الإيضاح

الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري

الإيضاح

المؤلف:

الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري


المحقق: السيد جلال الدين الحسيني الأرموي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة انتشارات و چاپ دانشگاه تهران
المطبعة: مؤسسة انتشارات و چاپ دانشگاه تهران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٢٣

ذكر أبى موسى الأشعرىّ

ومن علمائهم أبو موسى الأشعرىّ (١) وأنتم رويتم عن جرير بن عبد الحميد الضبىّ عن الأعمش عن شقيق أبى وائل (٢) قال : قال حذيفة بن اليمان : والله ما فى أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أحد أعرف بالمنافقين منّى وأنا أشهد أنّ أبا موسى الأشعرىّ منافق. ورويتم عن يونس بن أرقم عن عبد الحميد بن [ أبى ] الخنساء عن زيلا بن بويه (٣) عن أبيه عن حذيفة بن اليمان عن سلمان أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) قال ابو جعفر الطبرى الشيعى فى أوائل كتاب المسترشد طاعنا على العامة ( ص ١٣ من طبعة النجف ) : « ومن علمائكم وفقهائكم أبو موسى الاشعرى وقد شهد عليه حذيفة بن اليمان بروايتكم أنه منافق ؛ رواه جرير بن عبد الحميد الضبى وروى محمد بن حميد الرازى قال : حدثنا جرير بن زكريا بن يحيى عن حبيب بن يسار وعبد الله بن زيد عن سويد بن غفلة قال : كنت مع أبى موسى على شاطئ الفرات فقال : سمعت رسول الله (ص) يقول : ان بنى اسرائيل اختلفوا ولم يزل الاختلاف بينهم حتى بعثوا حكمين ضالين ويضل من اتبعهما ؛ فقلت : أعيذك بالله أن تكون أحدهما ، قال : فخلع قميصه وقال : برأنى الله من ذلك كما برأنى من قميصى ».

(٢) كأن تكنيته بأبى وائل بعد لفظة « شقيق » لتعيينه على سبيل التحقيق قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال ( ص ١٤٣ ) « شقيق بن سلمة الاسدى أبو وائل الكوفى أحد سادة التابعين مخضرم ( الى آخر ما قال ) ».

(٣) كذا فى الاصل ولم أتمكن من تصحيحه الا ان المفيد (ره) نقله فى أماليه هكذا ( انظر أوائل الكتاب اعنى المجلس الثالث ؛ ص ١٦ من طبعة النجف ) : « قال : أخبرنى الشريف ابو عبد الله محمد بن الحسين الجوانى قال : اخبرنى أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوى الغمر عن جعفر بن محمد بن مسعود قال : حدثنا نصر بن أحمد قال : حدثنا على بن حفص قال : حدثنا خالد القطوانى قال : حدثنا يونس بن أرقم قال :

٦١

قال : ستفترق أمّتى على ثلاث فرق ؛ فرقة منها على الحقّ لا ينتقص الباطل منها شيئا يحبّونى ويحبّون أهل بيتى ؛ مثلهم مثل الذّهبة الحمراء كلّما أوقد عليها صاحبها لم تزدد (١) الاّ خيرا ، وفرقة منها على الباطل لا ينتقص الحقّ منها شيئا يبغضونى ويبغضون أهل بيتى ؛ مثلهم مثل الحديدة كلّما أوقد عليها صاحبها لم تزدد (٢) الاّ شرّا ، وفرقة مذبذبة (٣) فيما بين هؤلاء وهؤلاء على ملّة السّامرىّ تقول : لا مساس ؛ امامهم عبد الله ابن قيس.

ورويتم عن سويد بن غفلة (٤) قال : كنت مع أبى موسى الاشعرىّ فحدّثنى أنّه

__________________

حدثنا عبد الحميد بن أبى الخنساء عن زياد بن يزيد عن أبيه عن جده فروة الظفارى قال : سمعت سلمان ـ رحمه‌الله ـ يقول : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تفترق أمتى ثلاث فرق ؛ فرقة على الحق لا ينقص الباطل منه شيئا يحبونى ويحبون أهل بيتى ؛ مثلهم كمثل الذهب الجيد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلا جودة ، وفرقة على الباطل لا ينقص الحق منه شيئا يبغضونى ويبغضون أهل بيتى ؛ مثلهم مثل الحديد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده الا شرا ، وفرقة مدهدهة على ملة السامرى : لا يقولون : لا مساس ؛ لكنهم يقولون : لا قتال ، امامهم عبد الله بن قيس الاشعرى » ونقله المجلسى فى باب افتراق الامة من ثامن البحار قائلا بعده ( انظر ص ٤ من طبعة أمين الضرب ) : « بيان ـ دهدهت الحجر اى دحرجته ولعله كناية عن اضطرابهم فى الدين وتزلزلهم بشبهات المضلين » ونقله أيضا هناك من كشف اليقين للعلامة ناقلا هو عن كتاب أحمد بن مردويه وكتاب أخطب خوارزم بسنديهما ما يقرب منه فمن أراده فليراجع ثامن ـ البحار ( ص ٤ من طبعة أمين الضرب ).

__________________

(١ و ٢) فى الاصل فى كلا الموردين : « فلم تزدد ».

(٣) يعلم من هذه الكلمة ان كلمة « مدهدهة » فى رواية أمالى المفيد مصحفة ومحرفة عن هذه الكلمة الصحيحة.

(٤) قال ابن شهرآشوب فى المناقب ضمن ذكره قضايا حرب صفين ( ج ١ ؛ ص ٦٢٨ ـ ٦٢٧ ) : « فصل فى الحكمين والخوارج : روى فى معنى قوله تعالى : ( وَمِنَ

٦٢

سمع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقول :

انّ بنى اسرائيل افترقوا حتّى بعثوا حكمين ضالّين مضلّين وسيكون ذلك فى أمّتى فقلت له : يا أبا موسى أعيذك بالله ان تكون أحدهما ، قال : أبرأ الى الله من ذلك. قال : فو الله ما مضت الأيّام واللّيالى حتّى بعث حكما فكان من أمره وخلعه ما كان.

