الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


المحقق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-541-5
الصفحات: ٤٢٩

يدي الميّت قبل الغسل إلى نصف الذراع كما يغتسل من الجنابة ، رواه يونس (١) في حديثه الطويل.

( وتجفيفه ) بعد الغسل وقبل التكفين بثوب ( صونا للكفن ، واغتساله ) أي اغتسال الغاسل( قبل تكفينه ) وإن لم يكن عليه غسل المسّ ( أو الوضوء إن خاف عليه ) الضرر لو اغتسل ( فإن تعذّر ) الوضوء ( غسل يديه إلى المرفقين. وتغسيل الميّت جنبا مرّتين ) للأمر به في بعض الأخبار (٢) المحمول على الندب جمعا ، وإلّا فإنّ غسل الجنابة يسقط بالموت ، لسقوط التكليف ، خصوصا إذا قلنا بوجوبه لغيره كما هو الأقوى ، لسقوط العبادة عنه.

( ويكره للجنب وشبهه ) الغسل ( بمشمّس ) من الماء في الآنية وإن لم يقصده أو زالت السخونة ، وكذا يكره مطلق الاستعمال ( وبسؤر المكروه ) أكله كالخيل والبغال والحمير أو المكروه سؤره ، فتدخل الفأرة والوزغة ، بل الحائض المتّهمة ونحوها ، إلّا أنّ العبارة تصير مجملة.

ويمكن أن يكون ذلك من باب إضافة الموصوف إلى صفته كمسجد الجامع ، أي سؤر المكروه.

( والارتماس في كثير الراكد احتياطا ) قال المفيد رحمه‌الله : « لا ينبغي الارتماس في الماء الراكد ، فإنّه إن كان قليلا أفسده ، وإن كان كثيرا خالف السنّة بالاغتسال فيه » (٣).

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « لا يبولنّ أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من جنابة » (٤).

وحمله في المعتبر (٥) على الكراهة ، تنزيها عما تعافه النفس ، أو على التعبّد

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ١٤١ ، كتاب الجنائز ، ح ٥.

(٢) « تهذيب الأحكام » ١ : ٤٣٣ ـ ١٣٨٧ ـ ١٣٨٨.

(٣) « المقنعة » ٥٤.

(٤) « كنز العمّال » ٩ : ٣٥٥ ـ ٢٦٤٢٢.

(٥) « المعتبر » ١ : ٤٥.

٨١

المحض ، وربّما كان ذلك دليلا على سلب الطهوريّة كما ذهب إليه بعض الأصحاب (١) والعامّة (٢).

( والمستعمل في فرض أو سنّة ) من وضوء أو غسل ، أمّا مع كونه رافعا لحدث أكبر : فللنهي عنه (٣) ـ الذي أقلّ مراتبه الكراهة ـ وللخروج من خلاف من (٤) سلبه الطهوريّة إن كان قليلا ، وأمّا غيره فلم نقف على مأخذه.

نعم نقل المصنّف (٥) عن المفيد (٦) كراهة المستعمل في الوضوء ساكتا عليه ، فهو يشعر بالتمريض ، وعدم العلم بالمأخذ. ويتحقّق كون الماء مستعملا بانفصاله عن البدن ، وفي الارتماس عند تمامه وإن لم ينفصل عنه ، فيصير مستعملا بالنسبة إلى غيره.

( والادّهان ) ، لخبر حريز عن الصادق عليه‌السلام ، قلت : الجنب يدّهن ثمّ يغتسل؟ قال : « لا » (٧).

( والخضاب ) ، للنهي عنه في الأخبار (٨) المحمولة على الكراهة جمعا ، وعلّل في رواية أبي بصير بخوف الشيطان على الحائض (٩).

( ومسّ غير الكتابة من المصحف ) كهامشه وبين سطوره حتّى جلده وخيطه ( وحمله ) وتعليقه ، وكذا يكره ذلك للمحدث حدثا أصغر ، لنهي الكاظم (١٠) عليه‌السلام عنه ، وتلا قوله ( لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) وحمل على الكراهة توفيقا.

__________________

(١) « المبسوط » ١ : ١١.

(٢) « المبسوط » للسرخسي ١ : ٩٤ ، « المغني » ١ : ٢٢.

(٣) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٢١ ـ ٦٣٠.

(٤) انظر : الهامشين : (١ و ٢) المتقدّمين.

(٥) « الذكرى » ١٢ ، وفي « الدروس » ١ : ١٢٢ نقل عنه استحباب التنزّه عنه.

(٦) « المقنعة » ٦٤.

(٧) « تهذيب الأحكام » ١ : ١٢٩ ـ ٣٥٥.

(٨) « تهذيب الأحكام » ١ : ١٨١ ـ ٥١٧ وما بعدها.

(٩) « تهذيب الأحكام » ١ : ١٨١ ـ ٥٢٠ وما بعدها.

(١٠) « تهذيب الأحكام » ١ : ١٢٧ ـ ٣٤٤.

« الواقعة » ٥٦ : ٧٩.

« نهاية الإحكام » ١ : ١٠٥ ، الأمر الثامن.

٨٢

( وقراءة غير ) سور( العزائم ) الأربع من القرآن ، للنهي (١) عنه ( إلّا سبع آيات للجنب خاصّة ) فإنّها غير مكروهة ، لأنّها مستثناة له في بعض الأخبار (٢) ، وأمّا سور العزائم وأبعاضها ـ حتّى البسملة إذا قصدها لإحداها ـ فمحرّمة على الجميع إجماعا (٣).

( ويختصّ ) الجنب ( بكراهة الأكل والشرب ) قبل الغسل ( إلّا بعد غسل اليدين والوجه والمضمضة والاستنشاق ) فتزول الكراهة حينئذ ، لرواية زرارة عن الباقر (٤) عليه‌السلام ، والمشهور (٥) : المضمضة والاستنشاق خاصّة.

وفي بعض الأخبار : « حتّى يتوضّأ » (٦) ، ولو أكل بدون ذلك خيف عليه البرص ، وروي « أنّ الأكل على الجنابة يورث الفقر » (٧).

( والنوم إلّا بعد الوضوء ) ، للخبر (٨) ، وليس هذا تكرار لما سلف من استحباب الوضوء لنوم الجنب ، بل للنوم مطلقا ، لأنّ الاستحباب لا يقتضي كراهة تركه في اصطلاحهم (٩) ، وإنّما هو خلاف الأولى ، والمكروه ما نصّ على مرجوحيّته على وجه لا يمنع من النقيض.

