تبصرة الفقهاء - ج ٣

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-020-0
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٤٣٨

كان بين شاتين (١) ، وإن كان من هرمين فلا يقال جذع حتى يستكمل ثمانية أشهر. وهو جذع أبدا حتّى يستكمل سنة.

وذكر أنه إنّما قيل جذع في الضأن إذا بلغ سبعة أشهر وأجزأ في الأضحية ؛ لأنّه إذا بلغ هذا الوقت كان له نزو وضراب ، والمعز لا ينزو حتى يدخل في السنة الثانية.

وعن الجوهري (٢) : إن الجذع يقال لولد الشاة في السنة الثانية. وقد قيل في ولد النتيجة (٣) أنه يجذع في ستة أشهر أو تسعة. وذلك جائز في الأضحيّة.

وعن الفيروزآبادي (٤) : إنّه يقال لولد الشاة في السنة الثانية.

وعن ابن الأثير (٥) إنّه من البقر والمعز ما دخل في. الثانية وقيل : البقر في الثالثة ، ومن الضأن ما تمت له سنة :

وعن الأزهري (٦) : الجذع من المعز لسنة ، ومن الضّأن لثمانية أشهر. ونحوه عن المطرزي (٧).

وعن الفيومي (٨) : والجذع ولد الشاة في السنة الثانية.

ونقل عن ابن الأعرابي أنّ الأجذع من الضّأن إذا كان من شابين يجذع لستّة أشهر إلى سبعة أشهر ، وإذا كان من هرمين (٩) وأجذع من ثمانية إلى عشرة.

ولا يخفى ما في كلماتهم من الاختلاف.

__________________

(١) في ( د ) : « شابّين ».

(٢) الصحاح ٣ / ١١٩٤ ( جذع ).

(٣) في ( د ) : « النعجة ».

(٤) القاموس المحيط ٣ / ١٢ ( جذع ).

(٥) النهاية في غريب الحديث ١ / ٢٥٠ ( جذع ).

(٦) نقل عنه في تاج العروس ١١ / ٥٨ ( جذع ).

(٧) نقل عنه في مجمع البحرين ١ / ٣٥٥ ( جذع ).

(٨) المصباح المنير ١ / ٩٤ ( جذع ).

(٩) ليس في ( د ) : « و ».

١٨١

وفي تفسير الجذع من الضّأن وإن اتفقت في تفسير الجذع من المعز بأنّها ما كملت سنة ودخلت في الثانية ، وكلام أكثر (١) أهل اللغة يقيّد أن الجذع من الضّأن ما كملت له سنة إلّا أنّه غير موافق لظاهر كلمات الأصحاب وما ذكره غير واحد من أهل اللغة كما حكي عن ابن الأعرابي والأزهري والمطرزي وغيرهم.

والأظهر صدقه مع إكمال الثمانية. وفي السبع أيضا وجه قوي تقديما لقول المثبت سيّما مع موافقته لكلام جماعة من الأصحاب.

وأمّا الثني من المعز فعن الشيخ (٢) والعلّامة (٣) أنّه ما دخل في [ الثانية ] ، وفي الشاة ما دخل في الثانية (٤).

وعن الجوهري (٥) والفيومي (٦) والمطرزي والفيروزآبادي : أنّه يكون في الظلف والحافر في السنة الثالثة.

وعن النهاية : الثنيه من الغنم ما دخل في السنة الثالثة ، ومن ذوات الخفّ في السنة السادسة ، ثمّ قال (٧) : وعلى ما ذكرناه من معرفة الثني الجمع من أهل اللغة. وقيل : الثني من الخيل ما دخل في الرابعة ، ومن المعز ما له سنة ودخل في الثانية.

فظهر ممّا نقلناه أنّ كلام الأكثر متّفق على أنّ الثني من المعز ما دخل في الثالثة.

والاكتفاء فيه بالدخول في الثانية ممّا حكاه في المجمل عن البعض ، ولم يعيّن قائله ، فلا عبرة به في مقابلة الجماعة.

__________________

(١) في ( ألف ) : « أكثر هؤلاء ».

(٢) المبسوط ١ / ١٩٩.

(٣) تذكرة الفقهاء ٥ / ١٠٧.

(٤) المبسوط ١ / ١٩٩.

(٥) الصحاح ٦ / ٢٢٩٥ ( ثنى ).

(٦) المصباح المنير ١ / ٨٥ ( ثنى ).

(٧) ذكر العبارة كلها في مجمع البحرين ١ / ٣٣٠ ( ثنى ) ، ولم نجده في النهاية المطبوع.

١٨٢

وقد حكي عن جماعة من الفقهاء (١) تفسير الثني بما دخل في الثانية ، وقد حكي الشهرة عليه.

وفي الفقه الرضوي (٢) فيما يجزى من الأضاحي ويجزى من المعز والبقر الثني ، وهو الّذي تمّ له سنة دخل في الثانية.

