الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


المحقق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-541-5
الصفحات: ٤٢٩

وعن الصادق عليه‌السلام : « الاستنجاء باليمين من الجفاء » (١).

( وبنصرها ) ـ بكسر الباء والصاد ـ وهي الإصبع التي تلي الخنصر ـ بكسرهما ـ.

( وتقديم الدبر ) على القبل في الاستنجاء ، رواه عمّار عن الصادق (٢) عليه‌السلام ( وإزالة الرائحة مطلقا ) سواء استنجى بالماء أم بالأحجار ، لأنّه أبلغ في الاستظهار ( وإزالة الأثر ) وهو الأجزاء القليلة المتخلّفة على المحلّ يزول بالماء بسهولة وبالأحجار بعسر ( لو استجمر ) ومن ثمّ تجب إزالته بالماء دون الاستجمار.

( والمبالغة للنساء في الغسل ) ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لبعض نسائه : « مري نساء أمّتي المؤمنات أن يستنجين بالماء ويبالغن ، فإنّه مطهرة للحواشي ومذهبة للبواسير » (٣).

والمطهرة (٤) ـ بفتح الميم وكسرها ـ في الأصل : الإداوة ، والمراد بها هنا المزيلة للنجاسة.

والحواشي : جوانب المخرج ، والبواسير : جمع باسور بالباء الموحّدة : علّة تحدث في المقعدة.

والناسور ـ بالنون ـ : علّة تحدث بها أيضا ، ويقال له : الناصور.

( والزيادة على المثلين في مخرج البول ) والمراد بالمثلين : مثلا ما على الحشفة من البلل الباقي بعد البول ، كما صرّح به في رواية نشيط بن صالح (٥) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، التي هي مستند حكم المثلين ، الذي لا يجزئ من الماء أقلّ منهما ، وإنّما يكونان مجزئين مع تحقّق الفصل بكلّ واحد منهما وزوال عين النجاسة.

وقد يطلق في كثير من الأخبار (٦) اعتبار غسلتين في البول ، فلعلّ المثلين إشارة إلى

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٨ ـ ٧٤.

(٢) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٩ ـ ٧٦.

(٣) « الكافي » ٣ : ١٨ باب القول عند دخول. ح ١٢.

(٤) المطهرة ـ بكسر ـ الميم ـ : الإداوة ، والفتح لغة ، ومنه « السواك مطهرة للفم » بالفتح ، وكلّ إناء يتطهّر به « مطهرة » والجمع « المطاهر » انظر : « المصباح المنير » ٣٨٠ ، « لسان العرب » ٨ : ٢١١ « طهر ».

(٥) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٥ ـ ٩٣.

(٦) « الكافي » ٣ : ٢٠ باب الاستبراء. ح ٧ ، « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٤٩ ـ ٧١٤.

٤١

أقلّ ما يتحقّق به الغسل ، فإنّ القطرة المتخلّفة على رأس الحشفة ـ مثلا ـ إذا وقع عليها قطرة ماء أمكن جريانها عليه وانفصالها عنه ، فإذا تعقّبها مثلها كذلك كفى في طهر المحلّ ، ويتحقّق أقلّ الغسلتين.

وربّما قيل : إنّهما كناية عن الغسلتين ، للتوافق بين الأخبار.

وكيف كان فتستحبّ الزيادة عليهما ، لبعد تحقّق الغسلتين بهما ، أو ضعفه.

( واستنجاء الرجل طولا والمرأة عرضا ) وكذا قيل (١) : تستبرئ المرأة عرضا إذا قلنا به.

( والدعاء ) في أحواله المذكورة ، ( فللدخول ) إلى محل الحدث : ( بسم الله وبالله أعوذ بالله من الرجس ) وأصله القذر (٢) والمراد به هنا الشيطان ، استقذارا له كما عبّر به عن الأوثان في قوله تعالى ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ) (٣) ، وكما عبّر به عن المعصية ومساوئ الأخلاق في قوله تعالى ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) (٤).

وقد يطلق الرجس على العقاب كما في قوله تعالى ( وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ) (٥).

وحيث أراد به الأول أكّده بقوله : ( النجس ) وهو بكسر النون وسكون الجيم ـ اتّباعا للرجس ، ويجوز إبقاؤه على أصله ـ وهو فتح النون والجيم أو كسرها ـ ( الخبيث ) في نفسه ( المخبث ) بكسر الباء ـ لغيره. ( الشيطان ) من ألقاب إبليس اللعين ، وهو إمّا فيعال من شطن : إذا بعد ، لبعده عن رحمة الله أو من الخير ، أو فعلان من شاط يشيط ، إذا بطل ، وهو منصرف على الأوّل دون الثاني ( الرجيم ) فعيل بمعنى مفعول من الرجم ، وهو الرمي ، أي المرمى بالشهب الثاقبة أو باللعنة.

وإنّما قدّمت البسملة هنا على الاستعاذة بخلاف القراءة ، لأنّ التعوّذ هناك للقراءة

__________________

(١) تقدّم في الصفحة : ٣٨ ، الهامش (٥).

(٢) « تاج العروس » ٨ : ٣٠٣ « رجس ».

(٣) « الحج » ٢٢ : ٣٠.

(٤) « الأحزاب » ٣٣ : ٣٣.

(٥) « يونس » ١٠ : ١٠٠.

٤٢

كما دلّ عليه الأمر في الآية (١) ، والبسملة من القرآن ، فقدّم التعوّذ عليها ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنّه من الأمور المقصودة ، فيبدأ بالتسمية ، امتثالا للأمر بها ، ويعقّب بالاستعاذة ، ومحلّ الدعاء بعد الدخول.

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا انكشف أحدكم لبول أو غير ذلك ، فليقل : بسم الله ، فإنّ الشيطان يغضّ بصره » (٢).

( وبعده ) أي بعد الدعاء السابق : ( الحمد لله الحافظ المودي ) والوصف هنا بالحافظ المودي ، للإشارة إلى ما أنعم الله تعالى به من حفظ الغذاء بالقوّة الماسكة والهاضمة إلى أن يأخذ كلّ عضو منه حاجته ، وكلّ خلط منه ما يناسبه ، ثمّ يؤدي الباقي الذي لا فائدة في بقائه ، ويخرج في وقته عند الغنا عنه ، أو الحافظ له بالقوّة الماسكة ، والمودي له بالقوّة الهاضمة والمتصرّفة والجاذبة ونحو ذلك.

