الإيضاح

الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري

الإيضاح

المؤلف:

الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري


المحقق: السيد جلال الدين الحسيني الأرموي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة انتشارات و چاپ دانشگاه تهران
المطبعة: مؤسسة انتشارات و چاپ دانشگاه تهران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٢٣

وروى (١) هشام عن ابن جريج قال : أخبرنى أبو الزّبير قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : استمتعنا أصحاب النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ حتّى نهى عمر فى شأن عمرو بن حريث وقال جابر : اذا انقضى الأجل فبدا لهما أن يتعاودا فليمهرها مهرا آخر.

قال : وسأله بعضنا : كم تعتدّ؟

قال : حيضة واحدة كى تعتدّ بها المستمتع بهنّ.

وروى (٢) بشر بن المفضّل (٣) قال : حدّثنا داود بن أبى هند (٤) عن أبى نضرة (٥) قال :

__________________

نضرة قال : قرأت على ابن عباس : فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى فقلت : ما نقرؤها كذلك فقال ابن عباس : والله لا نزلها الله كذلك. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال فى قراءة أبى بن كعب : فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى. وأخرج ابن أبى داود فى المصاحف عن سعيد بن جبير قال : فى قراءة أبى بن كعب : فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى. وأخرج عبد الرزاق عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرؤها : فما استمتعتم به منهن الى أجل فآتوهن أجورهن وقال ابن عباس فى حرف ابى الى أجل مسمى. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد : فما استمتعتم به منهن قال : يعنى نكاح المتعة ».

(٦) ما بين المعقوفتين ليس فى ق فكأنه قد سقط من قلم الكاتب اشتباها.

__________________

(١) فى ح فقط.

(٢) فى النسخ : « ورواه » بخلاف المستدرك وفصل الخطاب ففيهما كالمتن.

(٣) قال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب ضمن ذكره الدليل الثامن على مدعاه ( ص ١٧٦ ).

« له ـ الشيخ فضل بن شاذان فى الايضاح عن بشر بن المفضل قال : حدثنا داود بن أبى هند عن أبى نضرة قال : سألت ابن عباس عن متعة النساء ( فذكر الحديث الى قوله : فانها كذلك فقال : ) له ـ وفيه عن وكيع قال : حدثنا عيسى القارى عن عمر بن

٤٤١

سألت ابن عبّاس عن متعة النّساء فقال : أو ما تقرأ (١) سورة النّساء قلت : بلى ، قال : وما تقرأ (٢) فيها : فما استمتعتم به منهنّ الى أجل مسمّى؟ ـ قال : لو (٣) قرأتها هكذا لم أسألك عنها قال : فانّها كذلك.

وروى (٤) وكيع قال : حدّثنا عيسى (٥) القارى عن عمر بن مرّة عن سعيد بن جبير أنّه قرأ : فما استمتعتم به منهنّ الى أجل مسمّى.

وروى (٦) أبو ثور (٧) وهشام بن يوسف (٨) عن معمر (٩) عن الأعمش (١٠) قال : ما يختلف

__________________

مرة عن سعيد بن جبير أنه قرأ : فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى ».

أما بشر المذكور فقال الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال : « بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشى بالقاف مولاهم أبو اسماعيل البصرى العابد أحد الحفاظ الاعلام عن يحيى بن سعيد وحميد وسهيل وداود بن أبى هند وخلق ».

(٤) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « داود بن أبى هند القشيرى مولاهم أبو بكر أو أبو محمد البصرى ثقة متقن ( الى آخر ما قال ) ».

(٥) قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « أبو نضرة العبدى اسمه المنذر بن مالك بن قطعة العوفى البصرى » وصرح الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال بأنه يروى عن ابن عباس.

__________________

(١) فى المستدرك : « أما قرأت ».

(٢) كأنها قد كانت : « أو ما تقرأ ».

(٣) كذا فى المستدرك لكن فى النسخ وفى فصل الخطاب : « لو لا » وما فى المستدرك أنسب للمقام.

(٤) فى ح فقط.

(٥) سقطت عن القلم فى المستدرك.

(٦) فى ح فقط.

٤٤٢

اثنان (١) عن عليّ ـ صلوات الله عليه ـ أنّه قال : لو لا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى فتيانكم هؤلاء.

وروى (٢) بشر بن المفضّل عن أبى قلابة قال : قال عمر : متعتان كانتا على عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنا (٣) أنهى عنهما ؛ وأعاقب عليهما ؛ متعة النّساء ومتعة الحجّ.

[ وروى (٤) بشر بن المفضّل قال : حدّثنا داود بن أبى هند عن سعيد بن المسيّب أنّ عمر نهى عن متعة النّساء ومتعة الحجّ (٥) ].

وروى (٦) عبد الوهّاب عن أيّوب عن أبى قلابة أنّ عمر قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنا أنهى عنهما وأضرب فيهما.

__________________

٧ ـ صرح ابن حجر بأن « أبا ثور » كنية رجلين أحدهما حبيب بن مليكة والاخر ابراهيم ابن خالد.

٨ ـ فى المستدرك : « هشام بن أبى يوسف » فكلمة « أبى » زيدت اشتباها.

٩ ـ معمر بفتح الاول وسكون الثانى وعلى ما ببالى قد أشرت الى ترجمته فيما سبق.

١٠ ـ الاعمش لقب سليمان بن مهران الاسدى الشيعى المعروف بالوثاقة والجلالة عند الفريقين.

__________________

(١) « اثنان » قد سقطت من قلم النورى (ره) فى المستدرك.

(٢) فى ح فقط.

(٣) كلمة « أنا » فى ق ج فقط.

(٤) فى ح فقط.

(٥) هذا الحديث الواقع بين المعقوفتين لم يذكر فى المستدرك فسقط عن قلم مؤلفه الشريف اشتباها لوجوده فى جميع النسخ الست ( أعنى ج ح س ق مج مث ).

(٦) فى ح فقط.

٤٤٣

وروى (١) يزيد (٢) بن هارون عن يحيى بن سعيد [ عن نافع (٣) ] عن ابن عمر قال : قال عمر : لو تقدّمت فى متعة النّساء لرجمت فيها (٤).

فهذه رواياتكم (٥) عن علمائكم فى المتعة انّها كانت حلالا على عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وعهد أبى بكر وصدر من إمارة عمر ثمّ نهى عنها عمر برواياتكم (٦).

