الإستبصار - ج ٣

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]

الإستبصار - ج ٣

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]


المحقق: السيد حسن الموسوي الخرسان
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣٩٠

واختلفوا قال : يقرع بينهم فأيهم قرع فعليه اليمين وهو أولى بالحق.

١٣٨

٩ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن مثنى الحناط عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قلت له : رجل شهد له رجلان بأن له عند رجل خمسين درهما ، وجاء آخران فشهدا بأن له عنده مائة درهم كلهم شهدوا في موقف قال : أقرع بينهم ثم استحلف الذين أصابهم القرع بالله أنهم يحلفون بالحق.

١٣٩

١٠ ـ عنه عن أبيه عن ابن فضال عن داود بن يزيد العطار عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رجل كانت له امرأة فجاء رجال شهود فشهدوا أن هذه المرأة امرأة فلان ، وجاء آخرون فشهدوا انها امرأة فلان فاعتدل الشهود وعدلوا قال : يقرع بين الشهود فمن خرج سهمه فهو المحق وهو أولى بها.

١٤٠

١١ ـ محمد بن الحسن الصفار عن علي بن محمد عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن عبد الوهاب بن عبد الحميد الثقفي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول : في رجل ادعى على امرأة أنه زوجها بولي وشهود وأنكرت المرأة ذلك وأقامت أخت هذه المرأة على الآخر البينة أنه زوجها بولي وشهود ، ولم يوقتا وقتا ان البينة بينة الزوج ولم تقبل بينة المرأة لان الزوج قد استحق بضع هذه المرأة وتريد أختها فساد النكاح فلا تصدق ولا تقبل بينتها إلا بوقت قبل وقتها أو دخول بها.

١٤١

١٢ ـ محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن أحمد العلوي عن العمركي عن صفوان عن علي بن مطر عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن رجلين اختصما في دابة إلى علي عليه‌السلام فزعم كل واحد منهما أنها أنتجت عنده على مذوده وأقام كل واحد منهما البينة سواء في العدد فأقرع بينهما بسهمين فعلم السهمين كل واحد منهما بعلامة ثم قال : " اللهم رب السماوات السبع والأرضين

__________________

ـ ١٣٨ ـ ١٣٩ ـ التهذيب ج ٢ ص ٧٣ الكافي ج ٢ ص ٣٦١.

ـ ١٤٠ ـ ١٤١ ـ التهذيب ج ٢ ص ٧٣ واخرج الأخير الصدوق في الفقيه ص ٢٥٤ بدون الذيل.

٤١

السبع ورب العرش العظيم عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم أيهما كان صاحب الدابة وهو أولى بها فأسألك أن تقرع وتخرج اسمه ) فخرج سهم أحدهما فقضى له بها وكان أيضا إذا اختصم الخصمان في جارية فزعم أحدهما أنه اشتراها وزعم الآخر أنه أنتجها فكانا إذا أقاما البينة جميعا قضى بها للذي أنتجت عنده.

١٤٢

١٣ ـ أحمد بن محمد عن البرقي عن عبد الله بن المغيرة عن السكوني عن أبيه عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام عن علي عليه‌السلام أنه قضى في رجلين ادعيا بغلة فأقام أحدهما شاهدين والآخر خمسة فقال : لصاحب الخمسة خمسة أسهم ولصاحب الشاهدين سهمان :

قال محمد بن الحسن الذي أعتمده في الجمع بين هذه الأخبار هو أن البينتين إذا تقابلتا فلا يخلو أن يكون مع إحديهما يد متصرفة أو لم يكن ، فإن لم يكن مع واحد منهما يد متصرفة وكانتا جميعا خارجتين فينبغي أن يحكم لا عد لهما شهودا ويبطل الآخر ، فإن تساويا في العدالة حلف أكثرهما شهودا وهو الذي تضمنه خبر أبي بصير المتقدم ذكره ، وما رواه السكوني من أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قسمه على عدد الشهود فإنما يكون ذلك على جهة الصلح والوساطة بينهما دون مر الحكم ، وإن تساوى عدد الشهود أقرع بينهم فمن خرج سهمه حلف بأن الحق حقه ، وإن كان مع إحدى البينتين يد متصرفة فان كانت البينة إنما تشهد له بالملك فقط دون سببه انتزع من يده وأعطي اليد الخارجة ، وإن كانت بينته بسبب الملك ، أما بأن يكون بشرائه أو نتاج الدابة إن كانت دابة أو غير ذلك وكانت البينة الأخرى مثلها كانت البينة التي مع اليد المتصرفة أولى ، فأما خبر إسحاق ابن عمار خاصة بأنه إذا تقابلت البينتان حلف كل واحد منهما فمن حلف كان الحق له وإن حلفا جميعا كان الحق بينهما نصفين ، فمحمول على أنه إذا اصطلحا على ذلك

__________________

ـ ١٤٢ ـ التهذيب ج ٢ ص ٧٣ الكافي ج ٢ ص ٣٦٦.

٤٢

لأنا قد بينا ما يقتضي الترجيح لاحد الخصمين مع تساوي بينتهما باليمين له وهو كثرة الشهود أو القرعة وليس ههنا حالة توجب اليمين على كل واحد منهما ، ويمكن أن يكون نائبا عن القرعة بأن لا يختار القرعة وأجاب كل واحد منهما إلى اليمين ورأي ذلك الامام صوابا كان مخيرا بين العمل على ذلك والعمل على القرعة ، وهذه الطريقة تأتي على جميع الأخبار من غير إطراح شئ منها وتسلم بأجمعها ، وأنت إذا فكرت فيها وجدتها على ما ذكرت لك إن شاء الله تعالى فالرواية التي قلنا أنها تشهد لليد الخارجة.

