الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


المحقق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-541-5
الصفحات: ٤٢٩

( مستحضرا ) في رفع الأيمن وانخفاض الأيسر : ( اللهمّ أمت الباطل وأقم الحقّ ، وقول : بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله ) هكذا رواه أبو بصير ، عن الصادق (١) عليه‌السلام مع ما بعده من التحيّات والدعاء.

وأكثر (٢) الأصحاب ومنهم الشيخ في المصباح (٣) افتتحوه بقولهم : بسم الله وبالله والأسماء الحسنى كلّها لله ( وبعد ) قوله : وأشهد أنّ محمّدا ( عبده ورسوله ) يقول : ( أرسله بالحقّ بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ، وأشهد أنّ ربّي نعم الربّ وأنّ محمّدا نعم الرسول ، وبعد الصلاة على النبيّ وآله صلّى الله عليه وعليهم ) في التشهّد الأول يقول : ( وتقبّل شفاعته في أمّته وأرفع درجته ، ثمّ يقول : الحمد لله ربّ العالمين ، مرّة ، وأكمله ثلاث ) مرّات.

( ويختصّ تشهّد آخر الصلاة ) سواء لم يكن سواه كالثنائيّة أم كان ثانيا كغيرها ( بعد قوله : نعم الرسول بقوله : التحيات لله ، الصلوات الطاهرات الطيّبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات لله ، ما طاب وطهر وزكى وخلص وصفا فلله ، ثم يكرّر التشهّد ) فيقول : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ( إلى ) قوله : ( نعم الرسول ) ثم يقول : ( وأشهد أنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، الحمد لله ربّ العالمين ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ، وبارك على محمّد وآل محمّد ، وسلّم على محمّد وآل محمّد ، وترحّم على محمّد وآل محمّد ، كما صلّيت وباركت وترحّمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد ).

روى ذلك كلّه أبو بصير ، عن الصادق عليه‌السلام ، وزاد بعد ذلك : « اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد واغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلّا للّذين آمنوا ربّنا إنّك رؤوف رحيم ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وامنن عليّ

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٩٩ ـ ٣٧٣.

(٢) « المقنعة » ١٠٧ ، « النهاية » ٨٣ ، « الذكرى » ٢٠٤.

(٣) « مصباح المتهجّد » ٣٩.

٢٢١

بالجنّة وعافني من النار اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد واغفر للمؤمنين والمؤمنات ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلّا تبارا » (١).

وفي التهذيب (٢) ـ بخطّ الشيخ رحمه‌الله ـ في كلّ واحدة من الصلاة والسلام والترحّم أعاد العطف بـ « على » وزادها رابعا في قوله : « كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم » ، وخامسا : فيما ذكرناه من قوله بعد ذلك : « اللهمّ صلّ على محمد وعلى آل محمد ».

وفي الذكرى (٣) ذكر الدعاء بأسره وأسقطها من الجميع كما هنا ، والكلّ جائز.

والتحيّات جمع تحيّة ما يحيّى به من سلام وغيره ، والقصد الثناء على الله تعالى ، فإنّه مالك لجميع التحيّات من الخلق.

وروى عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما معنى قول الرجل : التحيّات لله؟ قال : « الملك لله » (٤).

وما ذكره المصنّف من اختصاص التحيّات بالتشهّد الأخير موضع وفاق بين الأصحاب ، فلا تحيّات في التشهّد الأول إجماعا (٥) ، فلو أتى فيه بها لغير تقيّة معتقدا لشرعيتها مستحبّا أثم ، واحتمل البطلان.

ولو لم يعتقد استحبابها فلا إثم من حيث الاعتقاد ، وتوقّف المصنّف في الذكرى (٦) في بطلان الصلاة حينئذ. وعدم البطلان متّجه ، لأنّها ثناء على الله تعالى.

( وروي مرسلا عن الصادق (٧) عليه‌السلام جواز التسليم على الأنبياء ونبيّنا صلّى الله عليه وعليهم في التشهّد الأول ، ولم يثبت ) ذلك من حيث إرسال خبره وعدم

__________________

(١). « تهذيب الأحكام » ٢ : ٩٩ ـ ١٠٠ ـ ٣٧٣.

(٢). « تهذيب الأحكام » ٢ : ٩٩ ـ ١٠٠ ـ ٣٧٣.

(٣) « الذكرى » ٢٠٤.

(٤) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣١٦ ـ ١٢٩١.

(٥) « المقنع والهداية » ٢٩ ، « نهاية الإحكام » ١ : ٥٠٢ ، « الذكرى » ٢٠٤ ، وفيه : « لا تحيات في التشهّد الأول بإجماع الأصحاب » ، « الدروس » ١ : ١٨٢ ، « البيان » ١٧٥.

(٦) « الذكرى » ٢٠٤.

(٧) لم نعثر عليه في المصادر الحديثية ، وفي « بحار الأنوار » ٧٩ : ٢٩٢ نقله عن « الرسالة النفلية ».

٢٢٢

القائل به من الأصحاب.

( التاسعة : سنن التسليم )

( وهي تسع : )

( التورّك ) في الجلوس له ، ( ووضع يديه ) على فخذيه ( كما مرّ (١) ، والقصد به إلى الخروج من الصلاة ) على أشهر (٢) القولين.

