الإيضاح

الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري

الإيضاح

المؤلف:

الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري


المحقق: السيد جلال الدين الحسيني الأرموي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة انتشارات و چاپ دانشگاه تهران
المطبعة: مؤسسة انتشارات و چاپ دانشگاه تهران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٢٣

فانظروا الى روايتكم عن عمر (١) وما نسبتموه إليه ان كنتم صادقين عليه فى قوله [ على ما ] زعمتم : حسب آل عمر منها ؛ فو الله ان كانت (٢) لله رضى ما كان ينبغى له أن يخرج آل عمر منها ، وان كانت لله سخطا ما كان ينبغى له أن يصرف عنها ولده ويلقى (٣) فيها (٤) أصحاب رسول الله الّذين شهد لهم رسول الله (ص) أنّهم من أهل الجنّة.

ثمّ زعمتم أنّه اختار لهم قوما من أهل الجنّة ثمّ ذكرهم بما ذكرهم (٥) من التّنقّص (٦) انّ عثمان صاحب عصبيّة ، وعليّا (٧) تلعابة حريص عليها ، والزّبير مؤمن الرّضا كافر الغضب ، وطلحة صاحب نخوة وكبر ، وسعدا (٨) صاحب فظاظة وعنف ، وعبد الرّحمن قارون هذه الأمّة ؛ فهل يعاب أحد بأشدّ ممّا عابهم به وزعم أنّه اختارهم لأمّة محمّد (ص) وهم بهذه الصّفة الّتي وصف ، فلئن كنتم صادقين عليه أنّه فعل ذلك وتكلّم [ به ] وأمر بقتلهم فلقد نسبتموه الى ما تنسب إليه الصّعاليك (٩) الّذين لا يخافون الله ، ولئن كنتم كذبتم عليه لقد تحمّلتم بكذبكم عليه وزرا وإثما عظيما.

فهذه وقيعتكم فى خيار أصحاب رسول الله (ص) وأنتم ترمون الشّيعة بذلك وهم

__________________

(١) ج ق س مج مث : « على عمر ».

(٢) فى النسخ : « كان ».

(٣) ح : « يبقى ».

(٤) « فيها » فى مج وق فقط.

(٥) غير ح : « بما ذكر ».

(٦) ح : « من النقص ».

(٧ و ٨) غير ح : « على وسعد » كلاهما بالرفع وذلك مبنى على ما هو المقرر فى النحو من أن المعطوف على اسم ان بعد مضى الخبر جائز رفعه ونصبه ؛ قال ابن مالك :

« وجائز رفعك معطوفا على

منصوب ان بعد ان تستكملا »

« وألحقت بان لكن وأن

من دون ليت ولعل وكان ».

(٩) ج س ق مج مث : « السعاليك » ( بالسين ) ؛ وفى الصحاح والقاموس : « صعاليك العرب ذؤبانها ». وقال ابن الاثير فى النهاية فى ذوب : « وفى حديث الغار فيصبح فى ذوبان الناس يقال لصعاليك العرب ولصوصها ذوبان لانهم كالذئاب والذوبان جمع ذئب والاصل فيه الهمز ولكنه خفف فانقلب واوا ، وذكرناه هاهنا حملا على لفظه ».

٥٠١

أتقى النّاس ممّا ترمونهم به فى روايات (١) كثيرة تروونها على أبى بكر وعمر وعثمان من (٢) أشنع ما يكون من الرّواية عن قوم تزكّونهم وتأخذون الحديث عنهم لو كتبناها كلّها لاحتجنا الى أجلاد (٣) كثيرة وفيما كتبنا وبيّنا بلاغ لقوم يعقلون.

ثمّ إقراركم على الصّحابة أنّهم اختلفوا ؛ فان زعمتم أنّهم فى اختلافهم مطيعون ؛ فقد زعمتم أنّ الله نهاهم عن الطّاعة لانّ الله قال : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (٤) ، وقال : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) (٥) ، وان زعمتم أنّهم عاصون فى اختلافهم ؛ فقد وقعتم فيهم وزعمتم أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أمرنا بالاقتداء بالعصاة ، فهذا ما لا مخرج لكم منه.

فوجدناكم أخذتم عن قوم رددتم أقاويلهم فى بعض وقبلتموها فى بعض وكنتم أنتم المختارين ممّا قالوا ؛ فما استحسنتم أخذتموه وقبلتموه ، وما كرهتم تركتموه ، وطعنتم على من زكّيتموه ، وزكّيتم من طعنتم عليه ، فكنتم أئمّة أنفسكم فيما نقلوا إليكم واتّبعتم فى ذلك ظنّكم وهواكم ، وتركتم شيئا ارتضاه بعضكم ، ورضيتم شيئا كرهه بعضكم ، ولا يخلو ما اختلفتم فيه من أن يكون بعضه سخطا لله أو كلّه ، أو يكون رضى (٦) بعضه وكرها (٧) بعضه فترضون ما يزعم بعضكم أنّ الله كرهه ، وتكرهون ما يزعم بعضكم أنّ الله رضيه فلا حقّا (٨) تعرفون ولا باطلا (٩) تنكرون فكلّكم راض عمّن خالفكم

__________________

(١) غير ح : « فى رواية ».

(٢) ح : « ومن ».

(٣) الاجلاد جمع الجلد كالجلود قال الفيومى فى المصباح المنير : « قال الازهرى : لجلد غشاء جسد الحيوان والجمع جلود وقد يجمع على أجلاد مثل حمل وحمول وأحمال ».

(٤) صدر آية ١٠٣ من سورة آل عمران.

(٥) آية ١٠٥ من سورة آل عمران.

(٦ و ٧) فى بعض النسخ كلاهما بصورة الفعل فيكون المعنى : « رضى الله بعضه وكره بعضه ».

(٨ و ٩) فى النسخ : « فلا حق » « ولا باطل ».

٥٠٢

طاعن عليه.

ومن (١) جهة أخرى تروون عن المرجئة ويروون عنكم ، وتروون عن القدريّة ويروون عنكم ، وتروون عن الجهميّة ويروون عنكم ، فتقبلون منهم بعض أقاويلهم وتردّون عليهم بعضها ؛ فلا الحقّ أنتم منه على ثقة ، ولا الباطل أنتم منه على يقين ، وأنتم عند أنفسكم أهل السّنّة والجماعة فهذه صفتكم الّتي تعرفونها من أنفسكم وتنطق بها عليكم ألسنتكم فالحمد لله الّذي بصّرنا ما جهلتم [ به ] وعرّفنا ما جحدتم به (٢) وله المزيد بذلك [ والحمد لله كثيرا وصلواته (٣) على سيّد الأوّلين والآخرين محمّد النّبيّ وآله الطّاهرين (٤) ].

