الإيضاح

الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري

الإيضاح

المؤلف:

الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري


المحقق: السيد جلال الدين الحسيني الأرموي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة انتشارات و چاپ دانشگاه تهران
المطبعة: مؤسسة انتشارات و چاپ دانشگاه تهران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٢٣

وروى عبيد بن اسحاق العطّار عن عاصم بن محمّد العمرىّ قال : حدّثني زيد بن أسلم عن أبيه قال : بينا عمر بن الخطّاب بعرض (١) اذ هو برجل معه ابنه فقال له عمر : ما رأيت غرابا بغراب أشبه (٢) من هذا بك فقال : يا أمير المؤمنين والله ما ولدته أمّه الاّ ميتة ؛ فاستوى عمر جالسا فقال : ويحك حدّثني ، قال : خرجت فى غزاة وأمّه حامل به فقالت : تخرج وتدعنى على هذه الحال حاملا مثقلا!؟ قلت : أستودع الله ما فى بطنك ؛ فغبت ، ثمّ قدمت فاذا بابى مغلق ، قلت : ما فعلت فلانة؟ ـ قيل لى (٣) : ماتت قلت : ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) (٤) فذهبت (٥) الى قبرها فبكيت عنده فلمّا كان من اللّيل جلست مع بنى عمّى نتحدّث (٦) وليس يسترنا من البقيع شيء (٧) فرفعت لى نار بين القبور فقلت لبنى عمّى : ما هذه النّار؟ فتفرّقوا عنّى ، فأتيت أقربهم منّى فسألته فقال : يرى قبر فلانة كلّ ليلة نارا ، قلت : ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) (٨) أما والله لقد كانت صوّامة قوّامة عفيفة مسلمة انطلق بنا إليه وأخذت فأسا فاذا القبر منفرج واذا هى جالسة وهذا يدبّ حولها ، فنادانى مناد : أيّها المستودع ربّه خذ وديعتك أما لو استودعته أمّه لوجدتها كما وجدت هذا ؛ فأخذته وعاد القبر كما كان ، فهو والله هذا يا أمير المؤمنين.

قال عبيد بن اسحاق : فحدّثت بهذا الحديث محمّد بن ابراهيم العمرىّ فقال :

__________________

(١) كذا والظاهر أنه اسم موضع قال الفيروزآبادي : « عرض بالضم بلد بالشام » وقال الزبيدى فى شرحه « بين تدمر والرقة قبل الرصافة بعد من أعمال حلب نسب إليه جماعة من أهل المعرفة ( فخاض فى ذكر أسمائهم ) ».

(٢) غير ح : « بأشبه ».

(٣) غير ح : « قال ».

(٤) ذيل آية ١٥٦ سورة البقرة.

(٥) ح : « فمضيت ».

(٦) س مج ق : « أتحدث » ج مث : « أحدث ».

(٧) فى ح فقط.

(٨) ذيل آية ١٥٦ سورة البقرة.

٤٠١

هذا والله حق وقد (١) سمعت عمّى أبا عاصم يذكره (٢) ورأيت ابن ابن هذا الرّجل بالكوفة وقال لى مولانا : هو هذا الّذي (٣) ولدته أمّه ميتة (٤).

__________________

(١) ج ق « حق قد ».

(٢) غير ح : « يذكر ».

(٣) ح : « هو الّذي ».

(٤) أقول : الى أمثال هذه القصص المذكورة فى كتب العامة أشار السيد السند الجليل رضى الدين أبو القاسم على بن موسى بن طاوس (ره) فى كتاب سعد السعود فى ذيل كلام له استدل به على الرجعة ( انظر ص ٦٥ ـ ٦٦ من طبعة النجف سنة ١٣٦٩ ) :

« أقول : ورأيت أيضا فى كتب أخبار المخالفين عن جماعة من المسلمين أنهم رجعوا بعد الممات قبل الدفن وبعد الدفن وتكلموا وتحدثوا ثم ماتوا ؛ فمن الروايات عنهم فيمن عاش بعد الدفن ما ذكره الحاكم النيسابورى فى تاريخه فى المجلد الثانى منه فى حديث حسام بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده وكان قاضى نيسابور دخل عليه رجل فقيل له : ان عند هذا حديثا عجبا ، فقال : يا هذا ما هو؟ ـ فقال : اعلم أنى كنت رجلا نباشا أنبش القبور فماتت امرأة فذهبت لاعرف قبرها فصليت عليها فلما جن الليل قال : ذهبت لا نبش عنها وضربت يدى الى كفنها لا سلبها فقالت : سبحان الله رجل من أهل الجنة تسلب امرأة من أهل الجنة؟! ألم تعلم أنك ممن صليت على وأن الله عز وجل قد غفر لمن صلى على.

أقول أنا : فاذا كان هذا قد رووه ودونوه عن نباش القبور فهلا كان لعلماء أهل ـ البيت أسوة به؟! ولاى حال تقابل روايتهم ـ عليهم‌السلام ـ بالنفور؟! وهذه المرأة المذكورة دون الذين يرجعون لمهمات الامور ولو ذكرت كلما وقفت من رواياتهم عليه خرج كتابنا عن الغرض الّذي قصدنا إليه ، والرجعة التى تعتقدها علماؤنا وأهل البيت ـ عليهم‌السلام ـ وشيعتهم تكون من جملة آيات النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ و

٤٠٢

__________________

معجزاته ، ولاى حال تكون منزلته عند الجمهور دون موسى وعيسى ودانيال وقد أحيا الله جل جلاله على أيديهم أمواتا كثيرة بغير خلاف عند العلماء بهذه الامور ».

أقول : نقل المجلسى (ره) هذا الكلام فى المجلد الثالث عشر من البحار فى آخر باب الرجعة ضمن ما نقله عن سعد السعود ( فان أردت أن تلاحظه فراجع ص ٢٣٦ من طبعة أمين الضرب ).

ونظيرها ما نقله الشهيد الثانى (ره) فى كتاب مسكن الفؤاد عند فقد الاحبة والاولاد ( انظر ص ٦٨ ـ ٦٩ من طبعة سنة ١٣١٠ بطهران ) :

« فى دلائل النبوة عن أنس بن مالك قال : دخلنا على رجل من الانصار وهو مريض فلم نبرح حتى قضى فبسطنا عليه ثوبا وأم له عجوز كبيرة عند رأسه فقلنا له : يا هذه احتسبى مصيبتك عند الله عز وجل فقالت : مات ابنى؟ ـ قلنا : نعم ، قالت : حقا تقولون؟

قلنا : نعم ، قال : فمدت يدها وقالت : اللهم انك تعلم أنى أسلمت لك وهاجرت الى رسول الله (ص) رجاء أن تعيننى عند كل شدة ورخاء فلا تحمل على هذه المصيبة اليوم فكشف الثوب عن وجهه بيده ثم ما برحنا حتى طعمنا معه.

