الفوائد المدنيّة

محمّد أمين الإسترابادي

الفوائد المدنيّة

المؤلف:

محمّد أمين الإسترابادي


المحقق: الشيخ رحمة الله رحمتي الأراكي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-511-04
الصفحات: ٥٩٢

قلّ من حرّرها من الأصحاب التحرير التامّ وأنتم أهل التحقيق والإحاطة ، لا زلتم للمؤمنين عياذا وملاذا.

مسألة : ما قولكم ـ رضي الله عنكم ـ في الحبوة الّتي انفردت [ بها ] الإمامية ، والأخبار بها متظافرة عن أئمّة الهدى عليهم‌السلام؟ وقد نقل عن علم الهدى أنّه قال في الانتصار : هذا ممّا انفردت به الإمامية أنّ الولد الذكر الأكبر يفضّل دون سائر الورثة بسيف أبيه وخاتمه ومصحفه ... إلى آخر ما ذكر (١). وإنّما اختلف فقهاؤنا في الوجوب والاستحباب ، فهل هي على جهة الاستحقاق أم على الاستحباب؟ وعلى التقديرين؟ اختلفوا في الكمية بسبب اختلاف الأخبار.

فمنهم : من خصّ ذلك بأربعة : ثياب البدن ، والخاتم ، والسيف ، والمصحف (٢).

ومنهم : من اقتصر على الثلاثة الأخيرة كالمفيد رضى الله عنه (٣).

ومنهم : من خصّ الثياب بثياب الصلاة كأبي الصلاح (٤).

ومنهم : من زاد السلاح (٥).

ومنهم : من أضاف إلى ذلك الكتب والرحل والراحلة ، كرئيس المحدّثين في الفقيه اعتمادا على رواية أوردها فيه (٦).

ثمّ على تقدير الكميّة هل أربعة أم أكثر أم أقلّ؟ وعلى كلا الوجهين من الوجوب والاستحباب ، هل يفرّق بين تعدّد كلّ من هذه المذكورات وكثرتها وبين أن تكون مستعملة للبس أو متّخذة وإن لم تلبس أم لا؟

ثم هل يفرّق بين الخاتم الّذي يحرم التختّم به كالذهب وغيره أم لا؟ وهل اللباس المحرّم كالحرير وبين غيره أم لا؟ وأيضا بين المتّخذ للقينة من السيف والخاتم والمصحف وبين غيره أم لا؟ وبين الراحلة إن قيل بها بين المتّخذة للركوب

__________________

(١) الانتصار : ٥٨٢.

(٢) قال به معظم الأصحاب ، منهم المفيد في المقنعة : ٦٨٤ ، والشيخ في النهاية ٣ : ١٩٧ ، وابن إدريس في السرائر ٣ : ٢٥٨ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٣٨٧ ، والمحقّق في الشرائع ٤ : ٢٥ ، والعلّامة في المختلف ٩ : ١٧.

(٣) الأعلام ( مصنّفات الشيخ المفيد ) ٩ : ٥٣.

(٤) الكافي في الفقه : ٣٧١.

(٥) كابن الجنيد ، نقله عنه صاحب المختلف ٩ : ١٧.

(٦) الفقيه ٤ : ٣٤٦ ـ ٣٤٧ ، ح ٥٧٤٦ و ٥٧٤٧.

٥٦١

وغيرها أم لا؟ ومن الفقهاء من قال : الأحسن أن تحسب عليه المذكورات من سهمه على جهة الاستحقاق (١).

فما المختار أيّها المولى الفاضل عندكم في جميع ذلك لا زلتم ملاذا للسائلين وملجأ للمؤمنين؟

مسألة : ما ذا تقولون ـ حفظكم الله تعالى ـ في حرمان الزوجة من بعض متروكات زوجها الميّت ، هل يفرّق بين ذات الولد من الزوج الميّت وبين غير ذات الولد منه؟ فقد ذهب لكلّ ذاهب ، منهم الشيخ محمّد بن إدريس العجلي ـ على ما نقل عنه ـ أنّه ادّعى الإجماع على أنّه لا فرق بين ذات الولد من الميّت وغيرها ، لأنّه قال : إنّ المنع في كلّ زوجة (٢). وذهب جماعة من فقهائنا إلى اختصاص المنع بغير ذات الولد من الميّت (٣). ونقل عن ابن الجنيد رضى الله عنه أنّه ورّث الزوجة من جميع متروكات الميّت سواء كانت ذات ولد منه أم لا ، تمسّكا بعموم الكتاب (٤).

ثمّ اختلفوا في كيفيّة الحرمان على أقوال :

فمنهم من منعها من الأرض فقط ، سواء كانت فارغة أم مشغولة بشجر أو زرع أو بناء وبغيرها ، عينا وقيمة ، ومن عين أبنيتها والأنهار وأشجارها ، وتعطى قيمة ذلك. واحتجّ لهذا القول ببعض الروايات من صحاح وحسان وغيرها.

ومنهم من منعها من الرباع ، وهي الدور والمساكن دون البساتين والضياع ، وتعطى قيمة الآلات والأبنية من الدور والمساكن ، وذهب إلى هذا القول المفيد وابن إدريس والمحقّق الحلّي في النافع (٥).

ومنهم من منعها من الرباع خاصّة لا من قيمته ، وإلى ذلك ذهب علم الهدى (٦) واستحسنه العلّامة في المختلف (٧) واحتجّ إلى ما ذهب إليه المفيد وابن إدريس

__________________

(١) الانتصار : ٥٨٢.

(٢) السرائر ٣ : ٢٥٩.

(٣) نهم ابن البرّاج في المهذّب ٢ : ١٤٠ ـ ١٤١ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٣٩١ والمحقّق في الشرائع ٤ : ٣٤ ، والعلّامة في القواعد ٢ : ١٧٨ ، وابن سعيد في الجامع للشرائع : ٥٠٨ ، والشهيد في اللمعة : ١٦٠.

(٤) نقله عنه العلّامة في المختلف ٩ : ٣٤.

(٥) المقنعة : ٦٨٧ ، السرائر ٣ : ٢٥٨ ، المختصر النافع : ٢٦٤.

(٦) الانتصار : ٥٨٥.

(٧) المختلف ٩ : ٣٥.

