الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

الفوائد المليّة لشرح الرسالة النفليّة

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


المحقق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-541-5
الصفحات: ٤٢٩

ليركع » (١) ( وقول : صدق الله وصدق رسوله خاتمة الشمس وكذلك الله ربّي ثلاثا خاتمة التوحيد والتكبير ثلاثا خاتمة الإسراء وقول : كذب العادلون بالله عند قراءة ( ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ) (٢) وقول : الله خير الله أكبر عند قراءة ( آللهُ خَيْرٌ أَمّا يُشْرِكُونَ ) (٣) روى ذلك عمّار عن الصادق (٤) عليه‌السلام ، إلّا ما بعد التوحيد فقد رواه عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن الصادق عليه‌السلام : « إنّ أباه كان إذا قرأ ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) وفرغ منها قال : كذلك الله أو كذلك الله ربّي » (٥). وروى عبد العزيز المهتدي قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن التوحيد؟ فقال : « كلّ من قرأ ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) وآمن بها فقد عرف التوحيد » قلت : كيف يقرأها؟ قال : كما يقرأ الناس » وزاد فيه : « كذلك الله ربّي كذلك الله ربّي كذلك الله ربّي » (٦).

( السادسة : سنن الركوع )

( وهي ثلاثون : )

( استشعار عظمة الله ) تعالى وكبريائه وذلّ نفسك حتى يكون ركوعك تعظيما له وذلّا بين يديه ، فإنّ الأصل الباعث عليه هو ذلك ، فقد روي (٧) أنّ قريشا وسائر العرب كانوا يستنكفون من الانحناء تجبّرا منهم واستكبارا حتّى كان الرجل يسقط منه الشي‌ء فلا ينحني لأخذه ، كراهة لذلك ، فجاءت الشريعة المطهّرة بالأمر بالركوع ثم بالسجود الذي هو أبلغ في الذلّ ، فينبغي استشعار عظمة الله تعالى لذلك.

( وتنزيهه عمّا يقول الظالمون ) من الأوصاف المنافية للتعظيم ، تعالى الله عن ذلك

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٩٥ ـ ١١٨٧ ، وفيه عن معاوية بن عمّار.

(٢) « الأنعام » ٦ : ١.

(٣) « النمل » ٢٧ : ٥٩.

(٤) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٩٧ ـ ١١٩٥.

(٥) « تهذيب الأحكام » ٢ : ١٢٦ ـ ٤٨١.

(٦) « الكافي » ١ : ٩١ باب النسبة. ح ٤.

(٧) « إحياء علوم الدين » ١١ : ٤٥ ، بتفاوت يسير.

٢٠١

علوّا كبيرا.

( والخشوع والاستكانة ، والتكبير له قائما ) قبله ، بحيث يقع بتمامه قبل أن يهوي له ( رافعا يديه ) كما مرّ (١) ( ثمّ يرسلهما ) بعد الفراغ منه. والضمير يعود إلى اليدين والمدلول عليهما بالرفع. هذا هو المشهور (٢) ، ورواه زرارة عن الباقر عليه‌السلام : « إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب : الله أكبر » (٣).

وجوّز الشيخ رحمه‌الله في الخلاف (٤) الهويّ به ، والظاهر جوازه وإن كان أدون فضلا.

وبه صرّح المصنّف في الذكرى (٥) والدروس (٦) ، وأوجب جماعة (٧) التكبير له ، وبعضهم (٨) الرفع معه ، عملا بظاهر الأمر والفعل ، وهو محمول على الندب جمعا.

( والتجافي ) وأصله النبوّ والارتفاع. قال الجوهري : « يقال : جافى جنبه عن الفراش أي نبأ » (٩) ، والمراد هنا : عدم إلصاق يديه ببدنه ، بل يخرجهما عنه بالتجنيح الآتي وفتح الإبطين وإخراج الذراعين عن الإبطين.

وقد يطلق التجنيح على جميع ذلك.

( وردّ الركبتين إلى خلف وبروز اليدين ) ، والظاهر أنّ حدّهما ما اعتيد بروزه ، وهو الراحة والأصابع وما جاوزهما إلى الزند ، ( ودونه ) أن يكونا ( في الكمّين ) نسب ذلك في الذكرى (١٠) إلى الأصحاب ، لعدم وقوفه على مستنده.

__________________

(١) مرّ في الصفحة : ١٦١.

(٢) « شرائع الإسلام » ١ : ١٠٣ ، « تذكرة الفقهاء » ٣ : ١٧٣ ، المسألة : ٢٥١ ، « البيان » ١٦٥.

(٣) « الكافي » ٣ : ٣١٩ باب الركوع وما يقال فيه. ح ١.

(٤) « الخلاف » ١ : ٣٤٧ ، المسألة : ٣٤٧.

(٥) « الذكرى » ١٩٨.

(٦) « الدروس » ١ : ١٧٨.

(٧) « الانتصار » ٤٤ ، « المراسم » ٦٩ ، وعن ابن عقيل في « مختلف الشيعة » ٢ : ١٨٧ ، المسألة : ١٠٥.

(٨) « الانتصار » ٤٤.

(٩) « الصحاح » ٦ ـ ٢٣٠٣ ، « جفا ».

(١٠) « الذكرى » ١٩٨.

٢٠٢

( وأن لا يكونا تحت ثيابه ) هذا هو المشهور (١) ، ولم أقف على رواية بخصوصه.

نعم ، روى عمّار عن الصادق عليه‌السلام في الرجل يدخل يديه تحت ثيابه فقال : « إن كان عليه ثوب آخر فلا بأس ، وإن لم يكن فلا يجوز ذلك ، وإن أدخل يدا وأخرج أخرى فلا بأس » (٢).

( وتسوية الظهر بحيث لو قطر عليه ماء لم يزل ) روي (٣) ذلك من فعل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورواه حماد (٤) في وصف صلاة الصادق عليه‌السلام ، ( ومدّ العنق موازيا للظهر ) وذلك في خبر حمّاد (٥).

( واستحضار : آمنت بك ولو ضربت عنقي ، وأن لا يخفض رأسه ويرفع ظهره ) مقوّسا ( وهو التصويب ، ولا بالعكس ) بأن يرفع رأسه ويجعله أعلى من جسده ( وهو الإقناع ) فقد روي (٦) أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا ركع لا يصوّب رأسه ولا يقنّعه ، فالتصويب : خفضه من قولهم : صاب المطر يصوب إذا نزل ، والإقناع : رفعه أعلى من الجسد ، ومنه قوله تعالى ( مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ ) (٧).

( ولا ترفع المرأة عجيزتها ) بأن تتطأطأ كثيرا ، رواه (٨) زرارة في حديث صلاة المرأة ( ونظره إلى ما بين رجليه ، وجعلهما ) أي الرجلين منتصبتين ( على هيئة القيام ، والتجنيح بالعضدين ) والمرفقين بأن يخرجهما عن بدنه كالجناحين ، لخبر حماد (٩).

