تبصرة الفقهاء - ج ٣

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-020-0
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٤٣٨

تبصرة

[ في وجوب إخراجها عند تكامل شرائطها ]

إذا تكاملت شرائط وجوب الفطرة وجب إخراجها عن نفسه ، وعن جميع من يندرج في عياله ، ويدخل تحت عيلولته سواء كان على سبيل الوجوب أو الندب مسلما كان أو كافرا ، حرّا كان أو مملوكا ، كبيرا كان أو صغيرا ، مميّزا كان أو لا ، ممّن يجب نفقته على غيره أو لا ، بلا خلاف فيه بين الأصحاب.

وحكاية الإجماع على أصل الحكم مستفيضة حكاه في المنتهى (١) والمدارك (٢) وغيرهما.

ويدلّ عليه بعد ذلك النصوص المستفيضة المشتملة على الصحاح وغيرها كالصحيح : سألته عمّا يجب على الرجل من صدقة الفطرة؟ قال : « تصدق عن جميع من يعول من حرّ أو عبد أو صغير أو كبير » (٣) ، أو ما عداه.

وفي صحيحة أخرى : « الفطرة واجبة على كلّ من يعول من الذكر أو الأنثى صغيرا أو كبيرا أو (٤) حرّا أو مملوكا » (٥).

وفي أخرى : « في صدقة الفطرة تصدق عن جميع من يعول من صغير أو كبير ، حرّ أو مملوك » (٦).

وفي رابعة : « صدقة الفطرة عن كلّ رأس من أهلك الصغير والكبير والحر والمملوك

__________________

(١) منتهى المطلب ١ / ٥٣٢.

(٢) مدارك الأحكام ٥ / ٣١٥.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٨٢ ح ٢٠٨١.

(٤) ليس في ( د ) : « أو ».

(٥) الكافي ٤ / ١٧٢ ، باب الفطرة ح ١٦.

(٦) الاستبصار ٢ / ٤٧ ، باب كمية زكاة الفطرة ح ٧.

٣٠١

والغني والفقير » (١).

وفي مرفوعة محمد بن أحمد بن يحيى ، عن الصادق عليه‌السلام قال : « يؤدي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه ورقيقه وامرأته وعبده النصراني والمجوسي وما أغلق عليه بابه » (٢).

إلى غير ذلك من الأخبار الدالّة على ذلك ممّا لا ريب فيها.

ولنتمم الكلام في المقام برسم أمور :

الأول : لو كان من تجب عليه الإنفاق عليه مندرجا في عياله فلا كلام كما عرفت ، وأما مع عدمه فقد وقع الخلاف في أمور :

منها : الأبوان والأجداد والأولاد إذا كانوا معسرين ، فعن الشيخ في المبسوط (٣) أنّ نفقتهم وفطرتهم عليه سواء اندرجوا في عياله أو لا.

والمعروف التفصيل بين العيلولية وعدمها.

وهو الأظهر ؛ لإناطة الحكم بها في الأخبار.

وعلّل الشيخ وجوب الفطرة عليه بوجوب الإنفاق.

وفيه : أنه يدور مدار العيلولة والإنفاق لا مجرد وجوب النفقة كما عرفت.

ويمكن الاحتجاج له بموثقة إسحاق بن عمار أو صحيحته عن الصادق عليه‌السلام : « الواجب عليك أن تعطي عن نفسك وأبيك وأمّك وولدك وامرأتك وخادمك » (٤).

فإنّها تعمّ صورة الإنفاق عليهم وعدمه. وبمعناها صحيحة أخرى مشتملة على خصوص الولد ، وفيها : « إنّما تكون فطرته مع عياله بصدقة دونه قال العيال الولد والمملوك والزوجة وأمّ الولد » (٥).

__________________

(١) تهذيب الأحكام ٤ / ٧٥ ، باب زكاة الفطرة ح ١٨.

(٢) الكافي ٤ / ١٧٤ باب الفطرة ح ٢٠.

(٣) المبسوط ١ / ٢٣٩.

(٤) من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٨١ ح ٢٠٨٠.

(٥) من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٨١ ح ٢٠٧٩ ، وفيه : « على عياله صدقة ».

٣٠٢

وهما محمولان على صورة العيلولة كما هو الغالب.

وفي الصحيحة الثانية إشارة إليه حيث فسّر العيال بذلك.

ومنها : الولد الصغير مع يساره ، فذهب الشيخ في المبسوط (١) إلى أنّ نفقته في ماله وفطرته على أبيه ؛ معلّلا بأنّه من عياله. وهو كما ترى.

وفي المدارك (٢) أنّه ضعيف جدا.

ومنها : الزوجة إذا استحقّت النفقة على الزوج ، ولكن لم يعلها ، فإنها إن اندرجت في عيال غيره كانت فطرتها عليه كما هو مقتضى النصوص وظاهر كلام الأصحاب من غير خلاف يظهر فيه.

وفي الحدائق (٣) نفى عنه الخلاف والإشكال وإلّا ففي وجوب فطرتها على الزوج خلاف ، فذهب كثير من الأصحاب إلى وجوبها عليه وجعلوها تابعة لوجوب الإنفاق.

وفي الحدائق (٤) : إنّه المشهور.