٥٦٢

والمحقّق بعموم الكتاب العزيز بإرثها من كلّ شي‌ء ، خرج عنه ما اتّفقت عليه الأخبار وهو أرض الرباع والمساكن عينا وقيمة وآلاتها عينا لا قيمة ، فيبقى الباقي. والمأمول بيان ما تعتمدون عليه وترجعون إليه في هذه المسألة ، لطف الله بكم.

مسألة : ما ذا تقولون ـ أطال الله تعالى بقاءكم ـ فيما إذا أحدث المجنب في أثناء غسل الجنابة حدثا أصغرا؟ فقد نقل أنّه لا نصّ عن الأئمّة الهدى ـ سلام الله عليهم ـ فيه وقد اختلف أقوال أصحابنا في ذلك.

فمنهم من قال بوجوب اعادة الغسل من رأس ، ونقل عن الرئيسين الصدوقين ابن بابويه رحمه‌الله والشيخ في النهاية والعلّامة في المختلف وولده فخر المحقّقين والشهيد الأوّل (١) وأكثر المتأخّرين.

ومنهم من قال بعدم تأثيره فيتمّ الغسل ولا شي‌ء عليه ، ونسب إلى القاضي ابن البرّاج وابن إدريس (٢) وتبعهما على ذلك من المتأخّرين المحقّق الشيخ عليّ (٣).

ومنهم من اكتفى بإتمامه لكن يجب عليه الوضوء لهذا الحدث الطارئ ، ونسب إلى علم الهدى رضى الله عنه من المتقدّمين (٤) والمحقّق الشيخ عليّ من المتأخّرين (٥) فما المختار في هذه الأقوال رضي الله عنكم؟

مسألة : ما ذا تقولون ـ أيّدكم الله تعالى ـ في غسل الإحرام أواجب هو أم ندب؟ فإنّ العظيم من فقهائنا يقولون باستحبابه. ونقل عن ابن أبي عقيل القول بوجوبه (٦) وهو من القدماء ، وتبعه على ذلك الفاضل المطلق الشيخ بهاء الدين الصمدي الحارثي قدس‌سره (٧) من المتأخّرين. والأخبار الكثيرة المتظافرة تساعد هذين الفاضلين ، لأنّ في بعضها حثّ عظيم على إعادة الغسل لو نام ، فما المختار عندكم في هذه المسألة؟

مسألة : ما ذا تقولون في مستحقّ الماليّة وغيرها من الأصناف عن المؤلّفة (٨) هل العدالة شرط في المستحقّ أم لا؟

__________________

(١) الفقيه ١ : ٨٨ ، النهاية : ١ : ٢٣٣ ، المختلف ١ : ٣٣٨ ، الايضاح ١ : ٤٩ ، اللمعة : ٥.

(٢) جواهر الفقه : ١٢ ـ ١٣ ، السرائر ١ : ١١٩.

(٣) جامع المقاصد ١ : ٢٧٥ ـ ٢٧٦.

(٤) نسبه إليه المحقق في المعتبر ١ : ١٩٦.

(٥) جامع المقاصد ١ : ٢٧٦.

(٦) نسبه إليه العلّامة في المختلف ١ : ٣١٥.

(٧) قال في الحبل المتين في فصل الأغسال : والأصحّ الاستحباب ، راجع ص ٨١.

(٨) كذا ، والعبارة ناقصة.

٥٦٣

ومن فقهائنا من اكتفى بظاهر الإيمان بمعنى الولاية لأهل بيت العصمة ، ومنهم من شرط العدالة. ما المختار عندكم ـ لا زلتم محروسين بعين العناية ـ؟

وكذلك العدالة في إمام الجماعة فإنّ المعظم من أصحابنا قائلون بشرطيتها فيه كشاهد الطلاق ، وأمثال ذلك.

وقد ادّعى العلّامة الحلّي الإجماع على أنّ العدالة شرط في إمام الجماعة وبذلك قال السيّد عليّ الصائغ تلميذ الشهيد الثاني قال : وهو إجماعيّ عند فقهاء أهل البيت عليهم‌السلام (١) ونقل عن بعض الاكتفاء بحسب الظاهر من غير احتياج إلى عشرة. وعن بعض آخر : أنّ الأصل في كلّ مسلم العدالة.

ثمّ اختلفوا في كيفية العدالة ، فمنهم من عرّفها بالملكة المشهورة. لكن منهم من شدّد ومنهم من سهّل.

فمن المشدّدين في شأنها شيخنا مولانا الشيخ جمال الدين أبو منصور بن الشهيد الثاني رضى الله عنه (٢) فإنّه قال قدس‌سره ـ في جواب مسائل سأل بعض إخوانه عن الاقتداء بإمام ـ : هل العدالة فيه شرط أم يجزئ المكلّف الاكتفاء بحسب الظاهر؟ فأجابه : أنّه يشترط في إمام الجماعة ـ مع الإيمان بالمعنى الأخصّ ـ العلم بالعدالة المستفادة من العشرة المطلقة على باطن أمره أو شهادة عدلين بها. وأمّا التعويل في الاقتداء على ظنّ عدم الجهل بأفعال الصلاة فغير معقول ، لأنّ العلّة في اشتراط العدالة غير منصوصة ، ومن أنّها هي (٣) إلّا من فساد صلاته ، والعلم بعدم وجوب إعادة المأموم صلاته إذا انكشف له فساد صلاته خلف الإمام من جملة المسائل الواضحة المأخذ.

قال قدس‌سره ـ بعد أنّ حقيقة العدالة المعتبرة في ذلك كلّه على ما يقوى في نفسي هي الصفة النفسانية المستقرّة زمانا يباين باعتباره الأعراض السريعة الزوال ويعبّر عنها بالملكة في الاصطلاح الجاري بين العلماء الّتي من زجر النفس (٤) ومنها : من فعل الكبائر الّتي يوعد الله تعالى عليها بالنار ، ومن الإصرار على الصغائر وهي ما سواها

__________________

(١) نهاية الإحكام ٢ : ١٤٠.

(٢) يعني صاحب المعالم قدس‌سره.

(٣) كذا.

(٤) كذا ، والعبارة ناقصة.

