المزار الكبير

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي

المزار الكبير

المؤلف:

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: نشر القيوم
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: ٧٠٤

واحشرني معهما ، وانفعني بحبهما ، والسلام عليكما ورحمة الله وبركاته (١).

٢ ـ زيارة أخرى لهما عليهما‌السلام :

روى محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عمن ذكره ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : تقول ببغداد :

السلام (٢) عليك يا حجة الله ، السلام عليك يا نور الله في ظلمات الأرض ، السلام عليك يا من بدا (٣) لله في شأنه ، اتيتك عارفا بحقك ، معاديا لأعدائك ، فاشفع لي عند ربك.

وادع الله واسأل حاجتك.

قال : وتسلم على أبي جعفر عليه‌السلام بهذا.

ثم تصلي صلاة الزيارة ، فإذا فرغت منها سبحت تسبيح الزهراء فاطمة عليها‌السلام ، وتقول :

__________________

(١) رواه في البحار ١٠٢ : ١٣ ، عنه وعن المزار للمفيد والمزار للشهيد.

(٢) زيادة : السلام عليك يا ولي الله ( خ ل ).

(٣) قوله عليه‌السلام : ( يا من بدا لله ) ، يمكن أن يكون إشارة إلى ما ورد في بعض الأخبار انه كان قدر له عليه‌السلام انه القائم بالسيف ثم بدا لله فيه ، وأن يكون إشارة إلى البداء الذي وقع في إسماعيل ، فان البداء في إسماعيل يستلزم البداء فيه عليه‌السلام كما لا يخفى ، لكن اجراؤه في أبي جعفر عليه‌السلام يحتاج إلى تكلف آخر بان يقال : انه لا تولد بعد يأس الناس منه فكأنما بدا لله فيه أو للوجه الأول الذي تقدم ، وفي بعض النسخ : يا من مريد الله في شأنه ، من الإرادة ، وفي بعضها : بدأ لله ، بالهمز ، اي أراد الله إمامته ، أو بدا بها قبل خلقه ـ البحار.

٥٤١

اللهم إليك نصبت يدي ، وفيما عندك عظمت رغبتي ، فاقبل يا سيدي توبتي ، واغفر لي وارحمني ، واجعل لي في كل خير نصيبا والى كل خير سبيلا.

اللهم صل على محمد وعلى ال محمد واسمع دعائي ، وارحم تضرعي وتذللي واستكانتي وتوكلي عليك ، فانا لك سلم ، لا أرجو نجاحا ولا معافاة ولا تشريفا الا بك ومنك ، فامنن علي بتبليغي هذا المكان الشريف من قابل ، وانا معافي من كل مكروه ومحذور ، واعني على طاعتك وطاعة أوليائك الذين اصطفيتهم من خلقك.

اللهم صل على محمد وعلى ال محمد وسلمني في ديني ، وامدد لي في اجلي ، وأصح لي جسمي (١) ، يا من رحمني وأعطاني ، وبفضله أغناني ، اغفر لي ذنبي ، وأتمم لي نعمتك فيما بقي من عمري حتى توفاني وأنت عني راض.

اللهم صل على محمد وال محمد ولا تخرجني من ملة الاسلام ، فاني اعتصمت بحبلك فلا تكلني إلى غيرك.

اللهم صل على محمد وعلى ال محمد وعلمني ما ينفعني ، وانفعني بما علمتني ، واملا قلبي علما وخوفا من سطواتك ونقماتك ، اللهم إني أسألك مسألة المضطر إليك ، المشفق من عذابك ، الخائف من عقوبتك ، ان تغفر لي وتغمدني ، وتحنن علي برحمتك ، وتعود علي

__________________

(١) بدني ( خ ل ).

٥٤٢

بمغفرتك ، وتؤدي عني فريضتك ، وتغنيني بفضلك عن سؤال أحد من خلقك ، وتجيرني من النار برحمتك.

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرج وليك وابن وليك ، وافتح له فتحا يسيرا ، وانصره نصرا عزيزا.

اللهم صل على محمد وال محمد واظهر حجته بوليك ، واحي سنته بظهوره ، حتى يستقيم بظهوره جميع عبادك وبلادك ، ولا يستخفي أحد بشئ من الحق ، اللهم إني ارغب إليك في دولته الشريفة الكريمة ، التي تعز بها الاسلام وأهله ، وتذل بها النفاق وأهله.

اللهم صل على محمد وال محمد واجعلنا فيها من الداعين إلى طاعتك ، والفائزين في سبيلك ، وارزقنا كرامة الدنيا والآخرة ، اللهم ما أنكرنا من الحق فعرفناه ، وما قصرنا عنه فبلغناه.

اللهم صل على محمد وال محمد واستجب لنا جميع ما دعوناك ، وأعطنا جميع ما سألناك ، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين ، ولآلائك من الذاكرين ، واغفر لنا يا خير الغافرين ، وافعل بنا وبالمؤمنين ما أنت أهله يا ارحم الراحمين.

ثم اسجد وعفر خديك وامض في دعة الله (١).

__________________

(١) عنه البحار ١٠٢ : ١٠.

رواه ابن قولويه في الكامل : ٥٠١ باسناده عن محمد بن جعفر الرزاز الكوفي ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عمن ذكره ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠٢ : ٧.

