إيضاح تردّدات الشرائع - ج ١

نجم الدين جعفر بن الزهدري الحلي

إيضاح تردّدات الشرائع - ج ١

المؤلف:

نجم الدين جعفر بن الزهدري الحلي


المحقق: السيد مهدي الرجائي
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
المطبعة: مطبعة سيد الشهداء عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥١
الجزء ١ الجزء ٢

الى الظاهر.

والالتفات الى أن المتكلم أعرف بكلامه وقصده ، فيكون القول قوله عملا بقوله عليه‌السلام « وانما لامرئ ، ما نوى » (١)

قال رحمه‌الله : اذا أحال المشتري البائع بالثمن ، ثم رد المبيع بالعيب السابق ، بطلت الحوالة ، لانها تتبع البيع ، وفيه تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى كون الحوالة عقدا ، فيجب الوفاء بها. أما الصغرى فلان العقد اسم للايجاب والقبول ، ولا بدّ من اعتبارهما فيها ، وان وقع الخلاف في اعتبار رضا المحال عليه. وأما الكبرى ، فلقوله « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » (٢).

والالتفات الى كونها تابعة للبيع هنا ومرتبة عليه وقد بطل بالرد ، فيبطل ، لاستحالة وجود التابع من حيث أنه تابع بدون المتبوع.

قال رحمه‌الله : وتصح الحوالة حالة ومؤجلة على الاظهر.

اقول : قال الشيخ رحمه‌الله في النهاية : ولا يصح ضمان مال ولا نفس الا بأجل معلوم (٣). والحق الجواز ، عملا بأصالتي الجواز وعدم الاشتراط ، وهو اختياره فى المبسوط (٤) ، واختاره المتأخر.

قال رحمه‌الله : ولو قال : ان لم أحضره كان علي كذا ، لم يلزمه الا احضاره دون المال. ولو قال : علي كذا الى كذا ان لم أحضره ، وجب عليه ما شرط من المال.

أقول : حرف الشرط مقدم على الجزاء طبعا ، وتقديم الجزاء عليه لفظا جائز

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٤ / ١٨٦.

(٢) سورة المائدة : ١.

(٣) النهاية ص ٣١٥.

(٤) المبسوط ٢ / ٣٣٩.

٣٠١

لكنه لا يخل بالمعنى ، لانه مؤخر تقديرا.

اذا عرفت هذا فنقول : الفارق في هذه المسألة ليس تقديم حرف الشرط وتأخيره كما زعم من يزعم انه ناقد خريت ، بل الفارق مستفاد من الخبر المتلقى بالقبول المأثور عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١).

قال رحمه‌الله : اذا تكفل بتسليمه مطلقا ، انصرف الى بلد العقد ، وان عين موضعا لزم ، ولو دفعه في غيره لم يبرأ. وقيل : اذا لم يكن في نقله كلفة ولا في تسلمه ضرر وجب تسلمه ، وفيه تردد.

أقول : القائل هو الشيخ رحمه‌الله في المبسوط (٢) ، وتبعه ابن البراج.

ومنشأ التردد : النظر الى اصالة براءة الذمة من وجوب التسليم ، ترك العمل بها في صورة تسليمه في الموضع المشروط تسليمه فيه ، فيبقى معمولا بها فيما سواها ولان تسليمه في غير الموضع المعين ليس حقا له ، فلا يجب عليه قبوله.

والالتفات الى أن في ذلك احسانا بالكفيل وارفاقا به ، ولا ضرر على المكفول فيه ، فيكون تسلمه واجبا. أما الصغرى ، فظاهرة. وأما الكبرى ، فلعموم قوله « وَأَحْسِنُوا » (٣) وغير ذلك من الآيات الدالة على الامر بمساعدة الاخوان والارفاق بهم.

قال رحمه‌الله : لا تصح كفالة المكاتب ، على تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى أصل الصحة.

والالتفات الى أن صحة الكفالة بالنفس تابعة لصحة الكفالة بالمال الذي في ذمة الكفيل ، وضمان المال الذي في ذمة المكاتب لسيده لا يصح ، فكذا كفالته على

__________________

(١) تهذيب الاحكام ٦ / ٢١٠.

(٢) المبسوط ٢ / ٢٣٨.

(٣) سورة البقرة : ١٩٥.

٣٠٢

تسليمه ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (١). ولقائل أن يمنع صحة ضمان المال عنه ، كما اختاره المصنف رحمه‌الله.

قال رحمه‌الله : ولو صالحه على دراهم بدنانير أو بدراهم صح ، ولم يكن فرعا للبيع. ولا يعتبر فيه ما يعتبر في الصرف على الاشبه.

اقول : هذه المسألة يبنى على أن الصلح هل هو عقد قائم بنفسه ، أو فرعا على غيره. فان قلنا بالاول ، وهو الذي قواه الشيخ رحمه‌الله في المبسوط (٢) ، وعليه أكثر الاصحاب ، لم يعتبر في هذه المسألة ما اعتبر في الصرف من وجوب التقابض في المجلس.

