فضائل الخمسة من الصّحاح الستّة - ج ٣

آية الله السيد مرتضى الفيروزآبادي

فضائل الخمسة من الصّحاح الستّة - ج ٣

المؤلف:

آية الله السيد مرتضى الفيروزآبادي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات فيروزآبادي
الطبعة: ٤
ISBN الدورة:
964-6406-18-1

الصفحات: ٤٣٢
  الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣

باب

إنّ ليلة القدر خير من الف

شهر يملكها بنو أميّة

[ صحيح الترمذى ج ٢ ] فى أبواب تفسير القرآن فى سورة القدر روى بسنده عن القاسم بن الفضل الحمدانى عن يوسف بن سعد قال : قام رجل إلى الحسن بن على عليهما السلام ـ بعد ما بايع معاوية ـ فقال : سودت وجوه المؤمنين ، أو يا مسود وجوه المؤمنين ، فقال : لا تؤنبنى رحمك اللّه فان النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم أرى بنى أمية على منبره فساءه ذلك فنزلت ( إِنّٰا أَعْطَيْنٰاكَ اَلْكَوْثَرَ ) يا محمد يعنى نهرا فى الجنة ، ونزلت ( إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ وَمٰا أَدْرٰاكَ مٰا لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) يملكها بنو أمية يا محمد ، قال القاسم : فعددناها فاذا هى الف شهر لا يزيد يوم ولا ينقص.

[ مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٧٠ ] روى بسنده عن يوسف بن مازن الراسى قال : قام رجل إلى الحسن بن على عليهما السلام فقال : سودت وجوه المؤمنين ، فقال الحسن عليه السّلام : لا تؤنبنى رحمك اللّه فان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قد رأى بنى أمية يخطبون على منبره رجلا رجلا فساءه ذلك فنزلت ( إِنّٰا أَعْطَيْنٰاكَ اَلْكَوْثَرَ ) نهر فى الجنة ، ونزلت ( إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ وَمٰا أَدْرٰاكَ مٰا لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ

٣٠١

شَهْرٍ ) تملكها بنو أمية ، قال : فحسبنا ذلك فاذا هو لا يزيد ولا ينقص ، قال : هذا إسناد صحيح ، ثم روى بسنده عن سفيان بن الليل الهمذانى مثله.

[ تفسير ابن جرير ] ج ٣٠ ص ١٦٧ روى بسنده عن القاسم بن الفضل عن عيسى بن مازن قال : قلت للحسن بن على عليهما السّلام : يا مسوّد وجوه المؤمنين عمدت الى هذا الرجل فبايعت له ـ يعنى معوية بن ابى سفيان ـ فقال ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أرى في منامه بنى اميّة يعلون منبره خليفة خليفة فشق ذلك عليه فأنزل اللّه ( إِنّٰا أَعْطَيْنٰاكَ اَلْكَوْثَرَ ) و ( إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ وَمٰا أَدْرٰاكَ مٰا لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) ـ يعنى ملك بنى أمية ـ قال القاسم : فحسبنا ملك بنى أمية فإذا هو الف شهر.

[ الفخر الرازى ] في تفسير سورة القدر قال روى القاسم بن ـ الفضل عن عيسى بن مازن قال قلت للحسن بن على عليهما السّلام يا مسوّد وجوه المؤمنين عمدت الى هذا الرجل فبايعت له يعني معاوية فقال ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم رأى في منامه بنى اميّة يطأون منبره واحدا بعد واحد ( قال ) وفي رواية ينزون على منبره نزو القردة فشق ذلك عليه فأنزل اللّه تعالى ( إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ ) الى قوله ( خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) يعنى ملك بنى امية ( قال ) قال القاسم فحسبنا ملك بنى اميّة فإذا هو ألف شهر.

[ الفخر الرازي ] في تفسير سورة الكوثر قال : إن رجلا قام إلى الحسن بن عليّ عليهما السّلام وقال : سوّدت وجوه المؤمنين بأن تركت الإمامة لمعاوية فقال : لا تؤذنى يرحمك اللّه فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم رأى بني اميّة في المنام يصعدون منبره رجلا فرجلا فسآءه ذلك فأنزل اللّه تعالى ( إِنّٰا أَعْطَيْنٰاكَ اَلْكَوْثَرَ ) و ( إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ وَمٰا أَدْرٰاكَ مٰا لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ لَيْلَةُ

٣٠٢

اَلْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) فكان ملك بني اميّة كذلك ثم انقطعوا وصاروا مبتورين.

