كتاب في المعدة وأمراضها ومداواتها

أحمد بن ابراهيم بن أبي خالد ابن الجزّار القيرواني [ ابن الجزّار ]

كتاب في المعدة وأمراضها ومداواتها

المؤلف:

أحمد بن ابراهيم بن أبي خالد ابن الجزّار القيرواني [ ابن الجزّار ]


المحقق: سلمان قطابة
الموضوع : الطّب
الناشر: دار الرشيد للنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٦٩

أحوال البدن ، أن (١)لا يحتاج إليه ، لأنه ليس مما ألفته الطبيعة ، وإنما ينبغي أن يستعمله من شرب (شرابا كثيرا) على غير العادة ، أو تناول طعاما كثيرا. ومن عرضت له هذه العلامات : مثل ثقل الجسد ، والكسل ، والنوم ، والغثيان الكثير ، وتمدد العروق ، وكثرة البلغم ، أو المرة الصفراء ، في المعدة ، وأنواع (القشعريرة) المختلطة بحرارة ، فإن هذه الأشياء أكثر ذلك تدل على الامتلاء.

وللفاضل أبقراط

فصل قال فيه : من لم يكن به حمّى ، وكان به امتناع عن الطعام ، ونخس الفؤاد ، وسدد ، ومرارة (٢) في الفم ، فذلك يدل على استفراغه بالدواء من فوق وينبغي لنا أن نعلم أن هذه الأعراض التي ذكر أبقراط تدل الطبيب أن ذلك البدن الذي ظهرت فيه يحتاج الى الاستفراغ بالدواء من فوق أعني بالقيء ، لأن هذه الاعراض أضر من عليه عامة لجميع الأخلاط التي من شأنها التلذيع :

ولجالينوس فصل قال فيه :

قد أصاب قدماء الأطباء فيما أمروا به ، من استعمال القيء بعد الطعام في كل شهر فبعضهم رأى أن القيء مرة واحدة يكتفي به. وبعضهم رأى أنه ينبغي أن (٣) يتقيأ مرتين ، وجميعهم يشير بأن يكون ما يتناول من الأغذية قبل القيء ما كان حرّيف الطعم ذو قوة تجلو أو تغسل وذلك لكي ما يتقيأ جميع ما في المعدة من البلغم ، من غير أن يضرّ بالبدن برداءة ما يتولد عنها. لأن الأغذية الغسالة الملذعة تولّد جميعها مرة صفراء ، وكلها رديئة الغذاء فقد أجاد القدماء فيما احتالوا من تنقية المعدة من غير أن يضر ذلك بسائر البدن.

____________________

(١) آ : ألا.

(٢) آ : ساقطة.

(٣) ظ : ساقطة.

٢٠١

وذكر روفس في كتابه « في تدبير العوام (١) » أنه ينبغي لمن أراد القيء أن لا يمتلىء من الغذاء جدا. وذلك لأن البطن اذا امتلأ تعسّر عليه القيء كما أن المثانة اذا امتلأت من البول يعسر خروجه. ومع هذا ان هو لم يقدر على القيء يتخوّف على ألا يكون بهضمه ما قد (٢) أخذ من الغذاء (٣). فيأتي من ذلك العطب ، فينبغي أن يأخذ من الغذاء من أراد استعمال من أراد القيء قدر ما يقوي على هضمه (٣).

وينبغي أن يكون اعطاؤنا للأدوية المنقية على قدر الفضول الراسخة في المعدة. فإن كان في المعدة فضل بلغماني ، فينبغي لصاحبه (٤) أن يأكل في وقت العشاء فجلا وسمكا مالحا وكراتا ، وشيء من بصل ، وشيء من حاشا ، وخردل مسحوق. أو يأكل سمكا مالحا وخبزا. ويمنع من شرب الماء في وقت أكله ، وبعد فراغه ساعة ، لتنحدر الرطوبة المتولدة في المعدة وينتظر قدر ما يسكن الطعام قليلا لا يقدر ما ينهضم. ثم يقوم فيتقيّأ وقد شرب قبل ذلك من الماء الفاتر شيئا صالحا ، وأبلغ من الماء الفاتر.

أن يسقي بعد ذلك ماء قد طبخ فيه الفجل الدقاق المقطّع ، والشبث ، والمح ، ويخلّط معه خردل ، وسكنجبين عسلي. ثم يقيّأ حتى إذا ظن أنه قد اكتفى ، فليجلس (٥) حينئذ ويغسل وجهه بماء وخل يتمضمض به أيضا ، فإنه نافع للعيون والرأس ، ويمنع من فساد الأسنان الذي يعرض كثيرا لأصحاب القيء فإن عسر عليه القيء فينبغي له أن يتجنب ، كثرته الى أن يضطر الى ذلك. وقد قال جالينوس عند تفسيره « كتاب الفصول » : من كان يسهل عليه القيء وكان نظيف البدن ، فينبغي أن يكون استفراغه بالدواء من فوق بالقيء في الصيف والخريف والربيع ، ويتوقّى أن يفعل ذلك في الشتاء لأن الضعف في أكثر الأمر تغلب عليه الصفراء. ومن كان يعسر عليه القيء ، وكان حاله في جنس اللحم حالة متوسطة ، فينبغيّ أن يجعل

____________________

(١) لم نجد هذا الاسم في القوائم التي راجعناها ، ولعله منحول.

(٢) آ : ساقطة.

(٣) الى (٣) آ : ساقطة.

(٤) ظ : ساقطة.

(٥) آ : فيجلس.

٢٠٢

استفراغه بالدواء من أسفل. فإن احتاج الى الاستفراغ من فوق فينبغي أن يفعل ذلك في الصيف فقط. فأما غيره من أوقات السنة فينبغي أن يحذره ، وينبغي أن يخرج كل واحد من الفضول من الناحية التي هو أميل اليها ، من المواضع التي تصلح لاستفراغه ، ومما يسهل القيء أن يسقى العليل من ماء الشبث مع دهن السوس ، ويمسح الصدر منه ، وتدخل الى الفم ريشة مغموسة بدهن سمسم. ثم يتقيأ أو يأكل أو يأخذ عصارة قثاء الحمار. فيذاب بزيت أو بدهن سوسن. ويلّطخهما على الموضع الذي يلي اللسان والحنك فإن هذا يسهل القيء.