عبارات خواتم النّسخ

عبارة آخر نسخة ق : « تمّ الكتاب بتوفيق من الله فى شهر رمضان سنة اثنى وسبعين بعد ألف وكتب من نسخة كتب فيها : بلغ عرضا فصحّ بقدر الجهد وذلك بأصله المنقول منه ووقع الفراغ من التّنميق فى محرّم سنة خمس وستّمائة.

الخطّ يبقى زمانا بعد كاتبه

وصاحب الخطّ تحت الأرض مدفون ».

عبارة آخر نسخة ق : « تمّ الكتاب بتوفيق من الله تعالى بقلم الفقير عبد آل محمّد أحمد بن شرف الدّين عليهم الصّلاة والسّلام ».

وفى هامشها بخطّ المتن :

« بلغ قبالا من الفاتحة الى الخاتمة والّذي فيه من الأوراق البيض قد سقط من نسخة الأصل يسّر الله نسخه من نسخة أخرى وكان ذلك فى عدّة مجالس آخرها ليلة الخميس

__________________

(١) انما جعلناها صدر الجملة لكونها مصدرة بالواو فلا تكون صلة لما قبلها.

(٢) لم تذكر فى ح.

(٣) مج : « وصلاة » ق : « وصلاته ».

(٤) ح ( بدل ما بين الحاصرتين ) : « والصلاة على نبيه وآله المعصومين ».

٥٠٣

ثامن عشر من شهر صفر ختم بالخير والظّفر من شهور سنة تسعين وتسعمائة ؛ حرّره فقير ربّه الولىّ محمّد عليّ عفى عنه بمحمّد وعليّ ».

وعبارة آخر نسخة مث :

« وفى المنتسخ منه : بلغ قبالا من الفاتحة الى الخاتمة ؛ والّذي فيه من الأوراق البيض قد سقط من نسخة الأصل يسّر الله نسخه من نسخة أخرى وكان ذلك فى عدّة مجالس آخرها ليلة الخميس ثامن عشر من شهر صفر ختم بالخير والظّفر سنة تسعين وتسعمائة ( انتهى ). »

وعبارة آخر نسخة مج : « تمّ الكتاب بتوفيق من الله تعالى ».

وعبارة آخر نسخة ح :

« تمّ كتابة على نسخة مغلوطة كتبت على نسخة تأريخها تسعمائة وتسعون ، كانت ناقصة من أواسطها أوراق مقدّرة بالبياض ؛ وانتهى على يد محمّد السّماوىّ بالنّجف لثمان بقين من ربيع ا [ لا ] وّل سنة ١٢٣٥ حامدا مصلّيا مسلّما ».

وعبارة آخر نسخة ج :

« تمّ فى الثّاني والعشرين من جمادى الثّانية من شهور سنة ١١١٨ ».

تأريخ فراغى من التّصحيح البدوىّ والنّهائىّ :

تمّ تحرير ذلك بيد العبد الآثم جلال الدّين بن القاسم الحسينىّ منتصف ليلة الجمعة وكانت اللّيلة السابعة من شهر رمضان المبارك من سنة ١٣٩٠.

ومن الاتّفاق كان تصحيحة النهائىّ بعد ترتيب الحروف ليلة الاربعاء وكانت اللّيلة السابعة من شهر رمضان المبارك من سنة ١٣٩١.

فكانت الفاصلة بين التصحيحين سنة كاملة قمريّة ؛ والحمد لله ربّ العالمين.

٥٠٤

تعليقات الكتاب

لمّا كان ما ذكره ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة فى شرح هذه العبارة من أصل الكتاب : « وقال ـ عليه‌السلام ـ لعمّار بن ياسر ـ رحمه‌الله تعالى ـ وقد سمعه يراجع المغيرة بن شعبة كلاما : دعه يا عمّار فانّه لم يأخذ من الدّين الاّ ما قاربه من الدّنيا وعلى عمد لبّس على نفسه ليجعل الشبهات عاذرا لسقطاته » مشتملا على مطالب مهمّة مرتبطة بما فى كتاب الايضاح للفضل بن شاذان غاية الارتباط وقد أشرنا فى ذيل بعض صفحات الكتاب الى ذلك ( انظر ص ٦٥ و ٣٧٦ ) رأينا من المهمّ أن ننقله هنا حتّى ينتفع به الناظرون فى ذلك الكتاب والله المستعان وعليه التّكلان

قال ابن أبى الحديد فى شرح الكلام المذكور ما نصّه :

( راجع ج ٤ ؛ ص ٤٥٣ ـ ٤٦٣ من النسخة المطبوعة بمصر سنة ١٣٢٩ )

« الشّرح ـ أصحابنا غير متّفقين على السّكوت على المغيرة بل أكثر البغداديّين يفسّقونه ويقولون فيه ما يقال فى الفاسق ، ولمّا جاء عروة بن مسعود الثّقفىّ الى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عام الحديبية نظر إليه قائما على رأس رسول الله مقلّدا سيفا فقال : من هذا؟ ـ قيل : ابن أخيك المغيرة قال : وأنت هاهنا يا غدر والله انّى الى الآن ما غسلت سوأتك وكان اسلام المغيرة من غير اعتقاد صحيح ولا إنابة ولا نيّة جميلة كان قد صحب قوما فى بعض الطّرق فاستغفلهم وهم نيام فقتلهم وأخذ أموالهم وهرب خوفا ان يلحق فيقتل أو يؤخذ ما فاز به من أموالهم فقدم المدينة فأظهر الاسلام وكان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لا يردّ على أحد اسلامه أسلم عن علّة او عن اخلاص ، فامتنع بالاسلام واعتصم وحمى جانبه.