[ السيوطي في الدر المنثور ] في تفسير سورة القدر ( قال ) وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس قال : رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بني اميّة على منبره فسآءه ذلك فاوحى اللّه إليه انما هو ملك يصيبونه ونزلت ( إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ وَمٰا أَدْرٰاكَ مٰا لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) ( وقال أيضا ) وأخرج الخطيب عن ابن المسيّب قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم اريت بنى اميّة يصعدون منبري فشق ذلك عليّ فأنزل اللّه ( إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ ) إلى آخره.

٣٠٣

باب

في رؤيا النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بني أمية ينزون

على منبره نزو القرد وإنهم من شر الملوك

[ الفخر الرازى فى تفسيره الكبير ] فى ذيل تفسير قوله تعالى : ( وَمٰا جَعَلْنَا اَلرُّؤْيَا اَلَّتِي أَرَيْنٰاكَ إِلاّٰ فِتْنَةً لِلنّٰاسِ وَاَلشَّجَرَةَ اَلْمَلْعُونَةَ فِي اَلْقُرْآنِ ) فى سورة بنى إسرائيل ، قال : وفى هذه الرؤيا أقوال ( إلى أن قال ) والقول الثالث قال سعيد بن المسيب : رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بنى أمية ينزون على منبره نزو القرد فساءه ذلك ، قال : وهذا قول ابن عباس فى رواية عطا.

[ السيوطى فى الدر المنثور ] فى ذيل تفسير الآية المتقدمة ، قال : وأخرج ابن أبى حاتم عن يعلى بن مرة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : أريت بنى أمية على منابر الأرض وسيملكونكم فتجدونهم أرباب سوء ، واهتم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لذلك فأنزل اللّه ( وَمٰا جَعَلْنَا اَلرُّؤْيَا اَلَّتِي أَرَيْنٰاكَ إِلاّٰ فِتْنَةً لِلنّٰاسِ ).

( وقال أيضا ) أخرج ابن مردويه عن الحسين بن على عليهما السلام إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أصبح وهو مهموم فقيل : ما لك يا رسول اللّه؟ فقال : إنى أريت فى المنام كأن بنى أمية

٣٠٤

يتعاورون منبرى هذا فقيل : يا رسول اللّه لا تهتم فانها دنيا تنالهم فأنزل اللّه ( وَمٰا جَعَلْنَا اَلرُّؤْيَا اَلَّتِي أَرَيْنٰاكَ إِلاّٰ فِتْنَةً لِلنّٰاسِ ).

( وقال أيضا ) أخرج ابن أبى حاتم وابن مردويه والبيهقى فى الدلائل وابن عساكر عن سعيد بن المسيب ، قال : رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بنى أمية على المنابر فساءه ذلك فأوحى اللّه اليه : إنما هى دنيا أعطوها فقرت عينه وهى قوله : ( وَمٰا جَعَلْنَا اَلرُّؤْيَا اَلَّتِي أَرَيْنٰاكَ إِلاّٰ فِتْنَةً لِلنّٰاسِ ) ـ يعنى بلاء للناس ـ ( أقول ) وذكر الأخير المتقى أيضا فى كنز العمال ( ج ٧ ص ١٤٢ ).

( وقال أيضا ) : أخرجه ابن أبى حاتم وابن مردويه والبيهقى فى الدلائل وابن عساكر ( أقول ) وسيأتى فى هذا المعنى ـ أى فى رؤيا النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم بنى أمية ينزون على منبره نزو القرد ـ أحاديث أخرى فى أبواب الفضائل المختصة بالحسين عليه السلام فى باب ما جاء فى ذم مروان وولده وأبيه الحكم بن أبى العاص ، فانتظر.

[ صحيح الترمذى ج ٢ ص ٣٥ ] فى باب ما جاء فى الخلافة ، روى بسنده عن سعيد بن جمهان قال : حدثنى سفينة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : الخلافة فى أمتى ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك ، ثم قال لى سفينة : أمسك خلافة أبى بكر وخلافة عمر وخلافة عثمان ، ثم قال لى : أمسك خلافة على عليه السلام ، قال : فوجدناها ثلاثين سنة ، قال سعيد : فقلت له : إن بنى أمية يزعمون أن الخلافة فيهم ، قال : كذبوا بنو الزرقاء بل هم ملوك من شر الملوك ، قال : قد رواه غير واحد عن سعيد بن جمهان.

