الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


المحقق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-541-5
الصفحات: ٤٢٩

وروى المفضّل عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « ما من شي‌ء يعبد الله به يوم الجمعة أحبّ إلى الله من الصلاة على محمّد وآل محمّد » (١).

( و ) الإكثار فيه ( من العمل الصالح ) روى أبان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إنّ للجمعة لحقّا فإيّاك أن تضيّع أو تقصّر في شي‌ء من عبادة الله والتقرّب إليه بالعمل الصالح وترك المحارم كلّها ، فإنّ الله يضاعف فيه الحسنات ويمحو فيه السيّئات ويرفع فيه الدرجات ـ قال : وذكر ـ أنّ يومه مثل ليلته ، فإن استطعت أن تحييه بالصلاة والدعاء فافعل » (٢).

وروى أحمد بن أبي بصير عن الرضا عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ يوم الجمعة سيّد الأيّام يضاعف فيه الحسنات ويمحو فيه السيئات ويرفع فيه الدرجات ويستجيب فيه الدعوات ويكشف فيه الكربات ويقضي فيه الحاجات العظام ، وهو يوم المزيد لله فيه عتقاء وطلقاء من النار ، ما دعا الله فيه أحد من الناس وعرف حقّه وحرمته إلّا كان حقّا على الله أن يجعله من عتقائه وطلقائه من النار ، وإن مات في يومه أو ليلته مات شهيدا وبعث آمنا ، وما استخفّ أحد بحرمته وضيّع حقّه إلّا كان حقّا على الله عزوجل أن يصليه نار جهنّم إلّا أن يتوب » (٣).

( وقراءة الإسراء والكهف والطواسين الثلاث ) : الشعراء والنمل والقصص ( والسجدة ولقمان وفصّلت والدخان والواقعة ليلتها ، وقراءة التوحيد بعد الصبح مائة مرّة ) وكذا يستحب قراءتها مائة مرّة في سائر الأيّام وإن كان في الجمعة آكد ( والاستغفار مائة مرّة ) وكذا في غيرها. ( وقراءة النساء وهود والكهف والصافّات والرحمن ، وزيارة الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام وخصوصا نبيّنا عليه‌السلام والحسين عليه‌السلام ) من قرب وبعد ، ( وزيارة قبور المؤمنين ، وترك ) إنشاد ( الشعر ، والحجامة ، والهذر ) بالتحريك ـ وهو الإكثار من الكلام بغير فائدة.

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٤٢٩ باب نوادر الجمعة ، ح ٣.

(٢) « الكافي » ٣ : ٤١٤ باب فضل يوم الجمعة وليلته ، ح ٦ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٣ ـ ٣ ، « مصباح المتهجّد » ٢٨٣.

(٣) « الكافي » ٣ : ٤١٤ باب فضل يوم الجمعة وليلته ، ح ٥ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢ ـ ٣ ـ ٢.

٢٦١

( وللعيد ستّون ، تقارنها سبع : )

( فعلها حيث تختلّ الشرائط ) المعتبرة في وجوبها ، وهي شرائط الجمعة ( جماعة وفرادى ) ، بخلاف الجمعة فإنّها مع اختلال شرائط الوجوب مطلقا تسقط رأسا ( و ) أن تقدّم عليها ( وظائف الجمعة ) المتقدّمة ( من الغسل والتعمّم وشبهه ، وروى ) عمّار عن الصادق (١) عليه‌السلام : ( إعادتها لناسي الغسل بعده ) ما دام الوقت باقيا ، وإن مضى الوقت جازت.

( والخروج إلى المصلّى بعد انبساط الشمس وذهاب شعاعها ) ، لأنّ ذلك أفضل وقتها.

والذي دلّت عليه رواية زرارة عن الصادق (٢) عليه‌السلام ، وذكره المصنّف في غير (٣) الرسالة وغيره (٤) : « أنّ وقت الخروج بعد طلوع الشمس ، لأنه أوّل الوقت » وإن كان وقت فضيلتها بعده ، لأنّه مع التأهّب له قبله يحصل الفوز بأوّله ، بل ظاهر المفيد (٥) أنّه يخرج قبل طلوعها وإن تأخّرت الصلاة ، لعموم ( وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) (٦).

وعورض (٧) بأنّ التعقيب في الصبح في المساجد إلى طلوع الشمس أولى ، وفضيلة الوقت ـ وهي انبساط الشمس ـ تحصل بالخروج بعده.

( وتأخير الخروج في الفطر عن الخروج في الأضحى ) وكذا تأخير الصلاة ، لاستحباب الإفطار قبل خروجه هنالك ، ولاشتغاله بإخراج زكاة الفطر قبل الصلاة ، وليتّسع الزمان للتضحية بتقديم صلاة الأضحى.

( ولبس البرد ) ، تأسّيا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد كان له ثوب جيّد لجمعته

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٨٥ ـ ٨٥٠ ، « الاستبصار » ١ : ٤٥١ ـ ١٧٤٧.

(٢) « الكافي » ٣ : ٤٥٩ باب صلاة العيدين. ح ١ ، « إقبال الأعمال » ٢٨١ ، والرواية فيهما عن الباقر عليه‌السلام.

(٣) « الذكرى » ٢٣٩.

(٤) « الخلاف » ١ : ٦٧٥ المسألة : ٣٩٤ ، وعن ابن الجنيد في « مختلف الشيعة » ٢ : ٢٧٦ ، المسألة : ١٦٣.

(٥) « المقنعة » ١٩٤.

(٦) « آل عمران » ٣ : ١٣٣.

(٧) « مختلف الشيعة » ٢ : ٢٧٦ المسألة : ١٦٣ ، قال : « احتجّ المفيد بما فيه من المبادرة إلى فعل الطاعة ، والجواب : التعقيب في المساجد طاعة أيضا ».

٢٦٢

وعيده وكان يقول صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته وعيده » (١).

وروى محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بدّ من العمامة والبرد يوم العيد والفطر ، فأمّا الجمعة فإنّها تجزئ بغير عمامة وبرد » (٢).

( والمشي ) إلى المصلّى دون الركوب ، للتأسّي ، ( والسكينة ) فيه في الأعضاء ( والوقار ) في النفس ، ( ومغايرة طريقي الذهاب والإياب ) ، تأسّيا بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلّل ذلك بأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يذهب في أطول الطريقين ، تكثيرا للأجر ، ويرجع في أقصرهما ، لأنّ رجوعه إلى المنزل ، أو ليتصدّق على فقرائهما ، أو ليشهد له الطريقان ، أو ليتساوي أهلهما في التبرّك ، أو ليسأله أهلهما عن الأمور الشرعيّة.

( وخروج المؤذّنين بين يدي الإمام بأيديهم العنز ) جمع عنزة ـ بالتحريك مفتوحا ـ وهي عصاة طويلة فيها زجّ كزجّ الرمح قال الهروي : « والعكازة نحو منها » (٣).

( والتحفّي ) في المشي خارجا إليها ( وذكر الله تعالى ) روي (٤) ذلك من فعل الرضا عليه‌السلام حين خرج في عهد المأمون لصلاة العيد ، وقد روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « من اغبرّت قدماه في سبيل الله حرّمهما الله على النار » (٥) ) ، فتبعه المأمون في المشي والحفاء والذكر.

