الإيضاح

الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري

الإيضاح

المؤلف:

الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري


المحقق: السيد جلال الدين الحسيني الأرموي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة انتشارات و چاپ دانشگاه تهران
المطبعة: مؤسسة انتشارات و چاپ دانشگاه تهران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٢٣

وتعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ

__________________

وقال فى حجة الوداع : المؤمنون اخوة تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد واحدة على من سواهم ، وقوله هذا عليه‌السلام موافق لقول الله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ) ولم يميز الله ورسوله (ص) بين المؤمنين فى حال من الاحوال بوجه من الوجوه وسبب من الاسباب ، فميزهم عمر فأطلق تزويج قريش فى سائر العرب والعجم ؛ وتزويج العرب فى سائر العجم ، ومنع العرب من التزويج فى قريش ، ومنع العجم من التزويج فى العرب ؛ فأنزل العرب فى قريش منزلة اليهود والنصارى ، وأنزل العجم فى سائر العرب كذلك اذ أطلق الله تعالى للمسلمين التزويج فى أهل الكتاب ولم يطلق تزويج أهل الكتاب فى المسلمين وقد زوج رسول الله (ص) ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب من المقداد بن الاسود الكندى وكان مولى لبنى كندة ثم قال (ص) : أتعلمون لم زوجت ضباعة بنت عمى من المقداد؟ ـ قالوا : لا ، قال (ص) : ليتضع النكاح فيناله كل مسلم ولتعلموا أن أكرمكم عند الله أتقاكم فمن يرغب بعد هذا عن فعل الرسول فقد رغب عن سنة الرسول ، وقال (ص) : من رغب عن سنتى فليس منى. وقيل لامير المؤمنين عليه‌السلام : أيجوز تزويج الموالى بالعربيات؟ ـ فقال : تتكافأ دماؤكم ولا نتكافأ فروجكم؟! » ونظيره ما قال المجلسى فى ثامن البحار ضمن ما عده من بدع عمر تحت عنوان « الطعن الرابع من مطاعنه » ما نصه ( ص ٣٠٢ من طبعة أمين الضرب ) : « ومنها ـ ما روى أن عمر أطلق تزويج قريش فى سائر العرب والعجم ، وتزويج العرب فى سائر العجم ، ومنع العرب من التزويج فى قريش ، ومنع العجم من التزويج فى العرب فأنزل العرب. مع قريش والعجم مع العرب منزلة اليهود والنصارى ؛ اذ اطلق تعالى للمسلمين التزويج فى أهل الكتاب ( فساق الكلام نحو ما نقلناه عن مصنف كتاب الاستغاثة حرفا بحرف ) وقال ابن أبى جمهور الاحسائى فى كتاب المجلى عند ذكره الامور التى بدعها الثانى بعد النبي ( ص ٤٤٠ من النسخة المطبوعة ) : « السابع والثامن أنه منع الناس من التزويج فى قريش ، وأنه منع العجم

٢٨١

حِلٌّ لَهُمْ ) ، ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ

__________________

من التزويج فى العرب ، وذلك شيء اخترعه وبدعه ... لم ينقله عن النبي (ص) وانما هو رأى اخترعه واستحسان سنح له وأجرى الناس عليه مع أنه من المعلوم من الدين المحمدى خلاف ذلك فانه يقول : المسلمون أكفاء بعضهم من بعضهم فليس لاحد حينئذ على أحد فضل ولا مزية الا بزيادة الصلاح والتقوى لان الله سبحانه يقول : ان اكرمكم عند الله أتقاكم ، وفى الحديث القدسى : الجنة لمن أطاعنى وان كان عبدا حبشيا ، والنار لمن عصانى وان كان سيدا قرشيا ؛ فلا مزية لاحد على أحد من أهل الاسلام العربى والمولى والقرشى وغيره ، والهاشمى ومن ليس بهاشمى ؛ فلا يصح منع أحد من المسلمين من نكاح المسلمة فانه كفؤ لها بنص النبي (ص) ففعل عمر ذلك ردا لما جاءت به الشريعة الاحمدية ».

وقال المحدث النورى فى نفس الرحمن فى أوائل الباب الثانى نقلا عن الاختصاص للمفيد « قال : بلغنى أن سلمان الفارسى (رض) دخل مسجد رسول الله (ص) ذات يوم فعظموه وقدموه وصدروه اجلالا لحقه واعظاما لشيبته واختصاصه بالمصطفى وآله (ع) فدخل عمر ونظر إليه فقال : من هذا العجمى المتصدر فيما بين العرب؟! فصعد رسول الله (ص) المنبر فخطب فقال : ان الناس من عهد آدم الى يومنا هذا مثل أسنان المشط لا فضل للعربى على العجمى ولا الاحمر على الاسود الا بالتقوى ؛ سلمان بحر لا ينزف وكنز لا ينفد ، سلمان منا أهل البيت ، سلسل يمنح الحكمة ويؤتى البرهان ( انتهى الحديث وقال المحدث النورى : ) يظهر من هذا الخبر ومما يأتى فى باب تزويجه أن عمر كان ببغض سلمان بل كل عجمى ويتجاهر بعداوتهم ويمنع من تزويجهم من العرب كما يأتى ويتعدى عليهم بما كان يمكنه من الجور والاذى ففى بعض الاخبار المعتبرة أنه منعهم من بيت المال الا قليلا فشكوا الى أمير المؤمنين (ع) فأمرهم بالتجارة ودعا لهم بالبركة فيها وفى بعضها كما يأتى أنه سن ديتهم على النصف من دية العرب ، وان يرثهم العرب ولا يرثونهم ، ولا يؤم أحد منهم العرب فى صلاة ( الى آخر ما قال ) » أقول : يريد

