فضائل الخمسة من الصّحاح الستّة - ج ٢

آية الله السيد مرتضى الفيروزآبادي

فضائل الخمسة من الصّحاح الستّة - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيد مرتضى الفيروزآبادي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات فيروزآبادي
الطبعة: ٤
ISBN الدورة:
964-6406-18-1

الصفحات: ٤٦٣
  الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣

فقال : إذهبوا اليه فاتوا علياً (عليه السلام) فرفع على (عليه السلام) شيئاً من الأرض وقال : القضاء في هذا أيسر من هذا ، لهذه ما سقت اليها بما استحللت من فرجها ، وعلى أبيها أن يجهز الأخرى بما سقت إلى هذه لا تقربها حتى تنقضي عدة هذه الأخرى ، قال : وأحسب أنه جلد أباها أو أراد أن يجلده ، قال : أخرجه ابن أبي شيبة ، (أقول) بنت مهيرة أي بنت حرة وبنت فتاة أي بنت جارية مملوكة.

[كنز العمال أيضاً ج ٣ ص ١٨١] قال : عن حجار بن أبحر قال : كنت عند معاوية فاختصم اليه رجلان في ثوب فقال أحدهما : هذا ثوبي وأقام البينة ، وقال الآخر : ثوبى اشتريته من رجل لا أعرفه ، فقال : لو كان لها ابن أبي طالب ، فقلت : قد شهدته في مثلها ، قال : كيف صنع؟ قلت : قضى بالثوب الذي أقام البينة ، وقال للآخر : أنت ضيعت مالك ، قال : أخرجه ابن عساكر.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ١٩٥] قال : وعن أبي حازم قال : جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة فقال : سل عنها علي بن أبي طالب فهو أعلم قال : يا أمير المؤمنين جوابك فيها أحب إلي من جواب علي ، قال : بئسما قلت ، لقد كرهت رجلاً كان رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم يغزره بالعلم غزرا ، ولقد قال له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذه منه ، قال : أخرجه أحمد في المناقب ، (اللغة) ـ الغزارة بالغين المعجمة بعدها الزاى : الكثرة ، وقد غزر الشيء بالضم : كثر.

[أقول] وذكره المناوي أيضاً في فيض القدير (ج ٣ ص ٤٦) في الشرح باختلاف في اللفظ (قال) خرج الكلاباذي أن رجلاً سأل معاوية عن مسألة فقال : سل علياً هو أعلم مني فقال : أريد جوابك قال : ويحك كرهت رجلاً كان رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم يغره بالعلم غرا وقد كان أكابر الصحابة يعترفون له بذلك ، وكان عمر يسأله عما أشكل عليه جاءه رجل

٣٤١

فسأله فقال : ها هنا علي فقال : أريد أسمع منك يا أمير المؤمنين قال : قم لا أقام اللّه رجليك ، ومحا اسمه من الديوان ، (اللغة) ـ يقال : غرّ الطائر فرخه غراً وغراراً : إذا زقه أي أطعمه بمنقاره ، وذكره ابن حجر أيضاً في صواعقه (ص ١٠٧) وقال أيضاً : أخرجه أحمد ثم قال : وأخرجه آخرون بنحوه وذكر قريباً من لفظ الكلاباذي بتقديم وتأخير «فتح الباري» في شرح البخاري ج ١٧ ص ١٠٥ (قال) وروينا في القطعيات من رواية اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال جاء رجل الى معاوية فسأله عن مسألة فقال عنها علياً (عليه السلام) قال (يعني معاوية) ولقد شهدت عمر اشكل عليه شيء فقال هاهنا علي (عليه السلام).

[سنن للبيهقى ج ١٠ ص ١٢٠] روى بسنده عن أبي حسان إن العباس بن خرشة الكلابي قال له بنو عمه وبنو عم امرأته : إن امرأتك لا تحبك فان أحببت أن تعلم ذلك فخيرها ، فقال : يا برزة بنت الحر اختاري فقالت : ويحك اخترت ولست بخيار ، قالت : ذلك ثلاث مرات ، فقالوا : حرمت عليك ، فقال : كذبتم فأتى علياً عليه السلام فذكر ذلك له ، فقال : لئن قربتها حتى تنكح زوجاً غيرك لأغيبنك بالحجارة (أو قال : أرضخك بالحجارة) قال : فلما استخلف معاوية أتاه فقال : إن أبا تراب فرق بيني وبين امرأتي بكذا وكذا ، قال : قد أجزنا قضاءه عليك ، أو قال : ما كنا لنرد قضاء قضاه عليك.

