فضائل الخمسة من الصّحاح الستّة - ج ٢

آية الله السيد مرتضى الفيروزآبادي

فضائل الخمسة من الصّحاح الستّة - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيد مرتضى الفيروزآبادي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات فيروزآبادي
الطبعة: ٤
ISBN الدورة:
964-6406-18-1

الصفحات: ٤٦٣
  الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣

باب

في قول النبي (ص) أنا مدينة العلم وعلي بابها

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٢٦] روى بسنده عن مجاهد عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد.

[أقول] ورواه بطريق آخر أيضاً في (ص ١٢٧) والخطيب البغدادي أيضاً في تاريخه (ج ٤ ص ٣٤٨) وبطريق آخر في (ج ٧ ص ١٧٢) وبطريق ثالث في (ج ١١ ص ٤٨) وبطريق رابع في (ج ١١ ص ٤٩) ثم قال : قال القاسم سألت يحيى بن معين عن هذا الحديث فقال : هو صحيح (انتهى) ورواه ابن الأثير في أُسد الغابة (ج ٤ ص ٢٢) وابن حجر أيضاً في تهذيب التهذيب (ج ٦ ص ٣٢٠) و (ج ٧ ص ٤٢٧) والمتقي أيضاً في كنز العمال (ج ٦ ص ١٥٢) والمناوى في فيض القدير (ج ٣ ص ٤٦) في المتن وقالا : أخرجه العقيلي وابن عدى والطبراني والحاكم عن ابن عباس ، وابن عدى والحاكم عن جابر ، وزاد المناوي في الشرح فقال : وكذا أبو الشيخ في السنة (انتهى) وذكره الهيثمي أيضاً في مجمعه (ج ٩ ص ١١٤) والمتقي في كنز

٢٨١

العمال (ج ٦ ص ١٥٦) وقالا : أخرجه الطبراني.

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٢٧] روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه يقول : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم يقول : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب.

[تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج ٢ ص ٣٧٧] روى بسنده عن جابر بن عبد اللّه قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ـ يوم الحديبية وهو آخذ بيد علي عليه السلام ـ يقول : هذا أمير البررة ، وقاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ، يمد بها صوته أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد البيت فليأت الباب.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ١٩٣] قال : عن علي عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : أنا دار العلم وعلي بابها ، قال : أخرجه في المصابيح في الحسان.

[كنز العمال ج ٦ ص ٤٠١] حكى عن ابن جرير أنه قال : حدثنا محمد بن اسماعيل الضرارى (وساق السند إلى أن قال) عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها.

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٦] ولفظه : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، قال أخرجه أبو نعيم في المعرفة.

[كنوز الحقائق للمناوي ص ٤٣] ولفظه : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، قال : أخرجه الديلمي.

[الصواعق المحرقة لابن حجر ص ٧٣] قال : أخرج البزار والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد اللّه ، والحاكم والعقيلي وابن عدي عن ابن عمر والترمذي والحاكم عن علي عليه السلام ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، قال : وفي رواية فمن أراد العلم فليأتِ الباب.

٢٨٢

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٦] ولفظه : علي باب علمى ، ومبين لأمتي ما أُرسلت به من بعدي ، حبه إيمان ، وبغضه نفاق ، والنظر اليه رأفة ، قال أخرجه الديلمي عن أبي ذر (أقول) وذكره ابن حجر أيضاً في صواعقه (ص ٧٣) وقال : أخرجه ابن عدي.

٢٨٣

باب

في قول النبي (ص) لعلي (ع) : أنت

تبين لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٢٢] روى بسنده عن الحسن عن أنس بن مالك أن النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم قال لعلي عليه السلام : أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي ، قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين (أقول) وذكره المناوي أيضاً في كنوز الحقائق (ص ١٨٨) والمتقي في كنز العمال (ج ٦ ص ١٥٦) وقالا : أخرجه الديلمي ، وزاد المناوي فقال : عن أنس.

