تبصرة الفقهاء - ج ٣

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني

تبصرة الفقهاء - ج ٣

المؤلف:

الشيخ محمد تقي الرازي النجفي الاصفهاني


المحقق: السيد صادق الحسيني الإشكوري
الموضوع : الفقه
الناشر: مجمع الذخائر الإسلامية
المطبعة: مطبعة الكوثر
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-988-020-0
ISBN الدورة:
978-964-988-003-7

الصفحات: ٤٣٨

وفي الروضة : إن الرواية الدالّة عليه أشهر بين الأصحاب.

وهو الأظهر ؛ لصحيحة الفضلاء الصريحة فيه مع ما فيه من مراعاة الاحتياط بالنسبة إلى المالك.

مضافا إلى مخالفتها لما ذهب إليه معظم أئمة اللغة ، وموافقتها لما هو الأشهر من (١) الفرقة.

حجة الجماعة : صحيحة محمد بن قيس ، وفيها بعد ذكر النصابين الأولين : « فإن زادت واحدة ـ يعني على المائتين ـ ففيها ثلاث شياة من الغنم وثلاثمائة ، فإذا كثرت الغنم ففي كلّ مائة شاة ».

وهي مدفوعة بموافقة العامة ، ففي مقام التعارض يحمل على التقية ؛ إذ ذلك مذهب أئمتهم الأربعة كما مرّ.

مضافا إلى أنّها غير صريحة في إسقاط الخامس ، فقد يكون عليه‌السلام قد أجمل القول فيها وأراد بالكثرة بلوغ أربعمائة فصاعدا وسكت أيضا عن حكم الثلاثمائة وواحدة من أجل التقية ، ولذا عبّر بالكثرة الظاهرة في إرادة ما يزيد على الواحد.

مضافا إلى أنّ مفهوم الغاية يدلّ على مخالفة الحكم فيما بعد الثلاثمائة بالنسبة إلى ما قبلها فيومي إلى عدم ثبوت الثلاثة فيه ، وليس إلّا الأربعة اتفاقا.

وممّا يؤيّد الأول كون الرواة لها الفضلاء النجباء الذين ورد في شأنهم ما ورد من المدائح ، وأجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عن كلّ واحد منهم ، وكون المروي عنه الإمامان عليهما‌السلام ، فهي في الحقيقة بمنزلة خبرين بخلاف الرواية الدالّة على القول الآخر.

وربّما ضمّ إليها في المنتهى صحيحة أخرى رواه عن الصدوق ، والظاهر أنه سهو منه رحمه‌الله بجعله عبارة الصدوق رحمه‌الله المذكورة عقيب (٢) صحيحة زرارة الواردة من كلام الامام عليه‌السلام ، ولذا لم يذكره أحد من الأصحاب في مقام الاحتجاج للقول المذكور.

نعم ، ورد ذلك في عبارة الفقه الرضوي ، والأمر في جواز الاعتماد عليه وعدمه معروف.

__________________

(١) في ( د ) « بين ».

(٢) في ( ألف ) : « تجب ».

١٦١

وربّما ترجح هذه الرواية بأصحيّة إسنادها عن صحيحة الفضلاء لا سيّما علي بن ابراهيم بن هاشم المعدود روايته في الحسان (١) ، ورواية ابراهيم بن هاشم لا يقصر عن سائر الصحاح سيّما اشتمال إسنادها (٢) في الرواية على محمد بن قيس المشترك بين جماعة (٣) ، والأصحّ كونه البجلي الثقة بقرينة رواية عاصم بن حميد عنه عليه‌السلام ، إلّا أن ذلك لا يقضي بكثير اطمئنان (٤) بالتعيين ، فالرواية الأخرى السالمة (٥) عن ذلك بالترجيح أولى.

وظهر بما ذكرنا أن الأخذ بالرواية الأولى أرجح من هذه من جهات شتّى.

وظاهر المحقق في كتبه وجماعة من المتأخرين الإشكال في المسألة لتعارض الخبرين المذكورين ، وليس في محله.

ثمّ إنّ هاهنا إشكالا مشهورا ، وهو أن الأربعة إذا وجبت في ثلاثمائة وواحدة وفي الأربعمائة ، فأيّ فائدة في النصاب الأخير ، وعدّهما نصابين؟

والجواب عنه أن هذا النصاب لا اختصاص (٦) له بهذه المرتبة ، وإنّما تكون هذه المرتبة من جملة مصاديقها.

فانتفاء الثمرة في هذه المرتبة بخصوصها لا مانع منه مع حصولها في غيرها إلّا أن يقرّر الإيراد في فائدة تعميم ذلك بحيث يشمل هذه المرتبة.

وهو حينئذ مدفوع بأن ما تعلق به الزكاة حينئذ هو مجموع الأربعمائة فيكون حق الزكاة مشاعا في الجميع ، وفي الأوّل إنّما يتعلّق الحق بالثلاثمائة وواحدة ، ويكون الزائد عليه عفوا فلا يكون إشاعة الحق إلّا فيما تعلق به الزكاة.

