المزار الكبير

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي

المزار الكبير

المؤلف:

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: نشر القيوم
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: ٧٠٤

العلماء بشرعك الزهاد ، ومصابيح الظلم ، وينابيع الحكم ، وأولياء النعم ، وعصم الأمم ، قرناء التنزيل وآياته ، وامناء التأويل وولاته ، وتراجمة الوحي ودلالاته ، أئمة الهدى ، ومنار الدجى ، وأعلام التقى ، وكهوف الورى ، وحفظة الاسلام ، وحججك على جميع الأنام.

الحسن والحسين ، سيدي شباب أهل الجنة ، وسبطي نبي الرحمة وعلي بن الحسين السجاد زين العابدين ، ومحمد بن علي باقر علم الدين ، وجعفر بن محمد الصادق الأمين ، وموسى بن جعفر الكاظم الحليم ، وعلي بن موسى الرضا الوفي ، ومحمد بن علي البر التقي ، وعلي بن محمد المنتجب الرضي ، والحسن بن علي الهادي الزكي (١) ، والحجة بن الحسن صاحب العصر والزمان ، وصي الأوصياء وبقية الأنبياء ، المستتر عن خلقك ، والمؤمل لاظهار حقك ، المهدي المنتظر ، والقائم الذي به ينتصر.

اللهم صل عليهم أجمعين ، صلاة باقية في العالمين ، تبلغهم بها أفضل محل المكرمين ، اللهم ألحقهم في الاكرام بجدهم وأبيهم ، وخذ لهم الحق من ظالميهم.

اشهد يا موالي أنكم المطيعون لله ، القوامون بأمره ، العاملون بإرادته ، الفائزون بكرامته ، اصطفاكم بعلمه ، واجتباكم لغيبه ، واختاركم لسره ، وأعزكم بهداه ، وخصكم ببراهينه ، وأيدكم بروحه ، ورضيكم

__________________

(١) الزكي ، الرضي ( خ ل ).

٥٦١

خلفاء في ارضه ، ودعاة إلى حقه ، وشهداء على خلقه ، وأنصارا لدينه وحججا على بريته ، وتراجمة لوحيه ، وخزنة لعلمه ، ومستودعا لحكمته ، عصمكم الله من الذنوب ، وبرأكم من العيوب ، وائتمنكم على الغيوب.

زرتكم يا موالي عارفا بحقكم ، مستبصرا بشأنكم ، مهتديا بهداكم ، مقتفيا لأثركم ، متبعا لسنتكم ، متمسكا بولايتكم ، معتصما بحبلكم ، مطيعا لأمركم ، مواليا لأوليائكم ، معاديا لأعدائكم ، عالما بأن الحق فيكم ومعكم ، متوسلا إلى الله بكم ، مستشفعا إليه بجاهكم ، وحق عليه أن لا يخيب سائله ، والراجي ما عنده لزواركم ، والمطيعين لأمركم.

اللهم فكما وفقتني للايمان بنبيك ، والتصديق لدعوته ، ومننت علي بطاعته واتباع ملته ، وهديتني إلى معرفته ، ومعرفة الأئمة من ذريته ، وأكملت بمعرفتهم الايمان ، وقبلت بولايتهم وطاعتهم الأعمال ، واستعبدت بالصلاة عليهم عبادك ، وجعلتهم مفتاحا للدعاء ، وسببا للإجابة ، فصل عليهم أجمعين ، واجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين.

اللهم اجعل ذنوبنا بهم مغفورة ، وعيوبنا مستورة ، وفرائضنا مشكورة ، ونوافلنا مبرورة ، وقلوبنا بذكرك معمورة ، وأنفسنا بطاعتك مسرورة ، وجوارحنا على خدمتك مقهورة ، وأسمائنا في خواصك مشهورة ، وأرزاقنا من لدنك مدرورة ، وحوائجنا لديك ميسورة ،

٥٦٢

برحمتك يا ارحم الراحمين

اللهم أنجز لهم وعدهم (١) ، وطهر بسيف قائمهم أرضك ، وأقم به حدودك المعطلة ، وأحكامك المهملة والمبدلة ، وأحيي به القلوب الميتة ، واجمع به الأهواء المتفرقة ، وأجل به صداء الجور عن طريقتك ، حتى يظهر الحق على يديه في أحسن صورته ، ويهلك الباطل وأهله بنور دولته ، ولا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق.