( ووضع اليدين على ) عيني ( الركبتين وتفريج الأصابع ) رواه حمّاد (١٠) أيضا. ( ولو منع ) من وضع ( إحداهما وضع الأخرى ) ، إذ لا يسقط الميسور بالمعسور ، ولو منع منهما سقط.

__________________

(١) « المبسوط » ١ : ١١٢ ، « شرائع الإسلام » ١ : ١٠٣ ، « تذكرة الفقهاء » ٣ : ١٧٩ ذيل المسألة : ٢٥٤.

(٢) « الكافي » ٣ : ٣٩٥ باب الصلاة في ثوب جديد. ١٠ ، « الاستبصار » ١ : ٣٩٢ ـ ١٤٩٤.

(٣) « معاني الأخبار » ٢٨٠ ، « سنن ابن ماجة » ١ : ٢٨٣ ـ ٨٧٢ باب الركوع في الصلاة.

(٤). « الكافي » ٣ : ٣١١ باب افتتاح الصلاة. ح ٨ ، « الفقيه » ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٣٠١.

(٥). « الكافي » ٣ : ٣١١ باب افتتاح الصلاة. ح ٨ ، « الفقيه » ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٣٠١.

(٦) « صحيح مسلم » ١ : ٣٥٧ ـ ٢٤٠ باب ما يجمع صفة الصلاة. ، « سنن ابن ماجة » ١ : ٢٨٢ ـ ٨٦٩ باب الركوع في الصلاة.

(٧) « إبراهيم » ١٤ : ٤٣.

(٨) « الكافي » ٣ : ٣٣٥ باب القيام والقعود ، ح ٢.

(٩). « الكافي » ٣ : ٣١١ باب افتتاح الصلاة. ح ٨.

(١٠). « الكافي » ٣ : ٣١١ باب افتتاح الصلاة. ح ٨.

٢٠٣

( والبدأة بوضع اليمنى قبل اليسرى ) رواة زرارة عن الباقر (١) عليه‌السلام : ( وتمكينهما من الركبتين ) بأن لا يقتصر على وضع أطرافهما ، لرواية زرارة عن الباقر عليه‌السلام : « وتمكّن راحتيك من ركبتيك » (٢) ( وإبلاغ أطرافهما عيني الركبتين ) ، لاستلزام التمكين ذلك ، ( ووضع المرأة يديها فوق ركبتيها ) ، لرواية زرارة (٣) ، ولكن يجب أن تنحني قدر ما ينحني الرجل. وإنّما يختلفان في الوضع مع احتمال اجتزائها بدون انحناء الرجل ، بل القدر الذي تصل معه يداها إلى فخذيها فوق ركبتيها كما تشعر به الرواية ، لأنها معلّلة بعده بقوله : « لئلّا تتطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتها ».

( وترتيل التسبيح ) رواه حمّاد (٤) ( واستحضار التنزيه لله ) عن النقائص وصفات المحدثات عند قوله : سبحان ربّي ، إذ معنى التسبيح التنزيه ، تقول : سبّحت تسبيحا وسبحانا ، أي نزّهت تنزيها ، وأطلق التنزيه ، ليتناول كلّ ما يليق وصفه به ويذهب كلّ مذهب.

( و ) استحضار ( الشكر لإنعامه ) عند قوله : وبحمده ، أو مطلقا ، لأنّ ذلك ضرب من الشكر.

( وتكراره ثلاثا مطلقا ) سواء كان إماما أم غيره ، لرواية أبي بكر الحضرمي عن الباقر عليه‌السلام « تقول : سبحان ربّي العظيم وبحمده ثلاثا في الركوع ، وسبحان ربّي الأعلى وبحمده ثلاثا في السجود ، فمن نقص واحدة نقص ثلث صلاته ومن نقص اثنتين نقص ثلثي صلاته ، ومن لم يسبّح فلا صلاة له » (٥) والمراد نقص الكمال والفضيلة.

( وخمسا وسبعا ، فما زاد لغير الإمام ) وهو المنفرد ، فإنّ المأموم تابع الإمام لا يتخلّف عنه ( إلّا مع حبّ المأموم الإطالة ) أي جميع المأمومين ، فيستحبّ حينئذ للإمام الإطالة كغيره ، لأنّ تحقيقه كان لمكان المأموم ، لما تقدّم (٦) من استحباب صلاة الإمام على

__________________

(١). « الكافي » ٣ : ٣٣٤ باب القيام والقعود. ح ١.

(٢). « الكافي » ٣ : ٣٣٤ باب القيام والقعود. ح ١.

(٣) « الكافي » ٣ : ٣٣٥ باب القيام والقعود. ح ٢.

(٤) « الكافي » ٣ : ٣١١ باب افتتاح الصلاة. ح ٨.

(٥) « الكافي » ٣ : ٣٢٩ باب أدنى ما يجزئ من التسبيح ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨٠ ـ ٣٠٠.

(٦) تقدّم في الصفحة : ١٩٥.

٢٠٤

أضعف من خلفه ، فمع حبّه الإطالة يستحبّ للإمام التطويل بما يحتمله المأموم ويحبّه ولا يؤدّي إلى السأم.

( فقد عدّ ) حمزة بن حمران والحسن بن زياد ( على الصادق عليه‌السلام ) في حال كونه ( راكعا إماما ) لأنهما أخبرا (١) أنّهما صلّيا معه تلك الصلاة ـ ( سبحان ربّي العظيم وبحمده أربعا وثلاثين مرّة ) وستأتي (٢) رواية أبان بن تغلب أنّه عدّ عليه ستّين تسبيحة.

وهل يستحبّ مع الزيادة الوقوف على وتر؟

يحتمل عدمه ، لظاهر الخبرين ، وعدم الدليل على إيتار ما زاد على المنصوص.

وفي الذكرى : « الظاهر استحباب الوتر ، لظاهر الأحاديث. وعدّ الستين لا ينافي الزيادة عليه. » (٣) ( والدعاء أمام الذكر : اللهمّ لك ركعت ولك خشعت وبك آمنت ولك أسلمت وعليك توكّلت وأنت ربّي ، خشع لك سمعي وبصري ومخّي وعصبي وعظامي وما أقلّته قدماي لله ربّ العالمين ) هكذا رواه الشيخ في المصباح (٤) إلّا أنّه ذكر : « موضع قدماي الأرض منّي ».

والذي رواه زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام ، ذكره الشيخ في التهذيب (٥) ، والمصنّف في الذكرى (٦) وغيرهما من الأصحاب (٧) : « ربّي لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكّلت وأنت ربّي خشع لك سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخّي وعصبي وعظامي وما أقلّته قدماي غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر ».

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٣٢٩ باب أدنى ما يجزئ من التسبيح. ح ٣ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٠٠ ـ ١٢١٠.

(٢) سيأتي في الصفحة : ٢١٥.

(٣) « الذكرى » ١٩٩.

(٤) « مصباح المتهجّد » ٣٧.

(٥) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٧٧ ـ ٢٨٩.

(٦) « الذكرى » ١٩٨.

(٧) « المعتبر » ٢ : ٢٠٢ ، « تذكرة الفقهاء » ٣ : ١٧٩ ذيل المسألة : ٢٥٤.

