كتاب في المعدة وأمراضها ومداواتها

أحمد بن ابراهيم بن أبي خالد ابن الجزّار القيرواني [ ابن الجزّار ]

كتاب في المعدة وأمراضها ومداواتها

المؤلف:

أحمد بن ابراهيم بن أبي خالد ابن الجزّار القيرواني [ ابن الجزّار ]


المحقق: سلمان قطابة
الموضوع : الطّب
الناشر: دار الرشيد للنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٦٩

الهضم ويدركه نار الطبخ ، فقد رأينا من أسرف من أحد الغذاء وهو يحبّه ويشتهيه ، فجاوزته إرادته ، وحمل على نفسه منه فوق طاقته ، فأمرضه ذلك أثقله فمن تلك الحال صار المحبوب مستولى والمستطاب متروكا.

وللفاضل أبقراط فصل قال فيه : لا الشبع ولا الجوع ، ولا غيرهما من جميع الأشياء بمحمود ، إذا كان مجاوزا لمقدار الطبيعة. وقد بيّنا ما في إفراط الشبع من الضرر.

وأما الجوع فان المعدة إذا خلت من الغذاء وتحركت الشهوة ، فإن لم تبادر عند ذلك بأخذ الغذاء ، اجتذبت المعدة من فضول البدن ، ما إذا صار فيها أبطل الشهوة ، وأفسد الطعام ، إذا خالطه.

ولجالينوس في كتاب أبيذيميا قول قال فيه : تستدام الصحة بشيئين : بالامتناع من الشبع ، وترك التكاسل عن التعب ، وذلك أن من أخذ الغذاء بعد حركة طاقته ، وعلى حاجة منه اليه ، وافى الطعام الحرارة الغريزية بمنزلة النار إذا اشتعلت. ومن تناول الطعام من غير حركة ، أو أخذه على غير حاجة من البدن اليه من غير شهوة ، وافى الطعام الحرارة الغريزية خامدة بمنزلة النار الكامنة في الرماد.

ومن اتبع الطعام بحركة ، أعذر عن معدته غير منهضم ، وانبثّ في العروق غير مستحكم ، وأحدث عللا في المعدة والكبد وسائر الأعضاء. ولذلك قال جالينوس : إن إدمان الرياضة قبل الطعام ، من أبلغ الأشياء في حفظ الصحة ، كذلك الحركة بعد الطعام من أبلغ الأشياء في نقص الصحة. ورغم أن السكون ، سر عظيم في حفظ صحة البدن. كما أن الحركة المعتدلة خير عظيم وذلك أن الانسان لا يمرض إن هو عني بأن لا يعرض له سوء هضم البتّة.

وقال بعض الحكماء : أقلل طعاما ، تقلل سقاما. وينبغي أيضا لمن كانت معدته قائمة على الاستواء من جودة الهضم والاستمراء ألاّ يقصد الى أخذ غذاء حار مفرط. فيحدث احتراقا في المعدة ، والتهابا فيستجلب شرب الماء للحرّ الحادث فيها. وللتلّهب فيحمل فيه على المعدة ويؤول ذلك الى فساد كثير غير مصلح. ولا يقصد أيضا الى غذاء بارد مفرط بطيء الانهضام ،

١٤١

فيحدث في المعدة ضعفا. ما تفعل وأكثر من حار مفرط. أخذ عليه دواء باردا رطبا ، يزيل ضرره وإذا أخذ من الأغذية الباردة البطيئة>فليؤخذ< على أثرها من الأدوية الحارة اللطيفة ، كيما (تعز) بحرها فلطافتها حر المعدة الغريزية المنضجة للغذاء. وينبغي لهم أيضا أن يتجنّبوا الأغذية الضارة البطيئة الانهضام ، وإن كانوا لها مستمرين بفضل صحة المعدة ، فانها تضرّهم إذا أدمنوا عليها وتضعف قوى المعدة. وكذلك ينبغي أن يتجنّبوا الأدوية الضارة في طبيعتها مثل شحم الحنظل ، والجعدة ، والزبد ، والسقمونيا ، وما أشبه ذلك فإذا عزمت النفس على الحمية كان ذلك دليلا على سبب الصحة.

وقال بعض الحكماء : أحسن ما غلب عليه الحر من قمع شهواته ، ما كانت في المطعم والمشرب. ولا سيّما من حيث يدمن مضرته.

وقيل لجالينوس [ ما العلاج ] الأكبر فقال : الحمية.

وقال بعض الأطباء : الحمية طبائع الصحة.

وقيل لجالينوس : أنك تقلّ من الطعام. قال : غرضي في الطعام أن آكل لأحيا ، وغرض غيري في الطعام أن يحيا ليأكل. وقال قوريوس الفيلسوف : هل ما بيني وبينكم في طلب الحياة في هذا العالم؟ أني إنما أغتذي لأعيش ، وأنتم إنما تريدون العيش للغذاء.

وقال أفلاطون : الحمية حميات عاميّة ، وخاصيّة. فأما (العامية) فلا تتغذى أبدا إلا مع الشهوة ، وأما الخاصيّة ، فانظر الأسطقس القاهر عليك ، فقابله بضده.

ولجالينوس فصل قال فيه : احفظ هذه الجملة من أمر الأطعمة أن جميع ما كان رديء الغذاء رطبا لزج سريع الانحدار ، فينبغي أن يقدم قبل جميع الأغذية. فانك إذا قدمتها أسرعت الى الانحدار ، وطرقت لغيرها ما انحدرت بانحدارها. وإن أخذت بعد الطعام فسدت ، وأفسدت بفسادها غيرها ، مما يتناول معها.

وذكر بعض الأطباء : أن من كانت عادته أن يتغذّى ويتعشّى ، فترك الغذاء وأقصر على العشاء ، عظيم ضرر ذلك عليه. ومن كانت عادته أكلة

١٤٢

واحدة ، فجعلها أكلتين لم يستمريء طعام.

ومن كانت عادته أن يجعل طعامه في وقت من الأوقات فينقله الى غير ذلك الوقت تبيّن له ضرر ذلك لأن العادة طبيعية ثانية. كما ذكر أبقراط ، فإن حدث شيء يدعو الى الانتقال عنها ، فأوفق الأمور في ذلك أن ينتقل عنها قليلا قليلا. وينبغي لمن أراد أن يستديم صحة المعدة ألاّ يحدث لها سوء الهضم بسبب ما يحدث عليها من سوء ترتيب الأغذية. مثل تقديم ما ينبغي أن يؤخّر وتأخير ما ينبغي أن يقدم. فإن أصل فسادها ، وكون العلل فيها ، إنما يكون من قبل ما ذكرنا. وفيما بيّنا في هذا الباب كفاية إن شاء الله.