ورويتم عن حمّاد بن العوّام عن خضير بن عبد الرّحمن عن أبى المفضّل قال : سمعت عليّا ـ عليه‌السلام ـ قنت فى المغرب فقال (١) : اللهمّ العن معاوية بادئا ، و

__________________

النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ) ؛ أنه كان أبا موسى وعمروا ، وروى ابن مردويه بأسانيده عن سويد بن غفلة أنه قال : كنت مع أبى موسى على شاطئ الفرات فقال : سمعت رسول الله (ص) يقول : ان بنى اسرائيل اختلفوا فلم يزل الاختلاف بينهم حتى بعثوا حكمين ضالين ضل من اتبعهما ؛ ولا تنفك اموركم تختلف حتى تبعثوا حكمين يضلان ويضل من تبعهما ، فقلت : أعيذك بالله أن تكون أحدهما قال : فخلع قميصه فقال : برأنى الله من ذلك كما برأنى من قميصى » ونقله المجلسى فى ثامن البحار فى باب بدو قصة التحكيم عن المناقب ( انظر ص ٥٩٣ من طبعة امين الضرب ).

__________________

(١) قال ابن أبى الحديد فى اواسط الجزء السادس عشر من شرح نهج البلاغة ضمن كلام له ( انظر ص ٥١ من المجلد الرابع من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ) :

« قنت على بالكوفة على معاوية ولعنه فى الصلاة وخطبة الجمعة وأضاف إليه عمرو بن العاص وأبا موسى وأبا الاعور السلمى وحبيب بن مسلمة فبلغ ذلك معاوية بالشام فقنت عليه ولعنه بالصلاة وخطبة الجمعة وأضاف إليه الحسن والحسين وابن عباس والاشتر النخعى ».

وقال المجلسى فى ثامن البحار فى باب بدو قصة التحكيم والحكمين نقلا عن نصر بن المزاحم ( ص ٥٩١ من طبعة أمين الضرب ) ما نصه :

٦٣

عمرو بن العاص ثانيا ، وأبا الأعور السّلمىّ ثالثا ، وأبا موسى الأشعرىّ رابعا.

ذكر المغيرة بن شعبة

ومن علمائكم المغيرة بن شعبة الثّقفىّ الّذي رويتم أنّ أبا بكرة ورجلين من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ شهدوا عليه عند عمر بن الخطّاب بالزّنا ؛ وان زيادا [ انتقذ به (١) ] ليشهد عليه فلمّا رآه عمر فقال : لأرى رجلا مقبلا لا يفضح الله على يديه رجلا من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فلمّا سمع زياد الكلمات حذف الشّهادة وقال : يا أمير المؤمنين رأيته نائما على بطن امرأة ورأيت حفزا شديدا وسمعت نفسا عاليا الاّ أنّى لم أر الميل فى المكحلة فقال عمر : الله أكبر تخلّص والله المغيرة بن شعبة ثمّ [ أمر ] بالثّلاثة الّذين شهدوا بالحقّ فأقيم عليهم الحدّ (٢).

ورويتم عن الأعمش عن أبىّ قال : حدّثني من سمع عمر بن الخطّاب يقول

__________________

« قال نصر : فكان على ـ عليه‌السلام ـ بعد الحكومة اذا صلى الغداة والمغرب وفرغ من الصلاة وسلم قال : اللهم العن معاوية وعمروا وأبا موسى وحبيب بن مسلمة وو عبد الرحمن بن خالد والضحاك بن قيس والوليد بن عقبة ، فبلغ ذلك معاوية فكان اذا صلى لعن عليا وحسنا وحسينا وابن عباس وقيس بن سعد بن عبادة والاشتر.

وزاد ابن ديزيل فى أصحاب معاوية : أبا الاعور السلمى. وابن ديزيل أيضا أن أبا موسى كتب من مكة الى على ـ عليه‌السلام ـ : اما بعد فانى قد بلغنى أنك تلعننى فى الصلاة ويؤمن خلفك الجاهلون وانى أقول كما قال موسى : رب بما أنعمت على فلن ـ أكون ظهيرا للمجرمين.

__________________

(١) كذا فى الاصل ولعله : « أنفذ » أو « أتى به ».

(٢) فليعلم : أن هذه القضية أعنى أن المغيرة بن شعبة شهد عليه بالزنا واحتيل فى درء الحد عنه مما عد من مطاعن عمر وأطالوا البحث عنه فى كتب الكلام والاخبار

٦٤

للمغيرة بن شعبة : ما رأيتك قطّ الاّ خشيت ان تقع عليّ حجارة من السّماء.

__________________

والسير فمن أراد التفصيل فيه فليراجع مظانه الا أنا نشير الى بعض موارده وننقل ما يوضح الامر فى ذلك قال ابن أبى الحديد فى الجزء الثانى عشر من شرح نهج البلاغة ضمن عده مطاعن عمر ( ص ١٥٩ من المجلد الثالث من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ) :

« الطعن السادس ـ أنه عطل حد الله فى المغيرة بن شعبة لما شهد عليه بالزنا ولقن الشاهد الرابع الامتناع عن الشهادة اتباعا لهواه فلما فعل ذلك عاد الى الشهود فحدهم وفضحهم فتجنب ان يفضح المغيرة وهو واحد وفضح الثلاثة مع تعطيله لحكم الله ووضعه فى غير موضعه ( فخاض فيما أجاب به قاضى القضاة فى المغنى وفيما اعترض عليه علم الهدى فى الشافى الى ان قال : ) قلت : أما المغيرة فلا شك عندى أنه زنى بالمرأة ولكنى لست أخطئ عمر فى درء الحد عنه وانما أذكر أولا قصته من كتابى أبى جعفر محمد ابن جرير الطبرى وأبى الفرج على بن الحسن الاصفهانى ليعلم أن الرجل زنى بها لا محالة ثم اعتذر لعمر فى درء الحد عنه فخاض فى نقل القصة ونقل الاخبار ( الى أن قال ) : « فهذه الاخبار كما تراها تدل متأملها على أن الرجل زنى بالمرأة لا محالة وكل كتب التواريخ والسير تشهد بذلك وانما اقتصرنا نحن منها على ما فى هذين الكتابين وقد روى المدائنى أن المغيرة كان أزنى الناس فى الجاهلية فلما دخل فى الاسلام قيده الاسلام وبقيت عنده منه بقية ظهرت فى أيام ولايته البصرة ( الى آخر ما قال ) ». فمن أراده فليراجع الشرح المذكور ( ص ١٥٩ ـ ١٦٥ من ج ٣ من طبعة مصر ). أقول : من أراد ان يراجع المآخذ الشيعية فليراجع ثامن البحار الطعن الخامس من مطاعن عمر ( ص ٢٩١ ـ ٢٩٤ من طبعة أمين الضرب ) ومن أراد البحث أبسط مما فى البحار فليراجع الطعن السادس من مطاعن عمر فى كتاب تشييد المطاعن ( ج ١ ص ٥٩٧ ـ ٧٠٠ ) وهو فى حكم كتاب مستقل فى ذلك الموضوع وأما نحن فنقلنا فى ذلك الباب ما هو أهم من هذا كله وذلك أن لابن أبى الحديد ولاستاذه كلاما نقلاه عن بعض الزيدية ولاشتماله على فوائد كثيرة نقلناه فى تعليقاتنا على الايضاح لايضاح هذا الامر وفقنا الله لطبعه ونشره.