٥٦٤

من فعل ما ينافي المروّة. ولمّا كانت الصفات ممّا لا تدرك بالحسّ وإنّما تعلم بالآثار الصادرة عنها اعتبر في المعرفة بالعدالة حصول العشرة والملازمة الّتي تكرّر منها صدور الآثار الظاهرة عن تلك الحالة الباطنة ، بحيث يعلم بالعادة أنّ مثلها لا يحصل إلّا عن الملكة المذكورة.

ثمّ قال قدس‌سره بعد ذلك : واستبعاد بعض الأصحاب عدم إمكان تحصيل العلم هنا ومن أنّ الامور الباطنة الّتي لا يعلمها إلّا الله ، في غاية الضعف ، كيف! والاستدلال بالأثر المحسوس على المؤثّر المعقول أجلّ ظهورا وأكثر وقوعا ممّا يحتاج بيانه إلى إيراد مثال مخصوص (١) انتهى كلامه عطّر الله مرقده.

والمأمول منكم ـ أيّها المولى أيّدكم الله تعالى ـ النظر في ذلك وبيان ما تختارونه وتعتمدون عليه بيانا شافيا وافيا بالمراد ، فإنّ النفس متشوّقة إلى تحقيق مثل هذه المقاصد لأنّها من المهمّات.

مسألة : ما ذا تقول ـ أدام الله أيّامكم وأعزّكم وأعلى مقامكم ـ في التربة المشويّة من التربة الحسينيّة ـ على ساكنها أفضل التحيّة والسلام ـ هل تخرج بالطبخ المتعارف عن أصناف الأرض أم لا تخرج؟

وقال المحقّق الشيخ عليّ : لا تخرج بالطبخ عن اسم الأرض وجواز السجود عليها (٢) ومشايخنا ـ رضي‌الله‌عنهم ـ قائلون بمنع السجود عليها. وهل يفرّق بين التيمّم بها والسجود عليها أم لا؟ ما عندكم في ذلك ـ رضي الله عنكم ـ؟

مسألة : ما قولكم ـ لطف الله بكم ـ في بقيّة الأغسال غير غسل الجنابة ، هل لا بدّ معها من الوضوء أم لا ، سواء كانت واجبة أم مندوبة؟ ونقل عن علم الهدى رضى الله عنه إجزاء جميع الأغسال الواجب والندب منها مطلقا من الوضوء كغسل الجنابة (٣) ومال إليه صاحب المدارك (٤). والمشهور بين فقهائنا خلاف ما قاله علم الهدى ، ما عندكم فيه أيّدكم الله تعالى؟

__________________

(١) لم نظفر بالرسالة المنقول منها.

(٢) رسائل المحقق الكركي ٢ : ٩١.

(٣) نقله عنه المحقق في المعتبر ١ : ١٩٦.

(٤) المدارك ١ : ٣٦١.

٥٦٥

مسألة : ما قولكم في الوضوء هل الغرفة الواحدة الاقتصار عليها أفضل لكلّ عضو أم الأفضل الغرفتان؟ والأخبار المعتمدة تدلّ أكثرها على الغرفة الواحدة. والمشهور الغرفتان. وبعض الأخبار تدلّ عليه (١) فالمأمول منكم ـ أيّدكم الله تعالى ـ بيان ما تميلون إليه.

مسألة : ما قولكم ـ رضي الله عنكم وأمدّكم بطول البقاء ـ في التيمّم هل الضربة الواحدة كافية مطلقا سواء كان التيمّم بدلا عن الغسل والوضوء ، أم الضربتان مطلقا ، أم التفصيل أفضل كما هو المشهور عند الأكثر؟ ما عندكم في ذلك ـ أيّدكم الله تعالى ـ؟

مسألة : ما قولكم ـ رضي الله عنكم ـ في غسل الميّت إذا فقد الخليطان من السدر والكافور ، هل يكفي الغسل الواحد بالقراح مع القراح أم لا بدّ من التعدّد عن كلّ واحد منهما عنهما بالقراح مع القراح؟ وهل الوجوب (٢) واجب في غسل الميّت أم ندب أم الأولى؟

مسألة : ما ذا تقولون ـ أيّدكم الله تعالى ـ في الوتر الّتي بعد العشاء ، هل القيام في الركعتين أفضل أم الجلوس؟ المشهور عندهم أنّ الجلوس أفضل. والشهيد الثاني قائل بأنّ القيام أفضل (٣) وابنه صاحب المنتقى يميل إلى ذلك (٤) وعليه كان عمله على ما شاهدناه منه قدس‌سره وقد ورد بمختارهما رواية صحيحة (٥).

مسألة : ما ذا تقولون في التسبيح في الأخيرتين من الرباعيّة والأخيرة من المغرب ، فمن أصحابنا من قال : إنّ القراءة أفضل من التسبيح مطلقا (٦). والّذي يخطر بالبال بأنّ التسبيح كأنّه صار من شعار أصحابنا الإمامية ، فينبغي أن يكون أفضل مطلقا ما لم يكن المصلّي إماما لأجل المسبوق لا غير ، فيعدل الإمام من التسبيح إلى القراءة لأجل المسبوق إن أشعر به خوفا أن تخلو صلاته عن فاتحة الكتاب لورود النصّ بأنّه « لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب » (٧). ولو اختار المصلّي القراءة هل المختار

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٥ ح ٥.

(٢) كذا ، والظاهر : الوضوء.

(٣) الروضة البهية ١ : ١٦٩.

(٤) منتقى الجمان ١ : ٣٧٨.

(٥) التهذيب ٢ : ٥ ، ح ٨.

(٦) لم نقف على من قال به بتّا ، نعم قال صاحب المدارك قدس‌سره : ولو قيل بأفضليّة القراءة مطلقا ـ كما يدلّ عليه ظاهر صحيحة منصور بن حازم ـ لم يكن بعيدا من الصواب ، المدارك ٣ : ٣٤٥.

(٧) عوالي اللآلي ١ : ١٩٦.