القول في الأورام الحادثة في فم المعدة

إن الأطباء القدماء الذين كانوا قبل جالينوس يسمّون فم المعدة الفؤاد. يزعمون أنه ليس الجسد عضو يسرع اليه الوجع ، ويميل معه ميل فم المعدة.

وقال جالينوس في كتاب « العلل » (١) : قد يجب أن يدخل فم المعدة في عداد الحواس ، وذلك أن فيه فضل حسّ. فاذا نال هذا الحسّ آفة أحدث في المعدة الأعراض الثلاثة المتألّفة للشهوة : وهي بطلان الشهوة ، ونقصان الشهوة ، وفساد الشهوة. وهذا العرض الثالث يكون إما في المقدار مثل :

أن تكون الشهوة زائدة على المقدار الذي ينبغي. وإما في الحال مثل أن يشتهي الانسان أكل الاخزاف والطين أو الفحم. وسنذكر هذه الاعراض فيما بعد من هذا الكتاب.

وقد تعرض في فم المعدة الاورام من قبل سائر الأخلاط كما تعرض لسائر الاعراض ، والاستدلال على هذه الأورام بيّن ظاهر بحسب ما يظهر من كانت الأورام من قبل تجلب مادة حارة وجد العليل وجعا شديدا ، وحمّى وعطشا شديدا ، وحرقة مفرطة ، والتهابا وإذا لمس وجد ملمسه حارا ، وربما كان مع ذلك فواق.

وإن كان الورم من قبل يجلب مادة باردة وجد العليل أثقل ووجع رخو

____________________

(١) اي كتاب العلل والاعراض.

١٤٣

من غير عطش ولا حرقة ولقرب فم المعدة من الحجاب الفاصل ، صارت الأورام التي تعرض فيه تجعل التنفس متواترا مغيرا.

وقد زعم جالينوس : أنه إذا كان وجع أو ورم في عضو من الأعضاء التي تبلغ قربها ، من آلات التنفس حتى يكون ذلك إذا تحركت ، تحركت هذه بحركتها فإن التنفس يصير متواترا صغيرا. وقد يعرض للعليل أيضا مع ما ذكرنا ضجر ، وعسر نفس ، وتقبض الصدر والكتفين ، والمنكبين فإن أزمن الورم حتى يقذف القيح ، فما أقل ما ينجو منه وبهذه الدلائل يستدل على الأورام العارضة في المعدة نفسها وتدبيرهما واحد.

القول في علاج الأورام الحادثة

في فم المعدة

ينبغي أن يحذر العليل من استعمال القيء والاسهال ، من ابتداء الورم ، وفي منتهاه ، وينظر في الدلائل التي قدّمنا. فأن تبيّن لنا أن تولد الورم من تحلّب كيموس حار. أمرنا أن يسقى العليل من ماء عنب الثعلب مغلى مصفّى نصف رطل بالبغدادي ، بعد أن يمرس فيه لب خيار شنبر منقى من فصه ، وحبه ، وترنجبين خراساني ، من كل واحد ستة دراهم ويصفّى ويشرب ، أو يؤخذ ماء الكاكنج ، وماء الهندباء ، مغلى مصفّى من كل واحد أوقيتين ، ونصف أوقية سكر طبرزد ، ومثقالين دهن ورد. ويشرب أو يؤخذ ثلث رطل من ماء الهندباء مغلى مصفّى ، ويمرس فيه بنفسج مربّى ، وورد مربّى من كل واحد وزن خمسة دراهم. ويصفّى ويشرب فإن كان بالعليل عطش شديد ، فيشرب الجلاّب الرفيع ، وشراب الورد ، وشراب الحصرم ممزوج بالماء البارد. إن وجد فزعا شديدا فيبقى دهن الورد ، وزن مثقالين. مع نصف أوقية من شراب طبرزد. ومثقال من لبّ بزر القّثى بماء الورد منتهاه ، أسقينا عند ذلك من ماء لسان الحمل أربعة أواق ، ومن ماء البابونج أوقيتين ، بعد أن يحلب فيه لبّ خيار شنبر منقّى وزن ثلاثة مثاقيل. ويصفّى ويلقى عليه وزن مثقال دهن بنفسج ، أو دهن لوز حلو ، ويشرب ويستعمل أحد ماء الكشك ، أو ماء الشعير المطبوخ مع أصول

١٤٤

الهندباء ، ويكون الغذاء القرع والبقلة اليمانية ، والسرمق ، والخس والخيار ، بدهن اللوز الحلو ، والكزبرة الرطبة ، وإن لم يكن بالعليل حمّى فيتغذّى بفروج مطبوخ بالسكر السليماني ، أو بماء القرع ولحمه ، وشيء من لباب لوز حلو ، ويسقى من هذه الأدوية النافعة،فمن ذلك :

صفة أقراص تأليف ابن ماسويه.

ينفع في الورم الحار الحادث في المعدة وللحرارة الكائنة من المرّة الصفراء فيها.

يؤخذ من الخيار شنبر المنقّى من فصه وحبه ، ومن ورق الورد الأحمر ، والكاربا والمصطكى ، من كل واحد وزن ثلاثة دراهم ، ومن أكليل الملك وحب القثّى وحب الخيار ، وبزر قطونا والصندلين الأحمر ، والأبيض المحلولين بماء الورد ، والسنبل الهندي ، من كل واحد وزن درهمين وبزر هندباء وزن مثقال وأصل السوس وبزر كرفس ، وأنيسون من كل واحد وزن درهم. يدق جميع ذلك وينخل ويعجن بماء عنب الثعلب ويتخذ منه أقراصا وزن كل قرص درهمين. وتجفّف في الظل الشربة قرص على الريق. ومن ذلك أيضا :

صفة أقراص لوجع المعدة والورم الحادث فيها.

يؤخذ ورق ورد أحمر ، وزن ستة دراهم. وسنبل وأصل السوس ، وأكليل الملك ، من كل واحد أربعة دراهم. وزعفران ، درهمين ، ومصطكى وكاربا من كل واحد ثلاثة دراهم. تدق الأدوية وتنخل وتعجن بمثلث أو بماء خيار شنبر ، ويتخذ أقراصا وزن القرص درهمين يسقى بماء عنب الثعلب ، وماء أكليل الملك ، مطبوخ بالماء والخيار شنبر.

صفة أقراص تنفع من الورم الكائن في المعدة ومن الوجع المتولد فيها من انصباب المرة الصفراء اليها.