٢٠٥

ومعنى « أقلّته قدماي » : أي حملتاه وقامتا به ، ومعناه : جميع جسمي.

وفي الإتيان بها بعد قوله : « خشع لك سمعي وبصري ». إلى آخره ، تعميم بعد التخصيص.

وقوله : « لله ربّ العالمين » يمكن كونه خبر مبتدأ محذوف ، أي جميع ذلك لله تعالى وإن كان قد ذكر أنّ بعضه لله ، فإنّ بعضه وهو قوله : « وبك آمنت وعليك توكّلت » لم يدلّ لفظه على كونه له.

ويمكن كونه بدلا من قوله : « لك سمعي ». إلى آخره ، أبدل الظاهر من الضمير ، والتفت من الخطاب إلى الغيبة.

والظاهر أنّ هذا الدعاء يختصّ بالمنفرد إلّا مع حبّ المأموم الإطالة ، فيستحبّ للإمام والمأموم. ويشترط انحصار المأمومين واتّفاقهم عليها.

( وإسماع الإمام من خلفه الذكر ، وأسرار المأموم ) وقد تقدّم ، وأمّا المنفرد فذكره تابع لقراءته استحبابا ( وزيادة الطمأنينة في رفع الرأس منه بغير إفراط ) بل بقدر الذكر الواقع فيه مستحبّا ( و ) هو ( قول سمع الله لمن حمده ) ضمّن « سمع » معنى استحباب ، فعدّي باللام ، وإلّا فالسمع متعدّ بنفسه كما قال الله تعالى ( يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ ) (١) كما أنّ قوله : ( لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى ) (٢) ضمّن معنى يصغون فعدّي بـ « إلى » وهذه الكلمة خبر معناه الطلب والدعاء لا ثناء ، كما دلّت عليه رواية المفضّل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام حيث قال له : جعلت فداك علّمني دعاء جامعا ، فقال لي : « احمد الله ، فإنّه لا يبقى أحد يصلّي إلّا دعا لك ، يقول : سمع الله لمن حمده » (٣).

( و ) يقول بعده : ( الحمد لله ربّ العالمين أهل الكبرياء والجود والعظمة الله ربّ العالمين ) هكذا وجدته بخطّ المصنّف رحمه‌الله تعالى ـ بإثبات الألف في الله أخيرا.

وفي بعض نسخ الرسالة بخطّ غيره : « لله » بغير ألف ، وهو الموافق لرواية زرارة

__________________

(١) « ق » ٥٠ : ٤٢.

(٢) « الصافّات » ٣٧ : ٨.

(٣) « الكافي » ٢ : ٥٠٣ باب التحميد والتمجيد ، ح ١.

٢٠٦

عن الباقر عليه‌السلام برواية التهذيب (١) وخطّ الشيخ أبي جعفر رحمه‌الله تعالى.

ثمّ على ما هنا يمكن كون « أهل الكبرياء » مبتدأ و « الله » خبره ، ويمكن كون « أهل » صفة ثانية لله و « الله ربّ العالمين » مستأنف أمّا مبتدأ أو خبر ، أو خبر مبتدأ محذوف تقديره : ذلك ، أو هو ، ونحو ذلك ، وعلى حذف الألف يمكن كون « لله ربّ العالمين » تأكيدا لما سبق ، ويكون الجود والعظمة معطوفين على الكبرياء مجرورين ، وكونه خبرا للجود ، والعظمة معطوفة عليه ، وكونه خبرا للعظمة فتكون مرفوعة والجود مجرورا على ما سبق.

وفي الذكرى (٢) اقتصر على قوله : « ربّ العالمين » وهو أفصح.

واتّفق كثير (٣) على أنّ صدر الرواية : « الحمد لله ربّ العالمين أهل الجبروت والكبرياء والعظمة » خلاف ما ذكر في الرسالة.

وفي المصباح : « أهل الكبرياء والجود والجبروت » (٤) ، وحذف « لله ربّ العالمين ».

( وليكن ) هذا الذكر ( بعد تمكين القيام ) ، لرواية زرارة ، المذكورة قل : سمع الله لمن حمده ـ وأنت منتصب قائم ـ الحمد لله » (٥). إلى آخره.

وذكر بعض (٦) أصحابنا : أنّه يقول : سمع الله لمن حمده في حال ارتفاعه ، وباقي الأذكار بعده ، والرواية تدفعه.

( والجهر للإمام والإسرار للمأموم ويتخيّر المنفرد في جميع الأذكار ) وتقدّم مرارا ( ويجوز قصد العاطس بهذا التحميد الوظيفتين ) وظيفة العطاس والصلاة ، لاشتراكهما في استحباب التحميد ، وانضمام النيّة لا يغيّر شيئا ، والوجه متّحد ( والتكرار أولى ) ، لزيادة

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٧٧ ـ ٢٨٩.

(٢) « الذكرى » ١٩٩. لم يقتصر فيه على القول المذكور ، بل وقع لفظ « الله » عزوجل في كلامه.

(٣) « الخلاف » ١ : ٣٥٠ ، المسألة : ١٠١ ، « المعتبر » ٢ : ٢٠٣ ، « منتهى المطلب » ١ : ٢٨٦ ، الطبعة الحجرية.

(٤) « مصباح المتهجّد » ٣٨ ، وفيه « أهل الكبرياء والعظمة والجود والجبروت ».

(٥) « الكافي » ٣ : ٣١٩ ـ ٣٢٠ باب الركوع وما يقال فيه. ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٧٧ ـ ٧٨ ، ذيل ح ٢٨٩.

(٦) « الغنية » ضمن « الجوامع الفقهية » ٤٩٧ ، « قواعد الأحكام » ١ : ٢٧٦ ، « اللمعة الدمشقية » ضمن « الروضة البهية » ١ :

٢٧٤.

٢٠٧

الثواب بزيادة الذكر.

( السابعة : سنن السجود )

( وهي خمسون : )

( استشعار نهاية العظمة والتنزيه للبارئ عزّ اسمه ) حيث إنّه غاية التواضع بإلصاق أشرف الأعضاء وهو الجبهة على أخشن الأشياء وهو التراب ، ومن ثمّ كان موجبا للقرب إلى الله تعالى والزلفى لديه زيادة عن غيره من أفعال الصلاة كما نبّه عليه بقوله (١) تعالى لنبيّه في أمره له بأن يسجد ويقترب ، وبسببه يترقّى في الحالة الواحدة من المرتبة الدنيا من مراتب الفرار المأمور به ، وهي الفرار من بعض آثاره إلى بعض إلى مرتبة الغنى عن مشاهدة الأفعال إلى مصادر الصفات ، ففرّ من بعضها إلى بعض ، ثمّ إلى مرتبة الذات وملاحظتها ، ففرّ منها إليها ثمّ إلى الغنى عن ذلك كلّه ، والسباحة في لجّة الوصول إلى ساحة العزّة المشتملة على ما لا يتناهى من الدرجات ثمّ إلى مقام التجريد المطلوب وكمال الإخلاص الذي به هو من غير أن يلحقه حكم لغيره وهميّ أو عقليّ.