( والإصحار بها إلّا بمكّة ) شرّفها الله تعالى ، تأسّيا (٦) بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّه كان يصلّيهما خارج المدينة بالبقيع. وعن الصادق عليه‌السلام : « السنّة على أهل الأمصار أن يبرزوا في أمصارهم في العيدين إلّا أهل مكّة ، فإنّهم يصلّون في المسجد

__________________

(١) « تلخيص الحبير » ٢ : ٧٠.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٨٤ ـ ٨٤٥.

(٣) « الغريبين » ٣ : ٨٠ ، « عنز ».

(٤) « الكافي » ١ : ٤٨٨ ـ ٤٩٠ كتاب الحجة ، ح ٧ ، « الإرشاد » ٣١٢ ـ ٣١٣ ، « عيون أخبار الرضا » ٢ : ١٤٩ ـ ١٥١ ـ ٢١.

(٥) « مسند أحمد » ٣ : ٤٧٩ ، « سنن النسائي » ٦ : ١٤ باب ثواب من اغبرّت قدماه.

(٦) « الكافي » ٣ : ٤٦٠ باب صلاة العيدين. ح ٣ ، « صحيح البخاري » ٢ : ٢٦.

٢٦٣

الحرام » (١) هذا مع الاختيار أمّا مع العذر كالمطر والوحل والخوف فيصلّي في البلد.

( وأن يطعم ) ـ بسكون الطاء وفتح العين كيعلم ـ مضارع طعم ـ بالكسر ـ كعلم أي يأكل ( قبل خروجه ) إلى الصلاة ( في الفطر ) ، لما فيه إلى المبادرة إلى الواجب وامتثال الأمر بعد أن كان محرّما. ( وأفضله ) أي ما يطعم من ( الحلو ) ، لما روي (٢) أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأكل قبل خروجه في الفطر تمرات ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أقلّ أو أكثر.

وروي (٣) شاذّا الإفطار بتربة الحسين عليه‌السلام ، وهو حسن مع العلّة لا بدونها ، ومعها لا يتجاوز قدر الحمّصة.

( وبعد عوده في الأضحى ممّا يضحّي به ) ، تأسّيا بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فيهما ، فقد روي (٤) أنّه كان لا يخرج يوم الفطر حتّى يفطر ، ولا يطعم يوم الأضحى حتّى يصلّي ، ولأنّ الأكل من الأضحيّة مستحبّ ، وهي لا تكون إلّا بعد الصلاة.

وروى زرارة عن الباقر عليه‌السلام قال : « لا تأكل يوم الأضحى إلّا من أضحيّتك إن قويت ، وإن لم تقو فمعذور » (٥).

( وحضور من سقطت عنه لعذر ) من سفر وغيره. ( وعدم السفر بعد الفجر قبلها ) ، لما فيه من تفويت الصلاة ، ولرواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت في البلد فلا تخرج حتّى تشهد ذلك العيد » (٦) ، والنهي للكراهة. ( وإخراج المسجونين لها ) ، لما تقدّم (٧) في الجمعة.

( وقيام الخطيب ) حالة الخطبة ( والاستماع ، وترك الكلام ) خلالها وإن كانت واجبة

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٤٦١ باب صلاة العيدين. ح ١٠ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٣٨ ـ ٣٠٧.

(٢) « المستدرك على الصحيحين » ١ : ٢٩٤ ، « صحيح ابن حبان » ٤ : ٢٠٧ ـ ٢٨٠٣.

(٣) « الكافي » ٤ : ١٧٠ باب النوادر ، ح ٤ ، « الفقيه » ٢ : ١١٣ ـ ٤٨٥.

(٤) « سنن الترمذي » ٢ : ٢٧ ـ ٥٤٠ باب الأكل يوم الفطر.

(٥) « الفقيه » ١ : ٣٢١ ـ ١٤٦٩. بتفاوت يسير.

(٦) « الفقيه » ١ : ٣٢٣ ـ ١٤٨٠ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٨٦ ـ ٨٥٣.

(٧) « تقدّم في الصفحة : ٢٥٦.

٢٦٤

بخلاف الجمعة. ( و ) ترك ( التنفّل قبلها وبعدها إلّا بمسجد النبيّ عليه‌السلام فيصلّي التحيّة ) فيه ( قبل خروجه ) منه إن كان خارجا منه ودخله ، ( تأسّيا به عليه‌السلام ) ولو كان به استحبّ صلاة ركعتين قبل الخروج ، ولا تكونان تحيّة.

( و ) ترك ( الخروج بالسلاح ) مع عدم الحاجة إليه ، لمنافاته الخشوع والاستكانة ، ولنهي النبيّ (١) صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يخرج السلاح في العيدين إلّا أن يكون عدوّا ظاهرا ، ومع الحاجة تزول الكراهة.

( وقراءة ) سورة ( الأعلى ) أو الشمس ( في ) الركعة ( الأولى ، والشمس ) أو الغاشية ( في ) الركعة ( الثانية ) ، وما ذكره المصنّف أشهر فتوى (٢) ، وما ذكرناه أصحّ سندا.

( والجهر بالقراءة والقنوت بالمرسوم ) وهو : « اللهمّ أهل الكبرياء والعظمة » (٣). إلى آخره ، ( والحثّ على الفطرة في خطبة الفطر وبيان جنسها وقدرها ) ووصفها ( ووقتها ومستحقّها والمكلّف بها و ) الحثّ ( على الأضحيّة ) بضم الهمزة وتشديد الياء ـ ( في ) خطبة ( الأضحى وبيان جنسها ) بأن يكون من أحد النّعم الثلاثة ، ( ووصفها ) من كونها سمينة سليمة ( ووقتها ) من كونه يوم العيد ، ويومان بعده في غير منى ، وبها ثلاثة بعده ( وفي منى بيان المناسك والنفر ) من منى في الأوّل بشرطه ، وفي الثاني بدونه.

( وكون الخطبتين من مأثور الأئمّة عليهم‌السلام ) كخطبة أمير المؤمنين عليه‌السلام في كلّ واحد من العيدين أوردها الصدوق في الفقيه (٤) والشيخ في المصباح (٥). ( والسجود على الأرض ) بلا حائل ، تأسّيا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ( وأن لا يفترش سواها ) من سجّادة وغيرها وإن سجد على الأرض.

روى الفضل عن الصادق عليه‌السلام أنّه أتي بخمرة يوم الفطر فأمر بردّها وقال : « هذا يوم كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحبّ أن ينظر إلى آفاق السماء ، ويضع

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٤٦٠ باب صلاة العيدين. ح ٦ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٣٧ ـ ٣٠٥.

(٢) « الفقيه » ١ : ٣٢٤ ، « النهاية » ١٣٥ ، « المبسوط » ١ : ١٧٠ ، « الوسيلة » ١١١ ، « السرائر » ١ : ٣١٧.

(٣) « مصباح المتهجّد » ٦٥٤ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٣٩ ـ ٣١٤.

(٤) « الفقيه » ١ : ٣٢٥ ـ ٣٣٠ ـ ١٤٨٦ ـ ١٤٨٧.

(٥) « مصباح المتهجّد » ٦٥٩ ـ ٦٦٥.

٢٦٥

جبهته على الأرض » (١).