وهذا الدعاء من المرأة ادلال على الله واستيناس به يقع على المحبين كثيرا فيقبل دعاؤهم وان كان فى التذكير بنحو ذلك ما يقع منه قلة الادب لو وقع من غيرهم ولذلك بحث طويل وشواهد من الكتاب والسنة يخرج ذكره عن مناسبة المقام ».

ونقل الشيخ الحر العاملى (ره) هذه القصة فى كتاب الايقاظ من الهجعة فى الباب السابع وهو فى اثبات أن الرجعة قد وقعت فى هذه الامة فى الجملة ليزول بها استبعاد الرجعة الموعود بها فى آخر الزمان ويدل على ذلك أحاديث ( فساق الاحاديث الى أن قال ؛ انظر ص ١٩٨ ) : « الثانى عشر ـ ما رواه الشهيد الثانى فى كتاب مسكن الفؤاد نقلا من كتاب دلائل النبوة عن أنس بن مالك قال : دخلنا على رجل ؛ فنقل القصة الى آخرها أعنى قوله « حتى طعمنا معه ».

أقول : من أراد نظائر هذه الحكايات والقصص فليراجع شرح الصدور بشرح حال الموتى فى القبور للسيوطى وروض الرياحين لليافعى والرسالة القشيرية لابى القاسم القشيرى وما يشبهها من الكتب فان من راجعها يجد فيها من أمثال الحكايات شيئا كثيرا.

٤٠٣

وروى عبد الله بن المبارك (١) عن السّرىّ بن يحيى (٢) عن عمرو بن دينار (٣) قال : أقبلت مع سالم بن عبد الله بن عمر من مكّة حتّى أتينا على (٤) مقبرة بين مكّة والمدينة فقال سالم : أخبرنى أبى (٥) أنّه أتى على هذه المقبرة وهو جاء من مكّة وقد علّق

__________________

(١) ح : « مبارك ».

(٢) فى خلاصة تذهيب الكمال للخزرجى « السرى بن يحيى بن اياس بن حرملة الشيبانى ابو الهيثم البصرى عن ثابت وعمرو بن دينار ( الى آخر الترجمة ) ».

(٣) فى خلاصة تذهيب الكمال : « عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير بن شعيب أبو يحيى البصرى عن سالم ( الى آخر الترجمة ).

(٤) ح : « الى ».

(٥) فى مختصر تذكرة القرطبى للشيخ عبد الله الشعرانى فى باب ما ورد فى عذاب القبر ( ص ٣٩ طبعة مصر سنة ١٣١٠ ) :

« وروى الحافظ الوائلى ـ رحمه‌الله ـ عن ابن عمر قال : بينا نحن نسير بجبانات بدر اذ خرج رجل من الارض فى عنقه سلسلة يمسك طرفها أسود فقال : يا عبد الله اسقنى فقال ابن عمر : لا أدرى أعرف اسمى او كما يقول الانسان لاخيه : يا عبد الله ؛ فقال لى الاسود : لا تسقه فانه كافر ثم اجتذبه فدخل الارض. قال ابن عمر : فأتيت رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : فأخبرته فقال : أو قد رأيته؟ ذاك عدو الله أبو جهل بن هشام وهو عذابه الى يوم القيامة »

وذكره أيضا الشيخ حسن العدوى الحمزاوى فى مشارق الانوار فى فوز أهل الاعتبار فى الفصل الثالث فيما يتعلق بالميت فى القبر من نعيم وتعذيب ( انظر ص ٣٢ من طبعة مصر سنة ١٣١٨ ).

قال السيوطى فى شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور فى باب عذاب القبر ( ص ٨ ـ ١٠٧ من طبعة مطبعة المحمدى فى لاهور ) :

٤٠٤

اداوتين من ماء على النّاقة فاذا رجل قد خرج من قبره يشتعل نارا من قرنه الى قدمه

__________________

« وأخرج الطبرانى فى الاوسط وابن أبى الدنيا فى كتاب القبور واللالكائى فى السنة وابن مندة عن ابن عمر قال : بينا أنا أسير بجنبات بدر اذ خرج رجل من حفرة فى عنقه سلسلة فنادانى : يا عبد الله اسقنى فلا أدرى أعرف اسمى او دعانى بدعاية العرب وخرج رجل من تلك الحفرة فى يده سوط فنادانى : يا عبد الله لا تسقه فانه كافر ثم ضربه بالسوط حتى عاد الى حفرته فأتيت النبي ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم فأخبرته فقال لى : أو قد رأيته؟ ـ قلت : نعم ؛ قال : ذاك عدو الله أبو جهل وذلك عذابه الى يوم القيامة.

وأخرج ابن أبى الدنيا فى كتاب من عاش بعد الموت والخلال فى السنة وابن البراء فى الروضة عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ قال : خرجت مرة بسفر فمررت بقبر من قبور الجاهلية فاذا رجل قد خرج من القبر يتأجج نارا فى عنقه سلسلة من نار ومعى اداوة من ماء فلما رآنى قال : يا عبد الله اسقنى اذ خرج على أثره رجل من القبر فقال : يا عبد الله لا تسقه فانه كافر ثم أخذ بالسلسلة واجتذبه فأدخله القبر.

قال : ثم أضافنى الليل الى بيت عجوز الى جانب بيتها قبر فسمعت من القبر صوتا يقول : بول وما بول شن وما شن ، فقلت للعجوز : ما هذا؟ ـ قالت : هذا كان زوجا لى وكان اذا بال لم يتق البول وكنت أقول له : ويحك ان الجمل اذا بال تفاج فكان يأبى وهو ينادى منذ يوم مات يقول : بول وما بول ، قلت : فما الشن؟ ـ قالت : جاءه رجل عطشان فقال : اسقنى فقال : دونك الشن فاذا ليس فيه شيء فخر الرجل ميتا فهو ينادى منذ يوم مات : شن وما شن ، فلما قدمت على رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم أخبرته فنهى ان يسافر الرجل وحده. وأخرج ابن أبى الدنيا فى القبور عن الحويرث بن الرباب قال : بينا أنا بالاثابة اذ خرج علينا انسان من قبر يلتهب وجهه ورأسه نارا فى جامعة من حديد فقال : اسقنى اسقنى ، وخرج

٤٠٥

وفى (١) عنقه سلسلة تشتعل نارا وهو والسّلسلة يخرج من القبر فجعلت النّاقة تحيد ممّا ترى وجعلت أكفّها وأنظر الى العجب فجعل يقول : يا عبد الله صبّ عليّ من هذا الماء فما أدرى قوله : يا عبد الله يدعونى باسمى أو كقول الرّجل للرّجل : يا عبد الله ؛ فخرج رجل آخر (٢) من القبر وأخذ بطرف السّلسلة فقال لى : لا تصبّ عليه ولا كرامة ثمّ جذب السّلسلة حتّى رجع الى القبر وضربه بسوط يشتعل نارا حتّى دخل القبر (٣).

