضع : « والترمذي في جامعة روى أحاديث كثيرة في فضائل علي ، كثير منها ضعيف ، ولم يرو مثل هذا لظهور كذبه » (٢) .

وفي آخر : « والترمذي قد ذكر أحاديث متعدّدة في فضائله ، وفيها ما هو ضعيف بل موضوع » (٣) .

فهو لا يرفض « الجامع الكبير » للترمذي بل يستدلّ برواياته وينقلها في كتبه ، وإنّما يرفض الروايات التي نقلها في فضائل الإمام علي عليه‌السلام .

« عماد ـ ... ـ ... »

كلماته الدالّة على التجسيم :

س : هل بإمكانكم إخباري في أيّ كتاب قالت الوهّابية بإنّ الله له أرجل وأيدي ، ووجه وأعين ... .

______________________

(١) منهاج السنّة النبوية ٧ / ٥١٥ .

(٢) المصدر السابق ٧ / ١٧٨ .

(٣) المصدر السابق ٥ / ٥١١ .

١١٠

الجواب : بإمكانك التقصّي عن عقيدة الوهّابية في التجسيم من خلال فتاوى علمائهم ، أو بالسؤال من علمائهم ، عن تفسير آية : ( ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ) (١) ، أو قوله تعالى : ( هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (٢) ، إلى غير ذلك من الآيات ، وأنظر ماذا تجاب من قبلهم ؟ عندها تستطيع الحكم أنت بنفسك على ما يعتقدونه ، من صفات الربّ جلّ جلاله .

ولعلّنا سنزوّدك ما يمكن ذكره في هذا المقام المختصر ، ببعض أقوال شيخهم ابن تيمية ، فقد قال عن حديث لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ الله يضحك إلى رجلين ، يقتل أحدهما الآخر ، كلاهما يدخل الجنّة » : متّفق عليه (٣) .

ومثله قال عن حديث لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ولا تزال جهنّم يلقى فيها ، وهي تقول : هل من مزيد ؟ حتّى يضع ربّ العزّة فيها رجله ، فينزوي بعضها إلى بعض ، فتقول : قط قط » (٤) .

وما ذكره محمّد بن عبد الوهّاب في كتابه « التوحيد » (٥) ، عن ابن مسعود قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا محمّد ، إنّا نجد أنّ الله يجعل السماوات على إصبع من أصابعه ، والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء على إصبع ، والثرى على إصبع ، وسائر الخلق على إصبع ، فيقول : أنا الملك ، فضحك النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ، ثمّ قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) (٦) .

وقد قال ابن باز في فتاويه : « التأويل في الصفات منكر ولا يجوز ، بل يجب

______________________

(١) الأعراف : ٥٤ .

(٢) الإسراء : ١ .

(٣) العقيدة الواسطية : ٢٠ .

(٤) نفس المصدر السابق .

(٥) كتاب التوحيد : ١٥٧ .

(٦) الزمر : ٦٧ .

١١١

إمرار الصفات كما جاءت على ظاهرها اللائق بالله جلّ وعلا ، بغير تحريف ولا تعطيل ، ولا تكييف ولا تمثيل (١) .

وقال أيضاً : « الصحيح الذي عليه المحقّقون ، أنّه ليس في القرآن مجاز على الحدّ الذي يعرفه أصحاب فنّ البلاغة ، وكلّ ما فيه فهو حقيقة في محلّه (٢) .

هذا بعض ما أمكننا إرشادك إليه من أقوالهما ، وجملةً من فتاويهما ، وعليك أن تتحقّق عن الباقي بنفسك ، وإن شئت فارجع إلى :

١ ـ العقيدة الواسطية لابن تيمية .

٢ ـ شرح العقيدة الواسطية لابن عثمين .

٣ ـ كتاب التوحيد لمحمّد بن عبد الوهّاب .

٤ ـ شرح نونية ابن قيّم الجوزية لمحمّد خليل هراس .

٥ ـ كتاب العرش لابن تيمية .

٦ ـ كتاب السنّة لعبد الله بن أحمد بن حنبل .

وكتب أُخرى لهم في هذا المجال ، وفيها التجسيم بأجلى صورة .