( والمشهور أنّ التكبير ) الزائد عن غيرها من الصلوات ( والقنوت ) بعد كلّ تكبيرة منها محلّه ( بعد القراءة في الركعتين ) ، وبه أخبار صحيحة. ( ونقل ابن أبي عمير والمونسي الإجماع على تقديمه ) (٢) على القراءة ( في ) الركعة ( الأولى ، وهو في صحيح جميل بن درّاج عن الصادق (٣) عليه‌السلام ) ، وفي صحيح عبد الله بن سنان عنه (٤) ، وفي غيرهما (٥).

وحملها الشيخ (٦) على التقيّة ، لأنّه مذهب أبي حنيفة.

( والتكبير للجامع والمنفرد حاضرا أو مسافرا رجلا أو امرأة حرّا أو عبدا في الفطر عقيب ) أربع صلوات : ( العشاءين والصبح والعيد ).

( قيل ) والقائل به ابن بابويه (٧) : ( وعقيب الظهرين ) من يوم الفطر أيضا ، ولم نقف على مأخذه ، ( وفي الأضحى عقيب عشر ) صلوات ( وللناسك بمنى ) عقيب ( خمس عشرة أوّلها ) أي أوّل العشر والخمس عشرة ( ظهر العيد ) وآخرها صبح الثاني أو الثالث عشر.

( ويقضي لو فات ) منه شي‌ء عقيب بعض الصلوات ، وهل يختصّ حينئذ بعقب صلوات بعدد الفائت أم لا يعتبر ذلك؟ نظر ، ولم أقف فيه على شي‌ء ( ولو فاتت صلاة ) من تلك الصلوات التي يكبّر عقيبها ( قضاها وكبّر ) ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فليقضها كما فاتته » (٨) ( وإن كان قضاؤها في غير وقته ) ، لظاهر الخبر (٩).

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٤٦١ باب صلاة العيدين. ح ٧ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٨٤ ـ ٨٤٦.

(٢) نسب في كلّ من « المعتبر » ٢ : ٣١٣ ، « مختلف الشيعة » ٢ : ٢٦٦ ، « البيان » ٢٠٢ إلى ابن الجنيد ، وفي « جواهر الكلام » ١١ : ٣٦٠ قال : « ومن الغرائب ما عن نسخة صحيحة من النفلية من أنه نقل عن ابن أبي عمير والمونسي الإجماع على تقديمه على القراءة في الأولى ».

(٣) « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٢٧ ـ ٢٧٠ ، « الاستبصار » ١ : ٤٤٧ ـ ١٧٢٩.

(٤) « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٣١ ـ ٢٨٤ ، « الاستبصار » ١ : ٤٥٠ ـ ١٧٤٠.

(٥) « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٣١ ـ ٢٨٥ ، « الاستبصار » ١ : ٤٥٠ ـ ١٧٤١.

(٦) « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٣١ ذيل ح ٢٨٥ ، « الاستبصار » ١ : ٤٤٧ ذيل ح ١٧٣٢.

(٧) « المقنع » ضمن « المقنع والهداية » ٤٦ باب صلاة العيدين.

(٨) « عوالي اللآلي » ٢ : ٥٤ ـ ١٤٣ ، ٣ : ١٠٧ ـ ١٥٠.

(٩) « الكافي » ٣ : ٤٣٥ باب من يريد السفر. ح ٧ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٦٢ ـ ٣٥٠.

٢٦٦

( ويستحبّ فيه الطهارة ) ، لأنّه من جملة تعقيب تلك الصلوات ، بل أفضلها ، لقول بعض (١) الأصحاب بوجوبه ، فإذا استحبّت الطهارة في مطلق التعقيب ففيه أولى ، وأمّا بخصوصه فلم نقف على المأخذ.

( وللآيات سبع عشرة يقارنها أربع عشرة : )

( استشعار الخوف من الله تعالى ) بتذكّر أهوال يوم القيامة وزلازلها ، وتكوير الشمس والقمر وانشقاق السماء.

( وتأكّد الجماعة في ) الكسوف ( المستوعب ) ، لرواية عبد الله بن أبي يعفور عن الصادق عليه‌السلام : « إذا انكسفت الشمس والقمر فإنّه ينبغي للناس أن يفزعوا إلى إمام يصلّي بهم ، وأيّهما كسف بعضه فإنّه يجزئ الرجل أن يصلّي وحده » (٢).

( وإيقاعها في المساجد ) ، تأسيا بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليكن مع ذلك تحت السماء في رحبته المكشوفة ، لرواية محمّد بن مسلم عن الباقر (٣) عليه‌السلام. ( ومطابقة الصلاة لها ) أي للآية ، فيجعلها في الكسوف من ابتدائه إلى تمام انجلائه على القول (٤) القويّ من أنّ مجموع ذلك وقتها ، وإلى ابتدائه على القول (٥) الآخر.

وإنّما يتمّ ذلك لرصديّ يطّلع على مقدار وقت الكسوف ، فيجعل الصلاة بقدره أو من يخبره الرصديّ الموثوق به بحيث يظنّ صدقه ، وإلّا ففي استحباب التطويل فضلا عن المطابقة نظر ، لتعرّضه لفوات الوقت من حيث لا يعلم خصوصا على القول بأنّ آخره الأخذ في الانجلاء ، فإنّه محتمل في كلّ آن من آنات الكسوف.

__________________

(١) « الانتصار » ٥٧ ، « الاستبصار » ٢ : ٢٩٩ ذيل ح ١٠٧١ ، وفي « مختلف الشيعة » ٢ : ٢٨٥ ، المسألة : ١٧٥ ، « الذكرى » ٢٤١ نسباه إلى ابن الجنيد.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٩٢ ـ ٨٨١ ، بتفاوت.

(٣) « الكافي » ٣ : ٤٦٣ ـ ٤٦٤ باب صلاة الكسوف ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٥٦ ـ ١٥٧ ـ ٣٣٥.

(٤) « شرائع الإسلام » ١ : ١٢٤ ، « المعتبر » ٢ : ٣٣٠ ، « الذكرى » ٢٤٤.

(٥) « المقنعة » ٢١٠ ، « النهاية » ١٣٧ ، « الوسيلة » ١١٢ ، « السرائر » ١ : ٣٢٢ ، « قواعد الأحكام » ١ : ٢٩٢ ، وفي « تذكرة الفقهاء » ٤ : ١٧٩ المسألة : ٤٨٣ ، قال : « وقت صلاة الكسوفين من حين الابتداء في الكسف إلى ابتداء الانجلاء عند علمائنا ».

٢٦٧

وأصالة عدم الانجلاء لا تدفع هذه الفرصة التي محصّل ما يقع فيها الاستحباب.

( وقراءته ) السور ( الطوال كالأنبياء والكهف ) وروي ذلك من فعل النبيّ (١) صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة (٢) عليهم‌السلام ( إلّا مع عذر المأمومين ) فيستحبّ التخفيف لأجلهم.

والذي رواه عبد الله بن ميمون القداح عن الصادق عليه‌السلام : « إنّ الشمس انكسفت في زمن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصلّى بالناس ركعتين ، وطوّل حتّى غشي على بعض القوم ممّن كان وراءه من طول القيام » (٣).

( والجهر ) في القراءة سواء كانت ليلا أم نهارا.

( ومساواة الركوع والسجود للقراءة ) رواه أبو بصير عن الصادق (٤) عليه‌السلام.

