الإيضاح

الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري

الإيضاح

المؤلف:

الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري


المحقق: السيد جلال الدين الحسيني الأرموي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة انتشارات و چاپ دانشگاه تهران
المطبعة: مؤسسة انتشارات و چاپ دانشگاه تهران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٢٣

قرّاء أهل البصرة؟ ـ قالوا : نعم ، قال : والله لقد كنّا نقرأ سورة على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كنّا نشبّهها ببراءة تغليظا وتشديدا فنسيناها غير أنّى أحفظ حرفا واحدا منها أو حرفين : لو كان لابن آدم (١) واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الاّ التّراب (٢) ويتوب الله على من تاب. ورويتم أنّ سورة الأحزاب كانت ضعف ما هى فذهب منها مثل ما بقى فى أيدينا. ورويتم أنّ سورة « لم يكن » (٣)

__________________

(١) فليعلم أن العبارة قد ذكرت بعنوان الحديث فى كتب الاحاديث فقال السيوطى فى الجامع الصغير فى حرف اللام : « لو كان لابن آدم واد من مال لابتغى إليه ثانيا ، ولو كان له واديان لابتغى له ثانيا ولو كان له واديان لابتغى لهما ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ويتوب الله على من تاب ؛ حم ق ت ( يريد بالرموز مسند أحمد وصحيحى البخارى ومسلم وسنن الترمذي ) عن أنس ( حم ق ) عن ابن عباس ؛ خ ( يريد به البخارى ) عن ابن الزبير ؛ ه‍ ( يعنى به ابن ماجة ) ، عن أبى هريرة ( حم ) عن أبى وافد ( تخ ) يريد به تاريخ البخارى والبزار عن بريدة ( صح ) لو كان لابن آدم واد من نخل لتمنى مثله ثم تمنى مثله حتى يتمنى أودية ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب ( حم حب ) عن جابر ( صح ) ».

(٢) فليعلم أن النقص الّذي أشرنا الى وجوده فى نسخ ج ح س ق مج مث فيما سبق أعنى قول المصنف (ره) : « ورويتم أن أبا بكر رأى أن يجعل الخمس الّذي جعله الله عز وجل لذى القربى فى الكتاب فى الكراع » ( راجع ص ١٧٩ ) كان الى هنا أعنى الى قوله : « ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب » فمن قوله « ويتوب الله على من تاب » عبارة المتن موجودة فى جميع النسخ الا أن العبارة فى غير نسخة م فى أواخر الكتاب وقبلها بياض فى النسخ حتى يكون علامة لما سقط وفى بعضها كتب فى الهامش « سقط من هنا شيء » الا أنا لا نذكر من اختلاف النسخ من هذا الموضع شيئا الا ما كان مهما بحيث غير المعنى بل نكتفى غالبا بعبارة نسخة م نعم ان كان فى ذكر الاختلاف وتقييد بدل ما فى نسخة م فائدة نشير إليها والا فلا والاكتفاء بعبارتها لكونها أقدم النسخ وأتقنها كما أشرنا إليه فى المقدمة.

(٣) المراد بسورة « لم يكن » سورة البينة.

٢٢١

[ كانت ] مثل سورة البقرة قبل أن يضيع منها ما ضاع وانّما بقى ما فى أيدينا منها ثمانى آيات أو تسع آيات ؛ فلئن كان الأمر على ما رويتم لقد (١) ذهب عامّة كتاب الله عزّ وجلّ الّذي أنزله على محمّد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ. ورويتم أنّه جمع القرآن (٢) على عهد رسول الله ستّة نفر كلّهم من الأنصار وأنّه لم يحفظ القرآن الاّ هؤلاء النّفر ؛ فمرّة تروون أنّه لم يحفظه قوم ، ومرّة تروون أنّه ذهب منه شيء كثير ، ومرّة تروون أنّه لم يجمع القرآن أحد من الخلفاء الاّ عثمان (٣) فكيف ضاع القرآن وذهب وهؤلاء النّفر قد حفظوه بزعمكم وروايتكم؟!

ثمّ رويتم بعد ذلك كلّه أنّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ عهد الى عليّ بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ أن يؤلّف القرآن فألّفه وكتبه ، ورويتم أنّ إبطاء عليّ على أبى بكر البيعة (٤) [ على ما ] زعمتم لتأليف القرآن فأين ذهب ما ألّفه عليّ بن

__________________

(١) ح : « فقد » ج ق س مج مث : « وقد ».

(٢) غير م : « وأنتم تروون أن القرآن قد حفظه ».

(٣) م : « الا عمر ».

(٤) غير م : « وانما كان ابطاؤه عن أبى بكر بالبيعة » أقول : هذا المعنى ذكره غير واحد من علماء العامة قال ابن عبد البر فى الاستيعاب فى ترجمة أبى بكر عبد الله بن أبى قحافة ما نصه ( ص ٣٣٤ ـ ٣٣٣ ) : « حدثنا خلف بن قاسم حدثنا عبد الله بن عمر حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج حدثنا يحيى بن سليمان حدثنا اسماعيل بن علية حدثنا أيوب السختيانى عن محمد بن سيرين قال : لما بويع أبو بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ أبطأ على عن بيعته وجلس فى بيته فبعث إليه أبو بكر : ما أبطأ بك عنى؟ أكرهت إمارتي؟

فقال على : ما كرهت إمارتك ولكنى آليت ان لا ارتدى ردائى الا الى صلاة حتى أجمع القرآن قال ابن سيرين : فبلغنى أنه كتب على تنزيله ولو أصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير وذكر عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عكرمة قال : لما بويع لابى بكر تخلف

٢٢٢

أبى طالب ـ (ع) ـ حتّى صرتم تجمعونه من أفواه الرّجال؟! ومن صحف زعمتم كانت عند حفصة بنت عمر بن الخطّاب؟!

[ وأنتم تروون (١) عن النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه قال : أبىّ أقرأكم. ورويتم أنّه (ص) قال : من أراد أن يقرأ القرآن غضّا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أمّ عبد (٢). ورويتم أنّ النّبيّ (ص) قال : لو كنت مستخلفا أحدا عن غير مشورة

__________________

على عن بيعته وجلس فى بيته فلقيه عمر فقال : تخلفت عن بيعة أبى بكر؟ فقال : انى آليت بيمين حين قبض رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ان لا ارتدى بردائى الا الى الصلاة المكتوبة حتى أجمع القرآن فانى خشيت أن ينفلت ؛ ثم خرج فبايعه وقد ذكرنا جمع على القرآن فى بابه أيضا من غير هذا الوجه والحمد لله » وأشار فى ترجمة أمير المؤمنين على بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ الى هذا المطلب بقوله ( انظر ص ٤٦٢ من طبعة حيدرآباد الدكن سنة ١٣٣٦ ) : « وقد ذكرنا فى باب أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ انما كان تأخر على عنه تلك الايام لجمعه القرآن » والخوض فى الاشارة الى كلمات غيره وهم كثيرون يفضى الى طول فمن أرادها فليراجع مظانها.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين فى غير م وليس فى م هنا منه كلمة.