______________________

(١) فتاوى ابن باز ١ / ٢٩٧ .

(٢) المصدر السابق ١ / ٣٦٠ .

١١٢

ابن عباس :

« زين ـ السعودية ـ ... »

أقوال علماء الشيعة فيه :

س : ما رأي علماء الشيعة في عبد الله بن عباس رضي‌الله‌عنه ؟

ج : نذكر بعض أقوال علماء الشيعة في ابن عباس :

١ ـ قال العلّامة الحلّي : « من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان محبّاً لعلي عليه‌السلام وتلميذه ، حاله في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنين عليه‌السلام أشهر من أن يخفى .

وقد ذكر الكشّي (١) أحاديث تتضمّن قدحاً فيه ، وهو أجلّ من ذلك ، وقد ذكرناها في كتابنا الكبير وأجبنا عنها رضي الله تعالى عنه » (٢) .

٢ ـ قال الشيخ حسن صاحب المعالم : « عبد الله بن عباس ، حاله في المحبّة والإخلاص لمولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والموالاة والنصرة له ، والذبّ عنه ، والخصام في رضاه ، والمؤازرة ممّا لا شبهة فيه ، وقد كان يعتمد ذلك مع من يجب اعتماده معه ، على ما نطق به لسان السيرة » (٣) .

٣ ـ قال العلّامة التستري ـ بعد أن ذكر جملة من مواقفه مع أعداء أهل البيت : « وبالجملة : بعدما وقفت على محاجّاته مع عمر وعثمان ، ومعاوية وعائشة ، وابن الزبير وباقي أعداء أهل البيت ، وتحقيقه للمذهب ودفعه عن

______________________

(١) اختيار معرفة الرجال ١ / ٢٧٩ .

(٢) خلاصة الأقوال : ١٩٠ .

(٣) التحرير الطاووسي : ٣١٢ .

١١٣

الشبه ، لو قيل : إنّ هذا الرجل أفضل رجال الإسلام بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأئمّة الاثني عشر عليهم‌السلام ، وحمزة وجعفر ( رضوان الله عليهما ) كان في محلّه » (١) .

« يوسف ـ الإمارات ـ ٣٠ سنة ـ طالب جامعة »

ما قيل فيه مردود :

س : ما رأيكم في ابن عباس ؟

ج : هناك رأيان في ابن عباس ، رأي عدّه من الثقات للروايات المادحة له ، وقدح بالروايات الذامّة له ، ورأي ثان عدّه من الضعفاء للروايات الذامّة له ، ولأجل معرفة سبب تضعيفه ، نورد بعض ما أُشكل عليه :

أوّلاً : أنّه نقل بيت المال من البصرة إلى الحجاز حينما كان والياً على البصرة ، وهذا دليل خيانته وعدم عدالته ، وخروجه على طاعة إمام زمانه .

وفيه : إنّ ما اشتهر عن نقله لبيت مال البصرة لم يثبت برواية صحيحة يطمئن إليها ، نعم كلّ من اعتمد على الخبر كان مدركه الشهرة وليس أكثر ، بل إنّ بعض علمائنا طعن في صحّة هذه الشهرة ، ونسب ما اشتهر في ذمّ ابن عباس إلى ما أشاعه معاوية من الطعن في أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقد ذهب إلى ذلك السيّد الخوئي قدس‌سره في معجمه (٢) .

قال ابن أبي الحديد : « وقد اختلف الناس في المكتوب إليه هذا الكتاب ، فقال الأكثرون : إنّه عبد الله بن عباس ، ورووا في ذلك روايات ، واستدلّوا عليه بألفاظ من ألفاظ الكتاب ، كقوله عليه‌السلام : « أشركتك في أمانتي » ... وقال الآخرون وهم الأقلّون : هذا لم يكن ، ولا فارق عبد الله بن عباس عليّاً عليه‌السلام ولا باينه ولا خالفه ، ولم يزل أميراً على البصرة إلى أن قتل علي عليه‌السلام .

______________________

(١) قاموس الرجال ٦ / ٤٩٠ .

(٢) معجم رجال الحديث ١١ / ٢٥٤ .