يؤخذ ورق ورد أحمر ، وزن ثلاثة مثاقيل ، وأصل السوس المجرود الأعلى وزن مثقالين وصندل أحمر ، وصندل أبيض ، وبرباريس ، وأكليل الملك ، ومن كل واحد وزن درهم. وطباشير أبيض ، وترنجبيل خراساني ، من كل

١٤٥

واحد وزن درهمين ، وزعفران ، وزن نصف درهم تدق الأدوية وتنخل [ وتعجن بماء الهندباء ].

ويعمل من ذلك أقراص وزن كل قرصة مثقال والشربة قرص بماء الهندباء وماء عنب الثعلب ، مغلى مصفّى قدر ثلث رطل مع جلاب ، أو شراب ورد ان شاء الله.

وينبغي أيضا مع ما ذكرنا من الأسقية أن تضمد المعدة بالأشياء التي لها قبض وبرد مشوبة بأشياء مليّنة ، وينظر فإن كان مع الورم ، عطش ، ولهب شديد ، وحرارة ، استعملنا الأشياء الباردة مثل أن يؤخذ قشور القرع وتخلط مع دقيق الشعير وشيئا من خطمى ، ويعجن بدهن ورد يضمّد به. أو يؤخذ عنب الثعلب ، وكاكنج ، فيدق ويخلط بدهن ورد ، ويضمد به الورم. أو تؤخذ البقلة الحمقاء ، والهندباء فيدق وتخلط معه دقيق الشعير ودهن ورد ويضمّد به.

أو تؤخذ قشور الرمان ، وعدس وورد يابس ، وشعير مقشور ، فيطبخ بالماء وتضمّد به المعدة ، بمائها بعد أن تقصر الأدوية ، ثم يدق بقلها دقا جيدا ، ويصب عليه دهن ورد وتضمّد به المعدة.

ومن ذلك :

صفة لطوخ نافع من الأورام الحارة والجشأ ويستعمل عند التهاب الكبد والمعدة من انصباب المرة الصفراء اليها وهو مجرب.

يؤخذ دقيق شعير منخول مرارا ، وزن عشرة دراهم. وصندل أحمر وزن خمسة دراهم. ونوّار بنفسج وأصل الخطمى من كل واحد وزن مثقالين ، وشياف ماميثا ، وبزر رجلة ، وورق ورد أحمر ، من كل واحد وزن مثقال ، وكافور وقاقيا من كل واحد وزن نصف درهم. تدق الأدوية وتنخل وتعجن بماء عنب الثعلب أو بماء الهندباء ، أو بماء عصا الراعي ، وتلطّخ به المعدة ومواضع الالتهاب والورم وكلما جفّ رطّب ، فإنه مبرد نافع ان شاء الله.

صفة ضماد صندل نافع بإذن الله من أورام الكبد ، وأورام المعدة الملتهبة.

١٤٦

يؤخذ ورق ورد أحمر وزن ستة دراهم ، وزعفران وصندل أحمر من كل واحد وزن درهمين. وصندل أبيض وزن أربعة دراهم ، وكافور ، وزن نصف درهم. وقد يلقى فيه أيضا. قرنفل وخطمى ، تسحق الأدوية وتذاب بشمع أبيض وزن ثلاثة دراهم ، ودهن ورد قدر الحاجة وتلقى عليه الأدوية ، ويضرب حتى يستوي ويرفع ، ويستعمل ان شاء الله.

صفة لطوخ ملوكي يجعل على الأورام الكائنة على رأس المعدة المتولد من الخلط الحار ويطفيء التلهب الشديد.

يؤخذ صندل أحمر ، وصندل أبيض ، ونوار بنفسج ، ودقيق شعير من كل واحد وزن / خمسة / دراهم وطين أرمني ، وكافور ، وقاقيا ، وكاربا ، وزعفران ، ورامك ، وضمغ عربي من كل واحد وزن درهم. ومصطكى ، وأكليل الملك ، وبزر الخطمى ، من كل واحد وزن مثقال. تدق الأدوية وتنخل. وتلّت بدهن ورد لبابا ناعما ، وتؤخذ بزر قطونا فيستخرج لعابها بماء الورد ، وماء عنب الثعلب ، ويعجبن به الدواء ، وتلطخ به المعدة الحارة ، الوارمة ، والكبد الحار. فإنه ينفع من الحرقة ، والوهج الشديد الكائن في المعدة من انصباب المرّة الصفراء ، ويزيل الورم الحار السبب ، ومن أراد أن يجعله موهما ، فيأخذ دهن ورد ، وشمع أبيض قدر الكفاية.

ويذاب ذلك وتخلط معه الأدوية التي وصفنا مسحوقة ، وتضرب في هاون. حتى تختلط ، وتلحق بحال المرهم. فتضمّد به الورم على خلاء من المعدة ويردد مرارا فإنه شفاء لذلك. فان كان يولد الورم من كيموس غليظ بارد ، ودل على ذلك البرهان الذي قدمنا ، أسقينا العليل وزن مثقالين ، من دهن خروع مع مثقالين من دهن اللوز الحلو مع هذا المطبوخ ومن ذلك :

صفة مطبوخ ألّفه ابن ماسويه لوجع المعدة والورم البارد الكائن فيها وقد جربناه.

يؤخذ من النعنع اليابس ، وبزر الكرفس ، من كل واحد ثلاثة دراهم ، ومصطكى وأنيسون وسنبل هندي ، من كل واحد درهمين ونصف ، ومن ماء جوز خمسة دراهم ، ودوقوا وكمون هندي وعود بلسان ، وسليخه ، وقردمانا ، وفقّاح الأذخر ، من كل واحد درهمين. يطبخ ذلك بثلاثة أرطال ماء عذب.

١٤٧

حتى يبقى منه رطل ويصفّى والشربة ثلث رطل مع مثقال دهن الخروع أو دهن الورد الحلو فإنه مجرب ان شاء الله.

صفة مطبوخ نافع من الورم.

البارد الكائن في المعدة.

يؤخذ من أكليل الملك ولحاء أصل الرازيانج ، ولحاء أصل الكرفس ، وأصل الأذخر من كل واحد وزن أربعة مثاقيل ، وأصل الخطمى ، وأصل السوس المجرود الأعلى من كل واحد وزن ثلاثة مثاقيل ، وراوند صيني ، وبزر رازيانج عريض ، وأنيسون ، ومصطكى وسنبل هندي ، ومرزنجوش وحبق جبلي ، وكمون كرماني ، وبزر الكرفس ، وقاقلة ، من كل واحد وزن مثقال ، وزبيب منزوع العجم عشرة دراهم. تجمع الأدوية وتطبخ بأربعة أرطال ماء بنار ليّنة ، حتى يبقى رطل واحد ويمرس ويصفّى والشربة منه ربع رطل مع مثقال دهن لوز فإنه نافع سريع النجح.