وقد جمعها صلى‌الله‌عليه‌وآله في دعائه في سجوده بقوله : « أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك » (٢).

( والخضوع والخشوع والاستكانة من المصلّي فوق ما كان في ركوعه ) ، لما قد عرفته ( والقيام بواجب الشكر ) حيث قد اشتمل على نعم غزيرة وفوائد كثيرة ومراتب حقيقيّة عالية تستوجب من الشكر المزيد ، فينبغي ملاحظتها ليقوم بحقّها.

( وإحضار : اللهمّ إنّك منها ) أي من الأرض التي قد سجد عليها ( خلقتنا ، عند

__________________

(١) « العلق » ٩٦ : ١٩ ، وهو قوله عزوجل : « كلّا لا تطعه واسجد واقترب ».

(٢) « سنن ابن ماجة » ٢ : ١٢٦٢ ـ ٣٨٤١ كتاب الدعاء ، باب ما تعوّذ منه رسول الله. ، « مسند أحمد بن حنبل » ١ : ٩٦ ، « سنن الترمذي » ٥ : ٢٢١ ـ ٣٦٣٧ باب دعاء الوتر ، « سنن أبي داود » ١ : ٥٤٧ باب الدعاء في الركوع. ، « صحيح مسلم » ١ : ٣٥٢ ـ ٢٢٢ باب ما يقال في الركوع والسجود.

٢٠٨

السجود الأول : ومنها أخرجتنا ، عند رفعه منه : وإليها تعيدنا ، في ) السجود ( الثاني : ومنها تخرجنا تارة أخرى ، في الرفع منه واستقبال الرجل الأرض بيديه معا ) قبل ركبتيه بخلاف المرأة ، وسيأتي (١).

وروي ذلك من فعل النبيّ (٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله والصادق (٣) عليه‌السلام وأمر به الباقر عليه‌السلام في خبر (٤) زرارة ، الجليل.

( وروى عمّار السبق باليمنى ) (٥) واختاره الجعفي (٦). والعمل على المشهور (٧).

( والتكبير له قائما رافعا ) به يديه كما مرّ (٨) ( معتدلا ) أي مطمئنا قبل أن يأخذ في الهويّ ، روي ذلك من فعل النبيّ (٩) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمر به الباقر عليه‌السلام في الخبر السالف ، ووصفه حمّاد عن الصادق (١٠) عليه‌السلام.

ولو كبّر في هويّه جاز وترك الأفضل.

ورواه المعلّى بن خنيس عن الصادق عليه‌السلام قال : « كان عليّ بن الحسين عليه‌السلام إذا هوى ساجدا انكبّ وهو يكبّر ».

وخيّر في الخلاف بينه وبين التكبير قائما ، والأول أفضل ، لشهرته وصحّة إسناده.

__________________

(١) سيأتي في الصفحة : ٢١٠.

(٢) « سنن البيهقي » ٢ : ١٠٠ ـ ١٢١٥ باب وضع الركبتين قبل اليدين.

(٣) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٧٨ ـ ٢٩١ ، « الاستبصار » ١ : ٣٢٥ ـ ١٢١٥.

(٤) « الكافي » ٣ : ٣٣٤ ـ ٣٣٥ باب القيام والقعود في الصلاة ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨٣ ـ ٨٤ ـ ٣٠٨.

(٥) نقله في « الذكرى » ٢٠٢.

(٦) نقله عنه في « الذكرى » ٢٠٢.

(٧) « تذكرة الفقهاء » ٣ : ١٩٣ ، المسألة : ٢٦٤ ، وقال المحقق : « أمّا استحباب سبق اليدين فهو مذهب علمائنا » ، أنظر :

« المعتبر » ٢ : ٢١٠.

(٨) مرّ في الصفحة : ١٦١.

(٩) « سنن النسائي » ٢ : ٢٣٣ باب التكبير للسجود ، « صحيح البخاري » ١ : ٢٧٦ ـ ٧٧٠ باب يهوي بالتكبير حين يسجد.

(١٠) « الكافي » ٣ : ٣١١ باب افتتاح الصلاة. ح ٨ ، « الفقيه » ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٣٠١.

« الكافي » ٣ : ٣٣٦ باب القيام والقعود. ح ٥.

« الخلاف » ١ : ٣٥٣ ، المسألة : ١٠٧.

٢٠٩

( والمبالغة في تمكين الأعضاء ) ، ليحصل أثر السجود الذي مدحه الله تعالى عليه بقوله ( سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) (١).

وعن الصادق عليه‌السلام قال : « قال عليّ عليه‌السلام : إنّي لأكره للرجل أن أرى جبهته جلحا (٢) ، ليس فيها أثر السجود » (٣).

وروي إسحاق بن الفضل عن الصادق عليه‌السلام : « أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحبّ أن يمكّن جبهته من الأرض » (٤).

وهذه الأدلّة مختصّة بالجبهة.

( واستغراق ما يمكن استغراقه ) بالوضع ( منها ) ، لما فيه من المبالغة في الخضوع.

( وإبرازها للرجل ) دون المرأة ، لما ذكر (٥) ، ولمناسبة الستر المرأة ( والسجود على الأرض ) ، لأنّه أبلغ في الخشوع وأقوى في الذلّ بين يدي البارئ عزّ اسمه وأنسب بمقام الذكر المشتمل على وصفه تعالى بالعلوّ.

وروى الصدوق في الفقيه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « السجود على الأرض فريضة وعلى غيرها سنّة » (٦).

وكأنه أراد بالسنّة الجائز أو ما دونها في الفضل.

( وخصوصا التربة الحسينيّة ) المقدّسة على مشرّفها السلام ( ولو لوحا ) متّخذا منها.

روى إسحاق بن عمّار قال : كان لأبي عبد الله عليه‌السلام خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام ، وكان إذا حضرت الصلاة صبّه على سجّادته وسجد عليه ، ثمّ قال : « السجود على تربة أبي عبد الله عليه‌السلام يخرق الحجب السبع » (٧).

__________________

(١) « الفتح » ٤٨ : ٢٩.

(٢) الجلح هو ذهاب الشعر من جانبي مقدّم الرأس. انظر : « المصباح المنير » ١٠٤ ، « جلح ».

(٣) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣١٣ ـ ١٢٧٥.

(٤) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣١١ ـ ١٢٦٣.

(٥) مرّ في الصفحة : ٢٠٣ في قوله : « ولا ترفع المرأة عجيزتها ». إلى آخره ، وهو الذي رواه زرارة في حديث صلاة المرأة.

(٦) « الفقيه » ١ : ١٧٤ ـ ٨٢٤ ، وفيه : « وعلى غير ذلك » بدل « وعلى غيرها ».

(٧) « مصباح المتهجّد » ٧٣٣ ـ ٧٣٤.

٢١٠

وروى الصدوق في الفقيه ، عن الصادق عليه‌السلام : « السجود على طين قبر الحسين عليه‌السلام ينوّر إلى الأرض السابعة ، ومن كان معه سبحة من طين قبره عليه‌السلام كتب مسبّحا وإن لم يسبّح بها » (١).