__________________

(١) فى ح فقط.

(٢) كتب المحدث النورى (ره) فى المستدرك فوق كلمة « يزيد » : « خ ل : بريد » يريد به أن فى نسخة بدل « يزيد » ( بالياء والزاى حتى يكون علما منقولا من يزيد مضارع زاد ) : « بريد » ( بضم الباء وفتح الراء وسكون الياء ) أقول : لا يعبؤ بهذه النسخة لتصريح علماء الرجال بأن يزيد ممن ينقل عن يحيى بن سعيد ولا يرى فيمن نقل عنه رجل آخر يكون اسمه « بريد » حتى يصح تعدد الراويين ويحتمل صحة هذه النسخة أيضا قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب فى حرف الياء المثناة ( ج ١١ ، ص ٣٦٦ ) : « يزيد بن هارون بن وادى ويقال : زاذان بن ثابت السلمى مولاهم ابو خالد الواسطى أحد الاعلام الحفاظ المشاهير قيل : أصله من بخارا روى عن سليمان التيمى وحميد الطويل وعاصم الاحول واسماعيل بن أبى خالد وأبى مالك الاشجعى ويحيى بن سعيد الانصارى ( الى آخر ما قال ) » مضافا الى أنه ليس فى رواة العامة من يكون اسمه بريد مع كونه ابن هارون فتعين كون الكلمة « يزيد » بالياء والزاى.

(٣) كلمتا « عن نافع » لم تذكرا فى المستدرك مع كونهما فى جميع النسخ.

(٤) نقله السيوطى فى الدر المنثور فى ذيل آية المتعة ( ج ٢ ؛ ص ١٤١ ) هكذا : « وأخرج مالك وعبد الرحمن عن عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت : ان ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة فحملت منه فخرج عمر بن الخطاب يجر رداءه فزعا فقال : هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت ».

(٥) كذا فى المستدرك لكن فى جميع النسخ الست ( ج ح س ق مج مث ) : « روايتكم ».

(٦) كذا فى المستدرك لكن فى النسخ الموجودة عندى : « بروايتكم ».

٤٤٤

ثمّ أنتم تروون بعد هذا أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ نهى عنها يوم خيبر وتروون أنّه أمر الصّحابة بها يوم الفتح ثمّ نهاهم عنها والفتح كان بعد خيبر فهذا تناقض (١) رواياتكم (٢) واختلافها.

ثمّ تروون أنّ ابن عبّاس نهى عنها وأنّ عليّا ـ صلوات الله عليه ـ قال لابن ـ عبّاس : انّك امرؤ تائه (٣) وابن عبّاس قد كان يفتى بها بعد عليّ ـ صلوات الله عليه ـ وأصحاب ابن عبّاس عطاء وسعيد بن جبير وطاوس وقول عليّ ـ عليه‌السلام ـ : لو لا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى فتيانكم (٤) واقرار عمر على نفسه فى (٥) قوله : متعتان

__________________

(١) فى المستدرك : « يناقض » وكذا فى بعض النسخ.

(٢) فى النسخ والمستدرك : « روايتكم ».

(٣) فى المستدرك : « أمرته » وكتب المحدث النورى (ره) تحت الكلمة : « كذا » أقول : هو مصحف والصحيح ما فى المتن بدليل كون العبارة كما فى المتن فى النسخ مضافا الى كون العبارة منقولة هكذا فى سائر الكتب ؛ قال السيوطى فى الدر المنثور فى تفسير قوله تعالى : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ ) ؛ الآية ( ج ٢ ؛ ص ١٤١ ) : « وأخرج النحاس عن على بن أبى طالب أنه قال لابن عباس : انك رجل تائه ؛ ان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن المتعة » وقال الحافظ نور الدين على بن أبى بكر الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب نكاح المتعة ( ج ٤ ؛ ص ٢٦٥ ) : « وعن محمد بن الحنفية قال : تكلم على وابن عباس فى متعة النساء فقال له على : انك امرؤ تائه ان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن متعة النساء فى حجة الوداع. قلت : فى الصحيح النهى عنها يوم خيبر رواه الطبرانى فى الاوسط ورجاله رجال الصحيح » والى هذا يشير ابن الاثير فى النهاية : « فيه : انك امرؤ تائه أى متكبر أو ضال متحير ومنه الحديث : فتاهت به سفينته وقد تاه يتيه تيها اذا تحير وضل واذا تكبر وقد تكرر فى الحديث ».

(٤) مث س مج والمستدرك : « فتياتكم » وهو تصحيف قطعا.

(٥) هذه الكلمة أعنى « فى » فى ح فقط ؛ ولا بد منها أو من حرف الباء أعنى كون الكلمة « بقوله » حتى يستقيم المعنى.

٤٤٥

كانتا على عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنا (١) أنهى عنهما وأعاقب عليهما فلو كان النّبيّ (ص) نهى عنهما لقال : متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) ثمّ نهى عنهما فأنا أنهى عمّا نهى عنه رسول الله (ص). وحديث جابر بن عبد الله : كنّا نستمتع على عهد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأبى بكر حتّى نهى عنها عمر بن الخطّاب ، فلئن زعمتم أنّ عمر بن الخطّاب نهى عمّا أمر الله به فى كتابه وأمر رسول الله به النّاس لقد (٢) نسبتم عمر الى الخلاف على الله وعلى رسوله بروايتكم هذه ، ولئن كان عمر نهى عمّا نهى عنه رسول الله (ص) لآية نسخت آية المتعة ثمّ لم يعرف ذلك عليّ ـ صلوات الله عليه ـ وابن عبّاس وجابر بن عبد الله الأنصارىّ وابن مسعود والتّابعون مثل عطاء وسعيد بن جبير وطاوس (٣) وعرفتموه أنتم بعد مائتي سنة ؛ انّ هذا لهو العجب.

وان زعمتم أنّكم قد رويتموه عن هؤلاء الرّاوين (٤) [ جميعا فى التّحليل والتّحريم (٥) ] فانّما يكون التّحليل والتّحريم على لسان النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ليس لأحد

__________________

(١) فى المستدرك : « ثم أنا ».