[حلية الأولياء لأبي نعيم ج ١ ص ٦٣] روى بسنده عن أنس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : يا أنس أسكب لي وضوءً ، ثم قام فصلى ركعتين ثم قال : يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين ، وقائد الغر المحجلين ، وخاتم الوصيين ، قال أنس : قلت : اللهم اجعله رجلاً من الأنصار وكتمته إذ جاء علي عليه السلام فقال : من هذا يا أنس؟ فقلت : علي فقام مستبشراً فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه ويمسح عرق علي بوجهه ، قال علي عليه السلام : يا رسول اللّه لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعت بى من قبل ، قال : وما يمنعني وأنت

٢٨٤

تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي ، قال أبو نعيم : رواه جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن أنس نحوه.

[أقول] وقد تقدم آنفاً في آخر الباب السابق حديث أبي ذر الذي قد ذكره المتقي في كنز العمال وابن حجر في صواعقه : علي باب علمى ومبين لأمتي ما أُرسلت به من بعدي (الخ).

٢٨٥

باب

فى بعض ما أخبر به علي (ع) عما يأتي

[مستدرك الصحيحين ج ٢ ص ٣٥٨] روى بسنده عن عبد اللّه بن طاووس عن أبيه قال : لما كان حجر بن قيس المدري من المختصين بخدمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له علي عليه السلام يوماً : يا حجر إنك تقام بعدي فتؤمر بلعنى فالعنى ولا تبرأ مني ، قال طاووس : فرأيت حجر المدرى وقد أقامه أحمد بن ابراهيم خليفة بني أمية في الجامع ووكل به ليلعن علياً عليه السلام أو يقتل ، فقال حجر : أما إن الأمير أحمد ابن ابراهيم أمرني أن ألعن علياً فالعنوه لعنه اللّه ، فقال طاووس : فلقد أعمى اللّه قلوبهم حتى لم يقف أحد منهم على ما قال (أقول) وذكره ابن حجر أيضاً في صواعقه (ص ٧٧) وقال : أخرجه عبد الرزاق ، ثم قال : فهذا من كرامات علي عليه السلام وإخباره بالغيب.

[طبقات ابن سعد ج ٥ ص ٣٠] في ترجمة مروان ، قال : قال على ابن أبي طالب عليه السلام له يوماً ونظر اليه ليحملن راية ضلالة بعد ما يشيب صدغاه وله إمرة كلحسة الكلب أنفه.

[الإصابة لابن حجر ج ٥ القسم ٣ ص ٣٢٥] قال : وقال جرير عن

٢٨٦

المغيرة : طلب الحجاج كميل بن زياد فهرب منه فحرم قومه عطاءهم ، فلما رأى كميل ذلك قال : أنا شيخ كبير قد نفد عمري لا ينبغى أن أحرم قومى عطاءهم فخرج إلى الحجاج فلما رآه قال له : لقد أحببت أن أجد عليك جميلا فقال له كميل : إنه ما بقي من عمري إلا القليل فافض ما أنت قاضٍ فان الموعد اللّه ، ولقد أخبرني أمير المؤمنين علي عليه السلام أنك قاتلي ، قال : بلى قد كنت فيمن قتل عمر ، اضربوا عنقه فضربوا عنقه.

[تهذيب التهذيب لابن حجر ج ٧ ص ٣٥٨] في ترجمة علي بن عبد اللّه ابن العباس قال : وقد حكي المبرد وغيره أنه لما ولد جاء به أبوه إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : ما سميته؟ فقال : أو يجوز لي أن أسميه قبلك فقال : قد سميته باسمي وكنيته بكنيتي ، وهو أبو الأملاك.