ونحوه ذكر الصدوق رحمه‌الله في الفقيه (٣).

وبذلك يتقوّى القول المذكور ؛ إذ العمدة في أصل المسألة اعتضادها بفتوى الأكثر ، والقدر الّذي يثبت به حينئذ هو الثني المذكور.

مضافا إلى اعتضاده أيضا بما عرفت إلّا أنّه لمعارضته لكلام أهل اللغة لا يخلو من إشكال ، فمراعاة الاحتياط فيه مهما أمكن أولى.

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٢٤ ، المقنع : ٢٧٣ ، المقنعة : ٤١٨.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٢٤.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٤٩٢.

١٨٣

تبصرة

[ في المريضة والهرمة وذات العوار ]

لا يؤخذ المريضة ولا الهرمة ولا ذات العوار مما (١) مرّ على خلاف ذلك ، بلا خلاف يعرف فيه.

وفي المنتهى (٢) : إنّه لا يعرف فيه خلافا.

وعزاه في المدارك (٣) إلى مذهب الأصحاب.

وفي الحدائق (٤) : إن الحكم مجمع عليه.

واحتجّوا عليه بظاهر قوله تعالى ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ).

وصحيحة محمد بن قيس الواردة في الغنم : « ولا تؤخذ هرمة ولا ذات عوار إلّا أن يشاء المصدق (٥).

وقد ورد نحو منه في بعض الروايات العاميّة (٦) بزيادة التيس.

فالمريضة إما أن تندرج في ذات العوار ؛ إذ المراد به العيب والمرض من أعظم العيوب أو لجريان الحكم فيها بالأولى.

مضافا إلى أن الزكاة متعلّق (٧) بالعين كما سيأتي الإشارة إليه إن شاء الله ، فيثبت الحق على

__________________

(١) في ( د ) : « هو ».

(٢) منتهى المطلب ١ / ٤٨٥.

(٣) مدارك الأحكام ٥ / ٩٤.

(٤) الحدائق الناضرة ١٢ / ٦٥.

(٥) الإستبصار ٢ / ٢٣ ، باب زكاة الغنم ح ٢.

(٦) صحيح البخارى ٢ / ١٢٤ ، سنن أبي داود / ٣٥١.

(٧) في ( د ) : « تتعلق ».

١٨٤

نحو ما تكون العين ، وجواز إخراج الأدون من العين في الصفات إنّما يثبت بالدليل ، ولا دليل عليه في المقام ، فقضية الأصل المنع ، فتأمل.

وكيف كان ، فالحكم ممّا لا ينبغي التأمّل فيه من غير فرق فيه بين الأنعام الثلاث.

والصحيحة المذكورة وإن وردت في خصوص الغنم إلّا أنّ فيها دلالة على حكم غيرها بالفحوى.

مضافا إلى عدم القول بالفصل.

[ تنبيهات ]

وهاهنا أمور ينبغي الإشارة إليها :

أحدها : ظاهر الصحيحة المتقدمة جواز الدفع إذا رضي المصدق بها ، وكأن المراد به ما إذا كانت هناك مصلحة قاضية به ، والّا فمجرد رضاء المصدّق ممّا لا مدخل له في حقّ الفقير. وحينئذ فقد يقال بجواز الدفع مع عدمه أيضا ، وهو مخالف لظاهر المذهب.

ثانيها : لو كان النعم كلّها مراضا لم يكلّف شراء الصحيحة ، وصحّ إخراج المريضة إجماعا كما في الحدائق (١).

وعزاه في المنتهى (٢) إلى علمائنا مؤذنا بالإجماع عليه.

وفي المدارك (٣) : إنه مقطوع به في كلام الأصحاب.

وهو أيضا (٤) ظاهر بملاحظة القواعد ؛ لما عرفت من تعلّق الزكاة بالعين ، فلا يكلّف بإخراج ما عدا الموجود.

وكذا الحال في سائر العيوب والهرم.

__________________

(١) الحدائق الناضرة ١٢ / ٦٦.

(٢) منتهى المطلب ١ / ٤٨٥.

(٣) مدارك الأحكام ٥ / ١٠٤.

(٤) لم ترد في « أيضا ».

١٨٥

ويعزى إلى بعض العامة (١) تكليفه بدفع الصحيحة ؛ أخذا بظاهر الرواية.

وهو ضعيف ، وإن احتمل في المدارك (٢) المصير إليه.

ولو كانت ممتزجة من الصحيح والمريض فإن كان مقدار النصاب منها صحاحا فكذلك أيضا ، ويختص المراض بالعفو في وجه قويّ.

ولو كان النصاب ملفقا من الأمرين فظاهر جماعة من الأصحاب القطع بوجوب دفع الصحيحة الخالية عن العيب.

وهو قوي ؛ أخذا بإطلاق الدليل المتقدم.

ويحتمل البناء على التقسيط كما هو قضية الأصل ؛ إذ الفقير شريك بالنسبة.