(٢) ح : « فقد » أقول : هذا الاختلاف ناش عما ذكره النحاة ؛ قال ابن مالك :

« واحذف لدى اجتماع شرط وقسم

جواب ما أخرت فهو ملتزم »

« وان تواليا وقبل ذو خبر

فالشرط رجح مطلقا بلا حذر »

« وربما رجح بعد قسم

شرط بلا ذى خبر مقدم »

(٣) مج س ق « طاوس » ( بواوين ) وهو أيضا نظرا الى ما ذكره علماء الادب واللغة فى ضبط الكلمة اذا كان اسما للطائر المعروف أو علما للاشخاص وليطلب الفرق عن موضعه وجرينا هنا فى ضبطها على ما هو المشهور بينهم من كتابتها بواو واحدة.

(٤) ضبط المحدث النورى (ره) هذه الكلمة « الراويين » ( بياءين ) وكتب تحتها « هكذا » ولم أعرف وجهه.

(٥) ما بين المعقوفتين ليس فى المستدرك.

٤٤٦

من النّاس أن يحلّ ولا يحرّم (١) بعد النّبيّ (ص) فكيف جاز لهؤلاء ان يحلّلوا بعد النّبيّ (ص) ما حرّم (٢) النّبيّ فى حياته (٣)؟!

فان قلتم : انّهم قد (٤) سمعوا من النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ التّحليل ولم يسمعوا التّحريم ؛ (٥) فكيف يكون ذلك وأنتم تروون عنهم أنّهم حلّلوا (٦) ذلك بعد النّبيّ (ص) وتروون عنهم أنّهم حرّموا ذلك بعد النّبيّ (ص) فهذا (٧) تخليط فى الدّين (٨) ينكره (٩) أولو الألباب (١٠).

ذكر متعة الحجّ (١١)

وأخبرونا عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه كان حرّم متعة النّساء ونهى

__________________

(١) ح : « ولا ان يحرم ».

(٢) كذا فى ح لكن فى غيرها من النسخ وفى المستدرك : « حرمه ».

(٣) هاتان الكلمتان سقطتا من قلم المحدث النورى (ره) فى المستدرك.

(٤) فى ح فقط.

(٥) كأنه قد سقط من هنا كلمة « قلنا » الا أن المعنى مفهوم.

(٦) فى المستدرك : « حرموا ».

(٧) فى المستدرك : « فهذه ».

(٨) كذا فى ح لكن فى غيرها وفى المستدرك : « تخليط الدين ».

(٩) كذا فى المستدرك لكن فى النسخ : « لا ينكره » وعلى ما فى النسخ أيضا يصح المعنى بأن يكون المراد لا ينكر أولو الالباب كون ذلك الامر تخليطا فى الدين.

(١٠) هذا آخر الباب الّذي قلنا فى صدره : ان المحدث النورى (ره) نقل هذا الباب بتمامه اى من قوله « ثم ما تعيبون الشيعة » ( انظر ص ٤٣٣ ) الى هنا أعنى « ينكره أولو ـ الالباب » فى المستدرك فى كتاب النكاح فى باب نوادر ما يتعلق بأبواب المتعة ( ج ٤٢ ص ٥٩٤ ـ ٥٩٣ ).

٤٤٧

عنها فهل تروون عنه أنّه نهى عن متعة الحجّ [ وما معنى نهى عمر عن متعة الحجّ (١) ] وقد قال الله تعالى : ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٢) وتروون عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه حجّ حجّة الوداع وأفرد الحجّ وساق الهدى فلمّا دخل مكّة وطاف بالبيت وخرج الى الصّفا فصعد عليه أتاه جبرئيل وهو على الصّفا قائم فقال له : مر أصحابك : من لم يسق منهم الهدى أن يحلّ ويجعلها متعة ؛ فقال رسول الله (ص) لأصحابه : هذا جبرئيل يخبرنى (٣) أن آمركم : من لم يسق الهدى فليحلّ وليجعلها متعة ؛ فأحلّ كلّ من لم يسق الهدى فقال (٤) رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : لو أنّى استقبلت من أمرى ما استدبرت لفعلت مثل ما فعلتم ولكن قد سقت [ الهدى (٥) ] ولا يجوز لى ان احلّ حتّى يبلغ الهدى محلّه ، فقام إليه رجل فقال له : يا رسول الله ألعامنا هذا او للابد؟ ـ فقال : للأبد (٦) ثمّ شبّك بين أصابعه ثمّ قال : دخلت العمرة فى الحجّ هكذا الى يوم القيامة.

__________________

١١ ـ فليعلم أن المصنف ـ رضوان الله عليه ـ قد ذكر متعة الحج بعد متعة النساء جريا على أن المتعتين قد ذكرتا كذلك فى الكتب التى ورد البحث عنها فيها كما أن النهى عنهما من عمر أيضا قد كان كذلك فى قوله المعروف المشهور المسلم بين الفريقين : « متعتان كانتا ؛ الى آخره » وحيث طال بنا الكلام فى الباب السابق بحيث أفضى الى طول كاد أن يوجب الملال فلا نخوض فى باب متعة الحج فى شرح ولا بيان لما فى المتن بل نكتفى بذكر المتن فمن أراد ان يطلع على ما هو المهم فى الباب فليراجع كتاب تشييد المطاعن وكشف الضغائن ( ج ٢ ؛ ص ١٢٦٠ ـ ١٥٠٦ ) فان فيه كفاية للمكتفى.

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس فى ح.

(٢) من آية ١٩٦ سورة البقرة.

(٣) مج ق ج : « يأمرنى ».

(٤) مج مث ج ق : « وقال ».

(٥) ليس فى ح.

(٦) قال ابن الاثير فى النهاية : « وفى حديث الحج قال له سراقة بن مالك : أرأيت متعتنا هذه ألعامنا أم للابد؟ ـ فقال : بل هى للابد ، وفى رواية : ألعامنا هذا أم لا بد؟ ـ فقال : بل لا بد أبد ، وفى أخرى : لا بد الابد ؛ والابد الدهر أى هى لآخر الدهر ».

٤٤٨

فهذه الرّواية لا تنكرونها قد روتها الفقهاء والعلماء ؛ فلئن صحّحتم الرّواية وصحّحتم على عمر أنّه نهى عمّا أمر به رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لقد رميتموه بالعظيم ، وان أنتم لم تصحّحوا الرّواية عن النّبيّ (ص) أنّه أمر بمتعة الحجّ لقد رميتم (١) فقهاءكم وعلماءكم (٢) بالكذب على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بروايتكم (٣).