اللهم عجل فرجهم ، وأظهر فلجهم ، واسلك بنا منهجهم ، وأمتنا على ولايتهم ، واحشرنا في زمرتهم ، وتحت لوائهم ، وأوردنا حوضهم ، واسقنا بكأسهم ، ولا تفرق بيننا وبينهم ، ولا تحرمنا شفاعتهم ، حتى نظفر بعفوك وغفرانك ، ونصير إلى رحمتك ورضوانك ، إله الحق رب العالمين.

يا قريب الرحمة من المؤمنين ، ونحن أولئك ، حقا لا ارتيابا ، يا من إذا أوحشنا التعرض لغضبه آنسنا حسن الظن به ، فنحن واثقون بين رغبة ورهبة ارتقابا ، قد أقبلنا لعفوك ومغفرتك طلابا ، وأذللنا لقدرتك وعزتك رقابا ، فصل على محمد وآله الطاهرين ، واجعل دعاءنا بهم مستجابا ، وولاءنا لهم من النار حجابا.

اللهم بصرنا قصد السبيل لنعتمده ، ومورد الرشد لنرده ، وبدل خطايانا صوابا ، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة ،

__________________

(١) وعدك ( خ ل ).

٥٦٣

يا من تسمى من جوده وكرمه وهابا ، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، إن حقت علينا اكتسابا ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، وأنت حسبنا ونعم الوكيل (١).

باب الوداع لسائر الأئمة عليهم‌السلام ، تقول :

السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ، سلام مودع ، لا سئم ولا قال ورحمة الله وبركاته انه حميد مجيد ، سلام ولي غير راغب عنكم ، ولا مستبدل بكم ، ولا مؤثر عليكم ، ولا زاهد في قربكم ، لا جعله الله اخر العهد من زيارة قبوركم واتيان مشاهدكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وحشرني الله في زمرتكم ، وأوردني حوضكم ، وجعلني من حزبكم ، وأرضاكم عني ، ومكنني في دولتكم ، وأحياني في رجعتكم ، وملكني في أيامكم ، وشكر سعيي بكم ، وغفر ذنبي بشفاعتكم ، وأقال عثرتي بمحبتكم ، واعلى كعبي بموالاتكم ، وشرفني بطاعتكم ، واعزني بهداكم ، وجعلني ممن ينقلب مفلحا منجحا غانما ، معافا غنيا ، فائزا برضوان الله وفضله وكفايته ، بأفضل ما ينقلب به أحد من زواركم ومواليكم ، ومحبيكم وشيعتكم ، ورزقني الله العود ثم العود ابدا ما أبقاني ، بنية صادقة ، وايمان وتقوى واخبات ، ورزق واسع حلال طيب.

__________________

(١) رواه السيد في مصباح الزائر : ٢٤٦ ، عنه البحار ١٠٢ : ١٧٨.

٥٦٤

اللهم لا تجعله اخر العهد من زيارتهم وذكرهم والصلاة عليهم وأوجب لي المغفرة والرحمة ، والخير والبركة ، والفوز والايمان وحسن الإجابة ، كما أوجبت لأوليائك العارفين بحقهم ، الموجبين طاعتهم ، والراغبين في زيارتهم ، المقربين إليك واليهم.

بابي أنتم وأمي ونفسي وأهلي اجعلوني في همكم ، وصيروني في حزبكم ، وأدخلوني في شفاعتكم ، واذكروني عند ربكم ، اللهم صل على محمد وال محمد وأبلغ أرواحهم وأجسادهم مني السلام ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (١).

٢ ـ زيارة أخرى مختصرة جامعة ، ويجزيك في جميع المشاهد على ساكنها السلام ، ان تقول :

السلام على أولياء الله وأصفيائه ، السلام على أمناء الله وأحبائه ، السلام على أنصار الله وخلفائه ، السلام على محال معرفة الله ، السلام على معادن حكمة الله ، السلام على مساكن ذكر الله ، السلام على عباد الله المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.