١١٤

قالوا : ويدلّ على ذلك ما رواه أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني من كتابه الذي كتبه إلى معاوية من البصرة لمّا قتل علي عليه‌السلام ، وقد ذكرناه من قبل ، قالوا : وكيف يكون ذلك ؟ ولم يخدعه معاوية ويجرّه إلى جهته ، فقد علمتم كيف اختدع كثيراً من عمّال أمير المؤمنين عليه‌السلام ... فما باله وقد علم النبوّة التي حدثت بينهما ، لم يستمل ابن عباس ، ولا اجتذبه إلى نفسه ، وكلّ من قرأ السير وعرف التواريخ يعرف مشاقّة ابن عباس لمعاوية بعد وفاة علي عليه‌السلام وما كان يلقاه من قوارع الكلام وشديد الخصام ، وما كان يثني به على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ويذكر خصائصه وفضائله ، ويصدع به من مناقبه ومآثره ، فلو كان بينهما غبار أو كدر لما كان الأمر كذلك ، بل كانت الحال تكون بالضدّ لما اشتهر من أمرهما ... .

وقد أُشكل عليّ أمر هذا الكتاب ، فإن أنا كذّبت النقل وقلت : هذا كلام موضوع على أمير المؤمنين عليه‌السلام خالفت الرواة ، فإنّهم قد أطبقوا على رواية هذا الكتاب عنه ، وقد ذكر في أكثر كتب السير .

وإن صرفته إلى عبد الله بن عباس صدّني عنه ما أعلمه من ملازمته لطاعة أمير المؤمنين عليه‌السلام في حياته وبعد وفاته ، وإن صرفته إلى غيره لم أعلم إلى من أصرفه » (١) .

وقال العلّامة التستري : « قاعدة عقلية : إذا تعارض العقل والنقل يقدّم العقل ، فإذا كان معلوماً ملازمته لطاعة أمير المؤمنين عليه‌السلام في حياته وبعد وفاته ، ولا استماله معاوية ـ مع انتهازه الفرصة في مثل ذلك ـ نقطع بأنّ النقل باطل ، وكيف يحتمل صحّة ذلك النقل مع أنّه طعن في معاوية بخيانة عمّاله ؟ فلو كان هو أيضاً خان لردّ عليه معاوية طعنه » (٢) .

______________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٦ / ١٦٩ .

(٢) قاموس الرجال ٦ / ٤٢٦ .

١١٥

على أنّا لو سلّمنا صحّة الحادثة ، فإنّ ذلك يمكن أن يكون من باب طروء الشبهة ، على كون استحقاقه بعض بيت المال اعتماداً على اجتهاده ، لقوله لابن الزبير على فرض صحّة الرواية ـ : « وأمّا حملي المال ، فإنّه كان مالاً جبيناه ، وأعطينا كلّ ذي حقٍّ حقّه ، وبقيت بقية هي دون حقّنا في كتاب الله ، فأخذنا بحقّنا ... » (١) .

فقوله : « هي دون حقّنا في كتاب الله » مشعر بأنّ ابن عباس قد اعتمد في اجتهاده على آية في كتاب الله ، استظهر منها صحّة حمل ما بقي من بيت المال ، ولعلّه قد تاب بعد تنبيه أمير المؤمنين عليه‌السلام له .

ثانياً : إنّه ثبت صحّة قوله بإمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، إلّا أنّه لم يثبت بعد ذلك قوله بإمامة الحسن ، وإمامة الحسين ، وإمامة علي بن الحسين عليهم‌السلام وقد أدركهم ، وهذا طعن في إيمانه ، وصحّة اعتقاده .

وفيه : إنّ التسالم على قوله بإمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام وأتباعه بلغ إجماع الفريقين ، فلا مجال للتشكيك فيه ، أمّا قوله بإمامة الحسن عليه‌السلام ، فإنّ الأربلي في « كشف الغمّة » نقل عن أبي مخنف ، بإسناده عن ابن إسحاق السبيعي وغيره قالوا :

« خطب الحسن بن علي عليهما‌السلام صبيحة الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين عليه‌السلام ... ثمّ جلس ، فقام عبد الله بن عباس ما بين يديه فقال : معاشر الناس ، هذا ابن نبيّكم ، ووصيّ إمامكم فبايعوه .