( ودخول المستحاضة المسجد ) وإن لبثت فيه ، لرواية زرارة عن الباقر (١٠) عليه‌السلام ( وخصوصا الكعبة ) بل حرّم ابن حمزة عليها دخولها ، وإنّما يكره ( مع أمن التلويث ) وبدونه يحرم ، وكذا يكره للحائض والجنب الاجتياز حيث يجوز معه.

__________________

(١) « الخصال » ٢ : ٣٥٧ ـ ٤٢ ، « الفقيه » ٣ : ٣٥٩ ـ ١٧١٢.

(٢) « تهذيب الأحكام » ١ : ١٢٨ ـ ٣٥٠.

(٣) « الذكرى » ٢٣.

(٤) « الكافي » ٣ : ٥٠ باب الجنب يأكل. ح ١.

(٥) « المبسوط » ١ : ٢٩ ، « شرائع الإسلام » ١ : ٣٠ ، « الدروس » ١ : ٩٦ ، « تذكرة الفقهاء » ١ : ٢٤٢ ، ذيل المسألة : ٧١.

(٦) « الفقيه » ١ : ٤٧ ـ ١٨١ ، « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٧٢ ـ ١١٣٧.

(٧) « الفقيه » ٤ : ٢ ـ ١.

(٨) « الفقيه » ١ : ٤٧ ـ ١٧٩.

(٩) « معارج الأصول » ٤٨.

(١٠) « تهذيب الأحكام » ١ : ١٧٩ ـ ٥١٤.

« الوسيلة » ٦١.

٨٣

( وغسل الميّت تحت السماء اختيارا ) روي ذلك عن الصادق (١) عليه‌السلام.

قيل (٢) : ولعلّ ذلك لكراهة مقابلة السماء بعورته.

( وب ) الماء ( المسخّن بالنار ) لنهي الصادق (٣) عليه‌السلام عنه ، ولاستدعائه إرخاء الميّت وإعداده لخروج النجاسة منه ، وللتفأّل بالحميم ( إلّا لضرورة ) إلى المسخّن كما لو كان البرد شديدا يشقّ على الغاسل فلا يكره.

وفي الحديث : « توقي الميّت في البرد كما توقي نفسك » (٤). وحينئذ فيقتصر على ما يدفع الضرورة من السخونة ويكره الزائد.

( وغمز بطنه في ) الغسلة ( الثالثة و ) غمز ( بطن الحبلى ) التي مات ولدها ( مطلقا ) في الثالثة وغيرها ، للخبر (٥) ، وللخوف من الإجهاض ( وركوبه ) بأن يجعله بين رجليه ( وقصّ أظفاره وترجيل شعره ) وهو تسريحه.

وحرّمهما الشيخ مدّعيا الإجماع (٦) ، وكذا قال في تنظيف أظفاره من الوسخ (٧) ، والمشهور الكراهة (٨) ، فإنّ فعل دفن ما ينفصل من الشعر والأظفار معه وجوبا ( وإدخال الماء أذنيه ومنخريه وإرسال الماء في الكنيف ) وهو الموضع المعدّ لقضاء الحاجة.

[ المقدّمة ] ( الرابعة : )

( يستحبّ التيمّم لما يستحبّ له الوضوء الحقيقي ) وهو المبيح للصلاة ونحوها سواء كان واجبا أم مندوبا ( عند تعذّره ) أي تعذّر الوضوء المذكور ( وللإحرام عند تعذّر الغسل )

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ١ : ٤٣٢ ـ ١٣٨٠.

(٢) « تذكرة الفقهاء » ١ : ٣٤٦ ، المسألة : ١١٨.

(٣) « الكافي » ٣ : ١٤٧ باب كراهية تجمير. ح ٢.

(٤) « الفقيه » ١ : ٨٦ ـ ٣٩٨.

(٥) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٠٢ ـ ٨٨٠.

(٦) « الخلاف » ١ : ٦٩٤ ، المسألة : ٤٧٥ ، ٤٧٨.

(٧) « الخلاف » ١ : ٦٩٥ ، المسألة : ٤٧٨.

(٨) « المعتبر » ١ : ٢٧٨ ، « قواعد الأحكام » ١ : ٢٢٥ ، « تذكرة الفقهاء » ١ : ٣٨٧ ، المسألة : ١٥٠ ، « الدروس » ١ : ١٠٦.

٨٤

ذكره الشيخ (١) وتبعه عليه جماعة (٢) ، والمصنّف في باقي كتبه (٣) ، نسبه إلى الشيخ (٤) ، لعدم العلم بمأخذه.

( وربّما قيل باطّراده في مواضع استحباب الوضوء والغسل ) وإن لم يكن الوضوء رافعا ولا مبيحا ، والغسل غسل الإحرام ، لأنّ قيامه مقام الرافع يفيد أولوية قيامه مقام غيره ، ووجه العدم فقد النص ومنع الأولويّة وبطلان القياس.

( و ) يستحبّ أيضا ( للجنازة ) أي لصلاتها ( والنوم ولو مع إمكان الطهر فيهما ).

وقيّد بعض الأصحاب (٥) الأوّل بخوف فوت الصلاة لو توضّأ ، والمشهور الإطلاق (٦). ويختصّ الثاني بعدم اشتراطه بالأرض ، بل يجوز على ما حضره من الوحل ، للرواية (٧).

وهل ينوي فيهما البدليّة كغيرهما؟ يحتمله ، لأنّ وضع التيمّم على البدليّة ، ولا منافاة بين كونه بدلا وجوازه مع إمكان المبدل. وعدمه ، لأنّ المفهوم من البدل في نظائره توقّفه على تعذّر المبدل ، والفرض انتفاؤه ، فيكون عبادة مستقلّة.

( و ) يستحبّ ( تجديده بحسب الصلاة ) ، حملا للأمر به في بعض (٨) الأخبار على الندب.

[ سنن التيمّم ]

( والسنن ثمانية عشر ) ـ كذا بخطّ المصنّف ـ وكان الأولى تأنيث العدد بإعطاء تاء

__________________

(١) « المبسوط » ١ : ٣١٤.

(٢) منهم ابن البرّاج في « المهذّب » ١ : ٢١٩.

(٣) « الدروس » ١ : ٣٤٣ ، « الذكرى » ١١٠ ، « البيان » ٨٧.

(٤) « المبسوط » ١ : ٣١٤.

(٥) « المعتبر » ١ : ٤٠٥.

(٦) « المعتبر » ١ : ٤٠٣.

(٧) « الاستبصار » ١ : ١٥٦ ـ ٥٣٧.

(٨) « الكافي » ٣ : ١٧٨ باب من يصلّي على الجنازة. ح ٥.