قال أبقراط في كتاب « أبيذيميا » من أردت أن تقيئه بسهولة ، فاطعم من بصل النرجس اثنين أو ثلاثة مع طعامه. قال جالينوس : يعني أبقراط أنك متى أردت أن تهيّج القيء بعد الطعام من غير أذى (١) ولا مكروه ، فينبغي أن يطعم المحتاج الى ذلك مع طعامه شيئا من بصل النرجس ، فإنك اذا فعلت ذلك به تقيّأ بعد طعامه بسهولة. وذلك أن بصل النرجس من الأدوية المهيّجة للقيء. أو يؤخذ بورق أبيض فيلقى في ماء فاتر ويترك حتى بنخل ، ثم يخلط به مقدار يسير من الزيت ، ثم يشرب فإنه يهيج القيء.

دواء آخر يهيّج القيء

يسقى العليل من ماء الكرفس ثلاثة أواق مع أوقية من العسل بعد الطعام ، أو قبله أو تؤخذ ريشه فتغمس في دهن سمسم وملح وتدخل في الفم يتقيّأ بها.

دواء آخر لمثل ذلك

يؤخذ من الخردل درهمين ، ومن البورق وزن (٢) درهم ، وكندس مقشر وزن (٣) دانقين تدق ويشرب بماء العسل ، فإنه ينّقي المعدة من الكيموس

____________________

(١) ظ : أو.

(٢) ظ : و.

(٣) ظ : ساقطة.

٢٠٣

الراسخ (١) ، في صفاقاتها ، أريد من شرب ماء طبيخ الشبث ، وزيت (انفاق) ، فإن ذلك (١) ينقّي الكيموس الغليظ بالقيء. فإن كان المحتاج الى استدعاء القيء صفراوي ، فينبغي أن يسقى الأدوية التي تنقّي المرة الصفراء من المعدة ، بالقيء مثل أن يؤخذ أصل البطيخ ، وأصل القثاء الرطبين فيدقّان جميعا ، ويعصران ويؤخذ من مائهما بعد أن يصفّى قدر كأس ، فيشرب على الريق ، ويسكن ساعة ، ثم يستدعي القيء فإنه يستفرغ صنوف المرار من المعدة. أو يؤخذ من (٢) لحم البطيخ فيعصر ماؤه ، ويخلط بمريء حوت ، ويتقيّأ به. أو يؤخذ أصل البطيخ ، وأصل السوس فيطبخان بشيء من شبث وملح أندراني ، ويتقيّأ به ويجعل مع ذلك شيء من عسل السكر. أو يتقيّأ المحرور بماء الشعير والسكنجبين وملح جريش. أو يقيّأ بماء السرمق معصور مع شيء من شبث. أو يؤخذ وزن مثقال من جوز القيء. فيدق ويشرب بماء قد طبخ فيه شبث فإنه يقيّء ، ويخرج اليرقان أو يؤخذ وزن مثقال من أصل قثّاء الحمار (٣) ، فيدق ويشرب مع ماء (٤) الكرفس. وشيء من عسل ، ودهن ورد ، ويتقيّأ بعده.

أو يؤخذ من أصول البطيخ ، فيدق وينخل. ويؤخذ منه وزن درهمين فيسقى مع ماء العسل بعد الطعام.

وقد ذكرنا بدئا أن حق القيء أن يكون بعد الامتلاء من الطعام ، فإن أفرط القيء على أحد بعد شربه لهذه الأدوية التي ذكرنا ، أو غيرها ، مما يهيّج القيء فينبغي [ أن يعطي من الأدوية المقوّية للمعدة مثل : جوارشن الرمان ، أو شراب الرمان المتخذ بالنعناع ] ، أو الورد المربى ، وما أشبه ذلك ، من الأدوية التي ذكرناها لقطع القيء فيما تقدم إن شاء الله.

القول في الأسباب (٥) التي تفسد الاستمراء

قد بينّا في صدر هذا الكتاب أن المعدة عضو عظيم المنفعة في البدن ،

____________________

(١) الى (٢) آ : ساقطة.

(٢) ظ : ساقطة.

(٣) ظ : الخيار.

(٤) آ : ناقصة.

(٥) آ : الاشياء.

٢٠٤

وأن جميع أعضاء البدن تحتاج الى صحتها لتغذيتها (١). وقد تكلمنا في فم المعدة الأعلى الذي تهيّج فيه الشهوة. وذكرنا الأدواء التي تعرض فيه خاصة مثل الشهوة الكلبية ، وفتح الشهوة ، وبطلان الشهوة ، والعطش ، والفواق ، والقيء ، والجشاء ، وما يتبع ذلك من الأعراض. وطريق مداواة تلك العلل على المنهج الطبي ، والقانون الصناعي ، اذ لا دليل على سعه علم من يدعي هذه الصناعة الشريفة أكثر من اظهاره ، وشرح غامضة ، وبذله لعامة الناس فضلا عن خاصتهم ، وليس من قال ما طال بمذموم اذا صدق وأبلغ كما أنه ليس بمحمود ، اذا قصّر وكذب وضجر. والمعلوم عند العلماء أن المستجير في العلم يمتد به القول ونحن الآن ذاكرون الأدواء المخصوصة بأسفل المعدة الذي به يتم استمراء الطعام مثل : فساد الاستمراء وعسر الهضم والتخم ، واستطلاق البطن ، وما يتبع ذلك من الأعراض وطريق الحيلة في مداواة ذلك على رأي أفاضل الأطباء والفلاسفة وبالله التوفيق.

فأقول ان الفعل الذي يخص المعدة دون سائر الأعضاء استمراء الطعام. وقد ينبغي لمن أراد أن تبقى له صحة بدنه. أن يحفظ المعدة لأن بصحتها تصح الأعضاء ويسقمها تسقم الأعضاء ، وهي (٢) معدن الاستمراء وانما تحفظ المعدة باجتناب فساد الطعام فيها (٣). والأسباب التي يفسد بها الاستمراء ثلاثة أسباب : أحدها علة القوة الهاضمة ، والثاني من فضول تجتمع في المعدة ، والثالث بسبب الأغذية الا أنه لما كان كل واحد من هذه الأسباب ينقسم الى أنواع كثيرة ، ويجب أن يقوي على كل واحد من هذه الاسباب (٤) على حدته ٥ليكون البيان شافيا والبرهان كافيا (٦).

القول الأول من أسباب

فساد الاستمراء.