٥٠٥

ذكر حديثه أبو الفرج عليّ بن الحسين الاصفهانىّ فى كتاب الاغانى

قال : كان المغيرة يحدّث حديث اسلامه قال : خرجت مع قوم من بنى مالك ونحن على دين الجاهليّة الى المقوقس ملك مصر فدخلنا الى الاسكندريّة وأهدينا للملك هدايا كانت معنا فكنت أهون أصحابى عليه وقبض هدايا القوم وأمر لهم بجوائز وفضّل بعضهم على بعض وقصّر بى فأعطانى شيئا قليلا لا ذكر له وخرجنا فأقبلت بنو ـ مالك يشترون هدايا لأهلهم وهم مسرورون ولم يعرض أحد منهم على مواساة فلمّا خرجوا حملوا معهم خمرا فكانوا يشربون منها فأشرب معهم ونفسى تأبى ان تدعنى معهم وقلت : ينصرفون الى الطّائف بما أصابوا وما حباهم به الملك ويخبرون قومى بتقصيره بى وازدرائه ايّاى فأجمعت على قتلهم فقلت : انّى أجد صداعا فوضعوا شرابهم ودعونى فقلت : رأسى يصدع ولكن اجلسوا فأسقيكم فلم ينكروا من أمرى شيئا فجلست أسقيهم وأشرب القدح بعد القدح فلمّا دبّت الكأس فيهم اشتهوا الشّراب فجعلت أصرف لهم وأترع الكأس فأهمدتهم الخمر حتّى ناموا ما يعقلون فوثبت إليهم فقتلتهم جميعا وأخذت جميع ما كان معهم وقدمت المدينة فوجدت النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بالمسجد وعنده أبو بكر وكان بى عارفا فلمّا رآنى قال : ابن أخى عروة؟ ـ قلت : نعم قد جئت أشهد أن لا إله الاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله ، فقال أبو بكر : من مصر أقبلت؟ ـ قلت : عم قال : فما فعل المالكيّون الّذين كانوا معك؟ ـ قلت : كان بينى وبينهم بعض ما يكون بين العرب ونحن على دين الشّرك فقتلتهم وأخذت أسلابهم وجئت بها الى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ليخمّسها فانّها غنيمة من المشركين فقال رسول الله : أمّا اسلامك فقد قبلته ولا نأخذ من أموالهم شيئا ولا نخمّسها لأنّ هذا غدر والغدر لا خير فيه فأخذنى ما قرب وما بعد فقلت : يا رسول الله انّما قتلتهم وأنا على دين قومى ثمّ أسلمت حين دخلت أليك السّاعة فقال ـ عليه‌السلام ـ : الاسلام يجبّ ما قبله.

قال : وكان قتل منهم ثلاثة عشر انسانا واحتوى على ما معهم فبلغ ذلك ثقيفا

٥٠٦

بالطّائف فتداعوا للقتال ثمّ اصطلحوا على ان حمل عمّى عروة بن مسعود ثلاث عشرة دية.

قال : فذلك معنى قول عروة يوم الحديبية : يا غدر أنا الى الامس أغسل سوأتك فلا أستطيع أن أغسلها.

فلهذا قال أصحابنا البغداديّون : من كان اسلامه على هذا الوجه وكانت خاتمته ما قد تواتر الخبر به من لعن عليّ ـ عليه‌السلام ـ على المنابر الى ان مات على هذا الفعل وكان المتوسّط من عمره الفسق والفجور واعطاء البطن والفرج سؤالهما وممالأة الفاسقين وصرف الوقت الى غير طاعة الله كيف نتولاّه؟! وأىّ عذر لنا فى الامساك عنه؟! وأن لا نكشف للنّاس فسقه؟!

وحضرت عند النّقيب أبى جعفر يحيى بن محمّد العلوىّ البصرىّ فى سنة احدى عشرة وستّمائة ببغداد وعنده جماعة وأحدهم يقرأ فى الاغانى لأبى الفرج فمن ذكر المغيرة بن شعبة وخاض القوم فذمّه بعضهم وأثنى عليه بعضهم وأمسك عنه آخرون فقال بعض فقهاء الشّيعة ممّن كان يشتغل بطرف من علم الكلام على رأى الأشعرىّ : لواجب الكفّ والامساك عن الصّحابة وعمّا شجر بينهم فقد قال أبو المعالى الجوينىّ : نّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ نهى عن ذلك وقال : ايّاكم وما شجر بين صحابتى. وقال : دعوا لى أصحابى فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا لما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه. وقال : أصحابى كالنّجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم. وقال : خيركم القرن الّذي أنا فيه ثمّ الّذي يليه ثمّ الّذي يليه ثمّ الّذي يليه. وقد ورد فى القرآن الثّناء على الصّحابة وعلى التّابعين وقال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : وما يدريك لعلّ الله اطّلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

وقد روى عن الحسن البصرىّ أنّه ذكر عنده الجمل وصفّين فقال : تلك دماء طهّر الله منها أسيافنا فلا نلطّخ بها ألسنتنا ثمّ انّ تلك الاحوال قد غابت عنّا وبعدت أخبارها على حقائقها فلا يليق بنا ان نخوض فيها ولو كان واحد من هؤلاء قد أخطأ لوجب

٥٠٧

ان يحفظ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فيه ومن المروءة أن يحفظ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى عائشة زوجته وفى الزّبير ابن عمّته وفى طلحة الّذي وقاه بيده ، ثمّ ما الّذي ألزمنا وأوجب علينا ان نلعن أحدا من المسلمين او نبرأ منه وأىّ ثواب فى اللّعنة والبراءة؟! انّ الله تعالى لا يقول يوم القيامة للمكلّف : لم لم تلعن؟ بل قد يقول له : لم لعنت؟ ولو أنّ انسانا عاش عمره كلّه لم يلعن ابليس لم يكن عاصيا ولا آثما ، واذا جعل الانسان عوض اللّعنة : أستغفر الله ؛ كان خيرا له.

ثمّ كيف يجوز للعامّة ان تدخل أنفسها فى امور الخاصّة واولئك قوم كانوا أمراء هذه الأمّة وقادتها ونحن اليوم فى طبقة سافلة جدّا عنهم فكيف يحسن بنا التّعرّض لذكرهم؟! أليس يقبح من الرّعيّة ان تخوض فى دقائق امور الملك وأحواله وشئونه الّتي تجرى بينه وبين أهله وبنى عمّه ونسائه وسراريه وقد كان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ صهرا لمعاوية وأخته أمّ حبيبة تحته فالأدب ان تحفظ أمّ حبيبة وهى أمّ ـ المؤمنين فى أخيها وكيف يجوز ان يلعن من جعل الله تعالى بينه وبين رسوله مودّة أليس المفسّرون كلّهم قالوا : هذه الآية أنزلت فى أبى سفيان وآله وهى قوله تعالى : ( عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً ) ؛ فكان ذلك مصاهرة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أبا سفيان وتزويجه ابنته على أنّ جميع ما تنقله الشّيعة من الاختلاف بينهم والمشاجرة لم يثبت وما كان القوم الاّ كبنى أمّ واحدة ولم يتكدّر باطن احد منهم على صاحبه قطّ ولا وقع بينهم اختلاف ونزاع.