وهذا الحديث كما دلّ على استحباب السجود عليها دلّ على استحباب استصحاب السبحة منها أيضا ، وأنّه يكتب ذاكرا.

ومثله روي عن الكاظم عليه‌السلام أنّه قال : « لا تستغني شيعتنا عن أربع : خمرة (٢) يصلّي عليها ، وخاتم يتختّم به ، وسواك يستاك به ، وسبحة من طين قبر أبي عبد الله عليه‌السلام فيها ثلاث وثلاثون حبّة ، متى قلبها فذكر الله كتب له بكلّ حبّة أربعون حسنة ، وإذا قلبها ساهيا يعبث بها كتب له عشرون حسنة » (٣). والأخبار في ذلك كثيرة.

( وندب سلّار (٤) إليه ) أي إلى اللوح من التربة الشريفة ( وإلى المتّخذ من خشب قبورهم عليهم الصلاة والسلام ) سواء في ذلك الحسين عليه‌السلام وغيره من الأئمة عليهم‌السلام ، ولم أقف على مأخذه بخصوصه وإن لم يكن في شرف ذلك وفضله بواسطتهم شبهة.

ولا فرق في التربة الشريفة بين ما شوي منها بالنار وغيره في أصل الأفضليّة ، لشمول التربة الواردة في الخبر السابق لهما ، لكن يكره السجود على المشويّ خصوصا إذا بلغ حدّ الخزف على الأقوى ، وقد تقدّم (٥) الكلام فيه.

ويمكن أن يريد المصنّف رحمه‌الله بالتربة المقدسة : ما يعمّ المتّخذة من تربة غير الحسين عليه‌السلام من الأئمة والأنبياء عليهم‌السلام الذي ثبت لهم تربة معيّنة ، بل الشهداء والصالحين ، إذ لا شكّ في تقديسها بواسطتهم كما تقدّست التربة الحسينيّة

__________________

(١) « الفقيه » ١ : ١٧٤ ـ ٨٢٥.

(٢) الخمرة : حصير صغيرة قدر ما يسجد عليه. انظر : « المصباح المنير » ١٨٢ ، « خمر ».

(٣) « تهذيب الأحكام » ٦ : ٧٥ ـ ١٤٧ ، « روضة الواعظين » ٤٥١.

(٤) « المراسم » ٦٦.

(٥) تقدّم في الصفحة : ١٢٠.

٢١١

بذلك وإن كانت النصوص (١) متظافرة بها.

وقد روي (٢) أنّهم كانوا يتّخذون السبح من تربة حمزة عليه‌السلام قبل قتل الحسين عليه‌السلام ، وأنّ فاطمة عليها‌السلام كان لها سبحة منها ، فلمّا قتل الحسين عليه‌السلام اتّخذت من تربته الشريفة. وندب إليها الأئمة عليهم‌السلام.

ومن قرائن إرادة العموم نقله عن سلّار (٣) رحمه‌الله بعد ذلك اللوح المتّخذ من خشب قبورهم عليهم‌السلام ، ولأنّ شرف التربة أقوى من شرف الخشب.

( والإفضاء بجميع المساجد إلى الأرض ) وليس هذا تكرار لما سبق من قوله : « واستغراق ما يمكن استغراقه منها » ، لأنّ الغرض من السابق مجرّد وضعها وإن لم تكن على الأرض ، وهنا زيادة كونها على الأرض ( وأقلّ الفضل في الجبهة مساحة درهم ) بغليّ ، بل ذهب المصنّف في الذكرى (٤) إلى عدم جواز النقصان فيها عنه ، أمّا غيرها من المساجد فأقلّ الفضل فيه ما يزيد عن المسمّى بيسير ، إذ لا خلاف (٥) في إجزاء المسمّى منه.

وفي العبارة شائبة قصور عن المراد ، إذ المقصود من الفضل ـ في ذلك ونظائره ـ : المزية الزائدة عن أقلّ الواجب ، ومع ذلك لا ينطبق على القولين ، لأنّا إذا اعتبرنا في الجبهة قدر الدرهم ، فأقلّ الفضل فيها ما يزيد عنه يسيرا ، وإن اكتفينا بالمسمّى كغيرها ، فأقلّ الفضل فيها ما يزيد عن المسمّى يسيرا كغيرها.

وكأنّه حاول بذلك الخروج من الخلاف مع تجويزه النقصان عن درهم ، فجعل أقلّ الفضل فيه ليخرج به من الخلاف ، فجعل ما فيه من الخلاف لا فضل فيه زائدا على أصل الواجب.

( والإرغام بالأنف ) وهو وضعه على الرغام ـ بالفتح ، وهو التراب ـ مضافا إلى الأعضاء السبعة ، لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « السجود على سبعة أعظم ...

__________________

(١) « الفقيه » ١ : ١٧٤ ـ ٨٢٥ ، « مصباح المتهجّد » ٧٣٣.

(٢) « مكارم الأخلاق » ٢٨١.

(٣) مرّ في الصفحة المتقدّمة.

(٤) « الذكرى » ٢٠١.

(٥) « نهاية الإحكام » ١ : ٤٨٨ ، « الدروس » ١ : ١٨٠ ، « البيان » ١٦٨ ، « الذكرى » ٢٠١.

٢١٢

ويرغم بالأنف إرغاما » (١) ، ورواه حماد (٢) في خبره الجليل.

وعن عليّ عليه‌السلام : « لا تجزئ صلاة لا يصيب الأنف منها ما يصيب الجبين » (٣). والمراد نفي الإجزاء الكامل.

والظاهر تأدّي السنّة بوضعه على ما يصحّ السجود عليه وإن لم يكن رغاما ، لدلالة قول عليّ عليه‌السلام وإن كان التراب أفضل.

وتجزئ إصابة جزء من الأنف ، لصدق الاسم.

واعتبر المرتضى (٤) رحمه‌الله إصابة الطرف الذي يلي الحاجبين.

( واستواء الأعضاء ) في الوضع ( مع إعطاء التجافي حقّه ) بحيث لا يقع شي‌ء من جسده على شي‌ء ، ( وتجنيح الرجل بمرفقيه ) بأن يرفعهما عن الأرض ولا يفترشهما كافتراش الأسد ، فقد روي (٥) أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا سجد جافى بين يديه حتى أنّ بهيمة لو أرادت أن تمرّ بين يديه لمرّت.

( وجعلهما حيال المنكبين ، وجعل الكفّين بحذاء الأذنين ، وانحرافهما عن الركبتين يسيرا ، وضمّ أصابعهما جمع ، والتفريج بين الركبتين ) ، روي ذلك كلّه في خبر زرارة عن الباقر (٦) عليه‌السلام ، وبعضه في خبر حمّاد (٧) ( والنظر ساجدا إلى طرف أنفه ، وقاعدا ) بين السجدتين وبعدهما ( إلى حجره ) ، قاله جماعة (٨) ، وخصّه المفيد (٩) رحمه‌الله

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٩٩ ـ ١٢٠٤ ، « الاستبصار » ١ : ٣٢٧ ـ ١٢٢٤.

(٢) « الكافي » ٣ : ٣١١ ـ ٣١٢ باب افتتاح الصلاة. ح ٨ ، « الفقيه » ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٨٢ ـ ٣٠١.