١٤٣

١٤ ـ رواها محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هشام عن محمد بن حفص عن منصور قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل في يده شاة فجاء رجل فادعاها وأقام البينة العدول أنها ولدت عنده ولم تبع ولم تهب وجاء الذي في يده بالبينة مثلهم عددا وأنها ولدت عنده لم تبع ولم تهب قال : أبو عبد الله عليه‌السلام حقها للمدعي ولا أقبل من الذي في يده بينة لان الله تعالى إنما أمر أن تطلب البينة من المدعي فإن كانت له بينة وإلا فيمين الذي هو في يديه هكذا أمر الله تعالى.

٢٣ ـ باب من يجبر الرجل على نفقته

١٤٤

١ ـ محمد بن أحمد بن يحيى عن موسى بن عمر عن عبد الله بن المغيرة عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت من الذي أجبر على نفقته وتلزمني نفقته؟ قال : الوالدان والولد والزوجة.

١٤٥

٢ ـ جعفر بن محمد بن قولويه عن جعفر بن محمد عن عبيد الله بن نهيك عن ابن أبي عمير عن علي عن جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما‌السلام أنه قال :

__________________

ـ ١٤٣ ـ التهذيب ج ٢ ص ٧٤.

ـ ١٤٤ ـ التهذيب ج ٢ ص ٨٩ الكافي ج ١ ص ١٦٥ وفيه أحتن على نفقته.

ـ ١٤٥ ـ التهذيب ج ٢ ص ٨٩.

٤٣

لا يجبر الرجل إلا على نفقة الأبوين والولد ، قلت لجميل فالمرأة قال قد روى أصحابنا عن أحدهما عليهما‌السلام أنه إذا كساها ما يواري عورتها وأطعمها ما يقيم صلبها أقامت معه وإلا طلقها ، قال قلت لجميل فهل يجبر على نفقة الأخت؟ قال : لو أجبر على نفقة الأخت لكان ذلك خلاف الرواية.

١٤٦

٣ ـ محمد بن يعقوب عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير عن جميل مثله ، غير أنه قال قلت لجميل فالمرأة قال : قد روى أصحابنا وهو عنبسة بن مصعب وسودة بن كليب عن أحدهما.

١٤٧

٤ ـ فأما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن موسى بن عمر عن ابن فضال عن غياث عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام قال في صبي يتم أوتي به فقال : خذوا بنفقته أقرب الناس إليه من العشيرة كما يأكل ميراثه.

١٤٨

٥ ـ أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال والوارث الصغير يعني الأخ وابن الأخ ونحوه.

فلا تنافي بين هذين الخبرين والروايات المتقدمة لشيئين ، أحدهما : أن نحمل هذين الخبرين على ضرب من الاستحباب دون الفرض والايجاب ، والآخر : أن يكون إنما أجبر على نفقة من ليس له وارث غيره إن مات كل واحد منهما ورث صاحبه ولم يكن هناك من هو أولى منه ، فلأجل ذلك أجبر على النفقة وليس كذلك حال الوالدين والولد والزوجة لأنه يجبر على نفقتهم وإن كان هناك وارث آخر أولى منه أو شريك له في الميراث.

٢٤ ـ باب اختلاف الرجل والمرأة في متاع البيت

١٤٩

١ ـ الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد عن عبد الرحمن بن الحجاج عن

__________________

ـ ١٤٦ ـ ١٤٧ ـ التهذيب ج ٢ ص ٨٩ واخرج الأخير الكليني في الكافي ج ١ ص ١٦٥

ـ ١٤٨ ـ التهذيب ج ٢ ص ٨٩ الفقيه ص ٢٥٧. ـ ١٤٩ ـ التهذيب ج ٢ ص ٩٠.

٤٤

أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألني كيف قضى ابن أبي ليلى؟ قال : قلت له قد قضى في مسألة واحدة بأربعة وجوه في التي يتوفى عنها زوجها فيختلف أهله وأهلها في متاع البيت فقضى فيه بقول إبراهيم النخعي ما كان من متاع يكون للرجل فللرجل وما كان من متاع النساء فللمرأة وما كان من متاع يكون للرجل (١) والمرأة قسمه بينهما نصفين ، ثم ترك هذا القول فقال المرأة بمنزلة الضيف في منزل الرجل لو أن رجلا أضاف رجلا فادعى متاع بيته كلفه البينة وكذلك المرأة تكلف البينة وإلا فالمتاع للرجل ، فرجع إلى قول آخر فقال إن القضاء أن المتاع للمرأة إلا أن يقيم الرجل البينة على ما أحدث في بيته ، ثم ترك هذا القول فرجع إلى قول إبراهيم الأول فقال : أبو عبد الله عليه‌السلام القضاء الآخر وإن كان رجع عنه ، المتاع متاع المرأة إلا أن يقيم الرجل البينة قد علم من بين لابتيها يعني بين جبلي منى أن المرأة تزف إلى بيت زوجها بمتاع ونحن يومئذ بمنى.

١٥٠

٢ ـ ابن قولويه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد ومحمد بن عبد الحميد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد عن إسحاق بن عمار عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألني هل يختلف قضاء ابن أبي ليلى عندكم؟ قال : قلت نعم : فقد قضى في واحدة بأربعة وجوه في المرأة يتوفى عنها زوجها فيحتج أهله وأهلها في متاع البيت فقضى فيه بقول إبراهيم النخعي ما كان من متاع الرجل فللرجل وذكر مثله سواء إلا أنه قال إلا الميزان فإنه من متاع الرجل.