وان قلنا بالثاني ، وهو ظاهر كلام الشيخ في الخلاف (٣) ، حيث أورد مسألة دالة على ذلك ، أعتبر فائدة الذين قالوا : ان الصلح فرع على غيره ، فالولاية فرع على خمسة عقود : البيع والاجارة والابراء والعارية والهبة.

قال رحمه‌الله : ولو أتلف على رجل ثوبا قيمته درهم ، فصالحه عنه على درهمين صح على الاشبه ، لان الصلح وقع عن الثوب لا عن الدرهمين.

اقول : ذهب الشيخ في الخلاف (٤) الى بطلان هذا الصلح ، بناء على قاعدته ، فيفضي الى الربا حينئذ ، اذ هو بيع درهم بدرهمين.

ولما اخترنا القول الثاني لا جرم كان هذا الصلح عندنا صحيحا ، وهو اختيار المتأخر وقوله في المبسوط (٥) ، والمصنف سلم القاعدة ومنع ثبوت الربا حينئذ ، لان الصلح انما وقع عن الثوب دون الدرهم.

__________________

(١) المبسوط ٢ / ٣٤٠.

(٢) المبسوط ٢ / ٢٨٩.

(٣) الخلاف ١ / ٦٣٣.

(٤) الخلاف ١ / ٦٣٣ مسألة ١٠.

(٥) المبسوط ٢ / ٢٩٠.

٣٠٣

قال رحمه‌الله : يجوز اخراج الرواشن والاجنحة الى الطرق النافذة اذا كانت عالية لا تضر بالمارة ، ولو عارض فيها مسلم ، على الاصح.

اقول : أوجب الشيخ رحمه‌الله القلع مع معارضة واحد من المسلمين ، اذ الطريق حق لجميع المسلمين ، فلا يجوز الانتفاع بها مع انكار أحدهم كغيرها من الحقوق.

والحق أن القلع لا يجب ، عملا بالاصل ، اذ الطريق غير مملوكة ، فلا يكون مشتركة ، بل انما يملك منافعها ، أعني : الاستطراق والجلوس غير المضر ، وهي المشتركة بينهم.

قال رحمه‌الله : ولو صالحهم على احداث روشن ، قيل : لا يصح ، لانه افراد الهواء بالبيع ، وفيه تردد.

اقول : هذا الخلاف مبني على الاختلاف في عقد الصلح ، فان جعلناه فرعا لم يصح ، والاصح.

قال رحمه‌الله : اذا التمس وضع جذوعه ـ الى قوله : اما لو انهدم ، لم يعد الطرح الا باذن مستأنف ، وفيه قول آخر.

اقول : القول الاخر جواز الاعادة ، لان له الاستدامة فجاز له الاعادة لتساويهما

قال رحمه‌الله : اذا خرجت أغصان الشجر ـ الى قوله : ولو صالحه على ابقائه في الهواء ، لم يصح على تردد.

اقول : البحث في هذا التردد ، كالبحث في التردد السابق ، وقد سلف.

قال رحمه‌الله : لا تصح الشركة بالاعمال ، كالخياطة والنساجة ، نعم لو عملا معا لواحد بأجرة ، ودفع إليهما شيئا واحدا عوضا عن أجرتهما ، تحققت الشركة في ذلك الشي‌ء. ولا بالوجوه ، ولا شركة المفاوضة ، وانما تصح بالاموال.

اقول : أقسام الشركة أربعة :

٣٠٤

الاول : شركة الاموال ، وهي المسماة بـ « شركة العنان » قال الشيخ في المبسوط : وانما سميت بذلك ، لانهما متساويان فيها ، ويتصرفان فيها بالسوية بينهما كالفارسين اذا سيرا دابتهما وتساويا في ذلك ، فان عنايتهما حالة السير سواء. قال الفراء : هي مشتقة من عن الشي‌ء اذا عرض ، يقال : عنت لي حاجة ، أي : عرضت ، سمي به الشركة ، لان كل واحد منهما يزعم أن له مشاركة صاحبه ، وقيل : انها مشتقة من المعاننة ، يقال : عاننت فلانا اذا عارضته بمثل ماله وفعاله ، وكل واحد من الشريكين يخرج في معارضة صاحبه بماله وتصرفه ، فيخرج مالا لصاحبه ويتصرف كتصرفه ، فسميت بذلك كذلك ، ثم قال : وهذا الاخير أصلح ما قيل فيه (١).

وقال الجوهري في الصحاح : وشركة العنان أن يشتركا في شي‌ء خاص دون سائر أموالهما ، كأنّه عنّ لهما شي‌ء فاشترياه فيشتركا فيه. قال النابغة الجعدي :

وشاركنا قريشا في تقاها

وفي أحسابها شرك العنان (٢)

وحكاه المتأخر في كتابه ، وهذه الشركة هي الصحيحة عندنا ، وباقي الاقسام بالاجماع الحاصل من الطائفة على بطلانها.