فقال أبو جعفر رحمه‌الله :

قد كنت منذ أيّام علّقت بخطّى كلاما وجدته لبعض الزّيديّة فى هذا المعنى نقضا وردّا على أبى المعالى الجوينىّ فيما اختاره لنفسه من هذا الرّأى وأنا أخرجه إليكم لأستغنى بتأمّله عن الحديث على ما قاله هذا الفقيه فانّى أجد ألما يمنعنى من الاطالة فى الحديث لا سيّما اذا خرج مخرج الجدل ومقاومة الخصوم ثمّ أخرج من بين كتبه كرّاسا قرأناه فى ذلك المجلس واستحسنه الحاضرون وأنا أذكر هاهنا خلاصته.

٥٠٨

قال : لو لا أنّ الله تعالى أوجب معاداة أعدائه كما أوجب موالاة أوليائه وضيّق على المسلمين تركها اذا دلّ العقل عليها او صحّ الخبر عنها بقوله سبحانه : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم او أبناءهم او اخوانهم او عشيرتهم وبقوله تعالى : ( وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ ) وبقوله سبحانه : ( لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ) ، ولاجماع المسلمين على أنّ الله تعالى فرض عداوة أعدائه وولاية أوليائه ، وعلى انّ البغض فى الله واجب والحبّ فى الله واجب لما تعرّضنا لمعاداة أحد من النّاس فى الدّين ولا البراءة منه ولكانت عداوتنا للقوم تكلّفا ولو ظننّا أنّ الله عزّ وجلّ يعذرنا اذا قلنا : يا ربّ غاب أمرهم عنّا فلم يكن لخوضنا فى أمر قد غاب عنّا معنى لاعتمدنا على هذا القدر وواليناهم ولكنّا نخاف ان يقول سبحانه لنا : ان كان أمرهم قد غاب عن أبصاركم فلم يغب عن قلوبكم وأسماعكم قد أتتكم به الأخبار الصّحيحة الّتي بمثلها ألزمتم أنفسكم الاقرار بالنّبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وموالاة من صدّقه ومعاداة من عصاه وجحده وأمرتم بتدبّر القرآن وما جاء به الرّسول فهلاّ حذرتم من ان تكونوا من أهل هذه الآية غدا : ( رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ).

فأمّا لفظة اللّعن فقد أمرنا الله تعالى بها وأوجبها ألا ترى الى قوله : ( أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ ) فهو اخبار معناه الأمر كقوله : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) وقد لعن الله تعالى العاصين بقوله : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ ) ، وقوله : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) ، وقوله : ( مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً ) ، وقال الله تعالى لإبليس : ( وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ ) وقال : ( إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً ).

فأمّا قول من يقول : أىّ ثواب فى اللّعن وانّ الله تعالى لا يقول للمكلّف : لم لم تلعن بل قد يقول له : لم لعنت وانّه لو جعل مكان : لعن الله فلانا ؛ اللهمّ اغفر لى ، لكان خيرا له ، ولو أنّ انسانا عاش عمره كلّه لم يلعن ابليس لم يؤاخذ بذلك ؛ فكلام

٥٠٩

جاهل لا يدرى ما يقول : اللّعن طاعة ويستحقّ عليها الثّواب اذا فعلت على وجهها وهو ان يلعن مستحقّ اللّعن لله وفى الله لا فى العصبيّة والهوى ألا ترى أنّ الشّرع قد ورد بها فى نفى الولد ونطق بها القرآن وهو ان يقول الزّوج فى الخامسة : أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين فلو لم يكن الله تعالى يريد ان يتلفّظ عباده بهذه اللّفظة وانّه قد تعبّدهم بها لما جعلها من معالم الشّرع ولما كرّرها فى كثير من كتابه العزيز ولما قال فى حقّ القائل : وغضب الله عليه ولعنه وليس المراد من قوله : ولعنه ؛ الاّ الأمر لنا بأن نلعنه ولو لم يكن المراد بها ذلك لكان لنا ان نلعنه لأنّ الله تعالى قد لعنه أفيلعن الله تعالى انسانا ولا يكون لنا أن نلعنه ، هذا ما لا يسوغ فى العقل كما لا يجوز أن يمدح الله انسانا الاّ ولنا ان نمدحه ولا يذمّه الاّ ولنا أن نذمّه وقال تعالى : ( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ ) ، وقال : ( رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ) ، وقال عزّ وجلّ : ( وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا ).

وكيف يقول القائل : انّ الله تعالى لا يقول للمكلّف : لم لم تلعن؟! ألا يعلم هذا القائل أنّ الله تعالى أمر بولاية أوليائه وأمر بعداوة أعدائه فكما يسأل عن التّولّى يسأل عن التّبرّى ألا ترى أنّ اليهودىّ اذا أسلم يطالب بأن يقال له تلفّظ بكلمة الشّهادتين ثمّ قل : برئت من كلّ دين يخالف دين الاسلام فلا بدّ من البراءة لانّ بها يتمّ العمل ألم يسمع هذا القائل قول الشّاعر :

تودّ عدوّى ثمّ تزعم أنّنى

صديقك انّ الرّأى عنك لعازب

فمودّة العدوّ خروج عن ولاية الولىّ واذا بطلت المودّة لم يبق الاّ البراءة لأنّه لا يجوز ان يكون الانسان فى درجة متوسّطة مع أعداء الله تعالى وعصاته بأن لا يودّهم ولا يبرأ منهم باجماع المسلمين على نفى هذه الواسطة.

وأمّا قوله : لو جعل عوض اللّعنة أستغفر الله لكان خيرا له فانّه لو استغفر من غير أن يلعن أو يعتقد وجوب اللّعن لما نفعه استغفاره ولا قبل منه لأنّه يكون عاصيا لله تعالى مخالفا أمره فى امساكه عمّن أوجب الله تعالى عليه البراءة منه واظهار البراءة ،

٥١٠

والمصرّ على بعض المعاصى لا تقبل توبته واستغفاره عن البعض الآخر وأمّا من يعيش عمره ولا يلعن ابليس فان كان لا يعتقد وجوب لعنه فهو كافر ، وان كان يعتقد وجوب لعنه ولا يلعنه فهو مخطئ على أنّ الفرق بينه وبين ترك لعنه رءوس الضّلال فى هذه الامّة كمعاوية والمغيرة وأمثالهما انّ احدا من المسلمين لا يورث عنده الامساك عن لعن ابليس شبهة فى أمر ابليس والامساك عن لعن هؤلاء وأضرابهم يثير شبهة عند كثير من المسلمين فى أمرهم ؛ وتجنّب ما يورث الشّبهة فى الدّين واجب ، فلهذا لم يكن الامساك عن لعن ابليس نظيرا للامساك عن أمر هؤلاء.

