سيّدة عشّ آل محمد صلى الله عليه وآله

السيد أبو الحسن الهاشمي

سيّدة عشّ آل محمد صلى الله عليه وآله

المؤلف:

السيد أبو الحسن الهاشمي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: المؤلّف
المطبعة: العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ١٥٠

(ب) السيدة تكتم

قد ذكرت للسيدة تكتم اسماء اخرى ، منها : نجمة ، أروى ، سمان ، سكن أو سكنى (١) ..

وتكتم هو ما استقر عليه اسمها حين ملكها ابو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) (٢).

فلما ولدت له الإمام الرضا (عليه السلام) سمّاها الطاهرة (٣).

وكانت تكنى : أم البنين (٤).

والمستفاد من الروايات أن لها أسماء أخرى نذكرها فيما يلي :

١ ـ نجمة :

روي عن أبي بصير ، قال : لمّا حضر أبا جعفر ـ محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) ـ الوفاة ، دعا بابنه الصادق (عليه السلام) ليعهد إليه عهداً ... ثم دعا بجابر بن عبدالله الانصاري.

__________________

(١) عيون أخبار الرضا : ج١ ص ١٦ ، ص ١٧.

(٢) المصدر نفسه : ص ١٤.

(٣) المصدر نفسه : ص ١٥ ، ص ١٧.

(٤) أصول الكافي : ج١ ص ٤٨٦ ، وعيون أخبار الرضا : ج١ ص ١٦.

٢١

فقال : يا جابر! حدّثنا بما عاينت من الصحيفة؟

فقال له جابر : نعم يا أبا جعفر. دخلتُ على مولاتي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لاهنئها بولادة الحسين (عليه السلام) ، فإذا بيدها صحيفة بيضاء من درة.

فقلت : يا سيدة النسوان! ما هذه الصحيفة التي أراها معك؟

قالت : فيها أسماء الأئمة من ولدي.

قلت لها : ناوليني لانظر فيها!

قالت : يا جابر! لولا النهي لكنت افعل ، ولكنه قد نهي أن يمسها إلا نبي أو وصي نبي أو أهل بيت نبي ، ولكنه مأذون لك أن تنظر إلى باطنها من ظاهرها.

قال جابر : فقرأت ، فإذا فيها :

أبو القاسم محمد بن عبدالله المصطفى ، أمه : آمنة.

أبو الحسن علي بن أبي طالب المرتضى ، أمه : فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.

أبو محمد الحسن بن علي البر.

أبو عبدالله الحسين بن علي ، أمهما : فاطمة بنت محمد.

أبو محمد علي بن الحسين العدل ، أمه : شهربانو (يه) بنت يزدجر.

أبو جعفر محمد بن علي الباقر ، أمّه : أم عبدالله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب.

أبو عبدالله جعفر بن محمد الصادق ، وأمه : أم فروة بنت القاسم ابن محمد بن أبي بكر.

٢٢

أبو إبراهيم موسى بن جعفر ، أمه جارية إسمها : حميدة المصفاة.

أبو الحسن علي بن موسى الرضا ، أمه جارية إسمها : نجمة ... » (١) الحديث.

فالسيدة نجمة ، نجمة تألقت في سماء بيت الإمامة حيث إنها ولدت الإمام الرضا (عليه السلام).

٢ ـ طاهرة :

عندما اشترت أم الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) هذه الجارية ـ نجمة ـ ، ذكرت حميدة انها رأت في المنام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لها : يا حميدة! هبي نجمة لابنك موسى ، فإنه سيولد له منها خير أهل الارض ... فلمّا ولدت له الرضا (عليه السلام) سمّاها الطاهرة (٢).

ومن قبلها كانت سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) تسمى بالطاهرة ، كما وأن أمها خديجة (عليها السلام) كانت أيضاً تدعى بالطاهرة.

٣ ـ تُكْتَم :

وتكتم آخر أسمائها ، وعليه استقر اسمها حين ملكها أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) (٣).

__________________

(١) عيون أخبار الرضا : ج١ ص ٤٠ ، وإكمال الدين : ج١ ص ٣٠٥.

(٢) عيون أخبار الرضا : ج١ ص ١٦.

(٣) المصدر السابق : ج١ ص١٤ ، ص ١٧.