[الهيثمي في مجمعه ج ٦ ص ٢٤١] قال : وعن جندب قال : لما فارقت الخوارج علياً عليه السلام خرج في طلبهم وخرجنا معه فانتهينا إلى عسكر القوم وإذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن ، وإذا فيهم أصحاب الثفنات وأصحاب البرانس ، فلما رأيتهم دخلنى من ذلك شدة فتنحيت فركزت رمحي ونزلت عن فرسي فثرت عليه درعى وأخذت بمقود فرسي فقمت أصلى إلى رمحي وأنا أقول في صلاتي : اللهم إن كان قتال هؤلاء القوم لك طاعة فائذن لي فيه ، وإن كان معصية فأرني براءتك ، قال : فأنا كذلك إذ أقبل علي ابن أبي طالب عليه السلام على بغلة رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فلما حاذاني قال : تعوذ باللّه تعوذ باللّه يا جندب من شر الشك ، فجئت أسعى اليه ونزل فقام يصلى إذ أقبل رجل على برذون يقرب به فقال : يا أمير المؤمنين قال : ما شأنك؟ قال : لك حاجة في القوم؟ قال : وما ذاك؟ قال : قد قطعوا النهر قال : ما قطعوه (وساق الحديث إلى أن قال) ولا يقطعوه وليقتلن دونه عهد من اللّه ورسوله قلت : اللّه أكبر ، ثم قمت فأمسكت له بالركاب فركب فرسه ثم رجعت إلى درعى فلبستها وإلى قوسى فعلقتها وخرجت أسايره فقال لي : يا جندب قلت : لبيك يا أمير المؤمنين ، قال : أما أنا فابعث اليهم رجلاً يقرأ المصحف يدعو إلى كتاب اللّه وسنة نبيهم فلا يقبل علينا بوجهه حتى

٢٨٧

يرشقوه بالنبل ، يا جندب أما إنه لا يقتل منا عشرة ولا ينجو منهم عشرة فانتهينا إلى القوم وهم في معسكرهم (إلى أن قال) فقتلت بكفي هذه ـ بعد ما دخلني ما كان دخلني ـ ثمانية قبل أن أصلى الظهر ، وما قتل منا عشرة ولا نجا منهم عشرة كما قال ، قال : رواه الطبراني.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٢٢] قال : عن الأصبغ قال : أتينا مع علي عليه السلام فمررنا بموضع قبر الحسين عليه السلام فقال علي عليه السلام : ها هنا مناخ ركابهم ، وها هنا موضع رحالهم ، وها هنا مهراق دمائهم ، فتية من آل محمد صلى اللّه عليه (وآله) وسلم يقتلون بهذه العرصة تبكي عليهم السماء والأرض (أقول) وذكره ابن حجر أيضاً في صواعقه (ص ١١٥) باختلاف يسير ، وقال : رواه الملا ـ يعني في سيرته ، (ثم) إنه سيأتى في فضائل الحسين عليه السلام في باب إخبار علي عليه السلام عن قتل الحسين عليه السلام وعن موضع قتله أخبار كثيرة في هذا المعنى ، فانتظر.

٢٨٨

بابٌ

في خطبة علي (ع) الخالية عن الألف

[كنز العمال ج ٨ ص ٢٢١] قال : قال أبو الفتوح يوسف بن المبارك ابن كامل الخفاف في مشيخته : أنبأنا الشيخ أبو الفتح عبد الوهاب (وساق السند إلى أن قال) عن أبي صالح قال : جلس جماعة من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم يتذاكرون فتذاكروا أي الحروف أدخل في الكلام فأجمعوا على أن الألف أكثر دخولاً في الكلام من سائرها ، فقام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فخطب هذه الخطبة على البديهة وأسقط منها الألف وسماها الموقعة ، وقال : حمدت وعظمت من عظمت منته وسبغت نعمته ، وسبقت رحمته غضبه ، وتمت كلمته ، ونفذت مشيته ، وبلغت قضيته ، حمدته حمد عبد مقر بربوبيته ، متخضع لعبوديته ، متنصل لخطيئته معترف بتوحيده مؤمل من ربه ، مغفرة تنجيه يوم يشغل عن فصيلته وبنيه ويستعينه ويسترشده ويستهديه ، ويؤمن به ويتوكل عليه ، وشهدت له تشهد مخلص موقن ، وبعزته مؤمن ، وفردته تفريد مؤمن متقن ، ووحدت له توحيد عبد مذعن ، ليس له شريك في ملكه ، ولم يكن له ولي في صنعه ، جل عن شريك ووزير ، وعن عون ومعين ونظير ، عم فسرّ ، وبطن فجبر وملك