١٥١

٣ ـ عنه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن أيوب بن نوح عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألني هل يقضي

__________________

(١) زيادة من التهذيب وفي نسخة ب و ج ذكر القسم الثالث وهو ما يكون للرجل و ( المرأة ) وفي نسخة د ( ما كان من متاع لا يكون للرجل للمرأة ومتاع الرجل الذي لا يكون للمرأة للرجل ) ثم ذكر القسم الثالث ).

ـ ١٥٠ ـ ١٥١ ـ التهذيب ج ٢ ص ٩٠ واخرج الأخير الكليني في الكافي ج ٢ ص ٢٧٢ بتفاوت بينهما.

٤٥

ابن أبي ليلى بقضاء يرجع عنه؟ فقلت له : بلغني أنه قضى في متاع الرجل والمرأة إذا مات أحدهما فادعى ورثة الحي وورثة الميت أو طلقها الرجل فادعاه الرجل وادعته المرأة أربع قضيات قال : ما هن؟ قلت أما أول ذلك فقضى فيه بقضاء إبراهيم النخعي أن يجعل متاع المرأة الذي لا يكون للرجل للمرأة ومتاع الرجل الذي لا يكون للمرأة للرجل وما يكون للرجال والنساء بينهما نصفين ، ثم بلغني أنه قال هما مدعيان جميعا والذي بأيديهما جميعا مما يتركان بينهما نصفين ، ثم قال للرجل (١) صاحب البيت والمرأة الداخلة عليه وهي المدعية فالمتاع كله للرجل إلا متاع النساء الذي لا يكون للرجال فهو للمرأة ، ثم قضى بعد ذلك بقضاء الأولى لولا أني شهدته لم أروه عليه ماتت امرأة منا ولها زوج وتركت متاعا فرفعته إليه فقال اكتبوا إلي المتاع فلما قرأه قال هذا يكون للمرأة وللرجل فقد جعلته للمرأة إلا الميزان فإنه من متاع الرجل فهو لك ، قال فقال لي على أي شئ هو اليوم؟ قلت رجع إلى أن جعل البيت للرجل ، ثم سألته عن ذلك فقلت له ما تقول فيه أنت قال : القول الذي أخبرتني أنك شهدت منه وإن كان قد رجع عنه قلت له : يكون المتاع للمرأة؟ فقال : لو سألت من بينهما يعني الجبلين ونحن يومئذ بمكة لأخبروك أن الجهاز والمتاع يهدى علانية من بيت المرأة إلى بيت الرجل فيعطى التي جاءت به وهو المدعى فإن زعم أنه أحدث فيه شيئا فليأت بالبينة.

١٥٢

٤ ـ عنه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن عن زرعة عن سماعة قال : سألته عن الرجل يموت ماله من متاع البيت قال : السيف والسلاح والرحل وثياب جلده.

١٥٣

٥ ـ فأما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن الحسن بن مسكين عن رفاعة النخاس عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا طلق الرجل امرأته وفي

__________________

(١) في بعض نسخ الاستبصار وفي التهذيب والكافي : الرجل.

ـ ١٥٢ ـ التهذيب ج ٢ ص ٩٠. ـ ١٥٣ ـ التهذيب ج ٢ ص ٨٩ وهو صدر حديث الفقيه ص ٢٥٨.

٤٦

بيتها متاع فلها ما يكون للنساء وما يكون للرجال والنساء قسم بينهما قال وإذا طلق الرجل المرأة فادعت أن المتاع لها وادعى الرجل أن المتاع له كان له ما للرجال ولها ما للنساء.

فهذا الخبر يحتمل شيئين ، أحدهما : أن يكون محمولا على التقية لان ما أفتى به عليه السلام في الاخبار الأولة لا يوافق عليه أحد من العامة وما هذا حكمه يجوز أن يتقى فيه ، والوجه الآخر : أن نحمله على أن يكون ذلك على جهة الوساطة والصلح بينهما دون مر الحكم.

٢٥ ـ باب من يجوز حبسه في السجن

١٥٤

١ ـ ابن قولويه عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن ابن أبي عمير عن أبن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان علي عليه‌السلام لا يحبس في السجن إلا ثلاثة ، الغاصب ومن أكل مال اليتيم ظلما ومن أتمن على أمانة فذهب بها وإن وجد له شيئا باعه غائبا كان أو شاهدا.

١٥٥

٢ ـ فأما ما رواه محمد بن علي بن محبوب عن إبراهيم عن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه‌السلام كان يحبس في الدين ثم ينظر فإن كان له مال أعطى الغرماء وإن لم يكن مال دفعه إلى الغرماء فيقول لهم اصنعوا به ما شئتم إن شئتم فأجروه وإن شئتم فاستعملوه وذكر الحديث.

١٥٦

٣ ـ عنه عن محمد بن الحسين عن محمد بن يحيى عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه‌السلام كان يحبس في الدين فإذا تبين له إفلاس وحاجة خلى سبيله حتى يستفيد مالا.

__________________

ـ ١٥٤ ـ التهذيب ج ٢ ص ٩٠.

ـ ١٥٥ ـ التهذيب ج ٢ ص ٩١.

ـ ١٥٦ ـ التهذيب ج ٢ ص ٩٠ الفقيه ص ٢٤٤.