٣٠٥

باب

إن الحسن عليه السّلام حج خمسا وعشرين حجة

ماشيا وقد قاسم اللّه ماله ثلاث مرات

[ مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٦٩ ] روى بسنده عن عبد اللّه بن عبيد بن عمير قال : لقد حج الحسن بن على عليهما السلام خمسا وعشرين حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه.

[ سنن البيهقى ج ٤ ص ٣٣١ ] روى بسنده عن ابن عباس قال : ما ندمت على شئ فاتنى فى شبابى إلا أنى لم أحج ماشيا ، ولقد حج الحسن ابن على عليهما السلام خمسا وعشرين حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه ولقد قاسم اللّه ماله ثلاث مرات حتى أنه يعطى الخف ويمسك النعل.

[ حلية الأولياء لأبى نعيم ج ٢ ص ٣٧ ] روى بسنده عن محمد بن على قال : قال الحسن عليه السلام : إنى لأستحى من ربى أن ألقاه ولم أمش إلى بيته ، فمشى عشرين مرة من المدينة على رجليه ( وروى ) بسنده عن ابن أبى نجيح إن الحسن بن على عليهما السلام حج ماشيا وقسم ماله نصفين ( وروى ) بسنده عن شهاب بن عامر : إن الحسن بن على عليهما السلام قاسم اللّه عز وجل ماله مرتين حتى تصدق بفرد نعله

٣٠٦

( وروى ) بسنده عن على ابن زيد بن جذعان قال : خرج الحسن بن على عليهما السلام من ماله مرتين وقاسم اللّه تعالى ماله ثلاث مرات حتى أن كان ليعطى نعلا ويمسك نعلا ويعطى خفا ويمسك خفا.

[ ذخائر العقبى ص ١٣٧ ] قال : وعن على بن زيد قال : حج الحسن عليه السلام خمس عشرة مرة ماشيا ، قال : خرجه أبو عمر ، وخرجه صاحب الصفوة والبغوى فى معجمه عن عبيد اللّه بن عبيد بن عمير ، وزاد : ونجائبه تقاد معه.

٣٠٧

باب

في قول النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من آذى

الحسن فقد آذاني

[ كنز العمال ج ٦ ص ٢٢٢ ] قال : عن أنس قال : بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم راقد إذ جاء الحسن عليه السلام يدرج حتى قعد على صدره ثم بال عليه فجئت أمطيه عنه قال : ويحك يا أنس دع ابنى وثمرة فؤادى فان من آذى هذا فقد آذانى ، ومن آذانى فقد آذانى اللّه ، قال : أخرجه الطبرانى.

٣٠٨

باب

في سخاء الحسن عليه السّلام وعلمه وحلمه

وإنه طعن بخنجر ومات مسموما

[ تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ج ٦ ص ٣٤ ] قال : روي عن الحسن بن على عليهما السلام إنه كان مارا فى بعض حيطان المدينة فرأى أسود بيده رغيف يأكل ويطعم الكلب لقمة إلى أن شاطره الرغيف ، فقال له الحسن عليه السلام : ما حملك على أن شاطرته ولم تغابنه فيه بشئ؟ فقال : أستحت عيناى من عينيه أن أغابنه ، فقال له : غلام من أنت؟ فقال : غلام أبان بن عثمان ، فقال : والحائط؟ قال : لأبان بن عثمان ، فقال له الحسن عليه السّلام : أقسمت عليك لا برحت حتى أعود اليك فمرّ واشترى الغلام والحائط وجاء إلى الغلام فقال : يا غلام قد اشتريتك ، قال : فقام قائما فقال : السمع والطاعة للّه ولرسوله ولك يا مولاى ، قال : وقد اشتريت الحائط وأنت حر لوجه اللّه والحائط هبة منى اليك ، قال : فقال الغلام : يا مولاى قد وهبت الحائط للذى وهبتنى له.

[ ذخائر العقبى ص ١٣٧ ] قال : عن سعيد بن عبد العزيز إن الحسن ابن على عليهما السلام سمع رجلا يسأل ربه أن يرزقه عشرة

٣٠٩

آلاف ، فانصرف الحسن عليه السلام فبعث بها اليه ، قال : خرجه فى الصفوة.