٦٥

ورويتم عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبى جعفر قال : قال عمر بن الخطّاب : لئن لم ينته المغيرة لأعودنّ عليه بالحجارة.

ورويتم بهذا الاسناد أيضا أنّ عليّا ـ عليه‌السلام ـ لم يحسن شهادة المغيرة بن شعبة لقول الله عزّ وجلّ : ( وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (١).

ورويتم عن منصور بن المعتمر عن سالم بن أبى الجعد عن أبى ذرّ قال : سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقول : هامان هذه الأمّة المغيرة بن شعبة.

ذكر سمرة بن جندب

ومن علمائكم سمرة بن جندب روى عنه البصرىّ (٢) فى الحلال والحرام أخبارا تجرى عليه امور القضاة الى يوم النّاس هذا وانتم رويتم عن حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد عن ابن خالد قال : كنت اذا أتيت أبا هريرة سألنى عن سمرة بن جندب واذا أتيت سمرة بن جندب سألنى عن أبى هريرة فقلت : يا أبا هريرة ما أراك تسألنى الاّ عن سمرة وأرى سمرة يسألنى عنك؟ فقال : اذا والله اخبرك ولا أكتمك ، سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يقول (٣) : آخركم (٤) موتا فى النّار.

__________________

(١) آخر آية ٤ سورة النور.

(٢) الظاهر أن المراد به الحسن البصرى ؛ قال العسقلانى فى تهذيب التهذيب فى ترجمة سمرة : « وروى عنه ابناه سليمان وسعد ( فساق الرواة عنه الى ان قال ) والحسن البصرى وغيرهم » وقال ابن عبد البر فى الاستيعاب فى ترجمة سمرة : « وكان ابن سيرين والحسن وفضلاء أهل البصرة يثنون عليه ويجيبون عنه » وذكره ابن الاثير أيضا فى اسد الغابة الا « ويجيبون عنه ».

(٣) قال ابن عبد البر فى الاستيعاب : « وكان سمرة من الحفاظ المكثرين على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وكانت وفاته بالبصرة فى خلافة معاوية سنة ثمان وخمسين ؛ سقط

٦٦

قال : فتوفّى أبو هريرة قبل سمرة.

ورويتم عن محمّد بن قيس الأسدىّ قال : سمعت الشّعبىّ يقول : سمعت أبا ـ عمر يقول : قال قال عمر بن الخطّاب وهو يخطب على المنبر : لعن الله سمرة بن جندب كان أوّل من اتّجر فى الخمر فى الاسلام ولا يحلّ من البيع الاّ ما يحلّ أكله (١).

__________________

فى قدر مملوءة ماء حارا كان يتعالج بالقعود عليها من كزاز شديد أصابه فسقط فى القدر الحارة فمات فكان ذلك تصديقا لقول رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ له ولابى هريرة ولثالث معهما : آخركم موتا فى النار ».

وقال ابن الأثير فى اسد الغابة : « وتوفى سمرة سنة تسع وخمسين وقيل سنة ثمان وخمسين بالبصرة وسقط فى قدر مملوءة ماء حارا كان يتعالج بالقعود عليها من كزاز شديد أصابه فسقط فمات فيها ؛ أخرجه الثلاثة ».

(٤) كذا صريحا بضمير الجمع فكان معهما ثالث كما اشار إليه ابن عبد البر فى الاستيعاب وقال ابن شهرآشوب فى كتابه المناقب فى الفصل الّذي عقده لبيان معجزات أقواله أى أقوال النبي (ص) ما نصه ( انظر ج ١ ؛ ص ٧٥ من طبعة طهران سنة ١٣١٦ ) :

« وقال (ص) لرجل من أصحابه مجتمعين : أحدكم ضرسه فى النار مثل احد فماتوا كلهم على استقامة وارتد منهم واحد فقتل مرتدا وقال لآخرين : آخركم موتا فى النار يعنى أبا ـ محذورة وأبا هريرة وسمرة فمات أبو هريرة ثم أبو محذورة ووقع سمرة فى نار فاحترق فيها » ونقله المجلسى عن المناقب فى سادس البحار فى باب معجزاته ( انظر ص ٣٣٠ من طبعة أمين الضرب ). أقول : كأن الفضل (ره) قد فهم من قوله (ص) : « فى النار » غير هذا المعنى كما هو ظاهر من سياق كلامه لان هذا لا يدل على سوء الخاتمة ووخامة العاقبة والاستحقاق لدخول النار وكلام الفضل (ره) ظاهر بل صريح فى أنه أراد دخول جهنم لا دخول نار الدنيا.

__________________

(١) هذا الحديث قد رأيته فى كتب العامة الا أنى نسيت موضعه فان وفقنى الله للظفر به أذكره فى التعليقات ان شاء الله.

٦٧

ورويتم عن حمّاد بن سلمة عن أبى العجلان انّ أبا بكرة مرّ (١) على رجل مقتول فقال : ما شأنه؟ ـ قيل : أدّى زكاة المال ثمّ صلّى ركعتين فلقيه سمرة بن جندب

__________________

(١) نقله الطبرى فى تاريخه عند ذكره حوادث سنة ثلاث وخمسين وأنا أذكره مع شيء مما قبله وبعده لان كله راجع الى سمرة ونص عبارته ( ص ١٦٢ ـ ١٦٣ من طبعة مصر سنة ١٣٢٦ ) :

« وهلك زياد ( والمراد به زياد بن أبيه ) وقد استخلف على عمله على الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد وعلى البصرة سمرة بن جندب الفزارى فحدثنى عمر بن شبة قال : حدثنى على قال : مات زياد وعلى البصرة سمرة بن جندب خليفة له وعلى الكوفة عبد الله بن خالد بن اسيد فأقر سمرة على البصرة ثمانية عشر شهرا. قال عمر : وبلغنى عن جعفر بن سليمان الضبعى قال أقر معاوية سمرة بعد زياد ستة أشهر ثم عزله فقال سمرة : لعن الله معاوية والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذبنى أبدا.