٤٧

قال محمد بن الحسن الطوسي : لا تنافي بين هذين الخبرين والخبر الأول لان الوجه في الخبر الأول أحد شيئين ، أحدهما : أنه ما كان يحبس على جهة العقوبة إلا الذين ذكرهم ، والوجه الثاني : أنه ما كان يحبسهم حبسا طويلا إلا الثلاثة الذين استثناهم لان الدين إنما يحبس فيه بمقدار ما تبين حاله فإن كان معدما وعلم ذلك من حاله خلى سبيله ، وإن لم يكن معدما ألزم الخروج مما عليه أو يباع عليه ما يقضى به دينه على ما تقدم القول فيه.

كتاب المكاسب

٢٦ ـ باب ما يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده

١٥٧

١ ـ الحسن بن محبوب عن العلا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه قال : يأكل منه ما شاء من غير سرف ، وقال : في كتاب علي إن الولد لا يأخذ من مال والده شيئا إلا بإذنه ، والوالد يأخذ من مال ابنه ما شاء ، وله أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها ، وذكر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لرجل : أنت ومالك لأبيك.

١٥٨

٢ ـ عنه عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لرجل أنت ومالك لأبيك ، ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام وقال : لا يجب أن يأخذ من مال ابنه إلا ما أحتاج إليه مما لابد منه إن الله لا يحب الفساد.

١٥٩

٣ ـ محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عن علي بن جعفر عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل يأكل من مال ولده قال : لا إلا أن يضطر إليه فيأكل منه بالمعروف ، ولا يصلح أن يأخذ

__________________

ـ ١٥٧ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٤ الكافي ج ١ ص ٣٦٦ الفقيه ص ٣٢٦ بتفاوت يسير.

ـ ١٥٨ ـ ١٥٩ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٤ الكافي ج ١ ص ٣٦٦.

٤٨

الولد من مال والده شيئا إلا بإذن والده.

١٦٠

٤ ـ عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل لابنه مال فيحتاج الأب إليه قال : يأكل منه فأما الام فلا تأكل منه إلا قرضا على نفسها.

قال محمد بن الحسن : هذه الأخبار كلها دالة على أنه إنما يسوغ للوالد أن يأخذ من مال ولده إذا كان محتاجا ، فأما مع عدم الحاجة فلا يجوز له أن يتعرض له ، ومتى كان محتاجا وقام الولد به وبما يحتاج إليه فليس له أن يأخذ من ماله شيئا ، فإن ورد في الاخبار ما يقتضي جواز تناوله من مال ولده مطلقا من غير تقييد ينبغي أن يحمل على هذا التقييد مثل :

١٦١

٥ ـ ما رواه محمد بن يعقوب عن أبي علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن عبيس بن هشام بن عبد الكريم عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل يكون لولده مال فأحب أن يأخذ منه قال : فليأخذ ، وإن كانت أمه حية فما أحب أن تأخذ منه شيئا إلا قرضا على نفسها ، والذي يدل أيضا على ما ذكرناه من التقييد

١٦٢

٦ ـ ما رواه محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلا قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما يحل للرجل من مال ولده؟ قال : قوته بغير سرف إذا اضطر إليه ، قال فقلت له فقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للرجل الذي أتاه فقدم أباه فقال أنت ومالك لأبيك فقال : إنما جاء بأبيه إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له يا رسول الله هذا أبي قد ظلمني ميراثي من أمي فأخبره الأب أنه قد أنفقه عليه وعلى نفسه فقال : أنت ومالك لأبيك ولم يكن عند الرجل شئ أفكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحبس الأب للابن.

__________________

ـ ١٦٠ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٤ الكافي ج ١ ص ٣٦٦.

ـ ١٦١ ـ ١٦٢ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٤ الكافي ج ١ ص ٣٦٦ واخرج الأخير الصدوق في الفقيه ص ٢٧٢.

٤٩

١٦٣

٧ ـ الحسين بن سعيد عن حماد عن عبد الله بن المغيرة عن ابن سنان قال : سألته يعني أبا عبد الله عليه‌السلام ماذا يحل للوالد من مال ولده؟ قال : أما إذا أنفق عليه ولده بأحسن النفقة فليس له أن يأخذ من ماله شيئا ، فإن كان لوالده جارية للولد فيها نصيب فليس له أن يطأها إلا أن يقومها قيمة يصير لولده قيمتها عليه فقال : ويعلن ذلك قال وسألته عن الوالد أيرزء (١) من مال ولده شيئا قال : نعم ، ولا يرزء الولد من مال والده شيئا إلا بإذنه ، فإن كان للرجل ولد صغار ولهم جارية فأحب أن يفتضها فليقومها على نفسه قيمة ثم ليصنع بها ما شاء إن شاء وطئ وإن شاء باع.

١٦٤

٨ ـ عنه عن فضالة عن أبان عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله قال : سألته عن الوالد يحل له من مال ولده إذا احتاج إليه؟ قال : نعم وإن كانت له جارية فأراد أن ينكحها قومها على نفسه ويعلن ذلك قال : وإذا كان للرجل جارية فأبوه أملك بها أن يقع عليها ما لم يمسها الابن.

١٦٥

٩ ـ وأما ما رواه الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن سعيد بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أيحج الرجل من مال ابنه وهو صغير؟ قال : نعم قلت : يحج حجة الاسلام وينفق منه؟ قال : نعم بالمعروف ، ثم قال نعم يحج منه وينفق منه إن مال الولد للوالد وليس للولد أن ينفق من مال والده إلا بإذنه.