( وعند الفعل : اللهمّ أطعمني طيّبا في عافية ، وأخرجه منّي خبيثا في عافية ، وعند النظر إليه ) أي إلى الخارج منه ، اكتفى بدلالة المقام على معاد الضمير ، استهجانا للتصريح به ـ : ( اللهمّ ارزقني الحلال وجنّبني الحرام ، وعند رؤية الماء : الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا ، وعند الاستنجاء : اللهمّ حصّن فرجي ، واستر عورتي ، وحرّمهما على النار ) أي الفرج والعورة ، ثنّاهما باعتبار اختلاف اللفظ ، وإن كانت العورة أعمّ.

ويحتمل أن يريد بالعورة غير الفرج ، وهو الدبر ، أطلق العامّ على الخاصّ ، أو يريد بالعورة : ما يعمّ الفرج ، وجمعهما بسبب اختلاف المطلوب ، فإنّه سأل تحصين الفرج بأن لا يزني به وأن يستر عورته ، وهو أمر مغاير للتحصين وشامل للفرجين.

ويمكن عود الضمير المثنّى إلى العورتين ، إمّا بجعل الياء مشدّدة بإدغام ياء الإعراب في ياء الإضافة ، أو بدلالة المقام عليها.

( ووفّقني لما يقرّبني منك يا ذا الجلال والإكرام ) أي الذي لا جلال ولا كمال إلّا وهو له ، ولا كرامة ولا مكرمة إلّا وهي صادرة منه ، فالجلال له في ذاته ، والكرامة فائضة منه على

__________________

(١) « النحل » ١٦ : ٩٨.

(٢) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٥٣ ـ ١٠٤٧.

٤٣

خلقه ، وفنون إكرامه على خلقه لا يكاد ينحصر ولا يتناهي ، كما أنّ جلالته كذلك.

( وعند مسح بطنه ) بيده اليمني إذا قام من موضعه : ( الحمد لله الذي أماط )

أي أذهب ( عنّي الأذى وهنأني طعامي ) يقال : هنأني الطعام ـ بتخفيف النون مفتوحة ودفع الطعام ـ : إذا صار هنيئا ، وهنأني الله طعامي : إذا صيّره لي هنيئا ، والمراد هنا الثاني بقرينة ما قبله وبعده.

( وعافاني من البلوى ) هي بمعنى البلاء ، والجمع البلايا ( وعند الخروج : الحمد لله الذي عرّفني لذّته ) أي لذّة الطعام المذكور في الدعاء السابق ، المدلول عليه بالهاء ( وأبقى في جسدي قوّته وأخرج عنّي أذاه يا لها نعمة يا لها نعمة يا لها نعمة ) ، و « يا » ـ هنا ـ : حرف تعجّب ، مثلها : يا لك من قبّرة (١) ، وضمير لها عائد إلى النعم المذكورات سابقا ، أو إلى ما دلّ عليه المقام من النعم ، ونعمة منصوب على التمييز ( لا يقدر القادرون قدرها ) أي لا يقدرون على واجب شكرها لعظمها ، ولا يقدرون مبلغها ولا يحصون مقدار جلالتها ومبلغ نفعها ، قال الله تعالى ( وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) (٢) ، أي ما عظّموه حقّ تعظيمه ، وعليه ينزّل الأوّل وتقول : قدرت الشي‌ء أقدره قدرا من التقدير.

وفي الحديث : « إذا غمّ عليكم الهلال فاقدروا له » (٣) ، أي أتمّوا ثلاثين ، وعليه ينزّل الثاني.

( ويكره ) بالبناء للمجهول ـ أي يكره شرعا ( استقبال ) قرصي ( النيّرين ) : الشمس والقمر وإن كانا منكسفين ، ( و ) استقبال ( الريح بالبول ) أي بمحلّه ، وهو القبل ، والجارّ يتعلّق بالاستقبال ، فتخصّ الكراهة البول في الثلاثة.

ومستند الحكم قول الصادق عليه‌السلام : « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يستقبل الرجل الشمس أو القمر بفرجه ، وهو يبول » (٤).

__________________

(١) « الصحاح » ٢ : ٧٨٤ ، « حياة الحيوان » للدميري ٢ : ٣٠٨ ، « قبر ».

(٢) « الأنعام » ٦ : ٩١.

(٣) « مسند أحمد بن حنبل » ٢ : ٢٨٧.

(٤) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٤ ـ ٩١.

٤٤

ومنه تظهر فائدة إرادة الفرج من البول ، لأنّه متعلّق النهي ، وأمّا الريح فالرواية عن الحسن عليه‌السلام حين سئل ما حدّ الغائط؟ قال : « لا تستقبل الريح ولا تستدبرها » (١) ، فيدخل فيه ما ذكر ، وكان ينبغي التعميم ، وعلّل استقباله مع ذلك بخوف ردّه عليه ، والخبر أعمّ.

( و ) البول ( في ) الأرض ( الصلبة ) ـ بضم الصاد وسكون اللام ـ أي الشديدة ، لئلّا تردّه عليه.

قال الصادق عليه‌السلام : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أشدّ الناس توقّيا من البول ، كان إذا أراد البول يعمد إلى مكان مرتفع من الأرض أو إلى مكان من الأمكنة يكون فيه التراب الكثير ، كراهية أن ينضح عليه البول ». (٢)

( وقائما ) ، حذرا من أن يخبّله الشيطان ، روي (٣) ذلك عن الصادق عليه‌السلام. ( والتطميح ) به في الهواء ، لنهيه (٤) صلى‌الله‌عليه‌وآله عنه.

( وفي الماء ) جاريا وراكدا ، للنهي عنه في الأخبار (٥) ، معلّلا بأنّ للماء أهلا ( والجاري أخفّ ) كراهة ، لقول الصادق عليه‌السلام : « لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري » (٦) ، ومورد النصّ البول ، ومن ثمّ خصّه ، وألحق به الغائط ، للعلّة.

( وفي الجحرة ) بكسر الجيم وفتح الحاء والراء المهملتين ـ جمع جحر ـ بالضمّ والسكون ـ ، وهو بيوت الحشار ، للنهي (٧) عنه ، ولأنّه لا يؤمن أن يؤذيها أو تؤذيه ( ومجرى الماء ) وهو محلّه وإن لم يكن فيه حينئذ ماء ليغاير ما قبله ( والشارع ) وهو الطريق النافذة مطلقا ( والمشرع ) وهو طريق الماء للواردة ( والفناء ) بكسر الفاء ـ وهو ما امتدّ من

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٦ ـ ٦٥.

(٢) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٣ ـ ٨٧.

(٣) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٥٢ ، ح ١٠٤٤.

(٤) « الكافي » ٣ : ١٥ باب الموضع الذي يكره. ح ٤.

(٥) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٤ ـ ٩٠ ، « الاستبصار » ١ : ١٣ ـ ٢٥.