وقد ينبغي إذا طالت مدة الورم وصلب أن يستعمل في علاجه ضمادات مركبة ، تكون فيها أدوية عطرية وأدوية مليّنة ، وأدوية محلّلة ، مثل الضماد المتخذ بأكليل الملك ، وما أشبهه من المضادات النافعة لورم المعدة المتولد من البرد فمن ذلك :

صفة ضماد متخذ بأكليل الملك

نافّع من الورم الجاسي الحادث في

المعدة والكبد والطحال وتحلّل ،

الدبائل والأورام الصلبة وهو معروف.

تؤخذ حلبة وأكليل الملك وفقّاح البابونج ، وحب الدهمست ، وخطمى ، ومقل من كل واحد أربعة دراهم. وأفسنتين رومي ثلاثة دراهم ، ومرّ أحمر ووشق ، من كل واحد درهمين ، وتين سمين عشرة عددا. يطبخ التين ويذاب المقل والوشق بشراب صرف وتخلط جميعا ، وتمرس مرسا بليغا ، ويلقى عليه شيء من سمن بقر ويضمّد به نافع ان شاء الله.

صفة ضماد نافع للأورام الغليظة البلغمانية الكائنة على

١٤٨

رأس المعدة و (حب كائنة) كبدية ، أو طحالية ، مجرّب.

يؤخذ / من / الوشق ، عشرين درهما ، ومقل أزرق عشرة دراهم ، ينقعان جميعا في نصف رطل خل خمر ، على نار جمر ، حتى يذوب. ثم يؤخذ من الشمع الأحمر عشرة دراهم ، تذاب على النار مع ثلاثين درهما ، دهن سيرج ، وينزل عن النار ، ويخلط الجميع في الهاون بالخل ، ويدق دقا ناعما ، ويؤخذ زعفران وكبد وذكو وجندبادستر ، ومصطكى من كل واحد وزن مثقالين. فيدق ذلك وينخل ويخلط مع الجميع حتى يصير مرهما سلسا. وتضمد به الأورام ، حيث كانت بخاصة رأس المعدة وسائر الجوف فإنه يحلّل ان شاء الله.

صفة ضماد ألّفه ابن ماسويه للورم البارد الكائن في المعدة نافع من جميع ذلك.

أخلاطه

يؤخذ بابونج ، وبنفسج يابس ، وأكليل الملك ، ومرّ أحمر ، من كل واحد عشرة دراهم ، وزعفران ستة دراهم. وصندل أحمر خمسة عشر درهما ، ومصطكى خمسة دراهم وأصل الخطمى عشرين درهما. يدق ذلك وينخل ويؤخذ فوّة أحمر ثلاثين درهما ، وشحم عجل ، وشحم دجاج ، من كل واحد أوقيتين. تذاب ثلاثة أواقي دهن السوسن ، أو دهن الخيري ، ويخلط أيضا مع هذه الأدوية ، من الشبث المدقوق المنخول ، وزن عشرة دراهم. ويضمد بها أياما.

صفة ضماد طيب الرائحة نافع للورم في المعدة البارد السبب.

يؤخذ من الميعة السائلة ثلث رطل فيحلّ في رطل شيرج ، على رماد سخن حتى يدخل بعضه في بعض. ثم يؤخذ من القسط المر والحلو والجندبادستر ، والوشق ، واللبان الجيد ، ومقل أزرق من كل واحد خمسة دراهم وكثيراء ، وزعفران من كل واحد ثلاثة دراهم ، وشمع أبيض أربعة دراهم. تسحق الأدوية وتجعل على الميعة والسيرج والشمع. ويضرب الجميع في مهراس حتى يصير جسما واحدا ، ويطلى على الأورام فانه نافع مجرب ان شاء الله.

صفة ضماد يتخذ بدهن الشيرج نافع من الأورام والصلابة الكائنة في

١٤٩

المعدة وهو مجرب.

تؤخذ ميعة سائلة درهم ، ودهن شيرج حلو ، ملعقة ونصف وشيء من ماء يطبخ ذلك ويغلى غليتين. ويذكر عليه حلبة ، وبزر كباد مدقوقين ، منخولين ، ويعجن ويستعمل.

صفة ضماد مختصر نافع من الورم الكائن في المعدة.

يؤخذ من الصبر ، والمصطكى ، من كل واحد وزن مثقالين. ومن المقل ، والوشق ، من كل واحد أوقية ، ومن الزعفران ثلاثة مثاقيل ، ومن دهن الساذج ، أو دهن الورد ، أو دهن البابونج ، بعدد الكفاية ، تسحق الأدوية اليابسة ، بشراب ، وتذاب الليّنة بالدهن ، ويخلط الجميع وتستعمل ان شاء الله.

فإذا تفجر الورم ، ولم يتحلّل بما ذكرنا من الأدوية ، والضمادات فليستعمل العليل الأشياء المنقيّة ، التي تنقّي الجرح ، من عفنه وصديده. مثل أيارج الفيقرا معجون بالعسل ثم يشرب ومخيض البقر ، وماء الكشك ، وماء الصعتر مطبوخ معه أصل السوس. ويسقى الطين الأرمني مع ماء السفرجل أو رب السفرجل ، وماء الرمان ، فان كان في عروق المعدة سدد من غير ورم ، أسقينا لذلك الأدوية المفتّحة للسدد مثل أيارج الفيقرا أو شراب الأفسنتين ، أو شراب الأذخر ، أو شراب الأصول ، وما أشبه من الأدوية التي تفتّح السدد وتلطّف الأخلاط الغليظة. ان شاء الله.

القول في القروح المتولدة في المعدة

إذا أزمن الورم الكائن في المعدة ، وطال مكثه ، ولم>ينقص<بعلاج ولا بغيره ، إنفجر عند ذلك ، سال فتحه الى عمق المعدة ، فيعفّن ذلك القيح والصديد المنبعث من الورم ، وخمل المعدة فيتولّد من ذلك فيها القروح فحينئذ يعرض للعليل دهان شهوة الغذاء ، وضعف المعدة ، حتى لا يستطيع إمساك ما يرد عليها من الغذاء ، ويدخن يصل الى الحلق فينشف الفم لذلك وتتغيّر ريحه ، ويتجشأ جشأ (دخانيا منتنا) يميل الى رائحة عفونات ، الأعضاء المنسحجة كرائحة تدخينها إذا ساهمت نار ليّنة. وذلك من كتل

١٥٠

عفونة تلك القروح.

