الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


المحقق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-541-5
الصفحات: ٤٢٩

مضيّعا لسنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » (١).

وعنه عليه‌السلام : « إنّ الربّ ليعجب ملائكته من العبد من عباده يراه يقضي النافلة فيقول : عبدي يقضي ما لم أفترض عليه » (٢).

( والمسارعة إلى قضاء فائت الفريضة ) ، للأخبار (٣) الكثيرة الدالّة على الأمر به ، المنزّل على الاستحباب ، جمعا بينها وبين ما دلّ (٤) على جواز التراخي.

( وعدم الاشتغال بغير الضروري ) فيهما كالأكل والشرب والنوم وغيرها.

( والوصيّة بالقضاء لمن حضره الموت قبله ) ، محافظة على تخليص الذمّة من عهدته.

ولمّا استشعر المصنّف هنا إيرادا بأنّ الوصيّة بالواجب واجبة فكيف تجعل هنا من قبيل السنن فأجاب بقوله : ( وإن وجب ذكره للوليّ ).

وحاصله : منع وجوب الوصيّة بذلك عينا ، بل الواجب ذكره للوليّ ليقضيه عنه ، أمّا الوصيّة فإنّها استظهار زائد على الواجب.

وإطلاق قولهم ـ : إنّ الوصيّة بقضاء الواجب واجبة ـ مقيّد بمن ليس له وليّ ، أو أطلق على ذكره للوليّ وصيّة ، لأنّ المراد بالوصيّة به الأمر بفعله بعد الموت أعمّ من كون المأمور وليّا وغيره. لكن لا يخفى أنّ ذكره للوليّ أعمّ من أمره بالقضاء ، بل يكفي فيه مجرّد إعلامه بالفائت فكأنّ ما ذكره المصنّف أولى.

( وفعل المنذور القلبي والمنذور في حال الكفر ) والنذر غير المتقرّب به ، هذه الثلاثة يستحبّ الوفاء فيها بالنذر وما عداها يجب ( وقضاء العيد أربعا على رواية ) أبي البختري

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٤٥٣ ـ ٤٥٤ باب تقديم النوافل. ح ١٣ ، « الفقيه » ١ : ٣٥٩ ـ ١٥٧٧ ، « تهذيب الأحكام » ٢ :

١١ ـ ١٢ ـ ٢٥.

(٢) « الكافي » ٣ : ٤٨٨ باب النوادر من كتاب الصلاة ، ح ٨ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ١٦٤ ـ ٦٤٦ ، وفيه : « إنّ العبد يقوم فيقضي النافلة فيعجب الربّ ملائكته منه فيقول : يا ملائكتي عبدي يقضي ما لم أفترض عليه ».

(٣) « الكافي » ٣ : ٢٩٢ باب من نام عن الصلاة. ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ١٧٢ ـ ٦٨٤ ، ٦٨٦ ، « الاستبصار » ١ :

٢٨٧ ـ ١٠٥١.

(٤) « الكافي » ٣ : ٢٩٢ ـ ٢٩٣ باب من نام عن الصلاة ، ح ٣ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٦٦ ـ ١٠٥٩ ، ٢٧٠ ـ ١٠٧٧ ، « الاستبصار » ١ : ٢٨٨ ـ ١٠٥٤.

٢٨١

عن الصادق (١) عليه‌السلام ، والرواية مع ضعف سندها ( حملت على من لا يحسن القنوت والتكبير ) والأصحّ عدم قضاء العيد مطلقا.

( ولو لم يقض الراتبة تصدّق عن كلّ ركعتين ) من الفائت ليلا ونهارا ( بمدّ ، فإن عجز فعن كلّ أربع ) ركعات بمدّ ثمّ عن صلاة الليل بمدّ وعن صلاة النهار بمدّ ( ثمّ عن كلّ يوم وليلة بمدّ. وفي الرواية ) المشتملة على هذا التفصيل ـ وهي رواية عبد الله بن سنان السابقة ـ (٢) ( تفضيل الصلاة ) على الصدقة ( ثلاثا ) أي قال ذلك الصادق عليه‌السلام ثلاث مرّات وصورة لفظه : « والصلاة أفضل والصلاة أفضل والصلاة أفضل ».

( والصدقة في الفائتة لمرض أولى من القضاء ) ، جمعا بين ما سبق وبين قوله عليه‌السلام في رواية العيص بن القاسم ـ فيمن اجتمع عليه صلاة من مرض ـ : « لا يقضي » (٣) ، وقول الباقر عليه‌السلام في رواية محمّد بن مسلم في مريض ترك النافلة : « إن قضاها فهو خير له وإن لم يفعل فلا شي‌ء عليه » (٤).

( وقضاء المغمى عليه بعد الإفاقة صلاة ثلاثة أيّام وأقلّه يوم وليلة ) للرواية (٥) ، وروي (٦) أنّه يقضي صلاة شهر ، وروي (٧) أنّه يقضي صلاة اليوم الذي أفاق فيه. وكان ينبغي جعل تلك سننا ، لأنّ المستند متقارب.

( وتقديم قضاء النافلة ) الليليّة ( أول الليل وأداؤها آخره وتخفيف الخائف ) أداء وقضاء. والغرض هنا القضاء ، لأنّه من أفراد الملتزم.

( ونيّة المقام للمسافر عشرا مع الإمكان ) ليصلّي تماما ( والإتمام في الحرمين ) الشريفين بمكّة والمدينة ( والحائرين ) أي الحائر ومسجد الكوفة ، ثنّاهما باسم أحدهما ، تغليبا مع

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٣٥ ـ ٢٩٥ ، « الاستبصار » ١ : ٤٤٦ ـ ١٧٢٥.

(٢) « في الصفحة : ٢٨١ ، الهامش (١).

(٣) « الكافي » ٣ : ٤١٢ ـ ٤١٣ باب صلاة المغمى عليه. ح ٦ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٣٠٦ ـ ٩٤٦.

(٤) « الكافي » ٣ : ٤١٢ باب صلاة المغمى عليه. ح ٥ ، « الفقيه » ١ : ٣١٦ ـ ١٤٣٥ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٣٠٦ ـ ٩٤٧.

(٥) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٣٠٥ ـ ٩٣٩.

(٦) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٣٠٥ ـ ٩٣٨ ، « الاستبصار » ١ : ٤٥٩ ـ ١٧٨٥.

(٧) « تهذيب الأحكام » ٤ : ٢٤٤ ـ ٧١٨ ، « الاستبصار » ١ : ٤٥٩ ـ ١٧٨٦.

٢٨٢

ظهور الأمر ، فإنّه وإن جاز فيها القصر على الأصل فإنّ الإتمام أفضل الفردين الواجبين على التخيير ( وجبر ) الصلاة ( المقصورة ) وهي الرباعيّة ( بالتسبيحات الأربع ) عقيبها ( ثلاثين مرّة ).

وأطلق بعض (١) الأصحاب جبر صلاة السفر بها ، والأوّل أثبت ، لأنّه صريح الرواية (٢).