٢٨٩

فقهر ، وعصى فغفر ، وحكم فعدل ، لم يزل ولن يزول ، ليس كمثله شيء وهو قبل كل شيء وبعد كل شيء ، رب منفرد بعزته ، متمكن بقوته ، متقدس بعلوه ، متكبر بسموه ، ليس يدركه بصر ، وليس يحيط به نظر ، قوي معين منيع ، عليم سميع ، بصير رؤف ، رحيم عطوف ، عجز عن وصفه من يصفه وضل عن نعته من يعرفه ، قرب فبعد ، وبعد فقرب ، يجيب دعوة من يدعوه ويرزقه ويحبوه ، ذو لطف خفي ، وبطش قوي ، ورحمة موسعة ، وعقوبة موجعة ، رحمته جنة عريضة مونقة ، وعقوبته جحيم ممدودة موبقة ، وشهدت ببعثة محمد عبده ورسوله وصفيه ، ونبيه وحبيبه وخليله ، صلىّ عليه صلاة تحظيه ، وتزدلفه وتعليه ، وتقربه وتدنيه ، بعثه في خير عصر ، وحين فترة وكفر ، رحمة منه لعبيده ، ومنة لمزيده ، ختم به نبوته ، ووضح به حجته فوعظ ونصح ، وبلغ وكدح ، رؤف بكل مؤمن رحيم سخي ، رضي ولي زكي ، عليه رحمة وتسليم وبركة وتكريم ، من رب غفور رحيم ، قريب مجيب وصيتكم معشر من حضرني بوصية ربكم ، وذكرتكم سنة نبيكم ، فعليكم برهبة تسكن قلوبكم ، وخشية تذري دموعكم ، ونقية تنجيكم قبل يوم يذهلكم ويبلدكم يوم يفوز فيه من ثقل وزن حسنته ، وخف وزن سيئته ، ولتكن مسألتكم وتملقكم مسألة ذل وخضوع ، وشكر وخشوع ، وتوبة ونزوع ، وندم ورجوع ، وليغتنم كل مغتنم منكم صحته قبل سقمه ، وشبيبته قبل هرمة ، وكبره وسعته قبل فقره ، وفرغته قبل شغله ، وحضره قبل سفره ، قبل يكبر فيهرم ويمرض ويسقم ، ويمله طبيبه ، ويعرض عنه حبيبه ، وينقطع عمره ويتغير عقله ، ثم قيل هو موعوك ، وجسمه منهوك ، ثم جد في نزع شديد ، وحضره كل حبيب قريب وبعيد ، فشخص ببصره وطمح بنظره ، ورشح جبينه وخطف عرنينه ، وسكن حنينه ، وجذبت نفسه ، وبكته عرسه ، وحفر رمسه ، ويُتم منه ولده ، وتفرق عنه صديقه وعدوه ، وقسم جمعه ، وذهب بصره وسمعه ، وكفن ومدد ، ووجّه وجرد ، وغسل وعرّى ، ونشف وسجى ، وبسط وهيء ، ونشر عليه كفنه ، وشد منه ذقنه ، وقمص منه وعمم وودع وعليه سلم ، وحمل فوق سريره ، وصلى عليه بتكبيره ، ونقل