(٦) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣١ ـ ٨١ و ٤٣ ـ ١٢١.

(٧) « سنن أبي داود » ١ : ٣٠ باب النهي عن البول في الجحر ، ح ٢٩.

٤٥

جوانب الدار ، وهو حريمها خارج المملوك منها.

( والملعن وهو مجمع الناس ) كما نصّ عليه أهل اللغة (١).

وفي الصحاح : « الملعنة : قارعة الطريق ومنزل الناس » (٢).

وفي الحديث : « اتّقوا الملاعن » (٣) يعني عن الحدث.

( أو أبواب الدور ) كما روي عن زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما‌السلام ، حين قال له رجل : أين يتوضّأ الغرباء؟ فقال : « تتّقي شطوط الأنهار والطرق النافذة وتحت الأشجار المثمرة ومواضع اللعن » قيل له : وأين مواضع اللعن؟ قال : « أبواب الدور » (٤).

( وتحت ) الشجرة ( المثمرة ) اسم فاعل من الثمر ، وهي متناولة لما من شأنه الثمر سواء كانت مثمرة بالفعل أم مضى زمان ثمرتها أم يأتي.

ويدلّ ـ أيضا ـ على تناولها للخالية منها إذا كانت قد أثمرت وقتا ما : ما قد اشتهر من القاعدة عندنا من أنّ بقاء المعنى المشتقّ منه ليس بشرط في صحّة الاشتقاق ، كما يصدق الضارب على من انقضى منه الضرب.

وقد ورد التعبير بالمثمرة في حديث عليّ بن الحسين عليهما‌السلام ، السابق ، والمراد بتحتيّة الأشجار : ما هو أسفل منها من الأرض بحيث تصل الثمرة إليه إذا سقطت ، وفي حكمها ما يبلغه من الأرض عادة وإن لم يكن تحتها حقيقة.

ويدلّ عليه ورود مساقط الثمار في بعض الأخبار ، روي محمد بن يعقوب في الكافي : أنّ أبا حنيفة خرج من عند أبي عبد الله عليه‌السلام وأبو الحسن موسى عليهما‌السلام قائم وهو غلام ، فقال له أبو حنيفة : يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال : « اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار ومساقط الثمار ومنازل النزّال ، ولا تستقبل القبلة

__________________

(١) « تاج العروس » ١٨ : ٥١١ ، « المصباح المنير » ٢ : ٥٥٤ ، « القاموس المحيط » ٤ : ٢٦٩ ، « لعن ».

(٢) « الصحاح » ٦ : ٢١٩٦ ، « لعن ».

(٣) « سنن البيهقي » ١ : ٩٧ باب النهي عن النخلي.

(٤) « الكافي » ٣ : ١٥ باب الموضع الذي يكره. ح ٢.

٤٦

بغائط ولا بول ، وارفع ثوبك ، وضع حيث شئت » (١).

وقيل (٢) : إنّ الحكم مختصّ بزمان الثمرة ، لأنّه يوجب النفرة بسببه ، ويرشد إليه من الأخبار ما رواه الشيخ في زيادات التهذيب ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يتغوّط تحت شجرة فيها ثمرتها » (٣). والأول أجود ، لعدم التنافي بينهما الموجب لحمل ذلك المطلق على هذا المقيّد ، ولا يخفى أنّ ذلك حيث تكون الثمرة له أو مباحة ، فلو كانت مملوكة للغير لم يجز إلّا بإذنه ، ويضمن ما يتلف بسببه.

( وفي‌ء النزّال ) وهو موضع الظلّ المعدّ لنزول القوافل والمتردّدين كشجرة وموضع ظلّ جبل أو ما هو أعمّ من ذلك ، وهو الموضع المعدّ لنزولهم مطلقا ، نظرا إلى أنّهم يرجعون إليه في النزول ، من فاء يفي‌ء إذا رجع ، ويرشد إليه الحديث السابق عن الكاظم عليه‌السلام حيث عبّر بـ « منازل النزّال ».

( ومواضع التأذّي ) هذا تعميم بعد التخصيص ، فإنّه يشمل ما تقدّم ، ويزيد عليه ما هو بحكم ما يوجب تأذّي الناس من مواضع تردّداتهم وحاجاتهم ، بل يدخل فيه ما يوصل رائحته إليهم بحيث يؤذيهم وإن لم يحتاجوا إلى موضعه.

( والاستنجاء باليمين ) مطلقا ، لما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّه نهى عنه ، وقال : « إنّه من الجفاء » (٤) أي البعد عن الآداب الشرعيّة ، ولا يخفى أنّ ذلك مع عدم الحاجة إليها وإلّا زالت الكراهة.

( وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله تعالى أو ) اسم ( أحد المعصومين ) عليهم‌السلام في حالة كون ذلك الاسم الشريف ( مقصودا بالكتابة ) فلا يحرم مسّ الاسم الموافق له كاسم

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ١٦ باب الموضع الذي يكره. ح ٥.

(٢) لم نعثر في كتب الحديث والفقه وشروحهما للفريقين على قائل باختصاص الحكم بزمان الثمرة مع ذكر العلّة المصرّح بها ، نعم ورد القول بذلك الحكم خاصة من دون ذكر العلّة ، ومن تلك المصادر التي ذكرت ذلك : « المغني » ١ : ١٨٨ ، « حاشية ابن عابدين » ١ : ٣٤٣.

(٣) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٣٥٣ ـ ١٠٤٨.

(٤) « الكافي » ٣ : ١٧ باب القول عند دخول. ح ٧.

٤٧

محمّد مع عدم قصد المعصوم به ، أمّا اسم الله تعالى فلا يشترط في حرمته القصد ، لعدم مشاركة غيره فيه ، وفي مقطوع (١) ابن عبد ربّه إلحاق خاتم فضّة من حجر زمزم ، وفي رواية (٢) بدل زمزم زمرّذ ـ بالزاي والذال المعجمتين والضمّات وتشديد الراء ـ وهو الزبرجد.

( بل ) يكره ( إدخاله ) أي الخاتم الذي عليه اسم الله. إلى آخره ( الخلاء أيضا ) وإن لم يكن في يده ( والجماع به ) أيضا ، روى ذلك كلّه عمار عن الصادق (٣) عليه‌السلام ، فلا تزول الكراهة بتحويله من اليسار إلى اليمين كما ذكره بعض (٤) الأصحاب.

و « أيضا » في هذا التركيب وشبهه مصدر آض يئيض أي عاد ، يقال (٥) : آض فلان إلى أهله ، أي رجع ، وهو منصوب على المصدرية بفعل محذوف ، أي عد بالحكم السابق على هذا عودا.