٨٥

الثمانية للعشر ـ :

( تأخيره ) إلى آخر الوقت ( في صورة جوازه مع السعة ) إمّا مطلقا كما ذهب إليه الصدوق (١) ، أو مع عدم الرجاء كما هو المشهور (٢) بين المتأخّرين ، أو مع استدامة التيمّم وإن قلنا بالمضايقة على أصحّ القولين.

( وقصد الربى ) جمع رابية ، وهو ما ارتفع من الأرض ( والعوالي ) عطف تفسير ، وعلّل الاستحباب ببعدهما عن النجاسة.

( والتراب الخالص ) دون الممتزج بغيره بحيث يستهلكه التراب ، ويطلق على المجموع اسم التراب ، ومنه السبخ ، لامتزاجه بشي‌ء من الملح.

( وتجنّب الإقامة في بلد يحوج إلى التيمّم ) غالبا ( في الأصحّ ) ، لصحيح محمّد بن مسلم ، عن أحدهما (٣) عليهما‌السلام ، وقيل : « يحرم » (٤).

وفي تعديته إلى سفر يحوج إلى التيمّم وجه ما لم يكن واجبا أو مضطرّا إليه ، فتنتفي الكراهة.

( و ) تجنّب ( الحجر ) في التيمّم مع إمكان التراب ( والرمل والسبخ ) وهو التراب النشّاش الذي يعلوه الملح.

ومنع بعض الأصحاب من الثلاثة مطلقا (٥).

وشرط الشيخ (٦) وجماعة (٧) في التيمّم بالحجر تعذّر التراب.

__________________

(١) وهو ظاهر إطلاق عبارته في « الهداية » ١٨ ، و « الأمالي » ٥١٥ ، لكنه قال في « المقنع » : « لا يتيمّم الرجل حتّى يكون في آخر الوقت » ، انظر : « المقنع والهداية » ٨.

(٢) « مختلف الشيعة » ١ : ٢٥٣ ، المسألة : ١٩١ ، وفي « القواعد » ١ : ٢٣٩ ذكر أن المشهور بين المتأخّرين هو القول بالتفصيل ، وهذا التفصيل نسب إلى ابن الجنيد ، واستجوده المحقق في « المعتبر » ١ : ٣٨٤ ، والشهيد في « اللمعة » ١ :

١٦٠ ، وقال في « جامع المقاصد » ١ : ٥٠٠ « هو ما عليه أكثر المتأخرين ».

(٣) « تهذيب الأحكام » ١ : ٤٠٥ ـ ١٢٧٠.

(٤) « لم نعثر على قائله في كتب الفريقين.

(٥) نقله في « مختلف الشيعة » ١ : ٢٦٠ ، المسألة : ١٩٤ ، عن ابن الجنيد ، وكذا عنه في « المعتبر » ١ : ٣٧٤.

(٦) « النهاية » ٤٩.

(٧) « السرائر » ١ : ١٣٧.

٨٦

( والمهابط ) ، لأنّها تقابل العوالي المسنونة ( ومظانّ النجاسة ) احتياطا ( وتراب القبر ) الجديد ، وهو المختلط منه بالميّت ما لم يعلم نجاسته كاختلاطه بالصديد ، لا باللحم والعظم مع استهلاكه ، لطهارتهما بالغسل إن كان.

( وتجديد الطلب بحسب الفرائض ) استظهارا ( ما لم يعلم العدم ) فإنّه يكون عبثا ( وتفريج الأصابع حال الضرب ) لتمكّن اليد من الصعيد ، وهذا يتمّ لو كان المضروب عليه ترابا ناعما وإلّا انتفت الفائدة.

( ونفض اليدين ) ، تأسيا بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّه نفض يديه (١). وفي رواية : « نفخ فيهما » (٢) ، والأخبار (٣) به كثيرة ، وزاد الشيخ (٤) رحمه‌الله على النفض مسح إحداهما بالأخرى.

( ومسح الأقطع رأس العضد ) لو قطعت من المفصل ، لسقوط محلّ الفرض ، فإنّ الزند ـ الذي هو الغاية ـ هو المفصل لا العظمان كما في المرفق.

( وإعادة ما صلّاه بالتيمّم عن الجنابة عمدا ) سواء تعمّد الجنابة حال عجزه عن المائية أم لا

( وعن زحام الجمعة ) المانع له من الخروج للطهارة المائية ( أو ) زحام ( عرفة و ) من على بدنه أو ثوبه ( نجاسة لا يمكن إزالتها ) لعدم الماء وعدم إمكان نزع الثوب فتيمّم وصلّى.

ووجه استحباب الإعادة في هذه المواضع ورود أخبار (٥) بها حتّى عمل بها بعض الأصحاب (٦) على وجه الوجوب ، والأقوى عدمه ، لضعف المستند ، أمّا السنّة فيمكن تأديها به ، للتسامح بدليلها.

__________________

(١) « سنن ابن ماجة » ١ : ١٨٩ ، ذيل ح ٥٧٠ باب ما جاء في التيمّم.

(٢) « سنن البيهقي » ١ : ٢٠٩ باب في كيفية التيمّم.

(٣) انظر : « تهذيب الأحكام » ١ : ٢١٢ ـ ٦١٤ ، « الاستبصار » ١ : ١٧١ ـ ٥٩٤.

(٤) « المبسوط » ١ : ٣٣.

(٥) انظر : « تهذيب الأحكام » ١ : ٤٠٧ ـ ١٢٧٩ ، ٢ : ٢٢٤ ـ ٨٨٦.

(٦) « المبسوط » ١ : ٣٠ ـ ٣١ ، « النهاية » ١ : ٤٦.

٨٧

[ المقدّمة ] ( الخامسة : سنن الإزالة )

( وهي أربعة وأربعون ) كذا بخطّه رحمه‌الله ، والأولى حذف التاء من أربعة.

( تثليث الغسل ) فيما لا يجب بلوغه الثلاث.

( والإزالة في ) الماء ( الكثير ) البالغ كرّا فصاعدا ( أو الجاري ) النابع إن لم يعتبر في عدم انفعاله بملاقاة النجاسة الكريّة كما هو المشهور ، وإلّا اعتبر فيه الكثرة.

( ونضح بول البعير والشاة ) وهو مرتبة دون الغسل والصبّ والرشّ على ما صرّح به العلّامة (١) ، ونقله عنه المصنّف في الذكرى (٢) ساكتا عليه ، والمراد بالنضح : إصابة الماء للمحلّ من غير غلبة ولا استيعاب ولا انفصال ، ويعتبر في الرشّ الأمر الثاني خاصّة ، وفي الصبّ الثالث ، وفي الغسل الرابع.