٢٩٠

من دور مزخوفة ، وقصور مشيدة ، وحجر منجدة ، فجعل في ضريح ملحود ، ضيق موسود ، بلبن منضود ، مسقف بجلمود ، وهيل عليه عفره ، وحثي مدره فتحقق حذره ، ونسي خبره ، ورجع عنه وليه وصفيه ، ونديمه ونسيبه وتبدل به قرينه وحبيبه ، فهو حشو قبر ، ورهين قفر ، يسعى في جسمه دود قبره ، ويسيل صديده على صدره ونحره ، وتستحق تربته لحمه ، وتنشف دمه ويرم عظمه ، حتى يوم حشره ، فينشر من قبره ، وينفخ في صوره ، ويدعى لحشره ونشوره ، فثم بعثرت قبور ، وحصلت سريرة صدور ، وجيء بكل نبي وصديق وشهيد ، وقصد للفصل بعبده خبير بصير ، فكم زفرة تغنيه ، وحسرة تفضيه ، في موقف مهيل ، ومشهد جليل ، بين يدى ملك عظيم ، بكل صغيرة وكبيرة عليم ، حينئذٍ يلجمه عرقه ، ويحفز قلقه ، عبرته غير مرحومة وضرعته غير مسموعة ، وحجته غير مقبولة ، تنشر صحيفته ، وتبين جريرته حين نظر في سوء عمله ، وشهدت عينه بنظره ، ويده ببطشه ، ورجله بخطوه وفرجه بلمسه ، وجلده بمسه ، وتهدده منكر ونكير ، فكشف له عن حنث يسير ، فسلسل جيده ، وغلغل يده ، وسيق بسحب وحدّة ، فورد جهنم بكرب وشدة ، فظل يعذب في جحيم ، ويسقى شربة من حميم ، يشوى وجهه ويسلخ جلده ، يضربه ملك بمقمع من حديد ، يعود جلده بعد نضجه كجلد جديد ، فيستغيث فيعرض عنه خزنة جهنم ، ويستصرخ فلم يجب ، ندم حيث لم ينفعه ندم ، فيلبث حقبة ، نعوذ برب قدير ، من شر كل مصير ، ونسأله عفو من رضي عنه ، ومغفرة من قبل منه ، فهو ولي مسألتي ، ومنجح طلبتي فمن زحزح عن تعذيب ربه ، جعل في جنته بقربه ، وخلد في قصور مشيدة وملك حور عين وحفدة ، وطيف عليه بكؤس ، وسكن حظيرة قدس في فردوس ، وتقلب في نعيم ، وسقى من تسنيم ، وشرب من عين سلسبيل قد مزج بزنجبيل ، ختم بمسك وعنبر ، مستديم للملك مستشعر ، للشعور يشرب من خمور ، في روض مغدق ليس ينزف في شربه ، هذه منزلة من خشى ربه ، وحذر نفسه ، وتلك عقوبة من عصى منشيه ، وسولت له نفسه معصيته لهو قول فصل ، وحكم عدل ، خير قصص قص ، ووعظ

٢٩١

نص ، تنزيل من حكيم حميد نزل به روح قدس مبين من عند رب كريم ، عن قلب نبي مهتد رشيد صلت عليه سفرة ، مكرمون بررة ، وعذت برب عليم حكيم ، قدير رحيم من شر عدو لعين رجيم ، يتضرع متضرعكم ، ويبتهل مبتهلكم ، ونستغفر رب كل مربوب لي ولكم (ثم قرأ) بسم اللّه الرحمن الرحيم تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين ثم نزل عليه السلام.

[أقول] المراد من الألف الذي قد أسقطه أمير المؤمنين عليه السّلام في هذه الخطبة المباركة هو الحرف المعروف الذي لا يقبل الحركة كما في غزا ورجا ونحوهما لا الهمزة القابلة للحركة كما في جيء وسيء ونحوهما ، وإلا فجملة من كلمات الخطبة مشتملة على الهمزة كما في خطيئته وسيئته ومؤمل ويؤمن ومؤمن وشيء ورؤف ومسألة وكؤس ونحو ذلك ، فلا تغفل.

٢٩٢

بابٌ

في دعاء النبي (ص) لعلي (ع)

حين بعثه إلى اليمن قاضيا

[صحيح ابن ماجة في باب ذكر القضاء ص ١٦٨] روى بسنده عن أبي البختري عن علي عليه السلام قال : بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم إلى اليمن فقلت : يا رسول اللّه تبعثنى وأنا شاب أقضي بينهم ولا أدري بالقضاء ، قال : فضرب بيده في صدري ثم قال : اللهم اهد قلبه وثبت لسانه ، قال : فما شككت بعد في قضاء بين اثنين.