٢٨٢

إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ ، وَمَنْ يَكْفُرْ

__________________

ببعض الاخبار المعتبرة المشار إليه ما رواه الكلينى فى الكافى فى آخر باب النوادر من كتاب المعيشة ( وهو آخر حديث من كتاب المعيشة ؛ انظر ج ٥ طبع دار الكتب الاسلامية ص ٣١٨ ـ ٣١٩ ) : « أحمد بن محمد العاصمى عن محمد بن أحمد النهدى عن محمد بن على عن شريف بن سابق عن الفضل بن أبى قرة عن أبى عبد الله (ع) قال : أتت الموالى أمير المؤمنين فقالوا : نشكو أليك هؤلاء العرب ان رسول الله (ص) كان يعطينا معهم العطايا بالسوية ، وزوج سلمان وبلالا وصهيبا وأبوا علينا هؤلاء وقالوا : لا نفعل ، فذهب إليهم أمير المؤمنين (ع) فكلمهم فيهم فصاح الاعاريب : أبينا ذلك يا أبا الحسن أبينا ذلك ، فخرج وهو مغضب يجر رداءه وهو يقول : يا معشر الموالى ان هؤلاء قد صيروكم بمنزلة اليهود والنصارى يتزوجون إليكم ولا يزوجونكم ولا يعطونكم مثل ما يأخذون فاتجروا بارك الله لكم فانى قد سمعت رسول الله (ص) يقول : الرزق عشرة أجزاء تسعة أجزاء فى التجارة وواحدة فى غيرها » ونقل المجلسى الحديث فى تاسع البحار فى باب أحوال سائر أصحابه ( ص ٦٣٨ من طبعة أمين الضرب ) ولم يورد له بيانا لكنه قال فى مرآة العقول فى شرح الحديث ما نصه : « وقال المطرزى فى المغرب : ان الموالى بمعنى العتقاء لما كانت غير عرب فى الاكثر غلبت على العجم حتى قالوا : الموالى أكفاء بعضها لبعض والعرب أكفاء بعضها لبعض ، وقال عبد الملك فى الحسن البصرى : أمولى هو أم عربى فاستعملوهما استعمال الاسمين المتقابلين ( انتهى ) ».

وقال سليم بن قيس الهلالى فى كتابه ضمن كتاب كتبه معاوية الى زياد بن سمية ما نصه ( ص ١٠٢ ـ ١٠٤ من النسخة المطبوعة بالنجف ) : « وانظر الى الموالى ومن أسلم من الاعاجم فخذهم بسنة عمر بن الخطاب فان فى ذلك خزيهم وذلهم أن تنكح العرب فيهم ولا ينكحونهم ، وأن يرثوهم العرب ولا يرثوا هم العرب ، وأن تقصر بهم فى عطائهم وأرزاقهم ، وأن يقدموا فى المغازى يصلحون الطريق ويقطعون

٢٨٣

بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ ) (١) فكلّ ما أحلّه (٢) الله وأمر به فهو

__________________

(١) من آية ٥ سورة المائدة.

(٢) ح : « أحل ».

__________________

الشجر ، ولا يؤم أحد منهم العرب فى صلاة ، ولا يتقدم أحد منهم فى الصف الاول اذا حضرت العرب الا ان يتموا الصف ، ولا تول أحدا منهم ثغرا من ثغور المسلمين ولا مصرا من أمصارهم ، ولا يلى أحد منهم قضاء المسلمين ولا أحكامهم فان هذه سنة عمر فيهم وسيرته ( الى ان قال ) وفى رواية أخرى يا أخى لو لا أن عمر سن دية الموالى على النصف من دية العرب وذلك أقرب للتقوى لما كان للعرب فضل على العجم فاذا جاءك كتابى هذا فأذل العجم وأهنهم وأقصهم ولا تستعن بأحد منهم ولا تقض لهم حاجة فو الله انك لابن أبى سفيان خرجت من صلبه ( الى آخر الكتاب ) ». أقول : نقله المجلسى فى ثامن البحار فى باب نوادر الاحتجاج على معاوية ( انظر ص ٥٨١ من طبعة أمين الضرب ) ونقل المحدث القمى فى سفينة البحار فى « عجم » ما نقلناه هنا ( انظر ص ١٦٥ من ج ٢ ) ونقله المحدث النورى فى نفس الرحمن فى الباب الرابع عشر بعد أن ذكر أن ما أفتى به المخالفون بأن العجمى ليس بكفو للعربية قد أخذوه من عمر ، وقد نقل هناك أيضا أن العلامة قال فى التذكرة « اعتبر كثير من الشافعية النسب على ما تقدم فالعجمى ليس كفوا للعربية والعربية بعضهم أكفاء بعض فلا تكافئهم الموالى وبه قال أبو حنيفة لقوله (ع) : ان الله اختار العرب من سائر الامم واختار من العرب قريشا ؛ الحديث ، ورووا عنه (ع) أنه قال : قريش بعضهم أكفاء لبعض قبيلة لقبيلة والموالى بعضهم أكفاء لبعض لرجل رجل اى يعتبر نسبهم ثم قال (ره) : وعندنا نحن ان النسب لا اعتبار به بل يجوز لوضيع النسب ان يزوج بشريفه حتى ان العبد يجوز ان يتزوج بالعلوية الشريفة وهو أحد قولى الشافعى لعموم قوله تعالى ( فَانْكِحُوا ) الآية ( الى آخر ما ذكره ) » وذكر المحدث النورى فى الباب المشار إليه فوائد اخر لم نذكرها فمن أرادها فليراجع الكتاب

٢٨٤

من الايمان. فرويتم على عمر أنّه نهى عمّا أحلّه الله وقد قال الله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ ) ( الى قوله ) ( إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً ) (١). ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ ) (٢) فأحلّ الله ما وراء ذلك ممّا سمّاه (٣) أنّه حرمة فاعترضتم أمره فنهيتم النّاس عمّا أحلّ الله ثمّ نسبتموه الى عمر فقلتم : هى سنّة عمر وما سنّه عمر فهو (٤) حقّ وان خالف (٥) قول الله وسنّة رسول الله (ص) ، فصرتم

__________________

وهذا هو المراد بما ذكره : « ومما يأتى فى باب تزويجه » كما نقلناه فيما مر من كلامه.

أقول : أما سيرة أمير المؤمنين على ـ عليه‌السلام ـ كانت على خلاف سيرة عمر فى قسمة العطايا وذلك يطلب من محله من أحوال أمير المؤمنين وترجمته ويدل عليه ما نقله المفيد ـ قدس الله روحه فى مجالسه بهذه العبارة « قال : حدثنى أبو الحسن على بن بلال المهلبى ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن راشد الاصفهانى ، قال : حدثنا ابراهيم بن محمد الثقفى ، قال : حدثنا على بن عبد الله بن عثمان ، قال : حدثنى على بن سيف ، عن على بن أبى حباب ، عن ربيعة وعمارة وغيرهما ، أن طائفة من أصحاب أمير المؤمنين على بن أبى طالب (ع) مشوا إليه عند تفرق الناس عنه وفرار كثير منهم الى معاوية طلبا لما فى يديه من الدنيا فقالوا له : يا أمير المؤمنين أعط هذه الاموال وفضل هؤلاء الاشراف من العرب وقريش على الموالى والعجم ومن يخاف خلافه عليك من الناس وفراره الى معاوية فقال لهم أمير المؤمنين (ع) : أتأمروني أن أطلب النصر بالجور؟! لا والله لا أفعل ما طلعت شمس ولا ح فى السماء نجم ( الى آخر ما قال فمن أراده فليراجع الكتاب المذكور ص ٩٥ من طبعة النجف سنة ١٣٥١ ه‍. ) »

__________________

(١) آية ٢٣ سورة النساء.