( وتختصّ الفرائض ) مطلقا ( و ) صلاة ( الاستسقاء والعيد والغدير ) عند أبي الصلاح ( كما مرّ ) (٣) في صدر الرسالة ( باستحباب الجماعة ) فيها ، ( وتتأكّد في الفريضة ، فعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا صلاة لمن لم يصلّ في المسجد مع المسلمين إلّا من علّة ) (٤) والمراد نفي الكمال لا نفي الصحّة ، لإجماعنا على صحّة الصلاة فرادى.

نعم ذهب جماعة (٥) من العامّة إلى وجوبها كفاية ، وآخرون (٦) إلى وجوبها عينا ، واحتجّوا له بهذا الحديث ، وإنّما حملناه على خلاف ظاهره ، جمعا بينه وبين ما ورد من الأخبار صريحا في الاستحباب ، كرواية زرارة قلنا له : « الصلاة في جماعة أفريضة هي؟ قال : « الصلاة فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلاة كلّها ، ولكنّه سنّة ، من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علّة فلا صلاة له » (٧).

نعم لو أدّى تركه إلى الاستهانة بها أو تركها ابتداء مستهينا توجّه نفي الصحّة ، لإفضائه إلى الكفر بالله تعالى.

ومن جملة العلّة كون إمام المسجد غير مرضيّ كما ورد (٨) في الرواية ، والتقييد

__________________

(١) « شرائع الإسلام » ١ : ١٦١.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٣٠ ـ ٥٩٤.

(٣) في الصفحة : ٣١.

(٤) « علل الشرائع » ٣٢٥ ـ ١ ، باب علّة الجماعة.

(٥) « المجموع » ٤ : ١٨٩ ، « فتح العزيز » ضمن « المجموع » ٤ : ٢٨٥ ، نقل عن ابن سريج وأبي إسحاق القول بذلك.

(٦) « المجموع » ٤ : ١٨٩ ، نقل القول بذلك عن عطاء والأوزاعي وأحمد وأبي ثور وابن المنذر.

(٧) « الكافي » ٣ : ٣٧٢ باب فضل الصلاة في الجماعة ، ح ٦ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٤ ـ ٨٣.

(٨) « الفقيه » ٤ : ٩ ـ ١ ، « مستطرفات السرائر » ٣ : ٥٧٠.

٢٨٣

بالمسجد ، بناء على الأغلب من وقوع الجماعة فيه ، وإلّا فالنفي المذكور متوجّه إلى مطلق الفرادى ( وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : الصلاة جماعة ولو على رأس زجّ ) (١) بضمّ الزاي والجيم المشدّدة ـ وهو الحديدة في أسفل الرمح والعنزة ، وهذا على طريق المبالغة في المحافظة عليها مع السعة والضيق نظير قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من بنى مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنّة » (٢). والصلاة منصوبة بتقدير احضروا ونحوه ، أو مرفوعة على الابتداء.

( وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا سئلت عمّن لم يشهد الجماعة فقل : لا أعرفه ) (٣) أي لا تزكّه بالعدالة وإن ظهر منه المحافظة على الواجبات وترك المنهيّات ، لتهاونه بأعظم السنن وأجلّها ، وعدم المعرفة له كناية عن القدح فيه بالفسق وتعريض به ، وقد وقع مصرّحا به في حديث آخر رويناه عن الصادق عليه‌السلام : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا صلاة لمن لم يصلّ في المسجد مع المسلمين إلّا من علّة ، ولا غيبة لمن صلّى في بيته ورغب عن جماعتنا ، ومن رغب عن جماعة المسلمين سقطت عدالته ووجب هجرانه ، وإن رفع إلى إمام المسلمين أنذره وحذّره ، ومن لزم جماعة المسلمين حرمت عليهم غيبته وثبتت عدالته » (٤).

( وعن الصادق عليه‌السلام : الصلاة خلف العالم بألف ركعة وخلف القرشي بمائة وخلف العربي خمسون وخلف المولى خمس وعشرون ) (٥) والمراد بالعالم هنا : العالم بالعلوم الدينية والأحكام الشرعية كالعلم بالله تعالى وبكتابه وسنّة نبيّه ، وما يتوقّف عليه من المقدّمات ، والعلم بكيفيّة طهارة القلب وتزكية النفس مع استعمالها على وجهها لا مطلق العالم كما نبّه عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله : « علماء أمّتي كأنبياء

__________________

(١) لم يرد هذا الحديث فيما لدينا من المصادر الحديثية وشروحها ، نعم ذكره الطريحي في « مجمع البحرين » ٢ : ٣٠٤ ، وهو كتاب لغوي ، ونقله غيره عن الشهيد الأول في « الرسالة النفلية ».

(٢) « أمالي الشيخ الطوسي » ١٨٣ ـ ٣٠٦.

(٣) لم يرد في المصادر الحديثية ، نقله في « مستدرك وسائل الشيعة » ٦ : ٤٥١ عن « الفوائد الملية ».

(٤) « تهذيب الأحكام » ٦ : ٢٤١ ـ ٥٩٦.

(٥) لم نعثر عليه فيما لدينا من المصادر الحديثية ، نقله في « بحار الأنوار » ٨٥ : ٥ عن « النفلية ».

٢٨٤

بني إسرائيل » (١) ، فإنّ العلماء لا يشبهون الأنبياء إلّا على الوجه الذي ذكرناه ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « العلماء ورثة الأنبياء » (٢) ، فإنّ الأنبياء لم يورّثوا مجرّد الرسم ، وغير من ذكر من العلماء لا تعلّق لهم بوراثة الأنبياء ، بل هم إلى خلافة أضدادهم أشبه وإليهم أميل.

وأوضح دلالة في ذلك قوله تعالى ( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ) (٣) حصر الخشية فيهم على وجه العموم ، وهو يدلّ على أنّ العلم الذي لا يوجب القرب إلى الله تعالى والخشية منه لا يكون علما على الحقيقة ، وظاهر أنّ مطلق العلم لا يوجب ذلك ، إنّما يوجبه ما ذكرناه ، بل القسم الأخير منه ، وأمّا ما قبله فهو من شرائطه ومقدّماته.

والمراد بالقرشي المنسوب إلى النضر بن كنانة بن خزيمة جدّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والسادة الأشراف أجلّ هذه الطائفة ، والعربي المنسوب إلى العرب يقابل العجمي ، المنسوب إلى غير العرب مطلقا ، والمولى يطلق على معان كثيرة ، والمراد منها هنا : غير العربي بقرينة ما قبله.

وكثيرا ما يطلق المولى على غير العربي وإن كان حرّ الأصل ويقال : فلان عربي وفلان من الموالي.

وعليه حمل أيضا قول الشاطبي (٤) في وصفه أئمّة القراءة : إنّ أبا عمرو ابن عامر عربيّان وباقيهم موالي.

وما أحسن ما جمع المصنّف في هذه الأحاديث من الترهيب من تركها أوّلا ثمّ الترغيب فيها ثانيا كما هو اللائق بالمقام.