ويتقوى ذلك مع كون الأكثر على خلاف الوصف سيّما إذا انحصر الصحيح السليم بالقدر المخرج.

وفي الحدائق (٣) : إنّ الممتزج يخرج منه بالنسبة.

وهو كما ترى خروج عن إطلاق النصّ إلّا انّه ليس ببعيد.

ولو تجدّد بعد تعلّق الوجوب قوي احتمال التقسيط مع انتفاء التفريط كما إذا تلف بعض النصاب ؛ فإنّ ذهاب الصفة كذهاب العين.

ويحتمل أيضا لزوم مراعاة الوصف وقوفا على ظاهر الإطلاق.

ولو كان النصاب ملفقا من المريضة والهرمة وذات العوار فهل يتخير في الإخراج أو يتعين إخراج الأعلى منها أو يعتبر التقسيط؟ وجوه.

ثالثها : لو كان النصاب من أصناف متعددة كالعراب والبخاتي (٤) والبقر والجاموس والشاة والمعز ، فهل يتخير المالك في إخراج ما شاء وإن تفاوت القيمة أو أنّه يجب التقسيط

__________________

(١) منتهى المطلب ١ / ٤٨٥ ، مدارك الأحكام ٥ / ١٠٤.

(٢) مدارك الأحكام ٥ / ١٠٤.

(٣) الحدائق الناضرة ١٢ / ٦٦.

(٤) العراب البخاتي نوعان من الإبل كما في بدائع الصنائع ٢ / ٣٠.

١٨٦

والأخذ من كلّ بقسطه أو أنّه يناط الحكم بتفاوت القيم ، فمع الاختلاف يقسط وإلّا فالتخيير؟ أقوال.

فالأول مختار صاحب الحدائق (١) ، وهو الأظهر ؛ أخذا بظاهر الإطلاق ، وإنّ الاختلاف في القيمة لو كان مرعيّا في الزكاة لزم مراعاته مع اتحاد الصنف.

وهو خلاف ما يعطيه الأخبار وكلام الأصحاب ، بل الظاهر أنّه خلاف الإجماع.

ومع البناء على عدم اعتباره هناك فلا وجه لمراعاته في المقام مع خلو الأخبار عن اعتباره.

والثاني مختار جماعة من الأصحاب. وفي الحدائق (٢) : إنّه أشهر بل حكى فيه الشهرة عليه.

والوجه فيه تعلّق الزكاة بالعين ، ومقتضى الاشتراك التقسيط.

والثالث مختار البعض. وفي الحدائق (٣) : إنّه أحوط.

والوجه فيه ظاهر ممّا ذكر.

ويدفعهما أنّ تعلّق الزكاة بالعين لا يقضي بذلك ؛ فإن الكلام حينئذ في كيفية أصل الاستحقاق.

__________________

(١) الحدائق الناضرة ١٢ / ٧١.

(٢) الحدائق الناضرة ١٢ / ٧١.

(٣) الحدائق الناضرة ١٢ / ٧٢.

١٨٧

تبصرة

[ في الأكولة وفحل الضراب والرّبى ]

لا يؤخذ (١) الأكولة ولا فحل الضراب ولا الربّى على المعروف من المذهب ، بل لا يظهر فيه خلاف. مضافا إلى أنّ الاكولة وفحل الضراب مندرجان في كرايم الأموال ، وقد ورد النهي من التعرض لها للموثق (٢) : « لا تؤخذ الأكولة والأكولة الكبيرة من الشاة تكون في الغنم و (٣) ولا والد ولا الكبش الفحل ».

وفي الصحيح (٤) : « ليس في الأكيلة ولا في الربّى التي تربّي اثنين ولا شاة لبن ولا فحل الغنم صدقة ».

وكأن المقصود في الرواية عدم أخذ المذكورات في الصدقة لا عدم تعلّق الزكاة بها رأسا للاتفاق ظاهرا على عدّ شاة اللبن وقرب حملها على المعنى المذكور.

وكيف كان ، فلا ينبغي التأمل في الحكم بعد وروده في المعتبر واعتضاده بفتوى الأصحاب ، مضافا إلى أنّ الأكولة وفحل الضراب مندرجان في كرايم الأموال.

وقد ورد النهي عن التعرض لها وإنّما الكلام هنا في امور : أحدها : اختلف كلام أهل اللغة في تفسير الأكولة ، ففي النهاية (٥) وغيرها (٦) : إنّها التي تسمن للأكل.

__________________

(١) في ( د ) : « لؤخذ ».

(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٢٨ ، باب صدقة الانعام ح ١٦٠٩.

(٣) الواو زيدت من ( د ).

(٤) الكافي ٣ / ٥٣٥ ، باب صدقة الغنم ح ٢.

(٥) النهاية في غريب الحديث ١ / ٥٨.

(٦) لسان العرب ١١ / ٢٩ ( أكل ) عن أبي عبيد.

١٨٨

واختاره في الشرائع (١) حيث فسّرها بالسمينة المعدة للأكل.