الثاني : شركة الاعمال ، ويقال : انها شركة الابدان أيضا ، وهي أن يشترك الصانعان على أن ما ارتفع لهما من كسبهما ، فهو بينهما على حسب ما يشترطانه ، وسواء كانا متفقي الصنعة ، كالنجارين والخبازين ، أو مختلفي الصنعة كالنجار والخباز.

هذا التفسير ذكره الشيخ في المبسوط (٣) ، وقال المتأخر : هي الاشتراك في اجرة العمل ، ومقصوده ما ذكره في المبسوط. وفيه تسامح يعلم مما ذكره المصنف في المتن ، وهذا التفسير ذكره الفقيه ابن حمزة وابن زهرة في الكيفية ، وقطب

__________________

(١) المبسوط ٢ / ٣٤٧.

(٢) صحاح اللغة ٦ / ٢١٦٦.

(٣) المبسوط ٢ / ٣٤٨.

٣٠٥

الدين الكيدري.

وهي باطلة عندنا ، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة : يصح مع الاتفاق والاختلاف ، الا في الاحتطاب والاحتشاش والاصطياد والاغتنام ، وجوز مالك في الجميع.

واحتج على بطلانها باجماع الفرقة ، وبأن العقود الشرعية تفتقر الى أدلة شرعية ، وحيث لا دلالة فلا شرع ، وبأن النبي عليه‌السلام نهى عن الغرر ، وهذا غرر ، لان كلا منهما لا يعلم أتلف شيئا أم لا ، ولا قيمة المتلف.

الثالث : شركة الوجوه ، وهي أن يكون رجلان وجيهان في الشرف ولا مال لهما ، فيعقدان الشركة على أن يتصرف كل منهما بجاهه في ذمته ، ويكون ما ارتفع لهما بينهما.

وهذا التفسير ذكره الشيخ في المبسوط (١) ، وتبعه المتأخر وابن زهرة والقطب الكيدري.

وقال الغزالي في الوجيز : هي أن يبيع الوجيه مال الخامل بزيادة ربحه ليكون له بعضه. واختاره شيخنا في القواعد (٢). واحتج في الخلاف على بطلانها بما سبق في الاولى.

الرابع : شركة المفاوضة ، وهي أن يكون مالهما من كل شي‌ء يملكانه بينهما ذكره يعقوب بن السكيت ، ووافقه على ذلك مالك وأحمد واسحاق وأبو ثور ، وصححها أبو حنيفة وسفيان الثوري والاوزاعي بشروط :

الاول : أن يكون الشريكان مسلمين.

الثاني : أن يكونا حرين.

__________________

(١) المبسوط ٢ / ٣٤٨.

(٢) القواعد ١ / ٢٤٢.

٣٠٦

الثالث : انفاق قدر المال الذي ينعقد الشركة في حقه ، كالدراهم والدنانير.

الرابع : أن يشارك كل منهما صاحبه فيما يكتسبه وان قل ، ومما يلزمه من الغرامات من غصب وكفالة بمال.

واحتج الشيخ في الخلاف (١) على بطلانها : بعدم الدليل الدال على الصحة وبأن الانعقاد حكم شرعي ، فيقف على مورد الشرع ولا دلالة ، فلا حكم ، ولان هذه الشروط التي ذكروها في اكتساب المال والغرامة باطلة ، فلا تصح معها الشركة ولعموم النهي عن الغرر ، ولا شك في حقيقة هذا.

فرع :

قال الشافعي : شركة المفاوضة وان كانت باطلة شرعا ، لكن لها حكم لغة.

قال رحمه‌الله : لو باع أحد الشريكين سلعة بينهما ، وهو وكيل في القبض وادعى المشتري تسليم الثمن الى البائع وصدقه الشريك ، برئ المشتري من حقه ، وقبلت شهادته على القابض في النصف الاخر ، وهو حصة البائع ، لارتفاع التهمة عنه في ذلك القدر.

ولو ادعى تسليمه الى الشريك ، فصدقه البائع ، لم يبرأ المشتري من شي‌ء من الثمن ، لان حصة البائع لم تسلم إليه ولا الى وكيله والشريك ينكره ، فيكون القول قوله مع يمينه. وقيل : تقبل شهادة البائع. والمنع في المسألتين أشبه.

اقول : القائل هو الشيخ رحمه‌الله في المبسوط (٢) والخلاف (٣) ، واحتج عليه في المبسوط. لان شهادة البائع هنا لا تجر له نفعا ، ولا تدفع عنه مضرة ، فيجب قبولها. أما الصغرى ، فلان البائع يقول للمشتري : حقي ثابت عليك ، ولا يسقط

__________________

(١) الخلاف ١ / ٦٤٤ مسألة ٥.

(٢) المبسوط ٢ / ٣٥٥.

(٣) الخلاف ١ / ٦٤٧.

٣٠٧

بالدفع الى شريكي. وأما حق شريكي ، فلا يرجع الي منه شي‌ء بحال أعطيته أو لم تعطه. وأما الكبرى ، فاجماعية.