وربما قيل (٣) بوجوبه ، ليحصل التحلّل به منها كما يجب ذلك على الحاجّ والمعتمر بجميع محلّلاتهما.

وعلى القولين فهي بسيطة لا يعتبر فيها سوى قصد الخروج من الصلاة به أو ما أدّى معناه ، ولا يعتبر فيها تعيين الصلاة بمميّزاتها السابقة في النيّة.

وفي اعتبار نيّة الوجوب والقربة أو القربة خاصّة معه نظر.

ووقته قبل التسليم مقارنا له ، ولا يجوز التلفّظ به على القول بوجوب التسليم فيبطل به.

ولو قلنا بندبيّته كان التلفّظ به كفعل المنافي.

( واستحضار اسم الله تعالى ) عند قوله : السلام ، لأنه اسم من أسمائه ، ( و ) استحضار ( السلامة من الآفات ) ، لأنّ وضع الاسم الخاصّ في ذلك المحلّ بشارة بها من الله تعالى. روي عن الصادق عليه‌السلام : « أنّ معنى السلام في دبر كلّ صلاة : الأمان ، أي من أدّى أمر الله وسنّة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله خاضعا له خاشعا منه فله الأمان من بلاء الدنيا وبراءة من عذاب الآخرة ، والسلام اسم من أسماء الله تعالى أودعه خلقه ليستعملوا معناه » الحديث (٤).

__________________

(١) مرّ في الصفحة : ٢٢١.

(٢) « المبسوط » ١ : ١١٦ ، « تذكرة الفقهاء » ٣ : ٢٤٧ ، المسألة : ٣٠٢ ، « منتهى المطلب » ١ : ٢٩٧ ، « جامع المقاصد » ٢ :

٣٢٨.

(٣) « المجموع » ٣ : ٤٧٦ ، « فتح العزيز » ٣ : ٥٢٠ ، واحتمله في « جامع المقاصد » ٢ : ٣٢٨ ، ثم ضعّفه.

(٤) « مصباح الشريعة » ٩٥ ، الباب : ٤٣.

٢٢٣

( والقصد به ) عند قوله : السلام عليكم بصيغة الخطاب ( إلى الأنبياء والأئمّة والملائكة وجميع مسلمي الإنس والجنّ ) بأن يحضرهم بباله ، ويخاطبهم به وإلّا كان تسليمه بصيغة الخطاب من غير قصد كاللغو من الكلام.

( و ) يقصد ( الإمام ) بسلامه مع من ذكر ( المؤتمّ ، وبالعكس ) أي يقصد المأموم بتسليمه مقصد الإمام لغير المأموم والإمام ( على طريق الردّ ) عليه حيث قد حيّاه بسلامه ، وإنّما كان ردّه هنا مستحبّا ، لأنّ سلام الإمام ليس تحيّة محضة ( وقصد الإمام ) زيادة على ما ذكر ( أنّه مترجم عن الله تعالى بالأمان لهم من العذاب ) كما نبّه عليه في الخبر (١).

( والتسليمة الثانية ) للمصلّي إماما كان أم غيره ، لرواية عليّ بن جعفر (٢) أنّه رأى إخوته ومنهم موسى عليه‌السلام يسلّمون على الجانبين : السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله.

والمشهور (٣) بين الأصحاب أنّ الإمام والمنفرد يسلّمان مرّة واحدة ، وأمّا المأموم فعلى ما سيأتي ، ولكن المصنّف رحمه‌الله جرى في ذلك على عادته في الرسالة من إثبات السنن بما ورد في الخبر وإن شذّ.

( والإيماء ) بالتسليم ( إلى القبلة ) هذا الحكم لم نقف على مأخذه ، وقد أنكره المصنّف في الذكرى ، وادّعى الإجماع على عدمه فقال : « لا إيماء إلى القبلة بشي‌ء من صيغتي التسليم المخرج من الصلاة بالرأس ولا بغيره إجماعا » (٤). ثمّ ذكر الإيماء إلى اليمين على ما سيأتي.

( ويختصّ الإمام ) بالإيماء ( بصفحة وجهه عن يمينه ، وكذا المأموم إن لم يكن على يساره أحد أو حائط وإلّا ف ) الأفضل أن يسلّم ( أخرى إلى يساره ). أمّا اعتبار التسليمة

__________________

(١) « الفقيه » ١ : ٢١٠ ـ ٩٤٥.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣١٧ ـ ١٢٩٧.

(٣) « المعتبر » ٢ : ٢٣٧ ، « تذكرة الفقهاء » ٣ : ٢٤٤ المسألة : ٣٠٠ ، « منتهى المطلب » ١ : ٢٩٦ ، قال : « لا نعرف خلافا في أنّه لا يجب عليه الإتيان بهما ».

(٤) « الذكرى » ٢٠٩.

٢٢٤

والتسليمتين للمأموم إذا كان على يساره أحد فمرويّ (١) ، وأمّا الإيماء بصفحة الوجه فذكره الشيخ (٢) وتبعه الجماعة (٣) ، وأمّا الاكتفاء بالحائط فذكره ابن بابويه (٤) ، ولا دليل ظاهرا عليه.