٣٤٢

بابٌ

في ارجاع عائشة وابن عمر الى

علي (ع) في المسائل المشكلة

قد ثبت من الصحاح وغيرها من الكتب المعتبرة عند إخواننا السنة رجوع عائشة وابن عمر إلى علي عليه السلام في الوقائع المشكلة ، وفيما يلي جملة منها :

[صحيح مسلم في كتاب الطهارة] في باب التوقيت في المسح على الخفين روى بسندين عن الحكم بن عتيبة عن القاسم بن مخيمرة عن شريح بن هاني قال : أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت : عليك بابن أبي طالب فأسأله (الحديث).

[صحيح مسلم أيضاً في كتاب الطهارة] في باب التوقيت في المسح على الخفين روى بسنده عن الحكم عن القاسم بن مخيمرة عن شريح بن هاني قال : سألت عائشة عن المسح على الخفين فقالت : إئت علياً فانه أعلم بذلك مني (الحديث).

[أقول] ورواه في الباب بطريقين آخرين أيضاً ، ورواه النسائي أيضاً في صحيحه (ج ١ ص ٣٢) ، وابن ماجة أيضاً في صحيحه (ص ٤٢) وأحمد

٣٤٣

ابن حنبل أيضاً في مسنده (ج ١ ص ٩٦ وص ١٠٠ وص ١١٣ وص ١١٧ وص ١٢٠ وص ١٣٣ وص ١٤٦ وص ١٤٩ ، وفي ج ٦ ص ١١٠) وأبو داود الطيالسى أيضاً في مسنده (ج ١ ص ١٥) ، والبيهقي أيضاً في سننه (ج ١ ص ٢٧٢) بطريقين (وفي ص ٢٧٧) بطريق ثالث ، وأبو نعيم أيضاً في حليته (ج ١ ص ٨٣). والخطيب البغدادي أيضاً في تاريخ بغداد (ج ١١ ص ٢٤٦) والطحاوي أيضاً في شرح معانى الآثار في كتاب الطهارة (ص ٤٩) وبطريق آخر (في ص ٥٠) ، وأبو حنيفة أيضاً في مسنده (ص ١٢٩) ، وذكره المتقي أيضاً في كنز العمال (ج ٥ ص ١٤٧) وقال : أخرجه أبو داود الطيالسي والحميدي وسعيد بن منصور وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد بن حنبل والعدنى والدارمى ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة والطحاوي وابن حبان (فتح الباري) في شرح البخاري ج ١٦ ص ١٦٨ (قال) واخرج ابن أبي شيبة بسند جيد عن عبد الرحمن بن أبزى قال انتهى عبد اللّه بن بديل بن ورقاء الخزاعى الى عائشة يوم الجمل وهى في الهودج فقال يا ام المؤمنين اتعلمين إني اتيتك عند ما قتل عثمان فقلت ما تأمرينى فقلت الزم علياً (ع) فسكتت فقال اعقرو الجمل فعقروه فنزلت أنا واخوها محمد فاحتملنا هودجها فوضعناه بين يدى على (ع) فأمر بها فأدخلت بيتا.

[سنن البيهقي ج ٥ ص ١٤٩] روى بسنده عن أبي مجلز إن رجلاً سأل ابن عمر فقال : إني رميت الجمرة ولم أدر رميت ستا أو سبعا؟ قال : إئت ذلك الرجل ـ يريد علياً عليه السلام ـ فذهب فسأله (الحديث).

٣٤٤

باب

في مبيت علي (ع) على فراش النبي (ص)

[الفخر الرازي في تفسيره الكبير] في ذيل تفسير قوله تعالى : (وَمِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغٰاءَ مَرْضٰاتِ اَللّٰهِ وَاَللّٰهُ رَؤُفٌ بِالْعِبٰادِ) فى سورة البقرة ، قال : نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام ، بات على فراش رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ليلة خروجه إلى الغار (قال) ويروى أنه لما نام على فراشه قام جبريل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجبريل ينادى بخ بخ من مثلك يابن أبي طالب يباهي اللّه بك الملائكة ، ونزلت الآية يعني بها : ومن الناس من يشرى نفسه (الخ).