( ويعتبر إيمان الإمام ) والمراد به هنا : الإيمان الخاصّ ، وهو كونه ـ مع إسلامه وإيمانه

__________________

(١) « عوالي اللآلي » ٤ : ٧٧ ـ ٦٧.

(٢) « الكافي » ١ : ٣٢ باب صفة العلم وفضله ، ح ٢.

(٣) « فاطر » ٣٥ : ٢٨.

(٤) في قصيدته اللاميّة في « حرز الأماني ووجه التهاني » ١٩ ، قال :

أبو عمرهم واليحصبيّ ابن عامر

صريح وباقيهم أحاط به الولاء

٢٨٥

العامّ الذي هو التصديق القلبي ـ إماميّا. وعدالته ) بأن يكون معه مع الإيمان ملكة راسخة تبعث على ملازمة التقوى والمروّة ، بحيث لا يفعل كبيرة ، ولا يصرّ على صغيرة ، ولا يرتكب ما يؤذن بخساسة النفس ويدلّ على المهانة ممّا لا يليق بعادة أمثاله بحسب زمانه ومكانه من الأفعال المباحة والمكروهة في نفسه وهيئته.

( وختانه ) مع إمكانه ، ولذلك غاير شرط العدالة ، فإنّ ترك الختان إنّما يوجب الفسق مع الاختيار.

ويعتبر الختان في مطلق الإمام ذكرا كان أم خنثى ( إلّا المرأة ) ، فإنّ الختان فيها غير شرط ، لكنّه فضيلة وسنّة.

( وطهارة المولد ) بأن لا يكون ولد زنى على الحقيقة ، أمّا ولد الشبهة ومن تناله الألسن فإمامته جائزة.

( والعقل ) حالة الصلاة ، فلا يقدح الجنون أدوارا مع السلامة حالتها وإن كان مكروها.

( والبلوغ ) مع كون الصلاة فريضة ( إلّا الصبيّ بمثله ) فتصحّ إمامته له مطلقا.

( والرواية ) (١) الواردة ( بإمامة ذي العشر ) مع إرسالها وضعف سندها ( تحمل على ) إمامته في ( النفل ، وحملت ) أيضا ( على الضرورة ) وليس بجيّد.

( والذكورة إذا أمّ مثله ) ذكرا ( أو خنثى ) أمّا لو أمّ امرأة لم تشترط ، فيصحّ كون إمامها ذكرا أو خنثى.

( والإتيان بواجب القراءة ) وهو ما يعتبر فيها شرعا من إخراج الحروف من مخارجها وحركات الإعراب والبناء ونحوها ، فلا تصحّ إمامة اللاحن مع قدرته على الإصلاح مطلقا ، أمّا مع عجزه فتصحّ لمساويه في شخص اللحن والحرف الناقص لا بمخالفه وإن زاد لحن المأموم.

( والقيام ) إذا أمّ ( بمثله ) أمّا لو كان المأموم جالسا لم يعتبر قيام إمامه ، وكذا

__________________

(١) « الفقيه » ١ : ٣٥٨ ـ ١٥٧١.

٢٨٦

باقي الحالات.

نعم يعتبر كون حالة الإمام مساوية لحالة المأموم في الرتبة أو أعلى ، فتصحّ إمامة المضطجع لمثله وللمستلقي وهكذا.

( ومحاذاة المأموم موقف الإمام أو تقدّمه ) أي الإمام على المأموم ( بعقبة في ) القول ( الأصحّ ) (١) ونبّه بالأصحّ على خلاف ابن إدريس (٢) حيث اعتبر تأخّر المأموم ، ولم يكتف بالتساوي ، وعلى خلاف العلّامة (٣) حيث اعتبر عدم تقدّم المأموم بالعقب والأصابع معا.

ووجه التنبيه عليه : أنّ المصنّف اعتبر أحد الأمرين إمّا تساويهما أو تقدّم الإمام بالعقب ، وهو يشمل تساويهما في الأصابع وتقدّم الإمام بها ، وتقدّم المأموم بأن يكون قدمه أطول ، فعند المصنّف أنّ العقبين متى كانا متساويين ، أو عقب الإمام متقدّما لم يضرّ تقدّم أصابع المأموم.

وبهذا الإطلاق صرّح في الذكرى (٤) فيكون الحكم ، باعتبار الشرط مطلقا الشامل لموضع النزاع مع العلّامة ، تنبيها على خلافه.

وعلى القولين فلو تقدّم عقب المأموم مع تساوي أصابعهما لم تصحّ القدوة ، لفقد الشرط الذي هو مساواة المأموم لإمامه في العقب ، أو تأخّره عنه عند المصنّف ، وفقده الذي هو عدم التقدّم بالأمرين معا عند العلّامة (٥).

هذا كلّه بالنظر إلى الموقف ، أمّا باقي الأحوال فالظاهر أنّ حالة الركوع كحالة القيام ، ولا اعتبار فيه بالرأس ، وكذا السجود بالنسبة إلى الرأس ، لكن ينبغي مراعاة أصابع الرجل حينئذ.

وأمّا حالة التشهّد فيمكن اعتبار الأعجاز بدل الأعقاب ، ومقاديم الركبتين بدل

__________________

(١) « تذكرة الفقهاء » ٤ : ٢٤٠ المسألة : ٥٤١ ، وفيه ادّعى الإجماع عليه.

(٢) « السرائر » ١ : ٢٧٧.

(٣) « نهاية الإحكام » ٢ : ١١٧.

(٤) « الذكرى » ٢٧٤ ، قال : « والفاضل احتمل اشتراط التقدّم بالعقب والأصابع معا ، وهو أحوط ».

(٥) « نهاية الإحكام » ٢ : ١١٧.

٢٨٧

الأصابع ، ويتفرّع الحكم على القولين.

( وقربه ) أي قرب الإمام من المأموم ( عادة ) أي في العادة ، وإنّما يعتبر ذلك بين الإمام وأقرب مأموم إليه ، وأمّا غيره فيكفي قربه من مثله كذلك ، وعلى هذا فيعتبر حكم كلّ صفّ مع ما قبله ، ويشترط صدق المأموميّة على الواسطة بالفعل ، فلو كانت صلاته باطلة لم تصحّ صلاة البعيد المتأخّر.

وهل تكفي القدوة كما لو تحرّم البعيد قبل القريب؟ وجه استقر به المصنّف في البيان (١).

ولو انتهت صلاة الواسطة بطلت قدوة المتأخّر ، لفقد الشرط ، ووافق المصنّف على الحكم هنا.

وفي الفرق نظر.

( وانتفاء الحائل ) بين الإمام والمأموم ( إلّا في المرأة ) المصلّية ( خلف الرجل ) فلا يعتبر انتفاؤه ، والمراد بالحائل المانع من القدوة هو : الجسم المانع من الرؤية في جميع أحوال الصلاة مع كونه غير مؤتمّ ، فلا تقدح الظلمة المانعة ولا المخرم (٢) ، ولا ما يمنع قائما أو قاعدا خاصّة ، ولا حيلولة المأموم لمن خلفه مع مشاهدته لمن يشاهد من المأمومين بواسطة أو وسائط.