وفي المدارك (٥) : إنه مذهب الأكثر ، واعتبر جماعة من الأصحاب منهم صاحب المدارك (٦) والحدائق (٧) حصول العيلولة في وجوب الفطرة ، فلا فطرة عليه من جهتها مع عدمها ؛ أخذا بظواهر الأخبار المتقدمة التي أنيط الحكم فيها بالعيلولة. وهو الأظهر لتلك الظواهر المعتضدة بالأصل وعدم قيام دليل على خلافها سوى إطلاق المعتبرين المتقدمين.

وهو إطلاق ضعيف محمول على حصول العيلولة كما يومي إليه الثاني منهما.

__________________

(١) المبسوط ١ / ٢٣٩.

(٢) مدارك الأحكام ٥ / ٣٢٤.

(٣) الحدائق الناضرة ١٢ / ٢٦٨.

(٤) الحدائق الناضرة ١٢ / ٢٦٨.

(٥) مدارك الأحكام ٥ / ٣٢٢.

(٦) مدارك الأحكام ٥ / ٣٢٢.

(٧) الحدائق الناضرة ١٢ / ٢٦٨.

٣٠٣

ويؤيّده ضمّ غيرها إليها ممّا لا يقول (١) الأكثر به إلّا مع الإنفاق كما مرّ.

ومنها : الزوجة إذا لم تكن ممّن يجب الانفاق عليه كالناشزة والصغيرة على القول بعدم وجوب نفقتها ، وغير المدخول بها مع عدم التمكين والمتمتّع بها ، ففي وجوب فطرتها على الزوج مع انتفاء العيلولة قولان.

والمشهور فيه عدم الوجوب.

وعن الحلي (٢) وجوب فطرتها عليه مطلقا مستدلّا بالعموم والإجماع ؛ إذ لم يفصّل في الزوجة أحد من الأصحاب.

وهو بيّن الوهن ؛ لعدم ظهور الإطلاق في مثل ذلك سيّما بالنسبة إلى المتمتع بها ، مضافا إلى ما عرفت من إناطة الحكم في الأخبار بالعيلولة.

ودعواه الاجماع موهونة بشهرة خلافه ، بل لا يظهر قائل بذلك سوى ما قال المحقّق في المعتبر (٣) : ما عرفنا أحدا من فقهاء الإسلام فضلا عن الاماميّة بوجوب الفطرة عن الزوجة من حيث هي ، قال : فدعواه إذن عرية عن الفتوى والأخبار.

ونحوها ما عن المفيد.

ومنها : المملوك ، فالمعروف وجوب فطرته على سيّده مطلقا حاضرا كان أو غائبا ، صغيرا كان أو كبيرا ، مطيعا كان أو عاصيا ، آبقا كان أو لا ، مغصوبا كان أو لا.

وعن منتهى المطلب (٤) أجمع أهل العلم كافة على وجوب إخراج الفطرة عن العبيد الحاضرين والمكاتبين (٥) المغصوبين والآبقين وعبيد التجارة ، صغارا كانوا أو كبارا (٦).

__________________

(١) في ( ألف ) : « يقول » بصيغة الإيجاب.

(٢) السرائر ١ / ٤٦٦.

(٣) المعتبر ٢ / ٦٠١.

(٤) منتهى المطلب ١ / ٥٣٤.

(٥) في ( د ) زيادة : « واو ».

(٦) ليس في ( د ) : « واو ».

٣٠٤

وحكاه في المعتبر (١) من (٢) أكثر أهل العلم ، ثمّ نقل الخلاف فيه عن أبي حنيفة.

وعلّلوا ذلك بأنّ نفقته واجبة فيجب فطرته عليه.

وقد عرفت ما فيه ؛ إذ قضية الأخبار دورانه مدار العيلولة لا مجرّد وجوب النفقة ، ولذا ذهب المعظم في المسألة الأولى إلى (٣) عدم وجوب الفطرة مع وجوب النفقة هناك أيضا. وقد نصّها هناك بعض هؤلاء بما قلنا.

وربّما يحتجّ عليه بإطلاق الأخبار.

وفيه : أنّ الإطلاق إنّما ينصرف إلى الغالب ، فلا يندرج فيه مثل ذلك ، ولا أقلّ من الشك.

مضافا إلى تقييده بما دلّ على اعتبار العيلولة ، وحكى في الشرائع (٤) قولا بعدم الوجوب إلّا مع العيلولة. واختاره جماعة من المتأخرين منهم صاحب (٥) المدارك (٦) والحدائق (٧).

وتردد فيه في الشرائع (٨) وكأنّه الأظهر ؛ لما عرفت.

ثم لو كان العبد ممّن يعوله غير مولاه فلا إشكال في وجوب فطرته كما مرّ في الزوجة.

وقد نفى عنه الخلاف والاشكال في الحدائق (٩).

وإن كان ينفق على نفسه من كسبه فإن كان ذلك بإذن السيد وما (١٠) في حكمه كان ذلك عيلولة اذ كسبه لسيده بناء على القول بعدم ملكه فتجب فطرته على سيده ، وإن كان لا عن إذنه فإن كان على سبيل الغصب ( فالظاهر خروجه عن العيلولة ، كيف ولو لا ذلك لكان كل

__________________

(١) المعتبر ٢ / ٥٩٣.