(٣) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٩٨ ـ ١٢٠٢ ، « الاستبصار » ١ : ٣٢٧ ـ ١٢٢٣.

(٤) « جمل العلم والعمل » ضمن « رسائل الشريف المرتضى » ٣ : ٣٢.

(٥) « سنن البيهقي » ٢ : ١١٤ باب ما يجافي مرفقيه عن جنبيه ، « سنن النسائي » ٢ : ٢١٣ باب التجافي في السجود ، « سنن أبي داود » ١ : ٥٥٤ ـ ٨٩٨ باب صفة السجود.

(٦) « الكافي » ٣ : ٣٣٤ ـ ٣٣٥ باب القيام والقعود في الصلاة ، ح ١.

(٧) « الكافي » ٣ : ٣١١ باب افتتاح الصلاة. ح ٨ ، « الفقيه » ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٨٢ ـ ٣٠١.

(٨) « المراسم » ٧١ ، « السرائر » ١ : ٢٢٥ ، « المهذّب البارع » ١ : ٣٩٠ ، « الوسيلة » ٩٤.

(٩) « المقنعة » ١٠٦.

٢١٣

بين السجدتين.

( وأن لا يسنّم ظهره ولا يفترش ذراعيه ) وقد تقدّم ما يدلّ عليه ( والسجود على الأنف ) وقد تقدّم (١) ، وكأنّه أعاده ، لكونه أعمّ ممّا سبق ، فإنّ السجود عليه قد لا يكون على الرغام وإن كان الإرغام يوجب السجود ، لكن أراد بيان انفكاك إحدى السنّتين عن الأخرى ، وقد سلف (٢) في خبر عليّ عليه‌السلام ما يدلّ على هذا العام.

( وترك كفّ الشعر عن السجود ) الذي ذكره المصنّف في الذكرى (٣) والدروس (٤) في هذه السنّة استحباب كشف المرأة شعرها عن جبهتها ، لزيادة التمكين وإن كان يصيب الأرض بعضها.

والمستند رواية عليّ بن جعفر ، عن أخيه عليه‌السلام قال : سألته عن المرأة تطول قصّتها فإذا سجدت وقع بعض جبهتها على الأرض ، وبعضها يغطّيه الشعر ، هل يجوز ذلك؟ قال : « لا ، حتى تضع جبهتها على الأرض » (٥). وعبارة الرسالة يعسر منها تأدية المراد.

( وسبق المرأة بالركبتين ) عند هويّها إلى السجود ( وبدأتها بالقعود ) قبل أن تسجد ( وافتراشها ذراعيها ) حالة السجود ( وأن لا تتخوّى ) في الهويّ إليه كما يفعل الرجل ، فإنّه يستحبّ له بأن يسبق بيديه ثمّ يهوي بركبتيه ، لما روي (٦) أنّ عليّا عليه‌السلام كان إذا سجد يتخوّى كما يتخوّى البعير الضامر يعني بروكه.

ويمكن أن يريد بالتخوية المنفيّة : التجافي المذكور سابقا ، لأنّه إبقاء الخواء من الأعضاء.

( ولا ترفع عجيزتها ) حالة السجود ، بل تسجد لاطئة بالأرض. ورد جميع ذلك في

__________________

(١) تقدّم في الصفحة : ٢١٣ ، الهامش (٣).

(٢) سلف في صفحة : ٢١٢.

(٣) « الذكرى » ٢٠٣.

(٤) « الدروس » ١ : ١٨٢.

(٥) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣١٣ ـ ٣١٤ ـ ١٢٧٦.

(٦) « الكافي » ٣ : ٣٢١ ـ ٣٢٢ باب السجود والتسبيح. ح ٢.

٢١٤

موثّقة زرارة (١) ، وعليها عمل الأصحاب (٢). ( وترتيل التسبيح ) رواه حمّاد (٣). ( واستشعار التنزيه ) عند قوله : سبحان الله ، ليطابق اللفظ القلب.

( والزيادة فيه كما مرّ ) (٤) في الركوع بأن يقوله ثلاثا أو خمسا أو سبعا فما زاد مع كونه منفردا ، أو حبّ المأموم الإطالة ( فقد عدّ أبان بن تغلب على الصادق عليه‌السلام ستّين تسبيحة في الركوع والسجود ) (٥) ، ولا يتقيّد في جانب الكثرة بذلك ، بل تستحبّ الزيادة ما دام القلب مقبلا.

( والدعاء أمامه ) أي أمام التسبيح : ( اللهمّ لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت وعليك توكّلت وأنت ربّي سجد لك سمعي وبصري وشعري وعصبي ومخّي وعظامي ، سجد وجهي البالي الفاني للّذي خلقه وصوّره وشقّ سمعه وبصره ، تبارك الله أحسن الخالقين ) كذا خرّجه الشيخ في المصباح (٦) مع تغيير يسير ، والذي رواه في التهذيب (٧) عن الصادق عليه‌السلام ونقله المصنّف في الذكرى (٨) ما ذكره هنا إلى قوله : « وأنت ربّي سجد وجهي للذي خلقه وشقّ سمعه وبصره ، والحمد لله ربّ العالمين تبارك الله أحسن الخالقين ».

( والتكبير للرفع معتدلا في القعود ) ، رواه حمّاد (٩) ( رافعا يديه فيه ) كما مرّ ( ثمّ الدعاء جالسا ) بين السجدتين ( وأدناه أستغفر الله ربّي وأتوب إليه ) رواه حمّاد (١٠). وليس في التهذيب بخطّ الشيخ رحمه‌الله لفظ « الله » بعد « أستغفر » ، وتبعه المصنّف في

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٣٣٥ ـ ٣٣٦ باب القيام والقعود. ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٩٤ ـ ٣٥٠.

(٢) « المقنعة » ١١١ ، « النهاية » ٧٣ ـ ٧٤ ، « الوسيلة » ٩٥ ، « الدروس » ١ : ١٨٤.

(٣) « الكافي » ٣ : ٣١١ باب افتتاح الصلاة. ح ٨ ، « الفقيه » ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٣٠١.

(٤) مرّ في الصفحة : ٢٠٤.

(٥) « الكافي » ٣ : ٣٢٩ باب أدنى ما يجزئ من التسبيح. ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٩٩ ـ ١٢٠٥.

(٦) « مصباح المتهجّد » ٣٨.

(٧) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٧٩ ـ ٢٩٥ ، بتفاوت يسير.

(٨) « الذكرى » ٢٠٢.

(٩) و (١٠). « الكافي » ٣ : ٣١١ باب افتتاح الصلاة ، ح ٨ ، « الفقيه » ١ : ١٩٦ ـ ١٩٧ ـ ٩١٦ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٨٢ ـ ٣٠١.

(١٠). « الكافي » ٣ : ٣١١ باب افتتاح الصلاة ، ح ٨ ، « الفقيه » ١ : ١٩٦ ـ ١٩٧ ـ ٩١٦ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٨٢ ـ ٣٠١.