٥٦٦

الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم أم المختار الإخفات بها؟ وكان شيخنا صاحب المنتقى يختار الإخفات بها إذا قرأ الحمد ، وكان السيّد قدس‌سره يجهرها ، فما المختار عندكم في ذلك؟

مسألة : ما قولكم ـ وفّقكم الله تعالى ـ في رفع المصلّي بالتكبير ثلاث مرّات يديه ، جاعلا كفّيه حيال وجهه مستقبلا بظاهرهما وجهه وبباطنهما القبلة وهو أوّل التعقيب؟ وقد اختار ذلك في مفتاح الفلاح (١) وشيخنا صاحب المنتقى لم يمل إلى ذلك لضعف المأخذ ، كذا سمعناه منه قدس‌سره. فمن أين دليله أيّها المولى ـ أيّدكم الله تعالى ـ؟

مسألة : قال العلّامة في المنتهى : رفع اليدين فوق الرأس مستحبّ عند فراغك من المكتوبة ، لما رواه شيخ الطائفة بسند صحيح عن صفوان بن مهران الجمّال ، قال :

رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام إذا فرغ من صلاته رفع يديه جميعا فوق رأسه (٢). فما السبب في ذلك الرفع لم تظهر العلّة فيه ، وإن كان الأمر غير لازم ، لأنّ أمرهم عليهم‌السلام متّبع ، فهل عندكم في ذلك شي‌ء أم لا؟

مسألة : القنوت الثاني من الوتر بعد الركوع وكذلك القنوت الثاني في صلاة الجمعة هل الأرجح فعله أم تركه؟ ورئيس المحدّثين في الفقيه يميل إلى تركه (٣) وله في كتابه عليه كلام لا يخفى عليكم. فما أنتم قائلون فيه؟ وإن كان المقام مقام استحباب ، لكن لا بأس ببيان الوجه الراجح.

انتهت المسائل بعون الله تعالى بقلم العبد الفقير المعترف بعدم المعرفة وبالتقصير : حسين بن حسن أقلّ الخدّام المنسوب إلى ظهير الدين بن الحسام ، وذلك في سبعة من شوّال بسرعة واستعجال ، فلا تؤاخذوها أيّها المولى الأعظم الأفخم بضعف في العبارة وعدم تدبّر في المقال ، فإنّي معترف بالخلل في العلم والعمل. والحمد لله كما هو أهله على كلّ حال ، وأنتم في أمان الله ورعايته.

* * *

__________________

(١) مفتاح الفلاح : ١٧٨.

(٢) المنتهى ١ : ٣٠٦ س ٢.

(٣) الفقيه ١ : ٤١١ ، ٤٨٥.

٥٦٧

[ جوابات المسائل الظهيريّة ] (١)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

حامداً ، مصلّياً ، مسلّماً

يقول الفقير إلى الخبير اللطيف محمّد أمين الأسترآبادي في جواب شيخنا الفاضل الكامل ، العالم العامل ، الشيخ حسين بن حسن بن ظهير الدّين العاملي ـ عامله الله بلطفه الخفيّ والجليّ ـ.

قوله : أدام الله أيّامه : فالمأمول منكم تأليف كتاب وجيز في الفقه ...

الاقتداء بالقدماء ـ قدّس الله أرواحهم ـ في هذا الباب أولى ، وكانت عادتهم الاكتفاء بتأليف الأحاديث ، أو تذييل كلّ باب بما يتعلّق بشرح الأحاديث ، وبما يتعيّن العمل به من الحديثين المتناقضين ، وقد اخترت الطريقة الثانية في حاشية كتاب « الكافي » وذكرت فيها ما لم يذكره مصنّفه من الأحاديث ، وفيها الكفاية إن شاء الله تعالى وتقدّس.

قوله أيّده الله تعالى : هل يكفيني العمل بمجموع ما قاله الفقهاء؟

أقول : المسائل المتعلّقة بنفس الأحكام الإلهية ثلاثة أقسام :

__________________

(١) كذا عنونه العلّامة الطهراني في الذريعة ٥ : ٢٢٧ ، بالرقم ١٠٨٣. وقد وردت تلكم الجوابات ـ من دون الأسئلة ـ في آخر مخطوطة من نسخ الفوائد المدنيّة محفوظة أصلها في مكتبة « آستان قدس رضوي » بالرقم ٢٩٢٢. ومصوّرة هذه ممّا تفضّل به علينا السيّد الفاضل الجليل سماحة الحجّة السيّد حسين الموسوي دام إفضاله.

٥٦٨

قسم من ضروريات الدين ، وقسم من ضروريات المذهب ، وقسم ليس هذا ولا ذاك. وحكم القسمين الأوّلين واضح.

وأمّا القسم الثالث : فلا بدّ فيه من العمل بالأحاديث المنقولة في الكتب الأربعة ، أو في كتاب العلل أو قرب الإسناد أو شبه ذلك ، ما لم يكن هناك حديثان متناقضان ، وإذا كان حديثان متناقضان فلقدمائنا فيه ثلاثة مسالك ، كلّها مسموعة من أصحاب العصمة عليهم‌السلام :

أحدها : ما اختاره الإمام ثقة الإسلام قدس‌سره في كتاب الكافي وهو التخيير في العمل بأيّهما شاء.

وثانيها : طرح ما هو أقرب من فتاوي العامّة والعمل بما هو أبعد.

وثالثها : العمل بما هو أقوى صحّة ، ومع التساوي وجوب الاحتياط إلى ان يظهر الحقّ.

وقد اخترت للجمع بين أحاديث هذا الباب مسلكا رابعا ، مركّبا من المسالك الثلاثة ، وهو : أنّه مع علمنا بما هو الأقرب وما هو الأبعد من فتاوي العامّة يعمل بالأبعد ، ومع عدم علمنا نعمل بما هو أقوى صحّة. ومع التساوي ، فإن كانت المسألة متعلّقة بما فيه خصومة الناس ـ كدين أو ميراث أو نكاح أو طلاق أو وقف ـ نعمل بالاحتياط إلى أن يظهر الحقّ. وإن لم يكن كذلك ـ كما في العبادات المحضة ـ فنحن مخيّرون في العمل بأيّهما شئنا إلى ان يظهر الحقّ. وإذا خلت الواقعة عن حكم منقول في تلك الكتب عن أصحاب العصمة عليهم‌السلام فلا يجوز العمل بالأصل ولا باستصحاب ولا بغير ذلك ، بل يجب التوقّف. هذا هو المستفاد من كلام أصحاب العصمة ـ صلوات الله وسلامه عليهم.