قال : ثمّ يقال للمخالفين :

أرأيتم لو قال قائل : قد غاب عنّا أمر يزيد بن معاوية والحجّاج بن يوسف فليس ينبغى أن نخوض فى قصّتهما ولا ان نلعنهما ونعاديهما ونبرأ منهما هل كان هذا الاّ كقولكم : قد غاب عنّا أمر معاوية والمغيرة بن شعبة وأضرابهما فليس لخوضنا فى قصّتهم معنى.

وبعد كيف أدخلتم أيّها العامّة والحشويّة وأهل الحديث أنفسكم فى أمر عثمان وخضتم فيه وقد غاب عنكم وبرئتم من قتلته ولعنتموهم وكيف لم تحفظوا أبا بكر الصّدّيق فى محمّد ابنه فانّكم لعنتموه وفسّقتموه ولا حفظتم عائشة أمّ المؤمنين فى أخيها محمّد المذكور ومنعتمونا ان نخوض وندخل أنفسنا فى أمر عليّ والحسن والحسين ومعاوية الظّالم له ولهما المتغلّب على حقّه وحقوقهما ، وكيف صار لعن ظالم عثمان من السّنّة عندكم ولعن ظالم عليّ والحسن والحسين تكلّفا؟! وكيف أدخلت العامّة أنفسها فى أمر عائشة وبرئت ممّن نظر إليها ومن القائل لها : يا حميراء أو انّما هى حميراء ولعنته بكشفه سترها ومنعتنا نحن عن الحديث فى أمر فاطمة وما جرى لها بعد وفاة أبيها.

فان قلتم : انّ بيت فاطمة انّما دخل وسترها انّما كشف حفظا لنظام الاسلام وكيلا ينتشر الأمر ويخرج قوم من المسلمين أعناقهم من ربقة الطّاعة ولزوم الجماعة قيل لكم : وكذلك ستر عائشة انّما كشف وهودجها انّما هتك لأنّها نشرت حبل الطّاعة

٥١١

وشقّت عصا المسلمين وأراقت دماء المسلمين من قبل وصول عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ الى البصرة وجرى لها مع عثمان بن حنيف وحكم بن جبلة ومن كان معهما من المسلمين الصّالحين من القتل وسفك الدّماء ما ينطق به كتب التّواريخ والسّير فاذا جاز دخول بيت فاطمة لأمر لم يقع بعد جاز كشف ستر عائشة على ما قد وقع وتحقّق ، فكيف صار هتك ستر عائشة من الكبائر الّتي يجب معها التّخليد فى النّار والبراءة من فاعله ومن أوكد عرى الايمان وصار كشف بيت فاطمة والدّخول عليها منزلها وجمع حطب ببابها وتهدّدها بالتّحريق من أوكد عرى الدّين وأثبت دعائم الاسلام وممّا أعزّ الله به الدّين وأطفأ به نائرة الفتنة والحرمتان واحدة والسّتران واحد؟!

وما نحبّ ان نقول لكم : انّ حرمة فاطمة أعظم ومكانها أرفع وصيانتها لأجل رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أولى فانّها بضعة منه وجزء من لحمه ودمه وليست كالزّوجة الأجنبيّة الّتي لا نسب بينها وبين الزّوج وانّما هى وصلة مستعارة وعقد يجرى مجرى اجارة المنفعة وكما يملك رقّ الامة بالبيع والشّراء ولهذا قال الفرضيّون : أسباب التّوارث ثلاثة ؛ سبب ونسب وولاء ، والنّسب القرابة والسّبب النّكاح والولاء ولاء العتق ، فجعلوا النّكاح خارجا عن النّسب ولو كانت الزّوجة ذات نسب لجعلوا الأقسام الثّلاثة قسمين وكيف تكون عائشة أو غيرها في منزلة فاطمة وقد أجمع المسلمون كلّهم من يحبّها ومن لا يحبّها منهم انّها سيّدة نساء العالمين.

قال : وكيف يلزمنا اليوم حفظ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى زوجته وحفظ أمّ حبيبة فى أخيها ولم تلزم الصّحابة أنفسها حفظ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى أهل بيته ولا ألزمت الصّحابة أنفسها حفظ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى صهره وابن عمّه عثمان بن عفّان وقد قتلوهم ولعنوهم وقد كان كثير من الصّحابة يلعن عثمان وهو خليفة منهم عائشة كانت تقول : اقتلوا نعثلا لعن الله نعثلا ، ومنهم عبد الله بن مسعود ، وقد لعن معاوية عليّ بن أبى طالب وابنيه حسنا وحسينا وهم أحياء يرزقون بالعراق وهو يلعنهم بالشّام على المنابر ويقنت عليهم فى الصّلوات وقد لعن أبو بكر وعمر سعد بن

٥١٢

عبادة وهو حىّ وبرئا منه وأخرجاه من المدينة الى الشّام ، ولعن عمر خالد بن الوليد لمّا قتل مالك بن نويرة ، وما زال اللّعن فاشيا فى المسلمين اذا عرفوا من الانسان معصية تقتضى اللّعن والبراءة.

قال :

ولو كان هذا معتبرا وهو ان يحفظ زيد لأجل عمرو فلا يلعن لوجب ان تحفظ الصّحابة فى أولادهم فلا يلعنوا لأجل آبائهم فكان يجب ان يحفظ سعد بن أبى وقّاص فلا يلعن عمر بن سعد قاتل الحسين ، وان يحفظ معاوية فلا يلعن يزيد صاحب وقعة ـ الحرّة وقاتل الحسين ومخيف المسجد الحرام بمكّة ، وان يحفظ عمر بن الخطّاب فى عبيد الله ابنه قاتل الهرمزان والمحارب عليّا ـ عليه‌السلام ـ فى صفّين.

قال :

على أنّه لو كان الامساك عن عداوة من عادى الله من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ من حفظ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فى أصحابه ورعاية عهده وعقده لم نعادهم ولو ضربت رقابنا بالسّيوف ولكن محبّة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لأصحابه ليست كمحبّة الجهّال الّذين يضع أحدهم محبّته لصاحبه موضع العصبيّة وانّما أوجب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ محبّة أصحابه لطاعتهم لله فاذا عصوا الله وتركوا ما أوجب محبّتهم فليس عند رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ محاباة فى ترك لزوم ما كان عليه من محبّتهم ولا تغطرس فى العدول عن التّمسّك بموالاتهم فلقد كان ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يحبّ أن يعادى أعداء الله ولو كانوا عترته كما يحبّ ان يوالى أولياء الله ولو كانوا أبعد الخلق نسبا منه ، والشّاهد على ذلك اجماع الامّة على أنّ الله تعالى قد أوجب عداوة من ارتدّ بعد الاسلام وعداوة من نافق وان كان من أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وانّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قد أوجب قطع السّارق وضرب القاذف وجلد البكر اذا زنى وان كان من المهاجرين او الأنصار ألا ترى أنّه (ص) قال : لو سرقت فاطمة لقطعتها ؛ فهذه ابنته الجارية مجرى نفسه

٥١٣

لم يحابها فى دين الله ولا راقبها فى حدود الله وقد جلد أصحاب الإفك ومنهم مسطح بن اثاثة وكان من أهل بدر.