نعم يشترط هنا وفي البعد علمه بانتقالات الإمام في ركوعه وسجوده وقيامه على وجه لا يؤدّي إلى التخلّف الفاحش المخرج عن حدّ القدوة عادة.

واحترز بكون المرأة خلف الرجل عمّا لو أمّت مثلها ، فإنّ المشاهدة معتبرة كالرجل.

وكذا لو اقتدت بخنثى ، والخنثى المأموم كالرجل.

( وانتفاء العلوّ ) ، أي علوّ الإمام ـ المحدّث عنه فيما سبق الذي عادت إليه الضمائر ـ على المأموم بالمعتدّ به عرفا بحيث يسمّى علوّا عرفا ، وقدّر بما لا يتخطّى عادة ، وهو

__________________

(١) « البيان » ٢٣٥.

(٢) الخرم : الثقب والشقّ ، انظر : « النهاية » لابن الأثير ٢ : ٢٧.

٢٨٨

قريب منه ، وبشبر ، وهو في رواية (١) ضعيفة.

( والمطلق بالمقيّد. وتوافق نظم الصلاتين ) فلا يقتدى في اليوميّة بالكسوف ولا بالجنازة ولا العيد ، لاستلزامه مخالفة المأموم لإمامه ـ وإنّما جعل إماما ليؤتمّ به ـ أو أن يفعل أفعالا خارجة عن الصلاة.

و ( لا ) يعتبر اتّفاقهما في ( عددهما ) سواء اتّفقتا نوعا أم صنفا أم لا ، لإمكان المتابعة على التقديرين إلى تمام إحدى الصلاتين ، فيجوز اقتداء مصلّي الصبح بمصلّي الظهر وبالعكس ، والأداء بالقضاء وبالعكس.

( ومتابعة ) المأموم ( الإمام ولو مساوقة ) بحيث يقارنه في الأفعال ، والأفضل أن يتأخّر شروعه عن شروعه ، لتتحقّق المتابعة.

ويشمل إطلاق العبارة اعتبار المتابعة في الأقوال كالأفعال ، وصرّح به في غير (٢) الرسالة. والأقوى عدمه وإن كان أحوط وأفضل ، ( فيستمرّ المتقدّم ) عليه في الفعل بأن ركع أو سجد أو قام قبله ( عامدا ) في ذلك الفعل الذي سبق إليه إلى أن يلحقه الإمام ، ( ويعود الناسي ) إلى المتابعة ، ويغتفر ما زاده وإن كان ركنا ( ما لم يكثر كالسبق بركعة ، فينوي الانفراد ) ، لانمحاء صورة المتابعة عرفا ( مع قوّة الانتظار ) ، لإطلاق النصّ (٣) بعدم تأثير ذلك التقدّم من العامد والناسي. ولو ترك الناسي العود فكالعامد. ولو عاد العامد بطلت صلاته مطلقا.

( والمتأخّر سهوا يخفّف ) صلاته بأن يقتصر على أقلّ الواجب ( ويلحق ) الإمام ( ولو بعد التسليم ، والفضيلة والقدوة باقيتان ، على الرواية ) التي رواها خالد بن سدير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل دخل في صلاة في جماعة ، فسها إلى أن ركع الإمام وسجد سجدتيه ونهض للركعة الثانية وهو قائم قال : « يركع ويسجد سجدتيه ، وليلحق بالإمام في حال قيامه في الركعة الثانية ، فإن لحقه وقد ركع في الثالثة فقد لحق ، وإن

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٥٣ ـ ١٨٥.

(٢) « البيان » ٢٣٨ ، « الدروس » ١ : ٢٢١.

(٣) « الفقيه » ١ : ٢٥٨ ـ ١١٧٣ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٤٧ ـ ١٦٣.

٢٨٩

لحقه في سجوده فقد لحق فيقضي أبدا ما فاته في حال سهوه ، وليدرج صلاته حتّى يلحق بالإمام ولو في حال تشهّده ما لم ينصرف ، فقد لحق وله فضل الجماعة وإذا لحقه وقد سلّم ، وهو يقضي ركعة بعد ركعة والإمام يشرع بصلاته ولم يلحقه إلّا من بعد تسليمه فقد لحقه في كلّ صلاته وله فضل الجماعة » الحديث (١) ( وظاهرها سقوط القراءة ) لقوله عليه‌السلام : « فقد لحقه في كلّ صلاته ».

( وتحريم المأموم بعده لا معه في ) القول ( الأصحّ ) ، لارتباط صلاته بصلاته ولم يحصل ، ولأنّ الإمام إنّما جعل إماما ليتّبع ، وهذا كالمستثنى من تجويز المساوقة فيما تقدّم.

( وتعيين الإمام ) بالاسم أو الصفة ولو بكونه الحاضر ، فلو نوى الاقتداء بأحدهما لم يصحّ وإن اتّفقا في الأفعال.

ولو عيّن فأخطأ تعيينه بطلت وإن كان الثاني أهلا للإمامة.

ولو جمع بين الاسم والإشارة فأخطأ الاسم ففي ترجيح أيّهما قولان.

( ونيّة الاقتداء ) من المأموم فلو تركها فهو منفرد ، فإن ترك القراءة عمدا أو جهلا وركع بطلت صلاته حينئذ ، أمّا نيّة الإمام فمستحبّة حيث تستحبّ الجماعة.

( واشتراط اثنين فصاعدا ) أحدهم الإمام والثاني مؤتمّ وإن كان امرأة أو صبيّا مميّزا.

وما ورد (٢) عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث الجهني من أنّ المؤمن وحده جماعة فالمراد به إدراك فضيلة الجماعة لطالبها إذا تعذّرت عليه كما أشعرت به الرواية ( إلّا في واجبها بالأصالة ) كالجمعة والعيدين فلا يكفي الاثنان ، بل تعتبر الخمسة أو السبعة.

( وإدراك الركوع مع ركوع الإمام ) بأن يصل إلى حدّ الراكع قبل أن يأخذ الإمام في الرفع منه وإن لم يجتمعا في الذكر الواجب ، وهذا شرط لإدراك الركوع لا الجماعة ، فإنّها تحصل بإدراك جزء من الصلاة ( فمدرك السجدتين ) بحيث يسجدهما مع الإمام ( يستأنف ) الصلاة بعد تسليمه أو قيامه.

أمّا لو أدركهما ولم يسجد معه ـ كأن كبّر قبلهما وانتظره جالسا أو قائما إلى

__________________

(١) لم نعثر على مأخذ هذا الحديث.

(٢) « دعائم الإسلام » ١ : ١٥٤.

٢٩٠

أن يسلّم أو قام ـ بنى على التكبير.

ولو أدرك سجدة واحدة بالمعنى الأول ففي الاستئناف قولان : أجودهما ـ وهو الذي اختاره المصنّف ـ الاستئناف.