(٢) في ( د ) : « عن ».

(٣) زيادة « إلى » من ( د ).

(٤) شرائع الإسلام ١ / ١٣٠.

(٥) في ( د ) : « صاحبا ».

(٦) مدارك الأحكام ٥ / ٣٢٢.

(٧) الحدائق الناضرة ١٢ / ٢٦٩.

(٨) شرائع الإسلام ١ / ١٣٠.

(٩) الحدائق الناضرة ١٢ / ٢٦٩.

(١٠) في ( د ) : « أو ».

٣٠٥

من يصرف على نفسه من مال الغير ولو على سبيل الغصب ) (١) مندرجا في عياله ، وهو بيّن الفساد.

وإن كان بإذن الشرع ففيه وجهان ؛ من حصول العيلولة في الجملة ، ومن عدم استناد إليه في ظاهر العرف ، فإن ظاهر قوله عليه‌السلام « من يعول » ونحوه لا يظهر انصرافه إلى ذلك.

ومن هنا يظهر جريان الإشكال في ساير من يجب الإنفاق عليهم إذا امتنع من يجب الإنفاق عليه وانفق الحاكم عليهم من ماله أو أخذوا مقدار النفقة بغير إذنه.

الثاني : المدار في صدق العيلولة على العرف ، والظاهر صدقها ببذل (٢) النفقة وإن كانت كسوته على نفسه أو غيره.

وهل يعتبر أن يكون الدفع على وجه إباحة والترخيص أو يعمّ ذلك وما إذا كان على سبيل التملك؟ وجهان أوجههما الثاني ؛ إذ المدار في العيلولة على تكفّل النفقة سواء كان بتمليكه ذلك أو إباحته له ، وسواء كان المدفوع عين ما ينفقه أو قيمته.

نعم ، يعتبر فيه (٣) أن يكون الدفع لأجل الإنفاق لأن يصرفه المدفوع إليه في نفقته ، ويعتبر مع ذلك صدق الاسم بحسب العرف ، فقد يجتمع الأمران ولا يعدّ عيلولة في العرف.

فظهر بما ذكرنا أنه لو شرط عليه الإنفاق في ضمن عقد لازم لم يمنع من (٤) صدق العيلولة ، خلافا للمحقق في المعتبر حيث عدّه مانعا من ذلك ؛ ناظرا (٥) إلى استحقاقه (٦) ذلك ، وتملكه له من جهة الشرط ، فيكون كصرفه من مال نفسه ، بل هو من ذلك ؛ لكونه بمنزلة الأجرة.

وبه قطع في المدارك.

ويدفعه صدق الاسم بحسب العرف قطعا ، كيف وقد يجعل الشرط نفس العيلولة ويشير

__________________

(١) ما بين الهلالين زيدت من ( د ).

(٢) في ( ب ) : « ببذله ».

(٣) في ( ب ) زيادة : « فيه » الذي أثبتناه في المتن.

(٤) في ( ب ) : « في ».

(٥) في ( ب ) : « نظرا ».

(٦) في ( ب ) : « استحقاق ».

٣٠٦

إليه ملاحظة حال الزوجة ؛ فإنّها تملك نفقة يومها مع أنّها من أظهر أفراد العيال.

ولو كان في عيلولة شخصين بأن كانا ينفقان عليه على سبيل الشركة فلا يبعد القول بوجوب فطرته عليهما على نحو ما يجي‌ء في العبد المشترك ، مع احتمال عدم وجوبها ؛ لخروجه عن عيلولة كلّ منهما.

ويجري مثله بالنسبة إلى الجماعة أيضا إلّا أن يكون بحيث يخرج عن اسم العيلولة.

ولو كان بعض نفقته من نفسه وبعضها من الغير ففي اندراجه في عياله أو وجوب الفطرة بالنسبة أو وجوبها على نفسه أو عدم وجوبها أصلا وجوه.

الثالث : هل يعتبر أن يكون العيلولة على وجه (١) المشروع (٢) لدعوى انصراف ظاهر إطلاقها في كلام المشهور (٣) إليه ، ولا أقل من الشكّ مع عدمها ، والأصل براءة الذمّة أو أنّه يدور مدار صدقها في العرف ولو لم يكن على الوجه المشروع كما إذا انفق عليهم من المال المغصوب كما هو الحال في كثير من الظلمة أو أمسك مملوك الغير أو زوجته وأدرجه في عياله على غير الوجه المشروع وإن أنفق عليه من ماله الحلال؟ وجهان لم أجد منهم تصريحا بأحدهما ، بل عبائرهم كظاهر الأخبار مطلقة في المقام.

وربّما يفصّل بين الصورتين المذكورتين بدعوى ظهور العيلولة في صرف مال نفسه عليه ، فلا يندرج فيه المال المغصوب ، وإن عدّ من أمواله في العرف ؛ لتغليبه عليه بخلاف ما لو كان الصرف على غير الوجه المشروع.

والأظهر الرجوع في ذلك إلى العرف.

الرابع : في وجوب الفطرة عن العبد الغائب الذي لا يعلم حياته ولا موته قولان ، فالوجوب مختار الحلي في السرائر (٤).

__________________

(١) في ( د ) : « الوجه ».

(٢) في ( ب ) زيادة : « أو ».