وقد تعرض القروح أيضا من إفراط كيموس حاد صفراوي ، على المعدة فيحرق خملها ، أو جرمها فيصير فيها قروحا شبيها بالقروح (التي) تعرض في الفم (المسماة) : القلاع. ويكون في هذا الصنف حس لذّاع وعطش. وجفاف في الفم ، وجشأ دخاني حاد لذّاع ، وحرق والتهاب في المعدة. فإن لم يدارك بالعلاج ، صارت العلة زلق المعدة. وضعفت عن إمساك الأغذية كما ذكرنا بدئا.

القول في علاج القروح المتولدة في المعدة

ينبغي أن يبدأ من علاج القروح المتولدة في المعدة باستعمال الأشياء التي تنقّي العفن والصديد ، وتأكل اللحم الميّت. مثل أيارج الفيقرا المعجون بالعسل ، وذلك أن العسل من شأنه (أن) يعيد ويأخذ في بعض الأوقات من الترياق ، أو البريطوس.

ومن الجوارشنات الطيبة الريح مثل جوارشن البزور ، وجوارشن الجوزى ، والجوارشن المتخذ بالأفاوي ، وما أشبه ذلك فإن هذه الأدوية تجففّ رطوبة الجروح ، وتدق القيح الذي فيه ولا تغلظه وتقوي المعدة ، ويدخل الحمام. ويتعمّدوا الأغذية الموافقة مثل : أمحاح البيض ، ولحم الطير ، ومرقة العدس ، أو لسان الحمل ، والحمام المسلوق ، مطيّب بدهن لوز حلو وتستعمل الأشياء المتخذة ، من الارز والنشاستج. أو بماء الشعير مطبوخ معه عود السوس ، ويكون الشراب ماء السكر أو ماء العسل فإذا علمنا أن القروح قد انبثقت من اللحم الميّت. وأن مادتها العفنة قد انقطعت. استعملنا عند ذلك الأدوية القابضة الملّطفة التي تلحم القروح ، وتزيلها ، فمن ذلك :

صفة أقراص نافعة من القروح المتولدة في المعدة.

يؤخذ ورق ورد أحمر ، وطين أرمني ، وصمغ عربي ، من كل واحد وزن مثقال وكاربا ، وزعفران ، ومصطكى ، وعصارة لحية التيس ، ونشاستج ، وبزر رجلة ، وبسذ محرق ، وشاذبه ، ودم الأخوين ، من كل واحد وزن نصف

١٥١

درهم. فتدق الأدوية وتنخل وتعجن بماء لسان الحمل. ويتخذ من ذلك قرصة. وزن القرص مثقال ويسقى قرصة بماء بارد ان شاء الله.

ومن ذلك أيضا أقراص تنفع بمثل ذلك.

يؤخذ طين أرمني ، وطباشير ، من كل واحد وزن أربعة دراهم. وكثيراء بيضاء وصمغ عربي ، وورق ورد أحمر من كل واحد وزن درهمين وبزر خطمى ، وبزر مر ، وبسذ محرق ، وعشارة لسان الحمل ، وجفت البلوط ، وبزر حمّاض ، ورب السوس ، وعدس مقشر مقلو ، وقاقيا ، ورامك ، من كل واحد وزن درهمين ، فتدق الأدوية ، وتنخل وتعجن بماء الورد وبماء الورد ، ويعمل من ذلك أقراص. وزن كل قرص مثقال. ويسقى بماء بارد. فانها نافعة من قروح المعدة ، والأمعاء ان شاء الله.

ويسقى العليل الطين الأرمني ، مع ماء السفرجل ، أو ماء الرمان الحلو ، أو مع ماء لسان الحمل ممزوج ، مع دهن الورد ، ويسقى بالعشى بزر قطونا مقلوّة ، مع دهن ورد وماء بارد ، ويمص السفرجل والتفاح والكمثرى ، والرمان وتضمّد المعدة بضماد متخذ من الصندل والآس. والورد والقاقيا ، والرامك معجون بماء السفرجل ، وماء الورد وما أشبه ذلك ، ويمزج الماء بشراب الورد ، وشراب الآس ، وشراب الرمان ، وشراب السفرجل ، وشراب العنبر ، أو سائر الأشربة القابضة مفردة ومؤلفة. فإن كان تولّد القروح يسبب أخلاط حادة صفراوية ، وكان أمر ذلك الخلط قد انقضى ، وسكن براد العلّة في أسرع الأوقات.

هنا ينقطع النص ، ولا بد أن فيه نقصا لم نستطع تلافيه.

وان بقي ذلك السبب مدة أكثر ، انتقلت العلّة الى اختلاف الدوران ، طلبنا أن يخرج ذلك الفضل ، اقتصرنا في ذلك على الهليجات الثلاثة ، والبليلج ، والهلج ، والورد والترنجبين واللّب القصبي ، وبزر الخطمى ، وما أشبه ذلك من الأدوية التي تسهّل القبض والعصر ، وبالأدوية التي تفعل باللزوجة.

وتخيّلنا الأدوية التي تدخلها السقمونيا وما أشبهها من الأدوية الحارة التي تسخّن المعدة ومجرّد حملها. بافراط حدّتها فيصيرها كالثوب المنجرد

١٥٢

البالي. وعلاج ما تولّد في المعدة من ذهاب حملها تجرد السقمونيا ، لذلك منها حتى تورثها(ملوسة(و تذهب خشونتها تكون الأدوية التي تقويها ، وتجمع أجزائها ، وتورثها خشونة مثل سفوف الطين الأرمفي ، وأقراص الحمّاض. وما أشبه ذلك من الأدوية القابضة والأشربة القابضة على نحو ما بينّا في هذا الكتاب إن شاء الله.

القول في بطلان الشهوة للطعام

ان بطلان الشهوة ، انما يكون عند ما يتأمل أن الشهوة آفة ، وهي في المعدة وانما أعني ببطلان الشهوة ، اذا لم يشته الإنسان شيئا البتة.

فأما نقصان الشهوة : فمثل أن يشتهي الإنسان الطعام شهوة ضعيفة ، وإنما يحدث بطلان الشهوة ونقصانها من أجل ثلاثة أسباب : اما من قبل أن فم المعدة لا يحس بالنقصان وبمصّ العروق. واما لأن العرق لا يجتذب ويمص من المعدة وذلك أن حد الشهوة الذي حدّها به جالينوس وهو حس نقصان الغذاء في المعدة ، وانقباض العروق منها. وامّا من قبل أن البدن لا يستفرغ ، ويتحلل ، من أجل تكاثف الجلد ، واستحصافه.