ومحلّ النضح شكّ النجاسة ، والمذي ، ومماسّة الكلب والخنزير والكافر يابسة ، والكلب ميّتا ، والفأرة الرطبة ، وبول الخيل والبغال والحمير ، وعرق الجنب ، وذو الجرح في المقعدة يجد الصفرة بعد الاستنجاء ، وما ذكره المصنّف ـ هنا ـ والشيخ (٣) عمّمه في كلّ نجاسة يابسة.

( وعصر بول الرضيع ) فإنّه يكفي صبّ الماء عليه من غير انفصال ، ولو عبر بالانفصال ونحوه كان أولى ليشمل ما لا يعصر كالبدن ( ورشّ الثوب الملاقي لليابس من النجاسات وخصوصا نجس العين ) والمشهور (٤) هنا النضح كما مرّ (٥).

( ومسح البدن الملاقي لذلك ) ، أي لليابس منها ( بالتراب وإزالة دون الدرهم

__________________

(١) « منتهى المطلب » ٣ : ٢٩٣ ، في أحكام النجاسات.

(٢) « الذكرى » ١٧.

(٣) « المبسوط » ١ : ٣٨ ، « النهاية » ٥٢.

(٤) « المبسوط » ١ : ٣٨ ، « منتهى المطلب » ٣ : ٢٩٣ ، وقال الشيخ حسن في « معالم الفقه » ٣٦٨ ـ بعد أن ذكر قول العلّامة في المنتهى والنهاية في استحباب النضح في موارد خمسة ـ : « وفي كلام بعض المتأخّرين ذكر الخمسة بلفظ الرشّ ، وهو بناء على الترادف ( أي ترادف النضح والرشّ ) كما هو المعروف ، إذ أكثر الأخبار وردت بالنضح. ».

(٥) مرّ آنفا.

٨٨

دما ) ، حملا للأمر بغسله في رواية المثنّى بن عبد السلام ، عن أبي عبد الله (١) عليه‌السلام على الاستحباب ، جمعا بينها وبين صحيح عبد الله بن أبي يعفور (٢) وغيرها (٣).

( وصبغ الثوب الملوّن بالدم بعد الغسل المزيل للعين بما ) أي بشي‌ء من الأصباغ ( يغيّر لونه والمشق ) بكسر الميم وإسكان الشين ـ وهو المغرة ـ بتحريك الغين المعجمة ـ ( أفضل ) ، للنصّ (٤) ، ولتزول صورته من النفس.

( وإزالة بول البغال والحمير والدوابّ ) وهي الخيل ( وروثها وذرق الدجاج غير الجلّال وسؤر آكل الجيف مع خلوّ الملاقي عن العين ) ، للأمر بالغسل منها في بعض الأخبار (٥) ، المحمول على الندب ، جمعا ، وللخروج من خلاف بعض الأصحاب (٦) القائل بنجاسة هذه الأشياء.

( وسؤر الحائض المتّهمة ) بعدم التحفّظ من النجاسة ، لنهي الصادق (٧) عليه‌السلام عن الوضوء بفضلها.

( ومن لا يتوقّى النجاسة ) وهو مرويّ في من أعار ثوبه لمن لا يتّقيها ، عن الصادق عليه‌السلام : « لا يصلّ فيه حتى يغسله » (٨) ( و ) سؤر ( الحيّة والفأرة والوزغة ) بالتحريك ـ ( والدجاجة ) مثلّثة الدال ـ ( والثعلب والأرنب والحشرات ) الأرضيّة.

( وعرق الجنب ) ، لأمر الصادق (٩) عليه‌السلام بغسل ثوبه ، المحمول على الندب ( وخصوصا ) الجنب ( من الحرام ) لحكم الشيخ بنجاسته (١٠) ، استنادا إلى رواية ضعيفة مع

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٥٥ ـ ٧٤١.

(٢) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٥٥ ـ ٧٤٠.

(٣) « الاستبصار » ١ : ١٧٦ ـ ٦١٢.

(٤) « الكافي » ٣ : ٥٩ باب الثوب يصيبه. ح ٦.

(٥) « الكافي » ٣ : ٥٧ باب أبوال الدواب. ح ٢ ، ٥ ، « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٦٤ ـ ٢٦٥ ـ ٧٧١ ، ٧٧٥.

(٦) « النهاية » ٥١ ، « مختلف الشيعة » ١ : ٢٩٩ المسألة : ٢٢١ ، عن ابن الجنيد.

(٧) « الكافي » ٣ : ١٠ باب الوضوء من سؤر. ح ١.

(٨) « الكافي » ٣ : ٤٠٥ باب الرجل يصلّي في الثوب. ح ٥.

(٩) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٧١ ـ ٧٩٩.

(١٠) « المبسوط » ١ : ٣٨.

٨٩

إمكان حملها على الندب كما مرّ (١).

( و ) عرق ( الحائض ) للأمر بغسل ثوبها منه في رواية إسحاق بن عمّار (٢) ، عن الصادق عليه‌السلام.

وفي المعتبر : « عرق الحائض والنفساء والمستحاضة طاهر إجماعا » (٣) ( و ) عرق ( الإبل الجلّالة ) لأمر (٤) الصادق عليه‌السلام بغسله ، المحمول على الندب ، وخروجا من خلاف من (٥) نجّسه ( ولعاب المسوخ ) خروجا من خلاف الشيخ (٦) بنجاستها ، لتحريم بيعها. وفيه منع التحريم والملازمة ، ولا أقلّ من استحباب اجتنابه.

( والدم المتخلّف في اللحم ) بعد ذبحه والقذف المعتاد ، وأولى منه المتخلّف في العروق.

( والقي‌ء ) لرواية (٧) عمّار بإزالته ، ونجّسه الشيخ (٨) ( والقيح والوسخ والحديد ) إذا باشره برطوبة ، لما روي من أنّه نجس وأمر من حلق شعره أو قصّ ظفره بالحديد أن يمسحه بالماء (٩).

( ولبن البنت في المشهور ) (١٠) للرواية عن عليّ عليه‌السلام ، الدالّة على غسل ما لاقاه ، المحمولة على الندب ، وقيل : إنّه نجس.

__________________

(١) مرّ آنفا.

(٢) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٧٠ ـ ٧٩٤.

(٣) « المعتبر » ١ : ٤١٥.

(٤) « الكافي » ٦ : ٢٥٠ باب النوادر ، ح ١.

(٥) « المقنعة » ٧١ ، « المبسوط » ١ : ٣٨.

(٦) « المبسوط » ٢ : ١٦٦.

(٧) ليس في رواية عمّار دلالة على استحباب إزالة القي‌ء ، فإنّه سأل الإمام عليه‌السلام عن القي‌ء يصيب الثوب فلا يغسل ، فقال له الإمام : لا بأس به ، « الفقيه » ١ : ٧ ـ ٨ ، وذكرها في « مدارك الأحكام » ٢ : ٢٨٣ كمؤيّد لدليل أصل الطهارة.