__________________

(١) في ( د ) زيادة : « فيه ».

(٢) في ( د ) : « اسناد هذه الرواية » « إسنادها في الرواية ».

(٣) ليس في ( د ) « و ».

(٤) في ( د ) « في التعيين ».

(٥) في ألف : « الشاملة ».

(٦) في ( د ) : « لا اختصاص ».

١٦٢

ويتفرّع (١) على ذلك السقوط من الزكاة بحساب ما تلف من الأربعمائة بعد تعلّق الزكاة من غير تفريط ، بخلاف ما إذا روعي الوجه الآخر ؛ فإنه مع بقاء ثلاثمائة وواحدة لا يسقط شي‌ء من الزكاة.

وفيه : أن الزكاة إنّما تتعلق بالعين ، فيكون حينئذ ثابتا في جميع المال على سبيل الإشاعة ، فيكون التلف على التقديرين من المجموع ، فلا وجه لعدم سقوط شي‌ء من الزكاة مع بقاء النصاب.

كذا أورد صاحب المدارك ، وتبعه صاحب الذخيرة.

قلت : وعلى ما ذكراه يكون النقص الحاصل منقسما على النصاب والعفو ، ويسقط من الزكاة بنسبة ما يقع من السقط بإزاء النصاب.

وحينئذ فلا يبقى فرق بين الوجهين لا فيما ذكر ولا في كون الحق الثابت في كلّ غنم جزء من مائة جزء على أحد الوجهين وجزء من خمس وسبعين جزء حقيقة أو تعريفا على الوجه الآخر ؛ ليكون التلف على تلك النسبة ؛ لما عرفت من التقسيط على العفو ، فلا يفرق الحال بين الوجهين بالنسبة إلى ملاحظة القدر التالف من الزكاة كما لا يخفى.

إلّا أنّ الظاهر من الشرع خلافه ، بل الظاهر أن النقيصة كلما وردت ترد على العفو إلى أن يستوفيها ، ولذا لو تلف منه شي‌ء قبل حلول الحول كان التلف من العفو قطعا ؛ ضرورة صدق حلول الحول على قدر النصاب ، فيجري مثله فيما بعد حلوله.

والحاصل أنّ قدر النصاب في المقام أمر كلي يحكم ببقائه مع بقاء ما يفي به ، وإن تلف من المال ما تلف فيحكم إذن ببقاء حصة الزكاة لإشاعته في خصوص مقدار النصاب.

و (٢) ممّا يدلّ على ذلك ـ مضافا إلى ما ذكرنا ـ أنه لو كان كما ذكراه لما جاز للمالك التصرف في المقدار الزائد على النصاب إلّا بعد ضمانه للحصّة التي فيه من الزكاة كما هو الشأن في تصرّف المالك في المال الذي تعلّق به الزكاة ، مع أنّ الأمر ليس كذلك بل له

__________________

(١) في ( ألف ) : « ويتفرغ ».

(٢) زيادة الواو من ( د ).

١٦٣

التصرف في المقدار الزائد من غير حاجة إلى الضمان ، وإنّما يمنع من التصرف في قدر النصاب خاصة.

ومنه يظهر كونه كليا يبقى ببقاء ما بقي من المال حسب ما قرّرنا.

١٦٤

تبصرة

[ في اشتراط السوم ]

الثاني من شروط زكاة الأنعام : السوم بالإجماع المعلوم والمنقول حدّ الاستفاضة والأخبار المستفيضة (١) هو الرعي.

وظاهره (٢) يعم الرعي في المملوك والمباح والمزروع وغير المزروع.

ويقابله المعلوفة ، وهي ما يعلف باليد سواء كان من مال المالك أو مال غيره ، من العلف المملوك بالأصل أو بالاحتشاش ، من المباح أو غير المملوك كما لو أعلفه من العلف المباح لو قلنا بعدم تملكه بمجرد الأخذ مع عدم قصد المالك لتملك أو مع قصد عدمه.

ولو أكل من العلف المطروح على الأرض أو التبن الساقط عليها مع إعراض المالك عنها ففي إدراجها في المعلوفة وجهان ، وفي إلحاقها بالسائمة وجه قوي.

وما استشكله الشهيد الثاني (٣) فيما لو علفها غير المالك من مال نفسه من أنّها في معنى السائمة ؛ نظرا إلى الحكمة المقتضية لسقوط الزكاة عن المعلوفة من جهة سقوط المئونة عن المالك قد قضى ذلك بتنصيف الزكاة في الغلات عند سعتها بالدوالى ونحوها بيّن الاندفاع ؛ إذ لا عبرة بالاعتبارات المذكورة في إثبات الأحكام الشرعيّة.

كيف ، وقد يكون المصرف في السائمة معادلا للمعلوفة أو زائدا عليه ، وظاهر الأصحاب ثبوت الزكاة بل لا يظهر فيه تأمل من أحد.

ولو دار الأمر مدار المؤن لزم القول بالسقوط مع مساواة مؤنته لمؤنة المعلوفة أو زيادتها

__________________

(١) في ( د ) زيادة : « واو ».