( والمنفرد ) يومئ ( بمؤخّر عينه يمينا ) ، والكلام فيه كما مرّ ، ( وروي (٥) أنّ المأموم يقدّم تسليمه للردّ على الإمام ويقصده وملكيه ، ثمّ يسلّم ) تسليمتين ( أخريين ) عن جانبيه. واختاره الصدوق ابن بابويه (٦) ( وليس بمشهور ).

( وتقديم : السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته السلام على أنبياء الله ورسله السلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقرّبين السلام على محمّد بن عبد الله خاتم النبيّين لا نبيّ بعده ) رواه أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام خاتمة التشهّد السابق ، وزاد فيه بعد ذلك : « السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين » (٧). ولم يذكره المصنّف رحمه‌الله هنا ، هربا ممّا ورد في الأخبار أنّه يقطع الصلاة (٨) ، فلا يكون من التسليم المستحبّ ، مع أنّ المصنّف في غير (٩) الرسالة اختار ذكره معه استحبابا وحكم بعدم قطعه للصلاة. وفيه بحث لا يقتضيه المقام.

فهذه جملة السنن حسب ما اقتضاه الحال.

( ومجموع هذه الأعداد على سبيل التقريب ) دون التحقيق ، إذ يحتمل اشتمال الأفعال المذكورة على زيادة عليها كالتشهّد والتسليم ، فإنّه لم يذكر فيهما استحباب الجهر بهما

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٩٢ ـ ٩٣ ـ ٣٤٥ ، « الاستبصار » ١ : ٣٤٦ ـ ١٣٠٣.

(٢) « النهاية » ٧٣.

(٣) « شرائع الإسلام » ١ : ١٠٨ ، « قواعد الأحكام » ١ : ٢٧٩ ، « تذكرة الفقهاء » ٣ : ٢٤٤ ، المسألة : ٣٠٠ ، « جامع المقاصد » ٢ : ٣٢٩.

(٤) « المقنع والهداية » ٢٩ ، « الفقيه » ١ : ٢١٠.

(٥) « علل الشرائع » ٣٥٩.

(٦) « المقنع والهداية » ٢٩ ، « الفقيه » ١ : ٢١٠.

(٧) « تهذيب الأحكام » ٢ : ١٠٠ ـ ٣٧٣.

(٨) « الاستبصار » ١ : ٣٤٧ ـ ١٣٠٧.

(٩) « الدروس » ١ : ١٨٣.

٢٢٥

للإمام والإسرار للمأموم وتخيّر المنفرد كما ذكره في غيرهما من الأذكار مع مشاركتهما لها في الحكم وغير ذلك ، لكن ما ذكر يحصل به الغرض من العدد الموافق للخبرين تقريبا ، فإن أريد حصره ( ففي الركعة الأولى مائة وثمانون ) كذا بخطّ المصنّف رحمه‌الله.

والمحصّل منها إنّما هو مائة وتسعة وسبعون ، وهو الموافق لما سيأتي في بقيّة الركعات وجملة الصلوات ، وكأنّه أراد التقريب أيضا.

توضيح ذلك : أنّ في التوجّه إحدى وعشرين سنّة ، وفي النيّة خمسا ، وفي التحريمة تسعا ، وفي القيام أربعا وعشرين ، وفي القراءة خمسين ، وفي الركوع ثلاثين ، وفي السجود خمسين. وجملة ذلك مائة وتسعة وثمانون ينقص منها عشرة ، ( لسقوط وظائف القنوت العشر ) من جملة أعداد القيام يبقى منه أربع عشرة ، فالمجتمع ما ذكرناه.

( وفي ) الركعة ( الثانية مائة وأربع وخمسون ، لسقوط ) سنن ( التوجّه والتكبير والنيّة عدا إحضار القلب ) وذلك أربع وثلاثون ( وسقوط التعوّذ ) وهو سنّة واحدة ، فالساقط خمس وثلاثون. ( وإضافة ) سنن ( القنوت ) العشر يصيّر الناقص خمسا وعشرين من جملة أعداد الركعة الأولى ، وهي مائة وتسعة وسبعون يبقى ما ذكر ( وفي كلّ من الثالثة والرابعة مائة وخمسة وثلاثون ، لسقوط القنوت ) منهما ، وسننه عشر.

( وخصائص السورة ) وهي تسع :

أ : مطوّلات المفصّل في الصبح.

ب : متوسّطاته في الظهر والعشاء.

ج : قصاره في العصر والمغرب.

د : الجمعة والأعلى في عشاءيها.

ه : الجمعة والتوحيد في صبحها.

و : الجمعة والمنافقين فيها وفي ظهريها.

ز : العدول عن غيرهما إليهما ما لم ينتصف.

ح : الإنسان والغاشية في صبح الاثنين والخميس.

ط : استحباب التغاير في السورة.

٢٢٦

فهذه تسع ، فإذا أسقط تسع عشرة من مائة وأربع وخمسين يبقى مائة وخمسة وثلاثين كما ذكر ، ( ففي الصبح ثلاثمائة وخمس وخمسون بضمّ ) سنن ( التشهّد ) ، وهي اثنتا عشرة ( و ) سنن ( التسليم ) وهي تسع ( مع التحيّات ) وهي واحدة ، وجملتها اثنتان وعشرون إلى ما اجتمع في الركعتين الأوليين ، وهو ثلاثمائة وثلاث وثلاثون يبلغ ما ذكره.