[أقول] ورواه أبو داود أيضاً في صحيحه في كتاب الأقضية في باب كيف القضاء ، والحاكم أيضاً في مستدرك الصحيحين (ج ٣ ص ١٣٥ وج ٤ ص ٨٨) ، والنسائي أيضاً في خصائصه (ص ١١) بطرق سبعة ، وأحمد بن حنبل أيضاً في مسنده (ج ١ ص ٨٣ وص ٨٨ وص ١١١ وص ١٣٦ وص ١٤٩) بطريقين (وص ١٥٦) ، وأبو داود الطيالسى أيضاً في مسنده (ج ١ ص ١٦ وص ١٩) ، والبيهقي أيضاً في سننه (ج ١٠ ص ٨٦) بطريقين ، وأبو نعيم أيضاً في حليته (ج ٤ ص ٣٨١) ، والخطيب البغدادي أيضاً في تاريخ بغداد (ج ١٢ ص ٤٤٣) ، وابن سعد أيضاً في طبقاته (ج ٢ القسم ٢ ص ١٠٠) بطريقين (وص ١٠١) بطريق واحد ، وابن الأثير أيضاً فى

٢٩٣

أُسد الغابة (ج ٤ ص ٢٢) ، وذكره المتقي أيضاً في كنز العمال (ج ٦ ص ١٥٨) وقال : أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (وفي ص ٣٩٢) وقال : أخرجه ابن جرير (وفي ص ٣٩٤) وقال : أخرجه ابن سعد وابن أبي شيبة والبيهقي في الدلائل (وفي ص ٣٩٥) وقال : أخرجه العدنى والمروزى وأبو يعلى والبيهقي والدورقي وسعيد بن منصور وابن جرير ، وصححه (وفي ص ٣٩٥) ثانياً وقال : أخرجه العدني وأبو يعلى وابن جرير وابن حبان والبيهقي ، وذكره المحب الطبري أيضاً في الرياض النضرة (ج ٢ ص ١٩٨) وقال : أخرجه الاسماعيلي والحاكمي.

[السيوطى في الدر المنثور] في ذيل تفسير قوله تعالى : (بَرٰاءَةٌ مِنَ اَللّٰهِ وَرَسُولِهِ) ، قال : وأخرج أبو الشيخ عن علي عليه السلام قال : بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم إلى اليمن ببراءة فقلت : يا رسول اللّه تبعثني وأنا غلام حديث السن وأسأل عن القضاء ولا أدري ما أجيب ، قال : ما بد من أن تذهب بها أو أذهب بها ، قلت : إن كان لابد أنا أذهب ، قال : أنطلق فان اللّه يثبت لسانك ويهدي قلبك ، ثم قال : انطلق فاقرأها على الناس.

٢٩٤

بابٌ

في اسلام همذان على يدي علي (ع)

[ذخائر العقبى للمحب الطبري ص ١٠٩] قال : عن البراء بن عازب قال : بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام وكنت فيمن سار معهم ، فأقام عليهم ستة أشهر لا يجيبونه إلى شيء ، فبعث النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم إلى علي بن أبي طالب عليه السّلام وأمره أن يرسل خالداً ومن معه إلا من أراد البقاء مع علي عليه السلام فيتركه قال البراء : وكنت فيمن عقب مع علي عليه السلام فلما انتهينا إلى أوائل اليمن بلغ القوم الخبر فجمعوا له فصلى بنا الفجر فلما فرغ صفنا صفاً واحداً ثم تقدم بين أيدينا فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم قرأ عليهم كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فأسلمت همذان كلها في يوم واحد ، وكتب بذلك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فلما قرأ كتابه خرّ ساجداً وقال : السلام على همذان السلام على همذان ، قال المحب : أخرجه أبو عمر (اقول) وذكره العسقلاني أيضاً في فتح الباري ج ٩ ص ١٢٨ وقال أورده الاسماعيلي.

٢٩٥

بابٌ

في إن علياً (ع) أقضى الناس

[صحيح البخاري في كتاب التفسير] في باب قوله تعالى :(ما ننسخ من آية أو ننسها) ، روى بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس حديثاً قال فيه : قال عمر : وأقضانا على ، الحديث (أقول) ورواه الحاكم أيضاً في مستدركه (ج ٣ ص ٣٠٥) وأحمد بن حنبل أيضاً في مسنده (ج ٥ ص ١١٣) بطرق ثلاثة ، وأبو نعيم أيضاً في حليته (ج ١ ص ٦٥) ونسبه السيوطي أيضاً في الدر المنثور ـ في ذيل تفسير قوله تعالى : (مٰا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهٰا) في سورة البقرة ـ إلى النسائي وابن الأنباري في المصاحف ، والبيهقي في الدلائل.