وقد يرجع إليه ما في الروضة (٢) من تفسيرها بالمعدة للأكل. وقريب من ذلك ما في القاموس (٣) من أنه العاقر من الشياه تعزل للأكل كالأكيل.

وقيل : إنها الهرمة.

وقيل : إنها الخصيّ.

وقيل : إنها العاقر.

وحكى هذه الأقوال الثلاثة في النهاية الأثيرية. وقد فسرت في الموثقة المتقدمة بالكبيرة من الشاة. ولا يخلو عن إجمال ، فإن اريد منها الكبيرة في السن انطبق على ما ذكر من تفسيرها بالهرمة ، فيرجع إلى ما تقدم من عدم أخذ الهرمة ، إلّا أنّه خلاف ظاهر الأكثر في تفسيرها.

وإن اريد بها الكبيرة في المقدار لم ينطبق على تفسيرهم.

وربّما يرجع إلى تفسيرها بالسمينة المعدّة للأكل.

ثم إنّ ظاهر الرواية وغيرها اختصاصها بالشاة وقد يعطي إطلاق بعضهم إطلاقها على سائر الأنعام.

ويمكن تنزيلها على خصوص الشاة ، والمراد بفحل الضراب : الفحل المعدّ لذلك أو المتأهل له وإن لم يعد لذلك كما هو ظاهر الإطلاق.

ويحتمل انصرافه عنها إلى الأول.

وهل يعمّ سائر الأنعام أو يختص بالشاة؟ وجهان.

والمعروف في تفسير الربّى أنها الولد واختلفوا في القدر الذي يصدق عليه الاسم بعد

__________________

(١) شرائع الإسلام ١ / ١١٣.

(٢) الروضة البهية ٢ / ٢٧.

(٣) القاموس المحيط ٣ / ٣٢٩.

١٨٩

الولادة ، فقيل : إلى خمسة عشر يوما ، وقيل : إلى خمسين. حكاه في الشرائع (١) ، وقطع في الروضة (٢) بالأوّل.

وفي المدارك (٣) : لم أقف على مستند لشي‌ء من التحديدين.

وفي المصباح (٤) : هي ربّى ما بينها وبين شهر.

وفسرها الجوهري (٥) بالتي وضعت جديدا ولم يحدّوه بالأيّام.

وفي النهاية (٦) : قيل : هي الشاة القريبة العهد بالولادة. واختار هو تفسيرها بالتي تربى في البيت من الغنم لأجل اللبن.

قلت : وكأنّه تفسير آخر لا يراد في المقام لكونها إذن معلوفة.

ثم انّ هناك اختلافا آخر بين أهل اللغة [ في ] موضوعها ، فقيل : إنّها من المعز ، وقيل : من المعز والضّأن ، وربّما جاء في الإبل أيضا.

وكيف كان ، فالظاهر في المقام الرجوع في التسمية إلى العرف ، [ و ] في محلّ الشك يبنى على الأخذ بالإطلاقات.

وبعض تعليلاتهم في بعضها يعمّ سائر الأنعام ، فلو تمّ الاستناد إليه في استنباط الحكم صحّ الأخذ بما يقتضيه ، وإلّا فالبناء على ما ذكرناه.

هذا ، وقد فسّر الرّبى في الصحيحة (٧) المتقدمة بالتي تربّي اثنين. ويمكن أن يحمل الرواية على تقييد الحكم المذكور فيها دون التسمية.

وظاهر الأصحاب تعميم الحكم ، وهو قضية إطلاق الموثقة ، فكأنّه الأظهر.

__________________

(١) شرايع الإسلام ١ / ١١٣.

(٢) الروضة البهية ٢ / ٢٧.

(٣) مدارك الأحكام ٥ / ١٠٥.

(٤) نقله عن الازهري في مدارك الأحكام ٥ / ١٠٥ ، ولم نجده في المصباح المنير.

(٥) الصحاح ١ / ١٣١ ( ربى ) وفيه : وضعت حديثا.

(٦) النهاية في غريب الحديث ٢ / ١٨٠ ( ربى ).

(٧) الكافي ٣ / ٥٣٥ ، باب صدقة الغنم ح ٢.

١٩٠

وليست الصحيحة صريحة (١) في المخالفة. واختار في الحدائق (٢) حمل إطلاق الأوّل على المقيّد. وهو بعيد.

ثمّ اختلفوا في تعليل الحكم فقيل : إن في أخذها (٣) إضرار بولدها. ذكره الفاضلان. وقيل : لأنّها مريضة (٤). واستوجه الشهيد الثاني (٥) معلّلا بأنّها نفساء ، والنفساء مريضة ، ومن ثمّ لا يقام الحدّ عليها.

ويثمر الوجهان فيما إذا رضي المالك بدفعها فيما إذا مات ولدها أو استغنى عن أبيه (٦) بغيرها.