(٨) لم نعثر على قول للشيخ بنجاسة القي‌ء ، وإنّما نسب في « المبسوط » ١ : ٣٨ القول بنجاسته إلى الأصحاب.

(٩) « تهذيب الأحكام » ١ : ٤٢٥ ـ ٤٢٦ ـ ١٣٥٣.

(١٠) « مختلف الشيعة » ١ : ٣٠٢ المسألة : ٢٢٣ ، قال : « والحقّ عندي ما ذهب إليه الأكثر من طهارته ».

« الفقيه » ١ : ٤٠ ـ ١٥٧ ، « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٥٠ ـ ٧١٨.

نقله العلّامة عن ابن الجنيد ، انظر « مختلف الشيعة » ١ : ٣٠٢ ، المسألة : ٢٢٣.

٩٠

( وطين الطريق ) الذي لا يعلم نجاسته ( بعد ثلاثة ) أيّام من انقطاع المطر ، أمّا قبله فلا يستحبّ التطهير منه.

وألحق العلّامة في النهاية (١) بيقين النجاسة فيه غلبة الظنّ بها ( والإزالة بما كره به الطهارة ) من الماء كالمسخّن والآجن والكبريتي. والمقصود ترك الإزالة بما يكره به الطهارة ، وفي عطف هذه الجملة على ما قبلها التفات إلى المعنى. ( والنضح عند الشكّ في النجاسة ) فإنّ استحباب إزالة المذكورات يرجع إلى كراهة الصلاة بها بوجه.

( واستعمال المغسول العددي بعد الجفاف ) ليحترز عن الأجزاء المتخلّفة فيه بعد العصر وما في حكمه ، فإنّها ماء قليل لاقى النجاسة ، والعفو عنه ، للحرج ، حتّى ذهب بعض (٢) الأصحاب إلى أنّ المتخلّف من الماء نجس وإن كمل العدد ، فلو بالغ مبالغ في إخراجه فالخارج نجس وإن كان قد اكتفى بما سبق. وحكم بطهره لو لم يبالغ.

( وغسل المذي ) للأمر بغسل الثوب منه في رواية الحسين بن أبي العلاء (٣) ، عن الصادق عليه‌السلام. ونجّسه ابن الجنيد (٤) إذا خرج عقيب الشهوة ، للرواية (٥).

( والوذي ) ضبطه المصنّف ـ بالمعجمة ـ وهو الخارج عقيب المني ، ولا نعلم وجه استحباب غسله ، ولكن روى ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « أنّ في الودي ـ بالمهملة ـ الوضوء ، لأنّه يخرج من دريرة البول » (٦) ، وأشار بالعلّة إلى أنّه إمّا بول أو مخالط له ، فلعلّ ذلك آت في الوذي ـ بالمعجمة ـ بالنسبة إلى المني ، أو يكون المراد : الودي بالمهملة ، والمنقّطة وقعت سهوا.

( وغسل ثوب ذي القروح كلّ يوم مرّة ) ، لمقطوعة سماعة : « لا يغسل ثوبه كلّ يوم إلّا

__________________

(١) « نهاية الإحكام » ١ : ٣٨٦ ، « تذكرة الفقهاء » ١ : ٩٠ ، ذيل المسألة : ٢٦ ، قال فيها : « ظنّ النجاسة ، قال بعض علمائنا : إنّه كاليقين ».

(٢) عدّ في « الحدائق الناضرة » ١ : ٤٩٤ هذا الاحتمال من أحد الوجوه في المسألة ولم يذكر قائله.

(٣) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٥٣ ـ ٧٣١.

(٤) نقله عنه في « مختلف الشيعة » ١ : ٩٤ ، المسألة : ٥٢ ، « الذكرى » ٢٦.

(٥) « الاستبصار » ١ : ١٧٤ ـ ٦٠٦.

(٦) « الاستبصار » ١ : ٩٤ ـ ٣٠٢.

٩١

مرّة ، فإنّه لا يستطيع أن يغسل ثوبه كلّ ساعة » (١).

[ المقدّمة ] ( السادسة : سنن الستر )

( وهي أربعة وسبعون ). كذا بخطّ المصنّف ، والأجود ترك التاء من الأربعة. ( الصلاة في أحسن الثياب ) بالمهملتين ـ قال الله تعالى ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (٢).

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ الله جميل يحبّ أن يتجمّل له » (٣).

وفي خبر آخر : « إنّ الله أحقّ أن يتزيّن له » (٤). وكما يستحبّ ذلك في الصلاة فكذا في غيرها.

قال الصادق عليه‌السلام : « إذا أنعم الله على عبد بنعمة أحبّ أن يراها عليه ، لأنّه جميل يحبّ الجمال » (٥).

وعنه عليه‌السلام : « أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبصر رجلا شعثا شعر رأسه وسخة ثيابه ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من الدين المتعة » (٦) ، « بئس العبد القاذورة » (٧) والأخبار فيه كثيرة.

( وروي الأخشن ) بالمعجمتين ـ رواه الحسين بن كثير ، قال : رأيت على أبي عبد الله عليه‌السلام جبّة صوف بين ثوبين غليظين ، فقلت له في ذلك ، فقال : « رأيت أبي يلبسها ، إنّا إذا أردنا أن نصلّي لبسنا أخشن ثيابنا » (٨) والأول أشهر (٩) ، وسند هذه

__________________

(١) « الاستبصار » ١ : ١٧٧ ـ ٦١٧.

(٢) « الأعراف » ٧ : ٣١.

(٣). « سنن البيهقي » ٢ : ٢٣٦.

(٤). « سنن البيهقي » ٢ : ٢٣٦.

(٥) « الكافي » ٦ : ٤٣٨ باب التجمّل. ح ٤.

(٦) « الكافي » ٦ : ٤٣٩ باب التجمّل. ح ٥.

(٧) « الكافي » ٦ : ٤٣٩ ، باب التجمّل. ح ٦.

(٨) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٦٧ ـ ١٥٢٥ ، وفيه : الحسين بن كثير عن أبيه.

(٩) « المهذّب » ١ : ٧٤ ، « الذكرى » ١٤٩ ، « جامع المقاصد » ٢ : ٩٢.

٩٢

الرواية مجهول ، وحملت مع ذلك على المبالغة في الستر مع إضافة الجميل ( وأجودها وأطهرها وأصفقها ) مبالغة في الستر.