( وفي المغرب خمسمائة واثنتان ) بإضافة سنن الركعة الثالثة ـ وهي مائة وخمس وثلاثون ـ وسنن التشهّد الأول ـ وهي اثنتا عشرة ـ إلى ما اجتمع في الصبح يبلغ ما ذكر ، ( وفي كلّ رباعية ) من الرباعيات الثلاث ( ستّمائة وسبع وثلاثون ) بإضافة سنن الركعة الرابعة ، وهي مائة وخمس وثلاثون إلى المجتمع في الثلاثية يبلغ ما ذكر ، ( ففي ) الصلوات ( الخمس ألفان وسبعمائة وثمان وستّون سنّة ) منها في الرباعيات الثلاث ألف وتسعمائة وإحدى عشرة ، وفي الصبح والمغرب ثمانمائة وسبع وخمسون. وجملة ذلك ما ذكر ، وهو ألفان وسبعمائة وثمان وستّون سنّة.

٢٢٧
٢٢٨

[ الفصل الثالث

في منافيات الأفضل ]

٢٢٩
٢٣٠

( الفصل الثالث في منافيات الأفضل )

( وهي اثنتان وخمسون : )

( مقاربة القدمين ) في حال القيام ( زيادة على ما ذكر ) وهو قدر ثلاث أصابع مفرّجات إلى شبر ( والدخول في الصلاة متكاسلا ) ، لأنّ الله تعالى قد ذمّ ذلك فقال ( وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى ) (١) ( أو ناعسا أو مشغول الفكر ) بشي‌ء من أمر الدنيا ، بل الآخرة.

وبالجملة كلّ ما ينافي الإقبال عليها بالقلب.

( أو مشدود اليدين اختيارا ، وإحضار غير المعبود بالبال ) روى أبو بصير ، عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « إذا قمت إلى الصلاة فاعلم أنّك بين يدي الله ، فإن كنت لا تراه فاعلم أنّه يراك ، فأقبل على صلاتك ولا تمتخط ولا تبصق ولا تنقض أصابعك ولا تورّك ، فإنّ قوما عذّبوا بتنقيض الأصابع والتورّك في الصلاة » (٢).

( والتثاؤب والتمطّي ) ، لقول الصادق عليه‌السلام فيهما : « إنّهما من الشيطان » (٣).

( والعبث باللحية والرأس والبدن ) ، لفحوى رواية أبي بصير ، السالفة. ( والتنخّم

__________________

(١) « النساء » ٤ : ١٤٢.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٢٥ ـ ١٣٣٢.

(٣) « الكافي » ٣ : ٣٠١ باب الخشوع في الصلاة ، ح ٧ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٢٤ ـ ١٣٢٨.

٢٣١

والبصاق ) بضمّ الباء ( وخصوصا إلى القبلة واليمين وبين يديه ، أمّا تحت القدمين أو اليسار فلا ) ، لرواية طلحة بن زيد ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : « لا يبزقنّ أحدكم في الصلاة قبل وجهه ولا عن يمينه ، وليبزقنّ عن يساره وتحت قدمه اليسرى » (١).

والأولى أخذ النخامة في ثوب تأسّيا بالنبيّ (٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله.

( والامتخاط والجشاء ) بكسر الجيم والمدّ.

( والتنحنح ) على وجه لا يستبين معه حرفان وإلّا فالمشهور (٣) التحريم والإبطال.

( وفرقعة الأصابع ) وقد تقدّم (٤) في الخبر السالف أكثر ذلك صريحا والباقي فحوى.

والمراد من تنقيض الأصابع فيه : فرقعتها فيسمع لها صوت.

قال الجوهري : « إنقاض العلك تصويته وهو مكروه » (٥).

ونقل في الغريبين عن الأزهري في قوله تعالى ( أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ) (٦) « أي أثقله حتى سمع نقيضه أي صوته » (٧).

وروي أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سمع فرقعة رجل خلفه في الصلاة ، فلمّا انصرف قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أما إنّه حظّه من صلاته » (٨).

( والتأوّه بحرف والأنين به ) اختيارا ، لقربه إلى الكلام.

وعن علي عليه‌السلام : « من أنّ في صلاته فقد تكلّم » (٩).

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٣ : ٢٥٧ ـ ٧١٦.

(٢) « صحيح مسلم » ١ : ٣٨٩ ـ ٥٥٠ باب النهي عن البصاق في المسجد. ، « مسند أحمد » ٣ : ٢٤ ، « سنن ابن ماجة » ١ :

٣٢٦ ـ ١٠٢٢ باب المصلّي يتنخّم.

(٣) « منتهى المطلب » ١ : ٣١٠.

(٤) تقدّم في الصفحة : ٢٣١ ، الهامش (٢).

(٥) « الصحاح » ٣ : ١١١١ ، « نقض ».

(٦) « الانشراح » ٩٤ : ٣.

(٧) « تهذيب اللغة » ٨ : ٣٤٤ ، « نقض ».

(٨) « الكافي » ٣ : ٣٦٥ باب ما يقطع الصلاة. ح ٨.

(٩) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٣٠ ـ ١٣٥٦.

٢٣٢

وأصل التأوّه قول : « أوه » عند الشكاية والتوجّع.