٢٣

قال الصولي : والدليل على أن اسمها تكتم قول الشاعر يمدح الرضا (عليه السلام) :

ألا إن خير الناس نفساً ووالداً

ورهطاً واجداداً (عليُّ) المعظم

أتتنا به للعلم والحلم ثامنا

إماما يؤدي حجة الله تُكتم (١)

ولا بأس بصرف عنان الكلام إلى البحث في معنى كلمة ( تكتم ) ، ووجه تسمية السيدة بهذا الإسم الجميل : ـ

طاف الخيالان فهاجا سقما

خيال تُكنى وخيال تكتما (٢)

وفي القاموس المحيط : « تكتم : ـ على ما لم يسم فاعله (٣) ـ إمرأة ، واسم بئر زمزم » (٤).

وفي لسان العرب : « في حديث زمزم : أن عبد المطلب رأى في المنام قيل له : إحفر تكتم بين الفرث والدم ؛ تكتم : إسم بئر زمزم ، سميت بذلك لأنها كانت اندفنت بعد ( جرهم ) (٥) فصارت مكتومة حتى أظهرها عبد المطلب » (٦).

__________________

(١) ( تكتم ) : فاعل (أتتنا) ، والمعنى : أتننا تكتم به. عيون أخبار الرضا : ج١ ص ١٥.

(٢) أي مبني للمجهول ، فيضم اوله ويفتح ما قبل آخره ، وهو علم على وزن الفعل.

(٣) أي مبني للمجهول ، فيضم اوله ويفتح ما قبل آخره ، وهو على وزن الفعل.

(٤) القاموس المحيط : ج٤ ص ٢٣٩ باب الميم فصل الكاف.

(٥) أي قبيلة جرهم : إحدى القبائل العربية.

(٦) لسان العرب : ج١٢ ص ٥٠٨ باب الميم فصل الكاف.

٢٤

فلماذا سميت السيدة بهذا الإسم؟

هل ـ يا ترى ـ من مناسبة لذلك؟

إن التسمية ـ عادة ـ إنما تكون لسبب أو مناسبة ، فمثلاً : الإمامان الحسن والحسين (عليهما السلام) إبنا وصي نبي الإسلام سميا باسم ابني هارون وصي موسى (عليهما السلام) ، وسيدتنا ومولاتنا الزهراء سميت بفاطمة لأن الله فطمها وولدها ومحبيهم من النار ، وهكذا فما هي المناسبة في تسمية السيدة نجمة بـ ( تكتم )؟

وهل هناك وجه شبه بين تسمية السيدة بـ ( تكتم ) وبين تسمية بئر زمزم بهذا الإسم؟

الجواب : يمكن أن يكون السبب أحد الأوجه التالية :

الوجه الأوّل :

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال : « ماء زمزم خير ماء على وجه الأرض ... » (١).

وفي حديث آخر : « خير ماء ينبع على وجه الأرض ماء زمزم .. » (٢).

وقد مرٌ عليكم الخبر المروي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) أنه رأى في المنام جدّه رسول الله واباه (صلوات الله عليهما) يقولان له : « يا موسى ليكونن لك من هذه الجارية خير أهل الأرض بعدك » (٣).

والسيدة حميدة المصفّاة ذكرت أنّها رأت في المنام رسول الله

__________________

(١) وسائل الشيعة : ج٢٥ كتاب الاطعمة والاشربة : ص ٢٦٠ باب ١٦ ح١.

(٢) مستدرك الوسائل : ج١٧ كتاب الأطعمة والأشربة : ص ١٨ باب ١٣ ح٣.

(٣) إثبات الوصية : ص ١٧٠.

٢٥

(صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول لها : « يا حميدة هبي نجمة لابنك موسى فإنه سيولد له منها خير أهل الأرض » (١).

فكما أن بئر زمزم ـ التي كانت تسمى تكتم ـ خير نبع على وجه الأرض لأنه ينبعُ منها خير ماء وهو شفاء من كل داء (٢) ، ودواء لما شرب له (٣).

كذلك السيدة نجمة سميت بـ « تكتم » لأنّها ستلد خير اهل الارض بعد أبيه ، ومنه سيولد أربعة من أنوار أهل بيت العصمة والطهارة ، آخرهم إمامنا وسيدنا صاحب العصر والزمان ـ عجل الله ظهوره الشريف ـ ، والخير كل الخير يكون ممن « بيمنه رزق الورى ، وبوجوده ثبتت الأرض والسما ».