... الى الشّام (٤) فقتل من قتل ثمّ توجّه الى الخوارج فقتلهم ؛ فان كان تعمّد قتل هؤلاء بلا عهد من رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لقد أوجبتم له النّار وغضب الله عليه ولعنه ، فهذه وقيعتكم فى أصحاب محمد (ص).

هذا ؛ وقد روى قبيصة بن عقبة (٥) أبو عامر وهو من فرسان أصحابكم قال : حدّثنا حمّاد بن سلمة عن ثابت عن الحسن أنّ (٦) قيس بن عبادة (٧) وحارثة بن قدامة أتيا عليّا

__________________

(١) ح : « لقد رويتم ».

(٢) غير ح : « علماءكم وفقهاءكم ».

(٣) فليعلم أن بعد هذه الكلمة فى نسخ ج ح س ق مج مث هذه العبارة : « ورويتم أن النبي (ص) قال لاصحابه : « لترجعن بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض » الى آخر ما نقلناه سابقا على ترتيب نسخة م وأشرنا هناك أيضا الى ذلك ( راجع ص ٢٣٥ ).

(٤) قد سقط من هنا شطر من الكتاب ولا يعرف مقداره الا أن فى جميع النسخ بياضا بمقادير مختلفة وأول الموجود من القسمة الثانية فيها : « الى الشام » وآخر الموجود من القسمة الاولى : « توجه » وما بينهما سقط فلذا وضعنا نقاطا فى المتن حتى يكون علامة للساقط والضائع من مطلب الكتاب.

(٥) فى النسخ : « قبيصة عن علقمة » قال ابن حجر فى التقريب : « قبيصة ( بفتح أوله وكسر الموحدة ) بن عقبة بن محمد بن سفيان السوائى ( بضم المهملة وتخفيف الواو ) أبو عامر الكوفى صدوق ربما خالف من التاسعة مات سنة خمس عشرة على الصحيح / ع » ( أى أخرج حديثه مؤلفوا الاصول الستة ) وصرح فى تهذيب التهذيب فى ترجمته بأنه روى عن حماد بن سلمة وفى ترجمة حماد بأنه روى عن ثابت البنانى.

(٦) كذا فى ح لكن فى غيرها : « عن ».

(٧) كذا فى النسخ والظاهر أن الصحيح : « قيس بن عباد » قال فى التقريب

٤٤٩

ـ عليه‌السلام ـ فقالا : هذا الّذي تدعو إليه أشيء (١) عهده أليك رسول الله (ص) أو رأى رأيته؟ ـ فقال : ما لكما ولهذا ؛ أعرضا عن هذا ، قالا : لا نعرض حتّى تخبرنا ، قال : ما عهد إليّ رسول الله (ص) شيئا اخبر النّاس به الاّ كتابا (٢) فى قراب سيفى ثمّ سلّه (٣).

وروى (٤) شبابة بن سوّار المدائنيّ (٥) من أعدى النّاس لعلىّ قال : حدّثنا أبو بكر الهذلىّ عن الحسن قال : لمّا قدم عليّ البصرة قام إليه ابن الكوّاء وقيس بن عبادة فقالا : ألا تحدّثنا عن مسيرك هذا الّذي سرت إليه (٦) تستولى فيه الامر وتضرب النّاس بعضهم ببعض أعهد من رسول الله (ص) عهده أليك؟ ـ فحدّثنا فأنت الموثوق به (٧) المأمون على ما سمعت أو رأى رأيته حين تفرّقت الامم واختلفت الأهواء؟ ـ فقال : أمّا أن يكون عهد من رسول الله (ص) إليّ ؛ فلا ( فى حديث طويل ) يخبره فيه أنّ رسول الله ـ (ص) لم يعهد إليه فى قتال من قاتل ؛ والحديثان جميعا يسند ان الى الحسن البصرىّ حديث قبيصة وحديث شبابة وقد اختلفا (٨) فى الحديثين عن عليّ واختلفا فى

__________________

« قيس بن عباد بضم المهملة وتخفيف الموحدة الضبعى بضم المعجمة وفتح الموحدة أبو ـ عبد الله البصرى ثقة ( الى آخره ) » وصرح فى تهذيب التهذيب بأنه روى عن عمر وعن على وروى عنه الحسن فراجع مظان تحقيقه وأسهل منه أن تجد الحديث بهذا السند فى كتاب معتبر من الاخبار والسير.

__________________

(١) ح : « هذا الّذي تدعو إليه عهد ».

(٢) فى الاصل : « كتاب ».

(٣) هذه الكلمة فى ح فقط.

(٤) فى ح فقط وفى غيرها : « ثم روى ».

(٥) ح : « المدينى » ففى التقريب : « شبابة بن سوار المدائنيّ اصله من خراسان يقال : كان اسمه مروان مولى بنى فزارة ( الى آخر ما قال ) ».

(٦) غير ح : « له ».

(٧) غير ح : « الموثق به ».

(٨) ح : « وقد اختلفوا ».

٤٥٠

الرّجلين اللّذين سألاه فهذا ما يستدلّ به على كذبكم وتخليطكم.

وروى محمّد بن أبى الفضل عن سالم بن أبى حفصة عن مازن العائدىّ (١) قال سمعت عليّا صلوات الله عليه يقول : ما وجدت الاّ السّيف او الكفر بما أنزل على محمّد ـ (ص) ـ وروى محمّد بن الفضل وأبو زهير عبد الرّحمن بن المغراء (٢) قالا : حدّثنا الأجلح عن قيس بن مسلم وأبى كلثوم عن ربعى بن حراش قال : سمعت عليّا صلوات الله عليه بالمدائن يقول : جاء سهيل بن عمرو الى رسول الله : ـ (ص) ـ فقال : يا محمّد انّ رجالا من أبنائنا وأقربائنا خرجوا معك ليس بهم الدّين فارجعهم إلينا (٣) فقال ابو بكر : صدق يا رسول الله ، فقال رسول الله ـ (ص) : لن تنتهوا يا معاشر قريش حتّى يبعث الله عليكم رجلا قد امتحن الله قلبه للايمان يضرب رقابكم على الدّين وانتم تجفلون عنه اجفال النّعم فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله؟ ـ فقال (ص) : لا ، فقال عمر : أنا هو يا رسول الله؟ ـ فقال : لا ولكنّه خاصف النّعل (٤) وفى يدى نعل أخصفها

__________________

(١) كذا فى النسخ.