والمراد هنا النطق به على وجه لا يظهر منه حرفان ، والأنين مثله على ما ذكره أهل اللغة (١) ، وقد يخصّ الأنين بالمريض.

( ومدافعة الأخبثين : ) البول والغائط ( والريح ) ، لاستلزامه سلب الخشوع ، ولقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تصلّ وأنت تجد شيئا من الأخبثين » (٢) ، وعن الصادق عليه‌السلام : « لا صلاة لحاقن ولا حاقنة ، وهو بمنزلة من هو في ثوبه » (٣).

ومثله مدافعة النوم ، وقد ورد أنّه المراد بالسكر في قوله تعالى ( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) (٤) وإنّما يكره إذا عرضت المدافعة قبل الصلاة والوقت متّسع ، أمّا لو عرضت في أثناء الصلاة لم يكره الإتمام ، لعدم الاختيار ، وتحريم القطع.

نعم لو عجز عن المدافعة أو خشي ضررا جاز ، وكذا مع ضيق الوقت.

( ورفع البصر إلى السماء ) ، للنهي عنه ( وتحديد النظر إلى شي‌ء بعينه ) وإن كان بين يديه ، بل ينظر نظر خاشع. ( والتقدّم والتأخّر إلّا لضرورة ) فيفعل ما لا يكثر منه.

( ومسح التراب عن الجبهة إلّا بعد الصلاة فإنّه سنّة ) ، لرواية الحلبي عن الصادق عليه‌السلام : أنّ أبا جعفر عليه‌السلام كان يمسح جبهته إذا ألصق بها التراب ، وقد تقدّم (٥). ( وتفريج الأصابع في غير الركوع ) وروي ذلك في جملة أخبار (٦) دلّت على الضمّ في الحالات غيره.

( ولبس الخفّ الضيّق ) ، لمنافاته الخشوع. ( وحلّ الأزرار لفاقد الإزار ) ، لقول علي عليه‌السلام : « لا يصلّ الرجل محلول الأزرار إذا لم يكن عليه إزار » (٧). ( والإيماء )

__________________

(١) « تاج العروس » ١٨ : ٢٩ ، « أنن ».

(٢) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٢٦ ـ ١٣٣٣.

(٣) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٣٣ ـ ١٣٧٢.

(٤) « النساء » ٤ : ٤٣.

(٥) « تقدّم في الصفحة : ٢٢٠ ، الهامش (٢).

(٦) « الفقيه » ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٣٠١.

(٧) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٢٦ ـ ١٣٣٤.

٢٣٣

بالرأس ونحوه.

( والتصفيق وضرب الحائط ) : لمنافاة جميع ذلك الإقبال ( إلّا لضرورة ) فلا يكره ، لرواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه سئل عن الرجل يريد الحاجة وهو في الصلاة؟ فقال : « يومئ برأسه ويشير بيده ، والمرأة إذا أرادت الحاجة وهي تصلّي تصفق بيدها » (١).

وروي (٢) أنّ أبا عبد الله عليه‌السلام كان يصلّي فمرّ به رجل وهو بين السجدتين ، فرماه عليه‌السلام بحصاة ، فأقبل إليه الرجل.

وروى أحمد بن أبي نصر عن أبي الوليد قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فسأله ناجية فقال له : جعلني الله فداك إنّ لي رحى أطحن فيها ، فربّما قمت في ساعة من الليل فأعرف من الرحى أنّ الغلام نام فأضرب الحائط لأوقظه؟ فقال : « نعم ، أنت في طاعة الله عزوجل تطلب رزقه » (٣).

( والتبسّم ) وهو الضحك الذي لا يشتمل على الصوت ( والاستناد إلى ما لا يعتمد عليه ) من حائط ونحوه ، ويتحقّق عدم الاعتماد بأن لا يسقط المصلّي لو قدّر سقوط السناد.

( ويستحبّ استحضار أنّها صلاة الوداع ) ، لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا صلّيت فصلّ صلاة مودّع » (٤). ( وتفريغ القلب من الدنيا وترك حديث النفس ) وقد تقدّم (٥) في صدر الرسالة ما روي من « أنّ العبد ليرفع له من صلاته نصفها وثلثها وربعها وخمسها فلا يرفع له من صلاته إلّا ما أقبل عليه منها بقلبه ».

( والملاحظة لملكوت الله تعالى عند ذكره ) ، ليقع في القلب تعظيمه والخشية منه والإقبال عليه.

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٣٦٥ باب ما يقطع الصلاة ، ح ٧ ، « الفقيه » ١ : ٢٤٢ ـ ١٠٧٥.

(٢) « الفقيه » ١ : ٢٤٣ ـ ١٠٧٨ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٢٧ ـ ١٣٤٢.

(٣) « الكافي » ٣ : ٣٠١ باب الخشوع في الصلاة. ح ٨ ، « الفقيه » ١ : ٢٤٣ ـ ١٠٨٠ ، « تهذيب الأحكام » ٢ :

٣٢٥ ـ ١٣٢٩.

(٤) « دعوات الراوندي » ٤٠ ـ ٩٨.

(٥) تقدّم في الصفحة : ١٦.