( واستحباب ذي الرائحة الطيّبة ) فقد كان موضع سجود أبي عبد الله (١) عليه‌السلام يعرف بطيب ريحه ، لكثرة ما كان عليه‌السلام يتطيّب في الصلاة ، وقال عليه‌السلام : « صلاة بتطيّب أفضل من سبعين صلاة بغير طيب » (٢).

( والتعمّم ) فقد روي : « أنّ ركعة بالعمامة تعدل أربعا بغيرها » (٣).

( والتحنّك ) وهو إدارة جزء من العمامة تحت الحنك ، لأمر النبي (٤) صلى‌الله‌عليه‌وآله به.

وعن الصادق عليه‌السلام : « من تعمّم فلم يتحنّك فأصابه داء لا دواء له فلا يلومنّ إلّا نفسه » (٥) ، وأوجبه الصدوق (٦) ، لهذا الخبر.

وكما يستحبّ في الصلاة فكذا في غيرها خصوصا لمن خرج في حاجة أو سفر.

قال الصادق عليه‌السلام : « ضمنت لمن خرج من بيته معمّما تحت حنكه أن يرجع إليهم سالما » (٧).

وقال عليه‌السلام : « إنّي لأعجب ممّن يأخذ في حاجته وهو على وضوء كيف لا تقضى حاجته ، وإنّي لأعجب ممّن يأخذ في حاجة وهو متعمّم تحت حنكه كيف لا تقضى حاجته » (٨).

( والتردّي )بثوب أو ما في حكمه ، بجعله على الكتفين ، والأفضل مع ذلك جعل

__________________

(١) « الكافي » ٦ : ٥١١ باب الطيب ، ح ١١.

(٢) « الكافي » ٦ : ٥١١ باب الطيب ، ح ٧.

(٣) « مكارم الأخلاق » ١١٩ ، الفصل : ٧ ، وفيه : « ركعتان. أفضل من أربعة بغير عمامة ».

(٤) « الفقيه » ١ : ٧٣ ـ ٨١٧.

(٥) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢١٥ ـ ٨٤٦.

(٦) « الفقيه » ١ : ١٧٢ ، قال : « وسمعت مشايخنا رضي‌الله‌عنهم يقولون : لا تجوز الصلاة في الطابقية ولا يجوز للمعتمّ أن يصلّي إلّا وهو متحنّك ».

(٧) « الفقيه » ١ : ١٧٣ ـ ٨١٥.

(٨) « الفقيه » ١ : ١٧٣ ـ ٨١٦.

٩٣

طرفيه على اليمين ، بمعنى ردّ ما على الأيسر منه على الأيمن.

وتتأدّى سنّته ( ولو بطرف العمامة ) يجعل على الكتفين ، رواه جميل عن الصادق (١) عليه‌السلام ، بل بجعل التكّة على العاتق ، رواه عبد الله بن سنان عنه (٢) عليه‌السلام.

( و ) يستحب الرداء لجميع المصلّين ( خصوصا الإمام ) ، لدخوله في إطلاق الروايات (٣) به ، واختصاصه برواية سليمان بن خالد ، عنه عليه‌السلام حين سأله عن رجل أمّ قوما في قميص ليس عليه رداء ، قال : « لا ينبغي إلّا أن يكون عليه رداء » (٤) ، فعلى هذا يستحبّ الرداء للجميع ، ويكره تركه للإمام.

( والتسرول ) فقد روي : « أنّ ركعة بسراويل تعدل أربعا بغيره » (٥). ( وستر الأمة والصبيّة ) التي لم تبلغ ( رأسيهما ).

والمراد بالرأس ـ هنا ـ : العنق وما فوقه ، على ما اختاره المصنّف.

والقول باستحباب ستره للأمة نقله المحقّق في المعتبر (٦) عن عطاء ، واستحسنه ، فإنّ الستر أنسب بالحياء المطلوب من الحرّة والأمة.

ويظهر من المصنّف في الذكرى (٧) ضعفه ، لأنّه روى (٨) من طرقنا وطرق مخالفينا ما يخالفه.

وفي الدروس (٩) روى استحباب كشف الرأس للأمة ، وأشار بها إلى ما روي عن الصادق عليه‌السلام قال : « كان أبي إذا رأى الجارية تصلّي مقنّعة ضربها ، لتعرف الحرّة

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٦٦ ـ ٥١٨.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٦٦ ـ ١٥١٩.

(٣) « الكافي » ٣ : ٣٩٥ باب الصلاة في ثوب واحد. ح ٦.

(٤) « الكافي » ٣ : ٣٩٤ باب الصلاة في ثوب واحد. ح ٣.

(٥) لم نعثر عليه في المصادر الحديثية بهذا النصّ ، نقله المصنف في « الذكرى » ١٤٠.

(٦) « المعتبر » ٢ : ١٠٣.

(٧) « الذكرى » ١٤٠.

(٨) « الكافي » ٣ : ٣٩٤ باب الصلاة في ثوب واحد. ح ٢ ، « سنن البيهقي » ٢ : ٢٢٧.

(٩) « الدروس » ١ : ١٤٧.

٩٤

من المملوكة » (١) وحيث لا نصّ على استحبابه فلا أقلّ من نفيه إن لم يحكم باستحباب تركه.

( وستر المرأة قدميها ) ، لعموم قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « المرأة عورة » (٢) ، حتّى حكم بعض (٣) الأصحاب بمنع كشفها وكشف اليدين لهما ، للخبر.

( وصلاتها في ثلاثة أثواب : درع ) وهو القميص ( وإزار ) فوقه ( وقناع ) تغطّي به رأسها ، روى ذلك ابن أبي يعفور ، عن الصادق (٤) عليه‌السلام ، وروى جميل عنه (٥) عليه‌السلام بدل الإزار ملحفة.

( وفي الحليّ لا عطلا ) رواه غياث عن الصادق عليه‌السلام عن عليّ عليه‌السلام : « لا تصلّي المرأة عطلا » (٦).

قال المصنّف في الذكرى : « وهي بضمّ العين والطاء والتنوين ، وهي التي خلا جيدها من القلائد » (٧).

وفي هذه الرسالة ضبطها المصنّف بالمدّ ، وفي الصحاح ما يناسب ضبط الذكرى ، قال : « العطل مصدر عطلت المرأة وتعطّلت إذا خلا جيدها من القلائد فهي عطل ـ بالضم ـ وعاطل ومعطال » (٨).

( وجعل العاري والمؤتزر والمتسرول والفاقدين للثوب خيطا على العاتق أو شبهه ) للخبر (٩) ( وإعارة الساتر القارئ من العراة ) ليؤمّ بهم ، إذ يستحبّ لهم الصلاة جماعة كغيرهم.