( والكلام ) حالة التخلّي ( إلّا بذكر الله أو آية الكرسي أو حكاية الأذان ) إذا سمعه ( أو لحاجة يخاف فوتها ) إن أخّر الكلام إلى أن يفرغ ، لنهي النبي (٦) صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الكلام حينئذ.

ووجه استثناء ما ذكر ، أمّا الذكر فلما روي عن الصادق عليه‌السلام : « أنّ موسى قال : يا ربّ تمرّ بي حالات أستحي أن أذكرك فيها ، فقال : يا موسى ذكري على كلّ حال حسن » (٧) ، وأمّا آية الكرسي فلقوله عليه‌السلام : « لم يرخّص في الكنيف أكثر من آية الكرسي وحمد الله أو آية » (٨) ، وأمّا حكاية الأذان فلا نصّ على استثنائها بخصوصها.

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٥٥ ـ ١٠٥٩.

(٢) « الكافي » ٣ : ١٧ باب القول عند. ح ٦.

(٣) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣١ ـ ٨٢.

(٤) « المقنع والهداية » ٣ ، « قواعد الأحكام » ١ : ١٨١.

(٥) « لسان العرب » ١ : ٢٨٨ « أيضا ».

(٦) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٧ ـ ٦٩.

(٧) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٧ ـ ٦٨.

(٨) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٥٢ ـ ١٠٤٢.

٤٨

وحكاه المصنّف في الذكرى بقوله : « وقيل » (١) ، نظرا إلى ذلك.

وربّما علّل بعموم الأمر بالحكاية ، وبأنّه ذكر.

واستثني (٢) أيضا الصلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذكره ، لما ذكر.

ولا يخفى وجوب ردّ السلام وإن كره السلام عليه.

ويستحب له الحمد عند العطاس ، لأنّه ذكر.

وفي استحباب تسميته فاعلا وقائلا نظر ، وقطع بعض الأصحاب باستحبابه (٣).

( وإطالة المكث ) خوفا من البواسير ، رواه الصادق (٤) عليه‌السلام عن حكمة لقمان في صغره ، وأنّه كتب ذلك على باب الحشّ (٥) ( ومسّ الذكر باليمين ) لما روي من أنّه من الجفاء (٦) ( واستصحاب دراهم بيض ) إلّا أن تكون مصرورة ، رواه (٧) غياث ، عن الصادق عن أبيه عليهما‌السلام.

( والاستنجاء بما كره استعماله من المياه ) وهي الحارّة الكبريتية ، لما روي (٨) أنّها من فوح جهنم ( والسواك ) لما روي أنّه يورث البخر (٩) ( والأكل والشرب ) لفحوى ما روي عن الباقر عليه‌السلام أنّه وجد لقمة في القذر لمّا دخل الخلاء ، فأخذها وغسلها ودفعها إلى مولى له ، وقال : « تكون معك لآكلها إذا خرجت » ، فلمّا خرج عليه‌السلام ، قال له : « أين اللقمة؟ » فقال : أكلتها يا ابن رسول الله ، فقال : « إنّها ما استقرّت في جوف أحد إلّا وجبت له الجنّة ، فاذهب فأنت حرّ لوجه الله ، فإنّي أكره أن أستخدم رجلا من

__________________

(١) « الذكرى » ٢٠.

(٢) « المقنعة » ٤٠.

(٣) « منتهى المطلب » ١ : ٢٤٩ ، « جامع المقاصد » ١ : ١٠٥.

(٤) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٥٢ ـ ١٠٤١ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام.

(٥) الحشّ ـ مثلّثة ـ : البستان ، وأطلق مجازا على المخرج والمتوضّأ ، لأنّهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين. انظر : « تاج العروس » ١٧ : ١٤٦ ، « المصباح المنير » ١٣٧.

(٦) « الكافي » ٣ : ١٧ باب القول عند دخول. ح ٧.

(٧) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٥٣ ـ ١٠٤٦.

(٨) « تهذيب الأحكام » ٩ : ١٠١ ـ ٤٤١.

(٩) « الفقيه » ١ : ٣٢ ـ ١١٠.

٤٩

أهل الجنّة » (١) ، فإنّ تأخيره عليه‌السلام أكلها إلى الخروج مع ما فيه من الثواب يؤذن بالكراهة حينئذ ، وألحق به الشرب ، لاشتراكهما في المعنى ، ولما فيه من مهانة النفس.

[ المقدّمة ] ( الثانية : )

( يستحبّ الوضوء لإحدى وثلاثين : )

( ندب الصلاة و ) ندب ( الطواف ) بمعنى الشرطيّة في الصلاة والكمالية في الطواف على الأقوى ، وقيل (٢) بالشرطية فيهما.

( ومسّ كتاب الله ) بمعنى الشرطيّة أيضا ، فلا يباح بدونه ، للآية (٣) ، لكن إذا كان الأصل مستحبّا يكون شرطه كذلك ، وربّما أطلق على هذا النوع الوجوب مجازا ، نظرا إلى تحريم الفعل بدون الشرط ( وحمله ) ولو بغلافه وكيسه للتعظيم ( وقراءته ) أو شي‌ء منه.

( ودخول المسجد ) ، للخبر (٤) ، ولاستحباب التحيّة على الفور ، وهي لا تحصل بدون الطهارة ( وصلاة الجنازة ) واجبة كانت أو مندوبة ( والسعي في حاجة ) ، للخبر (٥).

وفيه : أنّه سبب لقضائها.

( وزيارة القبور ) خصوصا قبور الأنبياء والصالحين ، وفي الخبر (٦) تقييدها بقبور المؤمنين.

__________________

(١) « الفقيه » ١ : ١٨ ـ ٤٩.

(٢) « جامع المقاصد » ١ : ٦٩ قال بشرطيته في الصلاة المندوبة ، ونسب إلى أبي الصلاح الحلبي القول بشرطيته في الطواف المندوب ، قال في « الكافي في الفقه » صفحة ١٩٥ : « ولا يصحّ طواف فرض ولا نفل لمحدث ».

(٣) « الواقعة » ٥٦ : ٧٩.

(٤) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٦٣ ـ ٧٤٣.

(٥) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٥٩ ـ ١٠٧٧.

(٦) لم نعثر على نصّ بخصوصه كما صرّح بعضهم ، نعم قيّده جماعة بقبور المؤمنين ، وأشاروا إلى وجود نصّ فيه كما عن « المدارك » ١ : ١٢ ـ ١٣.

٥٠

( والنوم ) مطلقا ( وخصوصا نوم الجنب وجماع المحتلم ) أي المجنب عن احتلام قبل الغسل.