(١١) ورد لفظ « الله » في « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٨٢ ـ ٣٠١ ، « الذكرى » ١٨٣ ، « المعتبر » ٢ : ٢١٤ و ٢١٥.

٢١٥

الذكرى (١) ، والمحقّق في المعتبر (٢).

( وفوقه ) في الفضل أن يقول ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : ( اللهمّ اغفر لي وارحمني واجبرني وادفع عنّي وعافني إنّي لما أنزلت إليّ من خير فقير تبارك الله ربّ العالمين (٣). والتورّك بينهما ) بأن يجلس على وركه الأيسر ، ويخرج رجليه جميعا من تحته ، ويجعل رجله اليسرى على الأرض وظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى ، ويفضي بمقعدته إلى الأرض ، ورواه حمّاد كذلك عن الصادق (٤) عليه‌السلام ، وابن مسعود عن النبيّ (٥) صلى‌الله‌عليه‌وآله.

( غير مقع ) في جلوسه ، وهو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه.

ونقل في المعتبر (٦) عن بعض أهل اللغة (٧) أنّ الجلوس على أليتيه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب ، وجعل المعتمد الأوّل.

( ولا جالس على ) وركه ( الأيمن ، وضمّ المرأة فخذيها ) حالة الجلوس ، ( ورفع ركبتيها ، ووضع اليدين على الفخذين ، مضمومتي الأصابع جمع ، مبسوطتين ظاهرهما إلى السماء ) وباطنهما على الفخذين ، ( لا الباطن ) إلى السماء ( والتكبير للثانية معتدلا ) قبل الهويّ إليها ، لرواية حمّاد (٨).

( ولو قدّمه ) أي قدّم التكبير على المحلّ الذي عيّن له بأن كبّر للأولى قبل أن يصير

__________________

(١). ورد لفظ « الله » في « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٨٢ ـ ٣٠١ ، « الذكرى » ١٨٣ ، « المعتبر » ٢ : ٢١٤.

(٢). ورد لفظ « الله » في « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٨٢ ـ ٣٠١ ، « الذكرى » ١٨٣ ، « المعتبر » ٢ : ٢١٤ ـ ٢١٥.

(٣) « الكافي » ٣ : ٣٢١ باب السجود والتسبيح. ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٧٩ ـ ٢٩٥.

(٤) « الكافي » ٣ : ٣١١ ـ ٣١٢ باب افتتاح الصلاة. ح ٣ ، « الفقيه » ١ : ١٩٦ ـ ١٩٧ ـ ٩١٦ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٨٢ ـ ٣٠١.

(٥) نقله في « المعتبر » ٢ : ٢١٥ ، ولم نعثر عليه في المصادر الحديثيّة ، نعم ذكره في « جامع الأصول » ٦ : ٢٦٩ ـ ٣٥٥٢ ولكن بطريق آخر غير طريق ابن مسعود.

(٦) « المعتبر » ٢ : ٢١٨.

(٧) « النهاية في غريب الحديث » ٤ : ٨٩ ، « الصحاح » ٦ : ٢٤٦٥ ، « قعا ».

(٨) « الكافي » ٣ : ٣١١ ـ ٣١٢ باب افتتاح الصلاة. ح ٨ ، « الفقيه » ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨١ ـ ٣٠١.

٢١٦

معتدلا ، ( أو أخّره ) بأن كبّر للثانية بعد أخذه في الهويّ ( ترك الأولى ) وأجزأ كما سبق (١) في تكبير الركوع.

( ولا يكبّر لسجود القرآن ) الواجب والمندوب لا لابتدائه ولا لرفعه ، للأصل ، فإنّ الأمر بالسجود لا يتناول غيره. ( وقيل ) والقائل الشيخ (٢) رحمه‌الله : إنّه ( يكبّر لرفعه ) واختاره في الذكرى (٣) ، لرواية محمّد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام : « لا يكبّر حين يسجد ، ولكن يكبّر حين يرفع » (٤). ومثله رواية سماعة عن أبي عبد الله (٥) عليه‌السلام ، وإثبات السنن يتمّ بدون ذلك.

( وهو خمس عشرة ) سجدة ، أربع منها واجبة ، وهي في سورة سجدة لقمان وحم فصّلت ، والنجم ، واقرأ ، وإحدى عشرة مندوبة وهي في الأعراف ، والرعد ، والنحل ، وبني إسرائيل ، ومريم ، والحج في موضعين ، والنمل ، والفرقان ، وص ، والانشقاق.

وذكرها في الرسالة ليتفرّع على بيانها ما يتعلّق بها من السنن كالتكبير وما سنذكره.

ويتعلّق الحكم وجوبا واستحبابا على القارئ والمستمع إجماعا (٦) ، والمراد به : المنصت للاستماع ، وأمّا السامع بغير إنصات فلا إشكال في الاستحباب عليه ، وإنّما الخلاف في وجوب الأربع ، فالأكثر (٧) على نفيه ، وبه رواية (٨) في طريقها ضعف ، والوجوب أقوى ، وموضع السجود عند التلفّظ به في جميع الآيات والفراغ من الآية.

__________________

(١) في مبحث الركوع الصفحة : ٢٠٢.

(٢) « المبسوط » ١ : ١١٤.

(٣) « الذكرى » ٢١٤.

(٤) « المعتبر » ٢ : ٢٧٤ ، قال : « ورواه البزنطي في جامعه ».

(٥) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٩٢ ـ ١١٧٥.

(٦) « الخلاف » ١ : ٤٣١ ، المسألة : ١٧٩ ، « نهاية الأحكام » ١ : ٤٩٦ ، « مختلف الشيعة » ٢ : ١٨٤ ، المسألة : ١٠٢ ، « تذكرة الفقهاء » ٣ : ٢١٣ ، المسألة : ٢٨٢ ، « الذكرى » ٢١٤ ، « جامع المقاصد » ٢ : ٣١١.

(٧) « الخلاف » ١ : ٤٣١ ، المسألة : ١٧٩ ، « المبسوط » ١ : ١١٤ ، « تذكرة الفقهاء » ٣ : ٢١٣ المسألة : ٢٨١ ، « البيان » ١٧٢.

(٨) « الكافي » ٣ : ٣١٨ باب عزائم السجود ، ح ٣ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٩١ ـ ١١٦٩.

٢١٧

( ويتكرّر بتكرّر السبب ) سواء تعدّد السجود أم لا ( وإن كان ) تعدّده ( للتعليم ) ، لرواية محمّد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يعلّم السورة من العزائم فتعاد عليه مرّات في المقعد الواحد؟ قال : « عليه أن يسجد كلّما سمعها ، وعلى الذي يعلّمه أيضا أن يسجد » (١).

( ويستحبّ فيه الطهارة ) وليست شرطا على الأظهر ، لرواية أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام : « إذا قرئ شي‌ء من العزائم الأربع وسمعتها فاسجد وإن كنت جنبا وإن كانت المرأة لا تصلّي » (٢).

وكذا لا يشترط خلوّ الثوب والبدن عن النجاسة ، ولا استقبال القبلة ، ولا ستر العورة ، لإطلاق الأمر بها ، فالتقييد خلاف الأصل. والظاهر أنّ السجود على ما يصحّ السجود عليه وعلى الأعضاء السبعة غير الجبهة كذلك ، وتردّد المصنّف في الذكرى (٣).