السلام على مظاهري أمر الله ونهيه ، السلام على الادلاء على الله ، السلام على المستقرين في مرضات الله ، السلام على الممحصين في طاعة الله.

__________________

(١) رواه الصدوق في العيون ٢ : ٢٧٢ ، عنه البحار ١٠٢ : ١٣٣.

٥٦٥

السلام على الذين من والاهم فقد والى الله ، ومن عاداهم فقد عاد الله ، ومن عرفهم فقد عرف الله ، ومن جهلهم فقد جهل الله ، ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله ، ومن تخلى منهم فقد تخلى من الله.

اشهد الله اني سلم لمن سالمكم ، وحرب لمن حاربكم ، مؤمن بما امنتم به ، كافر بما كفرتم به ، محقق لما حققتم ، مبطل لما أبطلتم ، مؤمن بسركم وعلانيتكم ، مفوض في ذلك كله إليكم ، لعن الله عدوكم من الجن والإنس ، وضاعف عليه العذاب الأليم (١).

الباب (٩)

زيارة مولانا الخلف الصالح صاحب الزمان عليه وعلى آبائه السلام

حدثنا الشيخ الأجل الفقيه العالم أبو محمد عربي بن مسافر العبادي رضي‌الله‌عنه قراءة عليه بداره بالحلة السيفية في شهر ربيع الأول سنة

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٧٨ ، باسناده عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن هارون بن مسلم ، عن علي بن حسان ، عن الرضا ، عن أبيه عليهما‌السلام ، عنه الشيخ في التهذيب ٦ : ١٠٢.

ذكره ابن قولويه في الكامل : ٥٢٢ ، باسناده عن محمد بن الحسين بن مت الجوهري ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران ، عن هارون بن مسلم ، عن علي بن حسان ، عن الرضا عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠ : ٤٣١ ، ١٠٢ : ١٢٦ ، المستدرك ١٠ : ٣٥٤.

أخرجه الصدوق في العيون ٢ : ٢٧١ ، باسناده عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن حسان ، عن الرضا عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠٢ : ١٢٦.

أورده في الفقيه ٢ : ٦٠٨ عن علي بن حسان ، عن الرضا عليه‌السلام.

٥٦٦

ثلاث وسبعين وخمسمائة ، وحدثني الشيخ العفيف أبو البقاء هبة الله بن نماء بن علي بن حمدون رحمه‌الله قراءة عليه أيضا بالحلة السيفية ، قالا جميعا : حدثنا الشيخ الأمين أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن علي بن طحال المقدادي رحمه‌الله بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في الطرز الكبير الذي عند رأس الإمام عليه‌السلام في العشر الأواخر من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ، قال : حدثنا الشيخ الأجل السيد المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي رضي‌الله‌عنه بالمشهد المذكور في العشر الأواخر من ذي العقدة سنة تسع وخمسمائة ، قال : حدثنا السيد السعيد الوالد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضي‌الله‌عنه ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن اشناس البزاز ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن يحيى القمي ، قال : حدثنا محمد بن علي بن زنجويه القمي ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، قال :

قال أبو علي الحسن بن اشناس ، وأخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني ان أبا جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري اخبره وأجاز له جميع ما رواه ، انه خرج إليه من الناحية ، حرسها الله ، بعد المسائل والصلاة والتوجه ، أوله :

بسم الله الرحمن الرحيم ، لا لأمر الله تعقلون ، ولا من أوليائه تقبلون ، حكمة بالغة عن قوم لا يؤمنون ، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

٥٦٧

فإذا أردتم التوجه بنا إلى الله تعالى والينا ، فقولوا كما قال الله تعالى : ( سلام على ال يس ) (١) ، ذلك هو الفضل المبين ، والله ذو الفضل العظيم ، لمن يهديه صراطه المستقيم.