[أسد الغابة لابن الأثير ج ٤ ص ٢٥] روى بسنده عن الثعلبي قال : رأيت في بعض الكتب أن رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم لما أراد الهجرة خلف علي بن أبي طالب عليه السلام بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده ، وأمره ـ ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار ـ أن ينام على فراشه وقال له : إتشح ببردي الحضرمي الأخضر فانه لا يخلص اليك منهم مكروه إن شاء اللّه تعالى ، ففعل ذلك فأوحى اللّه إلى جبريل وميكائيل عليهما السلام : إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر فأيكما

٣٤٥

يؤثر صاحبه بالحياة فاختارا كلاهما الحياة ، فأوحى اللّه عز وجل اليهما أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين نبيي محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة؟ إهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه ، فنزلا فكان جبريل عند رأس علي عليه السلام ، وميكائيل عند رجليه ، وجبريل ينادي بخٍ بخٍ من مثلك يابن أبي طالب يباهى اللّه عز وجل بك الملائكة فأنزل اللّه عز وجل على رسوله ـ وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي عليه السلام ـ (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة اللّه).

[أقول] وذكره الشبلنجي أيضاً في نور الأبصار (ص ٧٧) بنحو الاختصار ، فقال : قال بعض أصحاب الحديث : أوحى اللّه تعالى إلى جبريل وميكائيل عليهما السلام أن انزلا إلى علي وأحرساه في هذه الليلة إلى الصباح فنزلا اليه وهم يقولون : بخٍ بخٍ من مثلك يا علي قد باهى اللّه بك ملائكته (ثم قال) وأورد الإمام الغزالي في كتابه إحياء العلوم أن ليلة بات علي عليه السلام على فراش رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم أوحى اللّه تعالى إلى جبريل وميكائيل وذكر مثل حديث ابن الأثير عن الثعلبي (انتهى) ، وذكر المناوي في كنوز الحقائق (ص ٣١) وقال : إن اللّه يباهي بعلي عليه السلام كل يوم الملائكة ، قال : الديلمي.

[خصائص النسائي ص ٨] روى بسنده عن عمرو بن ميمونة قال : إني لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا : يا بن عباس إما أن تقوم معنا وإما أن تخلونا هؤلاء ، قال : فقال ابن عباس : بل أقوم معكم ، قال : وهو يومئذٍ صحيح قبل أن يعمى ، قال : فابتدؤا فتحدثوا فلا ندرى ما قالوا قال : فجاء وهو ينفض ثوبه وهو يقول : أف وتف وقعوا في رجل له عشر (إلى أن قال) قال : وشرى علي عليه السلام نفسه ، لبس ثوب النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ثم نام مكانه ، قال : وكان المشركون يرمون رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ، فجاء أبو بكر وعلي عليه السلام نائم ، قال : وأبو بكر يحسبه أنه نبي اللّه ، قال : فقال له علي عليه السلام : إن نبي اللّه صلى اللّه

٣٤٦

عليه (وآله) وسلم قد انطلق نحو بئر ميمونة فأدركه ، قال : فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار ، قال : وجعل علي عليه السلام يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبي اللّه وهو يتضور ، قال : لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح (الحديث) وقد تقدم تمامه في باب آية التطهير (ج ١ ص ٢٣) وقد رواه الحاكم أيضاً في مستدرك الصحيحين (ج ٣ ص ٤) باختصار ، ورواه أحمد بن حنبل أيضاً في مسنده (ج ١ ص ٣٣٠) وذكره المحب الطبري أيضاً في الرياض النضرة (ج ٢ ص ٢٠٣) ، وفي ذخائره (ص ٨٦) وقال : أخرجه بتمامه أحمد والحافظ أبو القاسم الدمشقي في الموافقات وفي الأربعين الطوال قال : وأخرج النسائي بعضه (انتهى) ، وذكره المتقي أيضاً في كنز العمال (ج ٨ ص ٣٣٣) باختصار ، والهيثمي أيضاً في مجمعه (ج ٩ ص ١١٩) وقال : رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط باختصار.

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ٤] روى بسنده عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : إن أول من شرى نفسه ابتغاء مرضاة اللّه علي بن أبي طالب عليه السلام ، وقال علي عليه السلام عند مبيته على فراش رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم :

قيت بنفسى خير من وطأ الحصى

ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر

رسول إله خاف أن يمكروا به

فنجاه ذو الطول الإِله من المكر

وبات رسول اللّه في الغار آمناً

موّقى وفي حفظ الإله وفي ستر

وبت أراعيهم ولم يتهموننى

وقد وطنت نفسي على القتل والأسر

 [مسند الإمام أحمد بن حنبل ج ١ ص ٣٤٨] روى بسنده عن ابن عباس في قوله : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ) قال : تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم : إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق ـ يريدون النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ـ وقال بعضهم : بل اقتلوه ، وقال بعضهم : بل أخرجوه فأطلع

٣٤٧

اللّه عز وجل نبيه على ذلك فبات علي عليه السلام على فراش النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم تلك الليلة ، وخرج النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم حتى لحق بالغار ، وبات المشركون يحرسون علياً عليه السلام يحسبونه النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ، فلما أصبحوا ثاروا اليه ، فلما رأوا علياً عليه السّلام رد اللّه مكرهم ، فقالوا : أين صاحبك هذا؟ قال : لا أدري ، فاقتفوا أثره فلما بلغوا الجبل خلط عليهم فصعدوا في الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا : لو دخل ها هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه ، فمكث فيه ثلاث ليال.