( بشبهه قول سعدى :

ور وزير از خدا بترسيدى

آن چنان كز ملك ملك بودى )

حدثنى عمر قال : حدثنى موسى بن اسماعيل قال : حدثنى سليمان بن مسلم العجلى قال : سمعت أبى يقول : مررت بالمسجد فجاء رجل الى سمرة فأدى زكاة ماله ثم دخل فجعل يصلى فى المسجد فجاء رجل فضرب عنقه فاذا رأسه فى المسجد وبدنه ناحية فمر أبو بكرة فقال : يقول الله سبحانه قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى قال أبى : فشهدت ذاك فما مات سمرة حتى أخذه الزمهرير فمات شر ميتة. قال : وشهدته وأتى بناس كثير واناس بين يديه فيقول المرجل : ما دينك؟ ـ فيقول : أشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنى بريء من الحرورية فيقدم وتضرب عنقه حتى مر بضعة وعشرون ».

أقول : نقل ابن الاثير أيضا شرح حال سمرة ضمن ذكره لحوادث سنة خمسين ( ص ١٨٣ من الطبعة الاولى ) وقال ضمن ذكره لحوادث سنة اربع وخمسين ( ص ١٩٦ ) :

« وفى هذه السنة عزل معاوية سمرة بن جندب واستعمل على البصرة عبد الله بن عمرو ابن غيلان ».

٦٨

فقتله فبكى حتّى اخضلّت لحيته من دموعه ثمّ قال : قتله عند أحسن عمله ؛ هذا منّى وأنا منه ، ثمّ دخل على سمرة بن جندب فقال : ويلك والويل حلّ بك لقد قتلت رجلا عند أحسن عمله قال : هذا عمل أخيك زياد (١) وهو أمرنى بذلك ، قال : أنت وأخى فى النّار.

ذكر خالد بن عرفطة (٢)

ومن علمائكم خالد بن عرفطة وأنتم رويتم عن يونس بن النّعمان عن أمّ حكيم بنت عمرو الخوليّة (٣) قالت : خرجت وأنا أشتهي أن أسمع كلام أمير المؤمنين عليّ بن

__________________

(١) اشارة الى أن سمرة قد عمل هذا العمل بأمر زياد بن أبيه وهو أخو أبى بكرة فالاولى ان نحيل هذا البحث الى تعليقات آخر الكتاب فان الخوض فيه يفضى الى طول ولا يسعه المقام فسنذكر ان شاء الله هناك ترجمته ببيان مبسوط يكشف عن حقيقة حاله وسوء منقلبه ومآله.

(٢) قال فى لسان العرب بعد ذكر العرفط بضم فسكون فضم على زنة القنفذ بمعنى شجر العضاه : « واحدته عرفطة وبه سمى الرجل » وقال الفيروزآبادي فى القاموس : « العرفط بالضم شجر من العضاه الواحدة عرفطة وبها سمى عرفطة بن الحباب الصحابى ». وقال الاستاذ عبد الوهاب عبد اللطيف فى تقريب التهذيب فى ذيل اسم خالد بن عرفطة : « ان عرفطة بضم فسكون فضم كما فى المغنى ». قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « بخ دس ـ خالد بن عرفطة روى عن البصرى وأبى سفيان طلحة بن نافع وحبيب بن سالم وعنه أبو بشر وقتادة وواصل مولى أبى عيينة ذكره ابن حبان فى الثقات له عند أبى داود والنسائى حديث واحد ( الى آخر ما قال ) » ونظيره فى سائر كتب الرجال من العامة.

(٣) فى الاصل : « أم حكم بنت عمر الجدلية » والتصحيح من رجال الشيخ فانه (ره) قال ضمن ذكره صحابيات أمير المؤمنين (ع) ما نصه : « أم حكيم بنت عمرو بن سفيان الخولية » ( انظر باب النساء ؛ ص ٦٦ من طبعة النجف ) وقال المامقانيّ (ره) بعد نقل العبارة فى تنقيح المقال ( ج ٣ ؛ باب الكنى ؛ فصل النساء ص ٧١ ) ما نصه : « عدها الشيخ (ره) فى رجاله من أصحاب أمير المؤمنين (ع) ولم أقف على اسمها ولا حالها والخولية اما بفتح الخاء

٦٩

أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ فدنوت منه وفى النّاس رقّة وهو يخطب على المنبر حتّى سمعت كلامه فقال رجل : يا أمير المؤمنين استغفر لخالد بن عرفطة فانّه قد مات بأرض بناك (١) فلم يردّ عليه شيئا ؛ ثمّ قال الثّانية فلم يردّ عليه شيئا ؛ ثمّ قال الثّالثة فقال : أيّها النّاعى خالد بن عرفطة كذبت ، والله ما مات خالد بن عرفطة ولا يموت حتّى يدخل المسجد من هذا الباب ( وأشار الى باب الفيل ) يحمل راية ضلالة.

قالت (٢) : فرأيت بعد ذلك خالد بن عرفطة يحمل راية معاوية حتّى أدخلها من باب الفيل فركزها فى المسجد (٣).

__________________

المعجمة وسكون الواو وكسر اللام وفتح الياء المثناة من تحت والهاء نسبة الى خولان أبى ـ بطن من كهلان من القحطانية كما مر ضبطه فى ترجمة ادريس بن الفضل بن سليمان الخولانى ، أو بكسر الخاء وفتح الواو وكسر اللام وتشديد الياء نسبة الى جد له مسمى بخولة » أقول : من أراد التحقيق فى ضبط « الخولية » فليخض فيه فانه لا اعتماد على تحقيق المامقانيّ (ره) فى امثال هذه الموارد.

(١) كذا فى هذا الكتاب لكن فى كتاب الخصائص : « بارض تيماء » ففى مراصد ـ الاطلاع « نباك بالكسر وآخره كاف موضع ونباك بضم اوله موضع قال : اظنه باليمامة ».

(٢) فى الكتاب : « قال » والتصحيح من خصائص السيد الرضى وغيره.