(٢) ح : « المعراب ».

(٣) غير ح : « علينا ».

(٤) فليعلم أن هذا الحديث معروف بهذا العنوان اى بعنوان خاصف النعل ومذكور فى كتب كثيرة فمن أراد مواضعه فلينظر غاية المرام وبحار الانوار وغيرهما قال المحدث القمى فى سفينة البحار فى خصف « حديث خاصف النعل وقد رواه جماعة من الشيعة والسنة فمن الروايات فى ذلك أن النبي (ص) قال يوم الحديبية لسهل بن عمرو وقد سأله رد جماعة : يا معشر قريش لتنتهن او ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين وقد امتحن الله قلبه بالايمان فقال بعض من حضر : يا رسول الله أبو بكر ذلك الرجل؟ ـ قال : لا ، قال : فعمر؟ ـ قال : لا ، ولكنه خاصف النعل وكان قد أعطى عليا نعله يخصفها. وفى رواية أخرى عن أبى سعيد الخدرى قال : قال النبي (ص) : ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله؟ ـ قال : لا ، قال عمر : أنا هو يا رسول الله؟ ـ قال : لا ، ولكنه خاصف النعل فابتدرنا ننظر فاذا هو على يخصف نعل رسول الله (ص) الى غير ذلك ح م ٤٥٦ وح لز ٤٤١ وو ن ٥٦٠ شا ٥٦٣ وط سه ٣١٩ ».

٤٥١

لرسول الله ـ (ص) ـ.

وروى اسحاق بن اسماعيل عن عمرو بن أبى قيس عن ميسرة النّهدىّ عن المنهال بن عمرو الأسدىّ قال : أخبرنى رجل من بنى تميم قال : نزلنا مع عليّ صلوات الله عليه ـ ذاقار ونحن نرى أنّا سنختطف من يومنا ، فقال : والله لتظهرنّ على هذه القرية ولتقتلنّ هذين الرّجلين يعنى طلحة والزّبير ولتستبيحنّ عسكرهما فقال التّميمىّ : فأتيت ابن عبّاس فقلت : أما ترى ابن عمّك ما يقول ...؟! والله ما نرى أن نبرح حتّى نختطف من يومنا : فقال ابن عبّاس : لا تعجل حتّى ننظر ما يكون فلمّا كان من أمر البصرة ما كان أتيته فقلت : لا أرى ابن عمّك الاّ قد صدق فقال : ويحك انّا كنّا نتحدّث أصحاب محمّد أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عهد إليه ثمانين عهدا ولعلّ هذا ممّا عهد إليه فهذا [ هو ] الدّليل على أنّه لم يقتل من قتل ولم يجرّد السّيف فى المسلمين الاّ بعهد عهده إليه رسول الله ـ (ص) ـ الاّ أنّكم أردتم أن تلزموه الخطأ فى الأمر العظيم وتصرفون ذلك عن غيره تعدّيا وظلما وجرأة على الله فبعدا للقوم الظّالمين.

وروى إسحاق بن إسماعيل ، عن هيثم بن بشير (١) عن اسماعيل بن سالم عن أبى ـ ادريس عن عليّ بن أبى طالب ـ صلوات الله عليه ـ أنّه قال : فيما عهد إليّ النبىّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ انّ الأمة ستغدر بك بعدى. وروى (٢) عن حمّاد الابحّ (٣) عن ابن ـ عوف (٤) عن ابن سيرين عن عبيدة (٥) السّلمانى قال : لمّا قتل عليّ ـ صلوات الله عليه ـ

__________________

(١) فى النسخ : « وهشيم بن بشير ».

(٢) ج س مج مث ق : « ورواه ».

(٣) فى باب اللقب من تقريب التهذيب : « الابح حماد بن يحيى » وفى ترجمته تحت عنوان اسمه « حماد بن يحيى الابح بالموحدة المفتوحة بعدها مهملة أبو بكر السلمى البصرى ( الترجمة ) ».

(٤) ج ق مج : « عن ابن عون ».

(٥) فى النسخ « أبو عبيدة » او « ابن عبيدة » ؛ قال الخزرجى فى خلاصة تذهيب ـ

٤٥٢

أهل النّهروان قال : انظروا هل تجدون رجلا مخدج اليد (١) فطلبوه فلم يقدروا عليه ، ففتّشوه فوجدوه فى القتلى فى حفرة فأخرجوه فاذا عضده كأنّها ثدى امرأة فقال عليّ (ع) : صدق الله ورسوله لو لا أن تبطروا (٢) لأخبرتكم بما وعد الله من يقتل هؤلاء

__________________

الكمال : « عبيدة بن عمرو السلمانى باسكان اللام قبيلة من مراد مات النبي (ص) وهو فى الطريق عن على وابن مسعود وعنه الشعبى والنخعى وابن سيرين ( الترجمة ) ».

__________________

(١) فى النسخ : « مجذع اليد ، او معذن ، او موذن ، او معدن ، او مودن » ؛ قال ابن الاثير فى النهاية ( فى خ د ج ) : « وخديج فعيل بمعنى مفعل اى مخدج ومنه حديث سعد : أنه أتى النبي (ص) بمخدج سقيم اى ناقص الخلق ومنه حديث ذى الثدية انه مخدج اليد » وقال ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة ضمن نقله قتل ذى الثدية ( ج ١ طبعة مصر ص ٢٠٥ ) :

« وروى جميع أهل السير كافة أن عليا ـ عليه‌السلام ـ لما طحن القوم طلب ذا الثدية طلبا شديدا وقلب القتلى ظهرا لبطن فلم يقدر عليه فساءه ذلك وجعل يقول : والله ما كذبت ولا كذبت اطلبوا الرجل وانه لفى القوم ، فلم يزل يتطلبه حتى وجده وهو رجل مخدج اليد كأنها ثدى فى صدره ».