(٢) قال الحافظ نور الدين على بن أبى بكر الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب ما جاء فى عبد الله بن مسعود فى حديث طويل ( ج ٩ ؛ ص ٢٨٧ ) : « قال رسول الله (ص) : من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد » وأيضا هناك : « وعن عبد الله يعنى ابن مسعود أن رسول الله (ص) قال : من سره أن يقرأ القرآن غضا كما انزل فليقرأه على قراءة ابن أمّ عبد ؛ رواه أحمد والبزار والطبرانى وفيه عاصم بن أبى النجود وهو على ضعفه حسن الحديث وبقية رجال أحمد رجال الصحيح ، ورجال الطبرانى رجال الصحيح غير فرات بن محبوب وهو ثقة » وقال ابن الجوزى فى صفة الصفوة فى ترجمته :

٢٢٣

لاستخلفت ابن أمّ عبد (١) ورويتم فى حديث آخر أنّه (ص) قال : رضيت لأمّتى ما رضى لها ابن أمّ عبد وسخطت لها ما سخط لها ابن أمّ عبد (٢). ثمّ رويتم أنّ عثمان

__________________

« قال رسول الله (ص) : من سره أن يقرأ القرآن رطبا فليقرأه على قراءة ابن أمّ عبد » ( انظر ج ١ ص ١٥٦ ـ ١٥٧ ) وقال الحاكم فى المستدرك ( ج ٣ ؛ ص ٣١٨ ) : « أخبرنا أبو الحسن على بن محمد القرشى بالكوفة حدثنا الحسن بن على بن عفان العامرى ، حدثنا مصعب بن المقدام ، حدثنا سفيان عن الاعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عمر ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ؛ هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » قال ابن الاثير فى النهاية : « س : وفيه : من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليسمعه من ابن أم عبد ، الغض الطرى الّذي لم يتغير ؛ أراد طريقه فى القراءة وهيأته فيها ، وقيل : أراد بالآيات التى سمعها منه من أول سورة النساء الى قوله : فكيف اذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ».

__________________

(١) قال الحاكم فى المستدرك ( ج ٣ ؛ ص ٣١٨ ) : « أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضى ، حدثنا ابراهيم بن الحسين ، حدثنا المعافى بن سليمان الحرانى ، حدثنا القاسم بن معن عن منصور عن أبى اسحاق عن عاصم بن ضمرة عن على ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : لو كنت مستخلفا أحدا من غير مشورة لاستخلفت عليهم ابن أم عبد ، هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ».

(٢) قال الحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب ما جاء فى عبد الله بن مسعود ( ج ٩ ص ٢٩٠ ) : « وعن عبد الله يعنى ابن مسعود قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : « رضيت لامتى ما رضى لها ابن أم عبد وكرهت لامتى ما كره لها ابن أم عبد ؛ رواه البزار والطبرانى فى الاوسط باختصار الكراهة ورواه فى الكبير منقطع الاسناد وفى اسناد

٢٢٤

ترك قراءة أبىّ وابن مسعود وأمر [ على ما ] زعمتم بمصاحف ابن مسعود فحرّقت (١) وجمع النّاس على قراءة زيد. ورويتم أنّ عمر بن الخطّاب وجّه ابن مسعود الى الكوفة يفقّه النّاس ويقرئهم القرآن ؛ فكان ثقة عند عمر بن الخطّاب فى توجيهه الى

__________________

(١) مج مث ح س : « فمزقت ».

__________________

البزار محمد بن حميد الرازى وهو ثقة وفيه خلاف وبقية رجاله وثقوا » وقال الحاكم فى المستدرك فى كتاب معرفة الصحابة ضمن ذكره مناقب عبد الله بن مسعود ( ج ٣ ؛ ص ٣١٧ ـ ٣١٨ ) : « حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أبو جعفر محمد بن على الوراق بحمدان ، حدثنا يحيى بن على المحاربى ، حدثنا زائدة عن منصور بن زيد بن وهب ، عن عبد الله قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ : رضيت لامتى ما رضى لها ابن أم عبد ، هذا اسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وله علة من حديث سفيان الثورى فأخبرنا محمد بن موسى بن عمران الفقيه ، حدثنا ابراهيم بن أبى طالب ، حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن سفيان وأما حديث اسرائيل فأخبرناه أبو عبد الله الصفار ، حدثنا أحمد بن مهران ، حدثنا عبيد الله بن موسى أنا اسرائيل جميعا عن منصور عن القاسم بن عبد الرحمن أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : رضيت لامتى ما رضى لها ابن أم عبد ».

وقال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب عند ذكره الوجه الثانى من الامر الثالث من الدليل الخامس ( والوجه المذكور فى بيان اعتبار مصحف عبد الله بن مسعود وصحته ) ما نصه ( ص ١٤٢ ) : « الثانى أمر النبي (ص) بأخذ القرآن عنه والقراءة عليه ويلزمه صحة ما كان عنده لما رواه الشيخ فى تلخيص الشافى عن النبي (ص) أنه قال : من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد ، وتقدم قريب منه عن الحضينى ( يشير به الى ما نقله قبل ذلك فى ص ١٣٧ ) ونقله الشيخ فضل بن شاذان فى الايضاح وله طرق كثيرة فى كتب المخالفين ( الى آخر ما قال ) » فلننجز الآن الوعد الّذي وعدناه فيما

٢٢٥

الكوفة ويقرئهم القرآن مع قول رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فيما رويتم فيه وفى أبىّ فترك قراءته وقراءة أبىّ وأمر النّاس بقراءة زيد فهى فى أيدى النّاس الى يومنا

__________________

سبق ( ص ٢١١ ) من الاشارة الى باقى الموارد التى نقل فيها المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب من هذا الكتاب فنقول :

قال المحدث النورى (ره) فى فصل الخطاب فى المقدمة الاولى ضمن تحقيق له ( ص ١٥ ) :

« وقال الشيخ الاقدم فضل بن شاذان فى كتاب الايضاح مشيرا الى المخالفين فى جملة كلام له يأتى فيما بعد : روى بعضكم أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أمر عليا عليه‌السلام ـ بتأليف القرآن فألفه وكتبه ، وانما كان ابطاؤه عن أبى بكر بالبيعة على ما زعمتم تأليف القرآن فأين ذهب ما ألفه ـ عليه‌السلام ـ حتى صاروا يجمعونه من أفواه الرجال؟! ومن صحف زعمتم كانت عند حفصة بنت عمر؟! الى آخر ما قال ».