(٣) في ( د ) : « الشارع ».

(٤) السرائر ٢ / ٧١٨.

٣٠٧

وعن الشهيد الثاني في المسالك (١) الميل إليه.

والعدم مختار جماعة منهم الشيخ (٢) والفاضلان (٣).

احتج الحلي بأصالة البقاء ، وبأنّه يجوز عتقه في الكفّارة كما ورد في الصحيح في خصوص كفارة الظهار ، وليس ذلك إلّا من جهة الحكم ببقائه ، فيجب عليه فطرته.

حجة الجماعة أصالة براءة الذمّة ، واشتغالها موقوف على بقاء الحياة ، وهو غير معلوم ؛ وأنّ الأصل عصمه مال الغير من (٤) السلطنة عليه ، فيجب انتزاعه على العلم بوجود السبب ، وهو غير حاصل في المقام.

ويجاب عمّا ذكره الحلي بأنّ ما استند إليه من الأصل معارض بالأصل المذكور ، فلا ينهض حجّة ، وحملها على العتق قياس لا نقول به سيّما مع وجود الفارق ؛ فإنّ العتق إسقاط لما في الذمّة من حقوقه تعالى ، وهو مبني على التخفيف بخلاف وجوب دعوى (٥) الفطرة فانّه إلزام مال على المكلّف ، فلا يثبت مع عدم ثبوت سببه.

هذا ملخّص كلامهم في المقام.

أقول : ومبنى المسألة في المقام على حجيّة الأصل المذكور أعني أصالة البقاء وعدمها ، فإنّه قد يتخيّل كونها من الأصول المثبته حيث إنّها تثبت اشتغال الذمّة بالفطرة المنفي أيضا بالأصل.

ويدفعه أنّ وجوب الفطرة كوجوب النفقة للزوجة مع غياب الزوج والشك في حياته ، ولا شك هناك في حجية الأصل بل (٦) ولا ينبغي التأمل فيه لكونه من استصحاب الموضوع ، والاجماع منعقد على حجيته فيترتب الحكم المتفرّغ عليه.

__________________

(١) مسالك الإفهام ١ / ٤٤٧.

(٢) المبسوط ١ / ٢٣٩.

(٣) المعتبر ٢ / ٥٩٨ ، منتهى المطلب ١ / ٥٣٤.

(٤) في ( د ) : « عن ».

(٥) ليس في ( د ) : « دعوى ».

(٦) ليس في ( د ) : « واو ».

٣٠٨

وقد يفصّل في ذلك بين الحكم الثابت بثبوت أو لا المستمر باستمراره ، والحكم الجديد اللاحق المتوقّف على ثبوت ذلك الموضوع كما في المقام ؛ نظرا إلى قيام استصحاب الحكم التابع لاستصحاب الموضوع في الأوّل ، وانتفاء استصحاب الحكم في الثاني ، بل قيام أصالة عدم المعارض لاستصحاب الموضوع.

والأظهر حجيّة استصحاب الموضوع في المقامين ، كما هو مفاد الأخبار الدالة عليه.

وقد تقرّر ذلك في محلّه.

وبذلك يظهر أنّ ما ذكره الحلي هو الموافق للأصل بناء على القول بتبعيّة وجوب الفطرة للملكيّة ، وأمّا على ما اخترناه فلا زكاة لانتفاء العيلولة.

نعم ، لو فرض حصولها في المقام على فرض بقاء الحياة اتّجه القول بالوجوب ، ومع الشك فيه يشكل الحكم.

ودعوى أصالة بقاء العيلولة محلّ إشكال ، بل ربّما يستظهر خلافها ؛ لابتنائها على كون الانفاق من ماله على الوجه المتقدم ، وهو من الأمور المتجدّدة ، فلا يجرى فيه أصالة البقاء ، فتأمل.

ثمّ إنّ ظاهر المحكي عنهم في المقام جريان الخلاف حينئذ مع (١) الشكّ في البقاء كيف كان إلّا أنّه صرّح في الحدائق (٢) بانّ محلّ الخلاف فيما إذا كان مفقود الخبر ، وأمّا في غيره فلا كلام.

وهو متّجه إذ الاكتفاء فيه بمجرّد الغياب بعيد جدّا ، بل مخالف لظاهر كلامهم.

وفي صحيحة جميل أنّه : « لا بأس أن يعطي الرجل عن عياله وهم غيّب عنه » (٣) نعم ، ما ذكر من الاحتجاج بأصالة عدم الوجوب جار في الجميع. وبذلك أيضا يظهر وهن الاستناد إليه.

هذا ، ولا يذهب عليك أنّ ما ذكروه في العبد جار في الزوجة ، بل ساير من يجب فطرته

__________________

(١) زيادة « مع » من ( د ).

(٢) الحدائق الناضرة ١٢ / ٢٦٩.

(٣) الكافي ٤ / ١٧١ ، باب الفطرة ح ٧.

٣٠٩

عليه إلّا أنّ المفروض في كلامهم خصوص العبد ، والمتّجه في الجميع هو ما ذكرناه من غير فرق أصلا.

الخامس : لو كان العبد بين شريكين فإن عاله أحدهما أو أجنبي فالزكاة على العائل بلا إشكال ، وإلّا وجب فطرته على مواليه بالنسبة. عزاه في المدارك (١) إلى أكثر الأصحاب.