الوجه الثاني :

إنّ زمزم كانت خافية ومكتومة عن الجميع فأظْهَرَها عبد المطَّلب (عليه السلام) ، كذلك السيدة نجمة كانت مكتومة وخافية فأظهَرَها الإمام (عليه السلام) ، إذ البائع كَتَمَ أمرها ، وأراد أن يدخرَها لنفسه لولا أنّ الإمام (عليه السلام) أظهرها.

الوجه الثالث :

قد تكون تسميتها بـ « تكتم » كناية عن العفة والطهارة ، فهي امرأه مكتومة وخافية عن الرجال ، ويؤيد هذا الوجه ما ذكره الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا : « ... كانت نجمة بكراً لمّا

__________________

(١) عيون أخبار الرضا : ج١ ص ١٧.

(٢) فعن الإمام الصادق (عليه السلام) : « ماء زمزم شفاءٌ من كل داء ».

(٣) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله ) : ماء زمزم دواء مما شرب له ».

٢٦

اشترتها حميدة » (١).

ولا مانع من الوجوه كلّها.

* * *

نعم ... هذه السيدة تكتم والدة السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) وقد عرفتم كيفية انتخاب الإمام الكاظم (عليه السلام) لها لتكون أما لأولاده ، فولدت له خير أهل الأرض بعده ، وهو الإمام الرضا (عليه السلام).

__________________

(١) عيون أخبار الرضا : ج١ ص ١٧.

٢٧
٢٨

(ج) متى ولدت السيدة المعصومة (عليها السلام)

إن السيدة فاطمة بنت الإمام الكاظم (عليه السلام) هي أختُ الإمام الرضا لأمّه ، فأمّهما واحدة ، وهي من قد عرفت فضلها وعقلها ودينها.

وأبوها مثله كمثل الشمس في وسط السماء ، فهو « مَعدن التنزيل ، وصاحب التأويل ، وحامل التوارة والإنجيل » (١) ، « وصي الأبرار ، وإمام الأخيار ، وعيبة (٢) الأنوار ، ووارث السكينة والوقار ، والحكم والآثار ، الذي كان يحيي الليل بالسّهر إلى السٌحر بمواصلة الإستغفار ، حليف السجدة الطويلة ، والدموع الغزيرة ، والمناجاة الكثيرة ، والضرّاعات المتصلة. ومقر النهي والعدل ، والخير والفضل ، والندى والبذل ، ومألف البلوى والصبر ... » (٣).

فالسيدة المعصومة (عليها السلام) قد وُلدت في بيت لا يتنفس فيه إلا عبير التقى ، ولا يُرتضعُ فيه إلا بلبان الإيمان ، ولا يتربى فيه إلا بتربية القرآن ، ولا ينهل فيه إلا من رواء العلم ، ولا يُطعم فيه إلا من رياض

__________________

(١) هذا شطر من زيارة للإمام الكاظم (عليه السلام).

(٢) عيبة الشيء خاصته وموضع سره.

(٣) شطر من زيارة أخرى للإمام الكاظم (عليه السلام).

٢٩

الخلق والأدب والطهر والعفة.

وأمّا تاريخ ولادتها : ذكروا أنّها ( سلام الله عليها ) قد ولدت في المدينة المنورة في غرة ذي القعدة من سنة ١٧٣ هـ (١).

وعلى هذا التاريخ يكون عمرها الشريف حين وفاتها ثمان وعشرين سنة حيث توفيت في عام ٢٠١ هـ.

وعلى كل تقدير لا يمكن أن يتصور عمرها الشريف أقل من إثنين وعشرين عاماً ، أي ولادتها لا تتصور بعد عام ١٧٩ هـ.

لماذا؟ وكيف؟

الجواب : في أصول الكافي : « ... قبض (عليه السلام) (٢) ببغداد في حبس السندي بن شاهك ، وكان هارون حمله من المدينة لعشر ليال بقين من شوال سنة تسع وسبعين ومائة ، وقد قدم هارون المدينة منصرفة من عمرة شهر رمضان ، ثم شخص هارون إلى الحج وحمَله معه ، ثم انصرف على طريق البصرة فحبسه عند عيسى بن جعفر (٣) ، ثم أشخصه إلى بغداد ، فحسبه عند السندي بن شاهك ، فتوفي (عليه السلام) في حبسه ... » (٤).