__________________

فى أثره انسان يقول : لا تسق الكافر فأدركه وأخذ بطرف السلسلة فكبه ثم جره حتى دخلا القبر جميعا.

قال الحويرث : فصارت الناقة لا أقدر منها على شيء حتى التوت بعرق الظبية فبركت فنزلت فصليت المغرب والعشاء ثم ركبت حتى أصبحت بالمدينة فأتيت عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ فأخبرته قال : يا حويرث والله ما أتهمك ولقد أخبرتنى خبرا شديدا فأرسل عمر الى مشيخة من كنفى الصفراء قد أدركوا الجاهلية ثم دعا الحويرث فقال : ان هذا قد أخبرنى حديثا ولست أتهمه ؛ حدثهم يا حويرث بما حدثتني ، فحدثهم فقالوا : قد عرفنا هذا يا أمير المؤمنين ؛ هذا رجل من بنى غفار مات فى الجاهلية ولم يكن يرى الضيف حقا.

وأخرج أيضا عن هشام بن عروة عن أبيه قال :

بينما راكب يسير بين مكة والمدينة اذ مر بمقبرة فاذا برجل قد خرج من قبره يلتهب نارا مصفدا فى الحديد فقال : يا عبد الله انضح يا عبد الله انضح ، وخرج آخر يتلوه : يا عبد الله لا تنضح يا عبد الله لا تنضح وغشى على الراكب فأصبح وقد ابيض شعره فأخبر عثمان بذلك فنهى ان يسافر الرجل وحده ».

أقول : لعل المتصفح فى الكتاب يجد للقضية نظائر الا ان فيما ذكرنا كفاية للمكتفى.

__________________

(١) غير ح : « فى » ( بلا واو ).

(٢) لفظة « آخر » فى ح فقط.

(٣) فليعلم أن تخطئة المصنف (ره) للمخالفين ليست راجعة الى أن القضية ليست

٤٠٦

فقال مالك بن دينار لعمرو بن دينار : وأنت (١) سمعت هذا من سالم؟ ـ قال : نعم قال : أشهد أنّك لم تكذب على سالم ، وأنّ سالما لم يكذب على أبيه ، وأنّ أباه لم يكذب.

__________________

بقابلة للقبول فانها أمر ممكن لا ينبغى أن ينكر بل هى ناظرة الى أنهم يقبلونها لانها واردة بطرقهم فلذا لا ينكرونها وأما اذا روت الشيعة مثلها بطرقهم وينسبونها الى من يوثق بحديثه من رواتهم أو أئمتهم فلا يقبلونها وينسبون من يرويها الى أنه يروى أمرا غير معقول وكيف لا وقد وردت فى أحاديثنا نظيرها ونقلت فى الكتب المعتمدة بطرق معتبرة قال السيد هاشم البحرانى فى معالم الزلفى نقلا عن الراوندى وبصائر الدرجات للصفار باسناد عن أبى جعفر الباقر (ع) قال : كنت خلف أبى وهو على بغلته فنفرت فاذا رجل فى عنقه سلسلة ورجل يتبعه فقال لابى : يا على بن الحسين اسقنى فقال الرجل الّذي خلفه وكأنه موكل به : لا تسقه لا سقاه الله ( الحديث ) فان شئت أن تلاحظه وتلاحظ أمثاله فراجع الباب التاسع والعشرين من أبواب الجملة الثالثة من معالم البرزخ من الكتاب المذكور أعنى معالم الزلفى ( ص ١٢٩ من النسخة المطبوعة ) وكذا نقل المجلسى (ره) فى ثالث البحار فى باب أحوال البرزخ عن اختصاص المفيد بعد سوق السند ما متنه : « سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : بينا أنا وأبى متوجهين الى مكة وأبى قد تقدمنى فى موضع يقال له ضجنان اذ جاء رجل فى عنقه سلسلة يجرها فأقبل على فقال : اسقنى اسقنى ؛ فصاح بى أبى : لا تسقه لا سقاه الله قال : وفى طلبه رجل يتبعه فجذب سلسلته جذبة طرحه بها فى أسفل درك من النار » ونقل الشيخ الحر العاملى (ره) فى كتاب الايقاظ من الهجعة هذا الحديث والّذي قبله وحديثا آخر يفيد معناهما فى الباب السابع تحت عنوان « الحديث التاسع عشر والعشرون والحادى والعشرون ( انظر ص ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ) وان أردت أن تلاحظ الحديث ونظائره فى البحار فراجع المجلد الثالث ص ١٦١ من طبعة أمين الضرب.

(١) ح : « أنت » ( بلا واو ).

٤٠٧

وروى اسماعيل بن أبى عبيد الله عن هشام (١) الكلبىّ قال : مرّ أبو الخيبرىّ (٢) و

__________________

(١) ح ودار السلام للمحدث النورى (ره) : « اسماعيل بن أبى عبد الله هشام ».

(٢) قال الناقد البصير المحدث النورى (ره) فى دار السلام ما نصه ( ص ٦٢ من المجلد الاول ) : « رؤيا صادقة لعدى بن حاتم طى ـ الثقة الجليل فضل بن شاذان صاحب الرضا (ع) فى كتاب الايضاح عن اسماعيل بن أبى عبد الله هشام الكلبى قال : مر أبو الخيبرى ومعه أناس بقبر حاتم بن طى ( فذكر الحكاية الى آخرها ) » أقول : الى هذه الحكاية يشير شيخنا الجليل الشيخ آغا بزرگ الطهرانى (ره) فى ذيل تعريف الايضاح فى الذريعة بما نصه ( ج ٢ ؛ ص ٤٩١ ) « ونقل عنه شيخنا العلامة النورى فى دار السلام حكاية ضيافة حاتم للوافدين على قبره برؤيا ابنه عدى بن حاتم ».