وقال أيضا بعيد ذلك بعد نقل خبر ( ص ١٧ ) بهذه العبارة : « فروى البخارى مرة عن عبد الله بن العاص قال : سمعت النبي (ص) يقول : خذوا القرآن من أربعة ؛ من عبد الله ابن مسعود وسالم ومعاذ وأبى بن كعب ، وأخرى عن قتادة قال : سألت أنس بن مالك من جمع القرآن على عهد رسول الله (ص)؟ ـ فقال : أربعة كلهم من الانصار ؛ أبى بن كعب ، ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت ، وأبو زيد ، قلت : من أبو زيد؟ قال : أحد عمومتى ، وتارة عن أنس ( الى أن قال ؛ انظر ص ١٨ ) : وقد جعل الشيخ الجليل فضل بن شاذان هذا الخبر من مناقضات أخبارهم ويأتى كلامه عن قريب ».

وقال أيضا فى أوائل الدليل السادس من فصل الخطاب وهو فى بيان أن هذا المصحف الموجود غير شامل لتمام ما فى مصحف أبى بن كعب فيكون غير شامل لتمام ما نزل اعجازا لصحة ما فى مصحف أبى واعتباره » ( انظر ص ١٤٨ ) : « ومما اشتهر فى كتب

٢٢٦

هذا ؛ فلئن كان أبىّ وابن مسعود ثقتين فى الفقه انّهما لثقة فى القرآن. ولقد أوجبتم عليهم بترك قراءة ابن مسعود أنّهم لم يرضوا للامّة بما رضى لها رسول الله (ص) وأنّهم كرهوا ما رضى لهم الرّسول ، فأىّ وقيعة تكون أشدّ ممّا تروونه عليهم؟! فو الله لو اجتمع كلّ رافضىّ

__________________

القوم ورووه بعدة طرق قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أبى أقرؤكم ، وقوله (ص) : خذوا القرآن من أربعة منهم أبى ، ومما يؤيد صحة قراءته مخالفته لزيد بن ثابت وطعنه عليه فى قراءته وهجر القوم قراءته قال فضل بن شاذان فى الايضاح : وأما أبى فقد نبذتم قراءته وكذلك قراءة ابن مسعود فيما تروون منهما عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلئن كان الّذي رويتموه عن رسول الله (ص) حقا لقد خالفتم النبي فيما قال فى هؤلاء النفر. وقال فى موضع آخر : وقد رويتم أنه قال : من أراد أن يقرأ القرآن ( الى آخر ما مر ) وقال : زعمتم أبى أقرؤكم ، فقد تركتم قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقرأتم قراءة زيد خلافا لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ( انتهى ) ». وقال أيضا فى المقدمة الثانية من فصل الخطاب ضمن نقله الاخبار التى تدل على سقوط شيء من القرآن صريحا وبها تمسك من أثبت وجود منسوخ التلاوة فيه مع عدم اشارة فيها إليه ما نصه ( انظر ص ١١٩ ) : « مح ـ فضل بن شاذان فى الايضاح : ورويتم [ أن ] لم يكن الذين كفروا كانت مثل سورة البقرة قبل أن يضيع منها ما ضاع فانما بقى فى أيدينا منها ثمان آيات أو تسع آيات ( الى آخر ما قال ) قلت : وهذه الاخبار أيضا فى سقوط تلك الآية ( يريد بها آية الرجم ) ونقصان سورة لم يكن وأن الآية كانت مثبتة فى مصحف أبى بن كعب ، وظاهر بعضها أن عدم ادخالها عمر فى المصحف بعد عثورها عليه لانفراد أبى بها وعدم شهادة غيره بها عنده وليس فى نسخ تلاوتها أثر فى تلك الاخبار بعد الغض عن بطلان أصله بل صريح بعضهم أنهم حرفوا سورة لم يكن لسر الفضيحة عن أنفس القوم. ثم كيف تنسخ الآية ولا يعلمه أبى وهو سيد القراء عندهم؟! وقد أمر النبي (ص) بقراءة تلك السورة وغيرها عليه كما تقدم ويأتى ، وكذا

٢٢٧

على وجه الأرض على أن يقولوا فيهم أكثر ممّا قلتم ما قدروا عليه طعنا وسوء قول وتجهيلا وجرأة على الله ، وأنتم تزعمون أنّكم الجماعة وأنّ الجماعة لا تجتمع على ضلال ].

__________________

ابن مسعود الّذي أمروا بأخذ القرآن عنه وقد تقدم أنه أثبتها فى مصحفه.

ويؤيد ما ذكرنا أن الشيخ فضل بن شاذان جعل تلك الروايات من مطاعنهم وفهم منها أن تلك الآية وغيرها مما ذكرها قد سقطت عن أيديهم فقال : لئن كان الامر على ما رويتم فقد ذهب عامة كتاب الله الّذي نزل على رسوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأنتم تروون أن القرآن قد حفظه على عهد رسول الله (ص) ستة نفر كلهم من الانصار وأنه لم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء الا عثمان فكيف ضاع القرآن وهؤلاء النفر قد حفظوه بزعمكم وروايتكم؟! ثم روى بعضكم أن رسول الله (ص) أمر عليا (ع) بتأليف القرآن فألفه وكتبه وانما كان ابطاؤه عن أبى بكر بالبيعة على ما زعمتم تأليف القرآن فأين ذهب ما ألفه على (ع) حتى صاروا يجمعونه من أفواه الرجال؟! ومن صحيفة زعمتم كانت عند حفصة؟! الى آخر ما قال » وقال (ره) أيضا فى ذلك الكتاب فى أوائل الدليل الثامن وهو عبارة عن الاخبار التى رواها المخالفون زيادة على ما مر فى المواضع السابقة الدالة صريحا على وقوع التغيير والنقصان فى المصحف الموجود ما نصه ( ص ١٧٣ ) : « ه‍ ـ الشيخ الجليل فضل بن شاذان فى الايضاح فيما رواه عنهم وقد سقط من نسختى سطور وهذا لفظ الباقى : ويتوب الله على من تاب * ولقد نزلت علينا سورة كنا نشبهها بالمسبحات فنسيناها غير أنى أحفظ منها حرفا أو حرفين : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ ) فتكتب شهادة فى أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة ( يشير به الى ما تقدم فى هذا الكتاب ؛ انظر ص ٢٢١ ) ».