(٢) صدر آية ٢٤ سورة النساء.

(٣) ح مث مج س : « سمى ».

(٤) س : « فهى ».

(٥) ح : « وان خالفت ».

٢٨٥

تفرّقون بين العربيّة والموالى بلا كتاب وسنّة وقلتم : انّ عمر قال : تزوّجوا فيهم ولا تزوّجوهم ؛ فصيّرتم الموالى بمنزلة أهل الكتاب من اليهود والنّصارى الّذين (١) يحلّ لنا أن نتزوّج فيهم ولا يتهيّأ لنا أن نزوّجهم ، ونسبتم ذلك الى عمر فأىّ وقيعة أشدّ من وقيعتكم على عمر وما تروون عليه؟!

ثمّ زعمتم فى بعض أقاويلكم وأحكامكم أنّ القاضى اذا فرّق بين امرأة وزوجها بشهادة شاهدين ثمّ رجع الشّاهدان عن شهادتهما وتابا وأقرّا أنّهما شهدا بزور أنّ المرأة لا تردّ الى زوجها وأنّ تلك الفرقة جائزة عليهما أبدا ولها أن تنكح الأزواج وأن يتزوّجها (٢) أحد الشّاهدين الّذين شهدا بالزّور فنكاحه حلال جائز له فزعمتم أنّ الّذي يكون به الفرقة لا يكون به الاجتماع فأبطلتموه من وجه وأثبتّموه من الجهة (٣) الّتي بها أبطلتموه ليس (٤) عندكم بذلك حجّة من كتاب الله ولا سنّة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وزعمتم فى حكمكم أنّ المملوكة المتزوّجة لا يحلّ لمولاها أن يفرّق بينها وبين زوجها ولا يخرجها من ملك الزّوج الاّ بموت (٥) أو طلاق الزّوج والله تبارك وتعالى يقول فى كتابه : ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ ) (٦) فاستثنى جلّ ثناؤه الاّ ما ملكت أيمانكم فلم تجيزوا ما استثنى الله ولا ما أحلّ كأنّكم الحكّام عليه فحرّمتم الأمة على مولاها وجعلتم الزّوج أملك ببضعها الاّ أن يطلّق او يموت. وزعمتم أنّه ان باعها لم يكن للمشترى أن يطأها وبضعها محرّم عليه والله تعالى يقول بعد الاستثناء : ( يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) (٧) فلم تقبلوا ما بيّن لكم ولا ما استثنى فما

__________________

(١) غير ج : « الّذي ».

(٢) غير ح : « تزوجها ».

(٣) ح : « وأجزتموه من جهته ».

(٤) ح : « وليس ».

(٥) كذا.

(٦) من آية ٢٤ سورة النساء.

(٧) آية ٢٦ سورة النساء.

٢٨٦

الّذي يعاب به قوم (١) أكثر من أنّ الله بعث إليهم رسولا وأنزل معه عليهم كتابا وأمرهم أن يتّبعوه وأمر نبيّه أن يحكم بينهم بما أنزل الله فى كتابه فأحلّ لهم المحصنات ممّا ملكت أيمانهم فلم يقبلوا منه وزعموا أنّ ما أحلّ (٢) من ذلك لهم غير حلال (٣) ولو وجدتم مثلها من الشّنعة على الشّيعة لقمتم بها وقعدتم.

وزعمتم فيما رويتم أنّ ما دون الشّرك مغفور لكم وأنّ الشّرك لا يكون الاّ أن يدعوا مع الله إلها آخر فاذا لم يفعلوا فما دون ذلك مغفور لهم (٤) وأنتم تروون عن النّبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه قال : (٥) الشّرك أخفى [ فى أمّتى ] من دبيب النّمل فى ليلة ظلماء على صفاة سوداء. وتروون أنّه قال : أيسر الرّياء شرك فانظروا ما كتب الله تبارك وتعالى على من يقول بهذا القول فى قوله : فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون : سيغفر لنا ، وان يأتهم عرض مثله يأخذوه ( أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا ما فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) (٦) ( وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ) (٧) انظروا ؛ من الّذين يمسّكون بالكتاب؟ الّذين يقولون : انّ الحكم فيه وبه؟ أو الّذين يقولون : انّ الحكم ليس فيه ولا به؟!

__________________

(١) ليس فى ج.

(٢) مج مث س ق : « وزعموا أنه أحل ».

(٣) ح : « غير ما هو حلال ».

(٤) فى النسخ : « لكم » ولا يستقيم الكلام مع ضمير الخطاب الا ان يغير صيغة : « ان يدعوا » و « لم يفعلوا » الى صيغة الخطاب.

(٥) فى الجامع الصغير نقلا عن مستدرك الحاكم وحلية أبى نعيم : « الشرك أخفى فى أمتى من دبيب النمل على الصفا فى الليلة الظلماء وأدناه أن تحب على شيء من الجور او تبغض على شيء من العدل ، وهل الدين الا الحب فى الله والبغض فى الله قال الله تعالى : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ».

(٦ و ٧) آيتا ١٦٩ و ١٧٠ من سورة الاعراف.

٢٨٧

ثمّ انظروا الى إباحتكم المعاصى وزعمكم (١) أنّها مغفورة اذا لم نعبد (٢) مع الله إلها آخر ، والى تزكيتكم أنفسكم والله يقول : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ) (٣) ( انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً ) (٤) وانظروا كيف وكّد الله على الحكّام فقال : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً ) (٥) وانّما أمر الله أن يحكم (٦) بالعدل قوما يحسنون أن يحكموا به وهم لا يعرفونه فاذا كان أحدكم يحلّ شيئا يحرّمه صاحبه وكلا الأمرين عندكم حقّ فأين المنهىّ عنه؟! وأين المحرّم منه؟! وأين الّذي يردّ الى الله والى رسوله والى اولى الأمر؟! ولو جهد جاهد على أن يأتى باطلا فى اختلافكم ما قدر عليه اذا كان كلّه عندكم حقّا ولو لا أنّ الحقّ مخالف للباطل والعدل مخالف للجور ما عرف أحدهما من صاحبه ، وكذلك الأشياء كلّها انّما عرفت بمباينة بعضها لبعض ولو لا ذلك ما عرف حقّ من باطل ، ولا حسن من قبيح ، ولا إنسان من إنسان ولا ذكر من انثى ولا شيء من شيء.