وأما الحكاية فمشهورة جدا قد نقلها الجاحظ فى المحاسن والاضداد تحت عنوان « محاسن السخاء » ( انظر ص ٨٢ ـ ٨٣ من النسخة المطبوعة فى ليدن سنة ١٨٩٨ م ، أو ص ٥٣ ـ ٥٤ من طبعة مصر سنة ١٣٢٤ ، او ص ٦٣ ـ ٦٤ من طبعة مصر سنة ١٣٣٠ ) والتنوخى فى كتاب المستجاد من فعلات الاجواد ( ص ٧٢ ـ ٧٤ من النسخة المطبوعة بمطبعة الترقى بدمشق سنة ١٣٦٥ ه‍ ـ المصححة بتصحيح الاستاذ محمد كرد على ) وشارح ديوان حاتم فى شرح الديوان ( ص ١١٢ من النسخة المنضمة فى الطبع سنة ١٢٩٣ لاربعة دواوين من سائر شعراء العرب ) وابن قتيبة فى الشعر والشعراء عند ذكره حاتما ( انظر ج ١ ص ١٧٠ طبعة دار الثقافة بيروت وص ١٢٩ ـ ١٣٠ طبعة ليدن ) وابن عبد ربه فى العقد الفريد عند ذكره أجواد أهل الجاهلية ( انظر ص ١٩٩ من المجلد الاول من النسخة المطبوعة بتحقيق محمد سعيد العريان ، أو ص ٢٨٩ ـ ٢٩٠ من الجزء الاول المصحح بتصحيح أحمد أمين وأحمد الزين وابراهيم الابيارى من الطبعة الثانية بالقاهرة سنة ١٣٦٧ ه‍ ) وأبو الفرج الاصبهانى فى الاغانى عند ذكره أخبار حاتم ونسبه ( انظر ج ١٦ ص ١٠١ وص ١٠٨ من طبعة بولاق وص ٩٧ و ١٠٤ من طبعة ساسى ) والشريشى فى شرح مقامات الحريرى عند شرحه عبارة

٤٠٨

ومعه أناس بقبر حاتم بن طيئ أيّام دفن قبل أن يعلم موته فقال : والله لأخبرنّ العرب

__________________

« وأريحية حاتمية » من المقامة الرابعة والاربعين المعروفة بالشتوية ( أنظر ص ٣٦٢ ـ ٣٦٣ من المجلد الثانى من طبعة بولاق ) والقالى فى ذيل الامالى والنوادر ( ص ١٥٥ ) وابن كثير فى البداية والنهاية عند ذكره ترجمة حاتم ( انظر الجلد الثانى ص ٢١٧ ) ومحيى الدين بن العربى الحاتمى الطائى فى محاضرة الابرار ومسامرة الاخبار ( ج ١ ؛ ص ٢٥٩ ـ ٢٦٠ من طبعة مصر سنة ١٣٢٥ ) والبيهقى فى المحاسن والمساوى عند ذكره محاسن السخاء ( ج ١ ؛ ص ١٤٦ ـ ١٤٧ من طبعة مصر سنة ١٣٢٥ ) والمسعودى فى مروج الذهب عند ذكره قول العرب فى الهواتف والجان ( ج ١ ؛ ص ٣٣٠ ـ ٣٣١ من طبعة مصر سنة ١٣٤٦ ، أو هامش ص ١٢٣ ـ ١٢٥ من المجلد الرابع من تأريخ الكامل لابن الاثير الّذي طبع مروج الذهب فى هامشه ) وقد أشار المسعودى الى الحكاية قبيل ذلك عند ذكره ما ذهب إليه العرب فى النفوس وإلهام والصفر وغير ذلك من مذاهب الجاهلية ( انظر ص ٣٢٦ من ج ١ من الطبعة المشار إليها ، أو هامش ص ١١٣ من ج ٤ من كامل ابن الاثير الّذي طبع المروج فى حاشيته ) وابن عساكر فى تاريخه ( ج ٣ ؛ ص ٤٢٨ ـ ٤٢٩ ) والسيوطى فى شرح شواهد المغنى الموسوم بفتح القريب فى شرح شواهد مغنى اللبيب فى شرح هذا البيت :

« أما والّذي لا يعلم الغيب غيره

ويحيى العظام البيض وهى رميم »

( انظر ص ٩٦ من طبعة ايران سنة ١٢٧١ ) والقزوينى فى آثار البلاد تحت عنوان « أجأ وسلمى ( انظر ص ٧٦ ـ ٧٧ من طبعة بيروت سنة ١٣٨٠ ) والبغدادى فى خزانة الادب فى شرح الشاهد التاسع والسبعين بعد المائة وهو من شواهد سيبويه والبحث فى باب المفعول له ( انظر ج ٢ ؛ ص ٤٩٤ ـ ٤٩٥ ) ومحمود شكرى الآلوسى فى بلوغ الارب عند ذكره الاسخياء والاجواد من عرب الجاهلية ( ج ١ ؛ ص ٧٥ ـ ٧٦ من الطبعة الاولى ببغداد ).

٤٠٩

أنّا مررنا بحاتم فلم يقرنا فجعل يقول :

عجّل أبا سفّانة (١) قراكا

فسوف انبى سائلى نثاكا (٢)

__________________

والبستانى فى دائرة المعارف ( ج ٦ ؛ ص ٦٣٧ ) ومؤلف كتاب الكرماء ( ص ٨٥ ـ ٨٦ ) ونقلها الأبشيهي فى المستطرف لكنه نسبها الى بعض أسخياء العرب ولم يصرح باسم حاتم ( انظر الباب الثالث والثلاثين من الجزء الاول من كتابه ص ١٤٩ من طبعة مصر سنة ١٣٠٨ ) ومؤلف ألف ليلة وليلة ضمن ذكره شيئا من أخبار الكرام والاسخياء ( انظر حكاية الليلة التاسعة والستين بعد المائتين ) والكاشفى السبزوارى فى رسالته الحاتمية المعروفة بتاريخ حاتم ( انظر ص ٤٩ ـ ٥٣ من النسخة المطبوعة بتصحيح سيد محمد رضا الجلالى النائينى ) وفزونى الأسترآبادي فى تاريخ بحيرة فى الفصل الثالث من الباب السادس عشر ( ص ٢٢٩ ) وعلى اكبر دهخدا فى كتاب « لغت نامه » الى غير ذلك ممن يفضى ذكر أساميهم الى طول لا يسعه المقام. وقد نظمتها الشعراء بأبيات غراء ومضامين لطيفة يأتى ذكر بعضها فى مجلد تعليقاتنا على الايضاح.

فليعلم أن شرح شواهد المغنى المطبوع المذيل بتصحيحات العلامة الشيخ محمد محمود ابن التلاميذ التركزى الشنقيطى وتعليقاته لم يذكر هذه القصة فيه ولم أدر لم حذفها ولم لم يذكر سبب حذفها ؛ والكتاب من مطبوعات لجنة التراث العربى ، وهذا الامر وأمثاله ينفى الاعتماد على اللجنة ويحطها عن درجة الاعتبار فان التصرف فى أمانات العلماء المودوعة فى كتبهم خيانة فوق سائر أنواع الخيانة ( فان شئت حقيقة الامر راجع ص ٢٠٧ من القسم الاول من الطبع المذكور وص ٩٦ من طبع ايران سنة ١٢٧١ ).