وعن الصدوق (٢) أنّه لا فطرة عليهم إلّا أن يكون لكلّ واحد من الشركاء رأس تمام بعد ملاحظة حصصهم في العبد (٣) أو العبيد.

ونفى عنه البعد في المدارك (٤). كذا أطلقوه.

والظاهر على القول باعتبار العيلولة مراعاتها في المقام ، وحينئذ فمع اندراجه في عيلولة الجميع بالنسبة تكون فطرته عليهم على حسب الحصة ؛ لما عرفت ، ولإطلاق ما دلّ على لزوم اخراجها عن المملوك والمفروض كونه مملوكا للكلّ ، فتكون فطرته عليهم كما أنّه يجب الإنفاق عليهم.

ويؤيّده أنّه لو كانت الشركة مانعة من وجوب الفطرة لجرى فيما إذا خلص له رأس تمام ، ولا يظهر فيه خلاف في الوجوب.

حجّة الصدوق رواية زرارة المرويّة في الفقيه (٥) بإسناد ضعيف من الصادق عليه‌السلام : قلت : عبد بين قوم فيه زكاة الفطرة؟ قال : « إذا كان لكلّ انسان رأس فعليه أن يؤدّي عنه فطرته ، وإذا كان عدّة العبيد عدّة الموالي وكانوا جميعا (٦) سواء أدّوا زكاتهم لكلّ واحد منهم على قدر حصّته ، وإن كان لكلّ انسان منهم أقلّ من رأس فلا شي‌ء عليه » (٧).

__________________

(١) مدارك الأحكام ٥ / ٣٢٩.

(٢) نقله عنه في مدارك الأحكام ٥ / ٣٢٩.

(٣) في ( د ) : « عبدين ».

(٤) مدارك الأحكام ٥ / ٣٢٩.

(٥) من لا يحضره الفقيه ٣ / ١٨٣ ، ح ٢٠٨٢.

(٦) في ( د ) : زيادة : « فيهم ».

(٧) وانظر : وسائل الشيعة ٦ / ٢٥٤ ، باب وجوب زكاة الفطرة على السيد إذ اكمل له رأس ح ١ ، وفيه : « بين

٣١٠

وهي مع ضعفها (١) في الإسناد و (٢) مخالفتها لفتوى الأكثر غير صالحة الحجيّة ، فلا يمكن التعويل عليها في مقابلة ما ذكرناه ؛ لما في المدارك (٣) من الميل إلى العمل بها لمطابقة مضمونها للأصل وسلامتها عن المعارض كما ترى.

على أنّه ليس فيها ملاحظة العيلولة أصلا ، فهي مخالفة لما دلّ عليه غيرها من إناطة الحكم بها حسبما مرّ.

ثمّ على ما اخترناه من اعتبار العيلولة لو اشترك بين جماعة ولم ينفق عليه بعضهم فلا شي‌ء عليه ويجري الكلام المذكور حينئذ في خصوص المنفقين.

__________________

قوم عليهم فيه ».

(١) في ( ألف ) : « أضفعفها » ، وعبارة « وهي » زيدت من ( د ).

(٢) زيادة : « واو » من ( د ).

(٣) مدارك الأحكام ٥ / ٣٢٩.

٣١١

تبصرة

[ في فطرة الضيف ]

لا خلاف بين الأصحاب في وجوب فطرة الضيف على المضيف (١) وما في ظاهر المدارك وحكاية الإجماع عليه.

ويدلّ عليه بعد ذلك خصوص الصحيح : « عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه فينحصر يوم الفطر يؤدّي عنه الفطرة؟ قال : « نعم ، الفطرة واجبة على كلّ من يعول من ذكر أو أنثى صغير أو كبير أو مملوك » (٢).

واختلفوا في حدّ الضيافة الموجبة للفطرة على المضيف على أقوال شتّى :

أحدها : اعتباره طول الشهر ، وحكي (٣) القول به (٤) عن السيد والشيخ ، وحكيا عليه في الانتصار والخلاف إجماع الاماميّة.

ثانيها : اعتبارها في النصف (٥) الآخر من الشهر وحكي (٦) عن المفيد.

ثالثها : الاجتزاء بالعشر الأواخر ، وحكي عن (٧) البعض.

رابعها : الاجتزاء بليلتين في آخره ، وحكي (٨) عن الحلي.

__________________

(١) لم ترد في ( ب ) : « وما في ظاهر .. الضيف من ».

(٢) الكافي ٤ / ١٧٣ ، باب الفطرة ح ١٦ ، وفيه : « أيؤدّي حر أو مملوك ».

(٣) لاحظ الحكاية في مدارك الأحكام ٥ / ٣١٨.

(٤) في ( د ) زيادة : « به ».

(٥) في ( ألف ) : « الضيف ».

(٦) لاحظ الحكاية في مدارك الأحكام ٥ / ٣١٨.

(٧) زيادة : « عن » من ( د ).

(٨) لاحظ الحكاية في مدارك الأحكام ٥ / ٣١٨.

٣١٢

خامسها : الاكتفاء بالليلة الواحدة ، وحكي (١) عن العلامة.