قوله أيّده الله تعالى : هل يكفي الإنسان في عقيدته واعتقاده العلم الإجمالي؟

أقول : يستفاد من كلامهم ـ صلوات الله عليهم ـ أنّ المعرفة الّتي يتوقّف عليها حجّية الأدلّة السمعية ، وهي : معرفة أنّ لنا صانعا عالما ، ومعرفة أنّ محمّد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رسول الله إلينا لتعليم أحكامه تعالى وغير ذلك أمر يحدث في قلب من أراد الله تعالى تعلّق التكاليف به بطريق الاضطرار بسبب المعجزة بحيث لا يمكنه أن

٥٦٩

يدفعها عن نفسه. ثمّ بعد ذلك يتعلّق به التكاليف ، كالإقرار بالشهادتين وغير ذلك.

وأنّه لا يجوز الاعتماد في صفاته تعالى الذاتية والفعلية إلّا على كلام أصحاب العصمة ، لأنّ مجرّد العقل غير كاف ، ولذلك وقعت مشاجرات كثيرة بين فحول الفلاسفة ، وبين علماء الإسلام في هذه الأبواب.

وأنّ المعرفة الإجمالية في هذه الأبواب كافية بشرط أن تكون مستفادة من كلام أصحاب العصمة عليهم‌السلام وهي : أنّ لنا صانعا مباينا في ذاته جميع الأشياء وقادرا على كلّ ممكن ، ومنزّها عن كلّ نقص. وباقي الأمور من المستحسنات ، لا من المفروضات.

قوله أيّده الله تعالى : والّذي أعتقده أنّ جميع ما سوى الله تعالى حادث ...

أقول : ما ذكرتم من العقائد ـ بحمد الله تعالى ـ في غاية الجودة إلّا شيئا واحدا كأنّه من سهو القلم ، وهو أنّ قدرته وعلمه يعمّان كلّ مقدور ومعلوم ، فإنّ من معلوماته ما هو ممتنع ذاتيّ كاجتماع النقيضين وكوجود شريك الباري وكإعدام نفسه. والظاهر أن قصدكم يعمّان كلّ مقدور وممكن ، وهو الحقّ.

قوله أيّده الله تعالى : فهل يكفيني في التوحيد ما وقع في ذهني من المعرفة الإجمالية؟

أقول : يكفيكم أقلّ ممّا ذكرتم وهو الّذي ذكرته سابقا.

قوله أيّده الله تعالى : قال بعض الأفاضل أنّ باقي الأصول من النبوّة والإمامة والمعاد الجسماني مستفاد من الكتاب والسنّة النبويّة والإمامية ...

أقول : في هذا الكلام نوع غفلة عن أنّ النبوّة حصلت في القلوب بسبب المعجزة بطريق الاضطرار كما هو الحقّ ، أو بطريق الكسب والنظر ـ كما ذهبت إليه جماعة من علماء الكلام. ويمكن تأويله وتطبيقه على ما ذكرناه بعناية ما هي : بأن يقال : المراد استفادته من الكتاب من حيث إنّ الكتاب معجزة ، أو بأن يقال : لكون الكتاب في نهاية البلاغة فيه دلالة على كونه كلام الخالق ، وفيه تصريح بالنبوّة.

قوله : وظهر أنّ تحصيل الإيمان لا يتوقّف على تعلّم علم الكلام ، ولا المنطق ، ولا غيره من العلوم المدوّنة ...

٥٧٠

أقول : هذا هو الحقّ ، بل وقع التصريح في الأحاديث بأنّه ينبغي أن تعلّموا أولادكم حديثنا قبل أن يأتلف قلوبهم بفنّ الكلام (١) وبالأباطيل المذكورة فيه.

قوله أيّده الله تعالى : وكأنّ كلامه بحسب الظاهر سديد ...

أقول : كلامه في غاية الجودة ، وهو الحقّ الصريح ، وقد تواترت الأخبار عن الأئمّة الأطهار ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ بحرمة الاعتماد على مقتضى أفكار العقول ، وبحرمة تعلّم فنّ الكلام وتعليمه ، إلّا الكلام المؤلّف من كلامهم ـ صلوات الله عليهم ـ وحرمة الاعتماد على القواعد الأصولية الفقهيّة الغير المأخوذة من كلام أصحاب العصمة ـ صلوات الله عليهم ـ وبأنّ المعرفة الّتي يتوقّف عليها حجّية الأدلّة السمعية تحدث في قلوب من أراد الله تعليق التكاليف به بطريق الاضطرار ، بحيث لا نقدر على دفعها عن قلبنا إمّا من غير توقّف على ظهور معجزة وهي معرفة أنّ لنا صانعا عالما ، أو بمعونتها وهي معرفة أنّ محمّدا رسول الله إلينا ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وبأنّ باقي الأمور يستفاد من كلام أصحابه العصمة ـ صلوات الله عليهم ـ وبأنّه لو استفدناه بأفكارنا ووافق الحقّ في الواقع لا أجر لنا فيه ، ولا يعتمد عليه شرعا.

قوله أيّده الله تعالى : ما وجه اختلاف أصحابنا الإمامية في المسائل الشرعية سيّما المتأخّرين منهم ، حتّى أنّ الواحد منهم ربّما خالف نفسه مرّتين أو مرارا؟

أقول : أمّا اختلاف قدمائنا ـ قدّس الله أرواحهم ـ فهو ناش عن اختلاف أصحاب العصمة عليهم‌السلام في فتاويهم ، صرّح بذلك رئيس الطائفة في كتاب العدّة (٢) واختلاف أصحاب العصمة ، لضرورة التقيّة والشّفقة على الرعيّة.

وأمّا اختلاف المتأخّرين فقد يكون من هذا القبيل ، وكثيرا ما يكون ناشئا عن عدم الاطّلاع على نصّ أصحاب العصمة ، وذلك في الوقائع النادرة الوقوع ، بل المعدومة الوقوع أو عن ظنّهم ضعف بعض النصوص المنقولة في الكتب الأربعة من اصول قدمائنا المجمع على ورودها عن أصحاب العصمة عليهم‌السلام وعن تمسّكهم

__________________

(١) ما وجدناه في الأحاديث هو ما عن الصادق عليه‌السلام قال : « بادروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة » الكافي ٦ : ٤٧ ، ح ٥.

(٢) لم نجد التصريح به فيها ، انظر عدّة الاصول ١ : ١٣٦ ـ ١٣٧.

٥٧١

بأمارات عقليّة وخيالات ظنّية كالأصل والاستصحاب ، وكالتمسك بإطلاق أو بعموم أو بإجماع خرصيّ.