ولو لم يصلح القارئ للإمامة استحبّ إعارته لمن يصلح لها. هذا كلّه مع ضيق

__________________

(١) « علل الشرائع » ٣٤٦ ـ ٢.

(٢) « النهاية في غريب الحديث » ٣ : ٣١٩.

(٣) « الوسيلة » ٨٩.

(٤) « الكافي » ٣ : ٣٩٥ باب الصلاة في ثوب واحد. ح ١١ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢١٧ ـ ٨٥٦.

(٥) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢١٩ ـ ٨٦٠.

(٦) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٧١ ـ ١٥٤٣.

(٧) « الذكرى » ١٤٩.

(٨) « الصحاح » ٥ : ١٧٦٧ ، « عطل ».

(٩) « الكافي » ٣ : ٣٩٥ باب الصلاة في ثوب واحد ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٦٦ ـ ١٥١٨.

٩٥

الوقت ، وإلّا وجب تأخّر من ليس بمستتر إن حصلت له نوبة في الوقت ، ويستحبّ حينئذ تقديم القارئ أيضا وذي المزيّة الدينيّة.

( والصلاة في ) الثياب ( البيض ) ، لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « البسوا البيض ، فإنّه أطيب وأطهر ، وكفّنوا فيه موتاكم » (١). وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّها من خير ثيابكم » (٢).

( لا السود ) ، لما روي (٣) من أنّها لباس أهل النار.

وقال الصدوق (٤) رحمه‌الله : « لا تصلّ في السواد ، فإنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لا تلبسوا لباس أعدائي فتكونوا أعدائي » (٥).

( وخصوصا القلنسوة ) فإنّ كراهتها سوداء أشدّ ( إلّا العمامة والكساء والخفّ ) فإنّه لا تكره الصلاة فيها إذا كانت سوداء ، لما روي (٦) أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكره السواد إلّا في ثلاثة : الخفّ والعمامة والكساء ، هي ـ بالمدّ ـ : ثوب من صوف ، ومنه العباءة ، ذكره الجوهري (٧).

واستثناء الثلاثة من الكراهة لا يقتضي رجحان السواد فيها ، بل الأفضل العمامة البيضاء.

وأمّا لبس الصوف من كساء وغيره فقد نهي (٨) عنه إلّا من علّة.

نعم ، الخفّ الأسود مستحبّ ، روي ذلك عن الباقر (٩) والصادق (١٠) عليهما‌السلام.

__________________

(١) « الكافي » ٦ : ٤٤٥ باب لباس البياض. ح ٢.

(٢) « فلاح السائل » ٦٩.

(٣) « الكافي » ٦ : ٤٤٩ باب لبس السواد ، ح ٢.

(٤) « المقنع والهداية » ٢٤.

(٥) « عيون أخبار الرضا » ٢ : ٢٣ ـ ٥١ باب ٣٠ ، بتفاوت في بعض ألفاظ الحديث.

(٦) « الكافي » ٦ : ٤٤٩ باب لبس السواد ، ح ١.

(٧) لم نعثر عليه في الصحاح ، ولم ينقله عنه غيره في مصادر اللغة.

(٨) « الكافي » ٦ : ٤٤٩ باب لبس الصوف. ح ١.

(٩) « الكافي » ٦ : ٤٦٧ باب الخفّ. ح ٥.

(١٠) « الكافي » ٦ : ٤٦٦ ـ ٤٦٧ باب الخفّ ، ح ٤ ـ ٥.

٩٦

( وفي النعل العربيّة ) ، لقول الصادق عليه‌السلام : « إذا صلّيت فصلّ في نعليك إذا كانت طاهرة ، فإنّه يقال : ذلك من السنّة » (١) ( و ) في ( غير الحرير في صورة الجواز ) كما في المرأة والمضطرّ وما لا تتمّ الصلاة فيه منه ، لإطلاق النهي عن الصلاة فيه في بعض (٢) الأخبار ، الذي أقلّ مراتبه الحمل على الكراهة ، حتّى منع الصدوق (٣) صلاة المرأة فيه ، لرواية زرارة (٤) أنّه سمع الباقر عليه‌السلام ينهى عن لباس الحرير للرجال والنساء ( وغير المكفوف به و ) غير ( الممتزج ) به ، للرواية (٥).

( و ) الصلاة في ( غير الرقيق ) تحصيلا لكمال الستر ، والمراد بالرقيق : الذي لا يحكي ما تحته ، وإلّا لم تصحّ فيه ( و ) غير ( المزعفر ) لنهي النبيّ (٦) صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ومثله المعصفر ( والأحمر والمفدم ) بسكون الفاء وفتح الدال ـ : المصبوغ بالحمرة مشبعا ، وعطفه على الأحمر تخصيص بعد تعميم.

والمستند رواية حمّاد بن عثمان عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « تكره الصلاة في الثوب المصبوغ المشبع بالمفدم » (٧).

ويمكن أن يريد بالمفدم المصبوغ المشبع بأيّ لون كان كما ذكره جماعة من الأصحاب.

قال في المبسوط : « ولبس الثياب المفدمة بلون من الألوان مكروه في الصلاة » (٨) وتبعه عليه التقي (٩) وابن الجنيد (١٠) وابن إدريس.

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٣٣ ـ ٩١٩.

(٢) « الكافي » ٣ : ٣٩٩ باب اللباس الذي تكره الصلاة فيه. ح ١٠.

(٣) في « المقنع والهداية » ٢٤ كلامه مطلق ، وفي « الفقيه » ١ : ١٧١ صرّح بمنعها فيه.

(٤) « الاستبصار » ١ : ٣٨٦ ـ ١٤٦٨.

(٥) « الاستبصار » ١ : ٣٨٦ ـ ١٤٦٨.

(٦) « جامع الأصول » ١١ : ٢٨١ ـ ٨٢٨٩.

(٧) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٧٣ ـ ١٥٥٠.

(٨) « المبسوط » ١ : ٩٥.

(٩) « الكافي في الفقه » ١٤٠.

(١٠) نقله عنه في « مختلف الشيعة » ٢ : ١٠٠ المسألة : ٤٠.

« السرائر » ١ : ٢٦٣.

٩٧

قال المصنّف في الذكرى : « والأولى حمل رواية حمّاد عليه ، والتخصيص بالحمرة أخذه المحقّق من ظاهر كلام الجوهري » (١).

وإنّما يكره ذلك ( للرجل ) دون المرأة ، والخبر مطلق.

( و ) يستحبّ ترك ( الإزار فوق القميص ) وهو معطوف على ما تقدّم ، لأنّ معنى الصلاة في غير المذكور سابقا في قوّة استحباب ترك المذكور ، وقد تقدّم نظيره.