سادسها : الاكتفاء بمسمّى الضيافة في الجزء الأخير من الشهر بحيث يهلّ عليه الهلال وهو في ضيافته. عزاه في المعتبر (٢) إلى جماعة من الأصحاب ، وجعله أولى.

وفي الدروس (٣) : سمعناه مذاكرة ، قال : والأقرب أنه لا بدّ من الإفطار عنده في شهر رمضان أو ليلته.

واختاره المحقق الأردبيلي (٤). وصرّح بوجوب الأكل عنده كما لو ساغ له الإفطار لسفر أو مرض ؛ معلّلا لصدق (٥) العيلولة بذلك.

وعن الشهيد الثاني (٦) وغيره ممّن اختار ذلك عدم اعتبار الأكل ، فهذا القول ينحلّ (٧) إلى القولين.

سابعها : مراعاة صدق العيلولة وعدمه ، واختاره غير واحد من المتأخرين. وهو الأظهر ؛ لإناطة الحكم في الأخبار الكثيرة بالعيلولة كما عرفت من غير إشارة إلى خصوص الضيف ، بل لم نجد ذكر الضيف بالخصوص إلّا في الصحيحة المتقدّمة.

وقد ضمّ إليه في الجواب ذكر العيلولة ، وظاهرها اندراج الضيف أيضا في تلك القاعدة ، فيدور الحكم فيه مدار صدقه.

فإن قلت : من البيّن عرفا عدم اندراج الضيف في العيال ، ولو فرض اندراجها فيه فإنّما هو على سبيل الندرة. وقد صرّح في الصحيحة المذكورة المعتضدة بالعمل بوجوبها عن الضيف ، غاية الأمر أن يكون المستفاد من آخرها حصول العيلولة بالضيافة. وكأنّه مبنيّ على

__________________

(١) لاحظ الحكاية في مدارك الأحكام ٥ / ٣١٨.

(٢) المعتبر ٢ / ٦٠٣.

(٣) الدروس ١ / ٢٥٠.

(٤) مجمع الفائدة ٤ / ٢٤٤.

(٥) في ( د ) : « بصدق ».

(٦) مسالك الإفهام ١ / ٤٤٦.

(٧) في ( الف ) : « يفل ».

٣١٣

نحو من التوسع ، فلا يستدعي دوران الحكم فيه مدار اندراجه في العيال. كيف ويخرج معه عن الضيافة المأخوذة في عنوانه.

قلت : يمكن الفرق بين صدق العيال عليه بحسب العرف وكونه ممّن يعوله في الجملة ؛ فإنّ الظاهر صدق الثاني بتكفّل حاله في الجملة ، وهو إن اعتبر في صدقة ملاحظة الإنفاق عليه مدّة يعتدّ بها إلّا أنّه ليس كصدق (١) اسم العيال ؛ فإنّ المعتبر فيه ما يزيد على ذلك كما يظهر من ملاحظة العرف.

ألا ترى أنّه لو كان عنده ضيفا في تمام الشهر أو في معظمه كان ممّن يعوله في ذلك الشهر وإن لم يكن من عياله؟ فظهر بما ذكرنا اعتبار تكفّل الإنفاق في المقام ، وهو لا يصدق بمجرّد ضيافة ليلة واحدة أو ليلتين إلّا أن يكون مع البناء عليه بعد ذلك مدّة تعتد بها.

وكأنّ ما ذكرنا هو الوجه في عدّة من الأقوال المذكورة كاعتبار الضيافة في تمام الشهر أو نصفه أو العشر الأخير منه ؛ إذ لا يظهر وجه لشي‌ء من تلك التحديدات سوى ما ذكرناه ، فعلى هذا يكون كلّ من تلك الأقوال بيانا للمقدار الّذي يصدق معه اسم العيلولة ، فلا اختلاف بينها ؛ اذن في الحكم ، إنّما الكلام في تحقق الموضوع.

نعم ، القول الخامس والسادس مبنيّان على الاكتفاء بصدق اسم الضيافة من دون اعتبار العيلولة ، والقول الخامس يمكن اعتباره لكلّ من الوجهين المذكورين.

وكيف كان فصار المرجع في المسألة إلّا أنّ المدار في المقام على حصول مسمّى الضيافة ، وصدق اسم الضيف أو المعتبر حصول العيلولة في الجملة وإن اختلف فيما يتحصّل به كلّ من القولين (٢) المذكورين ، فإن ذلك كما عرفت ليس اختلافا في الحكم ، وإنّما هو كلام في الموضوع.

فالوجه في الأوّل ما عرفت من إطلاقه (٣) ثبوت الفطرة لأجل الضيف في الصحيحة المتقدمة ، فيدور الحكم مدار حصول الضيافة.

__________________

(١) في ( ألف ) : « لصدق ».

(٢) في ( د ) : « العنوانين ».

(٣) في ( د ) زيادة : « عليه‌السلام ».

٣١٤

وفي الثاني ما عرفت من ظواهر معظم أخبار (١) الباب المعلّقة للحكم على العيلولة.

وقد عرفت أنّ في ذيل الصحيحة المذكورة أيضا إشارة إليه ، وهو الظاهر من سياقها.

مضافا إلى اعتضاده بالأصل ، فلا خصوصيّة إذن لعنوان الضيافة ، وإنّما المدار على حصول العيلولة.