وفي الخبر : « إنّه لا يؤمن أن يجي‌ء الولد مجنونا لو حملت من ذلك الجماع » (١).

وليس الحكم مقصورا على وقت احتمال الحمل ، لإطلاق النصّ وإن كان التعليل أخصّ منه مع احتماله ، واحترز بالاحتلام عن الجماع ، فلا يكره تكرّره من غير وضوء.

( وجماع الحامل ) مخافة أن يجي‌ء الولد أعمى القلب بخيل اليد لو لم يتوضّأ ( وجماع غاسل الميت وذكر الحائض ) في مصلّاها وقت الصلاة بقدرها ( وتجديده بحسب الصلوات ) فرضا كانت أم نفلا ، وألحق بها الطواف وسجود الشكر والتلاوة ، ونفاه المصنّف.

وفي استحبابه للصلاة الواحدة وتعدّده لها ، وجهان ، وإطلاق النصوص (٢) يرجّح الاستحباب.

( وللمذي ) وهو الماء الرقيق الخارج عند الملاعبة والتقبيل وشبههما.

( والوذي ) ضبطه المصنّف رحمه‌الله بالذال المعجمة ـ وهو ما يخرج عقيب المني.

ولو جعل بالمهملة ، وهو الذي يخرج عقيب البول كان أولى ، لأنّه هو المأمور بالوضوء منه في الأخبار (٣) ، معلّلا بأنّه يخرج من دريرة البول ، وإنّما استحبّ الوضوء لهذه ، حملا للأمر الوارد بالوضوء منها على الندب وإن ضعف طريقه ، جمعا بينها وبين ما دلّ على عدم الوجوب من الأخبار (٤) الصحيحة.

( والتقبيل بشهوة ومسّ الفرج ) ، لرواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إذا قبّل الرجل المرأة بشهوة أو مسّ فرجها أعاد الوضوء » (٥) بحملها على الاستحباب ،

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٧ : ٤١٢ ـ ١٦٤٦.

(٢) « الفقيه » ١ : ٢٦ ـ ٨٢ ، « ثواب الأعمال » ٣٣ ـ ٣٤ ـ ٢.

(٣) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٠ ـ ٤٩.

(٤) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢١ ـ ٥١.

(٥) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٢ ـ ٥٦.

٥١

جمعا بينها وبين صحيح زرارة (١) ، عن الباقر عليه‌السلام بنفيه ، وغيره من الأخبار (٢) ( ومع الأغسال المسنونة ) ، للخبر (٣) ( ولما لا تشترط فيه الطهارة من مناسك الحجّ ) كالسعي ورمي الجمار والوقوفين.

( وللخارج المشتبه بعد الاستبراء ) لمقطوعة (٤) محمّد بن عيسى ، الدالّة على وجوب الوضوء منه بحمله على الاستحباب ، جمعا بينها وبين ما دلّ على نفيه صريحا ( وبعد الاستنجاء بالماء للمتوضّئ قبله ولو كان قد استجمر ) للأخبار (٥) الدالّة على الأمر بإعادة الوضوء المحمول على الاستحباب جمعا.

( ولمن ) توضّأ معذورا إمّا لكونه مسح على جبيرة أو غسل لتقيّة ونحو ذلك ثمّ ( زال عذره ) خروجا من خلاف من أوجبه (٦).

وربّما قيل باختصاص الحكم بغير التقيّة.

( وروي ) استحباب الوضوء ( للرعاف ، والقي‌ء والتخليل المخرج للدم إذا كرههما الطبع ).

روى ذلك أبو عبيدة الحذّاء (٧) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، والرواية أنّه ينقض الوضوء ، وحملت (٨) على الاستحباب جمعا.

( و ) روى سماعة (٩) نقضه ( للزيادة على أربعة أبيات شعرا باطلا ) وحملت (١٠) على الاستحباب أيضا مع كون الرواية مقطوعة ، لكن أحاديث السنن يتسامح بها.

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢١ ـ ٥٤.

(٢) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٢ ـ ٥٧ ـ ٥٩.

(٣) « الكافي » ٣ : ٤٥ باب صفة الغسل. ح ١٣.

(٤) « تهذيب الأحكام » ١ : ٢٨ ـ ٧٢.

(٥) « تهذيب الأحكام » ١ : ٤٥ ـ ١٢٧.

(٦) « المبسوط » ١ : ٢٢.

(٧) « تهذيب الأحكام » ١ : ١٣ ـ ٢٦.

(٨) حملها عليه الشيخ في « تهذيب الأحكام » ١ : ١٣.

(٩) « تهذيب الأحكام » ١ : ١٦ ـ ٣٥.

(١٠) حملها عليه الشيخ في « تهذيب الأحكام » ١ : ١٦.

٥٢

والمراد من الشعر الباطل : ما ليس بصحيح كالمشتمل على مدح وذمّ كاذبين ، كما يستفاد من الخبر.

( و ) يستحبّ الوضوء أيضا ( للكون على طهارة ) وليس ذلك داخلا في جملة المنقول رواية ، بل هو موضع وفاق.

ومعنى استحبابه للكون على طهارة ، أي للبقاء على حكمها. وهذه غاية صحيحة مستلزمة للرفع أو الاستباحة فكأنّ المنويّ أحدهما ، وعلى هذا لا فساد في التركيب من حيث إنّه في قوة استحباب الوضوء للكون على وضوء أو استحباب الطهارة للكون على طهارة (١) كما ذكره المصنّف (٢) في بعض تحقيقاته.

( وللتأهّب لصلاة الفرض ) قبل دخول وقتها ، ليوقعها في أوّل الوقت ، وهذا وإن استلزم الكون على طهارة ، إلّا أنّ الغاية فيه ليس هو الكون ، بل الصلاة أو التأهّب لها ، فإنّه في نفسه عبادة ، والوضوء في هذه المواضع كلّها يبيح العبادة المشروطة به ، ويرفع الحدث حيث يمكن ، عدا الأربعة الأول من العشرة المتوسطة ، فإنّهما لا يتصوران فيها لمجامعة الحدث الأكبر.

هذا إن اكتفينا في الوضوء بالقربة أو اعتبرنا الوجه أو أحد الأمرين ونواه ، وفي بعضها خلاف والمحصّل ما اخترناه.

واعلم أنّ جملة ما ذكره من المواضع التي يستحبّ لها الوضوء ثلاثون ، وإنّما يتمّ العدد الذي ذكره إذا جعلنا نوم الجنب منها مغايرا لمطلق النوم ، بسبب كونه آكد كما نبّه عليه بقوله : « خصوصا نوم الجنب ».

وفيه تكلّف.