ويستحبّ فيها الذكر ويجزئ مطلقه ( و ) الأفضل ( قول : لا إله إلّا الله حقّا حقّا لا إله إلّا الله إيمانا وصدقا لا إله إلّا الله عبوديّة ورقّا سجدت لك يا ربّ تعبّدا ورقّا (٤) ، وروى عمّار فيها ذكر السجود ) للصلاة (٥) ، وروي أنه يقول في سجدة اقرأ : « إلهي آمنّا بما كفروا ، وعرفنا منك ما أنكروا ، وأجبنا إلى ما دعوا ، إلهي العفو العفو » (٦) ووقتها حين حصول السبب على الفور. ولو أخلّ به أثم مع وجوبها.

وهل تصير قضاء أم تبقى أداء مدّة العمر ، لعدم التوقيت الحقيقي؟ الظاهر الثاني ، وهو خيرة المعتبر (٧) ، وردّه المصنّف في الذكرى بـ « أنّها واجبة على الفور ،

__________________

(١) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٩٣ ـ ١١٧٩.

(٢) « الكافي » ٣ : ٣١٨ باب عزائم السجود ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٩١ ـ ١١٧١.

(٣) « الذكرى » ٢١٤.

(٤) « الفقيه » ١ : ٢٠٠ ـ ٢٠١ ـ ٩٢٢.

(٥) « مستطرفات السرائر » ٣ : ٦٠٥.

(٦) « الفقيه » ١ : ٢٠٠ ـ ٢٠١ ـ ٩٢٢.

(٧) « المعتبر » ٢ : ٢٧٤.

٢١٨

فوقتها وجود السبب ، فإذا فات فقد فعلت في غير وقتها ، ولا نعني بالقضاء إلّا ذلك » (١).

ولا يخفى أنّ ما ذكره لا يفيد التوقيت الحقيقي ، بل غايته وجوب المبادرة إليها في أوّل الوقت ، وينبّه عليه حكمه ـ كغيره ـ بوجوب الفورية بصلاة الزلزلة عند وجود سببها مع حكمهم بأنّها إذا لم تفعل على الفور تبقى أداء مدّة العمر.

( وروي (٢) كراهته في الأوقات المكروهة ) والعمل على خلافه ، لما تقدّم من أنّ الكراهة مخصوصة بالصلاة المندوبة التي لا سبب لها.

وحيث ذكر نبذة من أحكام سجود التلاوة رجع إلى تتمّة سنن سجود الصلاة فقال : ( والجلوس عقيب ) السجدة ( الثانية ) ، وهو المسمّى بجلسة الاستراحة ، والأخبار (٣) به متظافرة حتّى أوجبه المرتضى (٤) رضي‌الله‌عنه ، وهو كالجلوس بين السجدتين.

( و ) يستحبّ ( الطمأنينة فيه ) روي ذلك عن عليّ (٥) عليه‌السلام.

( وقول : بحول الله وقوّته أقوم وأقعد ، وروي ) الراوي عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام مضافا إلى ذلك : ( وأركع وأسجد (٦) ، عند القيام في كلّ ركعة ).

وفي المعتبر : أنّه يقوله في جلسة الاستراحة (٧) ، والنصوص (٨) ناطقة بالأوّل.

( والسبق ) عند النهوض ( برفع ركبتيه ، والاعتماد على يديه مبسوطتين مضمومتي الأصابع ) رواه محمّد بن مسلم ، عن الصادق (٩) عليه‌السلام. ( ورفع ) اليد ( اليمنى أوّلا

__________________

(١) « الذكرى » ٢١٥.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٢٩٣ ـ ١١٧٧.

(٣) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨٢ ـ ٣٠٣ ، « الاستبصار » ١ : ٣٢٨ ـ ١٢٢٩.

(٤) « الانتصار » ٤٦.

(٥) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣١٤ ـ ١٢٧٧.

(٦) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨٦ ـ ٣٢٠.

(٧) « المعتبر » ٢ : ٢١٦.

(٨) « الكافي » ٣ : ٢٣٨ باب التشهد في الركعتين الأخيرتين ، ح ١٠ ـ ١١ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٨٦ ـ ٣٢٠ ، ٨٧ ـ ٣٢١ ، ٨٨ ـ ٣٢٧.

(٩) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٧٨ ـ ٢٩١.

٢١٩

وجعلهما آخر ما يرفع. وانسلال المرأة في القيام ، ولا ترفع عجيزتها أوّلا ، وأن لا ينفخ موضع السجود ) ، لرواية محمّد بن مسلم عن الصادق (١) عليه‌السلام.

وكذا يكره مسح الجبهة من التراب حالة الصلاة ، ولا بأس به بعد الصلاة ، روى عبد الله الحلبي عن الصادق عليه‌السلام قال : « كان أبو جعفر عليه‌السلام يمسح جبهته في الصلاة إذا ألصق بها التراب » (٢).

وفي الفقيه : « يكره أن يتركه بعد ما يصلّي » (٣).

( الثامنة : سنن التشهّد )

( وهي اثنتا عشرة ) :

( التورّك ) وقد تقدّم (٤) تفسيره ( وضمّ أصابع القدمين فيه ، ووضع اليدين على الفخذين ) مبسوطة الأصابع مضمومة ( كما مرّ (٥). والنظر إلى حجره ) ذكره أصحابنا (٦) ، ولم نقف فيه على رواية.

( واستحضار وحدانيّة الله تعالى ونفي الشريك عنه ) عند الشهادة له بالوحدانيّة.

( وإحضار معنى الرسول ) عند الشهادة له بالرسالة.

( و ) إحضار ( اليقين في كلّ من الشهادتين ، وعدم الإقعاء ) في الجلوس له ، وقد تقدّم (٧) تفسيره.

( و ) عدم ( الجلوس على ) الورك ( الأيمن ، بل على الأيسر والأيمن فوقه ) كما مرّ (٨)

__________________

(١) « الكافي » ٣ : ٣٣٤ باب وضع الجبهة على الأرض ، ح ٨ ، « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٠٢ ـ ٣٠٣ ـ ١٢٢٢ ، « الاستبصار » ١ : ٣٢٩ ـ ٣٣٠ ـ ١٢٣٥.

(٢) « تهذيب الأحكام » ٢ : ٣٠١ ـ ٣٠٢ ـ ١٢١٦.

(٣) « الفقيه » ١ : ١٧٧ ، ضمن الحديث ٨٣٩.

(٤). في الصفحة : ٢١٦.

(٥). في الصفحة : ٢١٦.

(٦) « المقنعة » ١٠٧ ، « المبسوط » ١ : ١١٧ ، « الوسيلة » ٩٦ ، « شرائع الإسلام » ١ : ١٠٩ ، « الدروس » ١ : ١٨٢ ، « الذكرى » ٢٠٤.

(٧). مرّ في الصفحة : ٢١٦.

(٨). مرّ في الصفحة : ٢١٦.

٢٢٠