أقول : هذه هى الموارد الباقية من الموارد التى نقل فيها المحدث النورى (ره) فى كتاب فصل الخطاب من هذا الكتاب ؛ والقسمة الاولى قد أشرنا إليها فيما تقدم ( انظر ص ٢٠٩ ـ ٢١١ ).

٢٢٨

ثمّ رويتم عن ابن مسعود أنّ المعوّذتين ليستا من القرآن وأنّه لم يثبتهما فى مصحفه وأنتم تروون أنّه من جحد آية من كتاب الله عزّ وجلّ فهو كافر بالله وتقرّون أنّهما من القرآن ، فمرّة تقرّون على ابن مسعود أنّه جحد سورتين من كتاب الله وأنّه من جحد حرفا منه فقد كفر فكيف قبلتم أحاديث ابن مسعود فى الحلال والحرام والصّلاة والصّيام والفرائض والأحكام؟!

فان لم تكن المعوّذتان من القرآن لقد هلك الّذين أثبتوهما فى المصاحف ، ولئن كانتا من القرآن لقد هلك الّذين جحدوهما ولم يثبتوهما فى المصاحف ؛ [ ان كان ما رويتم عن ابن مسعود حقّا أنّه قال : ليس هما من القرآن (١) ] فليس لكم مخرج من أحد الوجهين فامّا ان يكون كذب فهلك وهلك من أخذ عنه الحلال والحرام ، [ وامّا ان يكون صدق فهلك من خالفه ] فأىّ وقيعة فى أصحاب رسول الله (ص) أشدّ من وقيعتكم فيهم اذا وقعتم؟! (٢)

وأخرى فانّكم تروون عنهم الكفر الصّراح مثل ما قد رويتم من جحودهم القرآن فلو أنّكم اذا وقعتم فيهم تنسبونهم الى ما هو دون الكفر كان الأمر أيسر وأسهل وأهون لكنّكم تعمدون الى أغلظ الأشياء وأعظمها عند الله فتنسبونهم إليها.

ذكر مخالفة عمر لأصحاب رسول الله

قاطبة وللنّبىّ (٣) ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ خاصّة

قالت الشّيعة للمخالفين من أصحاب الحديث وأهل الرّأى : رويتم أنّ النّبيّ

__________________

(١) ما بين الحاصرتين ليس فى م.

(٢) فى غير م : « فأى وقيعة أشد من وقيعتكم وأنتم تنسبون الشيعة الى الوقيعة فيهم جرأة منكم وقلة حياء وقلة معرفة منكم بما تروون ».

(٣) فى الاصل : « والنبي » وليعلم أن العنوان وطرفا من أول العبارة المذكورة بعده فى م فقط.

٢٢٩

(ص) قال : عليّ أقضاكم ، وأبىّ بن كعب أقرؤكم ، وزيد بن ثابت أفرضكم؟ (١) قالوا : نعم ، قالت الشيعة فنرى عمر قد خالف زيدا فى الفرائض وابن كعب فى القرآن وعليّا فى بيع أمّهات الاولاد ؛ فلا قول رسول الله قبل ، ولا آثار أصحابه اتّبع ، فهل طعن على عمر كطعنكم عليه فى خلافه عليّا ـ عليه‌السلام ـ فى أمّهات الأولاد ، وخلافه زيدا

__________________

(١) قال مصنف كتاب الاستغاثة فى بدع الثلاثة ضمن ذكره ما يرجع الى عمر ما نصه ( ص ٥٥ من طبعة النجف ) : « ومنها أحكام المواريث فى الاسلام فان عمر أمر الناس ان يتبعوا قول زيد بن ثابت فى الفرائض وقال : ان زيدا أفرضنا ؛ فزادوا بعده فى الخبر : وعلى أقضانا ، وأبى أقرؤنا ، ثم أسندوا الخبر الى الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ تخرصا وافتراء لان هذا بعيد من قول الرسول (ص) اذ لم يكن فى حياة الرسول لاحد ان يقول فى القضاء ولا فى الفرائض ولا فى غيرها ، وكان من حكم زيد بن ثابت فى أيام عمر ان جعل مال ذوى ـ الارحام وغيرها الّذي حكم الله به فى كتابه بقوله : وأولو الارحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله ؛ للعصبة ، وقال زيد : لا يعطى ذو والارحام شيئا من الميراث عنادا لله ولرسوله فى ذلك ( الى آخر ما قال ) ».

فليعلم أن غير واحد من علمائنا ومتكلمينا صرح بأن النبي (ص) انما قال : « أقضاكم على » وخصه بهذه الصفة دون سائر الصفات كقوله : أفرضكم أو أقرؤكم أو أفقهكم لان القضاء يحتاج الى جميع أنواع العلوم فلما رجحه على الكل فى القضاء لزم أنه رجحه عليهم فى كل العلوم ، وأما سائر الصحابة فقد رجح كل واحد منهم على غيره فى علم واحد كقوله : « أفرضكم زيد ، وأقرأكم أبى » حتى أن جماعة منهم قرأ هذا الحديث المعروف المسلم بين الفريقين « أنت قاضى دينى » بكسر الدال حتى يكون قريبا من أقضاكم على ؛ والحال أن المتبادر منه كسر الدال ، قال المجلسى (ره) فى تاسع البحار فى باب جوامع الاخبار الدالة على إمامته بالنسبة الى قوله « قاضى دينى » بعد نقل حديث عن بشارة المصطفى فيه تلك الفقرة ما نصه : ( انظر ص ٢٩١ من طبعة أمين الضرب ) : « بيان ـ قرأ المحقق

٢٣٠

فى الفرائض ، وخلافه أبيّا فى القرآن ؛ ولقد خطب عمر فقال فى خطبته : ألا انّ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : أقرؤكم أبىّ وأنا أردّ أشياء من قول أبىّ فهذه رواية العامّة.