(٣) هذه القضية نقلها الرضى فى الخصائص ( ص ٢١ ـ ٢٠ من طبعة النجف ) والمفيد فى الاختصاص ( ص ٢٨٠ من طبعة مكتبة الصدوق سنة ١٣٧٩ ) وفى الارشاد ضمن اخبار أمير المؤمنين عن الغائبات ( ص ١٧٦ ـ ١٧٥ من طبعة تبريز سنة ١٣٠٨ ) قائلا بعدها فى الارشاد : « وهذا أيضا خبر مستفيض لا يتناكره اهل العلم والرواة للآثار وهو منتشر فى أهل الكوفة ظاهر فى جماعتهم لا يتناكره منهم اثنان وهو من المعجز الّذي ذكرناه » والطبرسى فى اعلام الورى فى الباب الثالث من الابواب المتعلقة بتأريخ امير المؤمنين

٧٠

ذكر ابن عمر

ومن علمائكم ابن عمر وأنتم تروون أنّه قعد عن بيعة عليّ بن أبى طالب

__________________

ضمن نقله اخباره بالغائبات قائلا بعده : « وهذا الخبر مستفيض فى اهل العلم بالآثار من أهل الكوفة » ( انظر ص ١٠٥ من طبعة السدهى الاصفهانى سنة ١٣١٢ ) وابن ميثم فى شرح المائة كلمة لامير المؤمنين ( ص ٢٥٢ من النسخة المطبوعة بتحقيقنا ) والمجلسى فى تاسع البحار عن الاختصاص وبصائر الدرجات قائلا بعده : « اقول : رواه ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة من كتاب الغارات لابن هلال الثقفى عن ابن محبوب عن الثمالى عن ابن غفلة ( انظر باب معجزات كلامه من اخباره بالغائبات وعلمه باللغات ص ٥٧٨ ـ ٥٧٩ من طبعة امين الضرب ) وقال أيضا فى الباب المذكور بعيد ذلك نقلا عن مناقب ابن شهرآشوب ( ص ٥٨٥ ) : « ومستفيض فى أهل العلم عن الاعمش وابن محبوب عن الثمالى والسبيعى كلهم عن سويد بن غفلة وقد ذكره أبو الفرج الاصفهانى فى أخبار الحسن أنه قيل لامير المؤمنين (ع) : ان خالد بن عرفطة قد مات ( فذكر القضية الى آخرها ) » ومن أراد أن يلاحظ مورد نقله فى شرح نهج البلاغة لابن ابى الحديد فليراجع جلد ١ ص ٢٠٨ من طبعة مصر ومورد نقله فى مناقب ابن شهرآشوب فليراجع ص ٤٢٧ من المجلد الاول من الطبعة الاولى بطهران سنة ١٣١٦ وكذا نقله فى عاشر البحار فى باب ما أخبر به الرسول وأمير المؤمنين والحسن بشهادة الحسين عن البصائر للصفار والارشاد للمفيد ( ص ١٥٩ طبعة امين الضرب ) وأيضا فى باب كيفية مصالحة الحسن بن على معاوية عن أبى الفرج الاصفهانى ( انظر ص ١١٢ من طبعة أمين الضرب ) أقول : وذلك أن القضية كأنها وقعت مرتين ؛ مرة عند ورود معاوية الكوفة لمصالحته الحسن ـ عليه‌السلام ـ وأخرى عند خروج عمر بن سعد من الكوفة الى قتال الحسين ـ عليه

٧١

وامتنع من الخروج معه (١) ، ورويتم أنّه سئل عن بيعة عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ

__________________

السلام ـ ونقله السيد هاشم البحرانى فى مدينة المعاجز ( انظر المعجز التاسع عشر بعد ثلاث مائة من معاجز أمير المؤمنين ( انظر ص ١١٩ من النسخة المطبوعة بطهران سنة ١٢٩١ ) الى غير ذلك من موارد نقله فالاولى أن نذكر عبارة أبى الفرج الاصفهانى هنا فنقول : قال ابو الفرج الاصفهانى فى مقاتل الطالبيين ضمن ذكره ما جرى بين الحسن بن على ومعاوية ما نصه ( ص ٧١ من النسخة المطبوعة بالقاهرة بتحقيق السيد أحمد صقر سنة ١٢٦٨ أو ص ٢٨ من طبعة تهران سنة ١٣٠٧ ) : « قال : ودخل معاوية الكوفة بعد فراغه من خطبته بالنخيلة وبين يديه خالد بن عرفطة ، ومعه رجل يقال له حبيب بن عمار يحمل رايته حتى دخل الكوفة ، فصار الى المسجد ، فدخل من باب الفيل ، فاجتمع الناس إليه فحدثنى ابو عبيد الصيرفى ، وأحمد بن عبيد الله بن عمار قالا : حدثنا محمد بن على بن خلف ، قال : حدثنى محمد بن عمر والرازى ، قال : حدثنا مالك بن شعير ، عن محمد بن عبد الله الليثى ، عن عطاء بن السائب عن أبيه قال :

بينما على ـ عليه‌السلام ـ على المنبر اذ دخل رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، مات خالد بن عرفطة ، فقال : لا والله ما مات اذ دخل رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين مات خالد بن عرفطة فقال : لا والله ما مات اذ دخل رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين مات خالد بن عرفطة فقال : لا والله ما مات ولا يموت حتى يدخل من باب هذا المسجد ، « يعنى باب الفيل » براية ضلالة يحملها له حبيب بن عمار قال : فوثب رجل فقال : يا أمير المؤمنين أنا حبيب بن عمار وأنا لك شيعة قال : فانه كما أقول. فقدم خالد بن عرفطة على مقدمة معاوية يحمل رايته حبيب بن عمار.

قال مالك : حدثنا الاعمش بهذا الحديث ، فقال : حدثنى صاحب هذه الدار وأشار بيده الى دار السائب أبى عطاء أنه سمع عليا يقول هذه المقالة ».

__________________

(١) قال ابن عبد البر فى الاستيعاب ضمن ترجمة ابن عمر ( ص ٣٦٩ ج ١

٧٢

فقال : بيعة ضلال.

ورويتم أنّه لم يأت عليّا حتّى قتل ـ عليه‌السلام ـ وأنّه أتى الحجّاج بن يوسف

__________________

من الطبعة الثانية بحيدرآباد ) :

« وكان رضى الله عنه لورعه قد أشكلت عليه حروب على ـ رضى الله عنه ـ وقعد عنه وندم على ذلك حين حضرته الوفاة وسنذكر ذلك فى آخر الباب ان شاء الله تعالى ».