[أقول] ورواه الخطيب البغدادي أيضاً (ج ١٣ ص ١٩١) وذكره الهيثمي أيضاً في مجمعه (ج ٧ ص ٢٧) وقال : رواه أحمد والطبراني ، والسيوطي أيضاً في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ) (الآية) في سورة الأنفال ، وقال : أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل.

[السيوطى في الدر المنثور] في ذيل تفسير قوله تعالى : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) في سورة الأنفال ، قال : وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة قال : دخلوا دار الندوة يأتمرون بالنبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم (وساق الحديث إلى أن قال) وقام علي عليه السلام على فراش النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم وباتوا يحرسونه ـ يعني المشركين ـ يحسبون أنه النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فلما أصبحوا ثاروا اليه فاذاهم بعلي عليه السلام ، فقالوا : أين صاحبك؟ فقال : لا أدري فانتقوا أثره حتى بلغوا الغار ثم رجعوا (الحديث).

[الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٨ ص ٣٥ وص ١٦٢] روى بسنده عن أم بكر بنت المسور عن أبيها : إن رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم بن عبد مناف ـ وهي أم مخرمة بن نوفل ـ حذَّرت رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله)

٣٤٨

وسلم فقالت : إن قريشاً قد اجتمعت تريد بيانك الليلة ، قال المسور فتحول رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم عن فراشه وبات عليه عليٌ بن أبي طالب عليه السلام.

[أُسد الغابة لابن الأثير ج ٤ ص ١٨] روى بسنده عن ابن اسحاق قال : وأقام رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ـ يعني بعد أن هاجر أصحابه إلى المدينة ـ ينتظر مجىء جبرئيل عليه السلام وأمره له أن يخرج من مكة بإذن اللّه له في الهجرة إلى المدينة حتى إذا اجتمعت قريش فمكرت بالنبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم وأرادوا برسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ما أرادوا أتاه جبريل عليه السلام وأمره أن لا يبيت في مكانه الذي يبيت فيه ، فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم علي بن أبي طالب عليه السلام فأمره أن يبيت على فراشه ويتسجى ببرد له أخضر ففعل ، ثم خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم على القوم وهم على بابه ، قال ابن اسحاق : وتتابع الناس في الهجرة ، وكان آخر من قدم المدينة من الناس ولم يفتتن في دينه علي ابن أبي طالب عليه السلام ، وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم أخّره بمكة وأمره أن ينام على فراشه وأجله ثلاثاً وأمره أن يؤدى إلى كل ذي حق حقه ففعل ، ثم لحق برسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ، (أقول) وذكره المحب الطبري أيضاً في ذخائره (ص ٦٠) عن ابن اسحاق مختصراً.

[أُسد الغابة أيضاً ج ٤ ص ١٩] روى بسنده عن أبي رافع في هجرة النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم قال : وخلفه النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ـ يعني خلف علياً (عليه السلام) ـ يخرج اليه باهله وأمره أن يؤدى عنه أمانته ووصايا من كان يوصى اليه وما كان يؤتمن عليه من مال ، فأدى علي (عليه السلام) أمانته كلها ، وأمره أن يضطجع على فراشه ليلة خرج ، وقال : إن قريشاً لم يفقدونى ما رأوك ، فاضطجع على فراشه وكانت قريش تنظر إلى فراش النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فيرون عليه علياً (عليه السلام) فيظنونه

٣٤٩

النبى صلى اللّه عليه (وآله) وسلم حتى إذا أصبحوا رأوا عليه علياً (عليه السلام) فقالوا : لو خرج محمد لخرج بعلىّ ، فحبسهم اللّه بذلك عن طلب النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم حين رأوا علياً عليه السلام ، وأمر النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم علياً (عليه السلام) أن يلحقه بالمدينة ، فخرج علي (عليه السلام) في طلبه بعدما أخرج اليه أهله يمشي الليل ويمكن النهار حتى قدم المدينة ، فلما بلغ النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم قدومه قال : ادعوا لي علياً ، قيل : يا رسول اللّه لا يقدر أن يمشى فأتاه النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فلما رآه اعتنقه وبكى رحمة لما بقدميه من الورم وكانتا تقطران دما ، فتفل النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم في يديه ومسح بهما رجليه ودعا له بالعافية فلم يشتكهما حتى استشهد رضي اللّه عنه.