التوجه :

قد اتاكم الله يا ال يس خلافته وعلم مجاري امره ، فيما قضاه ودبره ، واراده في ملكوته ، وكشف لكم الغطاء ، وأنتم خزنته وشهداؤه ، وعلماؤه وامناؤه ، وساسة العباد وأركان البلاد ، وقضاة الاحكام ، وأبواب الايمان.

ومن تقديره منائح العطاء بكم انفاذه محتوما مقرونا ، فما شئ منه الا وأنتم له السبب واليه السبيل ، خياره لوليكم نعمة ، وانتقامه من عدوكم سخطة ، فلا نجاة ولا مفزع الا أنتم ، ولا مذهب عنكم ، يا أعين الله الناظرة ، وحملة معرفته ، ومساكن توحيده في ارضه وسمائه.

وأنت يا حجة الله وبقيته ، كمال نعمته ، ووارث أنبيائه وخلفائه ما بلغناه من دهرنا ، وصاحب الرجعة لوعد ربنا التي فيها دولة الحق وفرجنا ، ونصر الله لنا وعزنا.

السلام عليك أيها العلم المنصوب ، والعلم المصبوب ، والغوث والرحمة الواسعة ، وعدا غير مكذوب ، السلام عليك يا صاحب المرأى

__________________

(١) الصافات : ١٣٠.

٥٦٨

والمسمع (١) الذي بعين الله مواثيقه ، وبيد الله عهوده ، وبقدرة الله سلطانه.

أنت الحكيم الذي لا تعجله العصبية ، والكريم الذي لا تبخله الحفيظة (٢) ، والعالم الذي لا تجهله الحمية ، مجاهدتك في الله ذات مشية الله ، ومقارعتك في الله ذات انتقام الله ، وصبرك في الله ذو أناة الله ، وشكرك لله ذو مزيد الله ورحمته.

السلام عليك يا محفوظا بالله ، الله نور امامه وورائه ، ويمينه وشماله ، وفوقه وتحته ، السلام عليك يا مخزونا (٣) في قدرة الله ، الله نور سمعه وبصره ، السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه ، ويا ميثاق الله الذي اخذه ووكده ، السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته ، السلام عليك يا باب الله وديان دينه.

السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه ، السلام عليك يا حجة الله ودليل ارادته ، السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه ، السلام عليك في اناء ليلك ونهارك ، السلام عليك يا بقية الله في ارضه.

السلام عليك حين تقوم ، السلام عليك حين تقعد ، السلام عليك حين تقرأ وتبين ، السلام عليك حين تصلي وتقنت ، السلام عليك حين

__________________

(١) اي الذي يرى الخلائق ويسمع كلامهم من غير أن يروه.

(٢) الحفيظة : الحمية والغضب والذب عن المحارم.

(٣) محروزا ( خ ل ).

٥٦٩

تركع وتسجد ، السلام عليك حين تعوذ وتسبح ، السلام عليك حين تهلل وتكبر.

السلام عليك حين تحمد وتستغفر ، السلام عليك حين تمجد وتمدح ، السلام عليك حين تمسي وتصبح ، السلام عليك في الليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ، السلام عليك في الآخرة والأولى.

السلام عليكم يا حجج الله ورعاتنا ، وقادتنا وأئمتنا ، وسادتنا وموالينا ، السلام عليكم أنتم نورنا ، وأنتم جاهنا أوقات صلواتنا ، وعصمتنا لدعائنا وصلاتنا ، وصيامنا واستغفارنا ، وسائر أعمالنا.

السلام عليك أيها الامام المأمول ، السلام عليك بجوامع السلام ، أشهدك يا مولاي اني اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، لا حبيب الا هو وأهله ، وان أمير المؤمنين حجته ، وان الحسن حجته ، وان الحسين حجته ، وان علي بن الحسين حجته ، وان محمد بن علي حجته ، وان جعفر بن محمد حجته ، وان موسى بن جعفر حجته ، وان علي بن موسى حجته ، وان محمد بن علي حجته ، وان علي بن محمد حجته ، وان الحسن بن علي حجته ، وأنت حجته ، وان الأنبياء دعاة وهداة رشدكم.