واختار المصنف قبول الشهادة في الصورتين ، ولعله الانسب.

أما منع قبول شهادة الشريك على البائع فلانه شهد بقبض شي‌ء يصفه له ، ولو سمعنا شهادته فيه لاثبتنا حقه على البائع بقوله ، وجوزنا له انتزاعه منه ، وهو باطل قطعا ، والشهادة اذا منع بعضها منع سائرها ، وبه قال بعض القدماء.

وفيه نظر ، فانه لا يلزم من عدم سماعها في النصف المختص (١) به عدم سماعها في النصف الاخر ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط (٢). وأما منع قبول شهادة البائع على الشريك ، فلما في قبول هذه من دفع الضرر عنه ، اذ مع قبول الشهادة يثبت القبض ، فيختص بما يأخذه المشتري دون شريكه.

وهذا الاختصاص انما حصل باعتبار قبول هذه الشهادة ، فتكون مردودة ، لتحقق هذه التهمة المانعة من القبول.

قال (٣) رحمه‌الله : هل يفتقر المخير في تملك المباح الى نية التملك؟ قيل : لا ، وفيه تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى أصالة عدم الاشتراط.

والالتفات الى كون التملك عملا يفتقر الى نية. أما الصغرى ، فظاهرة. وأما الكبرى. فلقوله عليه‌السلام « لا عمل الا بنية » (٤).

قال رحمه‌الله : ولو شرط أن يشتري أصلا يشتركان في نمائه ، كالشجر والغنم قيل : يفسد ، لان مقتضاه التصرف في رأس المال ، وفيه تردد.

__________________

(١) فى « س » : المخصص.

(٢) المبسوط ٢ / ٣٥٧.

(٣) الصحيح تقدمه على « قال » ما قبله.

(٤) تهذيب الاحكام ٤ / ١٨٦.

٣٠٨

اقول : القائل هو الشيخ رحمه‌الله في المبسوط (١) ، وأتبعه المتأخر.

وأما التردد ، فمنشؤه : النظر الى الاصل الدال على الجواز.

والالتفات الى كونه شرطا منافيا لمقتضى العقد ، فيكون باطلا. أما أنه مناف لمقتضاه ، فلان مقتضى المضاربة التصرف في رأس المال. وأما بطلانه حينئذ ، فبالاجماع ، ولعله الاقرب.

قال رحمه‌الله : وينفق العامل في السفر كمال نفقته من أصل المال ، على الاظهر.

اقول : ذهب الشيخ رحمه‌الله في المبسوط (٢) الى أنه ليس للعامل أن ينفق من مال القراض ، لا سفرا ولا حضرا ، عملا بالاصل الدال على المنع ، وأفتى به في النهاية (٣) والخلاف (٤) بالاول ، مستدلا بالاجماع ، واختاره المتأخر وصاحب الواسطة.

ولو قيل : النفقة الزائدة على نفقة الحضر من أصل المال والباقي من العامل كان وجها ، وهو اختيار صاحب كشف الرموز.

قال رحمه‌الله : ومن شرط مال القراض أن يكون عينا ، وأن يكون دراهم أو دنانير ، وفي القراض بالنقرة تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى كونها معتبرة بالقيمة ، فلا تصح المضاربة بها ، لانها كالثياب والحيوان.

والالتفات الى كونها أصلا للدراهم ، وقد جازت المقارضة بها ، فجواز المقارضة بالنقرة أولى ، لقبح ترجيح الفرع على الاصل ولاستلزامه اياه.

__________________

(١) المبسوط ٣ / ١٩٨.

(٢) المبسوط ٣ / ١٧٢.

(٣) النهاية ص ٤٣٠.

(٤) الخلاف ١ / ٦٩٨ مسألة ٥.

٣٠٩

قال رحمه‌الله : ويلزم الحصة بالشرط دون الاجرة ، على الاصح.

اقول : ذهب الشيخ في النهاية (١) الى أن العامل ليس له من الربح شي‌ء ، وانما له اجرة المثل على رب المال فقط ، وهو اختيار شيخنا المفيد وأبي الصلاح وسلار.

والحق الاول. وهو اختيار الشيخ في المبسوط (٢) والخلاف (٣) والاستبصار (٤) واختاره المتأخر.

لنا ـ وجوه : الاول : قوله تعالى « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » (٥) وهذا عقد.

الثاني : المؤمنون عند شروطهم ، قال المتأخر : هذا اخبار بمعنى الامر ومعناه يجب عليهم أن يوفوا بشروطهم.

الثالث : الروايات المروية عن أهل البيت عليهم‌السلام.

قال رحمه‌الله : ولا بدّ أن يكون الربح مشاعا ، فلو قال : خذه قراضا والربح لي فسد ، ويمكن أن يجعل بضاعة ، نظرا الى المعنى ، وفيه تردد. وكذا التردد لو قال : والربح لك.

أقول : منشأ التردد في هاتين المسألتين : من العمل بظاهر اللفظ ، فيكون قراضا فاسدا.