اذا دخل على الهضم آفة ، فإنه ان كان الغذاء معتدلا ( ... ). وكان

____________________

(١) ظ : لتغذيتها لها.

(٢) آ : وهو.

(٣) آ : ساقطة.

(٤) ظ : الاشياء.

(٥) ظ : غير مفهومة.

(٦) آ : ساقطة.

٢٠٥

سائر ما يثقل بذلك لا ندم منه شيء. فإن كان(١)فساده انما حدث من قبل علّة في القوة الهاضمة ، والعلة تدخل على القوة الهاضمة اما بدئا فمن قبل سوء مزاج هذه القوة ، واما بطريق العرض من قبل مرض آلي مثل أن يكون (٢) في المعدة ورم ، فتضعف لذلك القوة كما نجدها تضعف اذا كان فيها الدّبيلة. وسوء المزاج ان كان حارا فإنه يتبع ذلك عطش ، وحمّى ، وفساد الطعام. إما على الجملة فإلى الدخانية ، وإما على التفصيل فإلى السهوكة ، والزهومة ، ورائحة الحمأة (٣) ، والروائح المنتنة (٤).

وان كان باردا فإنه لا يتبع ذلك لا حمّى ولا عطش ، لكن الطعام ان كانت المعدة قد أفرط عليها البرد حتى استحكم فيها ، لم يفسد فيها ، ولم يتغير أصلا عما هو عليه. مثل ما يعرض في العلة المعروفة بزلق الأمعاء. وان لم يكن قد استولى عليها البرد ، بل كانت (٥) تقوي على أن تغيّر الغذاء بعض التغيير ، ثم كان الطعام مائلا الى البرد أو كان (٦)معتدلا استحال الى الحموضة.

وان كان الطعام مائلا الى الحرارة ، أو نافخا ، ولّد ريحا غليظة. فهذا سبب الآفة الداخلة على القوة الهاضمة في نفس جوهرها مما يعرض للمعدة من سوء المزاج الحار والبارد حتى يتبع ذلك فساد الاستمراء بسرعة. وما كان من الأمراض العارضة من سوء المزاج مع بعض الأمراض الآلية فالآفة يدخل منها على القوة الهاضمة من الجهتين معا ، أعني من قبل فساد جوهرها ، ومن قبل تعذر الفعل عليها ، من أجل الأورام والسدد كما ذكرنا بدئا (٧).

____________________

(١) آ : ساقطة.

(٢) ظ : أن كأن.

(٣) آ : الحمى.

(٤) ظ : المنكرة.

(٥) آ : كذلك.

(٦) آ : و.

(٧) آ : ساقطة.

٢٠٦

القول الثاني من اسباب فساد

الاستمراء.

وأما السبب الثاني الذي يفسد الاستمراء فهو أن تجتمع في المعدة مادة كيموس ، يتولّد فيها من فضول الأغذية ، أو (١) ينصب اليها من الرأس. ومن بعض الأعضاء فتفسد الأطعمة لذلك. وقد بيّنا في مواضع من هذا الكتاب ، أنه متى كانت الأطعمة تستحيل في المعدة الى الدخانية ، من غير أن يكون ذلك من قبل طبيعتها أن العلة الفاعلة لتلك الاستحالة الحرارة ، ومتى كانت تستحيل الى الحموضة [ من غير أن يكون ذلك من قبل طبيعتها ].

فإن السبب في ذلك البرودة. وليس يتبيّن من هذا السبب فيه سوء مزاج المعدة فقط أو خلط يجتمع في المعدة ولكن تفصيل ذلك يكون بما ذكره جالينوس الحكيم (٢).

وهو أن يطعم العليل أطعمة مضادة في طبيعتها لحال ذلك الفساد مثل من كانت الأطعمة تستحيل في معدته الى الدخانية كالخبز المثرود الذي قد يقع في ماء او سكنجبين ، أو تطعمه الشعير الذي يسمّى خندروس.

ومن كانت الأطعمة تستحيل في معدته الى الحموضة أطعمناه خبزا قد نقع في عسل فاذا تناول ذلك أمرناه بالتهوّع ثم يتفقد ما تقيّأه (٣) فان كان في معدته مرّة مرتكبة ، تقيّأ من ساعته كيموسا بلغمانيا (٤)مرّيا حارا (٥) ، وان كان في معدته بلغما مرتكبا تقيّأ من ساعته كيموسا بلغاميا ، ورأينا تلك الأطعمة متلوثة (٦)بذلك الخلط ، فيكون ظهور الاستحالة فيها اكثر بحسب فعل ذلك الخلط. وان كان السبب سوء مزاج حار من غير غلبة خلط من الأخلاط ، رأينا الخبز أو الشعير الذي أطعمناه يخرجان ، وقد قبلا من

____________________

(١) آ : و.

(٢) آ : ساقطة.

(٣) ظ : يتقياء.

(٤) ظ : ساقطة.

(٥) آ : ساقطة.

(٦) آ : متلتوتة.

٢٠٧

النضج مقدارا يسيرا (١).

وان كان السبب في ذلك سوء مزاج بارد غالب على المعدة من غير مادة ، رأينا ذلك الخبز يخرج كما أكل لا يتغيّر ولا يستحيل وأكثر ما يظهر ذلك في القيء اذا سهل على العليل ، فان لم يقدر على القيء ولم تجريه عادته فينبغي أن يتفقد ما يبرز منه من أسفل. بعد تناول ذلك الطعام (٢) وهل يخالطه شيء من جنس المرار حارا في مزاجه أو خلط بلغمي بارد مع استحالة منه يسيره. وإنما يتبين هذا الذي قلناه (٣)اذا كان الخلط المجتمع في المعدة مسترخيا في فضائها. وأما اذا كان لاحجا في أغشيتها فيلحقه لا محالة غثي وتهوع من غير أن يتقيّأ (٤) شيئا البتة. الا أنه ان كان مزاج الخلط المحتبس في أغشية المعدة وحجبها حارا ، تولد (٥) عنه عطش وان كان مزاجه باردا كان معه شهوة الطعام ـ مع الآم سوء هضم ـ.

القول الثالث من أسباب فساد

الاستمراء

انه وبما فسد الاستمراء من غير أن يكون في المعدة علة من هذه العلل التي قدمنا أعني ضعف القوة الهاضمة أو كيموسات مجتمعة في المعدة.