[صحيح ابن ماجة في باب فضائل أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه) وآله (وسلم ص ١٤] روى حديثاً بسندين عن أنس بن مالك قال فيه : إنه قال ـ أي النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم ـ وأقضاهم علي بن أبي طالب.

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٣٥] روى بسنده عن علقمة عن عبد اللّه ـ يعني ابن مسعود ـ قال : كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة عليٌ ابن أبى

٢٩٦

طالب عليه السلام ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين. (أقول) ورواه ابن سعد أيضاً في طبقاته (ج ٢ القسم ٢ ص ١٠٢) بطريقين وابن الأثير أيضاً في أُسد الغابة (ج ٤ ص ٢٢) وابن عبد البر أيضاً في استيعابه (ج ٢ ص ٤٦١ وص ٤٦٢) وذكره ابن حجر أيضاً في صواعقه (ص ٧٦) والشبلنجي في نور الأبصار (ص ٧٣) وقالا : أخرج ابن عساكر عن ابن مسعود قال : أفرض أهل المدينة وأقضاها علي (وذكره العسقلاني) أيضاً في فتح الباري ج ٩ ص ٢٣٤ وقال رواه البزار.

[طبقات ابن سعد ج ٢ القسم ٢ ص ١٠٢] روى بسنده عن أبي هريرة قال : قال عمر بن الخطاب : علي أقضانا.

[الاستيعاب لابن عبد البر ج ١ ص ٨] روى فيه حديثاً عن النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم بطرق متعددة فيه : وأقضاها علي ـ أي وأقضى الأمة ـ وروى حديثاً آخر عن الحسن عن النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فيه : علي أقضى أمتي ، وروى حديثاً ثالثاً عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم فيه : أقضاهم علي بن أبي طالب ، ثم قال ابن عبد البر وروى عن عمر من وجوه : عليٌ أقضانا.

[الاستيعاب أيضاً ج ٢ ص ٤٦١] روى بسنده عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى ، قال : قال عمر : علي أقضانا ، وروى أيضاً عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال : قال عمر : علي أقضانا ، (أقول) وذكره (في ص ٤٦٢) أيضاً (العسقلاني) في فتح الباري ج ٩ ص ٢٣٣ قال اخرج البغوي عن انس رفعه اقضى أمتي علي بن أبي طالب (ع).

[سنن البيهقي ج ١٠ ص ٢٦٩] روى بسنده عن رقبة قال : خرج يزيد بن أبي مسلم من عند الحجاج فقال : لقد قضى الأمير فقال له الشعبي : وما هي؟ فقال : ما كان للرجل فهو للرجل وما كان للنساء فهو للمرأة ، فقال

٢٩٧

الشعبى : قضاء رجل من أهل بدر ، قال : ومن هو؟ قال : لا أخبرك ، قال : من هو؟ على عهد اللّه وميثاقه أن لا أخبره ، قال : هو علي بن أبي طالب قال : فدخل على الحجاج فأخبره ، فقال الحجاج : صدق ، ويحك إنا لم ننقم على علي قضاءه ، قد علمنا أن علياً كان أقضاهم.

[حلية الأولياء لأبي نعيم ج ١ ص ٦٥] روى بسنده عن معاذ بن جبل قال : قال النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم : يا على أخصمك بالنبوة ولا نبوة بعدي ، وتخصم الناس بسبع ولا يحاجك فيها أحد من قريش ، أنت أولهم إيماناً باللّه ، وأوفاهم بعهد اللّه ، وأقومهم بأمر اللّه ، وأقسمهم بالسوية وأعدلهم في الرعية ، وأبصرهم بالقضية ، وأعظمهم عند اللّه مزية (أقول) وذكره المحب الطبري أيضاً في الرياض النضرة (ج ٢ ص ١٩٨) ثم قال : أخرجه الحاكمى.