ومن الالتفات الى المعنى ، فيكون المال على التقدير الاول بضاعة وعلى الثاني قرضا.

__________________

(١) النهاية ص ٤٢٨.

(٢) المبسوط ٣ / ١٧١.

(٣) الخلاف ١ / ٧٠٢.

(٤) الاستبصار ٣ / ١٢٦.

(٥) سورة المائدة : ١.

٣١٠

قال رحمه‌الله : ولو شرط لغلامه حصة معهما ، صح عمل الغلام أو لم يعمل ولو شرط لاجنبي وكان عاملا صح ، وان لم يكن عاملا فسد ، وفيه وجه آخر.

اقول : المراد بالغلام هنا مملوك رب المال ، وبالاجنبي ما عداه. والوجه الاخر يمكن أن يقال بصحة الشرط ، عملا بعموم قوله تعالى « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » (١).

لكن الشيخ رحمه‌الله قال في المبسوط : اذا شرط رب المال الربح لغلامه فاما أن يكون حرا أو عبدا ، فان كان عبدا نظرت ، فان لم يكن من الغلام عمل صح قولا واحدا ، وان شرط عليه العمل فعلى وجهين. وان كان حرا أو أجنبيا ، فشرط له من الربح قسطا ، فان لم يشترط منه العمل بطل قولا واحدا ، وان شرط العمل صح قولا واحدا (٢).

قال رحمه‌الله : وقول العامل مقبول في التلف ، وهل يقبل في الرد؟ فيه تردد أظهره أنه لا يقبل.

اقول : منشؤه : النظر الى كونه مدعيا ، فلا يقبل قوله الا مع البينة ، عملا بقوله عليه‌السلام « البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه » (٣).

والالتفات الى كونه أمينا ، فيقبل قوله ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (٤).

فرع :

الامناء على أقسام :

الاول : من يقبل قوله في الرد اجماعا ، وهو كل من قبض الشي‌ء لمصلحة مالكه فقط ، كالمودع والوكيل المتبرع.

__________________

(١) سورة المائدة : ١.

(٢) المبسوط ٣ / ١٦٩.

(٣) راجع عوالى اللئالى ١ / ٢٤٤ و ٤٥٣ و ٢ / ٢٥٨ و ٣٤٥ و ٣ / ٥٢٣.

(٤) المبسوط ٣ / ١٧٤.

٣١١

الثاني : عكسه ، وهو كل من قبض الشي‌ء لمصلحته فقط ، كالمرتهن والمستأجر.

الثالث : من وقع الخلاف في قبول قوله ، وهو كل من قبض الشي‌ء لمصلحة مشتركة بينه وبين مالكه ، كالعامل في القراض والوكيل بجعل.

ومنشأ الخلاف : تعارض المصلحتين ، واذا تعارضتا وجب الترجيح وهو من طرفنا.

قال رحمه‌الله : ولو مات رب المال وهو عروض ، كان له البيع ، الا أن يمنعه الوارث ، وفيه قول.

اقول : القول يمكن أن يقال : انه المنع من البيع ، لانفساخ المقارضة بالموت الا مع اذن الوارث.

قال رحمه‌الله : اذا تلف مال القراض أو بعضه بعد دورانه في التجارة ، احتسب التالف من الربح. وكذا لو تلف قبل ذلك ، وفي هذا تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى أصالة براءة ذمة العامل ، وعدم كون الربح وقاية لرأس المال ، ترك العمل بها في صورة التلف بعد دورانه في التجارة ، فيبقى معمولا بها فيما عداها.

والالتفات الى أن المال المدفوع قد صار مضاربة بنفس القبض ، فيكون الربح وقاية له ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (١) ، وهذا الوجه ضعيف جدا.

قال رحمه‌الله : اذا قارض اثنان واحدا ـ الى قوله : وفيه تردد.

أقول : هذا التردد مبني على أنه هل يجوز التفاضل في الربح والخسران مع تساوي المالين ، أو التساوي فيهما مع تفاضل المالين أم لا؟ فان قلنا بالجواز ـ كما هو مذهب السيد المرتضى ـ صح ذلك. وان قلنا بالبطلان ـ كما هو مذهب باقي الاصحاب ـ بطل.

__________________

(١) المبسوط ٣ / ١٩٠.

٣١٢

قال رحمه‌الله : ولو مضت المدة والزرع باق ، كان للمالك ازالته على الاشبه سواء كان بسبب الزارع كالتفريط ، أو من قبل الله سبحانه كتأخير المياه وتغيير الاهوية.

اقول : قال الشيخ رحمه‌الله في المبسوط (١) : اذا استأجر أرضا للزراعة مدة معينة ، فاما أن يطلق أو يعين ، فان كان الاول زرع مهما شاء ، فان زرع ما يتأخر ادراكه عن المدة المضروبة ، كان للمالك منعه ابتداءً ، لحصول الضرر في قلعه انتهاء ، فان بادر لم يعارض الى حين انتهاء المدة ، فحينئذ يجوز القلع. وكذا الحكم لو أخر الزرع عن أول زمان الاجارة.