( ومدرك القعدة ) من غير سجود ( يبني ) على تكبيرة ( ولو تشهّد ) معه ، ثمّ إن كانت القعدة الأخيرة قام إلى صلاته بانيا على التكبير بعد تسليم الإمام ، وإن كانت غيرها تابع الإمام ، وجعل الركعة المتعقّبة للجلسة أوّل صلاته.

فالحاصل : أنّ من تحرّم بالصلاة بعد ركوع الإمام يتخيّر بين أن يجلس ويتابعه في أفعال الجلوس ، وهو الأفضل ، ثمّ يستأنف إن سجد ، وإلّا فلا ، وبين أن يجلس ولا يتابعه في السجود ، فيبني وإن تشهّد معه ، وبين أن يستمرّ قائما إلى أن يسلّم الإمام أو يقوم فيتابعه فيما بقي ويجعله أوّل صلاته ، وهو أدون الثلاثة فضلا.

( ووظائفها ) أي الجماعة ( مع ذلك ) المذكور من الشرائط والأحكام ( مائة وخمس : فعلها في ) المسجد ( الجامع ) أي الذي يجمع فيه أهل البلد جمعة وجماعة.

( و ) فعلها ( في الأجمع ) أي الأكثر جمعا مع التعدّد.

وكذا يرجّح المسجد بأفضليّة إمامه بورع أو فقه أو قراءة أو غيرها من المرجّحات ، فقد ورد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من صلّى خلف عالم فكمن صلّى خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » (١) وتقدّم (٢) فيه خبر آخر.

ولو تساوت في المرجّحات فهل الأقرب إلى المسجد أولى مراعاة للجواز أو الأبعد مراعاة لكثرة الخطاء؟ نظر ، أقربه الأول ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا صلاة لجار المسجد إلّا فيه » (٣).

وروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « أنّ المساجد شكت إلى الله تعالى الذين

__________________

(١) « كشف الخفاء ومزيل الإلباس » ٢ : ٣٣٧ ـ ٢٥١٤ ، ونقله في « مستدرك الوسائل » ٦ : ٤٧٣ عن رسالة لبّ اللباب للقطب الراوندي.

(٢) تقدّم في الصفحة : ٢٨٤ ، الهامش (٥).

(٣) « تهذيب الأحكام » ١ : ٩٢ ـ ٢٤٤.

٢٩١

لا يشهدونها من جيرانها ، فأوحى الله تعالى إليها : وعزّتي وجلالي لا قبلت لهم صلاة واحدة ، ولا أظهرت لهم في الناس عدالة ، ولا نالتهم رحمتي ، ولا يجاوروني في جنّتي » (١).

( و ) فعلها في ( مسجد لا تتمّ جماعته إلّا بحضوره ) بأن لا يكون له إمام غيره أو تكثر الجماعة بحضوره أو نحو ذلك ، ليجتمع له مع الجماعة إعانة من فيه عليها ( ومسجد العامّة ، ليخرج بحسناتهم ) إذا صلّى معهم منفردا ، وتابعهم في أفعالهم مظهرا الاقتداء بهم ( ويغفر له بعدد من خالفه ) روي ذلك عن الصادق (٢) عليه‌السلام في أخبار متعدّدة. وفي بعضها : « أنّه كمن صلّى خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٣).

( وإعادة المنفرد ) صلاته ( جماعة و ) كذا ( الجامع في قول قويّ إماما ) كان في كلّ واحدة منهما ( أو مأموما ) ، لإطلاق النصوص (٤) باستحباب إعادة المصلّي من غير تفصيل. والأقوى استرسال الاستحباب ، لعموم الأدلّة.

ثمّ على اعتبار نيّة الوجه ينوي المعيد الندب ، لبراءة ذمّته بالأولى.

ولو نوى الوجوب صحّ أيضا ، لرواية هشام بن سالم في الرجل يصلّي الغداة وحده ثمّ يجد جماعة قال : « يصلّي بهم ويجعلها الفريضة إن شاء » (٥).

وربّما أشكل ذلك بأنّ النيّة حينئذ غير مطابقة للواقع ، وعلى ما اخترناه من عدم اعتبار التعرّض للوجه يسهل الخطب فينوي الصلاة المعيّنة متقرّبا.

( والاقتداء بإمام الأصل أو نائبه ثمّ الراتب ) لإمامة المسجد ونحوه ( وصاحب المنزل ) سواء كان مالكا لعينه أم لمنفعته حتّى المستعير ( و ) صاحب ( الإمارة ) العادلة.

__________________

(١) « أمالي الشيخ الطوسي » ٦٩٦ ـ ١٤٨٥.

(٢) لم نعثر عليه في المصادر الحديثية ، ونقله المصنّف في « الذكرى » ٢٦٧.

(٣) « الكافي » ٣ : ٣٨٠ باب الرجل يصلّي وحده. ح ٦ ، « الفقيه » ١ : ٢٥٠ ـ ٢٥١ ـ ١١٢٦ ، « أمالي الشيخ الصدوق » ٣٠٠ ـ ١٤.

(٤) « الكافي » ٣ : ٣٧٩ باب الرجل يصلّي وحده. ح ١ ، ٢ ، « الفقيه » ١ : ٢٥١ ـ ١١٣١ ـ ١١٣٢ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٥٠ ـ ١٧٤ ـ ١٧٥.

(٥) « الفقيه » ١ : ٢٥١ ـ ١١٣٢.

٢٩٢

والمراد باستحباب الاقتداء بالثلاثة كونهم أولى من غيرهم بها بعد إمام الأصل ونائبه وإن كان أفضل منهم ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يؤمّنّ الرجل في بيته ولا في سلطانه » (١) ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من زار قوما فلا يؤمّهم » (٢).

وأولويّة الثلاثة ليست مستندة إلى فضيلة ذاتيّة ، بل إلى سياسة أدبية ، فلو أذنوا لغيرهم انتفت الكراهة.

وهل الأولى لهم الإذن للأكمل أو مباشرة الإمامة؟ تردّد المصنّف في الذكرى (٣) ، لعدم النصّ.

ولا تتوقّف ولاية الراتب في المسجد على حضوره ، فلو تأخّر روسل ليحضر أو يستنيب إلى أن يخرج وقت الفضيلة ، والظاهر في إخوته ذلك.

ولو اجتمع صاحب المنزل أو المسجد والإمارة قدّما عليه ، كما يقدّم مالك منفعة الأرض على مالك رقبتها لو اجتمعا.

( ومختار المأمومين ) بعد انتفاء الخمسة السابقة إن اتّفقوا أجمع. ( ولو اختلفوا ) في التعيين ( قدّم الأقرأ ) من المعيّنين ، والمراد به الأجود أداء وإتقانا للقراءة ومعرفة لأصولها المقرّرة وإن كان أقلّ حفظا ، فإن تساووا في ذلك قدّم الأكثر حفظا ، وإن تساووا في جميع ذلك ( فالأفقه ) في أحكام الصلاة.