__________________

(١) قال الجوهرى : « سفانة بنت حاتم الطائى وبها يكنى » وقال الفيروزآبادي « والسفانة مشددة اللؤلؤة وبنت حاتم طيئ وبها يكنى » وزاد الزبيدى على العبارة قوله : « ويقال : هو أجود من أبى سفانة ».

(٢) قال الجوهرى : « النثى مقصور مثل الثناء الا أنه فى الخير والشر جميعا والثناء فى الخير خاصة » فليعلم أن النسخ كانت مشوشة مندمجة فصححنا البيت بمعونة سائر الكتب.

٤١٠

فأكثر من هذا القول ثمّ ناموا ؛ فانتبه أبو الخيبرىّ فى بعض اللّيل واذا ناقته معترضة لا تتحرّك فجعل يصيح : وا راحلتاه ؛ فانتبه أصحابه فقالوا له : مالك؟ أصبت (١)

فقال : لا والله ؛ الاّ أنّى رأيت حاتما خرج من قبره ومعه حربة حتّى وجأ بها لبّة (٢) ناقتى وهو يقول وأنا أسمعه :

أبا الخيبرىّ (٣) وأنت امرؤ

ظلوم العشيرة شتّامها

تريد أذاها واعسارها (٤)

وحولى عوف وأنعامها

فما ذا أردت الى رمّة (٥)

بداويّة (٦) صخب (٧) هامها

وانّا لنطعم أضيافنا

من الكوم (٨) بالسّيف نعتامها (٩)

فقال له أصحابه : قد قراك حيّا وميّتا ؛ فدونك فكل من لحم ناقتك ، فلمّا

__________________

(١) هذه الكلمة فى ح فقط.

(٢) فى القاموس : « اللب المنحر كاللبة » ووجأه أى ضربه.

(٣) مج مث س ق ودار السلام كعدة من سائر الكتب : « أبا خيبرى » وفى عدة من الكتب المشار إليها آنفا « أبا البخترى ».

(٤) س مث ودار السلام وبعض الكتب التى نقلت فيها القصة : « اعشارها ».

(٥) غير ح ودار السلام : « ذمة ».

(٦) فى بعض النسخ والكتب : « بدوية ».

(٧) مج مث س دار السلام : « صحب » وفى سائر الكتب بصور أخرى.

(٨) فى النسخ وفى دار السلام : « من اللؤم » قال ابن الاثير فى النهاية : « وفيه انه رأى فى ابل الصدقة ناقة كوماء أى مشرفة السنام عاليته ومنه الحديث فيأتى منه بناقتين كوماوين قلبت الهمزة فى التثنية واوا » وقال الفيومى فى المصباح : « وناقة كوماء ضخمة السنام وبعير أكوم والجمع كوم من باب أحمر ».

(٩) اى نختارها قال الزمخشرى فى الاساس : « اعتامه ـ اختاره وهو شيء معتام ».

٤١١

أصبحوا أردفه بعضهم ؛ فبيناهم يسيرون اذاهم براكب ومعه ناقته واذا هو عدىّ بن حاتم وهو يقول : أيّكم ابو الخيبرىّ؟ قالوا : هذا ، فقال له : انّى رأيت أبى البارحة فى النّوم فأخبرنى ما كان منك وأمرنى أن أحملك على ناقة فدونك فاركب هذه ، ففيه يقول ابن دارة العبسى (١) :

أبوك أبو سفّانة الخير لم يزل

لدن شبّ حتّى مات فى الخير (٢) راغبا

به تضرب الأمثال فى الجود ميّتا

وكان له اذ كان حيّا مصاحبا

قرى قبره الأضياف اذ نزلوا به

ولم يقر قبر قبله قطّ راكبا (٣)

__________________

(١) فى بعض النسخ : « العسى » ( بلا نقطة ) وفى دار السلام : « العنسى ».

(٢) فى بعض النسخ وكذا فى دار السلام : « إذا شب » وفى بعضها : « اذا شئت ».

(٣) فليعلم أنا راعينا فى نقل القصة ضبط نسخ الكتاب وأما سائر الكتب المنقولة فيها القصة كما أشرنا الى اسامى بعضها آنفا فلم نتعرض لما فيها من اختلاف النسخ فى كلمات القصة وغيره لما يلزمه من الطول والخروج عما نحن فى صدده نعم جمعتها لنفسى وصارت رسالة كبيرة ونذكر صور القصة واختلاف كلماتها فى تعليقاتنا على الايضاح ان شاء الله تعالى الا أنى أحببت أن أنقل عبارة تاريخ ابن عساكر هنا للفوائد الكثيرة التى اشتملت عليها وهى بنص عبارته ( ج ٣ ؛ ص ٤٢٨ ـ ٤٢٩ ) :

« ومر نفر من عبد القيس بقبر حاتم فنزلوا قريبا منه فقام إليه بعضهم فجعل يركض قبره برجله ويقول : يا أبا الجعراء أقرنا ، فقال له بعض أصحابه : ما تخاطب من رمة قد بليت وأجنهم الليل فناموا ، فقام صاحب القول فزعا وقال : يا قوم عليكم مطيكم فان حاتما أتانى فى النوم وأنشدنى شعرا وقد حفظته وهو :

أبا البخترى وأنت امرؤ

ظلوم العشيرة شتامها

أتيت بصحبك تبغى القرى

لدى حفرة ضحيت هامها

تبغى لى الذنب عند المبيت

وحولك طيئ وأنعامها

فانا سنشبع أضيافنا

ويأتى المطى فيعتامها

٤١٢

فهذه رواياتكم (١) وروايات (٢) فقهائكم فى الرّجعة بعد الموت (٣) وأنتم تنحلون الشّيعة ذلك جرأة على الله وقلّة رعة (٤) وقلّة حياء لا تبالون ما قلتم (٥) ].

__________________

وفى رواية ثانية : انهم بعد ان انتبهوا وجدوا ناقة صاحب هذا القول تكوس عقيرا فنحروها وباتوا يشتوون ويأكلون فقالوا : والله لقد أضافنا حاتم حيا وميتا.

وأتى ابن دارة القطفانى عدى بن حاتم ليمتدحه فقال له : أخبرك بمالى فان رضيت فقل ؛ قال : فما مالك؟ فقال : مائتا سائبة وعبد وأمة وفرس وسلاح فذلك كله لك الا الفرس والسلاح فانهما فى سبيل الله فقال : قد رضيت فقال : فقل ، فقال ابن دارة أبوك ؛ وساق الاشعار كما فى المتن ( الا انه ذكر مكان « لدن » : « لدى » ومكان « الجود » : « الشعر » ومكان « قط » الدهر ) ثم قال : وهذا يحقق الحديث الّذي مر آنفا.