(٢) لم ترد في ( ب ) : « وظاهره يعمّ الرعي ».

(٣) مسالك الإفهام ١ / ٣٧٠.

١٦٥

عليها.

وهل يعتبر أن تكون سائمة تمام الحول بطريق الحقيقة بحيث لو علّفت في بعض الحول ـ كائنا ما كان ـ سقط الحكم أو يعتبر الأغلب أو الاسم؟ وجوه ، بل أقوال.

فالأوّل ظاهر الحلي (١) والمحقّق (٢) ، والثاني عن الشيخ (٣) في بعض كتبه ، والثالث مختار معظم المتأخرين (٤).

وهو الأظهر ، وهو الظاهر من الشيخ في النهاية (٥) حيث حكم بسقوطه بعلف اليوم ، وصرّح بعدم اعتبار اللحظة.

والوجه فيه ظاهر ؛ لإناطة الحكم بالاسم ، ولا تحديد له في الشرع ، فيرجع فيه إلى صدق العرف.

وكأنّ ذلك هو الوجه في الثاني.

وضعفه ظاهر.

والوجه الأوّل أن المعتبر في المقام هو السوم لحلول الحول ، وهو اسم لتمام المدّة ، ولا يناط الأحكام الشرعيّة بالتسامحات العرفيّة كما هو المعروف في مسألة الكر والسفر ومقادير النصب وغيرها ممّا تنيط (٦) فيه الأحكام بالأسماء.

ويدفعه أن التسامح العرفي ممّا لا يعتبر في المقام أيضا ؛ فإن الظاهر أن المعلوف في اللحظة ونحوها ممّا لا يقدح في صدق اسم السوم على سبيل الحقيقة كما لا يخفى على من لاحظ العرف ، فالوضع فيه على نحو يعمّ مثل ذلك.

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ٥ / ٤٨ ، مختلف الشيعة ٤ / ٤٤٢.

(٢) المعتبر ٢ / ٥٠٧ ، شرائع الإسلام ١ / ١٠٩.

(٣) المبسوط ١ / ١٩٨.

(٤) كفاية الأحكام ١ / ١٧٣.

(٥) النهاية : ١٧٧.

(٦) في ( د ) : « نيط ».

١٦٦

وأمّا ما كان الإطلاق من قبيل التسامح فالظاهر أنّه (١) ممّا لا عبرة به ، والظاهر أنّه خارج عن مقصود القوم.

وهل يعتبر السوم أيضا في السخال ، والمراد بها أولاد الأنعام الثلاث ، فيجعل ابتداء الحول فيها من حين الاستغناء بالرعي أو لا يلاحظ فيها ذلك بحسب الحول فيها من حين النتاج؟ والأوّل محكيّ عن صريح جماعة من الأصحاب (٢) ، والثاني يعزى إلى الشيخ (٣) وجماعة ، وفي المسالك (٤) حكى الشهرة عليه ، وفي الحدائق (٥) : الظاهر أنه المشهور.

وكأنه الأظهر ؛ أخذا بظواهر عدّة من الأخبار :

منها : الصحيح : « ليس في صغار الغنم شي‌ء حتى يحول عليها الحول من يوم ينتج » (٦).

والخبر : « وما كان من هذه الأصناف الثلاثة الإبل والبقر والغنم فليس فيها شي‌ء حتى يحول عليه من يوم ينتج » (٧).

ونحوها رواية أخرى (٨).

والأصل في هذه الروايات إن كان واحدا إلّا أنّه لجلالة شأنه وبعده عن الخطأ في النقل لا يوجب وهنا في الخبر المذكور ، سيّما مع اعتضاده بعمل المشهور وأوفقيّته بالاحتياط ، فيقيّد بها إطلاق ما دلّ على اعتبار السوم.

والوجه في الآخر إطلاق ما دلّ على اعتبار السوم في الغنم ، فيجري الحكم في السخال

__________________

(١) « أنه » اضيفت من ( د ).

(٢) شرائع الإسلام ١ / ١٠٩ ، تحرير الأحكام ١ / ٣٦٤.

(٣) الدروس ١ / ٢٣٢.

(٤) مسالك الإفهام ١ / ٣٦٨.

(٥) الحدائق الناضرة ١٢ / ٨٠.

(٦) لم نجده وما وجدناه في مستند الشيعة ٣ / ٩٣ هكذا : « ليس في صغار الإبل شي‌ء حتى يحول عليه الحول منذ يوم ينتج ».

(٧) الإستبصار ٢ / ٢٠ ، باب زكاة الإبل ح ٣.

(٨) الإستبصار ٢ / ٢ ، باب ما تجب فيه الزكاة ح ٢.

١٦٧

وغيرها.

ويدفعه أنّ هذه الروايات أخبار خاصّة فيقيّد بتلك الإطلاقات.

مضافا إلى ما عرفت من تأيّدها بالشهرة والاحتياط.

وقد يؤيّد ذلك أيضا بأنّ سوم الأمّهات كاف (١) في صدقه على الأولاد من جهة التبعيّة.