والحقّ أن القسم الأوّل من الاختلاف مرضيّ ، دون الثاني.

قوله أيّده الله تعالى : ما تقولون فيما نقل عن علم الهدى رضى الله عنه من ادعاء الإجماع في مسائل عديدة ؛ منها : أنّه ادّعى الإجماع على وجوب التكبيرات للركوع والسجود والقيام بينهما ، ووجوب رفع اليدين بها ...

أقول : معناه أنّه وقع إجماع قدمائنا وفيهم بعض أصحاب العصمة عليهم‌السلام على ورود وجوب ذلك من صاحب الشريعة ، لكن الوجوب في كلام أصحاب العصمة عليهم‌السلام وفي كلام قدمائنا يطلق على الاستحباب المؤكّد كما في غسل يوم الجمعة. والشائع في كلامهم إطلاق « المكتوب » و « الفرض » و « المفروض » على ما يستحقّ تاركه العقاب ، يشهد بذلك اللبيب المتتبّع.

قوله أيّده الله تعالى : ومنها دعواه الإجماع أنّ أقل النفاس ثمانية عشر يوما.

أقول : معناه انعقد الإجماع على ورود ذلك عن بعض أصحاب العصمة عليهم‌السلام.

ومن المعلوم : أنّ الورود عن معصوم لا يستلزم كونه حكم الله في الواقع ، لاحتمال وروده من باب التقيّة. وتوضيح ذلك : أنّ جمعا من أصحاب باقر العلوم والصادق ـ صلوات الله عليهما ـ أجمعوا كتبا ما سمعوه منهما ، ثمّ عرضت تلك الكتب على الجواد وغيره من متأخّري الأئمّة عليهم‌السلام فقالوا : كلّها صحيح ، يعني وارد من الأئمّة المتقدّمين ـ صلوات الله عليهم ـ وليس فيهم افتراء عليهم عليهم‌السلام فمن أجل ذلك انعقد في ثاني الحال إجماع الطائفة على صحّة الأحاديث المروية في تلك الكتب ، وفي جملتهم الجواد عليهم‌السلام.

ومن المعلوم : أنّ صحّة النقل لا يستلزم كون المنقول حكم الله في الواقع ، لجواز ورود المنقول من باب التقيّة والشفقة على الرعية ، وعليه فقس أشباه ذلك.

قوله أيّده الله تعالى : فما المراد بإجماعهما؟

أقول : مرادهما أنّه انعقد الإجماع على ورود هذا المعنى عن بعض أصحاب

٥٧٢

العصمة عليهم‌السلام وقد ذكرنا أنّه قد يكون ورودها من باب التقيّة ، ولأجل ذلك قد يترك العمل به.

قوله أيّده الله تعالى : وكذلك دعوى جماعة من الفقهاء الإجماع كمحمّد بن إدريس ، والعلّامة الحلّي ...

أقول : مرادهما في بعض الصور ما ذكرنا من انعقاد الإجماع على ورود ذلك عن بعض أصحاب العصمة عليهم‌السلام وفي بعض الصور اتّفاق ظنون مجتهدي عصر واحد على ذلك. والأوّل مرضيّ ان لم يعلم أنّ وروده من باب التقيّة ، والثاني غير مرضيّ.

قوله : مسألة في صلاة الجمعة أمّا مع حضور الإمام عليه‌السلام فلا كلام ...

أقول : المستفاد من كلام أصحاب العصمة عليهم‌السلام ما اختاره الشهيد الثاني رحمه‌الله في رسالة الجمعة.

قوله أيّده الله تعالى : القول الثالث أنّ الوجوب التخييري مشروط بالفقيه الجامع لشرائط الفتوى حال الغيبة ...

أقول : هذا القول وأشباهه من الخيالات الظنّية الّتي لا يعتمد عليها.

قوله : أيّده الله تعالى : لو قيل بالوجوب العيني زمن الغيبة فهل تجب المهاجرة من المحلّ الّذي لا يتمكّن المكلّف من الإتيان بها؟

أقول : تجب عليه المهاجرة إلى بلد يظن أنّه يتمكّن من ذلك فيه ، لكن إذا لم يكن حرج بيّن في المهاجرة. وأظنّ أنّ مثل هذا البلد مفقود ، فإنّ فقهاء العجم لقلّة معرفتهم بالأحاديث يتخاصمون في هذه المسائل أشدّ خصومة. ومن المعلوم : عدم التمكّن في غير بلاد العجم.

قوله : لو قيل : إنّها أفضل الفردين الواجبين ، هل تترجّح المهاجرة؟

أقول : نعم! راجح بلا شكّ ، لكن بلاد التمكّن مفقود الآن ، فإنّ في بلاد العجم كذلك يجب التقيّة ، لشدّة شوكة الفقهاء الغير الواصلين إلى عمق الأحاديث.

قوله : مسألة ما قولكم في تقصير المسافر في البريد وهو أربع فراسخ ...؟

أقول : حصل لي اليقين بأنّه يجب التقصير في أربعة فراسخ ، وبأنّه لا يشترط الرجوع ليومه في ذلك من تتبّع كلامهم ـ صلوات الله عليهم ـ وبأنّ المراد من

٥٧٣

الأحاديث المشتملة على ثمانية فراسخ أن يكون الذهاب أربعة والإياب أربعة. والأحاديث الواردة في تقصير أهل مكّة في عرفات إذا انضمّت إلى غيرها من الأحاديث توجب اليقين للّبيب اليقظان النفس لا لغيره.

قوله أيّده الله تعالى : ما قولكم ـ رضي الله عنكم ـ في الحبوة الّتي انفردت بها الإمامية ...؟

أقول : سياق كلامهم ـ صلوات الله عليهم ـ الاقتصار على ما استعمله الميّت في زمن حياته من الأشياء المذكورة ، فكتب الحديث وفعل بعض الأئمّة عليهم‌السلام يقتضي أن تحسب تلك الأشياء على الولد من نصيبه ، وكذلك سياق بعض أقوالهم صريح في ذلك ، ولمّا كانت كتبي في « الطائف » (١) ما اشتغلت بذكر الأكثر ، فلكم أن ترجعوا إلى الكتب الأربعة وأشباهها من الاصول ، وتعيّنوا الأكثر.