( وجعل صلاة الكسوف أطول من ) صلاة ( الخسوف ) روي ذلك عن الباقر (٥) عليه‌السلام وهل ينسحب ذلك إلى غيرهما من الآيات حتّى يكون الكسوفان أطول منها؟ توقّف المصنّف في الذكرى (٦).

والظاهر العدم ، وظاهر خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق (٧) عليه‌السلام يرشد إليه.

( والإعادة لو فرغ قبل الانجلاء ، أو التسبيح والتحميد ) والدعاء ، جمعا بين صحيحة (٨) معاوية بن عمّار ، الآمرة بالإعادة وصحيحة (٩) محمّد بن مسلم ، الآمرة بالدعاء ، وهو

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٩٣ ـ ٨٨٥.

(٢) « الفقيه » ١ : ٣٤١ ـ ١٥١١.

(٣) مرّ آنفا في الهامش (١).

(٤). « الكافي » ٣ : ٤٦٣ ـ ٤٦٤ باب صلاة الكسوف ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٥٦ ـ ١٥٧ ـ ٣٣٥ ، والرواية فيهما عن الباقر عليه‌السلام.

(٥). « الكافي » ٣ : ٤٦٣ ـ ٤٦٤ باب صلاة الكسوف ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٥٦ ـ ١٥٧ ـ ٣٣٥ ، والرواية فيهما عن الباقر عليه‌السلام.

(٦) « الذكرى » ٢٤٧.

(٧) « الفقيه » ١ : ٣٤١ ـ ٣٤٢ ـ ١٥١٢.

(٨) « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٥٦ ـ ٣٣٤.

(٩) « الكافي » ٣ : ٤٦٣ ـ ٤٦٤ ـ ٢.

٢٦٨

أولى من القول بوجوب الإعادة كما ذهب إليه جماعة (١) ، استنادا إلى الأولى.

( والتكبير للرفع من الركوع في غير الخامس والعاشر وفيهما : سمع الله لمن حمده ) رواه محمّد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه‌السلام قال : « تركع بتكبيرة ، وترفع رأسك بتكبيرة إلّا في الخامسة التي تسجد فيها فتقول : سمع الله لمن حمده فيها » (٢) ومثله في الثانية.

وفيه إشارة إلى أنّ هذه الصلاة ركعتان لا عشر ( وروى ) إسحاق بن عمّار عن أبي عبد الله (٣) عليه‌السلام ( نادرا ) مخالفا للمشهور رواية وفتوى (٤) ( عمومه ) أي قول : سمع الله لمن حمده ( إذا فرغ من السورة ) وركع وإن لم يكن الخامس والعاشر ( لا مع التبعيض ) والعمل على المشهور.

( والقنوت على الأزواج ) وهو قرينة كونها عشر ركعات ، بناء على الغالب من القنوت على كلّ ثانية.

ويمكن دفعه بعدم انحصار القنوت فيها كما في الجمعة والوتر.

( وأقلّه على الخامس والعاشر ) وهو أيضا من الصور المخالفة للمشهور (٥) من كون القنوت على الثانية.

( والتكبير المتكرّر إن كانت ) الآية ( ريحا ، والقضاء مع الفوات حيث لا يجب ) القضاء ، ( لعدم العلم ) بالكسوف ، ( و ) عدم ( الاستيعاب ) لجميع القرص ، خروجا من خلاف من أوجب القضاء مع الفوات مطلقا (٦).

( وصلاة ذوات الهيئات ) الجميلة من النساء ( في البيوت جماعة ) مع إمكانها وإلّا فرادى ،

__________________

(١) « جمل العلم والعمل » ضمن « رسائل الشريف المرتضى » ٣ : ٤٦ ، « الكافي في الفقه » ١٥٦ ، « المراسم » ٨١.

(٢) « الكافي » ٣ : ٤٦٣ باب صلاة الكسوف ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٥٦ ـ ٣٣٥.

(٣) لم نعثر عليه في المصادر الحديثية ، وفي « الجواهر » ١١ : ٤٥٤ ، نقله عن « الفوائد المليّة » ، وقال : « بل لم أجد الخبر المزبور ».

(٤) « الخلاف » ١ : ٦٧٩ ، « المعتبر » ٢ : ٣٣٨ ، « تذكرة الفقهاء » ٤ : ١٧٤ ، « البيان » ٢١١.

(٥) « شرائع الإسلام » ١ : ١٢٥ ، « قواعد الأحكام » ١ : ٢٩٢ ، « تذكرة الفقهاء » ٤ : ١٧٤ المسألة : ٤٧٧ ، « المراسم » ٨١.

(٦) « المقنعة » ٢١١ ، « السرائر » ١ : ٣٢١ ، « مختلف الشيعة » ٢ : ٢٩٣ ، المسألة : ١٨٠.

٢٦٩

حذرا من افتتانهنّ أو الفتنة بهنّ ، أمّا غيرهنّ فيستحبّ لهنّ الجماعة ولو مع الرجال.

( وصوم الأربعاء والخميس والجمعة ، والغسل والدعاء لرفع الزلزلة ) روى عليّ بن مهزيار قال : كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام وشكوت إليه كثرة الزلازل في الأهواز وقلت : ترى لي التحوّل عنها ، فكتب : « لا تتحوّلوا عنها ، وصوموا الأربعاء والخميس والجمعة ، واغتسلوا وطهّروا ثيابكم ، وابرزوا يوم الجمعة ، وادعوا الله فإنّه يدفع عنكم ». قال : ففعلنا فسكنت الزلازل (١).

( وأن يقولوا عند النوم : يا من ( يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) الآية ) وهي ( أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً ) (٢) ( صلّ على محمّد وآل محمّد وأمسك عنّا السوء إنّك على كلّ شي‌ء قدير ، ليأمن سقوط البيت ) رواه ابن يقطين عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من أصابته زلزلة فليقرأ ». إلى آخره ، وقال : « إنّ من قرأها عند النوم لم يسقط عليه البيت إن شاء الله تعالى » (٣).

وظاهر الرواية وسياق الكلام هنا أنّ الاستحباب متعلّق بمن يخاف الزلزلة ، وإطلاق العبارة وكلام الإمام أخيرا ربّما يؤذن بعموم ذلك.

( وللطواف ستّة : ) كلّها مقارنة كما مرّ (٤) في حسابه ، وفي مقارنة بعضها تكلّف.

( قراءة الجحد ) في الركعة الأولى ( والإخلاص ) في الثانية ( كما مرّ ) (٥) من قراءتهما في المواضع السبعة التي من جملتها ركعتا الطواف.

( والقرب من المقام لو منع منه ) أراد بالمقام هنا ما حوله ممّا يجاوره عرفا مجازا ، أو أراد به البناء المعمول على المقام الحقيقي الذي هو الصخرة التي كان إبراهيم عليه‌السلام يقوم عليها حال بنائه البيت ، فإنّ المقام الذي هو الصخرة لا يمكن الصلاة عليه ، وإنّما الواجب الصلاة خلفه أو إلى أحد جانبيه ، فقوله : « القرب منه لو منع منه » ، أي من

__________________

(١) « الفقيه » ١ : ٣٤٣ ـ ١٥١٨ ، « علل الشرائع » ٥٥٥ ـ ٦.

(٢) « فاطر » ٣٥ : ٤١ ، ( إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ـ إلى قوله تعالى ـ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً ).