ثمّ إنها (٧) يضعف الأخير بأنّ المرجع في صدق المرض إلى العرف ، واندراج ذلك فيه محلّ تأمل بل الظاهر من العرف خلافه ، وعدم إقامة الحد على النفساء يقضي بكونها مريضة.

ثانيها : لو تعدّدت فحول الضراب جرى الحكم في الكل (٨) وكذا الحال في الأكولة والربّى. نعم ، لو استوعب النصاب فالظاهر الإخراج منها سيّما بعد الحكم بتعلّق الزكاة بالعين.

ويحتمل القول بعدم إخراج شي‌ء منها والدفع من غيرها أو دفع القيمة منها.

ويجري ذلك أيضا فيما لو تلفّق النصاب منها.

ثالثها : لو دفع المالك شيئا من المذكورات جاز الدفع ومن الواجب ؛ إذ المقصود من عدم أخذها مراعاة المالك والارتفاق به ، فلو تبرّع بدفعها لم يكن هناك مانع من أخذها.

وقد يقال بأنّ عدم تعلّق الوجوب بها قاض بعدم احتسابها من الفريضة ، وإن كان ذلك

__________________

(١) في ( ألف ) : « الصريحة ».

(٢) الحدائق الناضرة ١٢ / ٦٩.

(٣) في ( ألف ) : « أحدها ».

(٤) في ( ألف ) : « فريضة ».

(٥) مسالك الإفهام ١ / ٣٨٢.

(٦) في ( د ) : « أمه ».

(٧) في ( د ) : « أنه ».

(٨) لم ترد في ( ب ) : « في الكلّ .. بعد الحكم ».

١٩١

لمصلحة المالك.

نعم ، إنما يصحّ دفعها من باب القيمة. وهو بعيد ؛ إذ ظاهر الدليل عدم سلطان العامل على أخذها وهو لا يقضي بعدم سلطان المالك على ذلك مع قضاء الإطلاق (١) به.

هذا إذا فسّرت المذكورات بما لا يشتمل على صفة نقص ، وأما لو فسّر بعضها بما فيه نقص ـ كما مرّ ـ فلا فائدة في رضا المالك بدفعه.

ثم إنّه قد تستشكل (٢) في المقام بأنّه مع جواز دفعها في الصدقة وأداء الفريضة بها لا ثمرة للحكم المذكور ؛ إذ ليس للفقير والعامل إجبار المالك على دفع عين مخصوصة ؛ لتخيره في دفع ما شاء مع الخلو عن صفات النقص المتقدمة ، فكما لا يصح إجبار المالك على دفع المذكورات لا يصحّ إجباره بالنسبة إلى ما عداها أيضا ، وكما يتحقّق دفع الواجب مع إقدام المالك عليه في غيرها يتحقّق ذلك بالنسبة إليها أيضا.

ويمكن أن يقال : إنّ ذلك إنّما يثمر فيها لو امتنع المالك عن أداء الحق ، فإنّه لا يقهر على دفع شي‌ء من المذكورات بخلاف غيرها.

وربّما يقال أيضا بإثماره في صحّة تصرف المالك فيما قبل الضمان لعدم تعلّق حق الفقير بها بخلاف غيرها ، وكذا في تلفها بعد حلول الحول فلا ينقص شي‌ء من الزكاة بتلف شي‌ء منها لتعين الحق في غيرها.

ويشكل الحال فيهما بأنّ عدّها في النصاب قاض بتعلّق الزكاة بها أيضا غاية الأمر الارتفاق بالمالك في عدم أخذها ، وذلك لا يقضي بعدم تعلّق حق الفقير بها أصلا حتى يصحّ التصرف فيها بدون الضمان ، ولا يسقط شي‌ء من حقّ الفقير بتلفها بعد الحول ، ويجري ذلك بعينه في التصرّف فيما هو بخلاف الصفات المعتبرة في الفريضة.

وكأن الأظهر هنا وهناك المنع من التصرف بدون الضمان ، وكذا السقوط من الزكاة

__________________

(١) في ( د ) : « الاطلاقات ».

(٢) في ( د ) : « يستشكل ».

١٩٢

بالنسبة مع تلف (١) ما هو بخلاف الصفة.

رابعها : ظاهر المشهور عدّ الأكولة وفحل الضراب في النصاب.

وفي المدارك (٢) : إنه ظاهر الأكثر.

وفي الحدائق (٣) : إنه المشهور.

وأمّا الربّى فظاهرهم الاتفاق على عدّها. وقد حكى في المدارك (٤) اتفاقهم عليه ظاهرا.

وعن جماعة من الأصحاب ـ منهم الفاضلان رحمه‌الله في النافع (٥) والقواعد ، والشهيد في اللمعة (٦) ـ عدم عدّ الأوليين في النصاب.

واختاره في الحدائق (٧) ، ثمّ قال : إن القول بعدم عدّ شاة اللّبن والربّي غير بعيد.