[ الصواعق المحرقة لابن حجر ص ٨٣ ] قال : وجاءه ـ يعنى الحسن ابن على عليهما السلام ـ رجل يشكو اليه حاله وفقره وقلة ذات يده بعد أن كان مثريا ، فقال : ما هذا حق ، سؤالك يعظم لدى معرفتى بما يجب لك ، ويكبر عليّ ويدى تعجز عن نيلك ما أنت أهله ، والكثير فى ذات اللّه قليل ، وما فى ملكى وفاء لشكرك ، فان قبلت الميسور ورفعت عنى مؤنة الاحتفال والاهتمام لما أتكلفه فعلت ، فقال : يابن بنت رسول اللّه أقبل القليل وأشكر العطية وأعذر على المنع ، فأحضر الحسن عليه السلام وكيله وحاسبه وقال : هات الفاضل فأحضر خمسين الف درهم وقال : ما فعلت فى الخمسمائة دينار التى معك؟ قال : هى عندى قال : احضرها فأحضرها فدفعها والخمسين الفا إلى الرجل واعتذر ، وأضافته هو والحسين عليه السلام وعبد اللّه بن جعفر عجوز فأعطاها الف دينار والف شاة ، وأعطاها الحسين عليه السلام مثل ذلك ( الخ ).

[ ذخائر العقبى ص ١٣٨ ] قال : عن محمد بن سعد اليربوعى قال : قال على عليه السلام للحسن بن على عليهما السلام : كم بين الإيمان واليقين؟ قال : أربع أصابع ، قال : بيّن قال : اليقين ما رأته عينك ، والإيمان ما سمعته أذنك وصدقت به ، قال : أشهد أنك ممن أنت منه ( ذرية بعضها من بعض ) قال : خرجه ابن أبى الدنيا فى كتاب اليقين.

[ الصواعق المحرقة أيضا ص ٨٣ ] قال : وأخرج ابن عساكر إنه قيل للحسن عليه السلام : إن أبا ذر يقول : الفقر أحب إلي من الغنى ، والسقم أحب إلى من الصحة ، فقال : رحم اللّه أباذر ، أما أنا فأقول : من اتكل إلى حسن اختيار اللّه لم يتمن أنه فى غير الحالة التى اختار اللّه له.

٣١٠

[ الزمخشرى فى الكشاف ] فى تفسير قوله تعالى : ( وَيٰا قَوْمِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ اَلسَّمٰاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرٰاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاٰ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ) فى سورة هود ، قال : وعن الحسن بن على عليهما السلام أنه وفد على معاوية فلما خرج تبعه بعض حجابه فقال : إنى رجل ذو مال ولا يولد لى فعلمنى شيئا لعل اللّه يرزقنى ولدا ، فقال : عليك بالاستغفار فكان يكثر الاستغفار حتى ربما استغفر فى يوم واحد سبعمائة مرة فولد له عشرة بنين فبلغ ذلك معاوية فقال : هلا سألته مم قال ذلك فوفد وفدة أخرى فسأله الرجل فقال : ألم تسمع قول هود عليه السلام : ويزدكم قوة إلى قوتكم؟ وقول نوح عليه السلام : وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰالٍ وَبَنِينَ ( أقول ) أما قوله عليه السلام : ألم تسمع قول هود ، فالمراد منه واضح وهو ما تقدم فى الآية الشريفة ويا قوم استغفروا ( إلى قوله ) ويزدكم قوة إلى قوتكم ، وأما قوله عليه السلام : وقول نوح فالمراد منه هو قوله تعالى فى سورة نوح : ( فَقُلْتُ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كٰانَ غَفّٰاراً يُرْسِلِ اَلسَّمٰاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرٰاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ ... أَنْهٰاراً )

[ تهذيب التهذيب لابن حجر ج ٢ ص ٢٩٨ ] قال : وقال جويرية : لما مات الحسن بن على عليهما السلام بكى مروان فى جنازته فقال الحسين عليه السّلام : أتبكيه وقد كنت تجرعه ما تجرعه؟ فقال : إنى كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا ـ وأشار بيده إلى الجبل.