وقد علم أهل الخلاف قاطبة أنّ الرّادّ لقول النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ هو الرّادّ لقول الله ـ عزّ وجلّ ـ وروى عن عمر أنّه قال : قال النّبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ أقضاكم ، هذا ؛ ولم نجد فى أحاديثكم أنّ النّبيّ ـ (ص) ـ نسب عمر قطّ الى القضاء ولا الى قرآن و [ لا ] الى فرائض ولا الى حلال وحرام أصلا فكيف نازع هؤلاء القوم الّذين قضى لهم رسول الله (ص) بجميع هذه الخصال حتّى ردّ عليهم وهو يعلم أنّهم أعلم منهم؟! فكيف تنسبون (١) الشّيعة الى الوقيعة فى أبى بكر وعمر وأصحاب رسول الله (ص) وأنتم الواقعون فيهم المتنقّصون (٢) لهم بهذه الرّوايات الّتي تفرّدتم عليه بها دون الشّيعة وانّ هذه الوقيعة منكم فى جميع أصحاب رسول الله (ص)

__________________

الطوسى نصير الملة والدين والعلامة وجماعة من علمائنا ـ رضى الله عنهم ـ قاضى دينى بكسر الدال ، وأنكره السيد المرتضى ـ رضى الله عنه ـ ولا حاجة فى تكلف ذلك لتواتر العبارات والنصوص الصريحة من الجانبين » فمن أراد نص عبارة الخواجة نصير الدين والعلامة فليراجع تجريد العقائد وشرحه للعلامة ، وحذا حذوهما القاضى نور الله التسترى فى احقاق الحق وفصلنا القول فى ذلك فى كتابنا الموسوم بكشف الكربة فى شرح دعاء الندبة فى شرح هذه الفقرة من الدعاء « وأنت تقضى دينى » وفقنا الله لا تمامه وطبعه ونشره بحق نبيه محمد وعترته عليه وعليهم الصلاة والسلام وكيف كان قد علم أن السر فى اصرار هؤلاء العلماء على قراءة كلمة « دينى » بكسر الدال انما تصييرهم معنى الحديث الى القضاء فى الاحكام الشرعية لا الى قضاء الدين.

__________________

(١) فى الاصل : « ينسبون » ( بصيغة الغائب ).

(٢) يقال : تنقصه أى وقع فيه وعابه وذمه ونسب إليه النقص.

٢٣١

الّذين رضوا أمر عمر وما صنع من خلافه على هؤلاء النّفر وسكوتهم على ذلك وهو خلاف ما قال رسول الله (ص). ثمّ لم ترضوا بما رويتم عنه حتّى اتّبعتموه وأخذتم بسنّته ثمّ تركتم قول رسول الله (ص) وأمره فى أبىّ وقراءة عبد الله بن مسعود الّذي قال له (١) النّبيّ (ص) : من أراد أن يقرأ القرآن غضّا (٢) كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أمّ عبد ، فرفضتم قراءته وحرّقتم مصاحفه ردّا على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ واتّباعا لقول عمر فما أجد لكم مثلا الاّ كما (٣) قال الله عزّ وجلّ : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ ) (٤) هواه ثمّ رويتم أنّ رسول الله ـ (ص) ـ قال : أنا فرطكم (٥) على الحوض وليرفعن [ ا ] لى (٦) قوم من أصحابى فاذا رأيتهم وعرفتهم اختلجوا (٧) دونى فأقول : أى ربّ أصحابى

__________________

(١) كذا فى الاصل فاللام ليست للتبليغ فان المراد هنا أن النبي (ص) قال فى حقه لا أنه خاطبه به.

(٢) قال ابن الاثير فى النهاية : « وفيه : من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليسمعه من ابن أم عبد ، الغض الطرى الّذي لم يتغير ، أراد طريقه فى القراءة وهيئته فيها ، وقيل : أراد بالآيات التى سمعها منه من أول سورة النساء الى قوله : فكيف اذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ».

(٣) كذا فى الاصل.

(٤) صدر آية ٢٣ سورة الجاثية.

(٥) قال ابن الاثير فى النهاية : « فيه : أنا فرطكم على الحوض اى متقدمكم إليه يقال : فرط يفرط فهو فارط وفرط اذا تقدم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء ويهيئ لهم الدلاء والارشية ».

(٦) فى الاصل « لى » والظاهر : « الى » حتى يكون من قبيل قولهم : « رفع زيدا الى الحكم اى قدمه إليه ليحاكمه ».

(٧) قال ابن الاثير فى النهاية : « أصل الخلج الجذب والنزاع ومنه الحديث : ليردن على الحوض أقوام ثم ليختلجن دونى اى يجتذبون ويقتطعون ، ومنه الحديث : ليختلجونه على باب الجنة اى يجتذبونه ».

٢٣٢

فيقال : يا محمّد انّك لا تدرى ما أحدثوا بعدك وانّهم رجعوا على أعقابهم القهقرى فأقول : ألا بعدا ألا سحقا لمن بدّل بعدى (١). ولم يسمّهم النّبيّ (ص) فأوقعتم الظّنّة على عامّتهم فما رأينا قوما أشرّ أقوالا منكم فيهم ثمّ تروون أنّ النّبيّ ـ (ص) ـ قال :

__________________

(١) هذا الحديث مما ثبت صدوره عن النبي (ص) فمن أراد أن يعرف طرقه ويطلع على الكتب التى هو مذكور فيها فليراجع ثامن البحار باب افتراق الامة بعد النبي (ص) على ثلاث وسبعين فرقة وأنه يجرى فيهم ما جرى فى غيرهم من الامم وارتدادهم عن الدين ( وهو الباب الاول ) فان فيه كفاية للمكتفى ومما ذكر فى الباب قوله ( ص ٧ من طبعة أمين الضرب ) :

« أقول : روى ابن الاثير فى كتاب جامع الاصول مما أخرجه من صحيح البخارى وصحيح مسلم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : أنا فرطكم على الحوض وليرفعن الى رجال منكم اذا هويت إليهم لاناولهم اختلجوا دونى فأقول : أى رب أصحابى فيقال : انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك. ومن الصحيحين أيضا عن أنس ان رسول الله (ص) قال : ليردن على الحوض رجال ممن صاحبنى حتى اذا رفعوا اختلجوا دونى فلا قولن : أى رب أصحابى فليقالن لى : انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك. وزيد فى بعض الروايات قوله : فأقول : سحقا لمن بدل بعدى. وأيضا من الصحيحين : عن أبى حازم عن سهل بن سعد قال : سمعت النبي (ص) يقول : أنا فرطكم على الحوض ؛ من ورد شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبدا ، وليردن على أقوام أعرفهم ويعرفونى ثم يحال بينى وبينهم ، قال أبو حازم : فسمع النعمان بن أبى عياش وأنا أحدثهم بهذا الحديث فقال : هكذا سمعت سهلا يقول؟ ـ قلت : نعم ، قال : وأنا أشهد على أبى سعيد الخدرى سمعته يزيد فيقول : فانهم منى ، فيقال : انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك فأقول : سحقا سحقا لمن بدل بعدى. وأيضا من الصحيحين عن أبى هريرة أن رسول الله (ص) قال : يرد على يوم القيامة رهط من أصحابى ( أو قال ) من أمتى فيحلئون عن الحوض فأقول : يا رب أصحابى فيقول : لا علم لك بما أحدثوا بعدك ؛ ارتدوا على أعقابهم القهقرى ، فيحلئون ».