( ثمّ سنن الوضوء أربعة وخمسون : التسمية والدعاء بعدها ، وصورتها : بسم الله وبالله اللهمّ اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين ) أي المتنزّهين عن الرذائل الخلقية والنقائص النفسانية ، أو دعاء بقبول الطهارة وترتّب الثواب الجزيل عليها ، أمّا أصل

__________________

(١) عبارة « للكون على طهارة » ساقطة من « ه » ، أثبتناها من « ح » و « و ».

(٢) للمصنّف ( قدّه ) رسائل وتحقيقات غير متوفّرة لدينا.

٥٣

وصفها فهو واقع بجعل المكلّف وفعله ، فالسؤال له دعاء بما هو الواقع ومثله الدعاء بالتوبة أو دعاء بالتوفيق لإكمالها ، فإنّه واقع في ابتدائها.

( وغسل اليدين إلى الزندين مرّة من النوم والبول والغائط ) لإطلاق الأمر (١) بغسلهما من غير تقييد بعدد ، فيقتصر على المرّة ، فإنّ الأمر المطلق لا يفيد التكرار.

( والمشهور (٢) فيه ) أي في الغائط أو في الغسل منه ( مرّتان ) وبه قطع المصنّف في الذكرى (٣) ، وهو الأقوى ، لصحيحة الحلبي (٤) ورواية حريز (٥) ، عن الباقر عليه‌السلام ، ولعلّ المصنّف هنا نظر إلى قطع الأولى وجهالة بعض سند الثانية ، إلّا أنّ السنن تثبت بدون ذلك كما اتّفق للمصنّف في كثير منها هنا ، خصوصا فيما سبق من أعداد الوضوء المسنون.

ووقت الغسل ( قبل إدخالهما الإناء ) المشتمل على الماء القليل ، تعبّدا أو دفعا للنجاسة الوهمية كما نبّه عليه بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « فإنّه لا يدري أين باتت يده » (٦).

وظاهر النصّ والفتوى اختصاص استحباب غسلهما بكون الوضوء من إناء يغترف منه يشتمل على ماء قليل.

فلو كان كثيرا أو ضيّق الرأس لم يستحبّ ، لزوال الوهم ، وتحقّق الغسل بمجرّد وضعهما في الكثير مع احتماله في الثاني ، لدفع الوهمية عن أعضاء الوضوء إن انتفى عن الإناء ، والمقصود بالذات هو الطهارة لا الماء.

( والدعاء عند رؤية الماء بما تقدّم ) من الدعاء عند رؤية الماء إذا أراد الاستنجاء ، وهو : الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا ( ووضع الإناء على اليمين ) إن كان

__________________

(١) « الاستبصار » ١ : ٥١ ـ ١٤٥.

(٢) « البيان » ٤٩.

(٣) « الذكرى » ٨٠.

(٤) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٦ ـ ٩٦.

(٥) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٦ ـ ٩٧.

(٦) « صحيح مسلم » ١ : ٢٣٣ ـ ٢٧٨.

٥٤

ممّا يغترف به كما مرّ ( وأخذ الماء بها ) لغسل الوجه ( ونقله ) منها ( إلى اليسار ) لغسل اليمين ، لما روي (١) أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحبّ التيامن في طهوره وتنعّله (٢) وشأنه كلّه ، ولفعل الباقر (٣) عليه‌السلام ذلك في وصف وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ولو كان الإناء لا يغترف منه وضع على اليسار للصبّ منه في اليمين.

( والمضمضة ) وهي إدخال الماء الفم وإدارته فيه ( ثلاثا ، والاستنشاق ) وهو جذب الماء إلى الأنف ( ثلاثا ، والاستنثار ) وهو إخراج الماء منهما لزيادة التنظيف بذلك ( كذلك ) أي ثلاثا وهو سنّة ثالثة.

فلو تركه بأن ابتلع الماء بعد المضمضة وتركه حتّى خرج بنفسه في الاستنشاق تأدّت سنّتهما دونه.

( وجعل كلّ ) من المضمضة والاستنشاق ( على حدته ) بأن يتمضمض ثلاثا ثمّ يستنشق ثلاثا ، وعدمه أن يدخل أحدهما على الآخر كأن يتمضمض مرّة ثمّ يستنشق مرّة وهكذا حتّى يكمل كلّا منهما ثلاثا ويتأدّى به سنّتهما ، لكنه أدون فضلا. أمّا الاستنثار ، فإنّه تابع لدخول الماء في الفم أو الأنف ، فلا يدخل في الكلية.

( و ) جعل كل واحد منهما ( بثلاث غرفات ) كلّ مرّة بغرفة سواء وصلها أو فرّقها.

ولو جعل الثلاث بغرفة أجزأ ، وأدون منه أن يجعل الستّ بها سواء فصل أو وصل ( وإدارة المسبّحة والإبهام في الفم ) لتنظيف ما هناك مع إيصال الماء إلى أقصى الحنك ، وجنبتي الأسنان واللثات في المضمضة ، وإدخال الإصبع في الأنف ، وإزالة ما به من الأذى ، وإصعاد الماء بالنفس إلى الخيشوم في الاستنشاق إلّا أن يكون صائما ، فلا يبالغ في الاستنشاق.

( والبدأة بالمضمضة ) للإتيان في تعاطفهما بـ « ثمّ » في بعض الأخبار (٤) ، بل قيل : إنّه

__________________

(١) « صحيح مسلم » ١ : ٢٢٦ ـ ٢٦٨.

(٢) في « ه » : « يفعله » ، وفي « ح » : « شغله » ، وما أثبتناه من « و ».

(٣) « الكافي » ٣ : ٢٥ باب صفة الوضوء ، ح ٥.

(٤) « تهذيب الأحكام » ١ : ٥٣ ـ ١٥٣.

٥٥

متعيّن (١) ، وهو متّجه ، لأنّ المطلق من الأمر بهما محمول على المقيّد.

( وتثنية غسل الأعضاء ) الثلاثة بعد تمام الغسلة الأولى في أشهر (٢) القولين ، لصحّة الأخبار (٣) الدالّة عليها ، فلا عبرة بإنكار الصدوق (٤) الثانية طاعنا في خبرها الذي رواه بالقطع.

( ومسح الرأس مقبلا ) خروجا من خلاف من (٥) أوجبه ( و ) المسح ( بثلاث أصابع ) مضمومة ( عرضا ) أي في عرض الرأس ، خروجا من خلاف من (٦) أوجبها. وظاهر الخبر أنّ المعتبر في الثلاث كونها في طول الرأس بأن يمرّ منه على مقدار ثلاث أصابع وإن كان بإصبع.