[ الصواعق المحرقة لابن حجر ص ٨٣ ] قال : وأخرج ابن سعد عن عمير بن اسحاق إنه لم يسمع منه كلمة فحش إلا مرة كان بينه وبين عمرو ابن عثمان بن عفان خصومة فى أرض فقال : ليس له عندنا إلا ما رغم أنفه قال : فهذه أشد كلمة فحش سمعتها منه ( ثم قال ) وأرسل اليه مروان يسبه ـ وكان عاملا على المدينة ـ ويسب عليا عليه السلام كل جمعة على المنبر فقال الحسن عليه السلام لرسوله : ارجع اليه

٣١١

فقل له : إنى واللّه لا أمحو عنك شيئا بأن أسبك ولكن موعدى وموعدك اللّه ، فان كنت صادقا فجزاك اللّه خيرا بصدقك ، وإن كنت كاذبا فاللّه أشد نقمة.

[ الصواعق المحرقة أيضا ص ٨٣ ] قال : وأخرج البزار وغيره إنه لما استخلف ـ يعنى الحسن عليه السلام ـ بينما هو يصلى إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر وهو ساجد ، ثم خطب الناس فقال : يا أهل العراق اتقوا اللّه فينا فإنا أمراؤكم وضيفانكم ، ونحن أهل البيت الذين قال اللّه فيهم : ( إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) فما زال يقولها حتى ما بقى أحد فى المسجد إلا وهو يبكى.

[ حلية الأولياء لأبى نعيم ج ٢ ص ٣٨ ] روى بسنده عن عمير بن اسحاق قال : دخلت أنا ورجل على الحسن بن على عليهما السلام نعوذه فقال : يا فلان سلنى قال : لا واللّه لا نسألك حتى يعافيك اللّه ثم نسألك ، قال : ثم دخل ثم خرج الينا فقال : سلنى قبل أن لا تسألنى فقال : بل يعافيك اللّه ثم أسألك ، قال : لقد ألقيت طائفة من كبدى وإنى سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذه المرة ، ثم دخلت عليه من الغد وهو يجود بنفسه والحسين عليه السلام عند رأسه وقال : يا أخى من تتهم؟ قال : لم لتقتله؟ قال : نعم قال : إن يكن الذى أظن فاللّه أشد بأسا وأشد تنكيلا ، وإلا يكن فما أحب أن يقتل بى برئ ، ثم قضى عليه السّلام.

[ الصواعق المحرقة لابن حجر ص ٨٣ ] قال : وكان سبب موته أن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندى دس اليها يزيد أن تسمه ويتزوجها وبذل لها مائة الف درهم ففعلت ، فمرض أربعين يوما فلما مات بعثت إلى يزيد تسأله الوفاء بما وعدها فقال لها : إنا لم نرضك للحسن فنرضاك لأنفسنا.

٣١٢

[ قال ابن حجر ] وبموته مسموما شهيدا جزم غير واحد من المتقدمين كقتادة وأبى بكر بن حفص والمتأخرين كالزين العراقى فى مقدمة شرح التقريب ( إلى أن قال ) وجهد به أخوه أن يخبره بما سقاه ـ يعنى السم ـ فلم يخبره وقال : اللّه أشد نقمة إن كان الذى أظن ، وإلا فلا يقتل بى واللّه برئ ( قال وفى رواية ) يا أخى قد حضر وفاتى ودنا فراقى لك ، وإنى لاحق بربى وأجد كبدى تقطع ، وإنى لعارف من أين دهيت فأنا أخاصمه إلى اللّه تعالى فبحقى عليك لا تكلمت فى ذلك بشئ ، فاذا أنا قضيت نحبى فقمصنى وغسلنى وكفنى واحملنى على سريرى إلى قبر جدى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أجدد به عهدا ثم ردنى إلى قبر جدتى فاطمة بنت أسد فادفنى هناك وأقسم عليك باللّه أن لا تريق فى أمرى محجمة دم ( قال وفى رواية ) إنى يا أخى سقيت السم ثلاث مرات لم أسقه بمثل هذه المرة ، فقال : من سقاك؟ قال : ما سؤالك عن هذا تريد أن تقاتلهم؟ أكل أمرهم إلى اللّه ، قال : أخرجه ابن عبد البر ( ثم قال وفى أخرى ) لقد سقيت السم مرارا ما سقيته مثل هذه المرة ولقد لفظت طائفة من كبدى فرأيتنى أفلبها بعود ، فقال له الحسين عليه السلام : أى أخى من سقاك؟ قال : وما تريد اليه؟ أتريد أن تقتله؟ قال : نعم قال : لئن كان الذى أظن فاللّه أشد نقمة وإن كان غيره فلا يقتل بى برئ.

[ مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٧٣ ] روى بسنده عن أم بكر بنت المسور قالت : كان الحسن بن على عليهما السلام سم مرارا كل ذلك يفلت حتى كانت المرة الأخيرة التى مات فيها فانه كان يختلف كبده فلما مات أقام نساء بنى هاشم النوح عليه شهرا.

[ مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٧٦ ] روى بسنده عن قتادة بن دعامة السدوسى قال : سمت ابنة الأشعث بن قيس الحسن بن على عليهما السلام وكانت تحته ورشيت على ذلك مالا.

٣١٣

المقام الثاني

في الفضائل المختصة بالحسين عليه السّلام

وفيه أبواب :

٣١٤

باب

إن الحسين ولد لستة أشهر كعيسى عليه السّلام

[ ذخائر العقبى ص ١١٨ ] قال : وقال قتادة : ولد الحسين عليه السّلام بعد الحسن عليه السّلام بسنة وعشرة أشهر لخمس سنين وستة أشهر من الهجرة ( ثم قال ) وقال ابن الدارع فى كتاب مواليد أهل البيت : لم يكن بينهما إلا حمل البطن ، وكان مدة حمل البطن ستة أشهر ( ثم قال ) وقال : لم يولد مولود قط لستة أشهر فعاش إلا الحسين وعيسى بن مريم عليهما السلام.

٣١٥

باب

في قول النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم :

بكاء الحسين يؤذيني

[ الهيثمى فى مجمعه ج ٩ ص ٢٠١ ] قال : وعن يزيد بن أبى زياد قال : خرج النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم من بيت عائشة فمرّ على بيت فاطمة سلام اللّه عليها فسمع حسينا يبكى فقال : ألم تعلمى أن بكاءه يؤذينى؟ قال : رواه الطبرانى ( أقول ) وذكره المحب الطبرى أيضا فى ذخائره ( ص ١٤٣ ) وقال : خرجه ابن بنت منيع.

[ السيوطى فى الدر المنثور ] فى ذيل تفسير قوله تعالى : ( إِنَّمٰا أَمْوٰالُكُمْ وَأَوْلاٰدُكُمْ فِتْنَةٌ ) فى سورة التغابن ، قال : وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبى كثير قال : سمع النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم بكاء حسن أو حسين فقال النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم الولد فتنة ، لقد قمت اليه وما أعقل.

٣١٦

باب

إن الحسين عليه السّلام فداه النبي صلى اللّه

عليه وآله وسلم بابنه ابراهيم

[ تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ج ٢ ص ٢٠٤ ] روى بسنده عن أبى العباس قال : كنت عند النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم وعلى فخذه الأيسر ابنه ابراهيم وعلى فخذه الأيمن الحسين بن على عليهما السلام تارة يقبل هذا وتارة يقبل هذا ، إذ هبط عليه جبريل عليه السلام بوحى من رب العالمين فلما سرى عنه قال : أتانى جبريل من ربى فقال لى : يا محمد إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك : لست أجمعهما لك فافد أحدهما بصاحبه ، فنظر النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى ابراهيم فبكى ونظر إلى الحسين عليه السلام فبكى ثم قال : إن ابراهيم أمه أمة ومتى مات لم يحزن عليه غيرى وأم الحسين فاطمة وأبوه علىّ ابن عمى لحمى ودمى ومتى مات حزنت ابنتى وحزن ابن عمى وحزنت أنا عليه وأنا أوثر حزنى على حزنهما ، يا جبريل تقبض ابراهيم فديته بابراهيم ، قال : فقبض بعد ثلاث ، فكان النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا رأى الحسين عليه السلام مقبلا قبله وضمه إلى صدره ورشف ثناياه وقال : فديت من فديته بابنى ابراهيم.

٣١٧

باب

إن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يدلع لسانه للحسين عليه السّلام

ويقبل فمه وثناياه

[ ذخائر العقبى ص ١٢٦ ] قال : عن أبى هريرة قال : كان النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم يدلع ١ لسانه للحسين عليه السلام فيرى الصبى حمرة لسانه فبهش ٢اليه فقال عيينة بن بدر : ألا أراه يصنع هذا بهذا؟ فو اللّه إنه ليكون لى الولد قد خرج وجهه وما قبلته قط ، فقال صلى اللّه عليه وآله وسلم : من لا يرحم لا يرحم ، قال : خرجه أبو حاتم.