وانما لا يحس فم المعدة بالنقصان لأحد ثلاثة أسباب :

اما من قبل (النقرة) أي قبل الدماغ. مثل ما يعرض للمبرسمين فإن هؤلاء لا يشتهون الطعام ، واما من قبل المؤدّى ، أعني العصب الذي يأتي فم المعدة ، من الروح السادس ، ومن الروح الثالث. إذا نالته آفة : اما من رباط واما من علاج بالحديد. واما من قبل القائل أعني المعدة متى حدث بها سوء مزاج : اما من قبل >بلغم< زجاجي يطفىء ببرده حر الغريزات المعينة للمعدة على الهضم. فيذهب الشهوة رأسا ، واما من قبل كيموس حار أقصر الحموضة التي في المعدة المهيّجة للشهوة للطعام ، وأفسدها فتذهب لذلك الشهوة مثل ما تعرض في الحمّى وذلك أن الخلط الحار يحلّ الغذاء ويملأ به الأعضاء ويرخي جرم المعدة ويذوّب الدم الذي فيها حتى تحصى مقداره فتنقص من الشهوة.

فإن كان سوء مزاج المعدة من قبل البلغم الغليظ الزجاجي ، تبع ذلك قلة الهضم والجشاء الحامض ، لغير سبب والنفخ ، وعدم العطش.

١٥٣

وان كان سوء المزاج من قبل كيموس حار مجتمع في المعدة تبع ذلك عطش وجشاء دخاني ، وتلّهب في المعدة ، وحرقة ، وحركة متواترة ، شبيهة بالاختلاج والالتهاب الشديد. وذلك أن المرّة الصفراء اذا فارت ، وعلت في طبقات المعدة بطلت مع ذلك شهوة الطعام. وزاد في شهوة الشراب لحرارة الصفراء ويبسها. وعرض لمن كانت هذه حالة اللذع في فم معدته. وأما تكاثف الجلد فإنه يمنع تحليل الرطوبات ، زمان أن تتحلل الرطوبات من الجلد. لم يحتاج الى أن تحدث من التخم شيئا ، ولا تجذب من سائر الأعضاء شيئا. وإذا كان ذلك كذلك لم يكن جوع ولا شهوة للطعام. وإنما يبلغ منفعة الغذاء ان تخلف مكان ما يتحلل من البدن حتى يحفظ طبيعته على حالها ، فقد تبيّن فيما قدمنا أن ضعف القوة الشهوانية ، انما تكون عن سوء مزاج المعدة. وقد اجتمع الأطباء الاوائل ومن سرج عليهم من المنتفعين أن ضعف كل قوة إنما يكون عن سوء مزاج ذلك العضو الذي له تلك القوة. وأما موت القوة الشهوانية فأعظم الدلائل على ذلك أن يؤتى العليل بما يشتهيه ويتشوّق إليه. فإنما يطعمه دمه ، ولم يتناول منه شيئا. وأردأ من ذلك حالا من كان لا يسقي شيئا البتة. وقد قال أبقراط في كتاب « الفصول » : الامتناع عن الطعام في اختلاف الدوام المزمن دليل رديء. وهو مع الحمّى أردأ ، وإنما قال أبقراط هذا ، من قبل أن بطلان الشهوة منهم إنما عرض بسبب موت القوة الشهوانية.

إذ ليس يمكن فيهم ، أن يعوّض في فم معدهم من الرطوبة ، ما يحدث بطلان الشهوة وكذلك في جميع الأمراض المزمنة.

القول في ايقاظ الشهوة للطعام إذا ضعفت

ينبغي لنا أن نبدأ فننظر عن أي هذه الأسباب(التي)قدمنا يولّد بطلان شهوة الطعام؟.

فإن كان ذلك من قبل كيموس بارد غليظ اجتمع في المعدة ، ودلّ على ذلك البرهان الذي قدمنا ، فينبغي أن نستفرغ تلك الأخلاط الباردة بالأدوية التي لها قوة تجلوها من المعدة. ويستقر عنها منها. أما بالقيء مثل

١٥٤

الأدوية التي ذكرناها فيما بعد من هذا الكتاب ، لاستفراغ البلغم بالقيء ، وأما بالإسهال فمثل الدواء الهندي المسمى طالب الحق ، والجوارشن المسهّل الذي سمّيناه : الجامع ، والجوارشن المسمى شهرياران ، وايارج الفيقرا ، وما أشبه ذلك من الأدوية التي تسهل البلغم وتنقّي المعدة.

فإن لم يمكنّا استفراغ تلك الفضول الباردة ، فينبغي أن نعدّلها ، ونصلح كيفيّاتها بالأدوية ، والأغذية ، والأشربة. وأنفع الأدوية في ذلك جوارشن السفرجل ، وجوارشن الكمون ، وجوارشن الفلافل ، والترياق ، والأسكنجبين العسلي ، وشراب العسل ، وما أشبه ذلك من الأدوية التي تنقّي المعدة من البلغم وتنبّه حرارتها الغريزية المستميتة ، من فضل بلغم لزج ، وسخ ، في طبقات المعدة مثل هذا الجوارشن الذي نذكره لمن ذلك به :

صفة جوارشن يسمي الكامل ينفع من جميع أنواع علل المعدة المتولد عن التخم ، وسوء الاستمراء وبرد المعدة المتولد عن البلغم اللزج ، الذي قد لّطخها وأبطل شهوة الطعام منها.

وهو جوارشن ملوكي يسخّن المعدة ويشهي الطعام ويهضمه ، ويذهب بالرياح ، ويحلل ما غلظ من البلغم ، وينفع من صنوف أردأ كثيرة تتولد في المعدة من البلغم.

أخلاطه

يؤخذ مصطكي وزنجبيل ، وخولنجان ، ودار صيني ، وسنبل هندي ، وقرنفل وفلفل ، ودار فلفل ، وسعد من كل واحد وزن أربعة مثاقيل. وسليخة ، وأسارون ، وعود بلسان ، وكرويا(و نانخواه)و بزر رازيانج عريض ، وأنيسون ، وبزر كرفس. وكمون كرماني ، من كل واحد وزن مثقالين. وعاقر قرحا ، وفوذنج نهري ، وقاقلة صغيرة ، وكبابة ، وجوزبوّا ، وبسباسة ، وقسط هندي ، وقصب الذريرة ، وحماما ، وساذج هندي ، وحاشا ، وصعتر فارسي ، من كل واحد وزن مثقال. تدق الأدوية وتنخل ، وتعجن بكفاية من العسل المنزوع الرغوة.

وترفع في اناء أملس الداخل. ويؤخذ منه مثقال بماء فاتر. فإنه يشهّي

١٥٥

الطعام ، ويذيب البلغم من المعدة. وينفع من جميع العلل الباردة المتولدة فيها إن شاء الله.