( وغسل الوجه باليمنى وحدها ) لا باليسرى ولا بهما وإن أجزأ الجميع على كراهية ، لما تقدّم (٧) من كون اليمنى كانت لطهور النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله. ( ومسح الرأس والرجل اليمنى بها ) أي باليد اليمنى ، لما مرّ ، أمّا اليسرى فباليسرى كما يظهر من العبارة ، وصرّح به في البيان (٨).

( وتقديم اليمنى في المسح ) ، خروجا من خلاف من (٩) أوجبه من الأصحاب ، وهو الأقوى دليلا ، فيكون تقديمها متعيّنا ( وجعله ) أي مسح الرجلين ( بجميع الكفّ ) لصحيحة البزنطي عن الرضا عليه‌السلام حين سأله عن المسح على القدمين ، فوضع كفّه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين ، فقلت : لو أنّ رجلا قال بإصبعين من أصابعه هكذا إلى

__________________

(١) « المبسوط » ١ : ٢٠ ، « تذكرة الفقهاء » ١ : ١٩٨.

(٢) « المبسوط » ١ : ٢٣ ، « الكافي في الفقه » ١٣٣ ، « تذكرة الفقهاء » ١ : ١٩٨.

(٣) « تهذيب الأحكام » ١ : ٨٠ ـ ٢٠٨ ، ٢٠٩.

(٤) « المقنع والهداية » ٤.

(٥) « الوسيلة » ٥٠.

(٦) « الفقيه » ١ : ٢٨.

(٧) تقدّم في الصفحة : ٥٥.

(٨) « البيان » ٤٨.

(٩) « المراسم » ٣٨ ، « الفقيه » ١ : ٢٨ ، « مختلف الشيعة » ١ : ١٣٠ ، المسألة : ٨١ ، عن العماني وابن الجنيد.

٥٦

الكعبين؟ قال : « لا ، إلّا بكفّه » (١).

وهذا بخلاف مسح الرأس ، إذ لم يرد النصّ فيه بأزيد من ثلاث أصابع وإن كان جائزا حتّى صرّح به بعض (٢) الأصحاب بالمنع من الزائد عليها.

( وتقديم النيّة عند غسل اليدين على قول (٣) مشهور لأنّه من كمال الوضوء وسننه ( أو عند المضمضة والاستنشاق ) لما ذكر ، بل هو أولى ، لقربهما إلى الواجب.

وتوقّف فيه بعض (٤) الأصحاب ، نظرا إلى أنّ مسمّى الوضوء الحقيقي خارج عنهما ، وللقطع بالصحّة إذا قارن بها غسل الوجه دونها ، ولذلك قال المصنّف : ( والأولى عند غسل الوجه ) بعد أن نسب التقديم إلى الشهرة ، لعدم دليل صالح.

وعلى القول بجواز تقديمها أو استحبابه عند غسل اليدين فهو مشروط بكون الوضوء من حدث النوم أو البول أو الغائط ، وكونه من إناء قليل ماؤه يمكن الاغتراف منه ، إذ لا يستحب غسلهما بدونه.

( وقصر النية على القلب ) من دون ضمّ اللسان إليه ، فإنّ القلب أصلها والتلفّظ بها بدعة حادثة. ( وحضور القلب عند جميع الأفعال ) ، فإنّه روح العبادة ، وبسببه تعلو درجتها ويرتّب قبولها كما ورد في الأخبار (٥) ، والمراد بحضوره عندها : تدبّر حكمتها وإسرارها وغايتها في كلّ شي‌ء منها بحسبه ـ كما حقّقناه في رسالة (٦) أسرار الصلاة ـ وكذلك بيّنا

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ١ : ٩١ ـ ٢٤٣ ، بتفاوت يسير.

(٢) « الخلاف » ١ : ٨٣ ، المسألة : ٣٠ ، ادّعى الإجماع على بدعية مسح جميع الرأس ، « الوسيلة » ٥٠ ، قال بترك مسح جميع الرأس ، ويقصد من ذلك المسح بأكثر من ثلاث أصابع ، وحكى في « مختلف الشيعة » ١ : ١٢٥ ، المسألة : ٧٧ ، تحريم ابن الجنيد له مع اعتقاد مشروعيته.

(٣) « المعتبر » ١ : ١٤٠ ، « تذكرة الفقهاء » ١ : ١٤١ ، ذيل المسألة : ٣٩ ، « قواعد الأحكام » ١ : ١٩٩ ، « الذكرى » ٨٠ ، « البيان » ٤٣.

(٤) نقله في « الذكرى » ٨٠ عن ابن طاوس في كتاب البشرى ، وهو غير متوفّر لدينا.

(٥) الظاهر أنّ عبارة ( تعلو درجتها ويرتّب قبولها ) ممّا استفادة الشارح ( قدّه ) من الروايات الواردة في التأكيد على استحباب حضور القلب في الصلاة والمصرّحة بأنّ قبولها منوط به ، وذلك لعدم العثور على رواية تتضمن تلك العبارة. راجع « الكافي » ٣ : ٣٦٣ ـ ٢ ، ٤ ، « الخصال » ٢ : ٦١٣ ضمن ح ١٠.

(٦) « أسرار الصلاة » ضمن « رسائل الشهيد » ١٠٢ ـ ١١٢.

٥٧

المراد من القلب الذي يتصوّر إحضاره على وجه دقيق ، فراجعه هناك.

( وذكر الله تعالى والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في أثنائه وبدأة الرجل في ) الغسلة ( الأولى بظهر الذراع وفي ) الغسلة ( الثانية بباطنه ، وبدأة المرأة بالعكس ).

وهذا من الأحكام التعبّدية التي لم يظهر لها علّة ، والموجود في الرواية (١) بدأة النساء بباطن الذراع والرجال بظاهره من غير فرق بين الأولى والثانية ، وعليه أكثر الأصحاب (٢) ، وأمّا الفرق الذي ذكره المصنّف فشي‌ء ذكره الشيخ في المبسوط (٣) ، وتبعه جماعة (٤) عليه ، وباقي كتب الشيخ (٥) على الإطلاق كما هو المنصوص.

( والوضوء بمدّ ) قدره رطلان وربع بالعراقي ، لما روي (٦) من أنّ وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان به.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الوضوء بمدّ والغسل بصاع ، وسيأتي أقوام يستقلّون ذلك ، فأولئك على خلاف سنّتي ، والثابت على سنّتي معي في حظيرة القدس » (٧).

وقال المصنّف في الذكرى : « هذا المدّ لا يكاد يبلغه الوضوء ، فيمكن أن يدخل فيه ماء الاستنجاء » (٨) وهو حسن ، وفي بعض الروايات (٩) إرشاد إليه.