أنتم الأول والاخر وخاتمته ، وان رجعتكم حق لا شك فيها ، يوم لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا ، وان الموت حق ، وان منكرا ونكيرا حق ، وان النشر حق ، والبعث حق ،

٥٧٠

وان الصراط حق والمرصاد حق ، وان الميزان حق ، والحساب حق ، وان الجنة والنار حق ، والجزاء بهما للوعد والوعيد حق ، وانكم للشفاعة حق ، لا تردون ، ولا تسبقون بمشية الله ، وبامره تعملون.

ولله الرحمة والكلمة العليا ، وبيده الحسنى ، وحجة الله النعمى ، خلق الجن والإنس لعبادته ، أراد من عباده عبادته ، فشقي وسعيد ، قد شقي من خالفكم ، وسعد من أطاعكم.

وأنت يا مولاي فاشهد بما أشهدتك عليه ، تخزنه وتحفظه لي عندك ، أموت عليه وانشر عليه ، واقف به وليا لك ، بريئا من عدوك ، ماقتا لمن أبغضكم ، وادا لمن أحبكم ، فالحق ما رضيتموه ، والباطل ما أسخطتموه ، والمعروف ما أمرتم به ، والمنكر ما نهيتم عنه ، والقضاء المثبت ما استأثرت به مشيتكم ، والمحو ما لا استأثرت به سنتكم.

فلا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ومحمد عبده ورسوله ، علي أمير المؤمنين حجته ، الحسن حجته ، الحسين حجته ، علي حجته ، محمد حجته ، جعفر حجته ، موسى حجته ، علي حجته ، محمد حجته ، علي حجته ، الحسن حجته ، وأنت حجته ، وأنتم حججه وبراهينه.

انا يا مولاي مستبشر بالبيعة التي اخذ الله علي ، شرطه قتالا في سبيله ، اشترى به أنفس المؤمنين ، فنفسي مؤمنة بالله وبكم يا مولاي ، أولكم وآخركم ، ونصرتي لكم معدة ، ومودتي خالصة لكم ، وبراءتي من

٥٧١

أعدائكم ، أهل الحردة (١) والجدال ثابتة لثاركم ، آنا ولي وحيد (٢) والله اله الحق يجعلني كذلك ، امين امين ، من لي الا أنت فيما دنت ، واعتصمت بك فيه ، تحرسني فيما تقربت به إليك ، يا وقاية الله وستره وبركته ، أغثني أدركني ، صلني بك ولا تقطعني.

اللهم إليك بهم توسلي وتقربي ، اللهم صل على محمد واله وصلني بهم ولا تقطعني ، اللهم بحجتك اعصمني ، وسلامك على ال يس مولاي ، أنت الجاه عند الله ربك وربي.

الدعاء بعقب القول :

اللهم إني أسألك باسمك الذي خلقته من كلك ، فاستقر فيك فلا يخرج منك إلى شئ ابدا ، ايا كينون ايا مكون ، ايا متعال ايا متقدس ، ايا مترحم ايا مترائف ، ايا متحنن.

أسألك كما خلقته غضا ان تصلي على محمد نبي رحمتك ، وكلمة نورك ، ووالد هداة رحمتك ، واملأ قلبي نور اليقين ، وصدري نور الايمان ، وفكري نور الثبات ، وعزمي نور التوفيق ، وذكائي نور العلم ، وقوتي نور العمل ، ولساني نور الصدق ، وديني نور البصائر من عندك ، وبصري نور الضياء ، وسمعي نور وعي الحكمة ، ومودتي نور

__________________

(١) حرد عليه : غضب.

(٢) وجيه ( خ ل ).

٥٧٢

الموالاة لمحمد واله عليهم‌السلام ، ونفسي (١) نور قوة البراءة من أعداء ال محمد.

حتى ألقاك وقد وفيت بعهدك وميثاقك ، فلتسعني رحمتك يا ولي يا حميد ، بمرآك ومسمعك يا حجة الله دعائي ، فوفني منجزات إجابتي ، اعتصم بك ، معك معك سمعي ورضاي (٢).