وأمّا ردّ بعض المتأخّرين كثيرا من أحاديث تلك الكتب بضعف سنده فهو زعم ناش من الغفلة عمّا نقلناه في « الفوائد المدنيّة » عن كتاب العدّة لرئيس الطائفة ، وعن سيّدنا الأجلّ المرتضى ، وعن الإمام ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني ، وعن شيخنا الصدوق ، وعن غيرهم من أهل التحقيق.

قوله أيّده الله تعالى : مسألة ، ما ذا تقولون في حرمان الزوجة من بعض متروكات زوجها الميّت ...؟

أقول : الحقّ أنّ الزوجة مطلقا تمنع من الأرض مطلقا ، ومن البناء عينا لا قيمة.

قوله : مسألة ، ما ذا تقولون فيما إذا أحدث المجنب في أثناء غسل الجنابة حدثا أصغر ...؟

أقول : المختار إعادة الغسل ، لورود التصريح بذلك فيما ورد عنهم عليهم‌السلام ولو تنزّلنا عن ذلك لوجبت الإعادة للاحتياط المأمورية في كثير من الروايات البالغة حدّ التواتر المعنوي. وأمّا غير ذلك من الأقوال فهو من الخيالات الّتي لا يعتدّ بها.

قوله أيّده الله تعالى : ما ذا تقولون في غسل الإحرام ...؟

__________________

(١) يفهم من هذا الكلام إقامة المولى الأسترابادي في تلك البلدة مدّة.

٥٧٤

أقول : ظاهر تأكّد استحبابه.

قوله أيّده الله تعالى : ما ذا تقولون في مستحقّ الزكاة ...؟

أقول : يستفاد من كلامهم ـ صلوات الله عليهم ـ أنّه لا بدّ في إمام الجماعة ، وفي مستحقّ الزكاة أن يكون مواظبا على الصلوات ، ولم يكن مجاهرا بالفسق إلّا إذا كان مستحق الزكاة صغيرا. ويستفاد أيضا : أنّ العدالة المعتبرة في باب الشهادة وباب إمامة الجماعة معناه : أن يرى مواظبا على الصلوات غير مجاهر بالفسق ، ولا بدّ من اختبار ذلك أو تزكية شاهدين اختبراه أو الشياع. واجتماع رواية عبد الله بن أبي يعفور المنقولة في الفقيه (١) واقتداء جمع من أصحاب الصادق عليه‌السلام بيهوديّ في الواقع. وإفتاؤه عليه‌السلام بعدم وجوب الإعادة (٢) والروايات الواردة في رجوع الشاهد عن شهادته في الذهن يعطي ما ذكرناه.

قوله : ما ذا تقولون في التربة المشويّة من التربة الحسينيّة ...؟

أقول : الحقّ أنّها لا تخرج عن استحقاق إطلاق الأرض عليها ، وأنّه يجوز السجود عليها والتيمّم بها لأجل ذلك.

قوله أيّده الله تعالى : ما قولكم ـ في بقيّة الأغسال غير غسل الجنابة ، هل لا بدّ معه الوضوء أم لا؟ سواء كانت واجبة أو مندوبة ...؟

أقول : الحقّ ما أفاده سيّدنا الأجلّ المرتضى ـ رضي‌الله‌عنه ـ واستحباب الوضوء قبل غسل الحيض وقبل غسل الإحرام وغير ذلك من الأغسال ، لا ينافي ما أفاده سيّدنا الأجلّ رضى الله عنه ، والروايات الدالّة على نقيض ما أفاده سيّدنا الأجلّ ، وردت من باب التقيّة والشفقة على الرعيّة.

قوله أيّده الله تعالى : ما قولكم في الوضوء هل الغرفة الواحدة ... (٣)

* * *

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٣٨ ، ح ٣٢٨٠.

(٢) الفقيه ١ : ٤٠٥ ، ح ١٢٠١.

(٣) إلى هنا انتهت ما وصل إلينا من الجوابات ، ومعلوم أنّها ناقصة مقطوعة ، والظاهر فقد ورقات منها كانت مشتملة على جواب هذه المسألة وسبع مسائل بعدها ، كما يظهر بالمراجعة إلى الأسئلة.

٥٧٥
٥٧٦

فهرس المحتوى

مقدّمة التحقيق............................................................................ ٣

ترجمة صاحب الفوائد رحمه‌الله بقلم سماحة الحجّة آل عصفور البحراني............................... ٥

نبذة من حياة السيّد نور الدين العاملي رحمه‌الله صاحب الشواهد المكّية............................. ١٦

نماذج من النسخ......................................................................... ٢٠

الباعث على تأليف الكتاب............................................................... ٢٧

ذكر ما يحتوى عليه الكتاب إجمالا......................................................... ٣٠

المقدّمة :

ما ذكره بعض الأعلام الإماميّة حول الاجتهاد ومستند الأحكام :

العلّامة الحلّي............................................................................. ٤١

السيّد جمال الدين الأسترآبادي............................................................ ٤٩

صاحب المعالم............................................................................ ٥٠

المحقّق الحلّي.............................................................................. ٥٣

صاحب المدارك.......................................................................... ٥٩

تحسين الميرزا محمّد الأسترآبادي لطريقة المؤلّف.............................................. ٥٩

ما ذكره بعض الأعلام العامّة حول الاجتهاد واصول الفقه :

القاضي عضد الدين...................................................................... ٦١

٥٧٧

العلّامة التفتازاني.......................................................................... ٦٤

الآمدي................................................................................. ٦٦

بدر الدين الزركشي...................................................................... ٦٨

أبو العبّاس المقريزي....................................................................... ٦٩

فائدة ـ في أنّ لله تعالى في كلّ واقعة حكما معيّنا............................................ ٧٥

فائدة ـ في بيان مباني العامّة فيما ذكروه من القواعد الاصوليّة................................ ٧٥

غفلة جماعة من متأخّري أصحابنا عن ابتناء قواعد العامّة على ما لا نقول به..................... ٧٦

ما أفاده السيّد ابن طاوس قدس‌سره في بعض رسائله.............................................. ٧٩

فائدة ـ عند قدماء الأصحاب : لا مدرك للأحكام إلّا أحاديث العترة الطاهرة.................. ٩١

ذكر مواضع من كلام الشيخ الطوسي قدس‌سره يوافق مسلك القدماء............................... ٩٣