فإن تساووا فيه ففي ترجيح الأفقه في غيرها نظر : من صدق الأفقه فيه ، ومن عدم تعلّقه بالصلاة المقصودة بالذات.

ورجّح المصنّف في الذكرى (٤) الثاني ، ولعلّ الأقوى الأوّل ، فإنّ المرجّحات المذكورة لا تتعلّق كلّها بالصلاة كالهجرة والسنّ.

فالوجه اعتبار عموم الأدلّة ، بل الفقه أدخل في مزايا الصلاة مطلقا ، لما مرّ (٥) من

__________________

(١) « سنن البيهقي » ٣ : ١٢٥ ، باب إمامة القوم لا سلطان فيهم.

(٢) « سنن البيهقي » ٣ : ١٢٦ ، باب الإمام الراتب أولى من الزائر.

(٣). « الذكرى » ٢٧٢.

(٤). « الذكرى » ٢٧٢.

(٥) مرّ في الصفحة : ٢٨٥ ـ ٢٨٦.

٢٩٣

أفضليّة الصلاة خلف العالم.

فإن تساووا في جميع ذلك ( فالأشرف ) نسبا كالهاشمي بالنسبة إلى غيره.

ويمكن شمول العبارة لتقديم الأشرف أبا من بني هاشم على قبيلة كالعلوي على العباسي والحسني على الحنفي وهكذا ، وقد جعله في الذكرى (١) احتمالا.

فإن تساووا في جميع ذلك ( فالأقدم هجرة ) من دار الحرب إلى دار الإسلام ، هذا هو الأصل في الهجرة.

وربّما جعلت في زماننا سكنى الأمصار ، لأنّ ساكنيها أقرب إلى تحصيل شرائط الإمامة ومكارم الأخلاق والكمالات من أهل القرى والبوادي.

وقد روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنّ الجفاء والقسوة في الفدادين » (٢).

قيل (٣) : هم أهل القرى والبوادي إمّا بتشديد الدال الأولى أو تخفيفها على حذف المضاف ، أي أصحاب الفدادين ، وقيل (٤) : هي في زماننا : التقدّم في التعلّم قبل الآخر.

فإن تساووا في جميع ذلك ( فالأسنّ ) في الإسلام وإن كان أصغر سنّا من الآخر ، فإن تساووا فيه ( فالأصبح وجها أو ذكرا ) ، لدلالته على مزيد عناية الله تعالى به ، وكونه دليلا على الصلاح كما ورد في الخبر (٥).

فإن تساووا في جميع ذلك ( فالقرعة ) ، لأنّها لكلّ أمر مشكل ، وهذا منه.

وما اختاره المصنّف من الترتيب هو أجود الأقوال في المسألة.

( وينبغي ) في الإمام ( السلامة من العمى وخصوصا ) إذا صلّى ( في الصحراء ) ، لقول

__________________

(١) « الذكرى » ٢٧٣.

(٢) « صحيح البخاري » ٤ : ٢١٧ ، ورد فيه ضمنا.

(٣) « الصحاح » ٢ : ٥١٨ ، « معجم مقاييس اللغة » ٤ : ٤٣٨ ، « فدد ».

(٤) نسبه في « الذكرى » ٢٧٣ إلى نجم الدين بن يحيى.

(٥) « الفقيه » ١ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧ وفيه : « قال أبي في رسالته إليّ ». إلى آخره ، « فقه الرضا » ١٤٣ ، وذكره السيد المرتضى بلفظ « روي » في « جمل العلم والعمل » ضمن « رسائل الشريف المرتضى » ٣ : ٤٠ ، ونقله في « المعتبر » ٢ : ٤٤٠ عن مصباح السيد المرتضى.

٢٩٤

عليّ عليه‌السلام : « لا يؤمّ الأعمى في البريّة ، ولا يؤمّ المقيّد المطلقين » (١) ، ( والجذام والبرص وخصوصا في الوجه ) ، لما روي (٢) من النهي عن إمامة من في وجهه أثر ، مع روايات (٣) كثيرة دلّت على النهي عن إمامتهما مطلقا ، ( و ) السلامة من ( الفالج والعرج والقيد والحدّ مع التوبة ) ، للنهي عن إمامة المتّصف بذلك في الأخبار (٤).

( وأن لا يكون ) الإمام ( أعرابيّا ) وهو المنسوب إلى الأعراب سكّان البادية ، لنقصه بذلك عن مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم المستفادة من الحضر كما نبّه عليه في ترجيح الأقدم هجرة.

وقد يطلق الأعرابي على من لا يعرف محاسن الإسلام وتفاصيل الأحكام من سكّان البوادي المعنيّ بقوله تعالى ( الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ ) (٥) وعلى من عرف ذلك منهم ولكن ترك المهاجرة مع وجوبها ، عليه وعلى هذين التفسيرين تمتنع إمامته ، وهما أو أحدهما المراد من قول من حرّم إمامته من الأصحاب (٦).

( أو متيمّما ) بالمتطهّرين بالمائية وضوء أو غسلا ( أو عبدا ) ، لنقصه عن كمال مرتبة الإمامة ، واستثني من ذلك إمامته أهله ، لقول عليّ عليه‌السلام : « لا يؤمّ العبد إلّا أهله » (٧).

والمراد بهم مواليه إذا كان أقرأهم كما ورد في خبر (٨) آخر.

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٣٧٥ باب من تكره الصلاة خلفه. ح ٣ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٧ ـ ٩٤.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٨١ ـ ٨٣٣.

(٣) « الكافي » ٣ : ٣٧٥ باب من تكره الصلاة خلفه. ح ١ ، « الفقيه » ١ : ٢٤٧ ـ ١١٠٥ ـ ١١٠٦ ، « تهذيب الأحكام » ٣ :

٢٦ ـ ٢٧ ـ ٩٢.

(٤) « الكافي » ٣ : ٣٧٥ باب من تكره الصلاة خلفه. ح ٢ ، ٣ : ٣٧٥ ـ ٣٧٦ باب من تكره الصلاة خلفه. ح ٤ ، « الفقيه » ١ : ٢٤٧ ـ ١١٠٥ ـ ١١٠٦ ، ١ : ٢٤٨ ـ ١١٠٨ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٧ ـ ٩٤.

(٥) « التوبة » ٩ : ٩٧.

(٦) « الجمل والعقود » ضمن « الرسائل العشر » ١٩١ ، « المقنع » ١١٧ ، « النهاية » ١١٢ ، « المبسوط » ١ : ١٥٥ ، « تذكرة الفقهاء » ٤ : ٢٩٧ ، المسألة : ٥٧٢.

(٧) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٩ ـ ١٠٢ ، « الاستبصار » ١ : ٤٢٣ ـ ١٦٣١.

(٨) لم نعثر عليه في المصادر الحديثية ، لكن الشيخ في « الخلاف » ١ : ٥٤٧ ، قال ما لفظه : « وروي في بعض رواياتنا : لا يؤمّ العبد إلّا مولاه ».

٢٩٥

ومنع بعض (١) الأصحاب من إمامته للأحرار مطلقا.