ومن هنا ينقدح احتمال اختصاص الحكم بما إذا كانت أمّهاتها ساعة ، فلو كانت معلوفة لم يكن في أولادها شي‌ء ؛ إذ الظاهر كونها بمنزلة المعلوفة ، بل هي من المعلوفة في الحقيقة ، و (٢) الروايات المذكورة غير واضح الشمول لذلك.

وهذا الوجه وجيه لو أمكن تطبيق كلماتهم عليه.

__________________

(١) في ( ألف ) زيادة « كان ».

(٢) أدرجنا الواو من ( د ).

١٦٨

تبصرة

[ في اشتراط الحول ]

الثالث : الحول ، بالنصوص المستفيضة والإجماع المعلوم والمنقول حدّ الاستفاضة ، بل هو قول أهل العلم كافّة من العامة والخاصّة إلا ما حكي عن ابن عباس وابن مسعود من قولهما بوجوب الزكاة في المال إذا استفاد المال ، ثمّ يتكرّر بتكرّر الحول. ذكره في المنتهى (١).

وفساد قولهما ظاهر بعد إجماع الأمّة والروايات المستفيضة.

والظاهر اطباق الأصحاب على تعلّق الوجوب بمجرّد دخول الثاني عشر وإن لم يكمل أيّامه.

وفي المعتبر : إنّه يتمّ الحول عند استهلال الثاني عشر ، وهو مذهب علمائنا.

وفي المنتهى (٢) : إذا أهلّ الثاني عشر فقد حال الحول على المال. ذهب إليه علماؤنا.

وفي التذكرة (٣) : حولان الحول هو مضيّ أحد عشر شهرا كاملة على المال ، فإذا أهلّ الثاني عشر وجبت الزكاة وإن لم يكمل أيّامه بل يجب بدخول الثاني عشر عند علمائنا أجمع.

ويدلّ عليه بعد ذلك صحيحة زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام : قلت له : رجل كانت له مائتا درهم فوهبه (٤) لبعض إخوانه أو ولده أو أهله فرارا [ بها ] (٥) من الزكاة فعل ذلك قبل حلها بشهر؟ فقال : « إذا دخل الشهر الثاني عشر فقد حال عليها الحول ووجبت عليه الزكاة » (٦).

__________________

(١) منتهى المطلب ١ / ٤٨٦.

(٢) منتهى المطلب ١ / ٦٨٧.

(٣) تذكرة الفقهاء ٥ / ٥١.

(٤) في المصدر : « فوهبها ».

(٥) الزيادة من المصدر.

(٦) الكافي ٣ / ٥٢٦ ، باب المال الذي لا يحول عليه الحول في يد صاحبه ح ٤.

١٦٩

ولا فارق بين النقدين والأنعام ، على أن الظاهر من قوله « فقد حال عليها الحول » حصول الحولان شرعا بذلك في الزكاة ، فيحمل عليه الإطلاق بالنسبة إلى غيرها (١) أيضا ؛ إذ لم يعتبر فيه إلّا حولان الحول.

فالمسألة ظاهرة لا خفاء فيها ، وظاهر جماعة من المتأخرين منهم صاحب الوافي والعلامة المجلسي وصاحب الحدائق (٢) المناقشة في الحكم المذكور ، بل ظاهر عبارة الوافي (٣) الاقتصار على مورد النصّ المذكور بحمله على الوجوب وحلول الحول بالنسبة إلى خصوص ما فرض فيه من مزيد الفرار ، قال : كيف والحول معناه معروف ، والأخبار بإطلاقه مستفيضة؟! ولو حملناه على معنى استقرار الزكاة فلا يجوز تقييد ما ثبت بالضرورة من الدين بمثل هذا الخبر الواحد الذي فيه ما فيه.

وأشار بذلك إلى ما في تلك الرواية من وجوه الإشكال.

قلت : ما ذكره من الوجهين جاريان في حمل المذكور أيضا مع ما فيه من الضعف ؛ إذ لا يعرف قائل به من الأصحاب.

وكيف كان ، فضعف القول المذكور غني عن البيان.

نعم ، في صحيحة عبد الله بن سنان أنّه (٤) لما نزلت آية الزكاة ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) في شهر رمضان ، فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مناديه ، فنادى في الناس : « إنّ الله تعالى فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة .. » إلى أن قال عليه‌السلام : « ثمّ لم يتعرض بشي‌ء (٥) من أموالهم حتى حال عليه الحول من قابل ، فصاموا وأفطروا ، فأمر مناديه ، فنادى في المسلمين : أيّها المسلمون! زكّوا أموالكم تقبل صلاتكم ، ثمّ وجّه عمّال الصدقة » (٦).

__________________

(١) في ( ألف ) : « إليه » بدل « إلى غيرها ».

(٢) الحدائق الناضرة ١٢ / ٧٣.

(٣) نقله عنه في التحفة السنية ( المخطوط ) : ١٥١.

(٤) ليس في ( ألف ) و ( ب ) : « أنه ».

(٥) في المصدر : « لشي‌ء ».