(٣) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٩٤ ـ ٨٩٢.

(٤) انظر الصفحة : ٢٤٠.

(٥) في مبحث القراءة في الصفحة : ١٩٧.

٢٧٠

ملاصقته ومجاورته عرفا ، وحينئذ فيصلّي بعيدا عنه ، ويستحبّ حينئذ القرب منه بحسب الإمكان.

ومع ذلك إنّما يتمّ الاستحباب مع صدق اسم الصلاة خلفه أو مع أحد جانبيه على الصلاة التي هي أبعد ممّا قد حكم باستحباب القرب لها ، وإلّا كان القرب المذكور واجبا.

( و ) الصلاة ( خلفه ) مع الإمكان ( ثمّ ) أحد ( جانبيه وقربها إلى الطواف ) بحسب الإمكان ، ( ويجوز إيقاع نفلها في ) أيّ مكان كان من ( بقاع المسجد ) وإن كان فعلها في موضع الفريضة أفضل.

( وللجنازة اثنان وخمسون يقارنها عشرون : )

( الطهارة ) من الحدث وأفضلها المائية ، ومن الخبث ، ( والصلاة في المواضع المعتادة ) تبرّكا ، لكثرة من صلّى فيها ، ولأنّ السامع بموته يقصدها ، ( واستحضار الشفاعة للميّت ) فإنّ المصلّي داع له وشافع كما يقع في بعض دعواته.

( ورفع اليدين في كلّ تكبيرة ) إلى شحمتي الأذنين كما مرّ (١) ، وكذا رفعهما مبسوطتين حالة الدعاء للميّت ، تأسّيا بفعل الحسين (٢) عليه‌السلام في صلاته ، ولعموم استحباب الرفع حالة الدعاء (٣) ( وإضافة ما يناسب الواجب من الدعاء كما روي عن النبيّ (٤) صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه أوصى عليّا عليه‌السلام به : اللهمّ عبدك وابن عبدك ماض فيه حكمك خلقته ولم يك شيئا مذكورا وأنت خير مزور. اللهمّ لقّنه حجّته وألحقه بنبيّه ونوّر له قبره وأوسع عليه مداخلة وثبّته بالقول الثابت ، فإنّه افتقر إلى رحمتك واستغنيت عنه ، وكان يشهد أن لا إله إلّا أنت ، فاغفر له ولا تحرمنا أجره ولا تفتنّا بعده ).

ومحلّ هذا الدعاء بعد التكبيرة الرابعة ، لأنّه دعاء للميّت إن أوجبنا الدعاء له ثمّ

__________________

(١) في مبحث « سنن التوجّه » الصفحة : ١٦١.

(٢) « الفقيه » ١ : ١٠٥ ـ ٤٩٠ ، « قرب الإسناد » ٧١ ـ ١٩٠ ، « علل الشرائع » ١ : ٣٠٣ باب العلّة التي من أجلها يكبّر.

(٣) « الكافي » ٢ : ٥٨١ باب دعوات موجزات. ح ١٥ ـ ١٦ ، « عدّة الداعي » ١٩٦ ـ ١٩٧ ، « التوحيد » ٢٤٨ ، « الاحتجاج » ٢ : ١٨٧ ـ ١٨٨.

(٤) « صحيفة الإمام الرضا » ٢٦٢ ـ ٢٠٢.

٢٧١

وإلّا فحيث شاء.

( والصلاة على من نقص عن ستّ ) سنين ( إذا ولد حيّا ) في أشهر (١) القولين ، ( وتلافي ) الصلاة على ( من لم يصلّ عليه ) هذا المصلّي ( بعد الدفن ، وخصوصا إلى يوم وليلة ) أمّا لو لم يصلّ على الميت فإنّ الصلاة عليه واجبة وإن دفن.

( والنهي عن تثنية الصلاة ) على الميّت ، الوارد في بعض الأخبار (٢) ( حمل على الجماعة ) والحامل ابن إدريس (٣) ( لا الفرادى ) ، جمعا بين النهي المذكور وما ورد (٤) مستفيضا من تكرار الصحابة الصلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فرادى ، وما روي عن الصادق (٥) عليه‌السلام أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر به في الصلاة على بعض الجنائز.

وردّ المصنّف في الذكرى (٦) هذا الحمل برواية الحلبي عن الصادق عليه‌السلام قال : « كبّر أمير المؤمنين عليه‌السلام على سهل بن حنيف وكان بدريّا خمس تكبيرات ، ثمّ مشى ساعة ، ثمّ وضعه وكبّر عليه خمس تكبيرات أخرى وصنع ذلك حتّى كبّر عليه خمسا وعشرين تكبيرة » (٧).

وخبر أبي بصير عن الباقر عليه‌السلام مثله ، وزاد : أنه « كان كلّما أدركه الناس قالوا : يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل فيضعه ويكبّر حتّى انتهى إلى قبره خمس مرّات » (٨) ، وغيرهما من الأخبار (٩).

وربّما حمل النهي على ما إذا نافى التعجيل إن أريد به الكراهة ، وعلى ما إذا خيف

__________________

(١) « المعتبر » ٢ : ٣٤٥ ، « تذكرة الفقهاء » ٢ : ٢٧ المسألة : ١٧٧ ، « البيان » ٧٥.

(٢) « قرب الإسناد » ١٣٤ ـ ٤٧١ ، « الاستبصار » ١ : ٤٨٤ ـ ٤٨٥ ـ ١٨٧٨ ـ ١٨٧٩ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٣٢٤ ـ ١٠١٠.

(٣) « السرائر » ١ : ٣٦٠.

(٤) « إعلام الورى » ١٤٤.

(٥) « الاستبصار » ١ : ٤٨٤ ـ ١٨٧٤ ـ ١٨٧٥ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٣٣٤ ـ ١٠٤٥ ـ ١٠٤٦.

(٦) « الذكرى » ٥٥.

(٧) « الكافي » ٣ : ١٨٦ باب من زاد على خمس تكبيرات ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٣٢٥ ـ ١٠١١.

(٨) « الكافي » ٣ : ١٨٦ باب من زاد على خمس تكبيرات ، ح ٣.

(٩) « الاستبصار » ١ : ٤٨٤ ـ ١٨٧٤ ـ ١٨٧٥ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٣٣٤ ـ ١٠٤٥ ـ ١٠٤٦.

٢٧٢

ضرر الميّت إن أريد به التحريم ، وعليهما ينتفي النهي بعد الدفن.

( وتقديم الأولى بالإرث ) بمعنى كون مباشرته أفضل من إذنه لغيره مع استجماعه لشرائط الإمامة ، لاختصاصه بمزيد الرقّة التي هي مظنّة الإجابة ، وإنّما يكون أولى بالتقديم مع صلاحيّته للإمامة وإلّا توقّف على إذنه ، فإن امتنع أو غاب سقط اعتباره.

ولو تعدّد الأولى بالإرث فالذكر منهم أولى من الأنثى ، والكبير من الصغير ، والأب من الابن ، ومن يمتّ بالأبوين من أحدهما ، والأكثر نصيبا من الأقلّ كالعمّ من الخال ، كذا ذكره جماعة (١) من الأصحاب. والمستند في بعض موارده غير معلوم.

( والزوج أولى ) من كلّ وارث.