فإن سبب بطلان الشهوة كيموس حار صفراوي اجتمع في المعدة فينبغي لنا أيضا أن نستفرغ ذلك الكيموس اما بالقيء على نحو ما نذكر في باب استدعاء القيء ، وأما بالاسهال بالأدوية التي تنقّي المعدة من ذلك الكيموس الحار مثل نقوع الأفسنتين ، وماء الرمانين ، وماء الجبن المتّخذ بالسكنجبين وما أشبه ذلك من الأدوية التي يدخلها الكشوثا والهليج الأصفر ، والشاهترج ونوّار البنفسج ، يتخذ مطبوخات وسفوفات. فإن هذه الأدوية من خاصتها ، انزال المواد المتولدة في المعدة ويسقي أيضا من الأشربة الباردة التي تسكّن الوهج ، والحر والأشربة الحامضة التي تقوّي الحموضة ، التي تشهّي الطعام. مثل شراب الأسكنجبين السكّري ، وشراب التمر الهندي وشراب الحصرم ، وشراب الورد ، وماء الورد ، والورد المربّي بالسكنجبين والطبرزد ، وشراب الرمانين ، وشراب الاجاص / بالسكر / وشراب الريباس ، وشراب الكمثرى ، وما أشبه ذلك من الأدوية الباردة ، والحامضة ، فإنها تقوّي الشهوة.

وإنما صارت الأشياء التي تبرّد مثل الماء البارد والأشياء الحامضة تقوّي الشهوة ، لأنها تجمع الدم الذي في العروق المرطبة ، في طبقات المعدة. فيقلّ مقداره فيزيد في القوة الشهوانية وينهضها ، إذا كانت مقهورة.

فمن الأدوية النافعة كما ذكر ، شرابا ألّفه ابن مأسويه نافعا من الحر المستحكم والوهج ، وانقطاع الشهوة. بأشياء من فرط حر مستحكم ، وينفع الغثي ، وهو مجرب.

أخلاطه

يؤخذ من الكمثرى المز المعدود وزن رطل بالبغدادي. ومن الأجاص السود مائة أجاصة. ومن ماء الحصرم ، ومن ماء الرمان الحامض ، ومن حامص الأترج ، من كل واحد رطلين. ومن لباب حبّ القثّي ، ولباب حب البطيخ ، ولباب حبّ الخيار ، من كل واحد أوقية تجمع جميع ذلك في برنيّة ، وتصبّ عليه من الخل المصعّد خمسة أرطال وتطبخ طبخا معا ، حتى يتناهان

١٥٦

الطبخ. ثم ينزل فيمرس ويصفّي بغربال من شعر. ثم ينزل حتى يقرّ ثفله. ثم يصفّي بآنية ويكال ويجعل عليه من العسل الطبرزد ميلا بميل. ويجعل في برمة ، ويؤخذ تحته وقودا ليّنا حتى يذهب الماء ، ويبقى العسل ثم ينزّل فيعتّق بكافور ويصفّى تصفية بليغة. ويشرب بالماء البارد مثل الأشربة. وفي الصيف يشرب بماء البلح فإنه شراب نافع إن شاء الله.

صفة شراب التمر الهندي

ألّفته وهو بارد (نافع) للحر الكائن في المعدة من المرة الصفراء (التي) أزالت الشهوة للطعام. (وقوّت) الشهوة للعطش. وينفع القيء المرّي ويليّن الطبيعة ، ويشرب في الصيف للحمّى والعطش والوهج وقد جرّبناه فحمدناه.

أخلاطه

يؤخذ تمر هندي منقّي من نواه رطلا بالبغدادي ، وأجاص أسود رطل. وعنّاب نصف رطل. وورق ورد أحمر وزن عشرين درهما. وأعواد صندل ونوّار بنفسج وطباشير من كل واحد وزن عشرة دراهم ، تجمع ذلك ويطبخ في عشرة أرطال. ما بعد أن ينقع فيه وهو حار يوما وليلة حتى يقوي ويروق ثم يعاد الى النار في قدر نظيفة ، ويلقي عليه رطل من ماء الرمانين. ونصف رطل من ماء التفاح الحامض ونصف رطل من الحصرم. فإن تعذّر فمن ماء حامض الأترج وأربعة أرطال سكر طبرزد مسحوق. ويطبخ الجميع بنار لينة ، حتى يصير في قوام الجلاّب. وينزل ويصفّي ويغلي في النيم. والشربة منه أوقية بماء >بارد< ، ومع بزر(قطونا)مغسولة. فإنه شراب بديع عجيب ملوكي قد اختبرناه فوجدناه سريع النجح كما ذكرنا.

صفة أقراص ألّفتها

تقوّي الشهوة إذا امتنعت من حرّ مفرط. وتطفيء الوهج والحر واللذع الكائن من سلطان المرّة الصفراء ، في المعدة وتسكّن العطش ، وينفع الحمّايات الحارة.

١٥٧

يؤخذ طباشير أبيض وورق ورد أحمر من كل واحد وزن أربعة مثاقيل ، وسكر طبرزد وزن ثلاثة مثاقيل ، ورب السوس ، وبزر رجلة ، من كل واحد وزن مثقالين. ولبّ بزر القثّي ولب بزر الخيار ، ولب حب القرع ، وبزر خس ، من كل واحد وزن مثقال. ومن البنج الأبيض وكافور ، من كل واحد وزن نصف درهم. تدق الأدوية ، وتنخل وتعجن بماء الورد ، ويعمل من ذلك أقراص. وزن كل قرص مثقال. وتحفظ في الظل والشربة منه قرص مع أوقية شراب جلاب أو بماء الرمان ، أو مع أقوية من شراب التمر الهندي فإنها ( ... ) بعد النجح تقوّي الشهوة ، وتبرّد الحس ، وتزيل اللذع والحرقة ، الكائن في المعدة إن شاء الله.

فإن كان تولّد هذه العلة من قبل تكاثف الجلد واستحصافه ، أمرنا عند ذلك باستعمال الأشياء المفتّحة لمنافس الجلد ، مثل التمرّخ بالأدهان الحلوة المفتّحة لمسام البدن ، وبالاستحمام بالمياه التي لها هذه القوة. وأسقيناه من الأشياء التي تقوّي المعدة ، وتفتح السدد ، التي في مجاريها ، وفي مجاري الغذاء ، مثل : شراب الأفسنتين ، وشراب الأذخر ، ومطبوخ الأصول ، ومياه البقول ، ومثل الهندباء ، والرازيانج ، والكرفس ، والأقراص المفتّحة ، مع شراب اسكنجبين ، وما أشبه ذلك. وتستعمل السهر أيضا مع ما ذكرنا فإنه ينهض الشهوة ، وانما صار السهر يجعل المستعمل له أكولا ، لأنه يحلّل من البدن مقدارا كبيرا ، وذلك أن الحرارة الغريزية تميل في وقت السهر الى خارج البدن فيميل الى ذلك الجهة بميلها اليها من جوهر البدن أجزاء ليست باليسيرة.