وزعمتم أنّه لا يذكر رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لا عند الذّبيحة ولا عند الجماع (٧) [ قيل لكم : فما بال الجماع؟ (٨) فلم يكن عندكم الاّ قبول قول الخرّاصين وقلتم : هكذا روينا عمّن كان قبلنا (٩) ] قيل لكم : فانّ الوضوء والأذان والصّلاة والمناسك وكلّ ما يتقرّب به الى الله خالصا لا يقبل منه الاّ ما كان خالصا فقد بان منكم فى قياس قولكم أن لا يذكر فى الوضوء ولا فى الأذان ولا فى الصّلاة ولا فى شيء يتقرّب به

__________________

(١) ج : « وزعمتم ».

(٢) س : « لم تعبد » ح : « لم يعبد ».

(٣ و ٤) هما آيتان ( ٤٩ و ٥٠ ) من سورة النساء.

(٥) آية ٥٨ سورة النساء.

(٦) هاتان الكلمتان لم تذكرا فى ج.

(٧) ح : « الجماعة ».

(٨) كذا ولعل الاصل قد كان : « فما بال الذبيحة والجماع؟! ».

(٩) ما بين المعقفتين ليس فى ح ج مث.

٢٨٨

الى الله وأنّ كلّ ما يذكر فيه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ [ غير خالص لله وأنّه شرك وأىّ شرك أشرك أو كفر أكفر ولا أشنع من قول قائل : انّ كلّ ما ذكر فيه رسول الله (ص) (١) ] [ فصلّى عليه (٢) ] فهو شرك وليس هو لله خالصا ، فانظروا الى صدّكم النّاس عن ذكر رسول الله (ص) والصّلاة عليه والله يقول : ( وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ) (٣) ففسّره المفسّرون أنّه عنى ان لا أذكر فى موطن الاّ ذكرت معى ؛ فزعمتم أنّ ذكر رسول الله (ص) مع الله شرك (٤).

[ ذكر القنوت

وأجمعتم على ترك القنوت (٥) ] وزعمتم أنّ القنوت بدعة (٦) وقد أمر الله تبارك وتعالى به فى كتابه فقال عزّ وجلّ : ( وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) (٧) وقال : ( إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (٨) وقال : ( يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ) (٩) [ فزعمتم أنّ ما أمر الله به (١٠) من القنوت الطّاعة انّما قال : قوموا لله مطيعين ، وانّ ابراهيم كان أمّة مطيعا لله ، ويا مريم أطيعى الله (١١) واسجدى ، وأنتم

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس فى ح.

(٢) « فصلى عليه » ليس فى النسخ ولكنه لازم حتى يستقيم المعنى.

(٣) آية ٤ سورة الانشراح.

(٤) هنا تم ما لم يكن فى م وكان فى نسخ ج ح س ق مج مث فقط.

(٥) ما بين الحاصرتين فى م فقط.

(٦) هذه الجملة ليست فى م.

(٧) ذيل آية ٢٣٨ من سورة البقرة وصدرها : « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ».

(٨) آية ١٢٠ سورة النحل.

(٩) آية ٤٣ سورة آل عمران.

(١٠) ح : « أنما أراد به الله ».

(١١) س ق ج مج مث : « لله ».

٢٨٩

تروون أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قد قنت فى صلاته ودعا على المشركين وتروون أنّ أبا بكر وعمر قد قنتا ، وأنّ عليّا ـ صلوات الله عليه ـ قنت فلعن (١) معاوية وأصحابه ؛ فالقنوت فى الصّلاة معروف غير مجهول (٢) ] وانّما القنوت دعاء قال الله تعالى : ( وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ ) (٣) [ وقال : ( قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ ) (٤) وقد كذبتم ] فمن المكذّب (٥) بالدّعاء (٦)؟! القانت الدّاعى أو من [ ترك الدّعاء؟! وقد صيّره الله عزّ وجلّ (٧) ] عبادة فنهيتم النّاس عنها وقلتم : من قنت فهو صاحب بدعة وهوى ...!

[ وروى جرير عن يزيد بن أبى زياد (٨) عن عبد الرّحمن بن أبى ليلى قال :

__________________

(١) غير ح جميعا : « وأن عليا (ص) يلعن ».

(٢) ما بين المعقفتين ليس فى م.

(٣) آية ٦٠ سورة المؤمن.

(٤) صدر آخر آية سورة الفرقان ؛ وليعلم أن ما بين المعقفتين ليس فى م.

(٥) م : « فمن الكاذب ».

(٦) كلمة « بالدعاء » فى م فقط.

(٧) غير م : ( بدل ما فى المتن ) : « ترك ذلك فقد صير الله الدعاء ».

(٨) فى الاصل : « بريد ( بالياء الموحدة والراء المهملة ) بن أبى زياد » وهو مصحف قطعا ؛ قال ابن حجر فى تهذيب التهذيب : « يزيد بن أبى زياد القرشى الهاشمى أبو عبد الله مولاهم الكوفى رأى أنسا وروى عن مولاه عبد الله بن الحارث بن نوفل وابراهيم النخعى وعبد الرحمن بن أبى ليلى ( الى ان قال ) وعنه اسماعيل بن أبى ـ خالد ( الى ان قال ) والسفيانان وجرير بن عبد الحميد وعلى بن مسهر ومحمد بن فضيل وآخرون قال النضر بن شميل عن شعبة كان رفاعا وقال على بن المنذر عن ابن فضيل : كان من أئمة الشيعة الكبار ( الى آخر ما ذكره من ترجمته المبسوطة فمن أرادها فليراجع تهذيب التهذيب ) فعلم أن المراد من جرير المذكور فى صدر السند هو جرير بن عبد الحميد المشار إليه فى كلام ابن حجر.