٢ ـ الدعاء للندبة :

قال محمد بن أبي قرة : نقلت من كتاب أبي جعفر محمد بن الحسين ابن سفيان البزوفري رضي‌الله‌عنه هذا الدعاء ، وذكر فيه انه الدعاء لصاحب الزمان صلوات الله عليه وعجل فرجه وفرجنا به ، ويستحب ان يدعى به في الأعياد الأربعة :

__________________

(١) يقيني ( خ ل ).

(٢) عنه البحار ٥٣ : ١٧٣ ، ١٠٢ : ٩٦.

رواه الطبرسي في الاحتجاج ٢ : ٤٩٢ ، باسناده عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عنه البحار ٥٣ : ١٧١ ، ٩٤ : ٢ ، ١٠٢ : ٨١.

أورده مع اختلاف السيد في مصباح الزائر ٢٢٣ ، عنه البحار ١٠٢ : ٩٢.

أخرجه في البحار ٩٤ : ٣٦ مع اختلاف عن خط الشيخ الجبعي ، نقلا عن خط الشيخ الأجل علي بن السكون ، عن أبي محمد عربي بن مسافر العبادي ، عن أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن طحال المقدادي ، عن أبي علي الطوسي ، عن والده ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن حسين البزار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى القمي ، عن محمد بن علي بن زنجويه القمي ، عن الحميري.

٥٧٣

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه واله وسلم تسليما.

اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك ، الذين استخلصتهم لنفسك ودينك ، إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم (١) المقيم ، الذي لا زوال له ولا اضمحلال ، بعد أن شرطت عليهم الزهد في زخارف هذه الدنيا الدنية وزبرجها (٢) ، فشرطوا لك ذلك ، وعلمت منهم الوفاء به.

فقبلتهم وقربتهم ، وقدمت (٣) لهم الذكر العلي والثناء الجلي ، وأهبطت عليهم ملائكتك ، وكرمتهم بوحيك ، ورفدتهم بعلمك ، وجعلتهم الذرايع (٤) إليك ، والوسيلة إلى رضوانك.

فبعض أسكنته جنتك إلى أن أخرجته منها ، وبعض حملته في فلكك ونجيته ومن آمن معه من الهلكة برحمتك ، وبعض اتخذته خليلا ، وسألك لسان صدق في الآخرين فأجبته ، وجعلت ذلك عليا.

__________________

(١) النعم ( خ ل ).

(٢) في مصباح الزائر : درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها.

أقول : زخرف الدنيا زينتها واصله الذهب ثم اطلق على كل مزين ، الزبرج ـ بالكسر ـ الزينة من وشى أو جوهر والذهب.

(٣) قدرت ( خ ل ).

(٤) الذريعة : الوسيلة.

٥٧٤

وبعض كلمته من شجرة تكليما ، وجعلت له من أخيه ردءا (١) ووزيرا ، وبعض أولدته من غير أب ، وآتيته البينات وأيدته بروح القدس.

وكلا شرعت له شريعة ، ونهجت منهاجا ، وتخيرت له أوصياء ، مستحفظا بعد مستحفظ ، من مدة إلى مدة ، إقامة لدينك ، وحجة على عبادك ، ولئلا يزول الحق عن مقره ، ويغلب الباطل على أهله ، ولا يقول أحد لولا أرسلت إلينا رسولا منذرا ، فنتبع آياتك من قبل ان نذل ونخزى.

إلى أن انتهيت بالامر إلى حبيبك ونجيبك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكان كما انتجبته سيد من خلقته ، وصفوة من اصطفيته ، وأفضل من اجتبيته ، وأكرم من اعتمدته.

قدمته على أنبيائك ، وبعثته إلى الثقلين من عبادك ، وأوطأته مشارقك ومغاربك ، وسخرت له البراق ، وعرجت به إلى سمائك ، وأودعته علم ما يكون إلى انقضاء خلقك.

ثم نصرته بالرعب ، وحففته بجبرئيل وميكائيل والمسومين من ملائكتك ، ووعدته ان تظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون.