وقال فى آخر الترجمة ( ٣٧٠ ـ ٣٦٩ ) :

« حدثنا أبو القاسم خلف بن القاسم الحافظ قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن اسحاق بن معمر الجوهرى قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين قال : حدثنا ابو سعيد يحيى بن سليمان الجعفى قال : حدثنا أسباط بن محمد قال : حدثنا عبد العزيز ابن سياه عن حبيب بن ابى ثابت عن عبد الله بن عمر قال : ما آسى على شيء الا أنى لم أقاتل مع على ـ رضى الله عنه ـ الفئة الباغية. وحدثنا خلف بن قاسم حدثنا ابن الورد حدثنا يوسف بن يزيد حدثنا أسد بن موسى حدثنا اسباط بن محمد عن عبد العزيز بن سياه عن حبيب ابن أبى ثابت قال قال ابن عمر : ما أجدنى آسى على شيء فاتنى من الدنيا الا أنى لم أقاتل مع على ـ رضى الله عنه ـ الفئة الباغية. وذكر أبو زيد عمر بن شبة قال : حدثنا أبو القاسم الفضل بن دكين وأبو أحمد الزبيرى قالا : حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبى ثابت عن أبيه عن ابن عمر أنه قال حين حضرته الوفاة : ما أجد فى نفسى من أمر الدنيا شيئا الا أنى لم ـ أقاتل الفئة الباغية مع على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه. وقال : حدثنا أبو أحمد حدثنا عبد الجبار بن العباس عن أبى القيس عن أبى بكر بن أبى الجهم قال : سمعت ابن عمر يقول : ما آسى على شيء الا تركى قتال الفئة الباغية مع على ـ رضى الله عنه ».

قال ابن الاثير فى اسد الغابة ضمن ترجمة عبد الله بن عمر ( ج ٣ ؛ ص ٢٢٩ ـ ٢٢٨ ) :

« ولم يقاتل فى شيء من الفتن ولم يشهد مع على شيئا من حروبه حين أشكلت عليه

٧٣

ليلا (١) فقال : ما حاجتك؟ وما جاء بك فى هذه السّاعة؟ ـ قال : ابسط يدك حتّى ابايعك لأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فانّى سمعت رسول الله ـ صلّى الله عليه

__________________

ثم كان بعد ذلك يندم على ترك القتال معه ؛ أخبرنا القاضى أبو غانم محمد بن هبة الله ابن محمد بن أبى جرادة أخبرنا عمى أبو المجد عبد الله بن محمد قال : حدثنا أبو الحسن على ابن عبد الله بن محمد بن أبى جرادة أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن أحمد بن اسماعيل ابن سعيد حدثنا أبو النمر الحارث بن عبد السلام بن رغبان الحمصى حدثنا الحسين بن خالويه حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبى سعد البزار حدثنا محمد بن الحسين بن يحيى الكوفى حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الله بن حبيب أخبرنى أبى قال قال ابن عمر حين حضره الموت : ما أجد فى نفسى من الدنيا الا أنى لم أقاتل الفئة الباغية ؛ أخرجه أبو عمر وزاد فيه مع على ».

__________________

(١) قال أبو جعفر الطبرى الشيعى فى كتاب المسترشد خطابا للعامة ( ص ١٦ ).

« ومن فقهائكم وعلمائكم ورواة أخباركم عبد الله بن عمر الّذي قعد عن بيعة على ـ عليه‌السلام ـ ثم مضى الى الحجاج فطرقه ليلا فقال : هات يدك لا بايعك لامير المؤمنين عبد الملك فانى سمعت رسول الله (ص) يقول : من مات وليس عليه امام فميتته جاهلية حتى أنكرها عليه الحجاج مع كفره وعتوه ».

قال المسعودى فى مروج الذهب عند ذكره خلافة أمير المؤمنين على ـ عليه‌السلام ـ : وقعد عن بيعته جماعة عثمانية لم يروا الا الخروج عن الامر ؛ منهم سعد بن وقاص وعبد الله بن عمر وبايع يزيد بعد ذلك والحجاج لعبد الملك بن مروان ».

قال المحدث القمى فى سفينة البحار وفى الكنى

والالقاب ضمن ترجمة ابن عمر :

« وفى گلزار قدس للمحقق الكاشانى قال : لما دخل الحجاج مكة وصلب ابن الزبير راح عبد الله بن عمر إليه وقال : مد يدك لا بايعك لعبد الملك قال رسول الله ـ صلى الله

٧٤

[ وآله ] ـ يقول : من مات وليس عليه امام فميتته جاهليّة.

ذكر عائشة

ورويتم عن علمائكم عن عائشة أحاديث يناقض بعضها بعضا.

رويتم عن أبى نعيم الأحول قال : حدّثنا عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن ـ عبّاس (١) قال : جمع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ذات يوم نساءه ثمّ قال : ليت

__________________

عليه وآله ـ من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية فأخرج الحجاج رجله وقال : خذ رجلي فان يدى مشغولة فقال ابن عمر : أتستهزئ منى؟ ـ قال الحجاج : يا أحمق بنى ـ عدى ما بايعت مع على وتقول اليوم : من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية او ما كان على امام زمانك؟! والله ما جئت الى لقول النبي (ص) بل جئت مخافة تلك الشجرة التى صلب عليها ابن الزبير ( انتهى ) ».

قال المامقانيّ فى تنقيح الرجال ضمن ترجمة ابن عمر ( ج ٢ ؛ ص ٢٠١ ) :

« وهو أحد الممتنعين عن بيعة على (ع) بعد عثمان وتاركى الخروج معه فى حروبه ولكنه لما ولى الحجاج الحجاز من قبل عبد الملك بن مروان جاءه ليلا ليبايعه فقال له الحجاج : ما أعجلك؟ ـ فقال : سمعت رسول الله (ص) يقول : من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهليه ( او ما هذا مضمونه ) فقال له : ان يدى مشغولة عنك وكان يكتب فدونك رجلى فمسح على رجله وخرج فقال الحجاج : ما أحمق هذا ؛ يترك بيعة على بن أبى طالب ويأتينى مبايعا فى ليلته ...! ».

(١) قال المفيد فى اواخر كتاب الجمل ( ص ٢١٦ من طبعة النجف ) : « وروى عصام ابن قدامة البجلي عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص) لعائشة وعنده نساؤه : ليت شعرى أيتكن صاحبة الجمل [ الاديب ]؟ تخرج حتى تنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها وشمالها

٧٥

شعرى أيّتكنّ صاحبة الجمل الأديب (١) فتنبحها كلاب الحوأب [ فيقتل ] عن يمينها قوم وعن شمالها قوم ثمّ تنجو بعد ما كادت.

__________________

خلق كثير كلهم فى النار وتنجو بعد ما كادت.

ورواه أبو بكر بن عياش عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس ».