وظاهر عبارة المحقق الأردبيلي (٨) ذلك أيضا.

وعن صاحب المفاتيح التردد في المقام.

والأظهر هو الأوّل ؛ لظاهر الإطلاقات الكثيرة المؤيّدة بالعمل والاحتياط للمالك مع عدم إشعار شي‌ء من الأخبار بخروج المذكورات مع عموم البلوى بذلك ، وظاهر الموثقة المتقدّمة الناهية عن أخذها فإنّها تومى إلى عدّها.

والصحيحة المتقدمة وإن دلّت بظاهرها على عدم العدّ إلّا أنها لاشتمالها على شاة اللبن والربّى لا بدّ من حملها على عدم الأخذ ؛ إذ لا يظهر قائل من الأصحاب بعدم عدّهما في النصاب سوى شذوذ من المتأخرين حيث مالوا إلى العمل بمضمونها سيّما إذا فسّرت شاة اللبن

__________________

(١) في ( ألف ) : « ألف ».

(٢) مدارك الأحكام ٥ / ١٠٦.

(٣) الحدائق الناضرة ١٢ / ٧٠.

(٤) مدارك الأحكام ٥ / ١٠٧.

(٥) المختصر النافع : ٥٦.

(٦) اللمعة الدمشقية : ٤٢.

(٧) الحدائق الناضرة ١٢ / ٦٩.

(٨) مجمع الفائدة ٤ / ٧٨.

١٩٣

بذات اللبن كما هو الظاهر من إطلاقها ؛ فإنّ القول بعدم عدّها حينئذ ممّا ينبغي القطع بفساده.

وكيف كان ، فلا ينبغي التأمّل في عدّ الأخيرتين ، وبذلك يسهل الخطب في الأوليين.

وما في الحدائق (١) من أنّه بعد تسليم الإجماع على عدّ الأخيرتين وترجيحه على الخبر فأيّ مانع من العمل بالخبر المذكور في الباقي؟ ممّا لا (٢) يتمّ فيه إجماع ، ولا دليل على ما ينافيه.

وهل هو إلّا من قبيل العام المخصوص ، مدفوع بأنّ المراد أنّ قيام الإجماع على عدّ الأخيرين قرينة صرف الخبر عن ظاهره وحمله على المعنى المذكور ، وليس الغرض جعل ذلك باعثا على طرح الخبر.

ومع الغضّ عن ذلك فلا ريب في كون ذلك موهنا للرواية المذكورة ، فيرجّح الاخذ بما يقابلها في مقام الترجيح ، سيّما مع اعتضاد ذلك ببعض المؤيّدات كما عرفت.

وجعله من قبيل العام المخصوص غير متّجه ؛ إذ ليس التخصيص طرحا للعام ، وإنّما هو بيان للمقصود بخلاف المقام.

وقد عرفت بما قرّرناه الوجه في سائر الأقوال وضعفها.

خامسها : لو كان النصاب ملفّقا ممّا لا يؤخذ لكماله وممّا لا يؤخذ لنقصه ، فهل يتعيّن عليه الدفع من غيره أو يرجع فيه إلى القيمة أو يتعيّن عليه دفع الكامل إيفاء (٣) لحق الفقراء وأخذا بالاحتياط لو يجتزي منه حينئذ بدفع الناقص لمناسبة الارتفاق بالمالك؟ وجوه ؛ ومراعاة الاحتياط في ذلك ممّا لا ينبغي تركها.

__________________

(١) الحدائق الناضرة ١٢ / ٧٠.

(٢) في ( د ) : « لم ».

(٣) في ( ب ) : « إبقاء ».

١٩٤

تبصرة

[ في تعدّد ما هو بصفة الواجب ]

يتخيّر المالك في دفع ما شاء مع تعدّد ما هو بصفة الواجب كما يقتضيه ظاهر (١) الأخبار. وهو المستفاد من ظاهر معظم الأصحاب.

وعن الشيخ (٢) وجماعة : أنه إذا وقعت المشاحة في تعيين الواجب في الإبل مع تعدّد ما هو بالصفة (٣) يقسم ما جمع الوصف قسمين ثمّ يقرع بينهما ، وهكذا حتى يبقى قدر الواجب.

ولا يعرف المستند فيه ، وكأنّه من جهة إبهام الحق فيستخرج بالقرعة.

ويدفعه [ ... ] (٤).

__________________

(١) لم ترد في ب : « كما يقتضيه ظاهر .. تعيين الواجب ».

(٢) المبسوط ١ / ١٩٥.

(٣) في ( د ) : « الصفة ».

(٤) العبارة غير تامة ، وفي الأصل بياض.

١٩٥

تبصرة

[ في زكاة العين المستقرضة ]

زكاة العين المستقرضة اذا حال عليها الحول على المقترض دون المقرض بلا خلاف فيه ظاهرا ، ومصرحا به في الخلاف (١) والسرائر (٢).

وفي التنقيح : إنّ ذلك مذهب الأصحاب مؤذنا بالإجماع عليه.