[كنز العمال ج ٣ ص ١٥٥] روى عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال : كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات بينهم فسمعت علياً عليه السلام يقول : بايع الناس لأبي بكر وأنا واللّه أولى بالأمر منه وأحق به منه (إلى أن قال) إن عمر جعلني في خمسة نفر أنا سادسهم لا يعرف لي فضلاً عليهم في الصلاح ولا يعرفونه لي ، كلنا فيه شرع سواء ، وأيم اللّه لو أشاء أن أتكلم ثم لا يستطيع عربيهم ، ولا عجميهم ، ولا المعاهد منهم ولا المشرك ردّ خصلة منها لفعلت (إلى أن قال) أفيكم أحد كان أعظم غنى عن رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم حين اضطجعت على فراشه ووقيته بنفسي وبذلت له مهجة دمي؟ قالوا : اللهم لا (الحديث).

٣٥٠

بابٌ

في مبارزة علي (ع) يوم بدر وقتاله ونداء ملك

لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي

وسلام جبريل وميكائيل وإسرافيل عليه

[صحيح البخاري في كتاب بدء الخلق] في باب قتال أبي جهل ، روى بسنده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال : أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة ، قال : وقال قيس بن عباد : وفيهم أنزلت (هذان خصمان اختصموا في ربهم) قال : هم الذين تبارزوا يوم بدر حمزة وعلي عليه السلام وعبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة والوليد بن عتبة.

[أقول] ورواه مسلم أيضاً في صحيحه في كتاب التفسير ، وابن ماجة أيضاً في صحيحه في أبواب الجهاد ، والحاكم أيضاً في مستدرك الصحيحين (ج ٢) في تفسير سورة الحج ، ورواه غير هؤلاء أيضاً جمع كثير من أئمة الحديث.

[سنن البيهقي ج ٣ ص ٢٧٦] روى بسنده عن علي عليه السلام في قصة بدر قال : فبرز عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد فقالوا : من يبارز؟ فخرج فتية من الأنصار شبيبة ، فقال عتبة : لا نريد هؤلاء ولكن يبارزنا من بني أعمامنا بني عبد المطلب ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : قم يا

٣٥١

حمزة قم يا عبيدة قم يا علي ، فبرز حمزة لعتبة ، وعبيدة لشيبة ، وعلي عليه السلام للوليد ، فقتل حمزة عتبة ، وقتل علي عليه السلام الوليد ، وقتل عبيدة شيبة ، وضرب شيبة رجل عبيدة فقطعها فاستنقذه حمزة ، وعلي عليه السلام حتى توفي بالصفراء ، (أقول) وذكر الشبلنجي في نور الأبصار (ص ٧٨) قصة مبارزة علي عليه السلام يوم بدر بمثل ما ذكره البيهقي بنحو أبسط.

[السيوطي في الدر المنثور] في ذيل تفسير قوله تعالى : (أَمْ نَجْعَلُ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي اَلْأَرْضِ) في سورة (ص) قال : أخرج ابن عساكر عن ابن عباس في قوله : (أَمْ نَجْعَلُ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا اَلصّٰالِحٰاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي اَلْأَرْضِ) قال : الذين آمنوا علي وحمزة وعبيدة ابن الحارث ، والمفسدين في الأرض عتبة وشيبة والوليد وهم الذين تبارزوا يوم بدر.

[حلية الأولياء لأبي نعيم ج ٩ ص ١٤٥] روى بسنده عن محمد بن إدريس الشافعي قال : دخل رجل من بني كنانة على معاوية بن أبي سفيان فقال له : هل شهدت بدراً؟ قال : نعم ، قال : مثل من كنت؟ قال : غلام قمدود ، مثل عطباء الجلمود ، قال : فحدثني ما رأيت وحضرت ، قال : ما كنا شهوداً إلا كأغياب وما رأينا ظفراً كان أو شك منه ، قال : فصف لي ما رأيت قال : رأيت في سرعان الناس علي بن أبي طالب عليه السلام غلاماً شاباً ليثاً عبقرياً يفري الفرى لا يثبت له أحد إلا قتله ، ولا يضرب شيئاً إلا هتكه لم أر من الناس أحداً قط أنفق يحمل حملة ويلتفت التفاتة (إلى أن قال) وكان له عينان في قفاه وكان وثوبه وثوب وحش.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٢٥] قال : وعن علي عليه السلام قال : قاتلت يوم بدر قتالاً ثم جئت إلى النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فإذا هو ساجد يقول : يا حي يا قيوم ، ثم ذهبت فقاتلت ثم جئت فاذا النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ساجد يقول : يا حي يا قيوم ففتح اللّه عز وجل عليه قال : أخرجه النسائي والحافظ الدمشقي في الموافقات.