(٦) من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٣ ، باب الأصناف التي تجب عليها الزكاة ح ١.

١٧٠

واستظهر منها في الحدائق (١) كون حلول الحول بمضيّ اثني عشر شهرا.

قلت : ويمكن المناقشة فيه ، بل وادّعاء ظهورها في خلافه ؛ لقوله عليه‌السلام « حتى حال عليه الحول من قابل فصاموا وأفطروا » فإنّها ظاهرة في كون الحلول قبل الصوم ، فيكون قبل إكمال الاثني عشر.

وربّما يجعل قوله « فصاموا وأفطروا » تفصيلا لما أجملوا بقوله « حتّى حال عليه الحول » وتفسيرا له ، فلا يدلّ على كون الحول قبل الصيام إلّا أنّ حمل العبارة (٢) لا يخلو عن خروج من الظاهر ، فلا داعي إليه.

ومع الغضّ عنه فلا أقلّ من قيام الاحتمال الهادم للاستدلال.

بقي الكلام في سرّ تأخير النداء ، وهو يجري على الوجهين لإكمال الاثني عشر في شهر رمضان ، وكأنّه لحكمة قضت به في المقام ، ومنها هذا.

وقد وقع الكلام في المقام في امور.

أحدها (٣) : أنّه هل يحتسب الشهر المذكور بعد تعلّق الوجوب في الحول الأوّل أو الثاني؟ قولان ، والأوّل مختار فخر المحققين في الإيضاح ، والثاني مختار الشهيد في الدروس (٤) والبيان (٥) وغيره (٦).

وهو الأظهر ؛ إذ الحول لغة وعرفا اسم للشهور الاثني عشر ، وغاية ما دلّت عليه الصحيحة المتقدمة واستفيد من كلام الأصحاب الحكم بحلول الحول بدخول الثاني عشر تنزيلا لدخول الشهر الأخير منزلة كماله ، فكأنه بإهلال الثاني عشر قد مضى عليه اثنا عشر هلالا ، فيلاحظ الباقي من كمال الحول.

__________________

(١) الحدائق الناضرة ١٢ / ٧٦.

(٢) في ( د ) زيادة « عليه ».

(٣) « أحدها » زيدت من ( د ).

(٤) الدروس ١ / ٢٣١.

(٥) البيان : ١٧١.

(٦) في ( د ) زيادة : « كالمحقق الكركى في حاشيته على الشرائع والقواعد ».

١٧١

فالحول إنّما أطلق على مجموع الاثني عشر ، واكتفى (١) حلوله بحلول إهلال الثاني عشر منه.

واستشكل ذلك في التذكرة (٢) والقواعد (٣).

حجّة الأوّل : ظاهر الصحيحة المتقدّمة ؛ إذ حلول الحول ظاهر في كماله ، وقد أتى به بلفظ الماضي مع الفاء الدالّ على التعقيب أو من جهة ظهوره في ترتّبه على الشرط.

وفيه : أن الذي يظهر منها حصول الحول بذلك ، وقد يكون الوجه فيه ما ذكرناه فلا يلزم منه الخروج عن الظاهر في لفظ الحول.

وكأنّها أظهر في إرادة صدق الحولان خاصّة ، وغاية الأمر تكافؤ (٤) الوجهين ، وقضية الأصل احتسابه من الأوّل.

الثاني : أنّه هل يستقر الوجوب بمجرّد إهلال الثاني عشر ، فلا يراعي بقاء الشرائط في بقية الشهر أو أنّه يجب متزلزلا فيراعى بقاؤها إلى آخر الحول؟ وجهان ، ظاهر الأكثر الأوّل ، [ و ] هو ظاهر الصحيحة المتقدمة ، بل ظاهر ما حكي من الإجماع ، والثاني مختار الشهيد الثاني ؛ استضعافا للرواية من جهة اشتمال إسنادها على إبراهيم بن هاشم ، ولم ينصّ عليه بالتوثيق.

ومقتضى الأدلّة بقاء اعتبار الشرائط إلى آخر الحول أو الشهر حقيقة في اللغة والعرف في مجموع الشهر والاثني عشر ، والأصل عدم النقل.

ودلالة الرواية والإجماع على وجوبها في الثاني عشر أعمّ من المستقرّ وغيره ، فلا يثبت به زيادة على غير المستقرّ.

__________________

(١) في ( د ) زيادة كلمة قد تقرأ : « نفى ».

(٢) تذكرة الفقهاء ٥ / ٥١.

(٣) قواعد الأحكام ١ / ٣٣٢.

(٤) في ( ألف ) : « تكافؤه ».

١٧٢

ويضعّفه (١) صحّة الرواية المذكورة بل وكونها في أعلى درجات الصحّة ؛ إذ لا تأمّل في جلالة إبراهيم ، وقد اعترف به غير مرّة سيّما مع اعتضادها بعمل الأصحاب ، فالظاهر الأخذ بظاهر الصحيحة المعتضد أيضا بظاهر فتوى الفرقة.