فالإمام الكاظم (عليه السلام) قد فارق بيته ومدينة جدّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم) في شوال سنة ١٧٩ هـ. وعليه فولادة السيدة

__________________

(١) مستدرك سفينة البحار : ج٨ ص ٢٥٧ مادة « فَطَم ».

(٢) أي الإمام الكاظم (عليه السلام).

(٣) أي عيسى بن جعفر المنصور الدوانيقي والي هارون على البصرة ، وهو الذي حبس الإمام (عليه السلام) لمدة سنة. راجع الإرشاد : ج٢ ص ٢٣٩.

(٤) أصول الكافي : ج١ ص ٤٧٦.

٣٠

المعصومة (عليها السلام) كان قبل هذا التاريخ (١) ، فيكون عمرها الشريف ـ على أقل التقادير ـ حين وفاتها إثنتين وعشرين سنة ، ولكن الأقرب أن عمرها كان اكثر من ذلك ، وخاصة إذا عرفنا أنها كبرى الفاطمتين أو الفواطم (٢) ، فالظاهر أن عمرها الشريف ثمان وعشرون سنة.

__________________

(١) وعلى هذا فلا يصح ما ذكر من أن ولادتها (عليها السلام) كانت في المدينة المنورة سنة ١٨٣ هـ ـ أي سنة وفاة أبيها (عليه السلام) الذي كان رهين السجون ـ.

(٢) ذكر سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص : ص ٣٥١ أن للإمام (عليه السلام) اربعاً كل منهن تسمى فاطمة.

٣١
٣٢

(د) إخوتها

ذكر الشيخ المفيد في الإرشاد أنه كان لأبي الحسن موسى (عليه السلام) سبعة وثلاثون ولداً ذكراً وأنثى.

فالذكور : الإمام الرضا (عليه السلام) ، وإبراهيم ، والعباس ، والقاسم ، لأمّهات أولاد (١).

وإسماعيل ، وجعفر ، وهارون ، والحسين لأم ولد.

وأحمد ، ومحمّد ، وحمزة ، لأمّ ولد.

وعبدالله ، وإسحاق ، وعبيد الله ، وزيد ، والحسن ، والفضل ، وسليمان ، لأمهات أولاد.

والإناث :

فاطمة الكبرى ، وفاطمة الصغرى ، ورقيّة ، ورقيّة الصغرى ، وأم أبيها ، وحكيمة وكلثم ، وأم جعفر ، ولبابة ، وزينب ، وخديجه ، وعليّة ، وآمنة ، وحسنة ، وبريهة ، وعائشة ، وأم سلمة ، وميمونة ، وأم كلثوم ، لأمهات أولاد (٢).

__________________

(١) أم ولد : هي الجارية التي أولدها مالكها ، فتصبح حرة وتعتق من نصيب ولدها.

(٢) الإرشاد : ج٢ ص٢٤٤.

٣٣

وذكر النوبختي أنّ للإمام (عليه السلام) ثلاثة وثلاثين ولداً : ثمانية عشر ذكراً وخمس عشرة بنتا (١).

وفي تاريخ اليعقوبي أنّ له (عليه السلام) واحداً وأربعين ولداً : ثمانية عشر ذكراً ، وثلاث وعشرين بنتاً (٢).

وفي عمدة الطالب أن له (عليه السلام) ستين ولداً : ثلاثة وعشرين إبنا ، وسبع وثلاثين بنتاً (٣).

فهذه أربعة أقوال ، ولعل الاقرب هو المروي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) نفسه في الخبر الذي ذكره الشيخ الصدوق في عيون الأخبار ، الموافق لما ذكره الشيخ المفيد والنوبختي ، أن هارون العباسي سأل الإمام الكاظم (عليه السلام) عن عياله فقال : « ... أما الولد فلي نيف (٤) وثلاثون ... » (٥).

__________________

(١) فرق الشيعة : ص ٨٧.

(٢) تاريخ اليعقوبي : ج٢ ص ٤١٥.

(٣) عمدة الطالب في انساب آل أبي طالب : ص ٢٢٦.

(٤) نيف : هو ما زاد على العشرات من أعداد الآحاد ، فيشمل من واحد إلى تسعة.

(٥) عيون أخبار الرضا : ج١ باب ٧ الحديث ١١ ص ٨٩.