قال :

وبعد فلو كان محلّ أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ محلّ من لا يعادى اذا عصى الله سبحانه ولا يذكر بالقبيح بل يجب ان يراقب لأجل اسم الصّحبة ويغضى عن عيوبه وذنوبه لكان كذلك صاحب موسى المسطور ثناؤه فى القرآن لمّا اتّبع هواه فانسلخ ممّا اوتى من الآيات وغوى قال سبحانه : واتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشّيطان فكان من الغاوين ، ولكان ينبغى ان يكون محلّ عبدة العجل من أصحاب موسى هذا المحلّ لأنّ هؤلاء كلّهم قد صحبوا رسولا جليلا من رسل الله سبحانه.

قال :

ولو كانت الصّحابة عند أنفسها بهذه المنزلة لعلمت ذلك من حال أنفسهم لأنّهم أعرف بمحلّهم من عوامّ أهل دهرنا واذا قدّرت أفعال بعضهم ببعض دلّتك على أنّ القصّة كانت على خلاف ما قد سبق الى قلوب النّاس اليوم ، هذا عليّ وعمّار وأبو الهيثم ابن التّيهان وخزيمة بن ثابت وجميع من كان مع عليّ ـ عليه‌السلام ـ من المهاجرين والأنصار لم يروا ان يتغافلوا عن طلحة والزّبير حتّى فعلوا بهما وبمن معهما ما يفعل بالشّراة فى عصرنا ، وهذا طلحة والزّبير وعائشة ومن كان معهم وفى جانبهم لم يروا ان يمسكوا عن عليّ حتّى قصدوا كما يقصد للمتغلّبين فى زماننا ، وهذا معاوية وعمرو لم ير يا عليا ـ عليه‌السلام بالعين الّتي يرى بها العامّى صديقه أو جاره ولم يقصّرا دون ضرب وجهه بالسّيف ولعنه ولعن أولاده و [ قتل ] كلّ من كان حيّا من أهله وقتل ـ أصحابه وقد لعنهما هو أيضا فى الصّلاة المفروضات ولعن معهما أبا الاعور الاسلمىّ وأبا ـ موسى الاشعرىّ وكلاهما من الصّحابة ، وهذا سعد بن أبى وقّاص ومحمّد بن مسلمة وأسامة بن زيد وسعد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الله بن عمرو حسّان بن ثابت

٥١٤

وأنس بن مالك لم يروا ان يقلّدوا عليّا فى حرب طلحة ولا طلحة فى حرب عليّ ـ وطلحة والزّبير باجماع المسلمين أفضل من هؤلاء المعدودين لأنّهم زعموا أنّهم قد خافوا ان يكون عليّ قد غلط وزلّ فى حربهما ، وخافوا ان يكونا قد غلطا وزلاّ فى حرب عليّ ، وهذا عثمان قد نفى أبا ذرّ الى الرّبذة كما يفعل بأهل الخنا والرّيب ، وهذا عمّار وابن ـ مسعود تلقّيا عثمان بما تلقّيا به لمّا ظهر لهما بزعمهما منه ما وعظاه لأجله ، ثمّ فعل بهما عثمان ما تناهى إليكم ، ثمّ فعل القوم بعثمان ما قد علمتم وعلم النّاس كلّهم ، وهذا عمر يقول فى قصّة الزّبير بن العوامّ لمّا استأذنه فى الغزو : ها انّى ممسك بباب هذا الشّعب ان تتفرّق أصحاب محمّد فى النّاس فيضلّوهم ، وزعم أنّه وأبا بكر كانا يقولان : انّ عليّا والعبّاس فى قصّة الميراث زعماهما كاذبين ظالمين فاجرين وما رأينا عليّا والعبّاس اعتذرا ولا تنصّلا ولا نقل أحد من أصحاب الحديث ذلك ولا رأينا أصحاب ـ رسول الله أنكروا عليهما ما حكاه عمر عنهما ونسبه إليهما ، ولا أنكروا أيضا على عمر قوله فى أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّهم يريدون اضلال النّاس ويهمّون به ، ولا أنكروا على عثمان دوس بطن عمّار ولا كسر ضلع ابن مسعود ولا على عمّار وابن ـ مسعود ما تلقّيا به عثمان كانكار العامّة اليوم الخوض فى حديث الصّحابة ، ولا اعتقدت الصّحابة فى أنفسها ما يعتقده العامّة فيها اللهمّ الاّ ان يزعموا أنّهم أعرف بحقّ القوم منهم ، وهذا عليّ وفاطمة والعبّاس ما زالوا على كلمة واحدة يكذّبون الرّواية : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ويقولون : انّها مختلفة ، قالوا : وكيف كان النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يعرّف هذا الحكم غيرنا ويكتمه عنّا ونحن الورثة ونحن أولى النّاس بأن يؤدّى هذا الحكم إليه ، وهذا عمر بن الخطّاب يشهد لأهل الشّورى أنّهم النّفر الّذين توفّى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وهو عنهم راض ثمّ يأمر بضرب أعناقهم ان أخّروا فصل حال الامامة ؛ هذا بعد أن ثلبهم وقال فى حقّهم ما لو سمعه العامّة اليوم من قائل لوضعت ثوبه فى عنقه سحبا الى السّلطان ثمّ شهدت عليه بالرّفض واستحلّت دمه ، فان

٥١٥

كان الطّعن على بعض الصّحابة رفضا فعمر بن الخطّاب أرفض النّاس وامام الرّوافض كلّهم.