[ ذخائر العقبى أيضا ص ١٢٦ ] قال : وعن يعلى بن مرة إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم أخذ الحسين عليه السلام وقنع رأسه ووضع فاه على فيه فقبله ، قال : خرجه أبو حاتم وسعيد بن منصور.

[ ذخائر العقبى أيضا ص ١٢٦ ] قال : عن أنس بن مالك قال : لما قتل الحسين بن على عليهما السلام جئ برأسه إلى ابن زياد فجعل ينكت بقضيب على ثناياه وقال : إن كان لحسن الثغر فقلت فى نفسى : لأسوأنك لقد رأيت

_____________________

١ ـ دلع لسانه : أي أخرجه من فمه.

٢ ـ يهش اليه : أى يخف اليه ويرتاح ، والهشاشة الخفة والارتياح المعروف.

٣١٨

رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقبل موضع قضيبك من فيه ، قال : أخرجه ابن الضحاك.

[ أسد الغابة ج ٥ ص ٣٨١ ] فى ترجمة عبد الواحد بن عبد اللّه القرشى قال : روى محمد بن سوقة عن عبد الواحد القرشى قال : لما أتي يزيد برأس الحسين بن على عليهما السلام تناوله بقضيب فكشف عن ثناياه فو اللّه ما البرد بأبيض منها وأنشد :

يفلقن هاما من رجال أعزة

علينا وهم كانوا أعق وأظلما

فقال له رجل عنده : يا هذا إرفع قضيبك فو اللّه ربما رأيت شفتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فكأنه يقبله ، فرفع متذمرا عليه مغضبا.

[ كنز العمال ج ٧ ص ١١٠ ] قال : عن زيد بن أرقم قال : كنت جالسا عند عبيد اللّه بن زياد إذ أتي برأس الحسين عليه السلام فوضع بين يديه فأخذ قضيبه فوضعه بين شفتيه فقلت له : إنك لتضع قضيبك فى موضع طالما لثمه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فقال : قم إنك شيخ قد ذهب عقلك ، قال ، أخرجه الخطيب فى المتفق ( اقول ) وذكره العسقلانى ايضا فى فتح البارى ج ٨ ص ٩٦ وقال فيه فقلت ارفع اقضيبك فقد رأيت فم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فى موضعه يعنى فى موضع القضيب ( قال ) اخرجه الطبرانى من حديث زيد ابن ارقم.

[ الصواعق المحرقة ص ١١٨ ] قال وروى ابن أبى الدنيا إنه كان عند ابن زياد زيد بن أرقم فقال له : إرفع قضيبك فو اللّه لطالما رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقبّل ما بين هاتين الشفتين ، ثم جعل زيد يبكى فقال ابن زياد : أبكى اللّه عينيك لولا أنك شيخ قد خرفت لضربت عنقك ، فنهض وهو يقول : أيها الناس أنتم العبيد بعد اليوم قتلتم ابن فاطمة وأمرّتم ابن مرجانة واللّه ليقتلن خياركم ، ويستعبدنّ شراركم فبعدا لمن رضى بالذلة والعار ، ثم قال : يابن زياد لأحدثنك بما هو أغيظ عليك من هذا رأيت رسول اللّه

٣١٩

صلى اللّه عليه وآله وسلم أقعد حسنا على فخذه اليمنى وحسينا على اليسرى : ثم وضع يده على يافوخهما ثم قال : اللهم إنى أستودعك إياهما وصالح المؤمنين ، فكيف كانت وديعة النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم عندك يابن زياد ( أقول ) وقد تقدم أيضا فى الباب الثالث فى رواية أبى العباس قوله : فكان النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا رأى الحسين عليه السلام مقبلا قبّله وضمه إلى صدره ورشف ثناياه وقال : فديت من فديته بابراهيم ، وسيأتى أيضا فى الباب الآتى حديث قد رواه الحاكم فى مستدرك الصحيحين ( ج ٣ ص ١٧٧ ) قال فيه : فوضع ـ يعنى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ـ إحدى يديه تحت قفاه ـ يعنى قفا الحسين عليه السلام ـ والأخرى تحت ذقنه فوضع فاه على فيه يقبّله فقال : حسين منى وأنا من حسين ( إلى آخره ) ـ كما سيأتى أيضا فى باب بعده حديث من الاستيعاب قال فيه : ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ـ يعنى للحسين عليه السلام ـ إفتح فاك ثم قبّله ثم قال : اللهم أحبه فانى أحبه.

٣٢٠