وذلك بعد أن بوأته (٢) مبوء صدق من أهله ، وجعلت له ولهم أول بيت وضع للناس ، للذي ببكة مباركا ، وهدى للعالمين ، فيه آيات بينات ،

__________________

(١) الردء : الناصر ، العون.

(٢) بوأه هيأ له وانزله فيه.

٥٧٥

مقام إبراهيم ، ومن دخله كان امنا ، وقلت ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) (١).

ثم جعلت اجر محمد صلواتك عليه واله مودتهم في كتابك ، فقلت : ( قل ما أسألكم عليه من اجر الا من شاء ان يتخذ إلى ربه سبيلا ) (٢) ، فكانوا هم السبيل إليك ، والمسلك إلى رضوانك.

فلما انقضت أيامه أقام وليه علي بن أبي طالب صلواتك عليهما والهما هاديا ، إذ كان هو المنذر ولكل قوم هاد ، فقال والملاء امامه : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وقال : من كنت انا وليه فعلي اميره ، وقال : انا وعلي من شجرة واحدة وسائر الناس من أشجار شتى.

وأحله محل هارون من موسى ، فقال : أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ، وزوجه ابنته سيدة نساء العالمين ، وأحل له من مسجده ماحل له ، وسد الأبواب الا بابه.

ثم أودعه علمه وحكمته ، فقال : انا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها ، ثم قال له :

أنت أخي ووصيي ووارثي ، لحمك من لحمي ، ودمك من دمي ، وسلمك سلمي ، وحربك حربي ، والايمان مخالط لحمك ودمك ، كما

__________________

(١) الأحزاب : ٣٣.

(٢) الفرقان : ٥٧.

٥٧٦

خالط لحمي ودمي ، وأنت غدا على الحوض معي ، وأنت خليفتي ، وأنت تقضي ديني وتنجز عداتي ، وشيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي في الجنة وهم جيراني ، ولولا أنت يا علي لم يعرف المؤمنون بعدي.

فكان بعده هدى من الضلالة ، ونورا من العمى ، وحبل الله المتين وصراطه المستقيم ، لا يسبق بقرابة في رحم ، ولا بسابقة في دين ، ولا يلحق في منقبة من مناقبه ، يحذو (١) حذو الرسول صلى الله عليهما والهما ، ويقاتل على التأويل ، ولا تأخذه في الله لومة لائم.

قد وتر (٢) فيه صناديد (٣) العرب ، وقتل ابطالهم ، وناهش (٤) ذؤبانهم (٥) ، وأودع (٦) قلوبهم أحقادا بدرية وخيبرية وحنينية وغيرهن ، فاضبت (٧) على عداوته ، واكبت على منابذته (٨) ، حتى قتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

__________________

(١) حذا حذوا : قطعها على مثال.

(٢) وتر : الانتقام أو الظلم فيه.

(٣) الصنديد : السيد الشجاع.

(٤) ناوش ( خ ل ) ، أقول : نهشه عضه أو اخذه بأضراسه ، ناوشوهم في القتال : نازلوهم.

(٥) الذؤبان جمع الذئب ، وذؤبان العرب صعاليكهم ولصوصهم.

(٦) فاودع ( خ ل ).

(٧) الضب : الحقد الخفي.

(٨) نابذه الحرب : جاهره بها.

٥٧٧

ولما قضى نحبه (١) وقتله اشقى الآخرين ، يتبع اشقى الأولين لم يمتثل أمر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في الهادين بعد الهادين ، والأمة مصرة على مقته ، مجمعة على قطيعة رحمه واقصاء ولده ، الا القليل ممن وفى لرعاية الحق فيهم.

فقتل من قتل ، وسبي من سبي ، واقصي من اقصي ، وجرى القضاء لهم بما يرجى له حسن المثوبة ، إذ كانت الأرض لله يورثها من يشاء من عباده الصالحين والعاقبة للمتقين ، وسبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ، ولن يخلف الله وعده ، وهو العزيز الحكيم.

فعلى الأطائب من أهل بيت محمد وعلي صلى الله عليهما والهما ، فليبك الباكون ، وإياهم فليندب النادبون ، ولمثلهم فلتدر (٢) الدموع ، وليصرخ الصارخون ، ويضج الضاجون ، ويعج (٣) العاجون.