( ولو اجتمعوا ) أي الأولياء المتعددون في مرتبة واحدة ( قدّم الأفقه ) منهم ، وهو الأعلم بفقه الصلاة.

والمشهور (٢) تقديم الأقرأ كاليوميّة ، لعموم قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يؤمّكم أقرأكم » (٣).

ووجه تقديم المصنّف الأفقه هنا : سقوط القراءة ، فلا مزيّة في المتّصف بها ، وبه أفتى المحقّق في الشرائع (٤) ، واستوجهه في الذكرى (٥).

فإن تساووا في الفقه ( فالأقرأ ) أي الأحسن أداء والأعرف بأصول القراءة وأحكامها.

فإن تساووا فيهما ( فالأسنّ ) في الإسلام ، لما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تردّ دعوة ذي الشيبة المسلم » (٦).

وفي دلالته على مطلوبهم نظر ، إذ لا يلزم من كونه أسنّ شيبة قربه منها.

__________________

(١) « المبسوط » ١ : ١٨٣ ، « شرائع الإسلام » ١ : ١٢٦ ـ ١٢٧ ، « البيان » ٧٦.

(٢) « الخلاف » ١ : ٧٢١ المسألة : ٥٣٧ ، « المبسوط » ١ : ١٨٤ ، « تذكرة الفقهاء » ٢ : ٤٤ المسألة : ١٩٣ ، « جامع المقاصد » ١ : ٤١٠.

(٣) « سنن أبي داود » ١ : ٣٩٣ ـ ٥٨٥ ، باب من أحقّ بالإمامة.

(٤) « شرائع الإسلام » ١ : ١٢٧.

(٥) « الذكرى » ٥٧.

(٦) لم نعثر على مأخذه من مصادر الحديث ، نقله في « الذكرى » ٥٧.

٢٧٣

فإن تساووا فيها ( فالأصبح ) وجها ، لدلالته على مزيد عناية الله تعالى به ، وفي حكمه الأصبح ذكرا ، لقول عليّ عليه‌السلام : « إنّما يستدلّ على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسنة عباده » (١).

واقتصر جماعة (٢) من هذه المرجّحات على الثلاثة الأولى. وتعديته إلى الأصبح ، والنظر إلى المأخذ يوجب التعدّي إلى جميع مرجّحات الإمامة اليوميّة ، ومع التساوي في جميع ما يعتبر فيها يقرع.

( والهاشمي أولى ) من غيره ، والأولى أن يراد بأولويّته بالنظر إلى هذه المرجّحات لا من الوليّ القريب ، ويمكن أن يراد مطلقا ، وإنّما يكون أولى إذا قدّمه الولي فيستحبّ له تقديمه.

ويظهر من الذكرى (٣) ضعف الترجيح به ، لضعف مأخذه.

( وإمام الأصل ) عليه‌السلام ( أولى مطلقا ) من القريب وغيره ، لقيامه مقام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي هو أولى بالمؤمنين ، وللأخبار (٤).

وفي توقّفه مع ذلك على إذن الوليّ قولان ، فإن قلنا به وجب على الولي الإذن ، تحصيلا للغرض ، فإن امتنع سقط اعتبار إذنه.

( ووقوف الإمام وسط الرجل و ) حذاء ( صدرها ) أي المرأة بقرينة الرجل ، للأمر بذلك فيما روي عن عليّ (٥) عليه‌السلام. ( ويتخيّر في الخنثى ) المشكل ، لاشتباه الحال وانحصاره فيهما ( ونزع نعله وخصوصا الحذاء ) ، للنهي عنه عن الصادق (٦) عليه‌السلام ، ( أمّا الخفّ فجائز ) ، لقوله عليه‌السلام في الرواية : « لا تصلّ على الجنازة بحذاء ولا بأس

__________________

(١) « نهج البلاغة » ٤٠٧ ، كتاب : ٥٣.

(٢) « الخلاف » ١ : ٧٢٠ ، المسألة : ٥٣٧ ، « المبسوط » ١ : ١٨٤ ، « المعتبر » ٢ : ٣٤٦ ، « تذكرة الفقهاء » ٢ : ٤٤ المسألة : ١٩٣.

(٣) « الذكرى » ٥٧.

(٤) « الكافي » ٣ : ١٧٧ باب من أولى الناس بالصلاة على الميت ، ح ٤ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٠٦ ـ ٤٨٩ ـ ٤٩٠.

(٥) « الكافي » ٣ : ١٧٦ باب الموضع الذي يقوم الإمام إذا صلّى. ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٩٠ ـ ٤٣٣ ، « الاستبصار » ١ : ٤٧١ ـ ١٨١٨.

(٦) « الكافي » ٣ : ١٧٦ باب نادر ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٠٦ ـ ٤٩١.

٢٧٤

بالخفّ » (١) وإنّما جعل الخفّ جائزا ، لعدم دلالة الحديث على نفي كراهته صريحا ، فإنّ نفي البأس قد يجامع الكراهة وإن خفّت.

وفي المعتبر (٢) استحبّ الحفاء ، لحديث : « من اغبرّت قدماه في سبيل الله » وقد تقدّم (٣).

( ولزوم ) المصلّي ( موقفه حتّى ترفع ) الجنازة إماما كان أو مأموما. وخصّه المصنّف في الذكرى (٤) بالإمام ، لما روي عن عليّ (٥) عليه‌السلام أنّه كان إذا صلّى على جنازة لم يبرح من مصلّاه حتّى يراها على أيدي الرجال.

ودلالته على التعميم أولى ، للتأسّي.

نعم لو فرض صلاة جميع الحاضرين استثني منهم أقلّ ما يمكن به رفع الجنازة.

( ووقوف المأموم الواحد من وراء الإمام ) بخلاف اليوميّة فإنّه يقف عن يمينه ، والفارق النصّ ، قال الصادق عليه‌السلام ـ هنا ـ في الاثنين : « يقوم الإمام وحده والآخر خلفه ولا يقوم إلى جنبه » (٦).

( ومحاذاة صدرها وسطه لو اتّفقا ) أي اجتمعا ليصلّي عليهما دفعة ليقف الإمام منهما موقف الفضيلة.

( وتقديمه ) أي الرجل ( إلى ) جانب ( الإمام وتقديمها ) إلى جانب الإمام ( على الطفل ) لو جامعها.

والمراد بالطفل : ما نقص سنّه عن ستّ لتكون الصلاة عليه مستحبّة ويقدّم عليها الواجبة ، أمّا لو وجبت عليه قدّم على المرأة وأطلق جماعة (٧) تقديمها عليه.

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ١٧٦ باب نادر ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٠٦ ـ ٤٩١.

(٢) « المعتبر » ٢ : ٣٥٥.

(٣) « تقدّم في الصفحة : ٢٦٤ ، الهامش (١).

(٤) « الذكرى » ٦٤.

(٥) « تهذيب الأحكام » ٣ : ١٩٥ ـ ٤٤٨.

(٦) « الكافي » ٣ : ١٧٦ باب نادر من كتاب الجنائز ، ح ١.

(٧) « الخلاف » ١ : ٧٢٢ ، المسألة : ٥٤١ ، « النهاية » ١٤٤ ، « المبسوط » ١ : ١٨٤ ، « المعتبر » ٢ : ٣٥٤ ، « البيان » ٧٧ ، « جامع المقاصد » ١ : ٤٢٠.