( أو أسيرا ) ، للنص (٢) على ذلك ، ( أو مكشوف غير العورة ) من أجزاء البدن التي يستحبّ له سترها ( وخصوصا الرأس ) ومستند ذلك كلّه الأخبار (٣) الواردة بالنهي عن إمامة من ذكر ، المحمول على الكراهة جمعا.

( أو حائكا ولو ) كان ( عالما ، أو حجّاما ولو ) كان ( زاهدا ، أو دبّاغا ولو ) كان ( عابدا ) روى ذلك في الفقيه جعفر بن أحمد القميّ في كتاب الإمام والمأموم بإسناده إلى الصادق عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تصلّوا خلف الحائك وإن كان عالما ، ولا تصلّوا خلف الحجّام وإن كان زاهدا ، ولا تصلّوا خلف دبّاغ وإن كان عابدا » (٤).

( أو ادرأ ) بالهمزتين المفتوحة ثمّ الساكنة أوّلا ، وقد تقلب حرف مدّ كآدم ـ وهو ذو الأدرة ـ بضمّ الهمزة وسكون الدال ففتح الراء ـ نفخة في الخصية ـ بضمّ الخاء ـ ( أو مدافع الأخبثين ) أو الريح أو النوم كما مرّ (٥) ( أو جاهلا لغير الواجب ) من المعارف التي تتمّ العدالة وصحّة الصلاة بدونه ـ بمن هو أعلم منه ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أمّ قوما وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة » (٦) ( إلّا بمساويهم ) استثناه من جميع من تقدّم ممّن تكره إمامته.

( وروي : ولا ابنا بأبيه ) وإنما نسبه إلى الرواية ، لعدم صحّتها ، وعدم تعرّض الأصحاب له في الفتاوى ، ولكنّ المصنّف رحمه‌الله يثبت السنن بمثل ذلك في هذه

__________________

(١) نسبه في « الذكرى » ٢٧٠ إلى ابن حمزة ، لكن هذه النسبة لا تخلو من تأمّل فهو لم يقل بالمنع مطلقا ، كما في « الوسيلة » ١٠٥ ، اللهم إلا أن يقال : ذكر ذلك في غير « الوسيلة ».

(٢) « الكافي » ٣ : ٣٧٥ باب من تكره الصلاة خلفه ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٦٩ ـ ٧٧٣.

(٣) « الكافي » ٣ : ٣٧٥ باب من تكره الصلاة خلفه ، ح ١ ، ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٦٦ ـ ٣٦١ ـ ٣٦٢.

(٤) لم ترد الرواية في المصادر الحديثية ، نعم نقلها في « بحار الأنوار » ١٠٠ : ٧٩ ـ ٩ عن « شرح النفلية » وهو الكتاب الماثل بين يديك.

(٥) مرّ في الصفحة : ٢٣٣.

(٦) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٥٦ ـ ١٩٤.

٢٩٦

الرسالة ، ومدرك الكراهة قريب من مدركها ، وأكثر المكروهات السابقة من هذا الباب.

( وليستنيب الإمام ) إذا عرض له مانع من إكمال الصلاة أحدا من المأمومين ( شاهد الإقامة ) ، لقول الصادق عليه‌السلام : « إذا أحدث الإمام وهو في الصلاة ، فلا ينبغي له أن يقدّم إلّا من شهد الإقامة » (١). وحقّ الاستخلاف للإمام ( سواء كانت صلاة الإمام باطلة من أصلها ) كما لو تبيّن له كونه غير متطهّر ( أو من حينها ) كما إذا عرض له الحدث في الأثناء ، لما روي عن عليّ عليه‌السلام : « من وجد أذى فليأخذ بيد رجل فليقدّمه » (٢).

( وروي (٣) في ) الصورة ( الأولى ) وهي ما لو كانت صلاة الإمام باطلة من أصلها ( أنّ الاستنابة للمأموم ) وتوجيهها : أنّ الإمام المذكور لا حقّ له في الصلاة حيث لم يدخل فيها ، بخلاف الآخر.

( وليغطّ الإمام المنصرف للحدث أنفه ) ، ليعلم المأمومين بالحال ( على رواية (٤) ، ولا يستناب المسبوق ) ، لاحتياجه إلى أن يستخلف من يسلّم بهم ، وربّما نسي وقام إلى تمام صلاته فقاموا معه سهوا ( قيل : ولا السابق ) ، لاختلاف مقادير الصلاة فيتعرّض للسهو كإمامة الحاضر بالمسافر وبالعكس.

ثمّ متى كانت الاستنابة من المأمومين فلا بدّ لهم من نيّة الاقتداء بالثاني مقصورة على القلب ، ولا يعتبر فيها سوى قصد الائتمام بالمعيّن متقرّبا.

وإن كان المستخلف الإمام. ففي اعتبار نيّة المأموم وجهان : من كون النائب خليفة الإمام فيكون بحكمه ، ومن بطلان إمامة السابق فلا بدّ من نيّة الاقتداء بالحادث ، وهو الأجود.

ثمّ إن كان العارض حصل قبل القراءة قرأ المستخلف والمنفرد لنفسه جميع القراءة.

وإن كان في أثنائها ففي البناء على ما وقع منها ، أو الاستئناف ، أو الاكتفاء بإعادة

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٤٢ ـ ١٤٦ ، « الاستبصار » ١ : ٤٣٤ ـ ١٦٧٤.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٢٥ ـ ١٣٣١ ، « الاستبصار » ١ : ٤٠٤ ـ ١٩٤٠.

(٣) لم نعثر على الرواية فيما لدينا من المصادر.

(٤) « الفقيه » ١ : ٢٦٢ ـ ١١٩٢.

٢٩٧

السورة التي فارق فيها؟ أوجه : أعدلها الأخير وأقواها الأوّل ، إلّا أن تتراخى القراءة بحيث يخلّ بالموالاة فالاستئناف.

وإن كان بعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع ، ففي الاكتفاء بقراءته أو استئناف القراءة لكونه في محلّها ولم يقرأ؟ وجهان : أجودهما الأول.

( وقصد الصفّ الأول ) لأهله ، أمّا غيرهم فيكره له التقدّم إليه متى كان في الحاضرين من أهله من يكمله إلّا أن تقام الصلاة ويقصروا في إقامته ( وإطالته إلّا مع الإفراط ) في طوله عرفا ( والتخطّي إليه ) إذا وجد فيه فرجة ( ما لم يؤذ أحدا ).

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من استطاع أن يتمّ الصفّ الأوّل من الذي يليه فليفعل ، فإنّ ذلك أحبّ إلى نبيّكم ، فإنّ الله وملائكته يصلّون على الذين يتمّون الصفوف » (١).

( واختصاص الفضلاء ) في علم أو عمل أو عقل ( به ) ، لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ليليني ذوو الأحلام ثمّ الذين يلونهم » (٢).