فما يتضمن هذا الخبر من أن للوالد أن ينفق من مال ولده فمحمول على ما قلناه من الحاجة الداعية إليه وامتناع الولد من القيام به على ما دل عليه الأخبار المتقدمة ، وما يتضمن من أن له أن يأخذ ما يحج به حجة الاسلام محمول على أن له أن يأخذ على وجه القرض على نفسه إذا كان وجبت عليه حجة الاسلام ، فأما من لم يجب عليه فلا يلزمه أن يأخذ من مال ولده ويحج به ، وإنما الحج يجب عليه بشرط وجود المال على ما بيناه ، وما تضمنته الاخبار الأولة من أن له أن يطأ جارية ابنه إذا قومها على نفسه

__________________

رزأ : أي أصاب من ماله شيئا.

ـ ١٦٣ ـ ١٦٤ ـ ١٦٥ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٤.

٥٠

ما لم يمسها الابن محمول على أنه إذا كان ولده صغارا ويكون هو القيم بأمرهم والناظر في أحوالهم فيجري مجرى الوكيل فيجوز له أن يقومها على نفسه على ما تضمنته رواية عبد الله بن سنان ، وما تضمنته رواية إسحاق بن عمار من أنه أحق بالجارية ما لم يمسها الابن يحتمل شيئين ، أحدهما : ما لم يمسها وإن كان صغيرا مولى عليه لأنه إن مسها الابن وهو غير بالغ حرمت على الأب ، والوجه الآخر : إذا حملناه على البالغ أن نحمله على أنه أملك بها إن الأولى في ذلك والأفضل للولد أن يصير إلى ما يريد والده وإن لم يكن ذلك فرضا واجبا أو سببا لتملك الجارية.

١٦٦

١٠ ـ فأما ما رواه الحسن بن محبوب قال كتبت إلى أبي الحسن (ع) إني كنت وهبت لابنة لي جارية حيث زوجتها فلم تزل عندها وفي بيت زوجها حتى مات زوجها فرجعت إلي هي والجارية أفيحل لي أن أطأ الجارية؟ قال : قومها قيمة عادلة واشهد على ذلك ثم إن شئت فطأها.

فالوجه في هذه الرواية أن يقومها برضا منها لان البنت ليس تجري مجرى الابن في أنه تحرم الجارية على الأب في بعض الأوقات إذا وطئها أو نظر منها إلى ما لا يحل لغير مالكه النظر إليه لان ذلك مفقود في البنت بل متى ما رضيت كان ذلك جائزا.

٢٧ ـ باب من له على غيره مال فيجحده ثم يقع للجاحد عنده مال هل يجوز له أن يأخذ بدله

١٦٧

١ ـ أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن حديد عن جميل بن دراج قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يكون له على الرجل الدين فيجحده فيظفر من ماله بقدر الذي جحده أيأخذه وإن لم يعلم الجاحد بذلك؟ قال : نعم.

__________________

ـ ١٦٦ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٤ الكافي ج ٢ ص ٤٩.

ـ ١٦٧ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٥.

٥١

١٦٨

٢ ـ الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي بكر قال : قلت رجل لي عليه دراهم فجحدني وحلف عليها أيجوز لي إن وقع له قبلي دراهم أن آخذ منه بقدر حقي؟ قال فقال : نعم ولهذا كلام قلت وما هو؟ قال تقول : « اللهم إني لن آخذه ظلما ولا خيانة وإنما أخذته مكان مالي الذي أخذ مني ولم ازدد شيئا عليه ».

١٦٩

٣ ـ الحسن بن محبوب عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله (ع) مثله.

١٧٠

٤ ـ محمد بن الحسن الصفار عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن علي بن مهزيار قال أخبرني إسحاق بن إبراهيم ان موسى بن عبد الملك كتب إلى أبي جعفر عليه‌السلام يسأله عن رجل دفع إليه مالا ليفرقه في بعض وجوه البر فلم يمكنه صرف ذلك المال في الوجه الذي أمره به وقد كان له عليه مال بقدر هذا المال فقال هل يجوز لي أن اقبض مالي أو أرده عليه واقتضيه؟ فكتب اقبض مالك مما في يديك.

١٧١

٥ ـ فأما ما رواه الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن سليمان بن خالد قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه ثم حلف ثم وقع له عندي مال آخذه لمكان مالي الذي أخذه وجحده وأحلف كما صنع؟ قال : إن خانك فلا تخنه ولا تدخل فيما عبته عليه.

١٧٢

٦ ـ الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن ابن أخي الفضيل بن يسار قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام ودخلت عليه امرأة وكنت أقرب القوم إليها فقالت لي اسئله فقلت عماذا؟ فقالت إن ابني مات وترك مالا كان في يد أخي فأتلفه ثم أفاد مالا فأودعنيه فلي أن آخذ منه بقدر ما أتلف من شئ؟ فأخبرته بذلك

__________________

ـ ١٦٨ ـ ١٦٩ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٥ واخرج الأخير الكليني في الكافي ج ١ ص ٣٥٥ والصدوق في الفقيه ص ٢٧٣.

ـ ١٧٠ ـ ١٧١ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٥ واخرج الأخير الكليني في الكافي ج ١ ص ٣٥٥ الفقيه ص ٢٧٣.

ـ ١٧٢ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٥.

٥٢

فقال : لا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أد الأمانة إلى من أئتمنك ولا تخن من خانك.