أما لو انتفي الامران واتفق تأخره عن المدة بسبب اضطراب الاهوية وشدة البرد ، فهل للمالك ازالته قبل بلوغه؟ فيه وجهان : جواز القلع ، لحصول التفريط من الزارع ، اذ كان من حقه الاحتياط في تقدير المدة.

الثاني العدم ، لما فيه من الاضرار ، ولان سبب التأخير ليس من جهته ، وهو الاقوى ، فعلى هذا يبقيه الى وقت الادراك ، وعليه أجرة تلك المدة. والبحث في المعينة كالبحث في المطلقة. والحق أن للمالك الازالة في جميع هذه الصور ، عملا بقوله عليه‌السلام « الناس مسلطون على أموالهم » (٢).

قال رحمه‌الله : وتصح المساقاة قبل ظهور الثمرة ، وهل تصح بعد ظهورها؟ فيه تردد ، والاظهر الجواز ، بشرط أن يبقى للعامل عمل وان قل ، ما يستزاد به الثمرة.

أقول : منشؤه : النظر الى أصالة الصحة ، ولان المقصود من المساقاة زيادة

__________________

(١) المبسوط ٣ / ٢٥٧.

(٢) عوالى اللئالى ١ / ٢٢٢ و ٤٥٧ و ٢ / ١٣٨ و ٣ / ٢٠٨.

٣١٣

النماء ، والتقدير أنه حاصل هنا ، وبه أفتى الشيخ في الخلاف (١) ، محتجا بعمومات الاخبار الدالة على جواز المساقاة ، من غير فرق بين حال ظهور الثمرة ولا ظهورها.

والالتفات الى أن تجويز ذلك حكم شرعي ، فيقف على الاذن الشرعي ، وحيث لا اذن فلا حكم ، ولان معظم بيع المساقاة انما يكون قبل ظهور الثمرة لا بعده ، فلا يكون مشروعا ، لانتفاء فائدتها حينئذ ، وهو القول الاخر للشافعي.

قال رحمه‌الله : ولا تبطل بموت المساقي ، ولا بموت العامل ، على الاشبه.

أقول : ذهب الشيخ في المبسوط (٢) الى بطلان المساقاة بموت كل منهما.

واعلم أن البحث هنا مبني على البحث في بطلان الاجارة بموت أحد المتآجرين فان قلنا به بطلت المساقاة والا فلا.

قال رحمه‌الله : تصح المساقاة على كل أصل ثابت ، له ثمرة ينتفع به مع بقائه ، كالنخل والكرم وشجر الفواكه ، وفيما لا ثمر له اذا كان له ورق ينتفع به كالتوت والحناء ، على تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى الاصل القاضي بالجواز ، وهو ظاهر كلام الشيخ في الخلاف (٣) ، ويؤيده ما روى أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عامل أهل خيبر بالشطر مما يخرج من النخل والشجر (٤).

قال الشيخ في الخلاف : وهذا عام في سائر الاشجار (٥) ولانه ربما صدق على الورق اسم الثمرة ، فتصح المساقاة عليه ، لوجود المحل القابل للمساقاة شرعا حينئذ ، ولان تسويغ ذلك مشتمل على مصلحة مقصودة للعقلاء ، فيكون مشروعا.

__________________

(١) الخلاف ١ / ٧٠٦.

(٢) المبسوط ٣ / ٢١٦.

(٣) الخلاف ١ / ٧٠٥.

(٤) تهذيب الاحكام ٧ / ١٩٤.

(٥) الخلاف ١ / ٧٠٥.

٣١٤

والالتفات الى أن المساقاة على هذا النوع من الشجر حكم شرعي ، فيقف على الدلالة الشرعية ، وحيث لا دلالة فلا حكم ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (١) وظاهر كلام المتأخر ، ونمنع صدق اسم الثمرة على الورق حقيقة ، بل يجوز مجازا ، لكنه غير نافع ، اذ اللفظ عند اطلاقه انما يحمل على حقيقته دون مجازه.

قال الجوهري : التوت الفرصاد ، ولا تقل التوث (٢).

قال رحمه‌الله : ولو ساقى على ودي.

أقول : قال المتأخر : الودي بالواو المفتوحة والدال غير المعجمة المكسورة والياء المشددة النخل قبل أن يحمل.

قال رحمه‌الله : ولو شرط أن يعمل غلام المالك معه جاز ، لانه ضم مال الى مال ، أما لو شرط أن يعمل الغلام لخاص العامل ، لم يجز ، وفيه تردد ، والجواز أشبه.

اقول : منشؤه : النظر الى الاصالة القاضية بالجواز. ولانه شرط لا يمنع منه كتاب ولا سنة ، فيكون سائغا.

والالتفات الى أن في هذا الشرط منافاة لمقتضى العقد ، فيكون باطلا ، وهو اختيار صاحب المبسوط ، وضعفه ظاهر جدا.