وربّما يستفاد من الوسيلة (٣) وجوب الزكاة على المقرض مع ردّ المستقرض وإبائه عن الأخذ حيث قال : إنّه إذا لم يأخذ المال من المستقرض وهو يرد عليه وجب فيه الزكاة.

ويمكن حمله على الدين ، فيرجع إلى المسألة المتقدمة.

وقد يوجّه بنحو آخر يأتي الإشارة إليه إن شاء الله.

وربّما يستفاد من إطلاق جماعة في المسألة المتقدمة من ثبوت زكاة الدين على الديّان إذا كان ( المديون باذلا ، وثبوتها على المديون مع عدمه وجب زكاة القرض على المقرض إذا كان ) (٤) باذلا لعين القرض ؛ بناء على وجوب قبول المقرض (٥) إذا بذله سيّما بما مرّ عن شرح الجمل من قوله : وإذا كان المستدين قد رام دفع مال المقرض إلى من ملكه فلم يقبضه المالك وأخّره ، وهو بحيث يتمكن من الصرف (٦) فيه لم يكن على المقترض شي‌ء ، وكانت الزكاة على المالك دون المقترض.

__________________

(١) الخلاف ٢ / ١١٠.

(٢) السرائر ١ / ٤٤٤.

(٣) الوسيلة : ١٢٧.

(٤) ما بين الهلالين زيدت من ( د ).

(٥) في ( د ) زيادة « له ».

(٦) في ( د ) : « التصرف ».

١٩٦

وقد ينزّل كلامهم على غير عين القرض لما نصّوا عليه من عدم وجوب زكاته على المستقرض من غير تفصيل ، لكن غير واحد من الكتب المذكورة خال من اختصاص مال القرض بالحكم المذكور.

وكيف كان ، فلا تأمّل فيما ذكرناه من الحكم.

ويدلّ عليه بعد ما عرفت ممّا ذكرناه في مال الدين ؛ مضافا إلى ظهور دعوى الإجماع عليه من جماعة كما مرّ المعتبرة المستفيضة المشتملة على (١) غير واحد من الصحاح وغيرها المعتضدة بالعمل.

ولو شرط زكاتها على المقرض فهل يجب حينئذ على المقرض ويسقط من المقترض؟ أقوال :

أحدها : فساد الشرط ، فلا يجب بذلك على المقرض شي‌ء. ذهب إليه جماعة منهم الحلي في السرائر (٢) ، والعلّامة في التذكرة (٣) وزكاة المختلف (٤) ، وولده في الايضاح (٥) ، والشهيد في الدروس (٦) والبيان (٧) ، والسيوري في التنقيح ، والمحقق الكركي في جامع المقاصد.

وفي المسالك (٨) : إنه المشهور.

وعزاه في المدارك (٩) إلى الأكثر.

وقضية الحكم بقضاء الشرط الفاسد العقد المشتمل عليه فساد القرض أيضا.

__________________

(١) ليس في ( د ) « على ».

(٢) الخلاف ٢ / ١١٠.

(٣) تذكرة الفقهاء ٥ / ٣٠.

(٤) مختلف الشيعة ٣ / ١٦٣.

(٥) إيضاح الفوائد ١ / ١٧١.

(٦) الدروس ١ / ٢٣١.

(٧) البيان : ١٦٦.

(٨) مسالك الإفهام ١ / ٣٨٧.

(٩) مدارك الأحكام ٥ / ١٢٤.

١٩٧

وقد نصّ عليه الشهيد في الدروس (١) حيث قال : إنّ الأقرب إبطال الملك أيضا ، لكنّ المستفاد من صريح بعض الكتب المذكورة وفحوى الثاني (٢) صحة القرض.

وقد عزا القول المذكور في المختلف (٣) إلى عليّ بن بابويه في الرسالة ، والعماني والمفيد في المقنعة (٤) ، والشيخ في زكاة النهاية (٥).

وكأنّه لاطلاقهم وجوب زكاة القرض على المستقرض كما هو الحال في عبارة المقنعة (٦) وزكاة النهاية (٧).

وهو كما ترى.

وثانيها : صحّة الشرط ، ووجوب الزكاة (٨) على المقرض وسقوطها عن المستقرض. ذهب إليه الشيخ في النهاية (٩) والقاضي في شرح الحمل ، والعلّامة في قرض المختلف (١٠).

وحكاه عن الطوسي أيضا ، ولم نجد ذلك في الوسيلة (١١).

نعم ، حكم فيها بصحّة الشرط المذكور ، وهي أعمّ ممّا ذكر.

وربّما يظهر القول به عن الصدوقين حيث حكما في الرسالة والفقيه (١٢) والمقنع (١٣) بأنه لو

__________________

(١) الدروس ١ / ٢٣١.

(٢) في ( د ) : « الباقى ».

(٣) مختلف الشيعة ٣ / ١٦٣.