الثالث : لا تدخل الأولاد في حول الأمهات تبعا ، بل لا بدّ من مراعاة الحول فيها بالاستقلال أو مع الغنم إلى غيرها ، وفي ما دلّ على أنّ ما يحلّ عليه الحول عند ربّه فلا شي‌ء فيه كفاية في ذلك.

وقد مرّ في بعض الصحاح وغيره تصريح بذلك ، والمسألة بيّنة ولا خلاف فيه بين الفرقة ، وإنّما وقع الكلام فيها بين العامة حيث ذهب بعضهم إلى تبعيّة الأولاد للأمهات في الحول.

وهو ضعيف موهون خارج عن مقتضى القواعد الشرعيّة.

ثمّ إن اتفق للأولاد نصاب مستقلّ مجامع للأولى كأن ولدت خمس من الإبل خمسا فلا كلام إن جعلنا الخمس الثاني نصابا مستقلا منضمّا إلى الأوّل ، وإن جعلنا العشر حينئذ نصابا واحدا جرى فيه الاحتمال الآتي ، ولو بلغت الأولاد إلى المرتبة الأولى من النصاب إذا لوحظت بالاستقلال ، ولم تصل المرتبة الثانية ولو مع الضم إلى الأمهّات كأربعين من الغنم ولدت أربعين ، ففي ثبوت الزكاة في الأولاد احتمال ذكره المحقّق في المعتبر (٢) ؛ أخذا بظاهر قوله عليه‌السلام : في « كلّ أربعين شاة ».

ويضعّفه أنّ المنساق من ذلك ثبوته فيه عند حصوله في أوّل الأمر دون المنضمّ إلى أربعين آخر. الا ترى أنّه لو ملك ثمانين شاة لم يكن عليه في كلّ أربعين شاة اتفاقا؟ فكذا لو ملكها على سبيل التعاقب كما في المقام ، فالزائد على قدر الأربعين عفو.

ولو بلغت نصاب الأولاد وحدها إلى المرتبة الثانية من النصاب كأن ولدت سبعين (٣) من

__________________

(١) في ( ألف ) : « وغيره ، فلا يثبت على ضعفه » ، بدلا من « ويضعّفه ».

(٢) المعتبر ٢ / ٥١٠.

(٣) كذا ، والظاهر : « سبعون ».

١٧٣

الغنم مثلا مائة وأحد وعشرون (١) كان لكلّ من الأمّهات والأولاد نصاب مستقل على ما قطع به في ظاهر المدارك (٢).

وهو ضعيف ، بل الظاهر ملاحظة الجميع ، والبناء على العفو فيما زاد على النصاب كما في الفرض المذكور.

ومن الغريب أنه رحمه‌الله نصّ على أنّه لو كان الأولاد بالغة إلى النصاب الأول على نحو ما مرّ حكم بالعفو ، ولا فرق بين ذلك وما فرض في المقام ؛ اذ لو بنى على ملاحظة الأمهّات والسخال منفردا عن الآخر وجبت الزكاة في المقامين ، وإلّا سقط اعتبارها في الصورة المذكورة في السبعين ؛ إذ مع ملاحظة الجميع جملة يكون السبعين عفوا.

ألا ترى أنه لا يعقل فرق بين إذا كان (٣) الغنم مائة إحدى وعشرين فولدت سبعين أو كانت سبعين فولدت مائة وإحدى وعشرين ، فلا معنى للبناء على الفرق والحكم بالعفو عن السبعين في الأوّل ، وجعل كلّ منهما نصابا مستقلا في الأخير.

وهو ظاهر.

هذا ، ولو بلغت الأمّهات بملاحظة الأولاد إلى المرتبة الثانية من النصاب كأن ولدت ثمانون من الغنم واحدا وأربعين فهل يلغى اعتبار النصاب الأول مع عدم مرور الحول عليه حال انفراده؟ بل تعتبر الجميع نصابا واحدا فيراعى طول الحول عليه كذلك ، أو يجب في كل منهما ما يجب فيه استقلالا؟ ففي المثال المفروض يراعى الحول في كلّ من الأمّهات والأولاد بالاستقلال ، ويثبت في كل منهما شاة عند حلول الحول عليه ، أو يحتسب حول الأمّهات بالاستقلال ، ثمّ يضمّ (٤) الأولاد إليها بالنسبة إلى الحول الآتي ، فيلغى اعتبار الأولاد إلى حين

__________________

(١) كذا ، والظاهر : « وإحدى وعشرين ».

(٢) مدارك الأحكام ٥ / ٧٧.

(٣) كذا ، والأظهر : « كانت ». والغنم اسم مؤنث موضوع لجنس الشاء يقع على الذكور والإناث وعليهما جميعا ، ولا واحد لها من لفظها ، وتصغيره : غنيمة ؛ لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين فالتأنيث لها لازم. أنظر : البستان ص ٧٩٧ ( غنم ).

(٤) في ( ألف ) : « الحول » بدلا من « يضم ».

١٧٤

حلول حول الأمهات؟ وجوه ، المعزى إلى جماعة من المتأخرين اختيار الأخير.