قال رحمه‌الله : ولو شرط مع الحصة من النماء حصة من الاصل الثابت لم يصح ، لان مقتضى المساقاة جعل الحصة من الفائدة ، وفيه تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى الاصل ، ويؤيده عموم قوله عليه‌السلام « الشرط جائز

__________________

(١) المبسوط ٣ / ٢١٦.

(٢) صحاح اللغة ١ / ٢٤٥.

٣١٥

بين المسلمين » (١) وقوله « المؤمنون عند شروطهم » (٢).

والالتفات الى كونه شرطا منافيا لمقتضى العقد ، فيكون باطلا ، كما لو شرط في القراض حصة من رأس المال مضافة الى حصة من الربح ، وهو اختيار الشيخ والمتأخر ، وكأنه الاقرب.

قال رحمه‌الله : ولو ساقاه بالنصف ان سقي بالناضح ، وبالثلث ان سقي بالسائح ، بطلت المساقاة ، لان الحصة لم تتعين ، وفيه تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى الاصل ، ولانه أمر مطلوب للعقلاء ، فيكون مشروعا.

والالتفات الى تطرق الجهالة في الحصة ، فتكون المساقاة باطلة ، ونمنع تطرق الجهالة.

قال رحمه‌الله : اذا هرب العامل ، لم تبطل المساقاة ـ الى قوله : ولو لم يفسخ وتعذر الوصول الى الحاكم ، كان له أن يشهد أنه يستأجر عنه ، ويرجع عليه على تردد ، ولو لم يشهد لم يرجع.

أقول : منشؤه : النظر الى أصالة براءة ذمة العامل ولا متبرع ، فلا يكون له الرجوع. أما الصغرى ، ففرضية ، اذ التقدير أن الحاكم لم يأذن له في ذلك ، وقد كان له وسيلة الى التخلص ، وهي فسخ عقد المساقاة ، وأما الكبرى ، فاجماعية.

والالتفات الى أنه موضع ضرورة ، فسوغ فيه الرجوع دفعا لضرر المنفق ، ولقائل أن يمنع تحقق الضرورة مع تسويغ التسلط على الفسخ ، والشيخ رحمه‌الله حكى الوجهين ولم يختر شيئا ، لكن أحال على مسألة الجمال (٣).

قال رحمه‌الله : اذا أراد السفر فدفنها ضمن ، الا أن يخشى المعاجلة.

__________________

(١) عوالى اللئالى ٣ / ٢٢٥ ، برقم : ١٠٣.

(٢) عوالى اللئالى ١ / ٢٣٥ و ٢٩٣ و ٢ / ٢٧٥ و ٣ / ٢١٧.

(٣) المبسوط ٣ / ٢١٤ ـ ٢١٥.

٣١٦

اقول : المراد بالمعاجلة هنا المسارعة الى أخذها ، ويجوز ان يراد به سبق الرفقة.

قال رحمه‌الله : اذا أنكر الوديعة ، أو اعترف وادعى التلف ، او ادعى الرد ولا بينة ، فالقول قوله ، وللمالك احلافه على الاشبه.

اقول : قال الشيخ رحمه‌الله في المبسوط : اذا ادعى التلف بسبب ظاهر ، كالغرق والحرق والنهب ، لم يقبل قوله إلا ببينة. أما لو ادعاه بسبب خفي ، كالسرقة والغصب أو مطلقا ، كان القول قوله مع يمينه ، والفرق خفاء الثاني وتعذر اقامة البينة عليه ، بخلاف الاول فانه لا يخفى ، ويمكن اقامة البينة عليه (١). واختار المصنف رحمه‌الله أن القول قول الودعي مطلقا ، نظرا الى اصالة براءة الذمة ، ولانه أمين.

قال رحمه‌الله : أما لو دفعها الى غير المالك وادعى الاذن ، فأنكر ، فالقول قول المالك مع يمينه ، ولو صدقه على الاذن ، لم يضمن وان ترك الاشهاد ، على الاشبه.

اقول : قال الشيخ رحمه‌الله في المبسوط : المأذون فيه اما دفع المال في اسقاط حق كالدين ، أو لا كالايداع من آخر. فان كان الاول ضمن المودع ، سواء صدقه المالك على الدفع أو لا ، لانه كان يلزمه الاشهاد عند الدفع ، فيكون شرطا تركه يلزمه الضمان (٢).

واختار المصنف أن لا ضمان مطلقا مع تصديق المالك على الاذن ، لان الودعي حينئذ يكون قد أتى بالمأمور به على وجهه ، فيخرج عن العهدة. أما الصغرى فلان المأمور به انما هو الدفع فقط ، وليس الاشهاد جزءا منه ولا لازما له. وأما الكبرى ، فلما ثبت أن الامر للاجزاء.

__________________

(١) المبسوط ٤ / ١٤١.

(٢) المبسوط ٤ / ١٤٢.