وانما يعرض ذلك لأنه يدخل على الهضم من قبل الغذاء ، والغذاء يدعو الى فساد الاستمراء اذا وقع فيه الخطأ لاحدى أربعة خصال : اما لكميته ، واما لكيفيته ، وأما للوقت الذي يتناوله الانسان فيه ، وأما لمراتب تناوله. فالخطأ في كمية الطعام يكون مثل أن يتناول الانسان من الطعام أقل مما يحتاج اليه ومعدته حارة ، وذلك أن الطعام حينئذ يفسد ويستحيل الى المرار. أو يتناول منه اكثر مما يحتاج اليه. واذا كان (٦) كذلك فانه أي

____________________

(١) ظ : مقدار يسير.

(٢) آ : الاطعمة.

(٣) آ : قلنا.

(٤) ظ : يقيء.

(٥) ظ : يتولد.

(٦) آ : ذلك.

٢٠٨

الطعام يعسر فساده وكانت القوة [ قوية ] وكان النوم طويلا ، كان ما يعرض تخلفا في الاستمراء.

وان كان الطعام يسرع اليه الفساد وكانت القوة / قوة فسد الطعام في المعدة وان كان الطعام بغير فساد / ـ وكانت القوة ـ ضعيفة وكان النوم قليلا لم يستمرىء الطعام أصلا.

وإنما الخطأ في كيفية الطعام ، فهو أن يكون حارا والمعدة حارة بمنزلة العسل اذا أكله المحرور حتى يتبع ذلك فساد الاستمراء الى التدّخن.

وأما أن يكون باردا والمعدة باردة بمنزلة اللبن ، والفواكه الباردة ، اذا أكلها البارد المزاج فتتغير وتستحيل في معدته الى الحموضة.

وأما الخطأ في وقت تناول الطعام فهو أن يمدّ (١) هذا الانسان يده الى طعام ثاني قبل أن يستمرىء الطعام الأول. مثل ذلك ، كأن انسانا تناول طعاما فلما توسط طبخه وأخذ في الانهضام (٢) ، تناول طعاما آخر بعده فلما انهضم الطعام الأول ، وهمّ بالانحدار عن المعدة ، أزعج الطعام الثاني وأحدره وأخرجه معه ، وهو بعدنّيء (٣) ، غير منهضم ، لأن ذلك واجب ضرورة. وأما الخطأ في مراتب الغذاء فهو أن يكون الانسان يأكل أولا سفرجلا وتفاحا ورمانا وما أشبه ذلك من الأشياء التي تحبس البطن. ثم يأكل بعدها بقولا مسلوقة مطيّبة بالمرّي والزيت وسائر ما يشبه ذلك من الأشياء التي تطلق البطن. فانه اذا فعل ذلك عرض في المعدة اختلاف شديد وذلك أن الأشياء السريعة الانهضام تسارع الى خارج والحابسة البطيئة الانهضام تحتاج الى مكث في المعدة ، فيتولّد عن ذلك رياح تكون سببا لفساد الاستمراء وضعف الهضم ، وقد يكون فساد الاستمراء بسبب قلة النوم.

وذلك أن الهضم الكامل انما يكون في وقت النوم لأن القوة النفسانية ، تسكن وتهدأ ، والقوة الطبيعية تعمل أعمالها في وقت النوم ، فهذه الأسباب

____________________

(١) آ : ساقطة.

(٢) آ : مذكورة في الهامش.

(٣) ظ : ساقطة.

٢٠٩

التي ذكرنا كلها مما يفسد الاستمراء وسوء الهضم يحدث أعراض مختلفة بحسب مقداره. وذلك أنه ان كان قويا أحدث أعراضا كثيرة قوية (١)و ان كان ضعيفا كان ما يحدثه من الأعراض يسيرا سهلا وبحسب تغيّر الطعام الى ما يتغيّر اليه. وذلك أنه ربما استحال الطعام ، عند سوء الهضم الى خلط بلغمي فيحدث الجشاء الحامض ـ وربما استحال الى خلط مرّي فيحدث الجشأ الدخاني ـ واللذع وربما تولدت منه رياح تحدث النفخة وبحسب طبيعة الانسان الذي يعرض له ذلك ، وذلك انه لو لم تكن معدته ذكيّة الحس لم ينلها من ذلك لذع شديد ، ولا استفراغ كثير ولا خفقان ، ولا وجع في الرأس وان كانت كثيرة الحس أسرعت اليه (٢) هذه الأعراض كلها. وبحسب قوة كل واحد من أعضاء البدن وضعفه. وذلك أن العضو الضعيف من [ واحد ] فيمن يعرض له سوء الهضم يحس بالضرر منه. فان كان الرأس هو العضو الضعيف في البدن ، عرض عند ذلك ثقل في الرأس أو سهر أو صرع أو جنون أو سبات أو وسواس سوداوي.

وان كانت الأمعاء هي الضعيفة عرض وجع في المعاء. وان كان الضعيف الكليتان أو الطحال أو الكبد أو الصدر أو المفاصل حدث فيه وجع. وان كان البدن بأسره ضعيفا ، أحسّ الانسان في بدنه باختلاج أو قشعريرة ، أو نافض أو حمى.

وهذا قول جالينوس في كتاب « العلل والأعراض » وفيما تكلمنا به وحكيناه من كلام أفاضل الأطباء في سوء الاستمراء كفاية وبالله التوفيق. القول في التدبير النافع من سوء الاستمراء وابطاء الهضم.

ان فساد الاستمراء يعرض من أسباب كثيرة كما بيّنا. فينبغي ان تبتدىء من علاج ذلك فتنظر من أي سبب كان حدوثه. فان كان من قبل رداءة الأطعمة أو من قبل كثرتها ، أو سوء ترتيبها ، ودل على ذلك البرهان الذي قدمنا ، أمرنا عند ذلك باستعمال القيء بعد شرب الماء الحار فأنه يتقيّأ ، كلما فسد في معدته وهو >أخطر< الأشياء الفعاله.

____________________

(١) آ : ساقطة.

(٢) آ : أسرع اليها.