وعلّل ذلك بأنّ القول بسقوط الزكاة من الأمّهات عند حلول حولها مع بلوغها حدّ النصاب مخالف لظاهر الأدلّة ، وبعد وجوب إخراج الزكاة عنها لا يمكن منها إلى السخال ليلزم القول بوجوب إخراجها عن الجميع أيضا عند حلول حول السخال ؛ اذ لا وجه للتبعيّة سيّما في المقام ، مع ما ورد في الأخبار من نفي التثنية في الصدقة وانّه لا يزكّى في عام مرّتين ، واعتبار النصاب الأوّل في الأولاد استقلالا (١).

وقد عرفت ضعفه ، فتعيّن الوجه المذكور.

قلت : قد يقال : إنّ ما ذكر في تضعيف سقوط الزكاة عن الأمهات عند حلول الحول عليها جار (٢) في سقوطها عن السخال عند حلول حولها ، ولو جعل انضياف الغير إليها قاضيا بالسقوط جرى ذلك على الوجهين. كيف ويصدق هناك بعد انضياف تتمة النصاب الأخير تملكه لذلك النصاب ، فبعد حولان الحول عليها كذلك ينبغي القول بوجوب ما يجب فيه من الزكاة ، وهو قاض بسقوط اعتبار النصاب الأوّل ؛ لما مرّ من نفي التثنية في الصدقة.

وإنّ المتيقّن ممّا ورد في النصاب الأوّل اعتباره فيما لا يبلغ إلى النصاب الذي بعده ، فبعد فرض بلوغه إليه ( ولو في اشناء الحول لا يظهر اندراجه في ما دل عليه ، بل اندراجه وظاهر في ما فرض بلوغه إليه ) (٣) فينبغي البناء عليه.

ويضعفه أنّ البناء على ذلك قد يفضي إلى سقوط الزكاة عن المالك لو فرض حصول الزيادة كذلك قبل حلول الحول بالنسبة إلى كلّ عام.

وهو بيّن الفساد ؛ مضافا إلى أنّه مع تقضّي بعض الحول على النصاب الأوّل تعلّق به الحكم بوجوب الزكاة على فرض الحلول ، فيستصحب ذلك مع بقاء المال كما هو المفروض ، والانتقال منه إلى مراعاة النصاب الثاني في أثناء الحول غير معلوم ، فيبنى على استصحاب

__________________

(١) في ( ألف ) : « استقلال ».

(٢) في ( ألف ) : جاز.

(٣) ما بين الهلالين مما أضيفت من ( د ).

١٧٥

الأوّل.

ويشكل بأنّه لا حكم شرعا قبل حلول الحول ، وعدّ ما فرض حكما محلّ تأمّل.

والحاصل أنّ المسألة لخلوّها عن النصّ محل إشكال ، ويدور الأمر فيه بين وجوه ثلاثة : البناء على النصاب الأوّل ، والحكم بعدم اعتبار الحول بما ألحق به حتى يتمّ الحول على النصاب المذكور ، أو البناء على إسقاط ما مرّ من الحول على النصاب ، واحتساب الجميع نصابا واحدا ، والبناء على ملاحظة كلّ منهما نصابا مستقلا ، فيراعي فيه ما يتبعه من الحكم.

فمراعاة الاحتياط في مثله هو الأولى إن لم نقل بتعيّنه.

ويجري الكلام في كلّ ملك جديد كذلك يكون بعد مضي الحول على النصاب السابق ، بل وفي مراتب الزيادة في النصاب الآخر.

الرابع : أنّه لو اتفق معاوضة الأنعام بغير جنسها في أثناء الحول سواء كان زكويا أو غيره فلا كلام في سقوط الحول إلّا أنّ هناك قولا للشيخ (١) بعدم انثلام الحول لو كان ذلك بقصد الفرار.

وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله.

وإن (٢) عاوضها بجنسها كأربعين من الغنم بأربعين فالظاهر أيضا انثلام الحول لاختلاف المالين وعدم حلول الحول بالنسبة إلى شي‌ء منهما.

وعن الشيخ (٣) : أنه لا يقطع الحول لصدق الاسم.

وفيه ما لا يخفى.

كيف ولو كان استمرار صدق ملك الأربعين كافيا في تحقق الوجوب ولو اختلف مصاديقها لجرى في غير صورة المعاوضة ، ولا يظهر فيه قائل بالثبوت.

__________________

(١) المبسوط ١ / ٢٠٦.

(٢) في ( ألف ) : « ان » بلا واو.

(٣) نقله عنه في الحدائق الناضرة ١٢ / ٧٦.

١٧٦

تبصرة

[ في اشتراط أن لا تكون الإبل والبقر عوامل ]

الرابع : أن لا تكون عوامل بالإجماع المعلوم والمنقول.

وقد خالف فيه مالك من ائمّة الخلاف.

ويدلّ عليه بعد الإجماع خصوص صحيحة الفضلاء : « ليس على العوامل من الإبل والبقر شي‌ء ، إنّما الصدقات على السائمة الراعية ».