فائدة ـ في بيان انقسام الإماميّة إلى الأخباريّين والاصوليّين................................... ٩٧

فائدة ـ بيان ما أحوج العامّة إلى فتح بابي الاجتهاد والإجماع................................. ٩٨

فائدة ـ كلّ ما تحتاج إليه الامّة إلى يوم القيامة عليه دلالة قطعيّة............................. ١٠٤

فائدة ـ كفاية اليقين العادي في بابي الاصول والفروع...................................... ١٠٥

فائدة ـ جواز الاعتقاد على خبر الثقة.................................................... ١٠٦

ذكر رؤيا التي رآها المؤلّف قدس‌سره في مكّة المعظّمة............................................ ١٠٨

معنى الصحيح عند القدماء مغاير لما اصطلح عليه المتأخّرون.................................. ١٠٩

فائدة ـ ذكر مواضع من قدح الصدوق رحمه‌الله في بعض أحاديث الكافي........................ ١١٤

فائدة ـ ما أفاده صاحب المنتقى من تفاوت نظر السلف في الحديث مع الخلف................ ١١٧

تحقيق له قدس‌سره في المعالم حول الكتب الأربعة................................................ ١١٩

فائدة ـ ما ذكره الشيخ البهائي رحمه‌الله حول تنويع الحديث.................................... ١٢٠

تحقيق من المؤلّف رحمه‌الله في أنّ الاصطلاحات في تقسيم الخبر إنّما تناسب مسلك العامّة........... ١٢٢

٥٧٨

ما ذكره الشهيد الثاني والشيخ البهائي حول الاصول الأربعمائة والكتب الأربعة............... ١٢٩

كانت لقدمائنا اصول اخرى غير الأربعمائة................................................ ١٣١

فائدة ـ ما ذكره صاحب المعالم رحمه‌الله حول العمل بخبر الواحد................................ ١٣٢

نقد دعاوي العلّامة الحلّي رحمه‌الله............................................................ ١٣٦

نقل طرف من الأحاديث الناطقة بفضل الكتابة والتمسّك بالكتب........................... ١٣٧

بقاء الاصول المجمع على صحّة ما فيها إلى زمن المشايخ الثلاثة................................ ١٣٩

ما ذكره شيخ الطائفة قدس‌سره في أوائل الاستبصار من القرائن الموجبة للعلم بصحّة الخبر............ ١٤١

ما أفاده صاحب المعالم والمنتقى رحمه‌الله....................................................... ١٤٤

القول المختار في العمل بالأخبار.......................................................... ١٤٥

ما ذكره الشيخ البهائي رحمه‌الله من أنّ المعتبر حال الراوي وقت الأداء............................ ١٤٧

ذكر كلام الشيخ في العدّة حول العمل بخبر الواحد......................................... ١٤٩

ما ذكره المحقّق الحلّي رحمه‌الله في اصوله حول الأخبار........................................... ١٦٦

ما ذكره المحقّق الحلّي رحمه‌الله في أوائل المعتبر في حقّ الصادق والجواد عليهما‌السلام...................... ١٦٨

ما قاله ابن إدريس في آخر السرائر حول ما استطرفه........................................ ١٧٠

تصريح أصحاب الكتب الواصلية إلينا بأنّها مأخوذة من الاصول............................. ١٧٢

تصريح المحقّق الحلّي بأنّ كتابي فضل بن شاذان ويونس بن عبد الرحمن كانا موجودين عنده..... ١٧٢

أوّل من قسّم أحاديث اصول أصحابنا ، وبيان السبب في ذلك.............................. ١٧٣

فائدة ـ في أنّه كان عند أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام كتب واصول كانت مرجعهم في عقائدهم وأعمالهم

...................................................................................... ١٧٤

ذكر قرائن موجبة للعلم العاديّ بورود الأحاديث عنهم عليهم‌السلام............................... ١٧٦

فائدة ـ في دفع احتمال السهو........................................................... ١٧٨

٥٧٩

الفصل الأوّل :

في إبطال التمسّك بالاستنباطات الظنّيّة في نفس أحكامه تعالى فيه وجوه :

١ ـ عدم ظهور دليل قطعيّ على جواز الاعتماد على الظنّ في أحكامه تعالى.................. ١٨٠

٢ ـ الآيات الناهية عن الاعتماد على الظنّ............................................... ١٨٥

٣ ـ جريان ما استدلّت به الإماميّة على وجوب عصمة الإمام في اتّباع ظنّ المجتهد............. ١٨٦

٤ ـ عدم صلاحيّة ما ليست مداركه منضبطة أن يجعل مناطا لأحكامه تعالى.................. ١٨٧

٥ ـ المسلك الّذي يختلف باختلاف الأذهان والأحوال والأشخاص لا يصلح أن يكون مناط أحكام مشتركة بين الامّة إلى يوم القيامة...................................................................................... ١٩٠

٦ ـ الشريعة السهلة السمحة كيف تكون مبنيّة على استنباطات صعبة مضطربة؟............. ١٩٠

٧ ـ ابتناء أحكامه تعالى على الاستنباطات الظنّيّة مستلزم لمفاسد كثيرة....................... ١٩٠

٨ ـ الملكة المخصوصة الّتي اعتبروها في المجتهد وبذل الوسع منه في تحصيل الظنّ أمران مخفيّان غير منضبطين       ١٩١

٩ ـ الظنّ من الشبهات ، ووجوب التوقّف عند الشبهات ثابت بالروايات................... ١٩٢

١٠ ـ الخطب والوصايا المنقولة عن أمير المؤمنين وأولاده الطاهرين عليهم‌السلام في مردوديّة كلّ طريق يؤدّي إلى الاختلاف     ١٩٢

الكافر جاء بخمسة معان في كتاب الله تعالى................................................ ١٩٥

ذكر عبارات من خطب عليّ عليه‌السلام صريحة في أنّ ما عدا اليقين شبهة......................... ١٩٧

ذكر روايات من الفقيه والكافي.......................................................... ٢٠٢

مقتضى تلك الأحاديث أنّ كلّ فتوى لم تكن مطابقة للواقع والجزم بها غير مرضيّة............. ٢٠٦

ذكر أحاديث من كتاب المحاسن للبرقي................................................... ٢٠٧

٥٨٠