وإنّما كره الاتّزار فوق القميص ، لقول الصادق عليه‌السلام في رواية أبي بصير : « لا ينبغي أن يتوشّح فوق القميص ، فإنّه من زيّ الجاهليّة » (٢).

قال المصنّف : « ولأنّ فيها تشبيها بأهل الكتاب وقد نهينا عن التشبّه بهم » (٣).

وقد روي نفي البأس عنه عن الرضا (٤) عليه‌السلام.

وروى موسى بن القاسم ، قال : « رأيت أبا جعفر الثاني عليه‌السلام يصلّي في قميص قد اتّزر فوقه بمنديل » (٥).

قال في المعتبر : « والوجه أنّ التوشّح فوق القميص مكروه ، أمّا شدّ المئزر فليس بمكروه » (٦).

ونفى في الذكرى (٧) عنه البأس ، لما ذكر ، ولا مساس الحاجة إليه في الثوب الشافّ. وأمّا جعل المئزر تحت القميص فقد ادّعى المصنّف الإجماع (٨) على عدم كراهته.

( والوشاح فوقه ) أي فوق القميص ، وهو أن يغطّي أحد كتفيه بثوب دون الآخر ( وخصوصا الإمام ، إماطة ) أي إزالة ( للتجبّر ) ، لما روي عن الباقر عليه‌السلام حين سئل

__________________

(١) « الذكرى » ١٤٧.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢١٤ ـ ٨٤٠.

(٣) « الذكرى » ١٤٨.

(٤) « الاستبصار » ١ : ٣٨٨ ـ ١٤٧٥.

(٥) « الاستبصار » ١ : ٣٨٨ ـ ١٤٧٦.

(٦) « المعتبر » ٢ : ٩٦.

(٧). « الذكرى » ١٤٨.

(٨). « الذكرى » ١٤٨.

٩٨

عن الذي يتوشّح فوق القميص ، قال : « هذا من التجبّر » (١).

( والرداء فوق الوشاح ) رواه الشيخ في التهذيب عن محمّد بن إسماعيل ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهم عليهم‌السلام قال : « الارتداء فوق التوشّح في الصلاة مكروه ، والتوشّح فوق القميص مكروه » (٢)

( والسدل وهو أن يلتفّ بالإزار ولا يرفعه على كتفيه ) ، لنهي النبيّ (٣) صلى‌الله‌عليه‌وآله عنه. وقيل : « إنّه من فعل اليهود » (٤).

( واشتمال الصمّاء ) والمشهور في تفسيره أن يلتحف بالإزار ، ويدخل طرفيه تحت يده ويجمعهما على منكب واحد ، وهذه الهيئة مرويّة في أخبارنا (٥) وأخبار العامّة (٦).

وفي كتب اللغة خلاف ذلك ، ففي الصحاح : « هو أن تجلّل جسدك بثوبك نحو شملة الأعراب بأكسيتهم ، وهو أن يردّ الكساء من قبل يمينه على يده اليسرى وعاتقه الأيسر ، ثم يردّه ثانية من خلفه على يده اليمنى وعاتقه الأيمن فيغطّيهما جميعا » (٧).

وقال الهروي : « هو أن يتجلّل الرجل بثوبه ولا يرفع منه جانبا. قال القتيبي : وإنّما قيل : صمّاء ، لأنّه إذا اشتمل به سدّ (٨) على يديه ورجليه المنافذ كلّها كالصخرة الصمّاء » (٩).

( ووضع طرفي الرداء على اليسار ) ، لرواية عليّ بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام قال : سألته عن الرجل هل يصلح له أن يجمع طرفي ردائه على يساره؟ قال : « لا يصلح

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٧١ ـ ١٥٤٢.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢١٤ ـ ٨٣٩.

(٣) « سنن البيهقي » ٢ : ٢٤٢ باب كراهية السدل.

(٤) « السرائر » ١ : ٢٦١.

(٥) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢١٤ ـ ٨٤١.

(٦) « صحيح البخاري » ١ : ٧٧ باب ما يستر العورة.

(٧) « الصحاح » ٥ : ١٩٦٨ ، « صمم ».

(٨) في جميع النسخ : « شدّ » ، وما أثبتناه من المصدر.

(٩) « الغريبين » ٢ : ١٦٣ ، « صمم ».

٩٩

جمعهما على اليسار ، لكن اجمعهما على يمينك أو دعهما » (١).

( واستصحاب وعاء من جلد حمار أو نعل ) منه ، رواه أيضا عليّ بن جعفر ، عن أخيه عليهما‌السلام ، وسأله في الرجل يصلّي ومعه دبّة من جلد حمار وعليه نعل من جلد حمار فصلّى ، هل تجزئه صلاته أو عليه الإعادة؟ قال : « لا يصلح أن يصلّي وهي معه إلّا أن يتخوّف عليها ذهابا فلا بأس أن يصلّي وهي معه » (٢). والدبّة ـ بفتح الدال والتشديد ـ وعاء مخصوص من جلد.

( والحديد بارزا ) أمّا مستورا فلا كراهة فيه. روى موسى بن أكيل عن الصادق عليه‌السلام : « لا بأس بالسكّين والمنطقة للمسافر في وقت ضرورة ، ولا بأس بالسيف وكل آلة سلاح في الحرب ، وفي غير ذلك لا يجوز في شي‌ء من الحديد ، فإنّه مسخ نجس » (٣).

وروى عمّار : « إذا كان الحديد في غلافه فلا بأس به » (٤).

وتعليل المنع بنجاسته محمول على كراهة استصحابه مجازا ، كما أطلق النجس على الشيطان والأوثان ، وقد تقدّم (٥) ، وإنّما حمل على ذلك ـ هنا ـ للاتّفاق على طهارته.

( وفي القباء الممثّل ) فيه مثال حيوان أو شجر ، وخصّه بعض (٦) الأصحاب بصور ذوات الأرواح ، لجواز تصوير غيرها.

والحقّ عدم المنافاة بين جواز المثال وكراهة الصلاة فيه ، فلا يصلح لتخصيص ما أطلق فيه من النصّ.

ولا فرق في ذلك بين القباء وغيره من الثياب ، لأنّ الرواية (٧) بالثوب الممثّل.

__________________

(١) « مسائل عليّ بن جعفر » ١١٥ ـ ٤٣.

(٢) « الفقيه » ١ : ١٦٤ ـ ٧٧٥.

(٣) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٢٧ ـ ٨٩٤.

(٤) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٢٥ ـ ٨٨٨.

(٥) تقدّم في الصفحة : ٤٢.

(٦) « السرائر » ١ : ٢٦٣.

(٧) « الكافي » ٣ : ٤٠١ باب اللباس الذي تكره. ح ١٧.

١٠٠