فالوجه في هذين الخبرين ضرب من الكراهية لان من جحد مال غيره ثم أودعه بعد ذلك شيئا بقدر ذلك كره أن يأخذ مكان ماله وليس ذلك بمحظور ، وإنما يكون مباحا له أخذه إذا ظفر بمال غيره له من غير أن يكون وديعة عنده ، وإنما قلنا ليس بمحظور لما رواه :

١٧٣

٧ ـ محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن يحيى (١) عن علي بن سليمان قال : كتب إليه رجل غصب رجلا مالا أو جارية ثم وقع عنده مال بسبب وديعة أو قرض مثل ما خانه أو غصبه أيحل له حبسه عليه أم لا؟ فكتب : نعم يحل له ذلك إن كان بقدر حقه وإن كان أكثر فيأخذ منه ما كان عليه ويسلم الباقي إليه إن شاء الله.

١٧٤

٨ ـ وروى الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن مسكان عن أبي العباس البقباق أن شهابا ماراه (٢) في رجل ذهب له ألف درهم واستودعه بعد ذلك ألف درهم قال أبو العباس فقلت له خذها مكان الألف الذي أخذ منك فأبى شهاب قال فدخل شهاب على أبي عبد الله عليه‌السلام فذكر له ذلك فقال أما أنا فأحب إلي أن تأخذ وتحلف.

١٧٥

٩ ـ فأما ما رواه محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي عبد الله الجاموراني عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن عبد الله بن وضاح قال : كانت بيني وبين رجل من اليهود معاملة فخانني بألف درهم فقدمته إلى الوالي فأحلفته فحلف وقد علمت أنه حلف يمينا فاجرة فوقع له بعد ذلك عندي أرباح ودراهم كثيرة فأردت أن

__________________

(١) في التهذيب والوافي محمد بن عيسى.

(٢) ماراه : جادله ونازعه.

ـ ١٧٣ ـ ١٧٤ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٥.

ـ ١٧٥ ـ التهذيب ج ٢ ص ٨٧ الكافي ج ٢ ص ٣٦٥.

٥٣

أقبض الألف درهم التي كانت لي عنده فأحلف عليها فكتبت إلى أبي الحسن عليه السلام فأخبرته إني قد أحلفته فحلف وقد وقع له عندي مال فإن أمرتني أن آخذ منه الألف درهم التي حلف عليها فعلت؟ فكتب لا تأخذ منه شيئا إن كان ظلمك فلا تظلمه ولولا أنك رضيت بيمينه فحلفته لامرتك أن تأخذه من تحت يدك ولكنك رضيت بيمينه فقد مضت اليمين بما فيها ، فلم آخذ منه شيئا وانتهيت إلى كتاب أبي الحسن عليه‌السلام.

فلا ينافي الاخبار الأولة لان الوجه في هذا الخبر أنه إنما لم يجوز له ذلك لأنه أحلفه فليس له أن يرجع بعد أن يرضى بيمينه فيأخذ من ماله لما تضمنه الخبر ، ولقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حلف فليصدق ومن حلف له فليرض ، ومن لم يرض فليس من الله في شئ ، وما تضمنته الاخبار الأولة من أنه حلف محمول على أنه حلف ابتداء من غير أن استحلفه صاحب الحق فجاز له أن يأخذ ماله ولا يلتفت إلى يمينه لأنه لم يرض بيمينه ولم يحلفه فيلزمه الوفاء به.

٢٨ ـ باب الرجل يعطى شيئا ليفرقه في المحتاجين وهو محتاج هل يجوز له أن يأخذ منه شيئا أم لا

١٧٦

١ ـ الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألته عن رجل أعطاه رجل مالا ليقسمه في محاويج أو في مساكين وهو محتاج أيأخذ منه لنفسه ولا يعلمه؟ قال : لا يأخذ منه شيئا حتى يأذن له صاحبه.

قال محمد بن الحسن : هذا الخبر يحتمل شيئين ، أحدهما أن يكون محمولا على الكراهية لان الأفضل له أن لا يأخذ منه شيئا إلا بإذن صاحب المال ، والثاني أنه لا يجوز له أن يأخذ منه أكثر مما يعطي غيره وإنما يسوغ له أن يأخذ مثله على ما أوردناه

__________________

ـ ١٧٦ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٦.

٥٤

في كتابنا الكبير في كتاب الزكاة ويحتمل أيضا أن يكون محمولا على أنه إذا عين له أقواما يفرق فيهم فلا يجوز له أن يأخذ لنفسه على حال.

٢٩ ـ باب كراهية أن يواجر الانسان لنفسه

١٧٧

١ ـ أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن عمرو عن عمار الساباطي قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام الرجل يتجر فإن هو آجر نفسه أعطي ما يصيب في تجارته فقال : لا يواجر نفسه ولكن يسترزق الله تعالى ويتجر فإنه إذا آجر نفسه حظر على نفسه الرزق.

١٧٨

٢ ـ فأما ما رواه أحمد بن محمد عن أبيه عن ابن سنان عن أبي الحسن عليه‌السلام قال سألته عن الإجارة فقال : صالح للناس إذا نصح (١) قدر طاقته وقد آجر موسى عليه‌السلام نفسه واشترط فقال إن شئت ثمانا وإن شئت عشرا فأنزل الله تعالى : ( أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك ).

فلا ينافي الخبر الأول لان الخبر الأول محمول على ضرب من الكراهية دون الحظر وهذا الخبر على الجواز ورفع الحظر ولا تنافي بينهما على هذا الوجه.