٢٩٠

صلّيت خلف عمر الفجر فقرأ فى الرّكعة الاولى سورة (١) يوسف ثمّ قام فقرأ فى الرّكعة الثّانية اذا زلزلت فقنت ؛ فسمعت منه ما بين السّجدتين (٢) : اللهمّ انّا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ، القنوت ؛ الى آخره (٣) ].

__________________

(١) فى الاصل : « بسورة ».

(٢) كذا صريحا فى الاصل.

(٣) هذه الرواية المذكورة بين المعقوفتين فى م فقط وليس فى سائر النسخ منها أثر. ثم ليعلم أن قول المصنف (ره) : « الى آخره » اشارة الى أن هذا المطلب معروف مشهور معلوم عند الناظرين فى الكتاب ولذا لم يذكره الى آخره وهو كذلك فلنشر الى بعض ما يدل على ذلك ؛ قال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب فى أوائل الدليل الثامن ( انظر ص ١٧٣ ) ما نصه :

« و ـ السيوطى فى الاتقان أخرج الطبرانى فى الدعاء من طريق عباد بن يعقوب الاسدى عن يحيى بن يعلى الاسلمى عن ابن لهيعة عن أبى هبيرة عن عبد الله بن رزين الغافقى قال : قال لى عبد الملك بن مروان : لقد علمت ما حملك على حب أبى تراب الا أنك أعرابى جاف فقلت : والله لقد جمعت القرآن من قبل ان يجتمع أبواك ولقد علمنى منه على بن أبى طالب عليه‌السلام سورتين علمهما اياه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ما علمتهما أنت ولا أبوك [١] اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونثنى عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك [٢] اللهم اياك نعبد ، ولك نصلى ونسجد ، وأليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك الحد ، ان عذابك بالكفار ملحق. ز ـ وفيه : أخرج البيهقى من طريق سفيان الثورى عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال : بسم الله الرحمن الرحيم اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونثنى عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك بسم الله الرحمن الرحيم اللهم اياك نعبد ، ولك نصلى ونسجد ، وأليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى نقمتك ، ان عذابك بالكافرين ملحق. قال ابن جريج : حكمة البسملة أنها سورتان فى مصحف بعض الصحابة. ح ـ وفيه وفى مجمع الزوائد : وأخرج الطبرانى بسند صحيح عن أبى اسحاق قال : أنبأنا أمية بن عبد الله بن

٢٩١

[ و (١) الله تبارك وتعالى يقول : ( إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ

__________________

(١) من هنا أعنى « والله تبارك وتعالى يقول : ( إِنَّ الَّذِينَ ) » الى ما يأتى من قوله تعالى : ( كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) ليس فى م لكنه موجود فى سائر النسخ الست جميعا.

__________________

خالد بن أسيد بخراسان فقرأ بهاتين السورتين : انا نستعينك ونستغفرك. ط ـ وفيه : وأخرج البيهقى وأبو داود فى المراسيل عن خالد بن أبى عمران أن جبرئيل نزل بذلك على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مع قوله تعالى : ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ). ى ـ السيوطى فى الدر المنثور على ما نقل عنه : أخرج ابن الضريس عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن أبيه قال : صليت خلف عمر بن الخطاب فلما فرغ من السورة الثانية قال : اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونثنى عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم اياك نعبد ولك نصلى ونسجد ، وأليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، ان عذابك بالكفار ملحق. وفى مصحف ابن عباس : قراءة أبى وأبى موسى : بسم الله الرحمن الرحيم اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونثنى عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. يا ـ الراغب فى المحاضرات : أثبت زيد سورتى القنوت فى القرآن ».

وقال أيضا المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب فى أوائل الدليل السادس الّذي هو فى بيان أن هذا المصحف الموجود غير شامل لتمام ما فى مصحف أبى بن كعب فيكون غير شامل لتمام ما نزل اعجازا لصحة ما فى مصحف أبى واعتباره ضمن ذكره أدلته على مدعاه ما نصه ( انظر ص ١٤٦ ) : « يب ـ السيوطى فى الاتقان : وفى مصحف ابن مسعود : مائة واثنتا عشرة سورة لانه لم يكتب المعوذتين وفى مصحف أبى ست عشرة لانه كتب فى آخره سورتى الحفد والخلع ( فذكر أحاديث فى هذا المضمون ثم قال : ) قلت : ويأتى لهاتين السورتين طرق أخر » فمن أرادها فليراجع الكتاب.

أقول : ذكر السيوطى أحاديث هاتين السورتين فى آخر تفسيره الدر المنثور

٢٩٢

إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (١) فأىّ

__________________

(١) آية ٥٦ سورة المؤمن.

__________________

بعد سورتى المعوذتين والاحاديث المشار إليها كثيرة جدا بحيث لا يسعها المقام فمن أرادها فليراجع الكتاب المذكور تحت عنوان « ذكر ما ورد فى سورة الخلع وسورة الحفد » ( انظر ج ٦ ؛ ص ٤٢٠ ـ ٤٢٢ ) وعبارة الراغب فى المحاضرات تحت عنوان « ومما جاء فى مبدأ القرآن ونزوله » ( راجع ج ٢ ؛ ص ٢٥ من طبعة مصر سنة ١٢٨٧ ) وتصدى الشيخ جواد البلاغى (ره) فى تفسير آلاء الرحمن تحت عنوان « الامر الرابع مما ألصقوه بكرامة القرآن المجيد ما رواه فى الاتقان والدر المنثور » لرد هذه الاخبار وتزييفها ( فان أردت أن تلاحظ كلامه فراجع ج ١ ؛ ص ٢٣ ـ ٢٤ ).