(٤) المقنعة : ٢٣٩.

(٥) النهاية : ٣١٢.

(٦) المقنعة : ٢٣٩.

(٧) النهاية : ٣١٢.

(٨) في ( د ) زيادة « حينئذ ».

(٩) النهاية : ٣١٢.

(١٠) مختلف الشيعة ٥ / ٣٩٣.

(١١) راجع : الوسيلة : ١٢٧.

(١٢) من لا يحضره الفقيه ٢ / ٢١.

(١٣) المقنع : ١٦٩.

١٩٨

باع شيئا وشرط زكاة الثمن سنة أو سنتين أو أكثر على المشتري لزمه ذلك دونه.

واختاره صاحب الحدائق (١).

ثالثها : القول بصحّة الشرط المذكور ووجوب الزكاة على المقرض ، لكن لا يسقط عن المقترض إلّا بأدائها دون مجرد الاشتراط عليه. ذهب إليه في المسالك (٢) والمدارك (٣) والذخيرة (٤) والرياض (٥).

ويحتمله عبارة الوسيلة. وهو الأظهر ؛ أخذا بإطلاق ما دلّ على لزوم الوفاء بالشروط والعقود والقرض من العقود اللازمة في نقل الملك إلى المقترض وعدم جواز ارتجاع المقرض في عينه كما هو الأظهر ، والمعزى إلى الأكثر.

فلا وجه لتخصيص الإطلاقين ؛ لما اشتهر من كونه من العقود الجائزة ، فلا يكون الشرط الحاصل في ضمنه لازما ؛ إذ جوازه (٦) معنى آخر غير ما هو المراد في سائر العقود الجائزة كما قرّر في محله.

نعم ، ذهب الشيخ (٧) رحمه‌الله إلى جوازه بالمعنى المشهور حيث جوّز ارتجاع العين المقترضة مع بقائها.

وفيه منافاة لما ذهب إليه هنا من لزوم الشرط وما يدّعى من فساد الشرط المذكور ؛ لمنافاته للمشروع حيث إنه اشتراط للعبادة على غير من يجب (٨) عليه كاشتراط أداء الصلاة والصيام على غير من تجبان عليه ؛ بيّن الاندفاع.

__________________

(١) الحدائق الناضرة ١٢ / ٤١.

(٢) مسالك الإفهام ١ / ٣٨٨.

(٣) مدارك الأحكام ٥ / ١٢٤.

(٤) ذخيرة المعاد ١ / ٤٢٦.

(٥) رياض المسائل ٥ / ٤٨.

(٦) في ( د ) : « لجوازه ».

(٧) المبسوط ١ / ٢١٣.

(٨) في ( د ) : « تجب ».

١٩٩

فإنّ ذلك إنّما يتم في العبادات الصرفة المطلوبة فيها المباشرة بخلاف الزكاة ، فإنّها وإن كانت عبادة إلّا أن الملحوظ فيها جهة المالية ، ولذا يصحّ التوكيل فيها ، بل وأداؤها من المتبرع في وجه كما سيجي‌ء إن شاء الله.

وقد دل النصّ الصحيح الآتي على جواز أداء المقرض لها ، وسقوطها حينئذ عن المستقرض.

فإذا صحّ إتيان المتبرع بها جاز اشتراطها في ضمن العقد بأن يؤيّدها عن المقترض.

نعم ، لو اشترط في ضمن العقد عدم وجوب الزكاة على المستقرض بحولان الحول على المال المقروض ووجوبها على المقرض ـ استقلالا أو بدلا عن المستقرض ـ من غير أن يجب عليه كان الشرط باطلا ؛ لمخالفتة للمشروع ؛ إذ لا وجه لسقوط الزكاة عن المالك مع استجماعه لشرائط الوجوب ، ووجوبه على غيره على سبيل الاستقلال.

مضافا إلى ما سيأتي بيانه من تعلّق الزكاة بالعين.

وقد يحمل كلام المانعين على ذلك في مقابلة القائلين بسقوط الزكاة عن المستقرض.

ويؤيّده ظاهر ما استنده إليه من عدم مشروعية الشرط ؛ فإنّه إنّما ينصرف إلى ذلك ؛ إذ جواز أداء غير المالك لها مع إذن المالك ممّا لا يدخله ريب عندهم ، فأيّ مانع إذن من اشتراطه ، لكن سياق كلامهم في المقام كالصريح في خلاف ذلك ، وإن لم يساعده الدليل المذكور.

وقد ظهر بما قرّرنا حجّة القائل بفساد الشرط المذكور والجواب عنها.

واحتجّ عليه أيضا في المختلف بإطلاق الأخبار الدالّة على أن زكاة القرض على المستقرض دون المقرض.

وفيه كون (١) المستفاد من تلك الأخبار عدم وجوب زكاة القرض على المقرض بالأصالة لا عدم وجوبها عليه بعارض الاشتراط.

__________________

(١) في ( د ) « أن ».

٢٠٠