وفى رواية اخرى ان القوم لما وجدوا ناقة صاحبهم عقيرا أردفوه وساروا ؛ فاذا رجل يتبعهم راكبا على جمل ويقود آخر فقال : أيكم أبو البخترى؟ فقال : أنا ، فقال : ان حاتما أتانى فى النوم فأخبرنى أنه قرى أصحابك ناقتك وأمرنى أن أحملك وهذا بعير فخذه ؛ فدفعه إليه ».

(١) غير ح : « روايتكم ».

(٢) فى النسخ : « ورواية ».

(٣) يستفاد من هذا التعبير صريحا أن المصنف (ره) قد استفاد من قصة حاتم أن عقر حاتم ناقة أبى الخيبرى قد كان فى اليقظة والحال أن المستفاد من القصة صريحا على ما نقله المصنف (ره) فى الكتاب وعلى ما نقله غيره هو أن الامر قد وقع فى النوم والامر لا يخرج من وجهين ؛ اما أن القصة قد كانت مذكورة فى الكتاب أولا بغير العبارة الموجودة فى النسخ الآن فبدلت وحرفت ، واما ان الامر قد اشتبه على المصنف رحمه‌الله تعالى.

(٤) « الرعة » اسم من « ورعه اذا جانب الاثم وكف عن المعاصى والشبهات يقال : فلان سيئ الرعة أى قليل الورع ».

(٥) فليعلم أن عبارة الكتاب مما تقدم آنفا من هذه الفقرة : « وكان أصومنا فى

٤١٣

[ ورويتم عن مطرّف (١) الواسطى (٢) عن سعيد عن عبد الرّحمن عن أبى سلمة الحارثىّ (٣) قال : بينا أنا فى منزلى اذ دخل عليّ رجل فقال لى : انّ رجلا منّا هلك فان رأيت أن تأمر له بكفن ؛ فبلغ من ثنائهم عليه ما أحببت أن أحوز كفنه فأمرت أن يشترى له كفن بخمسة ... (٤) فبينا أنا أنتظر أن يجاء بالكفن اذ رأيته جلس و ... (٥) اللبة (٦) على بطنه

__________________

اليوم الحار وأطولنا صلاة » الواقعة فى قصة ربيع بن حراش المنسوب إليه أنه قد تكلم بعد الموت ( انظر ص ٣٩١ من الكتاب ) الى هذه الفقرة أعنى « لا تبالون ما قلتم » ليست فى م بل هى فى نسخ ج ح س ق مج مث فلذا جعلناها بين المعقفتين وأشرنا فى صدر العبارة وذيلها الى ذلك لئلا يشتبه الامر على الناظر فى الكتاب.

__________________

(١) كذا فى الاصل : قال الفيروزآبادي : « طرف تطريفا قاتل حول العسكر لانه يحمل على طرف منهم وبه سمى الرجل مطرفا » فمن أراد التفصيل فليراجع تاج العروس.

(٢) فليعلم أن العبارة من قوله : « ورويتم عن مطرف الواسطى » الى آخر القصة أعنى الى قوله : « ثم عاد ميتا كما كان » فى نسخة م فقط وليس فى سائر النسخ منها أثر.

(٣) كذا السند صريحا فى الاصل فلينقح.

(٤) ضاعت وامحت هنا كلمة فى الاصل ولعلها كانت : « آلاف » أى بخمسة آلاف.

(٥) ضاعت وامحت كلمة هنا فى الاصل ولم يبق منها الا هذه الصورة : « وبرزد » ولعلها : « برزت ».

(٦) كذا فى الاصل ولعلها : « اللبنة » على ان تكون واحدة اللبن أى المضروب من الطين مربعا للبناء قال أبو نصر الفراهى فى نصاب الصبيان : « لبن خشت خام است وآجر چه پخته » وذلك أنهم كانوا يضعون شيئا ثقيلا كاللبنة مثلا على بطن الميت لئلا ينتفح جسده فلعل العبارة كانت كذا فى الاصل « اذ رأيته جلس وبرزت اللبنة التى كانت على بطنه » أى كشف الثوب عن وجهه وجلس وظهرت اللبنة التى كانت على بطنه وسقطت » ويؤيد هذا الاحتمال ما فى القصة التى تأتى فى تعليقتنا هذه نقلا عن شرح الصدور للسيوطى.

٤١٤

ثمّ قال : وا ويلاه وا ويلاه عرّونى (١) وكفّنونى ؛ النّار النّار ، قلت : يا أبا عبد الله قل : لا إله إلاّ الله قال : انّ لا إله الاّ الله لا تغنى عنّى شيئا ؛ قد عرفت مقعدى من النّار ، ثمّ عاد ميّتا كما كان (٢) ].

و (٣) روى عليّ بن اخت يعلى الطّنافسىّ ومحمّد بن الحسين بن المختار كلاهما (٤)

__________________

(١) يقال : عراه الثوب ومنه تعرية أى نزعه عنه ».

(٢) ما بين المعقفتين أعنى من قوله : « ورويتم عن مطرف الواسطى » الى هنا فى م فقط.

ثم ليعلم أنى لم أجد القصة بعينها فى كتاب حتى أصحح أغلاطها منه ، نعم ذكر السيوطى فى شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور فى باب من يحضر الميت من الملائكة وغيرهم وما يراه المحتضر وما يقال له وما يبشر به المؤمن وينذر به الكافر ما يقرب من هذه القصة من بعض الجهات وهى هذه ( انظر ص ٤٧ من طبعة الهند ) :

« وأخرج ( اى ابن أبى الدنيا ) من طريق آخر عن عبد الملك بن عمير وعن أبى الخطيب بشير ولفظه : دخلت على ميت بالمدائن وعلى بطنه لبنة فبينا نحن كذلك اذ وثب وثبة فندرت اللبنة عن بطنه وهو ينادى بالويل والثبور فلما رأى ذلك أصحابه تصدعوا ؛ فدنوت منه وقلت : ما رأيت؟ وما حالك؟ قال : صحبت مشيخة من أهل الكوفة فأدخلونى فى رأيهم على سب أبى بكر وعمر والبراءة عنهما قلت : فاستغفر الله ولا تعد قال : وما ينفعنى وقد انطلقوا بى الى مدخلى من النار فأريته ثم قيل لى : انك سترجع الى أصحابك فتحدثهم بما رأيت ثم تعود الى حالك الاولى فما أدرى انقضت كلمته أم عاد ميتا على حالته الاولى ».