٢٣٣

لعن الله من سبّ أصحابى (١) وأنّه قال ـ (ص) ـ : انّ الله اختارنى واختار [ لى منهم (٢) ] أصحابا وأصهارا وأنصارا ؛ فمن سبّهم فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين. فأىّ سبّ أعظم من أنّكم تروون أنّهم يختلجون يوم القيامة من دون النّبيّ (ص) ويقول لهم : ألا بعدا ألا سحقا ثمّ تلعنون من سبّهم وتترحّمون على من قتلهم فانّه قتل من المهاجرين والانصار ومن أهل بدر ومن التّابعين [ لهم ] باحسان عدّة كثيرة فى حرب معاوية وطلحة والزّبير وأنتم تترحّمون على من قتلهم وتلعنون من سبّهم وأنتم تروون أنّ عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ كان يلعن معاوية فى قنوته وعمرو بن العاص وأبا الأعور السّلمىّ وأبا موسى الاشعرىّ (٣) ، وكان معاوية يلعن فى قنوته عليّ بن أبى طالب (ع) وأصحابه على المنابر وكلاهما من أصحاب رسول الله (ص) بروايتكم.

__________________

(١) فى المقدمة الاولى من الصواعق المحرقة ( ص ٤ من طبعة مكتبة القاهرة سنة ١٣٧٥ ) : « الطبرانى عن ابن عمر : لعن الله من سب أصحابى ».

(٢) فى الاصل : « أصحابى » ؛ فى أوائل المقدمة الاولى من نسخة الصواعق المشار ـ إليها ( ص ٢ ) : « وأخرج المحاملى والطبرانى والحاكم عن عويمر بن ساعدة انه ( صلعم ) قال : ان الله اختارنى واختار لى أصحابا فجعل لى منهم وزراء وأنصارا وأصهارا ؛ فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منهم يوم القيامة صرفا ولا عدلا. والخطيب عن أنس : ان الله اختارنى واختار لى أصحابا واختار لى منهم أصهارا ؛ وأنصارا ؛ فمن حفظنى فيهم حفظه الله ، ومن آذانى فيهم آذاه الله. والعقيلى فى الضعفاء عن أنس : ان الله اختارنى واختار لى أصحابا وأصهارا وسيأتى قوم يسبونهم وينتقصونهم فلا تجالسوهم ولا تشاربوهم ولا تؤاكلوهم ولا تناكحوهم » أقول : لا أحب الخوض فى نقل أمثال هذا الحديث فمن أراد أكثر من هذا المقدار الّذي اقتضته الضرورة فليراجع مظانها فى الكتب المبسوطة.

(٣) اشرنا فيما سبق الى بعض ما يدل على ذلك فان شئت فراجع ص ٦٣ ـ ٦٤.

٢٣٤

ورويتم أنّ النّبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال لأصحابه (١) : لا ترجعوا (٢) بعدى كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض (٣) بالسّيف ، فان زعمتم أنّ الفريقين جميعا اقتتلوا (٤) على باطل فقد كفّرتموهما (٥) جميعا بهذا الحديث ، وان جعلتم أحد (٦) الفريقين على حقّ كفّرتم الفرقة الّتي تقاتل (٧) الفرقة المحقّة ، وان جعلتم الفريقين جميعا محقّين قلتم المحال الّذي لا يمكن انّ حقّا قاتل (٨) حقّا (٩).

ثمّ رويتم أنّ النّبيّ ـ (ص) ـ قال : الأئمّة من قريش (١٠) ؛ وكانت هذه

__________________

(١) فليعلم أن هذا الحديث وما يليه قد ذكر فى غير نسخة م أعنى نسخ مج مث س ق ج ح فى ضمن البحث عن حكم المتعة ، وأمثال هذا الامر كثيرة فى النسخ فلو بنينا الامر على التصريح او الاشارة الى جميعها لافضى الامر الى طول يوجب الملال فلا نشير منها الا الى قليل ، مع أنه لا فائدة فيها غالبا للمراجعين للكتاب.

(٢) ج ح س ق مج مث : « لترجعن » والحديث ورد هكذا مختلفا فى كثير من سائر الكتب المعتبرة أيضا.

(٣) نقله السيوطى فى الجامع الصغير عن صحيحى البخارى ومسلم ومسند أحمد وعن النسائى وابن ماجة الا أنه ليس فى آخره : « بالسيف ».

(٤) فى الاصل : « قتلوا » فكأن العبارة مأخوذة من قوله تعالى : ( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ).

(٥) فى م : « كفرتموهم » وفى غير م : « أكفرتموهما ».

(٦) ج ق مج مث : « احدى » فلعل التأنيث باعتبار المعنى فان الفريق بمعنى الطائفة.

(٧) فى النسخ : « تقتل ».

(٨) ح : « يقاتل ».

(٩) فليعلم أن المجلسى (ره) ذكر فى آخر باب افتراق الامة كلاما سديدا فى بيان عقيدة الشيعة فى حق الصحابة ونقلناه فيما تقدم ( انظر ص ٩٦ من الكتاب أو ص ٩ من ج ٨ من البحار من طبعة أمين الضرب ).

(١٠) حديث متواتر عند الفريقين.