٢٧٥

( لا على العبد ) البالغ ( و ) لا على ( الخنثى ، ولا الخنثى على العبد ) بل يقدّم العبد عليهما وإن كان أنقص مرتبة بسبب وجوب الصلاة عليه ، وعلى الخنثى ، لاحتمال أنوثيّته.

وخلاصة الترتيب : أن يجعل الرجل ممّا يلي الإمام ، ثمّ الصبيّ لستّ ، ثمّ العبد البالغ ، ثمّ العبد لستّ ، ثمّ الخنثى البالغ ، ثمّ الخنثى الحرّة لستّ ، ثمّ الأمة ، ثمّ المرأة الحرّة ، ثمّ الأمة ، ثمّ الطفل الحرّ لدون ستّ ، ثمّ العبد كذلك ، ثمّ الخنثى كذلك ، ثمّ الطفلة كذلك ، ويراعى الصدر والوسط في الذكور والإناث. ( وتقديم الأفضل ) من الصفّ الواحد أو المتعدّد مما يلي الإمام ( ومع التساوي ) في الفضيلة ( القرعة ).

ولو اختلفت الفضيلة كالعلم والعمل قدّم الأعلم.

وينبغي الترجيح مع التساوي بفضيلة النسب ، لعموم الخبر (١) ( وتفريق الصلاة على كلّ واحد ) ، لما فيه من تكرار ذكر الله ، وتخصيص الدعاء الذي هو أبلغ من التعميم إلّا أن يخاف حدوث أمر بالميّت المتأخّر ، فالواحدة أولى.

( وأقلّه ) أي التفريق مع الأمن أن يصلّي ( على كلّ طائفة ) فيجعل للرجال صلاة ، وللنساء صلاة ، وللأطفال الذين لا تجب عليهم الصلاة صلاة خصوصا الأخير ، لاختلاف الوجه ، وحيث تجمع على متعدّد يجتزأ بتكبير واحد ودعاء واحد كالصلاة على واحد ، لكن يراعى تثنية الضمير وجمعه وتذكيره وتأنيثه ، ومع الاجتماع يرجّح التذكير تغليبا أو مؤوّلا بالميّت.

ولو اختلفوا في الدعاء كما لو كان فيهم مؤمن وطفل ومجهول دعا لكلّ واحد بما هو وظيفته.

( وتقديمها على الحاضرة مع الخوف على الميّت ) ومع عدمه تقديم الحاضرة إلّا أن يضيق وقتها فتقدّم.

__________________

(١) نقل في « الفقيه » ١ : ١٠٢ عن رسالة والده تقديم الهاشمي من دون ذكر رواية ، وقد تقدّم عن الذكرى ضعف الترجيح به ، وأوجب تقديمه المفيد ، قال في « الذكرى » : « ولم أقف على مستنده » ، وفي « المعتبر » ٢ : ٣٤٧ قال المحقّق : « يستحبّ للولي تقديم الهاشمي إذا استكمل الشرائط ، لقوله عليه‌السلام : « قدّموا قريشا ولا تقدّموها » ، ولأنه مع استكمال الشرائط يرجّح بشرف النسب ، والخبر الذي أشار إليه الشارح وأورده المحقّق ذكره السيوطي في « الجامع الصغير » ٢ : ٣٨٠ ـ ٦١٠٨ ، والبيهقي في سننه ٣ : ١٢١.

٢٧٦

والحاصل أنّ مع تضيّق أحدهما يقدّم المضيّق ، ومع سعة وقتهما تقدّم الحاضرة ، لأفضليّتها ، وعموم أحاديث (١) أفضل الوقت ، وقول الصادق عليه‌السلام : « إذا دخل وقت مكتوبة فابدأ بها قبل الصلاة على الميّت إلّا أن يكون مبطونا أو نفساء أو نحو ذلك » (٢).

والاستثناء إشارة إلى تقديم الجنازة مع تضيّقها خاصّة ، ومع تضيّقهما قيل (٣) : تقدّم الحاضرة ، لأنّ الوقت لها بالأصالة ، ولأفضليّتها ، ولأنّ الصلاة على الميّت بعد الدفن يمكن استدراكها.

وقيل (٤) : تقدّم الجنازة ، مراعاة لحقّ الآدمي كمنقذ الغير من الغرق عند ضيق الوقت وخصوصا مع عدم إمكان دفن الميّت قبل صلاة الحاضرة واستلزامه المثلة به.

ويفهم من العبارة أنّ تقديمها على الحاضرة حينئذ على وجه الاستحباب مع أنّه لم ينقل القول بذلك عن أحد ، وإنّما الخلاف في الوجوب. وكأنّه حاول بذلك الجمع بين الأدلّة والأخبار.

( وأن لا تفعل في المسجد ) ، للنهي عنه في خبر العلوي عن الكاظم (٥) عليه‌السلام. ولا فرق بين مسجد الكوفة وغيره.

( وقصد الصفّ الأخير ) مطلقا بخلاف اليوميّة ، لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « خير الصفوف في الصلاة المقدّم وفي الجنازة المؤخّر ، لأنّه سترة للنساء » (٦).

( وانفراد الحائض ) سواء كانت واحدة أم أكثر ( بصفّ ) ، للإجماع.

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٢٦٧ ـ ٢٦٨ ـ ١ ، ٢ ، ٤ ، « الفقيه » ١ : ١٣٤ ـ ٦٢٧ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٣٩ ـ ٩٤٦.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٣٢٠ ـ ٩٩٤.

(٣) « مختلف الشيعة » ٢ : ٣١٧ ، المسألة : ٢٠٣ ، « البيان » ٧٨.

(٤) « النهاية » ١٤٦ ، « المبسوط » ١ : ١٨٥.

(٥) « الكافي » ٣ : ١٨٢ باب الصلاة على الجنائز في المساجد ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ٣ : ٣٢٦ ـ ١٠١٦ ، « الاستبصار » ١ : ٤٧٣ ـ ١٨٣١.

(٦) « الكافي » ٣ : ١٧٦ باب نادر من كتاب الجنائز ، ح ٣ ، « علل الشرائع » ٣٠٦ ، الباب : ٢٥٢ ، « تهذيب الأحكام » ٣ :

٣١٩ ـ ٣٢٠ ـ ٩٩١.

٢٧٧

( وتشييع الجنازة ) وهو المشي معها إلى حفرتها أو إلى المصلّى ، وليكن المشي ( وراءها أو جانبيها ) قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « اتبعوا الجنازة ولا تتبعكم ، خالفوا سنّة أهل الكتاب » (١) وعن أبي جعفر عليه‌السلام : « من أحبّ أن يمشي مشي الكرام الكاتبين فليمش جنبي السرير » (٢).

( والتفكّر في أمر الآخرة ) والاتّعاظ بالموت ( وإعلام المؤمنين ) بموته ، ليتوفّروا على الحضور ويفوزوا بأجرة ويفوز هو ببركة دعائهم.

قال الصادق عليه‌السلام : « ينبغي لأولياء الميّت منكم أن يؤذنوا إخوان الميّت ، يشهدون جنازته ويصلّون عليه ويستغفرون له فيكتب لهم الأجر وللميّت الاستغفار ، ويكتسب هو الأجر فيهم وفيما اكتسب له من الاستغفار » (٣).

ولو كان حوله قرى أوذنوا كما فعل الصحابة (٤) في إيذان قرى المدينة لمّا مات رافع بن خديج.