فروع

الأول : على ما اخترناه من اعتبار صدق العيلولة فلا مانع من ضيافته عند غير المضيف في أثناء الشهر ، بل ولا في الليلة الأخيرة ، أو أنفق على نفسه كذلك ، ولا يقضي ذلك بسقوط الفطرة عن المضيف.

الثاني : لو شكّ في صدق العيلولة على الغير فهل يجب عليه بذلك الفطرة عن نفسه ـ إذ هو قضية الأصل إلى أن يثبت اشتغال ذمة الغير به ـ أو يسقط عنهما ؛ أخذا بأصالة البراءة بالنسبة إلى كلّ منهما أو يؤخذ بمقتضى الحال الثابت قبل الشك ؛ أخذا باستصحابها؟ وجوه كأنّ أظهرهما الأخير.

الثالث : على القول باعتبار مسمّى الضيافة فهل يعتبر أكله من مال المضيف أو لا؟ وجهان ، والذي نصّ عليه بعضهم هو الثاني.

ويعضده ملاحظة العرف إلّا أنه ضعيف جدّا ؛ لبعده عن ظاهر الصحيحة المتقدمة التي هي المستند للحكم ، فإن ذكر العيلولة فيها كالصريح في اعتبار الأكل.

ثمّ إنّه هل يكتفى بالإفطار عنده (٢) ليلة العيد؟ وجهان مبنيّان على أنّ الوجوب هل يتعلّق بمن اندرج في العنوان في أوّل وقت الوجوب أو يعم ذلك تمام وقت الأداء ، وسيجي‌ء الإشارة إليه إن شاء الله.

الرابع : لا زكاة على الضيف الموسر مع وجوبها على المضيف وأدائه ، بلا خلاف يعرف

__________________

(١) في ( ألف ) : « اختبار ».

(٢) في ( ألف ) : « هذه ».

٣١٥

فيه سوى ما حكي عن ظاهر الحلي (١) من القول بوجوبها على الضيف والمضيف.

وفي الذخيرة (٢) : أنّه أحوط. وكأن الوجه فيه أخذ [ ه ] بظاهر الإطلاقات في المقامين. وهو ضعيف جدّا ؛ إذ قضيّة إيجابها على المضيف سقوطه عن الضيف كما هو الحال في غير الضيف ممّن يتحمل الغير فطرته.

__________________

(١) السرائر ١ / ٢٧ ، الفتاوى النادرة المنسوب بابن ادريس.

(٢) ذخيرة المعاد ٣ / ٤٧٢.

٣١٦

تبصرة

[ في أداء مال الفطرة عن نفسه ]

قد عرفت أنّ من كان في عيلولة الغير كانت فطرته عليه مع يساره ، فإن أدّاه عنه فلا كلام ، وإلّا ففي وجوبها على نفسه مع يساره احتمال ؛ نظرا إلى أن ظاهر الإطلاقات وجوب فطرته عليه ، والقدر الثابت سقوطه مع تحمل الغير عنه ، وأمّا مع عدمه سيّما إذا اعتبر في وقت الأداء بحيث لم يمكنه الدفع فلا.

ويضعفه أنّ مقتضى الأدلّة تعلّق الوجوب حينئذ بمن يعوله ، فلا تكليف عليه حتّى يلزمه الخروج عنه ، غاية الأمر حينئذ عصيان الآخر بترك ما يجب عليه ، ولا يوجب ذلك انتقال التكليف عنه.

ودعوى وجوبها عليه وسقوطه بتحمّل الغير عنه ممنوعة ، كيف وقضيّة الأدلّة وجوبها على المعيل ابتداء.

وأما إذا كان المعال معسرا لا يجب الفطرة عليه ، فهل تجب الفطرة على المعال؟ وجهان ؛ من أن فطرته إنّما يتعلّق بالمعيل ، فلا تكليف عليه ، فإن كان المعال قابلا لتعلّقه به وإلّا سقط لانتفاء الشرط ، فالفطرة حينئذ ساقطة من المعال ؛ لمكان العيلولة ، وعن المعيل لانتفاء (١) القابليّة.

ومن قضاء إطلاق الأدلّة من الكتاب والسنة بوجوب الفطرة على كلّ بالغ غنيّ خرج عنه المعال (٢) مع يسار المعيل ؛ لقضاء الأخبار بوجوب الفطرة حينئذ على المعيل الدالّ على سقوطه عن المعال.

__________________

(١) في ( ألف ) : « الانتفاء ».

(٢) في ( د ) : « المعيال ».

٣١٧

وأمّا مع عدم (١) التكليف به فلا دليل على سقوطه عن المعال مع بلوغه ويساره ؛ لعدم اندراجه في تلك الأخبار.

وهذا هو الأظهر.

وقد أشار الأصحاب في الموضعين إلى الخلاف في المقام أحدهما (٢) في الزوجة الموسرة إذا كان زوجها معسرا ، فعن الشيخ في المبسوط (٣) وفخر الإسلام (٤) اختيار الأوّل.

وعن الحليّ (٥) والشهيد في الدروس (٦) والسيّد في المدارك (٧) اختيار الثاني.