٢٣٥

حجّة قريش على الأنصار يوم السّقيفة حين أرادت الانصار بيعة سعد بن عبادة وقالوا : منّا أمير ومنكم أمير ، ورويتم أنّ عمر بن الخطّاب قال يوم الشّورى : لو أنّ سالما مولى أبى حذيفة وأبا عبيدة حيّين لما تخالجنى فيهما شكّ ولم يكن سالم من قريش. ثمّ رويتم عن عمر بن الخطّاب أنّه قال : لو ولّوها الأجلح (١) لأقامهم على كتاب الله وسنّة نبيّه فأىّ طعن على عمر أشدّ من طعنكم أن يتلهّف على من لو حضره لولاّه الخلافة والخلافة لا تصلح له. ورويتم عن عمر أنّه قال : اخترت لكم ستّة نفر مضى رسول الله (ص) وهو عنهم راض ثمّ رويتم عن عمر أنّه عابهم فقالوا له : فلان (٢) فقال : فيه دعابة ، قالوا : فلان قال : كلف بأقاربه (٣) ، وفلان صاحب فرس وصيد ، وفلان فيه بأو (٤)

__________________

(١) قال المجلسى فى باب الشورى من ثامن البحار ( ص ٣٥٧ من طبعة أمين الضرب ) :

« وروى ابن عبد البر فى الاستيعاب أنه ( أى عمر ) قال فى على (ع) : ان ولوها الاجلح سلك بهم الطريق المستقيم فقال له ابن عمر : ما يمنعك أن تقدم عليا؟ ـ قال : أكره ان أتحملها حيا وميتا ، وحكاه السيد ـ رضى الله عنه ـ فى الشافى عن البلاذرى فى تاريخه عن عفان بن مسلم عن حماد بن مسلمة عن على بن زيد عن أبى رافع ( الى آخره ) » ونص عبارة السيد فى الشافى ( فى ص ٢٥٨ من النسخة المطبوعة بايران سنة ١٣٠٢ ) هكذا :

« فقام على (ع) موليا فقال عمر : والله انى لاعلم مكان رجل لو وليتموها اياه لحملكم على المحجة البيضاء قالوا : من هو؟ ـ قال : هذا المولى من بينكم قالوا : فما يمنعك من ذلك؟ ـ قال : ليس الى ذلك سبيل. وفى خبر آخر رواه البلاذرى فى تاريخه : ان عمر لما خرج أهل الشورى من عنده قال : ان ولوها الاجلح سلك بهم الطريق ، قال ابن ـ عمر : فما يمنعك منه يا أمير المؤمنين؟ ـ قال : أكره أن أتحملها حيا وميتا ».

(٢) مج مث س ق : « ول فلانا » وكذا فيها فى جميع الموارد الآتية فى هذا الحديث.

(٣) قال ابن الاثير فى النهاية ضمن ذكره معنى « ك‍ ل ف » : « ومنه حديث عمر : عثمان كلف بأقاربه أى شديد الحب لهم ، والكلف الولوع بالشيء مع شغل قلب ومشقة ».

(٤) قال ابن الاثير فى النهاية « فى حديث عمر ـ رضى الله عنه ـ حين ذكر له

٢٣٦

والبأو الكبر ، وفلان ليس له همّ الاّ البيع ، وفلان ضعيف أمره فى يد امرأته. فأىّ طعن فى عمر أشدّ من طعنكم عليه؟! وما نعلم أحدا بلغ فى تنقّصه بأكثر (١) من هذا القول الّذي تروونه عنه وتنسبون الشّيعة الى الوقيعة فيه.

ثمّ رويتم أنّ أصحاب محمّد (ص) قالوا : يا رسول الله لو ولّيت علينا أبا بكر فقال : ان تولّوها [ ايّاه ] تجدوه ضعيفا فى بدنه قويّا فى أمر الله ، وان تولّوها عمر تجدوه قويّا فى بدنه قويّا فى أمر الله ، وان تولّوها عليّا ولن تفعلوا تجدوه هاديا مهديّا يسلك بكم الطّريق المستقيم ، فزعمتم أنّ عمر شكّ فيمن قال النّبيّ ـ (ص) فيه : انّه هاديا مهديّا يسلك بكم الطّريق المستقيم ، ولم يشكّ فى سالم مولى أبى حذيفة ولا فى أبى عبيدة وشكّ فى أمير المؤمنين عليّ بن أبى طالب ـ عليه‌السلام ـ فهل يكون من الوقيعة فى عمر أكثر من هذا الّذي نسبتموه إليه؟!

ثمّ زعمتم أنّه قال يوم الشّورى : لئن ولّوها الأجلح لأقامهم على المحجّة ثمّ زعمتم أنّه حين أشاروا إليه ان يولّيه قال : لا يصلح للخلافة لأنّ فيه دعابة فمن يقيم النّاس على المحجّة والكتاب والسّنّة ينسب الى اللّعب والبطالة ، فهذه روايتكم فى عمر وما تصفونه به ثمّ تروون أنّهم قالوا لعمر : ما يمنعك أن تولّيها عبد الله ( يعنون ابنه )؟ ـ فقال : كيف أوّليها من لا يحسن ان يطلّق امرأته. ثمّ رويتم فى حديث آخر : أنّه قيل له : استخلف فقال : انّى أكره أن أتقلّدها فى حياتى وبعد موتى ؛ فأبى أن يقلّدها ابنه لئلاّ يتقلّد منها أكثر من تقلّده ايّاها فى حياته وقد صيّرها شورى بين ستّة بعد وفاته [ فأىّ تقلّد أكثر من تقلّده ايّاها (٢) ] وقد صيّرها شورى بين ستّة وقد

__________________

(١) كذا فى الاصل.

(٢) ما بين الحاصرتين ليس فى م.

__________________

طلحة لاجل الخلافة قال : لو لا بأو فيه ؛ البأو الكبر والتعظيم ».

أقول : تقدم الحديث فى الكتاب ونقلنا هناك معانى لغاته عن الزمخشرى بما بينه فى كتابه الفائق ( راجع ص ١٤٣ من الكتاب الحاضر ).

٢٣٧

علم أنّ الخلافة تصير الى أحد السّتّة وهو الّذي صيّرها إليهم؟!

[ وأمّا روايتكم عنه أنّه قال : حسب آل عمر منها [ الى آخرها ] ؛ فلئن كانت الخلافة من الشّرّ ما كان له (١) أن يزوى الشّرّ عن آل عمر ويصرفه الى خيار أصحاب رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ، ولئن كانت الخلافة من الخير فما أعجب روايتكم وأشنعها؟! (٢) ]

وأجمعتم (٣) على أنّه من طلّق امرأته وهى حائض انّه جائز الطّلاق (٤) وأنّه من طلّق ولم يشهد فهو جائز الطّلاق (٥) وأنّه من طلّق امرأته ثلاثا فى مجلس واحد انّها بائن منه ولا تحلّ له حتّى تنكح زوجا غيره ، وأنّ من حلف بطلاق امرأته فحنث فهى بائن منه ؛ والله عزّ وجلّ يقول فى كتابه لنبيّه (ص) : ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً (٦) * فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (٧) فوكّد الله تبارك وتعالى فى الاشهاد على الطّلاق وأجزتم الطّلاق بغير شهود ولم تجيزوا ما أمر الله به حتّى لو أنّ امرأة ادّعت على زوجها أنّه طلّقها بلا بيّنة وكانت تبغض زوجها وتحبّ فراقه (٨) قلتم لها : اهربى منه فأعطيتموها منيتها (٩) وقد جعل الله البيّنة على المدّعى واليمين على المنكر المدّعى عليه

__________________

(١) مج مث س ق : « ما كان ينبغى له ».