ثمّ ما شاع واشتهر من قول عمر : كانت بيعة أبى بكر فلتة وقى الله شرّها فمن عاد الى مثلها فاقتلوه ، وهذا طعن فى العقد وقدح فى البيعة الأصليّة ثمّ ما نقل عنه من ذكر أبى بكر فى صلاته وقوله عن عبد الرّحمن : ابنه دويبّة ولهو خير من أبيه. ثمّ عمر القائل فى سعد بن عبادة وهو رئيس الأنصار وسيّدها : اقتلوا سعدا قتل الله سعدا ؛ اقتلوه فانّه منافق. وقد شتم أبا هريرة وطعن فى روايته وشتم خالد بن الوليد وطعن فى دينه وحكم بفسقه وبوجوب قتله ، وخوّن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبى سفيان ونسبهما الى سرقة مال الفيء واقتطاعه وكان سريعا الى المساءة كثير الجبه والشّتم والسّبّ لكلّ أحد وقلّ أن يكون فى الصّحابة من سلم من معرّة لسانه أو يده ولذلك أبغضوه وملّوا أيّامه مع كثرة الفتوح فيها فهلاّ احترم عمر الصّحابة كما تحترمهم العامّة امّا ان يكون عمر مخطئا وامّا ان تكون العامّة على الخطأ ، فان قالوا : عمر ما شتم ولا ضرب ولا أساء الاّ الى عاص مستحقّ لذلك قيل لهم : فكأنّا نحن نقول : نّا نريد أن نبرأ ونعادى من لا يستحقّ البراءة والمعاداة ؛ كلاّ ما قلنا هذا ولا يقول هذا مسلم ولا عاقل وانّما غرضنا الّذي إليه نجرى بكلامنا هذا ان نوضح أنّ الصّحابة قوم من النّاس لهم ما للنّاس وعليهم ما عليهم ؛ من أساء منهم ذممناه ومن أحسن منهم حمدناه ، وليس لهم على غيرهم من المسلمين كبير فضل الاّ بمشاهدة الرّسول ومعاصرته لا غير ، بل ربّما كانت ذنوبهم أفحش من ذنوب غيرهم لأنّهم شاهدوا الاعلام والمعجزات فقربت اعتقاداتهم من الضّرورة ونحن لم نشاهد ذلك فكانت عقائدنا محض النّظر والفكر وبعرضيّة الشّبه والشّكوك فمعاصينا أخفّ لأنّا أعذر.

ثمّ نعود الى ما كنّا فيه فنقول :

وهذه عائشة أمّ المؤمنين خرجت بقميص رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فقالت للنّاس : هذا قميص رسول الله لم يبل وعثمان قد أبلى سنّته. ثمّ تقول : اقتلوا

٥١٦

نعثلا قتل الله ثمّ لم ترض بذلك حتّى قالت : أشهد أنّ عثمان جيفة على الصّراط غدا ، فمن النّاس من يقول : روت في ذلك خبرا ومن النّاس من يقول : هو موقوف عليها وبدون هذا لو قاله انسان اليوم يكون عند العامّة زنديقا ، ثمّ قد حصر عثمان حصرته أعيان الصّحابة فما كان أحد ينكر ذلك ولا يعظمه ولا يسعى فى ازالته وانّما أنكروا على المحاصرين له وهو رجل كما علمتم من وجوه أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ثمّ من أشرافهم ثمّ هو أقرب إليه من أبى بكر وعمر وهو مع ذلك امام المسلمين والمختار منهم للخلافة وللامام حقّ على رعيّته عظيم فان كان القوم قد أصابوا فاذا ليست الصّحابة فى الموضع الّذي وضعتها به العامّة وان كانوا ما أصابوا فهذا هو الّذي نقول من أن الخطأ جائز على آحاد الصّحابة كما يجوز على آحادنا اليوم ، ولسنا نقدح فى الاجماع ولا ندّعى اجماعا حقيقيّا على قتل عثمان وانّما نقول : انّ كثيرا من المسلمين فعلوا ذلك والخصم يسلّم أنّ ذلك كان خطأ ومعصية فقد سلّم أنّ الصّحابىّ يجوز ان يخطئ ويعصى وهو المطلوب.

وهذا المغيرة بن شعبة وهو من الصّحابة ادّعى عليه الزّنا وشهد عليه قوم بذلك فلم ينكر ذلك عمر ولا قال : هذا محال ولا باطل لأنّ هذا صحابىّ من صحابة رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لا يجوز عليه الزّنا وهلاّ أنكر عمر على الشّهود وقال لهم : ويحكم هلاّ تغافلتم عنه لمّا رأيتموه يفعل ذلك فانّ الله تعالى قد أوجب الامساك عن مساوى أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأوجب السّتر عليهم وهلاّ تركتموه لرسول الله فى قوله : دعوا لى أصحابى ، ما رأينا عمر الاّ قد انتصب لسماع الدّعوى واقامة الشّهادة وأقبل يقول للمغيرة : يا مغيرة ذهب ثلاثة أرباعك حتّى اضطرب الرّابع فجلد الثّلاثة ، وهلاّ قال المغيرة لعمر : كيف تسمع فىّ قول هؤلاء وليسوا من الصّحابة وأنا من الصّحابة ورسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قد قال : أصحابى كالنّجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم ؛ ما رأيناه قال ذلك بل استسلم لحكم الله تعالى.

وهاهنا من أمثل من المغيرة وأفضل قدامة بن مظعون لمّا شرب الخمر فى أيّام

٥١٧

عمر فأقام عليه الحدّ وهو رجل من علّيّة الصّحابة ومن أهل بدر المشهود لهم بالجنّة فلم يردّ عمر الشّهادة ولا درأ عنه الحدّ لعلّة أنّه بدرىّ ولا قال : قد نهى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عن ذكر مساوى الصّحابة وقد ضرب عمر أيضا ابنه حدّا فمات وكان ممّن عاصر رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ولم تمنعه معاصرته له من اقامة الحدّ عليه.

وهذا عليّ ـ عليه‌السلام ـ يقول ما حدّثني أحد بحديث عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ الاّ استخلفته عليه ، أليس هذا اتّهاما لهم بالكذب ؛ وما استثنى أحدا من المسلمين الاّ أبا بكر على ما ورد فى الخبر. وقد صرّح غير مرّة بتكذيب أبى هريرة وقال : لا أحد أكذب من هذا الدّوسىّ على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وقال أبو بكر فى مرضه الّذي مات فيه : وددت أنّى لم أكشف بيت فاطمة ولو كان أغلق على حرب ، فندم والنّدم لا يكون الاّ عن ذنب.