٣٥٢

[تاريخ ابن جرير الطبري ج ٢ ص ١٩٧] روى بسنده عن أبي رافع عن أبيه عن جده قال : لما قتل علي بن أبي طالب عليه السلام أصحاب الألوية أبصر رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم جماعة من مشركي قريش فقال لعلي عليه السلام إحمل عليهم فحمل عليهم ففرق جمعهم وقتل عمرو بن عبد اللّه الجمحي ، قال : ثم أبصر رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم جماعة من مشركي قريش فقال لعلي عليه السلام : إحمل عليهم فحمل عليهم ففرق جماعتهم وقتل شيبة بن مالك أحد بني عامر بن لؤي ، فقال جبريل : يا رسول اللّه إن هذه للمواساة ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : إنه مني وأنا منه فقال جبريل : وأنا منكما قال : فسمعوا صوتاً : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي (اقول) وذكر هذه الرواية باختصار المحب الطبري في الرياض النضرة (ج ٢ ص ١٧٢) وعلي بن سلطان في مرقاته ج ٥ ص ٥٦٧ وفيها التصريح من أبي رافع بيوم أحد فقال لما قتل علي (عليه السلام) أصحاب الألوية يوم أحد إلخ ولكنها على حسب رواية ابن جرير كما تقدم ليس فيها تصريح بيوم أُحد (بل يظهر) منها بقرينة اشتمال ذيلها على قول لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى الا علي (عليه السلام) بضميمة ما سيأتى من التصريح في رواية أبي جعفر بأن هذا القول كان في يوم بدر قد نادى به ملك من السماء (انها) كانت في يوم بدر لا في يوم أُحد (واللّه اعلم).

[كنز العمال ج ٣ ص ١٥٤] روى بسنده عن أبي ذر قال : لما كان أول يوم في البيعة لعثمان اجتمع المهاجرون ، والأنصار في المسجد وجاء علي ابن أبي طالب عليه السلام فأنشأ يقول : إن أحق ما ابتدأ به المبتدأون ، ونطق به الناطقون ، حمد اللّه والثناء عليه بما هو أهله ، والصلاة على النبي محمد ، فقال : الحمد للّه المتفرد بدوام البقاء (وساق الخطبة إلى أن قال) ثم قال علي عليه السلام : أنا شدكم اللّه إن جبرئيل نزل على رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فقال : يا محمد لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي فهل تعلمون هذا كان لغيري؟ (الحديث).

٣٥٣

[ذخائر العقبى للمحب الطبري ص ٧٤] وفي الرياض النضرة (ج ٢ ص ١٩٠) قال : عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام قال : نادى ملك من السماء يوم بدر يقال له رضوان أن لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي (قال) خرجه الحسن بن عرفة العبدى.

[كنز العمال ج ٥ ص ٢٧٣] قال : عن علي قال : لما كان ليلة بدر قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : من يستسقي لنا من الماء فأحجم الناس ، فقام علي عليه السلام فاعتصم القربة ثم أتى بئراً بعيد القعر مظلمة فانحدر فيها فأوحى اللّه عز وجل إلى جبريل وميكائيل وإسرافيل تأهبوا لنصرة محمد صلى اللّه عليه (وآله) وسلم وحزبه ففصلوا من السماء لهم لغط يذعر من سمعه ، فلما مروا بالبئر سلموا عليه من آخرهم إكراماً وتبجيلاً ، قال : أخرجه ابن شاهين ، (أقول) وذكره المحب الطبري أيضاً في ذخائره (ص ٦٨) وقال : أخرجه أحمد في المناقب.

[ثم] إن ها هنا حديثاً يناسب ذكره في خاتمة هذا الباب ، وهو ما رواه الزمخشري في الكشاف والفخر الرازي في تفسيره الكبير في ذيل تفسير قوله تعالى : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلٰكِنَّ اَللّٰهَ قَتَلَهُمْ وَمٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلٰكِنَّ اَللّٰهَ رَمىٰ) في سورة الأنفال ، واللفظ للكشاف قال ـ قبل الآية بلا فصل ـ : ولما طلعت قريش قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسلك ، اللهم إني أسألك ما وعدتنى فأتاه جبريل عليه السلام فقال : خذ قبضة من تراب فارمهم بها فقال ـ لما التقى الجمعان ـ لعلي عليه السلام : إعطنى قبضة من حصباء الوادى ، فرمى بها في وجوههم ، وقال : شاهت الوجوه فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم ، (أقول) وذكره السيوطي أيضاً في الدر المنثور في ذيل تفسير الآية وقال : أخرجه الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس.