ثمّ قال الراوي : فرتب العمّال ، وأمّر الأمراء ، وأنفذ عبد الله بن عباس إلى البصرة ، ونظر في الأُمور ... » (٢) .

وهذا دليل على قوله بإمامة الحسن عليه‌السلام ، وعلى هذا يترتّب قوله بإمامة الحسين عليه‌السلام ، وإمامة علي بن الحسين عليهما‌السلام لعدم وجود الدليل النافي على قوله

______________________

(١) شرح نهج البلاغة ٢٠ / ١٣٠ .

(٢) كشف الغمّة ٢ / ١٦١ .

١١٦

بإمامتهما ، أي لم يصدر منهما عليهما‌السلام ذمّاً في حقّه ، إضافة إلى حسن سيرته ، واستقامته في عهديهما ، ولم يظهر منه ما يخالفهما ، ولو كانت هناك أدنى مخالفة للإمامين عليهما‌السلام لأظهره الرواة ، خصوصاً وقد كان معرضاً للطعن والذمّ من قبل أعداء أهل البيت عليهم‌السلام .

« ... ـ السعودية ـ ... »

تقييم رواياته :

س : ما هي قيمة أحاديث ابن عباس عند علمائنا ؟ هل هي مقبولة عندهم أو مردودة ؟

ج : لا إشكال في جلالة قدر ابن عباس عند الجميع ، كما يظهر ذلك من كلام العلماء والرجاليين .

نعم ، قد يكون هناك بعض الموارد الموجبة للتوقّف ، ولكن أُجيب عنها بما لا مزيد عليه (١) .

ومجمل الكلام حول هذا الشخص هو : أنّه كان موالياً وعارفاً للحقّ ، ولكن لأُمور لم تتّضح لحدّ الآن كان لا يقتحم الصراعات الموجودة آنذاك ، فكان شاهداً للحقّ إن صحّ التعبير ومدافعاً عنه في حدّ وسعه ، فيجب أن ننظر إلى حياته من هذه الزاوية حتّى نعرف التفسير الصحيح لمجموعة تصرّفاته ، ومواقفه في كافّة الجوانب .

ثمّ وإن كان ابن عباس ثقة ومعتمداً ، ولكن بالنسبة لأحاديثه ينبغي ملاحظة عدّة أُمور :

١ ـ لا يخفى أنّ مجموعة كبيرة من الأحاديث المنسوبة إليه في كتب الفريقين سندها منقطع ، أي أنّها إمّا مرسلة أو مقطوعة ، فلا حجّية لمفادها ، إلّا ما كانت منها تؤيّد بأخبار معتبرة أُخرى .

______________________

(١) أُنظر : قاموس الرجال ٦ / ٤١٨ .

١١٧

٢ ـ توجد هناك طائفة من الأخبار تنقل عن لسان ابن عباس بدون إسنادها إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو إلى أحد من الأئمّة عليهم‌السلام ، أي أنّها آراؤه في تلك الموارد .

وهذا القسم أيضاً لا يعتبر حجّة من الناحية الشرعية ، إلّا إذا كان موافقاً لما صدر عن المعصوم عليه‌السلام .

٣ ـ إنّ شخصية ابن عباس كانت معرّضةً للهجوم والتشويه من قبل أعداء الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، خصوصاً بني أُمية ، فدسّت الأيادي الأثيمة روايات وأحاديث في سبيل النيل من سمعته ، وهذه الفئة من الروايات جلّها ـ بل كلّها ـ جاءت عن طريق العامّة ، وعليه فينبغي التأمّل والتريّث في أحاديثه التي نقلت بإسنادهم ، وإن كانت معنعنة وغير مرسلة ومتّصلة ، خصوصاً في المواضع الخلافية بين الشيعة والسنّة .

١١٨

أبو بكر :

« سلمان المحمّدي ـ البحرين ـ ... »

الفضل بالتقوى لا والد زوجة النبيّ :

س : كيف حصل أبو بكر على تلك المنزلة ، ليكون والد زوجة الرسول ؟

ج : قال تعالى : ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (١) .