وأيضا قال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب ضمن ما قال تحت عنوان « الدليل السابع » : « وأما الاخبار فهى كثيرة » فخاض فى ذكرها الى أن قال ( ص ١٥٥ ) ما نصه : د ـ العلامة رحمه الله فى بحث القنوت من التذكرة : روى واحد من الصحابة سورتين احداهما ـ اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونستهديك ونستنصرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثنى عليك الخير كله ونشكرك ولا نكفرك ونخلع من يفجرك والثانية ـ اللهم اياك نعبد ، ولك نصلى ونسجد ، وأليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ان عذابك بالكفار ملحق ، فقال عثمان : اجعلوهما فى القنوت ولم يثبتهما فى المصحف لانفراد الواحد وكان عمر يقنت بذلك ؛ ولم ينقل ذلك من طريق أهل البيت عليهم‌السلام فلو قنت بذلك جاز لاشتماله على الدعاء ( انتهى ) قلت : قال الشيخ محمد المشهدى المقدم على العلامة فى المزار الكبير : أخبرنى الشيخ الجليل مسلم بن نجم البزاز الكوفى عن أحمد بن محمد المقرى عن عبد الله بن حمدان المعدل عن محمد بن اسماعيل عن أبى نعيم حمزة الزيات عن حبيب بن أبى ثابت عن عبد الرحمن

٢٩٣

سلطان ( أتاكم ) فأخبركم أنّه ليس فى كتاب الله ولا فى سنّة رسول الله (ص) ما يحتاج

__________________

بن الاسود الكاهلى وأخبرنى الفقيه الجليل العالم أبو المكارم حمزة بن زهرة الحسينى الحلبى املاء من لفظه وأرانى المسجد وروى لى هذا الخبر عن رجاله عن الكاهلى قال : قال : ألا تذهب بنا الى مسجد أمير المؤمنين عليه‌السلام فنصلى فيه؟ قلت : وأى المساجد هذا؟ قال : مسجد بنى كاهل وانه لم يبق منه سوى أسه وأس ميذنته قلت : حدثنى بحديثه قال : صلى بنا على بن أبى طالب عليه‌السلام فى مسجد بنى كاهل الفجر فقنت بنا فقال : اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونستهديك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثنى عليك الخير كله تشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من ينكرك ، اللهم اياك نعبد ، ولك نصلى ونسجد ، وأليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، ان عذابك بالكفار ملحق ، اللهم اهدنا فيمن هديت ؛ الدعاء. ورواه فى البحار عن مزار الشهيد عن حبيب بن أبى ثابت مثله والسيد عبد الكريم بن طاوس المعاصر للعلامة نقله فى كتابه فرحة الغرى عن المزار المتقدم فقوله (ره) : لم ينقل من طريق أهل البيت عليهم‌السلام ، لعله فى غير محله ».

ونقله أيضا فى مستدرك الوسائل فى كتاب الصلاة فى باب استحباب الدعاء فى القنوت بالمأثور عن مزار ابن المشهدى ومزار الشهيد ثم قال : قلت : قال العلامة فى التذكرة فنقل كلامه ثم قال : « وفيه ما عرفت ويأتى » ويشير به الى اشتباه العلامة فى نفيه كونه مرويا بطريق أهل البيت عليهم‌السلام والمراد بما يأتى ما أشار إليه من كونه مذكورا فى دعائم الاسلام ونص عبارته هناك : « دعائم الاسلام روينا عن أهل البيت عليهم‌السلام فى الدعاء فى قنوت الفجر وجوها كثيرة ومن أحسن ما فيها وكلها حسن أن تقول : اللهم انا نستعينك ( فذكر قريبا مما مر نقله ) ».

ونظيره ما ذكره الحاج الشيخ محمد باقر البيرجندى (ره) فى مفتاح الفردوس فى أواخر القصر الثالث ( انظر ص ٧٥ ) ونص عبارته : « وراغب در محاضرات

٢٩٤

النّاس إليه فى أمر دينهم وأنّ رسول الله نهى أمّته عن القنوت فى الصّلاة؟!

وأنتم تروون أنّه قد قنت ؛ وقنت الخلفاء بعده ، وأنتم تزعمون أنّ من قنت فهو مبتدع وقد قال الله تعالى : ( وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ ) ؛ فزعمتم أنّه عنى وقوموا لله مطيعين فانّما أمرهم أن يطيعوا الله وهم قيام ولا يطيعونه اذا كانوا جلوسا ولا اذا ناموا ، ولا اذا اتّكئوا ؛ انّما امروا [ على ما (١) ] زعمتم بالطّاعة وهم قيام ؛ [ ذلك ليعلموا (٢) أنّ

__________________

(١) « على ما » فى هامش نسخة ج فقط وأضاف إليه قوله « ظ » يريد به أنه كان كذلك ظاهرا.

(٢) مج : « ليعلم ».

__________________

گفته كه : زيد در قرآن ثابت گذاشته دو سوره قنوت را » فبعد أن ذكر فى الهامش سورتى ـ القنوت وذكر ترجمة كلام العلامة عن التذكرة قال : « أحقر گويد : آن را از طريق شيعه محمد بن المشهدى در مزار كبير ودر بحار از مزار شهيد آورده اند كه أمير المؤمنين عليه‌السلام آن را در قنوت در مسجد بنى كاهل خواندند ».

أقول : قال ابن قتيبة فى أوائل كتاب تأويل مختلف الحديث فى جوابه عما طعن به النظام على عبد الله بن مسعود بأنه جحد من كتاب الله تعالى سورتين فهبه لم يشهد قراءة النبي (ص) بهما فهلا استدل بعجيب تأليفهما وأنهما على نظم سائر القرآن المعجز للبلغاء ان ينظموا نظمه وان يحسنوا مثل تأليفه ( انظر ص ٢٦ و ٣١ ـ ٣٢ من طبعة مصر سنة ١٣٢٦ ه‍ ، أو ص ٢١ و ٢٥ ـ ٢٦ من طبعة مصر سنة ١٣٨٦ ه‍ ) : « وطعنه عليه لجحده سورتين من القرآن العظيم يعنى المعوذتين فان لابن مسعود فى ذلك سببا والناس قد يظنون ويزلون واذا كان هذا جائزا على النبيين والمرسلين فهو على غيرهم أجوز ، وسببه فى تركه اثباتهما فى مصحفه أنه كان يرى النبي (ص) يعوذ بهما الحسن والحسين ويعوذ غيرهما كما كان يعوذهما بأعوذ بكلمات الله التامة فظن أنهما ليستا من القرآن فلم يثبتهما فى مصحفه وبنحو هذا السبب أثبت أبى بن كعب فى مصحفه افتتاح دعاء القنوت وجعله سورتين لانه كان يرى رسول الله (ص) يدعو بهما فى الصلاة دعاء دائما فظن أنه من القرآن ».

٢٩٥

النّاس يقنتون وهم قيام (١) ] فمن قال : قوموا لله قانتين فأنتم (٢) تجادلون فى آيات الله بغير سلطان وقد قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) (٣) ].