وفصّل العلّامة (٨) بين ما إذا بلغ إعسار الزوج حدّا يسقط معه نفقة الزوجة فالفطرة عليها ، وإن كان الزوج ينفق عليها مع إعساره فلا فطرة هنا.

وعلّل الأوّل بما ذكرناه من العمومات.

والثاني بأنّ العيلولة مسقطة للفطرة عن نفسها ، والمفروض عدم وجوبها على زوجها أيضا.

ويضعّفه ما عرفت من عدم قيام دليل على سقوط الفطرة عنها بمجرّد عيلولة الغير لها ، وإنّما هو أوّل الكلام ، ومقتضى العمومات وجوبها عليها كما عرفت.

ثمّ إنّه قال بعد ما حكيناه عنه : أنّ التحقيق انّ الفطرة إن كانت واجبة بالأصالة على ( الزوج سقطت لإعساره عنه وعنها وإن كانت بالاصالة على ) (٩) الزوجة وإنّما يتحمّلها الزوج

__________________

(١) في ( د ) زيادة : « تعلّق ».

(٢) في ( ألف ) : « أحدها ».

(٣) المبسوط ١ / ٢٣٩.

(٤) إيضاح الفوائد ١ / ٢١١.

(٥) السرائر ١ / ٤٦٨.

(٦) الدروس ١ / ٢٤٩.

(٧) مدارك الأحكام ٥ / ٣٢٥.

(٨) قواعد الأحكام ١ / ٣٥٨.

(٩) ما بين الهلالين زيدت من ( د ).

٣١٨

سقطت عنه ؛ لفقره ووجبت عليها ؛ للأصل.

وكأنّه رجوع عما ذكره أوّلا.

وما ذكره [ و ] جعله مبنى الوجه الأوّل ضعيف ؛ إذ كون الفطرة على الزوج مع يساره بالأصالة لا يقضي بسقوطها من الزوجة الموسرة بإعساره مع قضاء الإطلاقات بالوجوب.

ثانيهما : الضيف الموسر مع إعسار المضيف ، فالذي بنى عليه جماعة وجوب الفطرة على الضيف ، واحتمل في المدارك (١) السقوط عنهما ، أما عن وأمّا عن الضيف فلمكان العيلولة ، قال : ولعلّ الأوّل أرجح.

وهو الأظهر حسبما مرّ.

ثمّ إنّ ما ذكروه في الموضعين جار في ساير من ينفق عليه ، ويندرج في عيلولته إذا كان موسرا مع إعسار المعيل.

هذا ، ولو تبرّع المضيف مع إعساره عن ضيفه الموسر ففي سقوط (٢) الفطرة عنه بذلك وجوه ، بل أقوال :

فعن الشهيد في البيان القطع بعدم الاجزاء.

وعن العلّامة (٣) احتمال الإجزاء ؛ نظرا إلى ندب الشارع إليه. ويحتمل التفصيل بين إذن الضيف في ذلك وعدمه ، فيجري في الأوّل دون الأخير ، واختاره في المسالك (٤) قال : والظاهر أنّ موضع الإشكال ما لو كان الإخراج بغير إذنه إلّا أن صاحبي المدارك (٥) والحدائق (٦) استشكلا في صورة الإذن أيضا ، بل ظاهرهما سيّما الأخيرة المنع مع الإذن أيضا.

والتحقيق في المقام أنّ إذنه في دفع الفطرة إن كان على أن يكون الدفع من جانبه بأن

__________________

(١) مدارك الأحكام ٥ / ٣١٩.

(٢) في ( د ) : « المبسوط ».

(٣) قواعد الأحكام ١ / ٣٥٨.

(٤) مسالك الإفهام ١ / ٤٤٦.

(٥) مدارك الأحكام ٥ / ٣١٩.

(٦) الحدائق الناضرة ١٢ / ٢٧٦.

٣١٩

ينحل (١) إلى تمليك ذلك له ضمنا ودفعه عنه ، فالظاهر الجواز ؛ لجواز التوكيل في المقام قطعا.

ويجري ذلك بالنسبة إلى غير المضيف أيضا إذا أمره بدفع الفطرة عنه كذلك.

وإن كان في مجرّد أدائها عنه من غير أن أريد (٢) به الدفع من جهته ، فلا ثمرة إذن في إذنه فهو كعدمه.

فإن قلنا حينئذ باستصحاب الفطرة على المضيف ؛ نظرا إلى ما في غير واحد من الأخبار من ثبوت الفطرة على الفقير بعد حمله على الندب ، فلا يبعد الاجتزاء به ؛ لبعد التكليف بأداء الفطرة من واحد مرّتين ، وإلّا كان المضيف كسائر الأجانب.

وحينئذ ففي الاجتزاء بدفعه إشكال ؛ لكون الفطرة من العبادات وقيام فعل الغير مقام فعله ابتداء مشكل مع احتمال الاجتزاء به مطلقا تغليبا لجانب الماليّة سيّما مع تعقيب (٣) الإجازة.

ولو دفع الضيف فطرة نفسه مع يسار المضيف كان كدفع الأجانب سواء كان الضيف موسرا أو معسرا.

__________________

(١) في ( ألف ) : « يتحمل ».

(٢) ليس في ( ب ) : « غير أن أريد .. » إلى « ما في ».

(٣) في ( د ) : « تعقب ».

٣٢٠