فإذا كان من الممكن أن تكون زوجتا نوح ولوط من الكفّار ، ونوح ولوط من الأنبياء ، فلا يمكن أن نحكم بفضل على امرأة لمجرد كونها زوجة نبيّ ، والفضل يكون بالتقوى والقرب من الله والإخلاص له ، وكذلك قوله تعالى : ( فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ) (٢) .

هذا كلّه في أزواج الأنبياء ، فكيف بآباء أزواج الأنبياء ؟!

« سعيد خليل ـ لبنان ـ ... »

بعض مثالبه :

س : نشكر لكم جهودكم في طريق الإصلاح ، وإظهار الدين الحقّ .

السؤال : نريد أن نعرف نبذة عن أبي بكر ، ودوره كيف كان ؟ شاكرين

______________________

(١) التحريم : ١٠ .

(٢) الأعراف : ٨٣ .

١١٩

لكم جهودكم ، وأجركم عند الله إن شاء الله .

ج : سألت عن أبي بكر ، فنجيبك باختصار :

١ ـ إنّ أبا بكر قد أغضب فاطمة عليها‌السلام فهجرته حتّى توفّيت ، رواه البخاري في صحيحه (١) ، ومسلم في صحيحه (٢) ، وأحمد في مسنده (٣) ، وروى ابن قتيبة قول فاطمة عليها‌السلام لأبي بكر : « والله لأدعون الله عليك في كلّ صلاة أُصلّيها » (٤) .

٢ ـ إنّ أبا بكر لا يعرف معنى قوله تعالى : ( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) (٥) .

٣ ـ إنّ أبا بكر لسانه قد أورده الموارد (٦) .

٤ ـ إنّ أبا بكر وعمر انهزما يوم خيبر وأُحد (٧) .

٥ ـ إنّ أبا بكر وعمر رفعا أصواتهما عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى نزل النهي (٨) .

______________________

(١) صحيح البخاري ٨ / ٣ .

(٢) صحيح مسلم ٥ / ١٥٤ .

(٣) مسند أحمد ١ / ٦ .

(٤) الإمامة والسياسة ١ / ٣١ .

(٥) عبس : ٣١ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٦ ، فتح الباري ١٣ / ٢٢٩ .

(٦) الطبقات الكبرى ٥ / ١١ ، الموطّأ ٢ / ٩٨٨ ، مجمع الزوائد ١٠ / ٣٠٢ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٦ / ٢٣٧ و ٨ / ٥٧٢ ، كتاب الصمت وآداب اللسان : ٥٠ و ٥٥ مسند أبي يعلى الموصلي ١ / ١٧ شرح نهج البلاغة ٧ / ٩٠ و ١٠ / ١٣٧ ، كنز العمّال ٣ / ٨٣٤ ، فيض القدير ٥ / ٤٦٧ ، تفسير الثعالبي ٢ / ١٧٦ ، العلل ٢ / ١٣٢ و ٣ / ٢٦٩ ، التاريخ الكبير ٨ / ٩٠ ، الثقات ٢ / ١٧٢ ، علل الدارقطني ١ / ١٠٩ و ١٥٩ تاريخ مدينة دمشق ٨ / ٣٤٥ ، وغيرها من مصادر أهل السنّة .

(٧) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٣٧ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٢٤ ، شرح نهج البلاغة ١٧ / ١٦٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٠٧ ، خصائص أمير المؤمنين : ٥٣ .

(٨) مسند أحمد ٤ / ٦ ، صحيح البخاري ٦ / ٤٦ و ٨ / ١٤٥ ، الجامع الكبير ٥ / ٦٣ ، جامع البيان ٢٦ / ١٥٥ ، أسباب نزول الآيات : ٢٥٧ ، زاد المسير ٧ / ١٧٧ ، الجامع لأحكام القرآن ١٦ / ٣٠٣ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ٢٢٠ ، الدرّ المنثور ٦ / ٨٤ ، تفسير الثعالبي ٥ / ٢٦٧ ، الإحكام في أُصول الأحكام لابن حزم ٦ / ٨٠٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٩ / ١٩١ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٠٧ ، تاريخ المدينة المنوّرة ٢ / ٥٢٣ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ٧٨ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٤٣٧ .

١٢٠