ورواه ابن شهرآشوب فى المناقب بأسانيد جمة عن كتب العامة ( ج ١ ؛ ص ٦٠٨ ).

__________________

(١) قال ابن الاثير فى النهاية فى دبب : « وفيه : أنه (ص) قال لنسائه : ليت شعرى أيتكن صاحبة الجمل الاديب؟ تنبحها كلاب الحوأب ؛ أراد الادب فأظهر الادغام لاجل الحوأب ، والادب الكثير وبر الوجه » وقال فى حوب : « وفيه : أنه (ص) قال لنسائه : أيتكن تنبحها كلاب الحوأب؟ الحوأب منزل بين مكة والبصرة وهو الّذي نزلته عائشة لما جاءت الى البصرة فى وقعة الجمل ».

قال الصدوق (ره) فى معانى الاخبار فى باب معنى الحوأب والجمل الادبب ( وهو الباب السابع والخمسون بعد مائة ؛ انظر ص ٨٨ من النسخة المطبوعة بطهران سنة ١٣١٠ ) :

« حدثنا الحاكم أبو حامد أحمد بن الحسين بن على ببلخ قال : حدثنا محمد بن العباس قال : حدثنا ابراهيم بن اسحاق قال : حدثنى ابراهيم بن سعيد قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس ( فبعد ان ساق الحديث الى الاخر قال ) الحوأب ماء لبنى عامر والجمل الاذيب يقال : الذئيبة داء يأخذ الدواب يقال : برذون مذءوب وأظن ان الجمل الاذيب مأخوذ من ذلك وقوله : تنجو بعد ما كادت أى تنجو بعد ما كادت تهلك ».

قال المجلسى (ره) فى ثامن البحار بعد نقله عن معانى الاخبار ( انظر باب نهى الله ورسوله عائشة عن مقاتلة على ؛ ص ٤٥٣ ـ ٤٥٢ من طبعة أمين الضرب ) : « الكافية ـ عن عصام مثله قال : ورواه أبو بكر بن عياش عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس وروى المسعودى فى حديثه قال قال رسول الله (ص) : يا على اذا أدركتها فاضربها واضرب أصحابها.

٧٦

ورويتم عن عبد الله بن مسعود عن اسرائيل بن سباط عن عروة (١) قال : كنت مع عائشة يوم الجمل مع اللّواء فأقبل فارس فنادى : يا أمّ المؤمنين فقالت عائشة : سلوه

__________________

سر ـ ( يريد به السرائر ) قال محمد بن ادريس : وجدت فى الغريبين للهروى هذا الحديث وهو بالدال غير المعجمة مع الباء المنقطة تحتها نقطة واحدة قال ابو عبيد : وفى الحديث : ليت شعرى أيتكن صاحبة الجمل الادبب تنبحها كلاب الحوأب قيل : أراد الادب فأظهر التضعيف والادب الكثير الوبر يقال : جمل أدب اذا كان كثير الدبب والدبب كثرة شعر الوجه ودببه أنشدنى أبو بكر بن الانبارى :

يمشقن كل غصن معلوش

مشق النساء دبب العروس

يمشقن يقطعن كل غصن كثير الورق كما تنتف النساء الشعر من وجه العروس.

قال محمد بن ادريس : وجدت أيضا فى مجمل اللغة لابن فارس مثل ما ذكره أبو عبيدة صاحب الغربيين قد أورد الحديث على ما ذكره وفسره ووضعه فى باب الدال غير المعجمة مع الباء والاعتماد على أهل اللغة فى ذلك فانهم أقوم به وأظن أن شيخنا ابن بابويه تجاوز نظره فى الحرف وزل فيه فأورده بالذال المعجمة والياء على ما فى كتابه واعتقد أن الجمل الادبب مشتق من الذئبة ففسره على ما فسره وهذا تصحيف منه.

أقول : قال فى النهاية بعد ايراد الرواية : أراد الادب فأظهر الادغام لاجل الحوأب والادب كثير وبر الوجه وقال السيوطى فى بعض تصانيفه : انه قد يفك ما استحق الادغام لاتباع كلمة أخرى كحديث أيتكن صاحبة الجمل الادبب تنبحها كلاب الحوأب فك الادبب وقياسه الادب اتباعا للحوأب ».

__________________

(١) السند هكذا فى الاصل وهو مشوش قطعا ونقل الحديث ابن طاوس فى كتاب سعد السعود بهذا السند ( انظر ص ٢٣٧ ـ ٢٣٦ من طبعة المطبعة الحيدرية فى النجف ) :

« رواية أبى بكر محمد بن عبد الله بن ابراهيم بن عبد الله البزار الشافعى من طريق

٧٧

ما يريد؟ ومن هو؟ ـ قالوا له قال : أنا عمّار بن ياسر فقالت : قولوا له : ما تريد؟ ـ قال : أسألك بالذّي أنزل الكتاب على رسول الله (ص) تعلمين أنّ رسول الله (ص) جعل عليّا وصيّا فى أهله؟ ـ قالت : اللهمّ نعم ، قال : فمالك خرجت وقد أمرك الله أن تقرّى فى بيتك؟ ـ قالت : أطلب دم عثمان قال : فما للنّساء وذلك؟!

ثمّ جاء فرسان أربعة فيهم رجل متلثّم قال : فقالت عائشة : قد أقبل عليّ وربّ الكعبة ؛ سلوه من هو؟ ـ قالوا له : من أنت؟ ـ قال : أنا عليّ بن أبى طالب ، قالت : سلوه : ما يريد؟ ـ قال : أسألك بالذّي أنزل الكتاب على محمّد رسول الله (ص)

__________________

المخالفين برجالهم بلفظ ما وجدناه : حدثنا عبد الله بن محمد بن ياسين قال : حدثنا محمد بن كندة قال : حدثنا عبد الله بن موسى عن اسباط بن عرق قال : حدثنى سعيد بن كرد قال : كنت مع مولاى ( كذا والظاهر : « مع مولاتى » بقرينة ما فى المتن ) يوم الجمل مع اللواء فأقبل فارس فقال : يا أم المؤمنين قالت عائشة : سلوه من هو؟ ـ قيل له : من أنت؟ ـ قال : أنا عمار بن ياسر قالت : قولوا له : ما تريد؟ ـ قال : أنشدك بالله الّذي أخرج الكتاب على نبيه رسول الله فى بيتك أتعلمين أن رسول الله جعل عليا وصيه على أهله؟ ـ قالت : اللهم نعم. قال : وجاء فوارس أربعة فهتف رجل منهم قالت عائشة : وهذا ابن أبى طالب ورب الكعبة سلوه ما تريد؟ ـ قال : انشدك بالله الّذي أنزل الكتاب على رسول الله فى بيتك أتعلمين أن رسول الله (ص) جعلنى وصيه على أهله؟ ـ قالت : اللهم نعم ».