(٢) قال ابن أبى الحديد فى شرح نهج البلاغة ضمن ذكره أخبار الخوارج ؛ ضمن شرحه ما نقله السيد من خطبة لامير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ فى تخويف أهل نهروان ( ج ١ من طبعة مصر سنة ١٣٢٩ ؛ ص ٢٠٢ ) :

« وفى كتاب صفين للواقدى عن على ـ عليه‌السلام ـ : لو لا ان تبطروا فتدعوا العمل لحدثتكم بما سبق على لسان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لمن قتل هؤلاء » ونقله المجلسى (ره) فى ثامن البحار فى باب اخبار النبي (ص) بقتل الخوارج ص ٥٩٩ ) وأيضا فى الباب نقلا عن الشرح نقلا عن الغارات للثقفى بسنده عن زر بن حبيش قال : سمعت عليا (ع) يقول : أنا فقأت عين الفتنة ولو لا أنا ما قوتل أصحاب أهل النهروان ولا أصحاب الجمل ولو لا أنى

٤٥٣

على لسان نبيّه ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فقال له أبو عبيدة السّلمانىّ : أنت سمعت هذا من رسول الله (ص)؟ ـ قال : اى وربّ الكعبة.

وروى يحيى بن يعلى الحاشرىّ (١) عن يونس بن خبّاب (٢) عن أنس بن مالك قال : خرجت أنا وعليّ بن أبى طالب مع النّبيّ ـ (ص) ـ فى حيطان المدينة فمررنا بحديقة فقال عليّ : ما أحسن هذه الحديقة يا رسول الله! فقال : حديقتك فى الجنّة أحسن منها ؛ حتّى عدّ سبع حدائق ، ثمّ وضع رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ رأسه هاهنا من عليّ ـ صلوات الله عليه ـ وأومى بيده الى منكبيه ثمّ بكى رسول الله ـ (ص) فقال عليّ : ما يبكيك يا رسول الله؟ ـ فقال : ضغائن (٣) فى صدور أقوام (٤) لن يبدوها حتّى يفقدونى أو يفارقونى (٥).

__________________

أخشى أن تتكلموا فتدعوا العمل لاخبرتكم بالذى قضى الله على لسان نبيكم لمن قاتلهم مبصرا بضلالهم عارفا للهدى الّذي نحن عليه » وأيضا فى الباب ( ص ٦٠٦ ) نقلا عن الغارات : « وأيم الله لو لا أن تتكلموا وتدعوا العمل لحدثتكم بما قضى الله على لسان نبيكم لمن قاتلهم مبصرا لضلالتهم عارفا للهدى الّذي نحن عليه » الى غير ذلك مما فى مضمونه.

__________________

(١) ج س ق مج مث : « ورواه عن يحيى بن يعلى الحارى » والمظنون بالظن المتاخم للعلم أنه يحيى بن يعلى الاسلمى القطوانى أبو زكريا الكوفى وهو ممن روى عن يونس بن خباب كما صرح به العسقلانى فى تهذيب التهذيب فراجع ان شئت.

(٢) فى تقريب التهذيب : « يونس بن خباب بمعجمتين وموحدتين الاسدى مولاهم الكوفى ( الترجمة ) » وفى تهذيب التهذيب فى ترجمته : « ويروى عنه يحيى بن يعلى الاسلمى ».

(٣) فى النسخ : « لضغائن ».

(٤) ح : « قوم ».

(٥) فليعلم أن هذا الحديث معروف ومشهور جدا ونقله علماء الفريقين فى كتبهم قال

٤٥٤

وروى عبد الرّزّاق عن أبيه عن مينا (١) مولى عبد الرّحمن بن عوف قال : سمع عليّ بن أبى طالب صلوات الله عليه ـ ضوضاة (٢) فى عسكره فقال : ما هذا؟ ـ فقيل :

__________________

العلامة الحلى فى نهج الحق وكشف الصدق بعد نقله من كتاب المناقب لابى بكر أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ من الجمهور باسناده الى ابن عباس ( انظر احقاق الحق ص ٢٧٩ ) « فاذا كان علماؤهم قد رووا مثل هذه الرواية لم يخل اما أن يصدقوا فيجب العدول عنهم واما ان يكذبوا فلا يجوز التعويل على شيء من رواياتهم البتة » واشار المحدث القمى الى موارد نقله فى سفينة البحار فى لفظ ح د ق بهذه العبارة : « خبر الحدائق السبع التى رآها أمير المؤمنين (ع) فى المدينة وقال فى كل منها : ما أحسنها من حديقة وقال له النبي (ص) : ولك فى الجنة أحسن منها ثم اعتنقه النبي (ص) ثم أجهش باكيا وقال : بأبى الوحيد الشهيد فعن أمير المؤمنين (ع) قال : قلت : يا رسول الله ما يبكيك؟ ـ فقال : ضغائن فى صدور أقوام لا يبدونها لك الا من بعدى أحقاد بدر وترات أحد ، قلت : فى سلامة من دينى؟ ـ قال : فى سلامة من دينك ح ب ١٢ الى ١٧ وح ٧٣٧ وط سح ٥٠٨ » ( يريد بالرموز المجلد الثامن ، الباب الثانى ، ص ١٢ ـ ١٧ ، وأيضا المجلد الثامن ص ٧٢٧ والمجلد التاسع ص ٥٠٨ والصفحات كلها من طبعة أمين الضرب ) ونقله السيد هاشم البحرانى فى غاية المرام فى الباب الثالث والستين عن ابن أبى الحديد ( ص ٥٧٠ ) وكذا فى الباب الخامس والستين ( ص ٥٧٢ ) وسنده هكذا : « قال : روى يونس بن خباب عن أنس بن مالك ( الحديث ) والحديث المذكور فى المتن ملخص فمن أراده كما ورد فليراجع الموارد المشار إليها.

__________________

(١) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « مينا بكسر الميم وسكون التحتانية ثم نون ابن أبى مينا الخزاز مولى عبد الرحمن بن عوف ( الترجمة ) ».

(٢) قال الزمخشرى فى الاساس : « وسمعت ضوضأة الجيش جلبته ، وضوضأ

٤٥٥

قتل معاوية ، فقال : كلاّ وربّ الكعبة لا يقتل حتّى تجتمع الأمّة عليه فقيل له : يا أمير المؤمنين فبم تقاتله؟ ـ قال : ألتمس العذر فيما بينى وبين الله.