أين الحسن أين الحسين ، أين أبناء الحسين ، صالح بعد صالح ، وصادق بعد صادق ، أين السبيل بعد السبيل ، أين الخيرة بعد الخيرة ، أين الشموس الطالعة ، أين الأقمار المنيرة ، أين الأنجم الزاهرة ، أين اعلام الدين وقواعد العلم.

أين بقية الله التي لا تخلو من العترة الهادية ، أين المعد لقطع دابر

__________________

(١) النحب : الموت ، الاجل.

(٢) فلتذرف ( خ ل ) ، أقول : الدر : السيلان ، ذرفت العين : دمعها.

(٣) عج : صاح ورفعه صوته.

٥٧٨

الظلمة ، أين المنتظر لإقامة الأمت (١) والعوج ، أين المرتجى لإزالة الجور والعدوان ، أين المدخر لتجديد الفرائض والسنن ، أين المتخير لإعادة الملة والشريعة ، أين المؤمل لاحياء الكتاب وحدوده ، أين محيي معالم الدين وأهله ، أين قاصم شوكة المعتدين ، أين هادم أبنية الشرك والنفاق.

أين مبيد أهل الفسق والعصيان ، أين حاصد فروع الغي والشقاق ، أين طامس (٢) اثار الزيغ والأهواء ، أين قاطع حبائل الكذب والافتراء ، أين مبيد أهل العناد والمردة ، أين معز الأولياء ومذل الأعداء ، أين جامع الكلمة على التقوى ، أين باب الله الذي منه يؤتي.

أين وجه الله الذي إليه تتوجه الأولياء ، أين السبب المتصل بين الأرض والسماء ، أين صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى ، أين مؤلف شمل الصلاح والرضا ، أين الطالب بذحول (٣) الأنبياء وأبناء الأنبياء ، أين الطالب بدم المقتول بكربلاء.

أين المنصور على من اعتدى عليه وافترى ، أين المضطر الذي يجاب إذا دعى ، أين صدر الخلائف ذو البر والتقوي ، أين ابن النبي المصطفى ، وابن علي المرتضى ، وابن خديجة الغراء ، وابن فاطمة الكبرى.

__________________

(١) الأمت : الضعف.

(٢) طمس : درس وانمحى.

(٣) الذحل : الثأر.

٥٧٩

بابي أنت وأمي ونفسي لك الوقاء والحمى ، يا بن السادة المقربين يا بن النجباء الأكرمين ، يا بن الهداة المهديين ، يا بن الخيرة المهذبين ، يا بن الغطارفة (١) الأنجبين.

يا بن الأطائب المطهرين ، يا بن الخضارمة (٢) المنتجبين ، يا بن القماقمة (٣) الأكرمين ، يا بن البدور المنيرة ، يا بن السرج المضيئة ، يا بن الشهب الثاقبة ، يا بن الأنجم الزاهرة ، يا بن السبل الواضحة ، يا بن الاعلام اللائحة ، يا بن العلوم الكاملة ، يا بن السنن المشهورة.

يا بن المعالم المأثورة ، يا بن المعجزات الموجودة ، يا بن الدلائل المشهورة ، يا بن الصراط المستقيم ، يا بن النبأ العظيم ، يا بن من هو في أم الكتاب لدى الله علي حكيم ، يا بن الآيات البينات ، يا بن الدلائل الظاهرات ، يا بن البراهين الباهرات.

يا بن الحجج البالغات ، يا بن النعم السابغات ، يا بن طه والمحكمات ، يا بن يس والذاريات ، يا بن الطور والعاديات ، يا بن من دنا فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، دنوا واقترابا من العلي الاعلى.

ليت شعري ، أين استقرت بك النوى ، بل اي ارض تقلك (٤) أو ثرى (٥) ،

__________________

(١) الغطريف : السخي ، السيد.

(٢) الخضرم : الكثير العطاء.

(٣) القمقام : السيد الكثير العطاء.

(٤) قلا الشئ : حمله.

(٥) الثرى : التراب الندي.

٥٨٠