٣٠ ـ باب كراهية إجارة البيت لمن يبيع فيه الخمر

١٧٩

١ ـ أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل عن علي بن النعمان عن ابن مسكان عن عبد المؤمن عن جابر قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يواجر بيته يباع فيه الخمر فقال : حرام أجره.

١٨٠

٢ ـ فأما ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة قال : كتبت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام أسأله عن الرجل يواجر

__________________

(١) نصح : أي بذل جهده قدر وسعه.

ـ ١٧٧ ـ ١٧٨ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٦ الكافي ج ١ ص ٣٥٣ الفقيه ص ٢٧١.

ـ ١٧٩ ـ ١٨٠ ـ التهذيب ج ٢ ص ١١١ الكافي ج ٢ ص ٣٩٣.

٥٥

سفينته أو دابته ممن يحمل عليها أو فيها الخمر والخنازير فقال : لا بأس.

فلا ينافي الخبر الأول من وجهين ، أحدهما أنه يجوز أن يكون الخبر الأول متوجها إلى من يعلم أنه يباع فيه الخمر ويؤجر على ذلك فإنه إذا كان كذلك كانت الأجرة حراما ، والخبر الثاني يتوجه إلى من يواجر دابته أو سفينته وهو لا يعلم ما يحمل عليها أو فيها فحمل فيه ذلك لم يكن عليه شئ ، والوجه الآخر : انه إنما حرم إجارته لمن يبيع الخمر لان بيع الخمر حرام وأجاز إجارة السفينة لمن يحمل فيها الخمر لان حملها ليس بحرام لأنه يجوز أن يحمل ليجعلها خلا وعلى الوجهين جميعا لا تنافي بين الخبرين.

٣١ ـ باب النهي عن بيع العذرة

١٨١

١ ـ أحمد بن محمد عن الحجال عن ثعلبة عن محمد بن مضارب عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لا بأس ببيع العذرة.

١٨٢

٢ ـ فأما ما رواه الحسن بن محمد بن سماعة عن علي بن سكن عن عبد الله بن وضاح عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ثمن العذرة من السحت.

فلا ينافي الخبر الأول لان الخبر الأول محمول على ما عدا عذرة الآدميين وهذا الخبر محمول على عذرة الناس ، والذي يدل على ذلك :

١٨٣

٣ ـ ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى عن صفوان عن مسمع بن أبي مسمع عن سماعة بن مهران قال سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا حاضر فقال إني رجل أبيع العذرة فما تقول؟ فقال : حرام بيعها وثمنها وقال : لا بأس ببيع العذرة.

فلولا أن المراد بقوله حرام بيعها وثمنها ما ذكرناه لكان قوله عليه‌السلام بعد ذلك ولا بأس ببيع العذرة مناقضا له وذلك منتف عن أقوالهم.

__________________

ـ ١٨١ ـ ١٨٢ ـ ١٨٣ ـ التهذيب ج ٢ ص ١١٢ واخرج الأول الكليني في الكافي ج ١ ص ٣٩٣.

٥٦

٣٢ ـ باب كراهية أن ينزا حمار على عتيق

١٨٤

١ ـ الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم‌السلام إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن ينزا حمار على عتيق.

١٨٥

٢ ـ فأما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن عباد بن سليمان عن سعد بن سعد عن هشام بن إبراهيم عن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن الحمير ننزيها على الرمك (١) لتنتج البغال أيحل ذلك؟ قال : نعم انزها.

فلا ينافي الخبر الأول لان الخبر الأول محمول على ضرب من الكراهية دون الحظر.

٣٣ ـ باب كراهية حمل السلاح إلى أهل البغي

١٨٦

١ ـ أحمد بن محمد عن أبي عبد الله البرقي عن السراد عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت : إني أبيع السلاح قال : لا تبعه في فتنة.

١٨٧

٢ ـ فأما ما رواه أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي قال دخلنا على أبي عبد الله (ع) فقال له حكم السراج ما ترى فيما يحمل إلى الشام من السروج وأداتها؟ فقال : لا بأس أنتم اليوم بمنزلة أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنكم في هدنة فإذا كانت المباينة ، حرم عليكم ان تحملوا إليهم السلاح والسروج.

فالوجه في هذا الخبر أحد شيئين ، أحدهما : أن يكون مختصا بالسروج وما أشبهها مما لم يمكن استعماله في القتال حسب ما تضمنه السؤال ، ويؤكد ذلك أيضا ما رواه :

١٨٨

٣ ـ أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم عن محمد بن قيس قال :

__________________

(١) الرمك : جمع الرمكة وهي الفرس أو البرذونة تتخذ للنسل.

ـ ١٨٤ ـ التهذيب ج ٢ ص ١١٣.

ـ ١٨٥ ـ التهذيب ج ٢ ص ١١٥.

ـ ١٨٦ ـ ١٨٧ ـ ١٨٨ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٧ الكافي ج ١ ص ٣٥٩.

٥٧

سألت أبو عبد الله عليه‌السلام عن الفئتين تلتقيان من أهل الباطل أبيعهما السلاح؟ فقال : بعهما ما يكنهما الدرع والخفين ونحو هذا.