٣١٧

قال رحمه‌الله : اذا اعترف بالوديعة ثم مات وجهلت عينها ، قيل : يخرج من أصل تركته. ولو كان له غرماء وضاقت التركة ، حاصهم المستودع ، وفيه تردد.

اقول : التردد هنا يقع في مقامين :

الاول : في أصل الضمان مع جهل العين ، ومنشؤه : النظر الى أن احتمال تلف هذه الوديعة بعد الموت مساو لاحتمال تلفها قبل الموت ، فلا يثبت في الذمة شي‌ء مع تحقق هذا الاحتمال ، فيمتنع أخذها من المال مع سعة التركة ، والتحاص مع الضيق حينئذ.

والالتفات الى أن رد الوديعة الى أهلها واجب بيقين ، فلا يسقط الا بيقين مثله ، ولا يقين مع الشك في الهلاك ، ولان حصول الوديعة عنده متحقق هنا ، لكن جهلت عينها ، فوجب ضمانها ، كما لو كانت عنده وديعة فدفنها وسافر ولم يطلع عليها أحد ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط (١) ، محتجا بما ذكرناه ، وضعفه ظاهر.

الثاني : في كيفية الضمان مع القول بأصله ، ومنشؤه : النظر الى مساواتها الدين ، فنسبة عدم (٢) التمييز متساوية في الحكم.

والالتفات الى أن بقاءها في التركة محكوم به ظاهرا ، فيؤخذ قدرها من أصل التركة ، عملا بالظاهر.

قال رحمه‌الله : ولو أذن له في البناء أو الغرس ، ثم أمره بالازالة ، وجبت الاجابة. وكذا في الزرع ولو قبل ادراكه على الاشبه.

اقول : قال الشيخ في المبسوط : اذا استعار أرضا للزراعة فزرع ، ثم رجع

__________________

(١) المبسوط ٤ / ١٤٧.

(٢) فى نسخة « م » شخط على كلمة « عدم ».

٣١٨

المعير قبل الادراك وطالب بالقلع ، أجبر على التبقية (١) والاشبه ما ذكره المصنف لعموم قوله عليه‌السلام « الناس مسلطون على أموالهم » (٢).

قال رحمه‌الله : ولو أعاره حائطا لطرح خشبة ، فطالبه بالازالة ، كان له ذلك الا أن تكون اطرافها الاخر مثبتة في بناء المستعير ، فيؤدي الى خرابه ، واجباره على ازالة جذوعه عن ملكه ، على تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى عموم قوله عليه‌السلام « الناس مسلطون على أموالهم » فيكون له ذلك.

والالتفات الى أن في هذه الازالة ضررا على المستعير ، فلا يكون سائغة ، لقوله عليه‌السلام « لا ضرر ولا اضرار في الاسلام » (٣).

قال رحمه‌الله : يجوز للمستعير بيع غروسه وأبنيته في الارض المستعارة ، للمعير وغيره ، على الاشبه.

أقول : لا خلاف في صحة بيعها من المعير ، وهل يصح بيعها من غيره ، قال الشيخ في المبسوط : فيه وجهان ، بناء على الوجهين في الدخول لمصالحها : أحدهما لا يصح لتعذر التسليم ، والاخر يصح لامكان تسليمها وتسلمها (٤).

والاول في الموضعين أقوى ، وانما كان القول الثاني أشبه لعموم الآية والخبر.

__________________

(١) المبسوط ٣ / ٥٦.

(٢) عوالى اللئالى ١ / ٢٢٢ و ٤٥٧ و ٢ / ١٣٨ و ٣ / ٢٠٨.

(٣) عوالى اللئالى ١ / ٣٨٣ و ٢ / ٧٤ و ٣ / ٢١٠.

(٤) المبسوط ٣ / ٥٦.

٣١٩

فصل

( فى ذكر الترددات المذكورة فى كتاب الاجارة )

قال رحمه‌الله : ولو قال : بعتك هذه الدار ، ونوى الاجارة ، لم يصح. وكذا لو قال : بعتك سكناها سنة ، لاختصاص لفظ البيع بنقل الاعيان ، وفيه تردد.

اقول : منشؤه : النظر الى أن المبيع مستعمل في نقل الاعيان ، فلا يكون مستعملا في غيره ، دفعا للاشتراك والمجاز.

والالتفات الى أن العمل بالقصد.

قال رحمه‌الله : والعين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لا يضمنها الا بتعد أو تفريط ، وفي اشتراط ضمانها من غير ذلك ، تردد أظهره المنع.

اقول : منشؤه : النظر الى عموم قوله عليه‌السلام « الشرط جائز بين المسلمين » (١).

والالتفات الى كونه منافيا لمقتضى عقد الاجارة ، فيكون شرطا باطلا.

قال رحمه‌الله : ولو آجر الصبي غير المميز ، لم تنعقد اجارته ، وكذا المميز الا باذن وليه ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه : النظر الى الاصالة القاضية بالجواز.

__________________

(١) عوالى اللئالى ٣ / ٢٢٥.

٣٢٠