(٢) ما بين المعقوفتين ليس فى م.

(٣) فى النسخ : « واجتمعتم ».

(٤) غير م : « طلاقه ».

(٥) « الطلاق » فى م فقط.

(٦ و ٧) آيتا ١ و ٢ سورة الطلاق وذيل الثانية : « ومن يتق الله يجعل له مخرجا ».

(٨) غير م : « مفارقته ».

(٩) ح : « منه » ( فلعل الكلمة مصحفة : منية ).

٢٣٨

وأمرتموها بالهرب منه فان أتاكم الزّوج فحلف لكم بالله أنّه ما طلّقها قلتم له : اطلبها فان ظفر بها فى قولكم فله أن ينكحها ؛ فان انقضت ثلاث حيض ولم يظفر بها فلها فى قولكم ان تتزوّج ، وان ظفر بها قبل انقضاء العدّة فنكحها فجاءتكم (١) فقالت : انّه قد طلّقنى وهو يغصبنى نفسى (٢) قلتم لها : ادفعيه عن نفسك وامتنعى عليه بكلّ حيلة فان قتلته بفتياكم كانت مصيبة وان قتلت نفسها (٣) كانت مصيبة وبطل عندكم ما فرض (٤) الله من شهادة ذوى عدل منكم وصار (٥) الحكم بين الرّجل والمرأة : من قوى على صاحبه فهو أملك بما قوى عليه وله الظّفر على صاحبه فصيّرتم لها أن تقتله فى دعواها وللرّجل ان يقتلها ان أرادت قتله (٦) ومنعته من نكاحها وفى قول الله عزّ وجلّ ما ينفى

__________________

(١) غير م : « فأتتكم ».

(٢) م : « وهو يغصبنى على نفسى » قال ابن الاثير فى النهاية : « قد تكرر فى الحديث ذكر الغصب وهو أخذ مال الغير ظلما وعدوانا يقال : غصبه يغصبه غصبا فهو غاصب ومغصوب ومنه الحديث : انه غصبها نفسها أراد أنه واقعها كرها فاستعاره للجماع » وذكره فى لسان العرب من دون نسبة الى ابن الاثير ، وعبارة نسخة م أيضا صحيحة وقال الفيومى فى المصباح المنير : « غصبه غصبا من باب ضرب واغتصبه أخذه قهرا وظلما فهو غاصب والجمع غصاب مثل كافر وكفار ويتعدى الى مفعولين فيقال : غصبته ماله وقد تزاد من فى المفعول الاول فيقال : غصبت منه ماله فزيد مغصوب ماله ومغصوب منه ومن هنا قيل : غصب الرجل المرأة نفسها اذا زنى بها كرها ؛ واغتصبها نفسها كذلك وهو استعارة لطيفة ويبنى للمفعول فيقال : اغتصبت المرأة نفسها وربما قيل : على نفسها يضمن الفعل معنى غلبت والشيء مغصوب وغصب تسمية بالمصدر » قال الجوهرى : « الغصب أخذ الشيء ظلما يقول : غصبه منه وغصبه عليه بمعنى والاغتصاب مثله » ونظيره فى سائر معاجم اللغة.

(٣) المتن مطابق لنسخة م وفى ح : « وان قتلت فقتلت » وفى غيرهما : « وان قتلت تقلب فيها ».

(٤) غير م : « ما افترض ».

(٥) غير م : « وكان ».

(٦) م : « ان أراد قتلها ».

٢٣٩

التّخليط (١) حتّى يكون البيّنة على المدّعى واليمين على المدّعى عليه فينقطع الكلام بينهما ؛ فانظروا الى ما يلزمكم من قبيح القول وشنيعه (٢).

ثمّ قلتم : انّ من (٣) طلّق امرأته على غير ما أمر الله [ به ] فى كتابه وغير ما سنّه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ [ فى سنّته ] فقد عصى الله وبانت امرأته منه.

فقيل لكم : فحين عصى الله فمن أطاع؟ فلم تجدوا بدّا الاّ ان تقولوا (٤) : أطاع

__________________

(١) غير م : « هذا التخليط ».

(٢) فى النسخ : « والتشنيع ».

(٣) قال ابن هشام فى المغنى فى الباب الاول ضمن البحث عن « ان المكسورة المشددة » ما نصه ( ص ١٨ من النسخة المطبوعة بخط عبد الرحيم ) : « وقد يرتفع بعدها المبتدأ فيكون اسمها ضمير شأن محذوف كقوله عليه الصلاة والسلام : ان من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ؛ والاصل : انه اى ان الشأن كما قال :

ان من يدخل الكنيسة يوما

يلق فيها جاذرا وظباء

وانما لم يجعل من اسمها لانها شرطية بدليل جزمها الفعلين والشرط له الصدر فلا يعمل فيه ما قبله ، وتخريج الكسائى الحديث على زيادة من فى اسم ان يأباه غير الاخفش من البصريين لان الكلام ايجاب والمجرور معرفة على الاصح والمعنى أيضا يأباه لانهم ليسوا بأشد عذابا من سائر الناس » وقال أيضا فى خاتمة الباب الخامس تحت عنوان التنبيه الاول ضمن البحث عن دليل الحذف ما نصه ( ص ٣١٧ من النسخة المشار إليها ) :

وفى قوله :

ان من لام فى بنى بنت حسا

ن ألمه وأعصه فى الخطوب

ان التقدير انه اى الشأن اسم الشرط لا يعمل فيه ما قبله ومثله قول المبتنى :

وما كنت ممن يدخل العشق قلبه

ولكن من يبصر جفونك يعشق

وفى : ولكن رسول الله ؛ ان التقدير ولكن كان رسول الله لان ما بعد لكن ( الى آخر التعليل ؛ فمن أراده فليراجع المورد المشار إليه ) ».

(٤) غير م : « فلم تجدوا بدا من ان قلتم ».

٢٤٠