٢٣٤

( وذكر رسوله ) صلى‌الله‌عليه‌وآله ( كلّما ذكر ) أي الله تعالى ، لأنّ الله تعالى أكرمه صلى‌الله‌عليه‌وآله بأن لا يذكر إلّا ويذكر معه كما ورد في الخبر (١) ، ( والصلاة عليه ) صلى‌الله‌عليه‌وآله ( عند ذكره ) من المصلّي عليه ومن غيره إذا سمعه ، للأخبار (٢) الدالّة عليه ، بل قيل بوجوبه (٣). ( و ) الصلاة ( على آله صلّى الله عليه وعليهم ) كلّما صلّي عليه ، للأخبار (٤) المتظافرة من طرقنا وطرق العامّة بالأمر به ، ووصف الصلاة عليه من دونهم بالبتراء وفاعله بالجفاء.

( وإسماع نفسه جميع الأذكار المندوبة ولو تقديرا ) مع حصول مانع من السمع في الأذنين أو من خارج. ( والتباكي ) وهو تكلّف البكاء والتكيّف بصورته لمن لم يقدر عليه ، قال الصادق عليه‌السلام لعنبسة العابد : « إن لم يكن بك بكاء فتباك » (٥).

وقال سعيد بن يسار له عليه‌السلام : إنّي أتباكى في الدعاء وليس لي بكاء؟ فقال : « نعم ، ولو مثل رأس الذباب » (٦).

( وحمد الله عند العطاس ) منه أو من غيره ، روى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا عطس الرجل وهو في الصلاة فليقل : الحمد لله » (٧).

وروى أبو بصير قال : قلت له : أسمع العطسة فأحمد الله وأصلّي على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا في الصلاة؟ قال : « نعم ، وإن كان بينك وبين صاحبك اليمّ » (٨).

( والتسميت ) بالسين المهملة والمعجمة ـ للعاطس بأن يقول له : يرحمك الله.

__________________

(١) انظر : « تفسير الطبري » ٣٠ : ١٥٠ ـ ١٥١ ، « الدرّ المنثور » ٦ : ٣٦٣ عن مجاهد ، « دلائل النبوّة » ٧ : ٦٣.

(٢) « الكافي » ٢ : ٤٩٢ باب الصلاة على النبيّ. ح ٦ ، « ثواب الأعمال » ٨٩ ـ ٩٠ ـ ٤.

(٣) نسبه الفاضل السبوري في « كنز العرفان » ١ : ١٣٣ إلى ابن بابويه والزمخشري ، وقال : « المختار الوجوب ».

(٤) « الكافي » ٢ : ٤٩٥ باب الصلاة على النبيّ. ح ٢١ ، « أمالي الشيخ الصدوق » ١٦٧ ـ ٩ ، « سنن البيهقي » ٢ : ١٤٨ باب الصلاة على أهل بيت رسول الله.

(٥) « الكافي » ٢ : ٤٨٣ باب البكاء ، ح ٨.

(٦) « الكافي » ٢ : ٤٨٣ باب البكاء ، ح ٩.

(٧) « الكافي » ٣ : ٣٦٦ باب التسليم على المصلّي. ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٣٢ ـ ١٣٦٧.

(٨) « الكافي » ٣ : ٣٦٦ باب التسليم على المصلّي. ح ٣ ، « الفقيه » ١ : ٢٣٩ ـ ١٠٥٨ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٣٢ ـ ١٣٦٨.

٢٣٥

قال ثعلب : « الاختيار بالسين ، لأنّه مأخوذ من السمت وهو القصد والمحجّة » وقال أبو عبيد : « السين أعلى في كلامهم وأكثر » (١).

( وإبراز اليدين ) وقد تقدّم (٢) مرارا. ( ويجوز قتل الحيّة والعقرب ) ، لرواية الحسين بن أبي العلاء قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يرى الحيّة والعقرب وهو يصلّي المكتوبة؟ قال : « يقتلها » (٣).

( ودفع القملة والبرغوث ) ، لرواية الحسين بن أبي العلاء قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل يقوم في الصلاة فيرى القملة؟ قال : « فليدفنها في الحصى ، فإنّ عليّا عليه‌السلام كان يقول : إذا رأيتها فادفنها في البطحاء » (٤).

( وإرضاع الطفل ) رواه عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « لا بأس أن تحمل المرأة صبيّها وهي تصلّي أو ترضعه وهي تتشهّد » (٥) ، ( ما لم يكثر ذلك ) ، قيد لجواز جميع ما سبق ، فمع استلزام شي‌ء منه فعلا كثيرا يحرم. وكذا غيره من المنافيات كالاستدبار.

( وردّ السلام بالمثل ) بأن يقول في الردّ : سلام عليكم أو سلام عليك إذا سلّم عليه كذلك.

ولو سلّم عليه بغير الصيغتين لم يجز الردّ بمثله ، بل تكون تحيّة مطلقا ، وسيأتي (٦) حكمها.

وروى محمّد بن مسلم في الصحيح قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وهو في الصلاة فقلت : السلام عليك ، فقال : « السلام عليك » قلت : كيف أصبحت؟ فسكت فلمّا انصرف قلت : أيردّ السلام وهو في الصلاة؟ فقال : « نعم ، مثل ما قيل له » (٧).

__________________

(١) « الصحاح » ١ : ٢٥٤ ، « سمت » ، وفيه وفي « و » : « الشين أعلى » بدل « السين أعلى ».