(٣) من هنا الى ما سيأتى من قول المصنف (ره) : « فسألوه أن ينطلق معهم ولا يتخلف فأبى » وهو يأتى فى أوائل القصة الآتية التالية لهذه القصة موجود فى النسخ جميعها.

(٤) المتن موافق لغير م لكن العبارة فيها هكذا : « ورويتم عن محمد بن الفضل رواه على بن محمد بن أخت الطنافسى ».

٤١٥

عن محمّد بن الفضيل (١) عن اسماعيل بن أبى خالد عن فراس (٢) عن الشّعبىّ قال : اغمى على (٣) رجل من جهينة (٤) فى بدء الاسلام كان اسمه المفضّل (٥) فبينا نحن كذلك عنده وقد حفر له (٦) اذ مرّ بهم رجل يقال له المفضّل (٧) فأفاق الرّجل فكشف (٨) عن

__________________

(١) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « محمد بن فضيل بن غزوان بفتح المعجمة وسكون الزاى الضبى مولاهم أبو عبد الرحمن الكوفى صدوق عارف رمى بالتشيع من التاسعة مات سنة خمس وتسعين / ع » أى روى عنه فى الاصول الستة جميعها. وقال فى تهذيب التهذيب فى ترجمته : « روى عن أبيه واسماعيل بن أبى خالد ( الى آخر ما قال ) ».

أقول : كلمة « الفضيل » فى المتن معرف باللام كما نقلناه فى المتن بخلاف ما فى كتابى ابن حجر ؛ فتفطن.

(٢) قال ابن حجر فى تقريب التهذيب : « فراس بكسر أوله وبمهملة ابن يحيى الهمدانى الخارفى بمعجمة وفاء أبو يحيى الكوفى المكتب صدوق ربما وهم من السادسة مات سنة تسع وعشرين / ع » أى أخرج حديثه في جميع الاصول الستة » وقال فى تهذيب ـ التهذيب فى ترجمته : « روى عن الشعبى وعطية العوفى ( الى آخر ما قال ) ».

(٣) هاتان الكلمتان ضاعتا فى نسخة م فالمتن مطابق لجميع سائر النسخ.

(٤) قال الجوهرى : جهينة قبيلة قال الشاعر : فقلنا أحسنى ملا جهينا ؛ وفى المثل وعند جهينة الخبر اليقين ؛ ابن الاعرابى : وعند جفينة والاصمعى مثله ».

(٥) فى النسخ : « الفضل » الا أن السجعات الآتية فى القصة تقتضى كون الكلمة : « المفضل » ( بصيغة اسم المفعول من التفضيل ) وكيف كان ؛ الكلمة هنا وفى جميع الموارد الآتية فى جميع النسخ « الفضل » وانما صححناها بقرينة السجع.

(٦) غير م : « وقد حفروا » الا ح ففيها : « وقد حفروا له قبرا ».

(٧) فى النسخ : « الفضل ».

(٨) غير م : « وكشف ».

٤١٦

وجهه وقال (١) : هل مرّ بكم المفضّل؟ ـ (٢) قالوا : نعم ؛ مرّ بنا السّاعة ، فقال : ويحكم كاد أن يغلط بى (٣) ؛ أتانى حين رأيتمونى اغمى عليّ آت فقال (٤) : لامّك الهبل (٥) أما ترى حفرتك تنثل (٦) وقد كادت أمّك أن تثكل أرأيت ان حوّلناها عنك بمحوّل (٧) وجعلنا (٨)

__________________

(١) غير م : « فقال ».

(٢) فى النسخ : « الفضل ».

(٣) من « ويحكم » الى هنا ليس فى م.

(٤) ج س ق مج مث ( بدلها ) : « فقال : حين رأيتمونى أغمى على فقعد الى وقال » أما نسخة ح ففيها : « حين رأيتمونى أغمى على فقصد الى رجل وقال ».

(٥) قال الجوهرى : « الهبل بالتحريك مصدر قولك : هبلته أمه اى ثكلته » وقال الزمخشرى فى الاساس : « لامه الهبل الثكل ؛ وهبلته أمه ». وقال الطريحى فى المجمع : « فى حديث على (ع) : لامك الهبل ؛ الهبل بالتحريك مصدر قولك : هبلته أمه اى ثكلته » وقال ابن الاثير فى النهاية : « يقال : هبلته أمه تهبله هبلا بالتحريك ثكلته ؛ هذا هو الاصل ثم يستعمل فى معنى المدح والاعجاب ( الى ان قال : ) ومنه حديثه ( أى حديث عمر ) الاخر : لامك هبل أى ثكل وحديث الشعبى فقيل لى : لامك الهبل ؛ ومنه حديث أم حارثة بن سراقة : ويحك أو هبلت ( هو بفتح الهاء وكسر الباء ) وقد استعاره هنا لفقد الميز والعقل مما أصابها من الثكل بولدها كأنه قال : أفقدت عقلك بفقد ابنك حتى جعلت الجنان جنة واحدة ، ومنه حديث على : هبلتهم الهبول أى ثكلتهم الثكول وهى بفتح الهاء من النساء التى لا يبقى لها ولد ».

(٦) قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فينتثل ما فيها؟ أى يستخرج ويؤخذ ومنه حديث الشعبى : أما ترى حفرتك تنثل؟ أى يستخرج ترابها ؛ يريد القبر » أقول : يستفاد من هذه العبارة أن القصة معروفة مذكورة فى الكتب المشهورة الا أنى راجعت بعض ما عندى من كتب التراجم كطبقات ابن سعد وحلية الاولياء ووفيات الاعيان ولم أظفر بها ، وأما كتب الحديث فلم أراجعها فمن أراد أن يلاحظها فى كتب القوم فليراجع مظانها.

(٧) هذه الكلمة فى غير م.

(٨) غير م : « ودفنا ».

٤١٧

فى حفرتك (١) المفضّل (٢) الّذي مشى (٣) فاجتذل (٤) انّه لم يؤدّ ولم يفعل (٥) ثمّ ملأنا عليه الجندل (٦) أتشكر لربّك وتصلّ (٧) وتدع (٨) سبيل من أشرك وأضلّ؟ قال : قلت : أجل (٩) قال :

__________________

(١) غير م : « فيها ».

(٢) فى النسخ : « الفضل ».