وعن الباقر عليه‌السلام : « ليكن الذين يلون الإمام أولوا الأحلام منكم والنهى ، فإن نسي الإمام أو تعايا قوّموه ، وليقدّم العلماء على الصلحاء ، والصلحاء على العقلاء » (٣). وإن كان ظاهر الخبر اعتبار الأخير خاصّة ، فإن تمّ بهم الصفّ الأوّل وإلّا ففي الذي يليه وهكذا.

ولو لم يتمّوا الأوّل أكمل بمن يليهم.

وليتقدّم الأشراف من كلّ صنف على من سواهم ، ومن يصلح للنيابة عن الإمام عند الحاجة بالقرب منه.

( ومنع الصبيان والعبيد والأعراب منه ، وتوسّط الإمام الصفوف ) بمعنى أنّه لا يكون في حاشيته ، وقد رويت (٤) رخصة في ذلك ، وأنّ أبا عبد الله عليه‌السلام صلّى بقوم وهو

__________________

(١) « دعائم الإسلام » ١ : ١٥٥.

(٢) « تنبيه الخواطر » ٢ : ٢٦٦ ، « سنن أبي داود » ١ : ٤٣٦ ـ ٦٧٤ ، « صحيح مسلم » ١ : ٣٢٣ ـ ٤٣٢ ، « سنن النسائي » ٢ :

٨٧.

(٣) « الكافي » ٣ : ٣٧٢ باب فضل الصلاة في الجماعة ، ح ٧.

(٤) « الكافي » ٣ : ٣٨٦ باب الرجل يخطو إلى الصفّ. ح ٨.

٢٩٨

إلى زاوية في بيت بقرب الحائط وكلّهم عن يمينه وليس عن يساره أحد.

( ووقوف الجماعة ) والمراد بهم هنا من فوق الواحد ( خلفه ، وتأخّر الأنثى ) عنهم وعن الصبيّ ( والمؤنّث ) وهو الخنثى.

وحاصل الترتيب أن يتقدّم الفضلاء من الأحرار فيقفوا خلفه ، ثمّ الأحرار ، ثمّ العبيد البالغون ، ثمّ الصبيان ، ثمّ الخناثى ، ثمّ النساء ، ثمّ الصغار منهنّ.

( وتيامن الذكر الواحد ) أي وقوفه عن يمين الإمام ، ويتقدّم الإمام عنه بيسير ، وقد روي أنّ النبيّ (١) صلى‌الله‌عليه‌وآله جذب ابن عباس من ورائه فأداره عن يمينه ( لا تأخّره ) ولا تياسره ، لأنّه خلاف سنّة موقف الواحد.

( ومسامتة جماعة العراة والنساء للإمام ) الموافق بأن يكون عاريا أو امرأة.

ولو احتيج النساء إلى أزيد من صفّ وقفت التي تؤمّ وسط الأوّل غير بارزة عنه. ولو أمّهنّ رجل وقفن خلفه وإن كانت واحدة. ( ومساواة الإمام في الموقف أو علوّ المأموم ) ومقابل ذلك علوّ الإمام بما لا يبلغ حدّ المنع. ( وإقامة الصفوف ) وتسويتها ( بمحاذاة المناكب ).

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « سوّوا بين صفوفكم وحاذوا بين مناكبكم لا يستحوذ عليكم الشيطان » (٢).

وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح مناكبهم في الصلاة ويقول : « استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم » (٣).

( وتباعدها ) أي الصفوف بعضها عن بعض ( بمربض عنز ).

وحاصله : أن تكون متواصلة لا يكون بين كلّ صفّ وما يليه إلّا قدر مسقط الجسد إذا سجد.

( وعدم الحيلولة بنهر أو مخرم أو زقاق في الأصحّ ) ، للنهي عنه في الأخبار (٤) ، وفيها

__________________

(١) « صحيح مسلم » ١ : ٥٢٥ ـ ٨٦٣ ، « سنن النسائي » ٢ : ١٠٤ ، « سنن الترمذي » ١ : ١٤٧ ـ ٢٣٢.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٨٣ ـ ٨٣٩.

(٣) « تنبيه الخواطر » ٢ : ٢٦٦.

(٤) « الفقيه » ١ : ٢٥٣ ـ ١١٤٤ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٥٢ ـ ١٨٢.

٢٩٩

« أنّ هذه المقاصير المخرّمة لم تكن في زمن أحد من الناس وإنّما أحدثها الجبّارون » ، والخلاف في الجميع ، فإنّ أبا الصلاح (١) منع من الصلاة بحيلولة النهر والمقصورة المشبّكة ، لظاهر النهي ، وهو محمول على الكراهة.

( والقرب من الإمام ) لمن هو أهله ( وخصوصا اليمين ) منه أو من الصفّ الأوّل ، لما روي (٢) أنّ الرحمة تنتقل من الإمام إليهم ، ثمّ إلى يسار الصفّ ثمّ إلى الباقي.

وينبغي اختصاص اليمين بأفضل الفضلاء لذلك.

( وتأخّر المرأة عن الصبيّ والعبد ) وقد تقدّم (٣) أنّ العبد البالغ مقدّم على الصبي ( وتأخّر المرأة عن الخنثى ) وإن كان صغيرا ، لاحتمال ذكوريّته ، وقد تقدّم (٤).

( وعدم دخول الإمام المحراب ) الداخل في المسجد أو في الحائط كثيرا ( إلّا لضرورة ) ، للنهي (٥) عنه ، ولتعرّضه لفساد صلاة من على يمينه ويساره على بعض الوجوه.

( ووقوف المأموم وحده ) ، للنهي (٦) عنه ، بل ذهب بعض (٧) الأصحاب إلى تحريمه مع إمكان قيامه في الصفّ من غير أذيّة به.

وقد روي (٨) أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر رجلا صلّى خلف الصفوف وحده بإعادة صلاته.

وإنّما يكره إذا كان رجلا يمكنه القيام في الصفّ ، فلو كان امرأة واحدة أو لم يتمكّن من الصفّ انتفت الكراهة.

ولو وجد الرجل فرجة فله السعي إليها وإن لم يكن في الصفّ الأخير ، لتقصير

__________________

(١) « الكافي في الفقه » ١٤٤ ـ ١٤٥.

(٢) لم نعثر على مأخذه ، وفي « بحار الأنوار » ٨٥ : ١٠٧ ـ ٧٨ باب أحكام الجماعة نقله عن « الفوائد المليّة ».

(٣). تقدّم في الصفحة : ٢٩٩.

(٤). تقدّم في الصفحة : ٢٩٩.

(٥) « الفقيه » ١ : ١٥٣ ـ ٧٠٨ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٥٣ ـ ٦٩٦.

(٦) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٨٢ ـ ٢٨٣ ـ ٨٣٨.

(٧) نقله في « الذكرى » ٢٧٦ عن ابن الجنيد.

(٨) « سنن أبي داود » ١ : ٤٣٩ ـ ٦٨٢ ، « سنن البيهقي » ٣ : ١٠٤ ـ ١٠٥ ، « سنن الترمذي » ١ : ١٤٦ ـ ١٤٧ ـ ٢٣١.

٣٠٠