والوجه الآخر انه يجوز بيع السلاح لهم إذا علم أنهم يستعملونه في قتال الكفار يدل على ذلك ما رواه :

١٨٩

٤ ـ الحسن بن محبوب عن علي بن رباط عن أبي سارة عن هند السراج قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام أصلحك الله ما تقول إني كنت أحمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعه منهم فلما عرفني الله هذا الامر ضقت بذلك وقلت لا أحمل إلى أعداء الله؟ فقال : لي احمل إليهم إن الله تعالى يدفع بهم عدونا وعدوكم يعني الروم بعهم فإذا كان الحرب بيننا فمن حمل إلى عدونا سلاحا يستعينون به علينا فهو مشرك.

٣٤ ـ باب كسب الحجام

١٩٠

١ ـ الحسن بن محبوب عن ابن رئاب عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن كسب الحجام؟ فقال : لا بأس به إذا لم يشارط.

١٩١

٢ ـ محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حنان بن سدير قال دخلنا على أبي عبد الله عليه‌السلام ومعنا فرقد الحجام فقال : جعلت فداك إني أعمل عملا وقد سألت عنه غير واحد ولا اثنين فزعموا أنه عمل مكروه وأنا أحب أن أسألك فإن كان مكروها انتهيت عنه وعملت غيره من الأعمال فإني منته في ذلك إلى قولك قال : وما هو؟ قال حجام قال : كل من كسبك يا بن أخ وتصدق وحج منه وتزوج ، فإن نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد احتجم وأعطى الاجر ولو كان حراما ما أعطاه قال : جعلني الله فداك إن لي تيسا (١) أكريه

__________________

(١) التيس : الذكر من المعز والظباء والوعول جمع تيوس واتياس وتيسه.

ـ ١٨٩ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٧ الكافي ج ١ ص ٣٥٩ الفقيه ص ٢٧١.

ـ ١٩٠ ـ ١٩١ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٧ الكافي ج ١ ص ٣٦٠.

٥٨

فما تقول في كسبه؟ قال : كل كسبه فإنه لك حلال والناس يكرهونه قال حنان قلت : لأي شئ يكرهونه وهو حلال؟ قال : لتعيير الناس بعضهم بعضا.

١٩٢

٣ ـ عنه عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : احتجم رسول الله صلى الله عليه وآله حجمه مولى لبني بياضه وأعطاه ولو كان حراما لما أعطاه فلما فرغ قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أين الدم؟ قال شربته يا رسول الله فقال : ما كان ينبغي لك أن تفعل وقد جعله الله تعالى حجابا لك من النار فلا تعد.

١٩٣

٤ ـ أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن أبي عمير (١) عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن كسب الحجام فقال : مكروه له أن يشارط ، ولا بأس عليك أن تشارطه وتماكسه وإنما يكره له ولا بأس عليك.

١٩٤

٥ ـ الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن كسب الحجام؟ فقال : لا بأس به قلت : اجر التيوس؟ قال : إن كانت العرب لتتعاير به فلا بأس.

١٩٥

٦ ـ فأما ما رواه الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : السحت أنواع كثيرة منها كسب الحجام واجر الزانية وثمن الخمر.

فهذا خبر شاذ لا يعارض به الاخبار التي قدمناها لكثرتها ولشذوذ هذا الخبر على إنا قد قدمنا أن هذا الكسب وإن لم يكن محظورا فهو مكروه والتنزه عنه أفضل ، ويزيد ذلك بيانا :

__________________

(١) في التهذيب والوافي ابن بكير.

ـ ١٩٢ ـ ١٩٣ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٧ الكافي ج ١ ص ٣٦٠ واخرج الأول الصدوق في الفقيه ص ٢٦٨.

ـ ١٩٤ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٧ الكافي ج ١ ص ٣٦٠ الفقيه ص ٢٧١ بدون الذيل.

ـ ١٩٥ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٧ الكافي ج ١ ص ٣٦٣ بزيادة في آخره.

٥٩

١٩٦

٧ ـ ما رواه الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان رجلا سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن كسب الحجام؟ فقال : ألك ناضح؟ فقال له : نعم فقال : اعلفه إياه ولا تأكله.

١٩٧

٨ ـ عنه عن القاسم عن رفاعة قال : سألته عن كسب الحجام فقال : إن رجلا من الأنصار كان له غلام حجام فسأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : له هل لك ناضح؟ قال : نعم : فاعلفه ناضحك.

فالوجه في كراهية ذلك ما تضمنه الخبر الأول من تعيير الناس بعضهم بعضا بذلك وإن لم يكن محظورا.

٣٥ ـ باب أجر النائحة

١٩٨

١ ـ الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال : سألته عن كسب المغنية والنائحة فكرهه.

١٩٩

٢ ـ أما ما رواه الحسين بن سعيد عن النضر عن الحلبي عن أيوب بن الحر عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على الميت.

فلا ينافي الخبر الأول لان الكراهية إنما توجهت في الخبر الأول إلى من يشترط الاجر ويقول الأباطيل ، يدل على ذلك :

٢٠٠

٣ ـ ما رواه أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن حنان بن سدير قال : كانت امرأة معنا في الحي ولها جارية نائحة فجاءت إلى أبي فقالت يا عم أنت تعلم معيشتي من الله ومن هذه الجارية النائحة وقد أحببت أن تسأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن ذلك فإن كان حلال وإلا بعتها وأكلت من ثمنها حتى يأتي الله عزوجل بالفرج فقال : لها

__________________

ـ ١٩٦ ـ ١٩٧ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٧.

ـ ١٩٨ ـ ١٩٩ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٨ واخرج الأخير الصدوق في الفقيه ص ٢٦٨.

ـ ٢٠٠ ـ التهذيب ج ٢ ص ١٠٨ الكافي ج ١ ص ٣٦٠.

٦٠