نقله العلامة المجلسى فى ثامن البحار فى باب وروده البصرة ووقعة الجمل بهذه العبارة ( ص ٤٣٨ من طبعة امين الضرب ) : « قال السيد بن طاوس فى كتاب سعد السعود [ نقلا ] من كتاب ما نزل من القرآن فى على برواية أبى بكر محمد بن عبد الله الشافعى قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن ياسين عن محمد بن الكند عن عبيد الله بن موسى عن أسباط بن عروة عن سعيد بن كرز قال : كنت مع مولاى [ كذا والظاهر مع مولاتى ] ( الحديث ) ».

٧٨

أتعلمين أنّ رسول الله جعلنى وصيّا على أهله؟ ـ قالت : اللهمّ نعم ، قال : فما بالك خرجت؟ ـ قالت : أطلب دم عثمان بن عفّان قال : يا عائشة بالامس تحضّين على قتل عثمان وتقولين : هذه ثياب رسول الله (ص) لم تتغيّر وقد غيّر عثمان سنّة رسول الله وبدّل ، وتقولين اليوم ما تقولين ثمّ انصرف.

ورويتم عن عبد الله بن عبد القدّوس عن عليّ بن حفص عن مقاتل بن حيّان قال : كانت عمّتى خادمة لعائشة فحدّثتنى قالت : بعث عليّ بن أبى طالب ـ كرّم الله وجهه ابنه الحسن ـ عليه‌السلام ـ الى عائشة فقال : ارتحلى الى المدينة الى البيت الّذي خلّفك رسول الله (ص) وأمرك ان تقرّى فيه فقالت : لا أستطيع الخروج حتّى أنظر الى ما يصير حال المسلمين إليه فأرسل إليها الحسين ـ عليه‌السلام ـ فقال : قل لها : والله لترحلنّ او لأبعثنّ [ أليك ] بالكلمات فلمّا جاء الحسين ـ عليه‌السلام ـ بالباب يستأذن قالت : جاء والله بكلام غير كلام الاوّل وحاكمهم تبلغ (١) الكلام الّذي أمر به فلمّا دخل ـ عليه‌السلام ـ رحّبت به وأجلسته الى جنبها فقال لها : انّ أبى يقول لك : ارجعى الى بيتك الّذي أمرك رسول الله (ص) أن تقرّى فيه وخلّفك فيه رسول الله (ص) والاّ بعثت أليك بالكلمات (٢) فقالت : يا بنيّ قل لأبيك : انّى اذكّرك الله ان تذكر

__________________

(١) كذا فى الاصل ولعله : « جاءكم لتبليغ ».

(٢) قال ابن شهرآشوب فى المناقب فى فصل الاستنابة والولاية ( ج ١ ص ٣٣١ من الطبعة الاولى بطهران سنة ١٣١٧ ) أقول : ونقله المجلسى فى تاسع البحار ( ص ٢٧٧ من طبعة أمين الضرب ) :

« وأنه ( أى النبي ) صلى‌الله‌عليه‌وآله جعل طلاق نسائه إليه ( اى الى على ) عليه‌السلام ؛ أبو الدر على المرادى وصالح مولى التومة عن عائشة أن النبي (ص) جعل طلاق نسائه الى على (ع) ؛ الاصبغ بن نباتة قال : بعث على (ع) يوم الجمل الى عائشة : ارجعى والا تكلمت بكلام تبرين من الله ورسوله وقال أمير المؤمنين للحسن : اذهب

٧٩

الكلمات او تقول شيئا ؛ نعم أرتحل ولكن أحتاج الى جهاز وأريد ان يدخل عليّ وألقاه قال : فأصبح أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ وجهّزها ووجّه معها خمسين امرأة يؤدّينها الى بيتها.

__________________

الى فلانة فقل لها : قال لك أمير المؤمنين : والّذي فلق الحبة والنوى وبرأ النسمة لئن لم ترحلى الساعة لابعثن أليك بما تعلمين ، فلما أخبر الحسن بما قال أمير المؤمنين قامت ثم قالت : رحلونى ، فقالت لها امرأة من المهالبة : أتاك ابن عباس شيخ بنى هاشم وحاورته وخرج مغضبا وأتاك غلام فأقلعت؟! قالت : ان هذا الغلام ابن رسول الله (ص) فمن أراد أن ينظر الى مقلتى رسول الله (ص) فلينظر الى هذا الغلام وقد بعث الى بما علمت قالت : فأسألك بحق رسول الله (ص) عليك الا أخبرتنا بالذى بعث أليك ، قالت : ان رسول الله (ص) جعل طلاق نسائه بيد على فمن طلقها فى الدنيا بانت منه فى الآخرة. وفى رواية كان النبي يقسم نقلا فى أصحابه فسألناه أن يعطينا منه شيئا وألححنا عليه فى ذلك فلا منا على فقال : حسبكن ما أضجرتن رسول الله فتجهمناه فغضب النبي (ص) مما استقبلنا به عليا ثم قال : يا على انى قد جعلت طلاقهن أليك فمن طلقتها منهن فهى بائنة. ولم يوقت النبي (ص) فى ذلك وقتا فى حياة ولا موت فهى تلك الكلمة فأخاف أن أبين من رسول الله (ص) ؛ خطيب خوارزم.

على فى النساء له وصى

أمين لم يمانع بالحجاب »

أقول : قال المحدث القمى فى سفينة البحار فى طلق ( ج ٢ : ص ٩٣ ) : « رواية عائشة ان النبي (ص) جعل طلاق نسائه بيد على ـ عليه‌السلام ـ ط س ٢٧٧ ومعناه على ما روى عن مولانا الحجة ـ صلوات الله عليه ـ فى مسائل سعد بن عبد الله : أن الله تبارك وتعالى عظم شأن نساء النبي فخصهن بشرف الامهات فقال رسول الله (ص) : يا أبا الحسن ان هذا الشرف باق لهن ماد من لله على الطاعة فأيتهن عصت الله بعدى بالخروج عليك فاطلق لها فى الازواج وأسقطها من شرف أمومة المؤمنين ».

أقول : يأتى الكلام فى ذلك الباب فى مجلد تعليقاتنا على الكتاب ان شاء الله تعالى.

٨٠