٣٥٤

بابٌ

في قتال عليّ عليه السّلام يوم احد

[أُسد الغابة لابن الأثير ج ٤ ص ٢٠] روى بسنده عن سعيد بن المسيب قال : لقد أصابت علياً عليه السلام يوم أُحُد ست عشرة ضربة كل ضربة تلزمه الأرض فما كان يرفعه إلا جبريل عليه السلام.

[الرياض النضرة] ج ٢ ص ١٧٢ وعلى بن سلطان في مرقاته ج ٥ ص ٥٦٨ في الشرح قالا عن أبي رافع قال لما قتل علي (عليه السلام) اصحاب الألويه يوم أُحد قال جبريل يا رسول اللّه ان هذه لهي المواساة فقال له النبي (ص) انه مني وأنا منه فقال جبريل وانا منكما يا رسول اللّه قالا أخرجه احمد في المناقب (اقول) وذكره الهيثمي أيضاً في مجمعه ج ٦ ص ١١٤ وقال رواه الطبراني وذكره المتقي أيضاً في كنز العمال ج ٦ ص ٤٠٠ وقال أيضاً رواه الطبراني.

[نور الأبصار للشبلنجى ص ٧٩] قال : روى الحافظ محمد بن عبد العزيز الجنابذي في كتابه معالم العترة النبوية مرفوعاً إلى قيس بن سعد عن أبيه أنه سمع علياً عليه السلام يقول : أصابتني يوم أُحُد ست عشرة ضربة سقطت

٣٥٥

إلى الأرض في أربع منهن فجاء رجل حسن الوجه طيب الريح وأخذ بضبعي فأقامني ، ثم قال : أقبل عليهم فإنك في طاعة اللّه ورسوله وهما عنك راضيان ، قال علي عليه السلام : فأتيت النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فأخبرته فقال : يا علي أقر اللّه عينيك ذاك جبريل عليه السلام.

[نور الأبصار أيضاً ص ٧٨] قال : وعن ابن عباس قال : خرج طلحة بن أبي طلحة يوم أحد فكان صاحب لواء المشركين فقال : يا أصحاب محمد تزعمون أن اللّه يعجلنا بأسيافكم إلى النار ويعجلكم بأسيافنا إلى الجنة ، فأيكم يبرز إلي؟ فبرز اليه علي بن أبي طالب عليه السلام وقال : واللّه لا أفارقك حتى أعجلك بسيفي إلى النار ، فاختلفا بضربتين فضربه علي عليه السلام على رجله فقطعها وسقط إلى الأرض فأراد أن يجهز عليه ، فقال : أنشدك اللّه والرحم يابن عم ، فانصرف عنه إلى موقفه ، فقال المسلمون : هلا جهزت عليه ، فقال : ناشدنى اللّه ولن يعيش ، فمات من ساعته وبُشر النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم بذلك فسرّ وسرَّ المسلمون ، ثم قال : قال ابن اسحاق : كان الفتح يوم أُحد بصبر علي عليه السلام.

٣٥٦

بابٌ

في مبارزة علي (ع) يوم الخندق

وأنها أفضل من أعمال الأمة إلى يوم القيامة

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ٣٢] روى بسنده عن سفيان الثوري عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : لمبارزة علي بن أبي طالب عليه السلام لعمرو بن عبد ود يوم الخندق أفضل من أعمال أُمتي الى يوم القيامة.

[أقول] ورواه الخطيب البغدادي أيضاً في تاريخ بغداد (ج ١٣ ص ١٩) عن اسحاق بن بشر القرشي عن بهز بن حكيم عن ابيه عن جده عن النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم مثله ، وذكره الفخر الرازي أيضاً في تفسيره الكبير في ذيل تفسير سورة القدر ، قال : كقوله ـ يعني النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ـ لمبارزة علي عليه السلام مع عمرو بن عبدود أفضل من عمل أمتي الى يوم القيامة.