(٣) كذا فى النسخ فكأنه بمعنى صار ذا ماشية كثيرة قال فى القاموس : « مشى يمشى مر كمشى تمشية وكثرت ماشيته » وقال الزبيدى فى شرح الفقرة الاخيرة « يقال : مشى على آل فلان مال اذا تناتج وكثر وهو مجاز » وعبارة الشرح مأخوذة من الاساس للزمخشرى فيمكن أن يكون المعنى : المفضل الّذي كثر ماله فبطر وطغى كقوله تعالى : ( إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى ) ، ويمكن أن يكون المعنى : المفضل الّذي مر بقبرك وسر بموتك ويؤيده ما فى نسخة م من قوله : « مشى بحفرتك » فان معنى : « فاجتذل » اى ابتهج وانبسط كما هو معناه وهذا أى سرور الانسان بموت عدوه وابتهاجه له من الامور الطبيعية وكيف كان ؛ هذا ما عندى وعبارة المتن بمرأى منك ومسمع فاختر لمعناه ما شئت بذهنك الوقاد.

(٤) عبارة م : « الّذي مشى بحفرتك » وعبارة ح مث : « فأخبرك » ( بضمير الخطاب في آخر الفعل من « أخبر » من الخبر من باب الافعال وباقى النسخ : « الّذي مشى فأجزل » من الاجزال باللام فى الاخر ؛ فالتصحيح نظرى قال الجوهرى : « والجذل بالتحريك الفرح وقد جذل بالكسر يجذل فهو جذلان وأجذله غيره أى أفرحه واجتذل اى ابتهج ».

(٥) غير م : « انه ظن أن لن يفعل » فكأن العبارة مأخوذة من قول الله تعالى : ( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ ) ( آية ٢٤ و ٢٥ سورة القيامة » قال الطريحى فى المجمع : « قوله تعالى : ( تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ ) ؛ الفاقرة هى الداهية يقال : فقرته الفاقرة أى كسرت فقار ظهره ».

(٦) غير م : « ثم ملاناها عليه من الجندل » ويشبه أن تكون عبارة المتن من قبيل ما ذكره البستانى فى محيط المحيط : « وملا عليه الارض أى ضيقها عليه ».

ثم ان عبارة غير م من النسخ هكذا : « أرأيت ان حولناها عنك بمحول ثم دفنا فيها الفضل ثم ملاناها عليه من الجندل الّذي مشى فأجزل ( أو : فأخبرك كما فى ح مث ) انه ظن ان لن يفعل ».

٤١٨

فأطلق عنّى (١) ؛ فعاش هو ودفن المفضّل (٢) مكانه (٣). ]

__________________

٧ ـ كذا فى النسخ وهو صحيح أى تصلى ؛ نظيره قول لبيد قال الجوهرى فى الصحاح : « وجلى ببصره تجلية اذا رمى به كما ينظر الصقر الى الصيد قال لبيد :

فانتضلنا وابن سلمى قاعد

كعتيق الطير يغضى ويجل

أى ويجلى » وقال الفيروزآبادي : « وجلى ببصره تجلية رمى » فذكر الزبيدى فى شرح العبارة قول الجوهرى وغيره.

٨ ـ م : « وتترك ».

٩ ـ فى غير ح : « نعم ».

__________________

(١) فى م فقط.

(٢) فى النسخ : « الفضل » وعبارة غير م هكذا : « فعاش هو ومات الفضل ودفن فيها ».

(٣) هنا تم ما أشرنا إليه فى أول القصة بأن ما بين المعقوفتين ( وهو تمام القصة ) موجود فى جميع النسخ.

فليعلم أن أمثال هذه السجعات كثيرة ونقل بعضها فى كتب الادب والحديث منها ما ورد : « كيف أغرم يا رسول الله من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل؟! » ( انظر مختصر كنز العمال المطبوع على هامش مسند أحمد ؛ ج ٦ ص ١٥٠ ) ونظيره ما نقله المحدث النورى (ره) فى باب نوادر ما يتعلق بأبواب العاقلة وغيرها من كتاب الديات فى مستدرك الوسائل ( انظر ج ٣ ؛ ص ٢٨٩ ) : « عوالى اللئالى ـ وروى أبو هريرة قال : اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت احداهما الاخرى بحجر فقتلتها فاختصموا الى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فقضى فى دية جنينها غرة عبد او أمة وفى رواية أو وليدة فقال حمل بن مالك النابغة الهذلى : يا رسول الله دية من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل؟ فقال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : هذا من اخوان الكهان من أجل سجعه الّذي

٤١٩

[ فلم ترضوا بالرّجعة حتّى نسبتم ملك الموت الى الغلط جرأة منكم بروايتكم (١)

تروونها من رطب ويابس (٢) ] ثمّ لم ترضوا أن تحيوا الموتى (٣) من النّاس (٤) برواياتكم (٥) حتّى أحييتم البهائم من الحمر (٦) وغير ذلك.

من ذلك ما رواه [ عدّة من فقهائكم منهم (٧) ] محمّد بن عبيد الطّنافسيّ عن (٨) اسماعيل بن أبى خالد عن عامر الشّعبىّ انّ قوما أقبلوا من الدّفينة (٩) متطوّعين أو قال : مجاهدين فنفق (١٠) حمار رجل منهم فسألوه أن ينطلق معهم ولا يتخلّف (١١) ؛ فأبى (١٢) فقام فتوضّأ

__________________

سجعه وفى رواية : أسجع كسجع الجاهلية!؟ هذا كلام شاعر وروى مثل ذلك فى أخبار أهل ـ البيت عليهم‌السلام » ويأتى نظير القصة من جهة الاشتمال على سجعات لطيفة فى تعليقاتنا هذه عن قريب نقلا عن الرسالة القشيرية ان شاء الله تعالى.

__________________

(١) كذا فى الاصل ولعلها : « برواياتكم ».

(٢) ما بين المعقفتين فى م فقط.

(٣) غير م : « أن أحييتم ».

(٤) « من الناس » ليس فى م.

(٥) فى الاصل : « بروايتكم ».

(٦) غير م : « حتى أحييتم الحمر ».

(٧) ما بين المعقفتين فى م فقط.

(٨) غير م : « قال : حدثنا ».

(٩) م : « من موضع » وغير م : « من دفينة » قال ياقوت فى معجم البلدان : « الدفينة بفتح أوله وكسر ثانيه وياء مثناة من تحت ونون مكان لبنى سليم ويروى بالقاف وقال السكرى فى شرح قول جرير « ورعت ركبى بالدفينة بعد ما * ناقلن من وسط الكراع نقيلا » : الدفينة بالفاء ماء لبنى سليم على خمس مراحل من مكة الى البصرة نقلته من خط ـ ابن أخى الشافعى وكان فيه يوم من أيامهم ( الى آخر ما قال ) ».

(١٠) قال ابن الاثير فى النهاية : « وفى حديث ابن عباس : الجزور نافقة أى ميتة ؛ يقال : نفقت الدابة اذا ماتت ».

٤٢٠