وقد ورد في عدة من (١) الروايات في جملتها الموثق ثبوت الزكاة على العوامل.

وقد تحمل على الاستحباب أو التقيّة ؛ لما عرفت من أنّه مذهب مالك من العامة.

وهل يعتبر ذلك في أغلب الأحوال أو جميعها أو يناط بصدق الاسم؟ وجوه ؛ أقواها الأخير إلّا ما كان من قبيل التسامح العرفي.

وعن الشيخ (٢) النصّ على اعتبار الأغلبيّة.

وهو ضعيف ، فيرجع في العمل ومدّته إلى العرف بحيث يصدق معه اسم العامل عليه.

ومجرد صدقه في العرف قاض بانثلام الحول.

ولو عمل بها غير المالك من غير اذنه مع عدم خروجها عن سلطان المالك فالظاهر جريان الحكم. والأظهر استقلال أولادها في الحكم ، فلا يحكم فيها بتبعيّة الأمّهات في سقوط الزكاة ، وإن كانت (٣) زمن الرضاع بناء على الاعتبار بحال النتاج ، وإن قلنا بتبعيّتها في مسألة السوم.

__________________

(١) لفظة « من » ليست في ( ألف ).

(٢) الخلاف ٢ / ٥٣.

(٣) في ( د ) زيادة : « في ».

١٧٧

وأن (١) كان عشر من الإبل من شخصين تعمل أحدهما في السنة بمقدار حصّته سقط الزكاة من (٢) الآخر.

__________________

(١) في ( د ) : « ولو ».

(٢) في ( د ) : « عن ».

١٧٨

البحث الثاني

في اللواحق

تبصرة

[ في مصاديق الغنم ]

ذهب جماعة من الأصحاب إلى أنّ أقل ما يؤخذ من الغنم في الزكاة أن يكون جذعا من الضأن وثنيا من المعز.

وفي الحدائق (١) حكاية الشهرة عليه.

وعن الخلاف (٢) حكاية الإجماع عليه.

وعن جماعة من أفاضل المتأخرين منهم السيد في المدارك (٣) : إن الواجب ما يسمّى شاة. واختاره في الحدائق (٤).

ولا يخلو عن قوّة ؛ لظواهر الإطلاقات في تلك المقامات من غير إشارة فيها إلى اعتبار خصوص شي‌ء من الأسنان ، فيدور الحكم مدار الاسم.

والوجه في الأوّل بعد الإجماع المحكي والاحتياط رواية سويد بن غفله : أتانا مصدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : « نهانا أن نأخذ المراضع ، وأمرنا أن نأخذ الجذعة والثنية.

__________________

(١) الحدائق الناضرة ١٢ / ٦٦.

(٢) الخلاف ٢ / ٢٤.

(٣) نقله عنه في الحدائق الناضرة ١٢ / ٧٦.

(٤) الحدائق الناضرة ١٢ / ٦٦.

١٧٩

كذا احتجّ بها في المعتبر (١) والتذكرة (٢) وغيرهما.

وظاهر المنتهى (٣) كما ترى غير واف بالمقصود ، إذ لا اشارة فيها إلى التفصيل المذكور ، فالأولى الاحتجاج له بما رواه في التذكرة (٤) عن سويد بن عقبة أيضا ، قال : أتانا مصدق رسول الله فقال : أمرنا أن نأخذ الجذع من الضأن والثني من المعز.

والظاهر اتحاد المحكي في المقامين ، فالثاني بيان لما أجمل في الأوّل.

مضافا إلى أنّ الزكاة إنّما تتعلّق بالعين ، وليس فيما تعلق به الحق ما دون الست أو السبع أو الثمان ، فجواز إخراجها يحتاج إلى الدليل ، وقضية الأصل المنع.

وفيها أنّ حكاية الإجماع موهونة في المقام ؛ لشيوع الخلاف. والرواية غير موجودة في اصول الأصحاب ، فالظاهر أنّها من روايات العامة ، فيشكل الاعتماد عليها في تقييد تلك الإطلاقات.

والأصل المذكور لا يتمّ في الشي‌ء بناء على حلول (٥) الحول بدخول الثاني عشر كما هو المشهور.

على أنّ الإطلاقات كافية في دفعه.

وكيف كان ، فالمسألة مشكلة ، والوقوف على ما ذكروه أحوط.

بقي الكلام في تفسير الجذع والثني :

فحكى الشيخ (٦) والعلامة (٧) عن ابن الأعرابى أن الجذع من الضأن ما بلغ ستة (٨) أشهر إن

__________________

(١) المعتبر ٢ / ٥١٢.

(٢) تذكرة الفقهاء ٥ / ١٠٧.

(٣) منتهى المطلب ١ / ٤٩١.

(٤) تذكرة الفقهاء ٥ / ١٠٨.

(٥) في ( ألف ) : « حول ».

(٦) المبسوط ١ / ١٩٩.

(٧) تذكرة الفقهاء ٥ / ١٠٧.

(٨) في المبسوط والتذكرة : « سبعة ».

١٨٠