وأيضا فإن أكثر من يسهر يكون سهره قائما أو قاعدا ، وعند الانتصاب يكون انحدار الأطعمة من المعدة أسرع. وقد>أجمع رؤساء<الأطباء وحذّاقهم ، على أن البرودة اذا أفرطت على فم المعدة وتفاقمت ، أخمدت الحرارة الغريزية التي في المعدة ، وانطفت القوة الشهوانية ، فترفع لذلك الشهوة للطعام ، فيضعف البدن عند ذلك ، وتسقط القوة لأن الأوردة تخلوا من الدم والغذاء ، فتضعف الأعضاء لتحليل الغذاء أولا فأولا ، وتسترخي وتنحلّ القوة لذلك. فيبقى البدن فارغا بلا غذاء فيجذب بسبب ذلك

١٥٨

الغشي كثيرا. وهذه العلة تسمى باليونانية بوليمس. وينبغي أن يقصد في علاج هذه العلة الى اسخان البدن الذي قد غلب عليه البرد. وترطيب يبسه وردّ مكان ما نقص منه بالأغذية الموافقة لذلك. لتقوي القوة التي ضعفت. ويشمّوا الروائح العطرية ، مثل أن تتخذ لهم لخالخ على المعدة عطرية ، وضمادات لذلك. ويطعموا خبزا قد أنقع في شراب ، وما أشبه ذلك مما يقوي البدن بسرعة إن شاء الله.

القول في الشهوة الرديئة

الغريبة وكيفيتها.

وقد يعرض للمعدة نوع من الشهوة غير الشهوة الغريزية ، لكنها شهوة غريبة في كيفيتها ، مثل أن يكون الإنسان يشتهي الأطعمة الحريفية ، والأطعمة العفصة ، أو الأطعمة الحامضة أو الخزف ، أو الفحم ، أو الطين ، أو ما أشبه ذلك ، بما لا ينتفع به.

وتسمى هذه العلة باليونانية فيوطس ، وهي الشهوة القبيحة. والسبب في تولّد هذه الشهوة الرديئة أخلاطا فاسدة تكون محتبسة في أغشية المعدة وحجبها وطبقاتها ، وانما تختلف الشهوة لهذه الطعوم على حسب ما يتفق في المعدة ، من كيفية الخلط المجتمع فيها. أو المنصب اليها.

وأكثر ما تعرض هذه العلّة للنساء [ ولا سيما ] لمن كان مزاجها باردا وكانت حاملا. وهذه العلة إذا عرضت للحوامل عرفت بالوحم ، وتعرض في الشهر الأول والثاني والثالث ، من قبل أن الجنين بعد صغير وليس بتصرف المادة التي تصير الى الرحم كلها في غذائه. فإذا احتبس دم الحيض في وقت الحمل وكبر تصعّد الى فم المعدة ، وانصبّ اليها فتجتمع تلك الأخلاط الرديئة في المعدة ، فينجذب عنها الشهوات الرديئة ، وتسكن هذه العلة في الشهر السابع من قبل أن ذلك الفضل (يبعد نار) الجنين نفسه بصرفه في غذائه ، إذا كبر واشتد وما لقي وبالامتناع عن(الطعام)بسبب بطلان الشهوة.

فأما الرجال فإنما تعرض لهم هذه العلة بعقب تدبير رديء زمانا طويلا ،

١٥٩

فتجتمع من قبل ذلك في معدهم ، بعض هذه الأخلاط الفاسدة فيعرض عند ذلك الشهوة للطعوم. الرديئة كما ذكرنا بدئا.

القول في التدبير المزيل لهذه الشهوة الرديئة الغريبة

ينبغي أن يتلطف في اتقاء المعدة من الخلط الرديء الفاسد المولّد لهذه الشهوة الرديئة ، من غير حمل على البدن ولا مشقة تنال المعدة من سبب الأدوية القوية المؤذية. واحصر الأشياء لذلك نفعا ، استدعاء القيء بالأدوية التي سنذكرها فيما بعد من هذا الكتاب. لإنقاء المعدة بالقيء وبإرسال ذلك الخلط بشرب الأيارج المعروف بالفيقرا ، وبالحب يؤخذ صبر اسقو طري ، وزن مثقالين. ولحاء اهليلج هندي ، ولحاء اهليلج كابلي ، من كل واحد وزن مثقال وورد أحمر ، ومصطكي من كل واحد وزن درهم وقاقلة ، وعود طيب ، وصندل أصفر وكبّابة ، وقرنفل ، وفقّاح الأذخر ، وجوزبوّا ، من كل واحد وزن نصف درهم. تدق الأدوية وتنخل وتعجن بطلاء طيب (الريح) عجنا فيه شدة. ويحبّب أكبر من الحمّص. ويشرب منه سبع آحاد الى عشرة عند النوم وبالغداة فإنه نافع إن شاء الله.

صفة سفوف تقطع شهوة الطين والقيء ، ويقوّي المعدة الخلقة الواهنة ، صفة العلة الفاسدة منها.

يؤخذ قاقلة ، وكمون كرماني ، وكبابة ، وبزر رازيانج عريض ، وأنيسون ، وورق ورد أحمر وأسارون ، وسنبل هندي ، ومصطكي. وقرنفل ذكر ، ودار صيني ، وعود طيب ، وفقّاح الأذخر ، وورق البركان ، وورق نمام مجفف ، وزنجبيل يابس ، من كل واحد وزن مثقال. تدق الأدوية ، وتنخل ، وتخلط بمثل وزن الجميع سكر طبرزد ، والسفّة منه وزن درهمين الى ثلاثة دراهم كل يوم بماء حار على الدوام. فإنه نافع إن شاء الله.

وينبغي لصاحب هذه العلة أن يستعمل الرياضة المعتدلة ، ولا سيّما إن كانت امرأة ثارت بهم الشهوة للطين فليطعموا مكانه شيئا سخنا مغلي حمّصا أو باقلي ، أو حنطة مقلوة. المتخذ بالمصطكي ، والصبر أو بشراب الأفسنتين ، أو بحب الأصطماحيقون ، وما أشبه ذلك من الأدوية التي من

١٦٠