( والسواك قبله ) وقيل : سنّة (١٠) ( وبعده ) ، والمراد به : دلك الأسنان بعود وخرقة وإصبع ونحوها ، وأفضله الغصن الأخضر ، وأكمله الأراك. والسواك مطلقا من السنن المؤكّدة.

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٢٨ باب حدّ الوجه. ح ٦.

(٢) « الوسيلة » ٥٢ ، « المراسم » ٣٩ ، « المختصر النافع » ٣١.

(٣) « المبسوط » ١ : ٢٠ ـ ٢١.

(٤) « المهذب » ١ : ٤٤ ، « شرائع الإسلام » ١ : ٢٦ ، « تذكرة الفقهاء » ١ : ٢٠٢.

(٥) « الخلاف » ١ : ٧٨ مسألة : ٢٦ ، « الجمل والعقود » ١٥٩.

(٦) « تهذيب الأحكام » ١ : ١٣٦ ـ ١٣٧ ـ ٣٧٧ ، ٣٧٩.

(٧) « الفقيه » ١ : ٢٣ ـ ٧٠.

(٨) « الذكرى » ٩٥.

(٩) « تهذيب الأحكام » ١ : ٥٨ ـ ١٦٢ ، ٥٣ ـ ١٥٣.

(١٠) « كنز الدقائق » ضمن « تبيين الحقائق في شرح كنز الدقائق » ١ : ٣ ـ ٤ ، حيث عدّ السواك من سنّة الوضوء.

٥٨

قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما زال جبرئيل عليه‌السلام يوصيني بالسواك حتّى خشيت أن أحفي أو أدرد » (١) وهما رقّة الأسنان وتساقطها.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسواك عند وضوء كلّ صلاة » (٢).

وقال الباقر والصادق عليهما‌السلام : « صلاة ركعتين بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك » (٣).

وقال الصادق عليه‌السلام : « في السواك اثنتا عشرة خصلة ، هو من السنّة ، ومطهرة للفم ، ومجلاة للبصر ، ويرضي الرحمن ، ويبيّض الأسنان ، ويذهب الحفر ، ويشدّ اللثة ، ويشهّي الطعام ، ويذهب بالبلغم ويزيد في الحفظ ، ويضاعف الحسنات ، وتفرح به الملائكة » (٤) وغيرها من الأخبار (٥).

( وترك الاستعانة ) على أفعال الوضوء بنحو صبّ الماء على اليد ليغسل به ، لما روي (٦) من أنّه إشراك في العبادة.

وفي تحققها بطلب ما يتوضّأ به أو إسخانه حيث يفتقر إليه قول قوي.

والمراد من الاستعانة ـ هنا ـ : مطلق الإعانة وإن لم يطلبها المتوضّئ كما دلّ عليه خبر (٧) الوشّاء عن الرضا عليه‌السلام ، وكما يكره ذلك للمتوضّئ يكره للمعين الإعانة عليه.

( و ) ترك ( التمندل ) هو مسح بلل الوضوء بمنديل ونحوه من الثياب ، وفي تعديته إلى ما أزال البلل من كمّ ونحوه بل النار والشمس قول ـ نظرا إلى المشاركة في إزالة أثر العبادة والاقتصار على مدلول اللفظ ـ قويّ.

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٢٣ باب السواك ، ح ٣ ، « الفقيه » ١ : ٣٢ ـ ١٠٨.

(٢) « الكافي » ٣ : ٢٢ باب السواك ، ح ١.

(٣) « الفقيه » ١ : ٣٣ ـ ١١٨.

(٤) « الكافي » ٦ : ٤٩٥ باب السواك ، ح ٦.

(٥) « الكافي » ٣ : ٢٣ باب السواك ، ح ٢ ، ٤ ، ٦ : ٤٩٥ ـ ١ ، ٤ ، ٥ ، ٧ ـ ١٠.

(٦) « الإرشاد » ٣١٥.

(٧) « الكافي » ٣ : ٦٩ باب النوادر ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٦٥ ـ ١١٠٧.

٥٩

( ووضع المرأة القناع ) حالة الوضوء ( ويتأكّد في ) وضوء ( الصبح والمغرب ) ، للخبر (١) ( وتقديم غسل الرجلين ) على الوضوء ( لو احتاج إليه لتنظيف أو تبريد ) خروجا عن التشبّه بأهل البدع.

( ولو نسيه ) قبل الوضوء ( تراخى به عن المسح ) لئلّا يوهم كونه جزءا منه. ( والدلك باليد ) لمحلّ الغسل استظهارا.

( وضرب الوجه بالماء شتاء وصيفا ) رواه ابن المغيرة مرسلا ، عن الصادق عليه‌السلام ، وعلّله بأنّه « إن كان ناعسا فزع واستيقظ ، وإن كان البرد فزع ولم يجد البرد » (٢).

وعارضه الشيخ في التهذيب بخبر السكوني ، عنه عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تضربوا وجوهكم بالماء إذا توضّأتم » (٣) ، وجمع بينهما بحمل هذا على الأولى ، والأوّل على الجواز بالمعنى الأعمّ.

ويمكن تخصيص الأوّل بالحالتين المذكورتين في العلّة ، والثاني بما عداهما ، مع ما قد عرفت من حال سندهما.

( وغسل مسترسل اللحية ) عن الوجه ، للأخبار الدالّة عليها ، كصحيح زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام في وصف وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « غمس كفّه بالماء ، ثمّ وضعه على جبينه وسيّله على أطراف لحيته » (٤).

( وتقديم الاستنجاء على الوضوء ) فيعيد الوضوء لو قدّمه استحبابا ، حملا لخبر (٥) سليمان بن خالد ، عن الباقر عليه‌السلام بإعادته لو قدّمه ، على الاستحباب ، جمعا بينه وبين ما دلّ صريحا على عدمها من الأخبار (٦) الصحيحة.

( ومسح الأقطع ما بقي من المرفق ) إن قلنا بأنّ غسل المرفق إنّما وجب تبعا من باب

__________________

(١) « الخصال » ٢ : ٥٨٥ ـ ١٢.

(٢) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٥٧ ـ ١٠٧١.

(٣) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣٥٧ ـ ١٠٧٢.

(٤) « الكافي » ٣ : ٢٥ باب صفة الوضوء ، ح ٤.

(٥) « تهذيب الأحكام » ١ : ٤٩ ـ ١٤٢.

(٦) « الكافي » ٣ : ١٨ باب القول عند. ح ١٥ ، ١٦ ، « تهذيب الأحكام » ١ : ٤٦ ـ ١٣٣.

٦٠