ثمّ ينبغى للعاقل أن يفكّر فى تأخّر عليّ ـ عليه‌السلام ـ عن بيعة أبى بكر ستّة أشهر الى ان ماتت فاطمة فان كان مصيبا فأبو بكر على الخطأ فى انتصابه فى الخلافة وان كان أبو بكر مصيبا فعلىّ على الخطأ فى تأخّره عن البيعة وحضور المسجد ، ثمّ قال أبو بكر فى مرض موته أيضا للصّحابة فلمّا استخلفت عليكم خيركم يعنى عمر فكلّكم ورم لذلك أنفه يريد أن يكون الأمر له لما رأيتم الدّنيا قد جاءت اما والله لتتّخذنّ ستائر الدّيباج ونضائد الحرير ؛ أليس هذا طعنا فى الصّحابة وتصريحا بأنّه قد نسبهم الى الحسد لعمر لمّا نصّ عليه بالعهد ولقد قال له طلحة لمّا ذكر عمر للأمر : ما ذا تقول لربّك اذا سألك عن عباده وقد ولّيت عليهم فظّا غليظا؟ فقال أبو بكر : أجلسونى بالله تخوّفنى؟! اذا سألنى قلت : ولّيت عليهم خير أهلك ثمّ شتمه بكلام كثير منقول ، فهل قول طلحة الاّ طعن فى عمر؟! وهل قول أبى بكر الاّ طعن فى طلحة؟!

ثمّ الّذي كان بين أبىّ بن كعب وعبد الله بن مسعود من السّباب حتّى نفى كلّ واحد منهما الآخر عن أبيه وكلمة أبىّ بن كعب مشهورة منقولة : ما زالت هذه الأمّة

٥١٨

مكبوبة على وجهها منذ فقدوا نبيّهم. وقوله : ألا هلك أهل العقدة والله ما آسى عليهم انّما آسى على من يضلّون من النّاس. ثمّ قول عبد الرّحمن بن عوف : ما كنت أرى أن أعيش حتّى يقول لى عثمان : يا منافق. وقوله : لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما ولّيت عثمان شسع نعلى. وقوله : اللهمّ انّ عثمان قد أبى ان يقيم كتابك فافعل به وافعل. وقال عثمان لعلىّ ـ عليه‌السلام ـ فى كلام دار بينهما : أبو بكر وعمر خير منك فقال عليّ : كذبت أنا خير منك ومنهما عبدت الله قبلهما وعبدته بعدهما. وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال : كنت عند عروة بن الزّبير فتذاكرنا : كم أقام النّبيّ (ص) بمكّة بعد الوحى؟ فقال عروة : أقام عشرا فقلت : كان ابن عبّاس يقول : ثلاث عشرة فقال : كذب ابن عبّاس. وقال ابن عبّاس : المتعة حلال فقال له جبير بن مطعم : كان عمر ينهى عنها فقال : يا عدوّ نفسه من هاهنا ضللتم ؛ أحدّثكم عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وتحدّثنى عن عمر ..! وجاء فى الخبر عن عليّ ـ عليه‌السلام ـ : لو لا ما فعل عمر بن الخطّاب فى المتعة ما زنى الاّ شقىّ وقيل : ما زنى الا شفى أى قليلا.

فأمّا سبّ بعضهم بعضا وقدح بعضهم فى بعض فى المسائل الفقهيّة فأكثر من ان يحصى مثل قول ابن عبّاس وهو يردّ على زيد مذهبه العول فى الفرائض : ان شاء أو قال : من شاء باهلته ؛ انّ الّذي أحصى رمل عالج عددا أعدل من ان يجعل فى مال نصفا ونصفا وثلثا ؛ هذان النّصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثّلث؟! ومثل قول أبىّ ابن كعب فى القرآن : لقد قرأت القرآن وزيد هذا غلام ذو ذؤابتين يلعب بين صبيان اليهود فى المكتب. وقال عليّ ـ عليه‌السلام ـ فى أمّهات الاولاد وهو على المنبر : ان رأيى ورأى عمر ان لا يبعن وأنا أرى الآن بيعهنّ فقام إليه عبيدة السّلمانىّ فقال : أيك فى الجماعة أحبّ إلينا من رأيك فى الفرقة.

وكان أبو بكر يرى التّسوية فى قسم الغنائم وخالفه عمر وأنكر فعله ، وأنكرت عائشة على أبى سلمة بن عبد الرّحمن خلافه على ابن عبّاس فى عدّة المتوفّى عنها زوجها وهى

٥١٩

حامل وقالت : فروح يصقع مع الدّيكة ، وأنكرت الصّحابة على ابن عبّاس قوله فى الصّرف وسفّهوا رأيه حتّى قيل : انّه تاب من ذلك عند موته ، واختلفوا فى حدّ شارب الخمر حتّى خطّأ بعضهم بعضا وروى بعض الصّحابة عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه قال : الشّؤم فى ثلاثة ؛ المرأة والدّار والفرس ؛ فأنكرت عائشة ذلك وكذّبت الرّاوى وقالت : انّما قال عليه‌السلام ذلك حكاية عن غيره. وروى بعض الصّحابة عنه ـ عليه‌السلام ـ أنّه قال : التّاجر فاجر ؛ فأنكرت عائشة ذلك وكذّبت الرّاوى وقالت : نّما قال عليه‌السلام ذلك فى تاجر دلّس. وأنكر قوم من الأنصار رواية أبى بكر : لائمّة من قريش ؛ ونسبوه الى افتعال هذه الكلمة وكان أبو بكر يقضى بالقضاء فينقضه عليه أصاغر الصّحابة كبلال وصهيب ونحوهما ؛ قد روى ذلك فى عدّة قضايا. وقيل لابن عبّاس : انّ عبد الله بن الزّبير يزعم أنّ موسى صاحب الخضر ليس موسى بنى ـ اسرائيل فقال : كذب عدوّ الله أخبرنى أبىّ بن كعب قال خطبنا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وذكر كلاما يدلّ على أنّ موسى صاحب الخضر هو موسى بنى اسرائيل ، وباع معاوية أوانى ذهب وفضّة بأكثر من وزنها فقال له أبو الدّرداء : سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ينهى عن ذلك فقال معاوية : أمّا أنا فلا أرى به بأسا فقال أبو الدّرداء : ن عذيرى من معاوية ؛ اخبره عن الرّسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وهو يخبرنى عن رأيه والله لا اساكنك بأرض أبدا. وطعن ابن عبّاس فى خبر أبى هريرة عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ اذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخلنّ يده فى الاناء حتّى يتوضّأ وقال : فما نصنع بالمهراس؟! وقال عليّ ـ عليه‌السلام ـ لعمر وقد أفتاه الصّحابة فى مسألة وأجمعوا عليها : ان كانوا راقبوك فقد غشّوك ، وان كان هذا جهد رأيهم فقد أخطئوا. وقال ابن عبّاس : ألا يتّقى الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أب الأب أبا؟! وقالت عائشة : أخبروا زيد بن أرقم أنّه قد أحبط جهاده مع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأنكرت الصّحابة على أبى موسى قوله : انّ النّوم لا ينقض الوضوء ، ونسبته الى الغفلة وقلّة التّحصيل. وكذلك أنكرت على أبى طلحة الأنصارىّ قوله : انّ

٥٢٠