٢١٠

فان عسر عليه القيء فليستعمل بعض الأدوية التي ذكرنا أنها تهيّج القيء فاذا نقّينا المعدة من ذلك الطعام الفاسد ، مرّخناها بدهن الناردين ، أو بدهن السفرجل ، أو بدهن المصطكي ، أو ببعض الأدهان التي تقّوي المعدة / أو الأضمدة العطرية أيضا التي تقوي المعدة / ، ويعطى بعد ذلك بعض الأطعمة المقّوية للمعدة السريعة الانهضام الحسنة الخلط ، وتجنيب كل ما علم أنه يفسد الأطعمة ويعوقها عن الهضم ويؤمر بالتعب والرياض المعتدلة ، ودخول الحمام ، وبشرب الشراب الريحاني فانه من أبلغ الأشياء في معونة المعدة على استمراء الطعام.

وقال فولوبس تلميذ أبقراط في مقالته « في تدبير الاصحاء » : اذا عرض لأحد أن يتجشأ طعم طعامه من غذاء اليوم الذي اكل فيه ، وعرضت له نفخة فيما دون الشراسيف ، وإنما يكون ذلك اذا لم ينهضم الطعام فالأصلح له أن ينام مدة طويلة. فاذا كان من غد ذلك النوم أتعب بدنه وجعل شرابه اكثر مما كان ، وأقرب الى الصروفة ، واستعمل من الأطعمة اقل مما كان يستعمله قبل ذلك ، فان من البين أن المعدة بسبب ضعفها وبردها لا يمكنها أن تهضم أطعمة كثيرة. وقد ذكر بعض الأطباء ان المعدة اذا استرخت وضعفت عرض لها التخم لا عن سبب معروف ولا عن أطعمة رديئة. فينبغي عند ذلك أن تقّوى قليلا قليلا بالأشياء العطرية المقوية لها ، ويجعل الطعام الذي يأخذه في مرة واحدة ، في مرات كثيرة ويكثر العليل من الطعام في الأوقات الباردة. لجمعها الحرارة في باطن البدن ويقلّ من الأطعمة في الأوقات الحارة. لأن حرارة الهواء تجتذب الحرارة الغريزية الى ظاهر البدن / ويخلو منها باطنه بتضعف الحرارة في باطن البدن (١) عن هضمه ولذلك كانت القدماء تفضل العشاء على الغذاء لما يلحق العشاء من إجتماع الحرارة في باطن البدن ١لبرد الليل والنوم لأن الحرارة في النوم تبطن ويسخن باطن البدن. ويبرد ظاهره. وفي اليقظة تنتشر الحرارة في ظاهر البدن ، وتضعف في باطنه.

ولجالينوس فصل قال فيه : رأيت فيه بعض الأطباء ممن صحبتهم على

____________________

(١) الى (١) نقص في آ.

٢١١

طول أيام الدهر اذ أكثر ، فكثر في أيام القيظ من أخذ الأغذية فأخذ ما لم تحتمله هواضمه ، أن يأمروه عند ذلك بصب الماء البارد على جسده أجمع ، وبالاستنقاع فيه حتى يبّردون الجسد من خارج فيمكن الحرارة الغريزية من داخل.

وقد اختبرت ذلك في نفسي فرأيته من أعون الهواضم من زمان القيظ عند خوف التخم ، واستقبال الغذاء ، فان هذا الفعل محمود وما رأيت من أفعال البارد فعلا أقوى من هذا في هذه الحال التي ذكرنا. فان كان حدوث فساد الاستمراء لم يعرض بسبب ما يتناول من خارج من الأغذية. وإنما يحدث من قبل شيء داخل البدن فينبغي ان تنظر ما سبب ذلك ، فان كان من قبل فساد القوة المغيّرة من أجل سوء (١) مزاج المعدة فقط ، عالجنا ذلك المزاج الغالب على سبيل ما قدمنا في اصلاح مزاج (١) المعدة.

وان كان هذا من قبل ورم وعرض في المعدة. فقد ذكرنا علاج الأورام فيما نقدم أيضا وان كان.

هنا تنتهي نسخة المكتبة الظاهرية واستطعنا اتمام الكتاب بالاعتماد على نسخة الاسكوريال.

فان كان من قبل خلط مجتمع في المعدة ودل على ذلك البرهان الذي قدمنا ، فينبغي ان تنقص المواد من المعدة في رفق ولطف ، وتكون معالجة ذلك بالضد للضد على سبيل ما شرحنا فيما تقدم. وتبحث في ذلك من تفسير طبيعة العلة ما هي سهل واجود العلاج الموافق لها. فان منع العلاج مانع الى ان تحدث (المنيعة) ويخرج الطعام الذي قسر بالقيء والاسهال. فينبغي ان يترك ما لم يكن يشرب. فاذا أحس العليل مع ذلك بلذع شديد ، فينبغي أن يسقى من شراب الجلاب او شراب ليكسر به حدة ذلك الفضل والاسهال ، حتى يخاف عليه. فينبغي ان تشد يداه ورجلاه وتدلك أطرافه ويسقى من الأدوية التي تحبس القيء والانطلاق. فان كان الجشأ دخاني بمثل الورد المربى وشراب الرمانين وشراب التفاحين وجوارشن الرمان وما أشبه ذلك

____________________

(١) الى (١) آ : ساقطة.

٢١٢

من الأضمدة والأذهان. ويتغذى بلحم الدراج والفراريج سماقية او حصرمية او رمانية. وان كان مع ذلك الجشأ حامضا فيعطوه جوارشن الجوزي ، والأطريفل وجوارشن السفرجل وشراب الرمان المتخذ بالنعنع وما أشبه ذلك من الأدوية والأضمدة والأدهان التي تقوّى المعدة ان شاء الله.

صفة جوارشن كافوري عجيب

وهو ( ... ) شريفة ( ......... ) من تطييب معدها وتقويتها وهو من مكتوم الطب ، ومما لا ينبغي ان يعالج به الا السادة الأبرار ينفع من التخمة ، ويقطع القلس ، والتحليل الدامى ويطيب الجشأ ويصفي اللون ، ويطّيب النكهة ، وينفع المعدة المسترخية من سوء التدبير وتوالي التخمر ، ويؤخذ قبل الطعام وبعده ، وهو بديع يريح المعدة.

أخلاطه

يؤخذ سنبل هندي ، ومصطكي ، وقرنفل ، ودار صيني ، وورق ورد أحمر من كل واحد أربعة دراهم ، وصندل أصفر ، وطباشير أبيض ، من كل واحد وزن ثلاثة دراهم ، وسكر طبرزد ، وزن عشرة دراهم وبزر رازيانج عريض ، وأنيسون ، وزنجبيل يابس ، من كل واحد وزن درهمين ، وزعفران وقاقلة صغيرة ، وكبابه ، وبسباسة ، وجوزبوا ، وعود طيب ، وأسارون ، وقشر سليخه ، وقصب الذريره ، من كل واحد وزن درهم ، وسعدا عراقية ، وحب الآس ، وكمون كرماني من كل واحد وزن مثقال.