فهذه أحاديث يرويها فقهاؤكم الّذين تثقون بهم على أنّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قد عهد الى عليّ ـ صلوات الله عليه ـ امورا وأسرّها إليه وأخبره بما يلقاه بعده وعهد إليه فى ذلك عهودا وأنتم تكذّبونه وتدفعونه بجهدكم (١) بغضا له وحسدا فان كذّبتم بها فانّما تكذّبون أصحابكم وفقهاءكم.

ثمّ روايتكم على عبد الله بن عمر أنّ رجلا سأله عن مسألة وعنده رجل من اليهود يقال له : يوسف ، فقال ابن عمر : سل يوسف ؛ فانّ الله يقول : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ ـ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (٢) فزعمتم أنّ ابن عمر قال : انّ أهل الذّكر الّذين أمر الله أن نسألهم هم اليهود والنّصارى (٣) ، ولو سألنا اليهود والنصارى عن ديننا لدعونا الى ما فى

__________________

وضوضأت » وقال الجوهرى : « الضوضاة أصوات الناس وجلبتهم يقال : ضوضو بلا همز وضوضيت أبدلوا من الواو ياء » وقال ابن الاثير : « الضوضاة أصوات الناس وجلبتهم وهى مصدر ».

__________________

(١) ح : « جهدكم ».

(٢) ذيل آيتين ؛ احداهما آية ٤٣ سورة النحل وثانيتهما آية ٧ سورة الأنبياء.

(٣) كأن مورد السؤال عن ابن عمر كان من أمور تنطبق على ما رووه فى كتبهم أن السؤال عن اليهود والنصارى فى تلك الامور مورد الامر فى الآية ؛ ويستفاد ذلك مما رووه فى تفسير الآية قال السيوطى فى الدر المنثور فى تفسير الآية ( آية ٤٣ ) من سورة النحل : « وما أرسلنا قبلك ؛ الآية أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن عباس قال : لما بعث الله محمدا رسولا أنكرت العرب ذلك ومن أنكر منهم قالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد فأنزل الله : أكان للناس عجبا أن أوحينا الى رجل منهم وقال : وما

٤٥٦

أيديهم ، فهذا من عجائبكم وكذبكم وروايتكم الباطل على اصحاب رسول الله ـ (ص) ـ.

ثمّ روايتكم عن ابن عمر أنّه قال : لمّا بايع النّاس أبا بكر : سمعت سلمان الفارسى ـ رضى الله عنه ـ يقول : كرديد ونكرديد (١) أما والله لقد فعلتم فعلة أطمعتم فيها

__________________

أرسلنا من قبلك الا رجالا نوحى إليهم فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون يعنى فاسألوا أهل الذكر والكتب الماضية أبشرا كانت الرسل الذين أتتهم أم ملائكة فان كانوا ملائكة أتتكم ، وان كانوا بشرا فلا تنكروا ان يكون رسولا ثم قال : وما أرسلنا من قبلك الا رجالا نوحى إليهم من أهل القرى أى ليسوا من أهل السماء كما قلتم. وأخرج ابن أبى ـ حاتم عن السدى فى قوله : وما أرسلنا من قبلك الا رجالا قال : قالت العرب : لو لا أنزلت علينا الملائكة؟ قال الله : ما أرسلت الرسل الا بشرا فاسألوا يا معشر العرب أهل ـ الذكر وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين جاءتهم قبلكم ان كنتم لا تعلمون أن الرسل الذين كانوا قبل محمد كانوا بشرا مثله فانهم سيخبرونكم أنهم كانوا بشرا مثله. وأخرج الفريابى وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن ـ ابى حاتم وابن مردويه عن ابن عباس فاسألوا أهل الذكر يعنى مشركى قريش أن محمدا رسول الله فى التوراة والإنجيل. وأخرج ابن أبى حاتم عن سعيد بن جبير فى قوله : فاسألوا أهل الذكر قال : نزلت فى عبد الله بن سلام ونفر من أهل التوراة كانوا أهل كتب يقول : فاسألوهم ان كنتم لا تعلمون أن الرجل ليصلى ويصوم ويحج ويعتمر وانه لمنافق قيل : يا رسول الله بما ذا دخل عليه النفاق؟ ـ قال : يطعن على امامه وامامه من قال الله فى كتابه : فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ».

أقول : أما أصل الحكاية التى أشار إليها المصنف (ره) فى المتن فلم أجدها في كتاب.

__________________

(١) نقل الطبرسى فى الاحتجاج تحت عنوان « ذكر طرف مما جرى بعد وفاة رسول الله (ص) من اللجاج والحجاج فى أمر الخلافة » ضمن حديث طويل ( ص ٤٢ من طبعة ايران

٤٥٧

الطّلقاء ولعناء رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ابن عمر : فلمّا سمعت سلمان يقول ذلك أبغضته وقلت : لم يقل هذا الاّ بغضا منه لأبى بكر.

قال ابن عمر : فأبقانى الله حتّى رأيت مروان بن الحكم يخطب على منبر ـ رسول الله ـ (ص) ـ : فقلت : ـ رحم الله أبا عبد الله ـ لقد قال ما قال بعلم كان عنده.

فلئن كان ما رويتم من قول سلمان حقّا لقد خطّأ سلمان أصحاب محمد ـ (ص) ـ فى بيعة أبى بكر ، ولئن كان باطلا لقد كذبتم على سلمان وهو من خيار أصحاب محمّد ـ (ص) ـ ومن اشتاقت إليه الجنّة بروايتكم فلستم تنجون من احدى الخلّتين.

وزعمتم عن ابن عمر أنّ رجلا سأله عن مسألة فلم يدر ما يجيبه فقال له : اذهب الى ذلك الغلام فاسأله وأعلمنى ما يجيبك وأشار له الى أبى جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليهم فأتاه (١) الرّجل فأجابه فرجع الى ابن عمر فأخبره فقال ابن عمر : انّهم قوم مفهمون (٢).