[حلية الأولياء لأبي نعيم ج ١ ص ٦٦] روى بسنده عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم لعلي عليه السلام ـ وضرب بين كتفيه ـ : يا على لك سبع خصال لا يحاجك فيهن أحد يوم القيامة ، أنت أول المؤمنين باللّه إيماناً ، وأوفاهم بعهد اللّه ، وأقومهم بأمر اللّه وأرأفهم بالرعية ، وأقسمهم بالسوية ، وأعلمهم بالقضية ، وأعظمهم مزية يوم القيامة.

[الهيثمي في مجمعه ج ٩ ص ١٦٥] قال : وعن علي الهلالي عن أبيه قال : دخلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم في شكاته التي قبض فيها فاذا فاطمة سلام اللّه عليها عند رأسه ، فبكت حتى ارتفع صوتها ، فرفع رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم طرفه اليها فقال : حبيبتى فاطمة ما الذي يبكيك؟ فقالت : أخشى الضيعة بعدك ، فقال : يا حبيبتي أما علمت أن اللّه عز وجل اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته ، ثم اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختار منها بعلك؟ (وساق الحديث) وقد تقدم تمامه في باب : علي وصي النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم (ص ٢٩) ، إلى

٢٩٨

أن قال : وزوجتك زوجاً وهو أشرف أهل بيتك حسباً ، وأكرمهم منصباً وأرحمهم بالرعية ، وأعدلهم بالسوية ، وأبصرهم بالقضية (الحديث) قال : رواه الطبراني في الكبير والأوسط.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ١٩٨] وذخائر العقبى (ص ٨٣) قال فيهما عن أنس عن النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم إنه قال : أقضى أمتي علي ، قال : أخرجه في المصابيح في الحسان.

[الرياض النضرة أيضاً ج ٢ ص ١٩٨] قال : وعن عمر بن الخطاب قال : أقضانا علي بن أبي طالب ، قال : أخرجه السلفى.

[مرقاة المفاتيح لعلى بن سلطان ج ٥ ص ٥٨٢] في المتن قال : وروى عن معمر عن قتادة مرسلاً وفيه : وأقضاهم علي عليه السلام.

٢٩٩

بابٌ

في شيء من قضاء علي (ع)

[صحيح النسائي ج ٢ ص ١٠٨] في باب القرعة في الولد إذا تنازعوا روى بسنده عن زيد بن أرقم قال : كنت عند النبي صلى اللّه عليه (وآله) وسلم وعلي عليه السلام يومئذٍ باليمن ، فأتاه رجل فقال : شهدت علياً أتى في ثلاثة نفر ادعوا ولد امرأة ، فقال علي عليه السلام لأحدهم : تدعه لهذا فأبى وقال لهذا : تدعه لهذا فأبى ، وقال لهذا : تدعه لهذا فأبى ، قال علي عليه السلام أنتم شركاء متشاكسون وسأقرع بينكم فأيكم أصابته القرعة فهو له وعليه ثلثا الدية ، فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه (وآله) وسلم حتى بدت نواجذه (أقول) ثم رواه بأربعة طرق أخرى ، ورواه ابن ماجة أيضاً في صحيحه في باب ذكر القضاء (ص ١٧١) وقال فيه : فسأل اثنين فقال : أتقران لهذا بالولد؟ فقالا : لا ، ثم سأل اثنين فقال : أتقران لهذا بالولد؟ فقالا : لا فجعل كلما سأل اثنين أتقران لهذا بالولد قالا : لا ، فأقرع بينهم (الخ) ، ورواه أبو داود أيضاً في صحيحه (ج ١٤ ص ٢٢٢) بطريقين قال : في أحدهما يختصمون اليه في ولد وقد وقعوا على امرأة في طهر واحد ، ورواه الحاكم أيضاً في مستدرك الصحيحين (ج ٣ ص ١٣٥ وفي ص ١٣٦)

٣٠٠