ذكر أحكام شتى (٤)

وأجمعتم على أنّ الرّعاف [ والحجامة والقىء (٥) ] تنقض (٦) الوضوء وجوّزتم لأهل الحجاز (٧) أن يصلّوا وهم فى الحالات الّتي أوجبتم فيها نقض الوضوء وصلّيتم خلفهم وقبلتم شهادتهم وزكّيتموهم ورويتم الحديث عنهم وهم يقولون : المسح على الخفّين طول سفرك وان سافرت سنة ؛ وأنتم تقولون : من زاد على ثلاثة أيّام انتقض وضوؤه ، وهم يقولون : انّ نكاح النّساء فى أدبارهنّ حلال وأنتم تقولون : هو حرام وتلعنون من يفعله أو يزعم أنّه حلال ، ويرون الوضوء ممّا غيّرت النّار ، والوضوء من مسّ الذّكر ؛ وأنتم تنكرون ذلك ، ولا يرون طلاقا الاّ بعد نكاح حتّى يقولون : لو وضع يده على رأسها فقال : يوم أتزوّجها فهى طالق ؛ لم يلزمه (٨) الطلاق (٩) وكذلك العتق [ وأنتم تلزمونه (١٠) الطّلاق والعتق (١١) ] فقبلتموهم على هذا الخلاف وقلتم : هم أهل ـ

__________________

(١) ما بين المعقفتين فى س ح مج مث فقط.

(٢) مج مث ج س ق : « وأنتم ».

(٣) آية ٣٥ سورة المؤمن.

(٤) العنوان فى م فقط.

(٥) « والحجامة والقىء » فى غير م.

(٦) م : « ينقض ».

(٧) فليعلم أن هذه المطالب قد تقدمت فى الكتاب تحت عنوان « أقاويل أهل الحجاز وأهل العراق » ( انظر ص ٥٠ ـ ٥١ ) واستفدنا فى تصحيح عبارة المتن هنا مما تقدم.

(٨) ح : « لم يلزمها ».

(٩) م ( بدل الجملة ) : « لم يكن بشيء ».

(١٠) ح : « تلزمونها ».

(١١) ما بين المعقفتين ليس فى م.

٢٩٦

الجماعة والسّنّة [ و (١) ليس من الخلاف شيء الاّ وهو بينكم وبينهم الاّ أنّهم لمّا وافقوكم على تفضيل أبى بكر وعمر على عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ لم يضرّهم خلافهم عندكم وصار تفضيلهما على عليّ (ع) عندكم سنّة (٢) الدّين ؛ لا الصّلاة بغير وضوء ولا شيء ممّا خالفوكم فيه يضرّهم اذا قدّموهما على عليّ (ع) فلزمكم أنّ

__________________

(١) بدل ما بين المعقفتين الّذي هو عبارة م عبارة سائر النسخ هكذا : « ولا يكون من الخلاف شيء أشد ولا أشنع من أنكم تقولون : انهم يصلون على غير وضوء ، وانهم يستحلون ما حرم الله الا أنهم وافقوكم على تفضيل أبى بكر وعمر على على ـ عليه‌السلام ـ فقبلتموهم على ذلك ولم يضرهم خلافهم عندكم فصار تفضيلهما على على (ع) عندكم محنة ( او محبة ) الدين ؛ فمن فضلهما على على (ع) فهو على دين الله وان صلى على غير وضوء وأتى كل ما نهى الله عنه اذا فضلهما فهو من أهل السنة والجماعة لا يضره ما صنع ( فى النسخ « لا يضرهم ما صنعوا » ) فقد أبحتم المعاصى لهم وقلتم : اذا قدمتموهما فاعملوا ما شئتم وأنتم تنحلون الشيعة أنهم ( فى بعض النسخ : « الى أنهم » ) يقولون ذاك فى على (ع) فكيف تقول الشيعة هذا وهم يقولون : لا يزنى الزانى وهو مؤمن ، ولا يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن ، ولا يقتل النفس الحرام وهو مؤمن ؛ وأنتم تقولون : ان هذا الفعل لا يخرجه من الايمان فمن ذا الّذي يقول : اعرف واعمل ما شئت؟ أنتم أم الشيعة؟

وقد قال الله تبارك وتعالى : ( وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً ).

ولم تخالفكم الشيعة الا فى مثل ما خالفكم فيه أهل الحجاز فلم تقبلوا للشيعة صرفا ولا عدلا فو الله ما استوحشوا لفراقكم اياهم ولا لكثرتكم وقلتهم بل زادهم بصيرة وتمسكا بالكتاب والسنة ».

(٢) فى م : « محبة » ( من حب ) وفى مج : « تحية » ( من حيى ) وفى غيرهما : « محنة » ( من محن ) والصحيح ما وضعناه فى المتن والتصحيح نظرى مع التوجه الى المعنى وقرائن السياق.

٢٩٧

من قدّمهما على عليّ (ع) لم يضرّه عمل كائنا ما كان فهناك أبحتم المعاصى وقلتم : اعرفوا تقديمهما واعملوا ما شئتم وأنتم تنحلون الشّيعة أنّهم يقولون ذلك القول فى عليّ (ع) وهم يقولون : لا يزنى الزّانى وهو مؤمن ، ولا يسرق السّارق وهو مؤمن ، ولا يقتل القاتل وهو مؤمن ، وقلتم ردّا عليهم وخلافا : لا تخرج هذه الأفاعيل أحدا من الايمان اذا عرف تقديم أبى بكر وعمر على عليّ (ع).

فمن القائل بالأشنع؟ من يقول : اعرفوا تقديمها واعملوا ما شئتم؟ أو من يقول كما قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ واتّبع قول الله عزّ وجلّ حيث قال : ( وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً ) (١) ولم تخالفكم الشّيعة الاّ فى مثل ما خالفكم أهل الحجاز فى عامّة الأحكام فقبلتم شهادتهم وسمّيتموهم أهل السّنّة والجماعة للعلّة الّتي ذكرناها (٢)

__________________

(١) آية ١١٢ من سورة النساء.