ثمّ تروون عن عليّ بن أبى طالب ـ صلوات الله عليه ـ أنّه قال لأبى جحيفة (٣)

__________________

سنة ١٣٤٢ ) ما نصه : ثم قام سلمان الفارسى وقال : كرديد ونكرديد أى فعلتم ولم تفعلوا وقد كان امتنع من البيعة قبل ذلك حتى وجئ عنقه ( الحديث ) » ونقل المجلسى الحديث بهذه العبارة فى ثامن البحار ( انظر ص ٣٩ من طبعة أمين الضرب ) ونقل فى هامشه أن العبارة فى نسخة بدل ما نقل هكذا : « فقال : كرديد ونكرديد وندانيد كه چه كرديد اى فعلتم ولم تفعلوا وما علمتم ما فعلتم » والعبارة من الشهرة عند أهل الرد والقبول بمكان لا ينتطح فيه عنزان فمن أراد الاطلاع عليها فليراجع مظانها أما عبارات النسخ ففى س مث : « كردند ونكردند » وج مج ق : « كردند وناكردند » وح كما فى المتن.

__________________

(١) فى الاصل : « فأتى ».

(٢) فى الصحاح : « استفهمنى الشيء فأفهمته وفهمته تفهيما ».

(٣) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب فى باب الكنى : « أبو جحيفة بالتصغير

٤٥٨

وقد سأله : هل عندكم شيء سوى الوحى؟ ـ فقال : لا والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة الاّ أن يعطى الله فهما فى كتابه أو ما (١) فى الصّحيفة ، قلت : وما فى الصّحيفة؟ (٢) قال : العقل ، وفكاك الأسير ، وأن لا يقتل المسلم (٣) بكافر.

__________________

اسم وهب بن عبد الله ، تقدموا » وقال فى موضعه من حرف الواو : « وهب بن عبد الله السوائى بضم المهملة والمد ويقال اسم أبيه وهب أيضا أبو جحيفة مشهور بكنيته ويقال له وهب الخير صحابى معروف وصحب عليا ومات سنة أربع وسبعين / ع » ويريد برمز العين أنه ممن أخرج حديثه أصحاب الاصول الستة جميعا وقال المحدث القمى فى سفينة البحار : « أبو جحيفة كجهينة وهب بن عبد الله الصحابى عده الشيخ من أصحاب على عليه‌السلام والبرقى من أصحابه عليه‌السلام من مصر وعن اسد الغابة أنه من صغار الصحابة ذكروا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مات وأبو جحيفة لم يبلغ الحلم ولكنه سمع من رسول الله (ص) وروى عنه وجعله على بن أبى طالب على بيت المال بالكوفة وشهد معه مشاهده كلها وكان يحبه ويثق إليه ويسميه وهب الخير ووهب الله أيضا الى ان قال : وروى عنه عون أنه أكل ثريدة بلحم وأتى رسول الله (ص) وهو يتجشأ فقال : اكفف عليك جشاءك أبا جحيفة فان أكثرهم شبعا فى الدنيا أكثرهم جوعا يوم القيامة قال : فما أكل أبو جحيفة ملء بطنه حتى فارق الدنيا كان اذا تعشى لا يتغدى واذا تغدى لا يتعشى وتوفى فى إمارة بشير بن مروان بالبصرة سنة ٧٢ عب وقال أيضا : انه كان على شرطة على بن أبى طالب عليه‌السلام وكان يقوم تحت منبره وكان يسميه وهب الخير ».

__________________

(١) فيما يأتى من صحيح البخارى « وما ».

(٢) س ق مج مث : « وأى صحيفة » ج : « وأى الصحيفة » ح : « وما فى الصحيفة » كما فى المتن وهكذا فى صحيح البخارى كما يأتى.

(٣) كذا معرفا باللام فى جميع النسخ لكن فى صحيح البخارى وسائر كتب : « مسلم » منكرا كما يأتى اما الحديث فهو من الاحاديث المعتبرة فقد رواه البخارى فى

٤٥٩

وأنتم تزعمون أنّ الشّيعة يقولون (١) : انّ آل محمّد يلهمون العلم الهاما بغير تعليم فأنتم الّذين تروون ذلك اذ (٢) رويتم أنّ ابن عمر قال : انّهم قوم مفهّمون وأنّ عليّا قال : ما عندى سوى الوحى الاّ أن يعطى الله فهما (٣) فهل الفهم الاّ إلهام يلهمه الله

__________________

صحيحه فى أربعة مواضع ؛ الاول فى كتاب العلم ( ص ٢٠ ـ ٢١ ج ١ من طبعة مصر سنة ١٣٢١ ه‍ ) والثانى فى كتاب الجهاد فى باب فكاك الاسير ( انظر ج ٢ ص ١١٥ من الطبعة المشار إليها ) والثالث فى كتاب الديات فى باب العاقلة ( انظر ج ٤ من الطبعة المذكورة ؛ ص ١١٧ ) والرابع أيضا فى كتاب الديات لكن فى « باب لا يقتل المسلم بالكافر » ( راجع ص ١١٨ من الجزء الرابع من الطبعة المشار إليها ) ونص عبارته فى كتاب الجهاد هكذا : « حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زهير ، حدثنا مطرف ، أن عامرا حدثهم عن أبى جحيفة ـ رضى الله عنه ـ قال : قلت لعلى ـ رضى الله عنه ـ : هل عندكم شيء من الوحى الا ما فى كتاب الله؟ ـ قال : لا والّذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه الا فهما يعطيه الله رجلا فى القرآن وما فى هذه الصحيفة قلت : وما فى الصحيفة؟ ـ قال : العقل وفكاك الاسير وأن لا يقتل مسلم بكافر ». وفى سائر الموارد المشار إليها ذكره بألفاظ متفاوتة وأسناد مختلفة لكن المعنى فى جميعها محفوظ لا يتغير. ونقله أحمد بن حنبل فى مسنده هكذا ( ج ١ ص ٧٩ طبعة دار صادر بيروت ) : حدثنا عبد الله ، حدثنى أبى ، حدثنا سفيان ، عن مطرف عن الشعبى عن أبى جحيفة قال : سألنا عليا ـ رضى الله عنه ـ هل عندكم من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم شيء بعد القرآن؟ ـ قال : لا والّذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهم يؤتيه الله عز وجل رجلا فى القرآن أو ما فى الصحيفة قلت : وما فى الصحيفة؟ ـ قال : العقل وفكاك الاسير ولا يقتل مسلم بكافر ». ونقله النسائى فى سننه فى كتاب القسامة والترمذي والدارمى أيضا لكنها فى كتاب الديات الى غير ذلك من موارد نقله.

__________________

(١) ج مج ق : « تقول ».

(٢) فى النسخ : « ورويتم ».

(٣) غير ح : « عبدا فهما ».

٤٦٠