وينبغي مراعاة الجمع بين السببين فيؤذن من المؤمنين والقرى من لا ينافي التعجيل

( وتربيعها وهو حملها بالأركان الأربعة ) كيف اتّفق وأفضله التناوب فيحمل الواحد بالجوانب الأربعة.

قال الباقر عليه‌السلام : « من حمل جنازة من أربع جوانبها غفر له أربعون كبيرة » (٥).

وعن الصادق عليه‌السلام : « من أخذ بقوائم السرير غفر الله له خمسا وعشرين كبيرة ، وإذا ربّع خرج من الذنوب » (٦).

وأفضله أن ( يبدأ بالأيمن ) من جانب السرير ، وهو الذي يلي يسار الميّت فيحمله

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ١ : ٣١١ ـ ٩٠١.

(٢) « الكافي » ٣ : ١٧٠ باب المشي مع الجنائز ، ح ٦ ، « تهذيب الأحكام » ١ : ٣١١ ـ ٩٠٤.

(٣) « الكافي » ٣ : ١٦٦ باب انّ الميت يؤذن به الناس ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ١ : ٤٥٢ ـ ١٤٧٠.

(٤) « سنن البيهقي » ٤ : ٧٤.

(٥) « الكافي » ٣ : ١٧٤ باب ثواب من حمل جنازة ، ح ١.

(٦) « الكافي » ٣ : ١٧٤ باب ثواب من حمل جنازة ، ح ٢ ، « الفقيه » ١ : ٩٩ ـ ٤٦٢ ، « ثواب الأعمال » ٢٣٣ ـ ١.

٢٧٨

بالكتف الأيمن ، ثمّ ينتقل إلى مؤخّر السرير الأيمن فيحمله أيضا بكتفه الأيمن ( ثمّ يدور من ورائها إلى ) مؤخّر ( الأيسر ) فيحمله بالكتف الأيسر ثمّ ينتقل إلى مقدّمها الأيسر فيحمله بكتفه الأيسر أيضا.

( و ) أن ( يقول ) عند مشاهدة الجنازة ما روي عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام أنّه كان يقول إذا رأى جنازة : ( الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم ) (١) والمراد بالسواد : الشخص ، والمقصود هنا جنسه ، وبالمخترم : الهالك أو المستأصل ، والمعنى على الثاني واضح ، وعلى الأوّل يكون الحمد لله على البقاء إمّا تفويضا إلى الله سبحانه وتعالى والرضي بقضائه ، فإنّه لمّا أحبّ بقاءه أبقاه وأحبّ إماتة المشاهد أماته ، فحمد الله على الواقع المقضي ، وهو من أعلى الدرجات. وإمّا حمد على ما يوجب الازدياد في الطاعة والاستعداد للدار الآخرة ، وهو أمر مطلوب.

ومن ثمّ ورد في الخبر : « بقيّة عمر المؤمن لا ثمن لها ، يدرك بها ما فات ويحيي بها ما مات » (٢). وحينئذ فلا ينافي حبّ البقاء على هذا الوجه حبّ لقاء الله تعالى ، ولا يستلزم ذلك كراهة لقائه الموجب لكراهة الله تعالى لقاءه كما ورد في خبر (٣) آخر ، لأنّ المستعدّ للقائه بما يوجب الرضى غير كاره له ، ومن البيّن أنّ حبّ لقاء امرئ غير مناف للاستعداد له ، بل يقتضيه.

وفي الخبر تصريح بأنّ حبّ اللقاء المطلوب وكراهته عند خروج الروح ومعاينة الملائكة المبشّرة والمنذرة لا قبل ذلك.

( وأن لا يجلس ) المشيّع ( حتّى يوضع ) الميّت في قبره ، لقول الصادق عليه‌السلام : « ينبغي لمن شيّع جنازة أن لا يجلس حتّى يوضع في لحده » (٤).

( وأن لا يمشي أمامها ) ، لما تقدّم ( ولا يركب ) ، لقول الصادق عليه‌السلام : « مات

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ١٦٧ باب القول عند رؤية الجنازة ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ١ : ٤٥٢ ـ ١٤٧٢.

(٢) « الدعوات » ١٢٢ ـ ٢٩٨.

(٣) « صحيح البخاري » ٨ : ١٣٢ ، « مسند أحمد » ٤ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ، « سنن النسائي » ٤ : ٩ باب فيمن أحبّ لقاء الله ، « سنن ابن ماجة » ٢ : ١٤٢٥ ـ ٤٢٦٤.

(٤) « تهذيب الأحكام » ١ : ٤٦٢ ـ ١٥٠٩.

٢٧٩

رجل من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جنازته يمشي ، فقال له بعض أصحابه : ألا تركب يا رسول الله فقال : إنّي لأكره أن أركب والملائكة يمشون » (١) ( إلّا لضرورة ) ، ولقول علي عليه‌السلام : « إنّي لأكره الركوب معها إلّا من عذر » (٢) والحكم مخصوص بالذهاب فلا يكره الركوب في الرجوع.

( ولا يتحدّث في أمور الدنيا ولا يضحك ولا يرفع صوته ) بل يلزم قلبه التفكّر في حاله والتخشّع ، روي أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أو عليّا عليه‌السلام شيّع جنازة فسمع رجلا يضحك فقال : « كأنّ الموت فيها على غيرنا كتب » (٣) الحديث.

( وللملتزم ) من الصلاة بنذر وشبهه ( ثلاث وعشرون تقارنها خمس عشرة : )

( المبادرة في أول الوقت في المعيّن ) ، للأمر بالمسارعة إلى سبب المغفرة الذي أقلّ مراتبه هنا الندب ( وأوّل ) أوقات ( الإمكان في ) النذر ( المطلق ) وإنّما لم يقيّد بالإمكان في المعيّن مع أنّه معتبر فيه أيضا ، لأنّ الوجوب فيه مشروط بإمكانه ، فلو لم يمكن سقط الوجوب وإن أمكن بعده ، بخلاف المطلق ، فإنّ المعتبر فيه الإمكان في أيّ وقت كان من العمر ، فلذا غاير بينهما وإن كان الإمكان مشترك الاعتبار.

( وقضاء فائت النافلة ) الموقّتة مطلقا ( وآكده الراتبة ) اليوميّة.

روى عبد الله بن سنان وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل فاته من النوافل ما لا يدري ما هو من كثرته كيف يصنع؟ قال : « فليصلّ حتّى لا يدري كم صلّى من كثرته فيكون قد قضى بقدر ما عليه » قلت : فإنّه ترك ولا يقدر على القضاء من شغله ، قال : « إن كان شغله في طلب معيشة لا بدّ منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شي‌ء عليه ، وإن كان شغله للدنيا وتشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء وإلّا لقي الله تعالى مستخفّا متهاونا

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ١٧٠ ـ ١٧١ باب كراهية الركوب مع الجنازة ، ح ٢ ، « الفقيه » ١ : ١٢٢ ـ ٥٨٨ ، « تهذيب الأحكام » ١ :

٣١٢ ـ ٩٠٦.

(٢) « تهذيب الأحكام » ١ : ٤٦٤ ـ ١٥١٨.

(٣) « نهج البلاغة » ٤٩٠ ، الرقم : ١٢٢ من قصار الحكم.

٢٨٠