(٢) تقدّم في الصفحة : ٢١٠ ، ٢١٣.

(٣) « الفقيه » ١ : ٢٤١ ـ ١٠٦٧ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٣٠ ـ ١٣٥٧.

(٤) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٢٩ ـ ١٣٥٣.

(٥) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٣٠ ـ ١٣٥٥.

(٦) في الصفحة اللاحقة.

(٧) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٢٩ ـ ١٣٤٩.

٢٣٦

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : « يردّ ، يقول : سلام عليكم ولا يقول : وعليكم السلام » (١).

ولمّا استشعر المصنّف رحمه‌الله ـ على ذكره ردّ السلام في الرسالة ـ سؤالا بأنّ الردّ واجب ، وهو خارج عن موضوع الرسالة أجاب عنه بقوله : ( ووجوبه خارج عن أفعال الصلاة ) بمعنى أنّ الرسالة معقودة لبيان سنن الصلاة ، ولا يذكر فيها واجباتها ، والواجب من التسليم ليس من أفعال الصلاة ، بل هو أمر خارج عنها جاء من قبل قوله تعالى : ( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ) (٢) ولا ارتباط له بالصلاة وإن اتّفق مجامعته لها ، فليس في ذكره خروج عن المقصود منها.

ولكن يبقى فيه أيضا : أنّ الجواز ليس من مبحث الرسالة ، وقد استطرده كثيرا ، وكأنّه يذكره على وجه التبعيّة والاستطراد تتميما لأحكام الصلاة في الرسالتين حسبما تقتضيه المناسبة.

والمراد بالجواز في هذه المذكورات معناه الأعمّ ، فإنّه في قتل الحيّة وما بعده بمعنى الإباحة ، وفي ردّ التحيّة بمعنى الوجوب.

( وردّ التحيّة مطلقا ) أي كلّ ما أطلق عليه تحيّة عرفا كتحيّة الصباح والمساء ، عملا بظاهر الآية (٣) ، لكن إنّما يجوز الردّ ( بقصد الدعاء ) ، لجوازه في الصلاة لنفسه وغيره. وكذا يجوز بلفظ السلام المعهود ، للإذن فيه شرعا ، ولأنّه لفظ القرآن.

( والإشارة بإصبعه عند ردّ السلام ) عطف على إبراز اليدين سابقا ، فإنّه من جملة السنن ، وكذا ما بعده.

والمستند ما روي (٤) أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا سلّم عليه أشار بيده.

وحمل على جواز الجمع بينهما مع إخفاء اللفظ ، لتكون الإشارة مؤذنة به.

وقد روى منصور بن حازم عن الصادق عليه‌السلام : « إذا سلّم عليك رجل وأنت

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٣٦٦ باب التسليم على المصلي ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٢٨ ـ ١٣٤٨.

(٢). « النساء » ٤ : ٨٦.

(٣). « النساء » ٤ : ٨٦.

(٤) « سنن الترمذي » ١ : ٢٢٩ ـ ٣٦٦.

٢٣٧

تصلّي فردّ عليه ردّا خفيّا » (١).

( وتخفيف الصلاة لكثير السهو ) ، لرواية الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن السهو فإنّه يكثر عليّ؟ فقال : « أدرج صلاتك إدراجا » قلت : وأيّ شي‌ء الإدراج؟ قال : « ثلاث تسبيحات في الركوع والسجود » (٢).

( وليطعن ) أي كثير السهو ( فخذه اليسرى بمسبّحة اليمنى عند الشروع في الصلاة قائلا : بسم الله وبالله توكّلت على الله أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ) رواه الصدوق بإسناده إلى إسماعيل بن مسلم ، عن الصادق عليه‌السلام : « إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علّمه لرجل شكا إليه كثرة الوسوسة حتّى لا يعقل ما صلّى » ، ثمّ قال في آخره : « فإنّك ترجمة وتطرده عنك » (٣).

( وإعادة الوتر لو أعاد الركعتين المنسيّة من الليليّة ) ليكون الوتر خاتمة صلاته ( ونيّة حذف الزائد سهوا ، ويجوز القراءة من المصحف ).

الظاهر أنّ الكلام في النافلة ، لمنعه في سائر كتبه (٤) من القراءة منه في الفريضة ، ولكنّ مذهب المحقّق (٥) والعلّامة (٦) جوازها منه مطلقا ، ويبعد أن يكون مختاره هنا من غير إشارة إلى خلاف.

ومستند الجواز رواية الحسن الصيقل ، عن الصادق عليه‌السلام في المصلّي يقرأ في المصحف يضع السراج قريبا منه؟ قال : « لا بأس » (٧).

وحمل إطلاقه مع تسليم سنده على النافلة أو الضرورة.

( وجعل خرز ) أو ما أشبهه ( في فيه غير شاغل ) عن واجب القراءة والأذكار الواجبة

__________________

(١) « الفقيه » ١ : ٢٤١ ـ ١٠٦٥ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٣٢ ـ ١٣٦٦.

(٢) « الكافي » ٣ : ٣٥٩ باب من شكّ في صلاته ، ح ٩.

(٣) « الكافي » ٣ : ٣٥٨ باب من شكّ في صلاته ، ح ٤ ، « الفقيه » ١ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ـ ٩٨٤ ، بتفاوت في بعض الألفاظ.