تدق الأدوية ، وتنخل ، ويبالغ في سحقها ، ويخلط معها وزن مثقال كافور ، ودانق مسك ، ودرهم سك رفيع. ثم يؤخذ مثل وزن الأدوية عسل ، فيلقى عليه مثله ماء رمانين ، وماء سفرجل ، ويطبخ بنار لينه حتى يصير مثل العسل الخاثر. فتعجن به الأدوية وترفع في برنية ملساء. ويؤخذ منه من درهم الى مثقال بماء فاتر فانه عجيب نافع ان شاء الله.

القول في ضعف المعدة عن امساك ما يرد اليها من الغذاء.

اذا خرج ما يؤكل ويشرب خروجا سريعا ، وهو بالحال الذي كان عليها في وقت فيها (أزهرت) فان الأطباء يسمون هذه العلة زلق المعدة وقد (حر)

٢١٣

هذه العلة في المعدة تعتري هذه العلة لا في اللون ، ولا في القوام ، ولا في الرائحة ، ولا في شيء بالجملة. في كيفياته وتكون هذه العلة من ضعف القوة الماسكة ، أو من ضعف القوة الهاضمة ، أو من تقرح يكون في (كافة) سطح المعدة شبيها بالتقرح الذي يعرض في الفم خلط رديء تحويه المعدة.

والدليل على ضعف القوة الماسكة ان الطعام المحمود الكيموس اذا صار في المعدة ، ومكث فيها يسيرا انحدر بقراقر ونضج قبل وقت الحرارة ، أعني قبل ثمان ساعات فانه أسرع أوقات الهضم وأعدل ذلك اثني عشر ساعة.

فأن كان ضعف القوة الماسكة من حرارة مفرطة ، فانا نستدل على ذلك بالحرقة الحادثة في المعدة والعطش المفرط ، والجشأ الدخاني وانتصاب الطعام بالصفرة.

وان كان ضعفها من البرد فأنا نستدل على ذلك بالجشأ الحامض في ابتداء العلة ، فاذا تناهت العلة ، سكن ذلك الجشأ الحامض. وكذلك ضعف القوة أيضا يكون من مزاج رديء يغلب على المعدة ، أو من خلط رديء تحويه المعدة.

وعلاقة ذلك أن يخرج الطعام منه غير منهضم ، أو رديء الهضم والطعام الذي يخرج فاسد الهضم بسبب فساد الحر والمرة الصفراء التي تجرفه ، وتفسده ، كالأطعمة التي يفرط عليها النار في المطبخ. أو الشيء فيخرج فاسدا محترقا.

فأن قال قائل : اذا كانت الأطعمة تخرج عن ضعف القوة الماسكة غير منهضمة ، وعن ضعف القوة الهاضمة كذلك.

على أن المرض خاصا بالقوة الهاضمة أو خاصا بالقوة الماسكة ، فيقال له ان مكثت الأطعمة في المعدة حينا ولم تخرج سريعا ، وكان خروجها من بعد ذلك كما نزلت غير منهضمة ولا نضيجة ، علمنا أن ذلك من قبل ضعف القوة الهاضمة ، وان خرجت الاطعمة سريعا قبل الوقت الذي حددناه لخروجها علمنا أن سرعة خروجه من قبل ضعف الماسكة ، وذلك أن القوة الهاضمة ، وان كانت قوية سليمة إنما تهضم الغذاء اذا أمسكت الماسكة فان

٢١٤

خرج الطعام بعد اثني عشر ساعة غير مهضوم فذلك دليل على ضعف القوة الهاضمة وفسادها.

فأما التقرح الكائن على سطح المعدة فسببه كيموس حار لذاع الا أنه وان كانت القوة التي في المعدة لم يحدث بها ضرر. فانه يجب عندها ذا العارض ضرورة أن يكون الغذاء اذا مر فيها فساد تلك المواضع المتسلخة لمروره فيها ان تدفعه الى أسفل ، وتقدمه عنها بأسرع ما تقدر عليه. فاذا كان كذلك يحدث في جميع المواضع التي يمر فيها لزم من قبله سرعة خروجه من غير أن يكون ابتداء الهضم. الا أنه في هذا الصنف الآخر الذي يكون بسبب ضعف المعدة بخروج الطعام ، يكون فيه من غير حس مؤذيته. وقد بينا أسباب القروح المتولدة في المعدة. وطريق مداواته فيما تقدم من هذا الكتاب.

القول في علاج ضعف المعدة وزلقها.

ينبغي لنا أن نبدأ من علاج المعدة الضعيفة عن امساك ما يرد عليها من الغذاء بأن ينظر من أي سبب حدث ذلك؟ فان اتضح عندنا بالبراهين التي قدمنا أن ذلك من قبل ضعف القوة الماسكة في المعدة ( ... ) أيضا ( ... ) بسبب عرض ذلك الضعف.

فان كان من قبل حرارة مفرطة فينبغي أن تطفأ الحرارة بالأشياء الباردة القابضة مثل رب الآس ، أو رب السفرجل ، أو رب الرمان ، أو رب الحصرم أو شراب الفاكهة ، أو شراب الورد ، أي ذلك تهيأ يسقى منه أوقية مع أقراص الطباشير المعمولة ببزر الحماض أو أقراص الجلنار ، أو أقراص الطراثيث. أو يسقى من سفوف حب الرمان ، أو يعطى من جوارش السفرجل أو جوارش السماق أو جوارش التفاح ، ويعطى الورد المربّى ، والزعرور ، والكمثرى ، والغبيرا ، والنبق ، والسفرجل وما أشبه ذلك. وتضمد المعدة بالأشياء الباردة القابضة ، مثل ما اتخذ من الآس ، والورد ، والرامك ، والصندل والكافور ، وما أشبه ذلك. ويكون الغذاء الحصرميات ، والرمانيات ، مع الفراريج ، والقنابير. والدراج ، أو صفرة البيض مطبوخ بخل ثقيف. أو العدس المقشر المطبوخ بماء الرمان الحامض.