(٢) يريد بالعلة تقديم على (ع) على أبى بكر وعمر. أقول : للشيخ المفيد كلام يشبه كلام الفضل بن شاذان مصنف الكتاب أحب الاشارة إليه هنا وذلك أنه نقل عنه علم الهدى فى الفصول المختارة ضمن كلام له فى المتعة ( انظر ص ١١٨ ـ ١١٩ من الجزء الاول من طبعة النجف ) : « فلو كنا على ضلالة فيها لكنا فى ذلك على شبهة تمنع ما يعتقده المخالف فينا من الضلال والبراءة منا وليس فيمن خالفنا الا من يقول فى النكاح وغيره بضد القرآن وخلاف الاجماع ونقض شرع الاسلام والمنكر فى الطباع وعند ذوى المروات ولا يرجع فى ذلك الى شبهة تسوغ له قوله وهم معه يتولى بعضهم بعضا ويعظم بعضهم بعضا وليس ذلك الا لاختصاص قولنا بآل محمد عليهم‌السلام فلعداوتهم لهم رمونا عن قوس واحد ؛ هذا ابو حنيفة النعمان بن ثابت يقول : لو أن رجلا عقد على أمه عقدة النكاح وهو يعلم أنها أمه ثم وطئها سقط عنه الحد ولحق به الولد وكذلك قوله فى الاخت والبنت وكذلك سائر المحرمات ويزعم أن هذا نكاح شبهة أوجبت سقوط الحد ، ويقول : لو أن رجلا استأجر غسالة او خياطة أو خبازة أو غير ذلك من أصحاب الصناعات ثم وثب

٢٩٨

ولم تقبلوا للشّيعة صرفا ولا عدلا (١) لتقديمهم أهل بيت رسول الله ـ عليهم‌السلام ـ والله ما استوحشوا لفراقكم ايّاهم ولا لقلّتهم وكثرتكم بل زادهم ذلك بصيرة وتمسّكا بالكتاب والسّنّة. (٢) ]

__________________

عليها فوطئها وحملت منه سقط عنه الحد ولحق به الولد ، ويقول : اذا لف الرجل على احليله حريرة ثم أولجه فى قبل امرأة ليست له بمحرم حتى ينزل لم يكن زانيا ولا وجب عليه الحد ، ويقول : ان الرجل اذا يلوط بغلام فأوقب لم يجب عليه الحد ولكن يردع بالكلام الغليظ والادب بالخفقة بالنعل والخفقتين وما أشبه ذلك ، ويقول : ان شرب النبيذ الصلب المسكر حلال طلق وهو سنة وتحريمه بدعة ( الى ان قال بعد نقل ما يقرب مما ذكر عن الشافعى وداود بن على الاصفهانى ما نصه ) : فاقتسم هؤلاء الفجور وكل منكر بينهم واستحلوه ولم ينكر بعضهم على بعض مع أن الكتاب والسنة والاجماع تشهد بضلالهم فى ذلك ثم عظموا أمر المتعة والقرآن شاهد بتحليلها والسنة والاجماع يشهدان بذلك فيعلم أنهم ليسوا من أهل الدين ولكنهم من أهل العصبية والعداوة لآل الرسول عليهم‌السلام ».

__________________

(١) هذا التعبير مأخوذ من الاحاديث ؛ قال ابن الاثير فى النهاية ضمن بيانه معانى « عدل » ما نصه : « وفيه : لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ؛ قد تكرر هذا القول فى الحديث ، والعدل الفدية وقيل الفريضة ، والصرف التوبة وقيل النافلة » وقال الطريحى فى مجمع البحرين فى « ع د ل » ما نصه : « وفى الحديث : لم يقبل الله منه عدلا ولا صرفا اى فدية ولا توبة فالعدل الفداء والصرف التوبة » أقول : وقيل : المراد بهما فى بعض الموارد الصدق والكذب وفى بعضها الخير والشر ؛ وأنت خبير بأن المراد بهما عدم الاعتناء بمن يقال فى حقه تلك العبارة فكل من المعانى المشار إليها يكون صحيحا ومناسبا فى مورده.

(٢) هذا آخر العبارة التى نقلناها من نسخة م فقط كما أشرنا إليها فى موضعه ( وهو ص ٢٩٧ ) فيما مضى أعنى عند أولها وهو : « وليس من الخلاف شيء » وذكرنا ما كان فى سائر النسخ مكانها فى ذيل عبارة المتن.

٢٩٩

[ و (١) أجمعتم (٢) [ على (٣) ] انّ الصّلاة جائزة خلف كلّ برّ وفاجر ، ولو أنّ الفاجر شهد عندكم على درهم ما أجزتم شهادته وأجزتم للفاجر أن يؤمّكم فى فرض الصّلاة الّتي جعلها الله تعالى عماد الدّين؟! وأنتم لا تدرون لعلّ الفاجر يصلّى بكم على غير وضوء ، أو لعلّه جنب من حرام ، أو لعلّه سكران من خمر ، أو لعلّه يغنّى فى الصّلاة (٤) استخفافا بالصّلاة ، وأنتم تروون أنّ النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أمر أبا بكر بالصّلاة فلمّا قبض النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قلتم : الصّلاة عماد الدّين وقد رضيه رسول الله (ص) ـ لديننا فنحن نرضاه لدنيانا فكيف رضيه رسول الله (ص) ـ للصّلاة وأنتم تروون أنّه قال : الصّلاة خلف كلّ برّ وفاجر فأىّ فضل هاهنا لأبى بكر فى الصّلاة اذا جازت خلف الحجّاج بن يوسف كما تجوز خلف أبى بكر وأنتم تروون عن الأعمش أنّه قال : لقيت أبا وائل (٥) فى إمارة الحجّاج [ صلّى ]

__________________

(١) ما بين المعقفتين أعنى من قوله « وأجمعتم على أن الصلاة جائزة » الى قوله : « عن أبى يوسف القاضى عن مجالد بن سعيد » ليس فى م لكنه موجود فى جميع النسخ الست الاخر أعنى نسخ ج ح س ق مج مث ونشير عند انقضاء ما بين المعقفتين الى ان الناقص من نسخة م كان الى هنا.

(٢) فى النسخ : « اجتمعتم ».

(٣) حرف الجر أعنى « على » فى ج س ح فقط الا أن حذف حرف الجر مع أن قياسى اذا لم يكن مجال للبس كما حقق فى النحو.

(٤) ح : « فى الصلاة بكم ».

(٥) المراد بأبى وائل شقيق بن سلمة الاسدى ففى خلاصة تذهيب الكمال : « شقيق بن سلمة الاسدى أبو وائل الكوفى أحد سادة التابعين مخضرم عن أبى بكر ( الى آخر ما قال ) » ويروى عنه الاعمش ففى الخلاصة : « سليمان بن مهران الكاهلى مولاهم أبو محمد الكوفى الاعمش أحد الاعلام الحفاظ ( الى ان قال ) وروى عن أبى وائل ( الترجمة ) » فمن أراد التفصيل فليراجع تهذيب التهذيب أو سائر المفصلات.

٣٠٠