٣٤

٢ ـ ألقابها

٣٥
٣٦

للسيدة فاطمة بنت الإمام الكاظم (عليهما السلام) عدة القاب ، منها :

(ا) المعصومة :

وهي أكثر ما تعرف به ، وقد نقل عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال : « من زار المعصومة بقم [ كان ] كمن زارني » (١).

(ب) كريمة أهل البيت :

ينقل عن آية الله السيد محمود المرعشي ( قدس سره ) انه كان قد توسل بالأئمة الطاهرين ( صولات الله وسلامه عليهم ) ، كي يبينوا له موضع قبر الصديقة الطاهرة سيدة النساء فاطمة الزهراء ( سلام الله عليها ).

وبعد توسّلات كثيرة تلقى الجواب منهم (صلوات الله عليهم) أن لا تطلب منّا هذا الشيء فإنه ليس من المقدر أن نظهر قبرها المخفي ، لكن لاجل أن لا تُحرم شيعتنا ومحبونا من فيض زيارة قبرها عليكم بزيارة كريمة أهل البيت ..

فاستفسر السيد : ومن هي كريمة أهل البيت؟

__________________

(١) ناسخ التواريخ : ج٧ ص ٣٣٧.

٣٧

أجابوه : فاطمة بنت موسى بن جعفر (عليهما السلام) المدفونة بقم.

فهذه وإن كانت رؤيا صالحة ، ولكنٌ الواقع الخارجي يصدقها ، فما نسمعه ونراه من كبير كرم ، وحسن استضافة هذه السيدة الجليلة لدليل واضح على ذلك ، ولا عجب فهي سليلة أصل الجود والكرم.

ويكفي في كرمها احتضانها لحوزة التشيع في العصر الأخير ، بل منذ العصور الغابرة ، حيث كانت قم بلد التشيع ، ومركز حفظة أحاديث وعلوم أهل البيت (عليهم السلام). حتى أنه دفن في جوارها مائة الف محدث كما هو المعروف.

فببركة التمسك بحبل ولائهم (عليهم السلام) أفاضوا على قم وأهلها ما أفاضوا ، وذلك عبر سليتهم الكريمة ، فاطمة المعصومة.

(ج) اُخت الرضا :

... قال أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي (١) للإمام الجواد (عليه السلام) : إن قوماً من مخالفيكم يزعمون أباك إنّما سمّاه المأمون الرضا لما رضيه بولاية عهده.

فقال (عليه السلام) : كذبوا والله وفجروا ، بل الله تبارك وتعالى سمّاه الرضا ، لأنّه كان رضى لله عز وجل في سمائه ، ورضى لرسوله والأئمة من بعده (صلوات الله عليهم) في أرضه.

__________________

(١) أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي : من أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام) ، وكان من خواص أصحاب الإمام الرضا (عليه السلام) ، كما وأنه أدرك الإمام الجواد (عليه السلام) و (بزنط) موضع في العراق.

٣٨

قال الراوي : ألم يكن كل واحد من آبائك الماضين (عليهم السلام) رضى لله تعالى ولرسوله والأئمة (عليهم السلام)؟

فقال (عليه السلام) : بلى.

قال الراوي : فلم سمي أبوك من بينهم الرضا؟

قال : لانّه رضي به المخالفون من أعدائه كما رضي به الموافقون من اوليائه ، ولم يكن ذلك لأحد من آبائه (عليهم السلام) ، فلذلك سمي من بينهم الرضا (عليه السلام) » (١).

فلأن الإمام رضي به المخالف والمؤالف ، كان كل من يتصل به نسباً يُنسب إليه ، فالإمام الجواد (عليه السلام) عرف بابن الرضا ، وكان من القابه (٢) ، كما أن الإمام الهادي والعسكري (عليهم السلام) كان يعرف كل منهما في زمانه بابن الرضا (٣).

ولذلك أيضاً كانت السيدة المعصومة (عليها السلام) تعرف بـ ( اخت الرضا ).

وهذا وإن لم يذكر في كتاب معتبر ، ولكن الشواهد السالفة كافية لإثبات هذا اللقب لها. فهي كانت (عليه السلام) اخت الرضا حقيقة ، كما عرفت به القبا.

__________________

(١) عيون أخبار الرضا : ج١ ص١٣.

(٢) مناقب آل ابي طالب : ج٤ ص ٣٧٩.

(٣) المصدر السابق : ج٤ ص ٤٢١.

٣٩
٤٠