٢١٥

فان كان ضعف المعدة ، وضعف القوة الماسكة ، من افراط البرد عليها ، عالجنا العليل بالأشياء القابضة التي لها قوة عطرية تقّوى بها المعدة ، مثل رب الرمان المتخذ بالنعنع ، أو رب السفرجل المتخذ بالنعنع ، وجوارش الجوز ، أو جوارش السفرجل ، أو شراب الميبه ، وتدهن المعدة بدهن الناردين ، أو دهن المصطكي ، ويقتصروا على الأغذية العفصة القابضة التي تقّوي معدهم وتدفعها. وينبغي أن نذكر نسخ أدوية نافعة من الاسهال المتولد عن زلق المعدة ، وضعفها مما قد امتحناه وجربناه ليعالج بذلك على قدر قوة الحاجة ان شاء الله.

فمن ذلك ، سفوف حب الرمان على ما أصلحته.

ينفع باذن الله من (استطلاق) النكس الحادث من ( ... ) المعدة ويقطع الاسهال العارض من المرة الصفراء ، الذي معه عطش وحرقة و ( ... ) شديد ويزيل زلق المعدة وقد جربناه فحمدناه.

أخلاطه

يؤخذ رمان بعد أن ينقع به ماء الحصرم ، أو في تفاح حامض يوما وليلة ، ثم يغلى بعد ذلك قليلا وزن عشرين ثقالا ، وسماق منقّى من شحمه ، ومقل مكّي ، وحب الآس. من كل واحد عشرة مثاقيل في سويق النبق ، وحب الزبيب(المغلي)قليلا ، وبلوط يابس ، منقع في ماء الحصرم يوما وليلة (المغلي)قليلا. وكمون منقع في خل خمر(مغلي)قليلا من كل واحد ستة مثاقيل ، وبزر حامض منقّى مغلي قليلا وطباشير من كل واحد وزن ثلاثة مثاقيل ، وورق ورد أحمر وجلنار ، وسك ، وعفص غير مثقوب ، وبر باريس. من كل واحد مثقالين ، وطين أرمني ، وقاقيا ، وطراثيث ، وصمغ عربي مغلي ، وبزر البقلة الحمقاء مغلية من كل واحد وزن مثقال. تدق الأدوية وتنخل ، ويسقى منها مثقالين على الريق برب الآس ، أو برب السفرجل فانه سفوف عجيب وقد جربناه فحمدناه.

صفة أقراص الطباشير ببزر الحماض المنقى لحبس الطبيعة وتقوية المعدة وزلقها ، وينفع القيء والاسهال العارض من المرة الصفراء وهي كاملة ، وقد امتحنتها.

٢١٦

يؤخذ طباشير أبيض ، وبزر حامض ، وورق ورد أحمر وزن عشرة دراهم ، وطين أرمني وصمغ عربي محمص ، وحب الآس ، من كل واحد خمسة دراهم ، ورامك ، وجلنار ، ونشاستج محمّص وسماق ، من كل واحد وزن ثلاثة دراهم ، وقاقيا ، وبزر جلة مغلية ، وبر باريس من كل واحد وزن درهمين ، وزعفران ، وعصارة الطراثيث ، وكهرباء ، وسك محرق من كل واحد وزن درهم ، وسويق النبق وزن أربعة دراهم تدق الأدوية وتنخل وتعجن ( ... ) أو بهما الورد ويعمل من ذلك أقراص وزن كل قرص مثقال. والشربة قرصة برب التفاح ، أو بماء الورد أو برب الرمان ، أو برب الآس الساذج ان شاء الله.

صفة أقراص الفتها وهي نافعة من الاسهال العارض من زلق المعدة ، والأمعاء ، ومن اسهال المرة الصفراء.

يؤخذ حب رمان محمص ، وطين أرمني ، وطباشير وورد أحمر ، وبزر حماض ، من كل واحد وزن خمسة دراهم وبر باريس ، وكزبرة منقوعة في ماء حصرم يوما وليلة محمّصة ، وحب آس ، وصمغ عربي من كل واحد وزن ثلاثة دراهم ، وسماق ، وجلنار ، وطراثيث ، وسويق النبق ، وسويق المقل الملكي ، وسويق الغبيرا ، وسك ، وعفص غير مثقوب من كل واحد وزن درهمين ، تدق الأدوية وتنخل ، وتعجن بماء التفاح ، ويعمل من ذلك أقراص وزن كل قرص درهمين ، والشربة قرص برب الآس ، أو برب السفرجل أن شاء الله.

جوارش ألفته لحبس الطبيعة وتقوية المعدة الضعيفة التي لا تمسك الغذاء ، ويقطع الاسهال الحادث عن المرة الصفراء ، أو الحر المفرط في المعدة ، والقيء المفرط ، وزلق الأمعاء.

يؤخذ من حب الرمان الحامض المقلوب على الطابق ، والسماق ، وورق ورد أحمر ، وطباشير أبيض ، وصندل أحمر من كل واحد وزن عشرة دراهم ، ومسك ، وبزر رجلة مغلية ، وبزر حماض ، وحب آس وعجم الزبيب المغلي من كل واحد درهمين ونعناع وبلوظ مغلي وضروب من كل واحد ستة دراهم ، وبر باريس وسويق النبق ، من كل واحد وزن أربعة دراهم ، وعفص غير مثقوب ، وصمغ عربي ، وطين أرمني من كل واحد وزن خمسة دراهم ،

٢١٧

ومصطكي وقرنفل ، وسنبل هندي من كل واحد وزن درهم.

تدق الأدوية ويبالغ في سحقها ، وتعجن بشراب السفرجل ، أو بشراب التفاح ، عجنا سلسا. ويرفع والشربة منه ( ............ ) المعدة ويقطع القابضة فانه عجيب.

صفة جوارش ألفته ( ...... ) لحبس الطبيعة وقطع الاسهال الحادث من برودة المعدة.

يؤخذ من حب رمان مغلو وزن عشرين درهما. وسماق وزن عشرة دراهم وزنجبيل ، ونانخه ، ومصطكي ، ومسك ، من كل واحد خمسة دراهم. تدّق الأدوية ، وتنخل ، وتخلط ، والشربة منه وزن ثلاثة دراهم بماء قشور الكدر المطبوخ.

صفة سفوف ألّفه اسحق بن عمران لاحمد بن طولون (١).