(٤) « الذكرى » ١٨٧ ، « الدروس » ١ : ١٧٢.

(٥) « المعتبر » ٢ : ١٧٠.

(٦) « تذكرة الفقهاء » ٣ : ١٣٦ ، المسألة : ٢٢٤ ، « منتهى المطلب » ١ : ٢٧٤.

(٧) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٩٤ ـ ١١٨٤.

٢٣٨

( وعدّ الركعات بالحصى أو بأصابع ) ، لرواية حبيب الخثعمي قال : شكوت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام كثرة السهو في الصلاة فقال : « أحص صلاتك بالحصى » أو قال : « احفظها بالحصى » (١).

( فيكمل ) العدد بجملة المنافيات الاثنين والخمسين ( ألفين وثمانمائة وعشرين ) بإضافتها الى ما سبق وهو ألفان وسبعمائة وثمان وستّون ، ( ويضاف إليها ما وقع في أبواب المقارنات ممّا لا يتكرّر دائما ، وذلك ثمان وخمسون ) في التوجّه منها ستّة : تدارك الرفع ما لم يفرغ الذكر ، وجواز الولاء ، والاقتصار على خمس أو ثلاث ، وأسرار الإمام والمؤتمّ.

وفي النيّة واحدة : نيّة الجماعة.

وفي التحريمة اثنتان : جهر الإمام بها وأسرار المأموم.

وفي القنوت أربع عشرة أوّلها : الاستغفار في قنوت الوتر ، وآخرها : التورّك في التشهّد.

وفي القراءة عشرون : إسماع الإمام ، وتوسّط المنفرد ، وقراءة الإمام وناسي الحمد في الأوليين في الأخيرتين ، وضمّ السورة في النفل ، والجهر في الليليّة ، والسرّ في غيرها ، والجهر بالبسملة في السرّيّة ، وإسرار النساء في الجهريّة ، والتخفيف لخوف الضيق ، والاقتصار للإمام ، وقراءة الجحد في الأولى من فرض الغداة مصبحا وفي الثانية التوحيد وإبقاء المؤتمّ آية ليركع بها ، وعدول المرتج عليه إلى الإخلاص ، وقول ما ذكر من الأذكار في السور الخمس.

وفي الركوع سبع : إسماع الإمام من خلفه الذكر ، وأسرار المأموم ، والجهر للإمام بالتسميع وما معه ، والإسرار للمأموم ، وتخيّر المنفرد ، وتكرار التحميد للعاطس ، وجواز قصده بالواحد الوظيفتين ، فإنّ الجواز هنا يرجع إلى الاستحباب بتأديتهما.

وفي السجود اثنتان : الطهارة في سجود التلاوة والذكر.

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٤٨ ـ ١٤٤٤.

٢٣٩

وفي التسليم ستّ : قصد الإمام المؤتمّ ، وبالعكس ، وقصد الإمام أنّه مترجم عن الله سبحانه ، وإيماؤه بصفحة وجهه ، وكذا المأموم ، وتسليمة أخرى على يساره إن كان عليه أحد.

وجملة ذلك ثمان وخمسون لا يتكرّر في كلّ صلاة بل بحسب ما يتّفق من الأسباب المذكورة.

( و ) يضاف إليها ( المقارن من سنن الجمعة ) وهو ستّ ( و ) من سنن ( العيد ) وهو سبع ، ( و ) من سنن ( الكسوف ) وغيره من الآيات ، وهو أربع عشرة ( و ) من ( سنن الطواف ) وهو ستّ ( و ) من سنن ( الجنازة ) وهو عشرون ، ( و ) من ( سنن الملتزم ) وهو خمس عشرة ( و ) وظائف ( الجماعة ) بأسرها وهي مائة وخمس ( وهو ) أي المجتمع من ذلك ( مائة وثلاث وسبعون ، يصير الجميع ثلاثة آلاف وإحدى وخمسين سنّة ). وذلك واضح ( يضاف إلى المقارنات الواجبة ) المذكورة في الرسالة الألفيّة (١) ( فعلا ) وهي المذكورة في فصل المقارنات الواجبة ، ( وتركا ) وهي المذكورة في فصل المنافيات ( وهي تسعمائة وتسع وأربعون ، إذ ينقص من الألف والتسع ) التي حصرها في آخر فصل المنافيات جملة فروض ( المقدّمات وهي ستّون ) كما أشار إليها ثمّ بقوله : « فهذه ستّون فرضا ».

( وذلك ) المجتمع من الوظائف الواجبة والمندوبة المقارنة ( تقريبا ) بالنظر إلى ما اختار ذكره ، وتحقيقا في العدد نفسه ( أربعة آلاف كاملة متعلّقة بالصلاة التامّة ولله الحمد ). لكن في الحصر أنّه ذكر هنا مقارنات الصلوات الواجبة كلّها المندوبة ، ولم يذكر من العدد الواجبة سوى مقارنات اليوميّة ، ولقد كان ذكر الواجب أولى إلّا أنّه لمّا تمّ معه العدد من المندوب دون الواجب اقتصر عليه ، رعاية لمناسبة المقصود منه.

__________________

(١) « الألفية والنفلية » ٥٥ وما بعدها.

٢٤٠