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ٣٢] روى بسنده عن ابن اسحاق قال : كان عمرو بن عبد ود ثالث قريش وكان قد قاتل يوم بدر حتى اثبتته الجراجة ولم يشهد أُحداً ، فلما كان يوم الخندق خرج معلماً ليرى مشهده ، فلما

٣٥٧

وقف هو وخيله قال له علي عليه السلام : يا عمرو قد كنت تعاهد اللّه لقريش أن لا يدعوك رجل الى خلتين إلا قبلت منه أحداهما ، فقال عمرو أجل فقال له علي عليه السلام فإني أدعوك الى اللّه عز وجل والى رسوله والى الاسلام ، فقال لا حاجة لي في ذلك ، قال فإني ادعوك الى البراز ، قال يا بن أخي لِم؟ فو اللّه ما أحب أن أقتلك ، فقال علي عليه السلام لكني واللّه أحب أن أقتلك فحمى عمرو فاقتحم عن فرسه فعقره ثم أقبل فجاء الى علي عليه السلام وقال : من يبارز؟ فقال علي عليه السلام وهو مقنع في الحديد فقال : أنا له يا نبي اللّه ، فقال إنه عمرو بن عبدود أجلس فنادى عمرو ألا رجل؟ فاذن له رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فمشى اليه علي عليه السلام وهو يقول :

لاتعجلن فقدأتاك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نبهة وبصيرة والصدق منجى كل فائز

إنى لأرجو أن اقيم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى ذكرها عند الهزاهز

فقال له عمرو : من أنت؟ قال : أنا على ، قال ابن من؟ قال : ابن عبد مناف ، أنا علي بن أبي طالب ، فقال عندك يا بن أخي من أعمامك من هو أسن منك فانصرف فإني أكره أن أهريق دمك ، فقال علي عليه السلام لكني واللّه ما أكره أن أهريق دمك فغضب فنزل فسل سيفه كأنه شعلة نار ثم أقبل نحو علي عليه السلام مغضباً واستقبله علي عليه السلام بدرقته فضربه عمرو في الدرقة فقدها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه ، وضربه علي عليه السلام على حبل العاتق فسقط وثار العجاج فسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم التكبير فعرف ان علياً عليه السّلام قتله (إلى أن قال) أقبل علي عليه السلام نحو رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ووجهه يتهلل ، فقال عمر بن الخطاب هلا استلبت درعه فليس للعرف درع خير منها؟ فقال : ضربته فاتقاني بسوءته واستحييت ابن عمي أن أستلبه وخرجت خيله منهزمة

٣٥٨

حتى اقحمت من الخندق (أقول) وذكره الشبلنجي أيضاً في نور الأبصار (ص ٧٩) وزاد أبياتا لعمرو يقول :

ولقد بححت من النداء لجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ وقف الشجاع مواقف القرن المناجز

وكذاك إني لم أزل متترعا قبل الهزاهز

إن الشجاعة فى الفتى والجود من خير الغرائز

فاجابه علي عليه السلام :

لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز ، الى آخر الأبيات المتقدمة.

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ٣٣] روى بسنده عن عاصم بن عمر ابن قتادة أبياتاً عن اخت عمرو يعني ابن عبدود في رثاء اخيها قال : لما قتل علي بن أبي طالب عليه السّلام عمرو بن عبدود أنشأت أخته عمرة بنت عبدود ترثيه فقالت :

لو كان قاتل عمر غير قاتله

بكيته ما أقام الروح في جسدى

لكن قاتله من لا يعاب به

وكان يدعى قديماً بيضة البلد

[الفخر الرازي في تفسيره الكبير] في ذيل تفسير قوله تعالى : (تِلْكَ اَلرُّسُلُ فَضَّلْنٰا بَعْضَهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ) ، في سورة البقرة قال : روى انه قال ـ يعني النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ـ بعد محاربة علي عليه السلام لعمرو بن عبدود كيف وجدت نفسك يا علي قال : وجدتها لو كان كل أهل المدينة في جانب لقدرت عليهم (إلى أن قال الحديث إلى آخره) وهو مشهور (انتهى).

٣٥٩

بابٌ

في قوله تعالى وكفى اللّه المؤمنين القتال

[السيوطي في الدر المنثور] في ذيل تفسير قوله تعالى : (وَرَدَّ اَللّٰهُ اَلَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنٰالُوا خَيْراً وَكَفَى اَللّٰهُ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلْقِتٰالَ) في سورة الأحزاب ، قال : وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن ابن مسعود رضي اللّه عنه انه كان يقرأ هذا الحرف وكفى اللّه المؤمنين القتال بعلى بن أبي طالب.

[ميزان الاعتدال للذهبي ج ٢ ص ١٧] ذكر حديثاً مسنداً عن ابن مسعود انه كان يقرأ وكفى اللّه المؤمنين القتال بعلي.

٣٦٠