ينفع الاسهال الكائن عن ضعف المعدة ، ويصلح السفلة الضعيفة وهو فاتر المزاج ، وقد جربناه.

يؤخذ من لحاء الهليلج الكابلي المغلي بدهن ورد وزن عشرة دراهم. وكمون كرماني منقوع في خل خمر ممزوج بماء الآس الأخضر ، يوما وليلة. ويغلى بعد ذلك وزن عشرة دراهم وبزر كرفس ، وأنيسون مغلي من كل واحد وزن أربعة دراهم. وخروب نبطي ، وجلنار وطراثيث من كل واحد خمسة دراهم ، وحب آس مغلي ، وبزر لسان الحمل مغلي من كل واحد سبعة دراهم. وحرق مغلي عشرة دراهم ، وحب كزبرة منقوعة في شراب قابض مغلي أربعة دراهم ، وعود صرف ، ومصطكي (رابهل) وسعد كوفي ، وسك ، و (قوظ) وسماق من كل واحد وزن ثلاثة دراهم ، وعفص غير مثقوب مقلي وزن درهمين. يدق كل واحد على حدة ، ثم يخلط الجميع ، والسفّة منه وزن مثقالين بماء بارد مع بعض الأشربة القابضة.

صفة جوارش ملوكي يتخذ من الفاكهة.

ألّفته لتقوية المعدة واصلاحها ، ولما يتولد فيها من الضعف من قبل الحر

٢١٨

وينفع الاسهال ، والقيء الحادث عن ضعف هضمها.

وتنخل وتعجن ( .................. ) ويشربها ومنا ( ............ ).

وصفته

يؤخذ من شحم السفرجل المنقّى من قشره وداخله وزن مائة درهم ، ومن شحم التفاح المنقّى من قشرة وداخله ، وشحم الكمثرى المنقّى من قشره وداخله من كل واحد وزن خمسين درهما. ويقّطع ذلك صغارا ، ويطبخ بماء الورد حتى ينهري. ثم يدق دقا بليغا ، يؤخذ من السكر الطبرزد. وزن مائتي درهم ، فيحل بماء الرمانين مثله بالسواء ، ويطبخ حتى يصير مثل العسل ، فعند ذلك يلقى عليه شحم السفرجل والتفاح والكمثرى ، ويحرّك دائما على نار لينة ، ينعقد نعما ، ثم يؤخذ من الطباشير الأبيض ، والصندل الأصفر ، والبرباريس ، من كل واحد ستة دراهم ، وسك ، ومصطكي ، من كل واحد وزن درهمين ، وبزر رجلة وزن ثلاثة دراهم ، وعود غير مطّرى ، وزعفران وسنبل هندي من كل واحد وزن درهم.

تدق الأدوية وتسحق ، وتعجن مع الدواء المدّبر عجنا جيدا ، ويرفع ويشرب منه وزن ثلاثة دراهم بشراب حصرم أو بماء بارد فانه ملوكي عجيب.

صفة جوارش سفرجل ألفته للممعودين و (لدبغ) المعدة الباردة الضعيفة عن الهضم ، ويقطع الاسهال والقيء العارض عن سوء الاستمراء ، وضعف المعدة ويشدها.

يؤخذ من السفرجل المقّشر من داخل من خارج ثلاثة أرطال ، فيطبخ بشراب صرف طبخا جيدا ، ويخلط مع مثله عسل منزوع الرغوة ، ويطبخ بنار حتى ينعقد و (يساط) ثم ينزل عن النار. ويؤخذ دار صيني وسنبل هندي ، ومصطكي ، وزنجبيل يابس من كل واحد خمسة دراهم ، ودار فلفل ، وخولنجان ، وورق ورد أحمر ، وأسارون من كل واحد وزن ثلاثة دراهم ، وعود طيب ، وسك طيب ، وكبابه وقرنفل وزعفران ، وقاقلة صغيرة ، ومسك

٢١٩

حلو ، وقصب الذريرة ، وبسباسة ، وجوزبوّا ، وحب بلسان وعود (طيب) من كل واحد وزن درهم. تدق الأدوية ، وتنخل ، وتلقى على السفرجل ، وتعجن عجنا جيدا ، ثم تفرع في اناء أملس ، ويؤخذ منه ثلاثة دراهم ، ومن أراد أن يبسطه على خوان ، ويقطع قطعا مربعا ويلف القطع بين ورق الأترج وتشّك ، وتستعمل عند الحاجة ان شاء الله.

وعلى هذا التدبير يعمل جوارشن التفاح ان شاء الله.

صفة ضماد يصير على المعدة على خلاء من الطعام ، يحبس الاستطلاق والسيلان ، ألفه اسحق بن عمران.

يؤخذ من الصبر ، والأقاقيا ، والأفسنتين ، والجلنار من كل واحد وزن خمسة دراهم ، ومصطكي ، ولبان ذكر ، ولاذن من كل واحد وزن درهمين ، وزعفران مثقال. يدق وينخل ، ويعجن بماء الآس ، والتفاح ، ويستعمل ان شاء الله.

صفة ضماد اللاذن النافع من استطلاق البطن.

يؤخذ لاذن أوقية ، وقاقيا نصف أوقية ، وصمغ عربي أوقيتين. يدق ويذاب الصمغ بدهن الآس ، بقدر ما يعجن الأدوية في الهاون ويضرب حتى يستوي. ويستعمل.

صفة ضماد نافع من استطلاق البطن والقيء.

يؤخذ أفسنتين رومي ، ومصطكي من كل واحد أوقية. وصبر ثلاثة دراهم ، تسحق ، وتعجن بماء السفرجل المنقّى المقّشر ، والورد المنزوع الأقماع ، مطبوخه ، مستعملة باحكام ، ومما يحبس الطبيعة اذا طلي على البطن. أن يؤخذ دقيق الشعر ، وعوسج ، وقشور الرمان ، من كل واحد جزء ، يدق ويخلط جميعا ويصير على خرقة ، ويلزم البطن.

صفة جوارشن يشد الطبيعة.

يؤخذ جاورس مقشر مغلو مسحوق وزن ثلاثين مثقالا ، ويمرس بماء السمّاق المغلي بالماء قدر رطل ، ويمرس ، ويصفّى ، ويلقي في قدر نظيفة. ويصيّر معه من التفاح المزّ المقطّع منقّى من جوفه ومن السفرجل المقّطع

٢٢٠