ذكره الكليني في الكافي ٤ : ٥٧٨ بالاسناد ، عنه الشيخ في التهذيب ٦ : ٨٣.

٥٤٣

الباب (٥)

ما جاء من الفضل في زيارة أبي الحسن الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام

قد تقدم القول في ذلك ، وذكرنا فضل زيارات الأئمة عليهم‌السلام جملة ، ونذكر الان مختصرا مما ورد في فضل زيارة الرضا عليه‌السلام.

١ ـ اخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني السروي ، قال : اخبرني جدي ، عن الشيخ أبي جعفر محمد ابن الحسن الطوسي ، عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان ، عن ابن قولويه ، عن محمد بن يعقوب الكليني.

وأخبرني الشيخ الفقيه أبو محمد عبد الله الدوريستي ، عن جده ، عن أبيه ، عن أبي جعفر بن بابويه ، عن محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه (١) ، عن علي بن مهزيار ، قال : قلت لأبي جعفر : جعلت فداءك زيارة الرضا عليه‌السلام أفضل أم زيارة أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام ، فقال : زيارته أفضل وذاك ان أبا عبد الله عليه‌السلام يزوره أناس كثير وأبي لا يزوره الا الخواص من الشيعة (٢).

__________________

(١) في الأصل : علي بن إبراهيم عن خلاد.

(٢) رواه مع اختلاف الكليني في الكافي ٤ : ٥٨٤ ، والصدوق في الفقيه ٢ : ٣٤٨ ، العيون ٢ : ٢٦١ ، وابن قولويه في الكامل : ٥١٠ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٨٤ ، عنهم البحار ١٠٢ : ٣٩ ، الوسائل ١٤ : ٥٦٣.

٥٤٤

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن الحسين (١) بن سيف ، عن محمد بن أسلم ، عن محمد بن سليمان ، قال :

سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن رجل حج حجة الاسلام فدخل متمتعا بالعمرة إلى الحج ، فأعانه الله على عمرته وحجه ، ثم اتى المدينة فسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم اتاك عارفا بحقك يعلم انك حجة الله على خلقه وبابه الذي يؤتى منه فسلم عليك (٢) ، ثم اتى أبا عبد الله الحسين عليه‌السلام فسلم عليه ، ثم اتى بغداد وسلم على أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام ، ثم انصرف إلى بلاده ، فلما كان في وقت الحج رزقه الله الحج (٣) ، فأيهما أفضل ، هذا الذي قد حج حجة الاسلام يرجع أيضا فيحج أم يخرج إلى خراسان إلى أبيك علي بن موسى فيسلم عليه ، قال : بل يأتي خراسان فيسلم على أبي الحسن عليه‌السلام أفضل ، وليكن ذلك في رجب ولا ينبغي ان

__________________

لعل هذا مختص بهذا الزمان ، فان الشيعة كانوا لا يرغبون في زيارته الا الخواص منهم الذين يعرفون فضل زيارته ، فعلى هذا التعليل يكون كل زمان يكون امام من الأئمة أقل زائرا يكون ثواب زيارته أكثر ، أو المعنى ان المخالفين أيضا يزورون الحسين عليه‌السلام ولا يزور الرضا عليه‌السلام الا الخواص ، وهم الشيعة ، فيكون من بيانية ، أو المعنى ان من فرق الشيعة لا يزوره الا من كان قائلا بامامة جميع الأئمة عليهم‌السلام ، فان من قال بالرضا عليه‌السلام لا يتوقف فيمن بعده ، والمذاهب النادرة التي حدثت بعده زالت بأسرع زمان ولم يبق لها اثر ـ البحار.

(١) في الأصل : الحسن ، وهو الحسين بن سيف بن عميرة ، عنونه الشيخ في الفهرست ، الرقم : ٢٠٩ ، راجع معجم الرجال ٥ : ٢٦٦.

(٢) في المصدر : ( ثم اتاك أمير المؤمنين عليه‌السلام عارفا بحقه يعلم أنه حجة الله على خلقه وبابه الذي يؤتى منه فسلم عليه ).

(٣) في المصدر : فلما في هذا الوقت رزقه الله تعالى ما يحج به.

٥٤٥

تفعلوا هذا اليوم ، فان علينا وعليكم من السلطان شنعة (١)

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن علي بن إبراهيم الجعفري ، عن حمدان بن إسحاق (٢) قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام أو حكي لي رجل عن أبي جعفر عليه‌السلام ـ الشك من علي بن إبراهيم ـ قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : من زار قبر أبي بطوس غفر الله له من ذنبه ما تقدم وما تأخر ، قال : فحججت بعد الزيارة فلقيت أيوب بن نوح فقال لي : قال أبو جعفر عليه‌السلام : من زار قبر أبي بطوس غفر الله له من ذنبه ما تقدم وما تأخر وبنى له منبرا حذاء منبر محمد وعلي عليهما‌السلام حتى يفرغ الله من حساب الخلائق ، فرأيته (٣) وقد زار فقال : جئت اطلب المنبر (٤).

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن علي بن الحسين النيسابوري ، عن إبراهيم ابن احمد ، عن عبد الرحمان بن سعيد المكي ، عن يحيى بن سليمان المازني ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال :

من زار قبر ولدي علي كان له عند الله كسبعين حجة مبرورة ، قال :

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٨٤ ، والصدوق في العيون ٢ : ٢٥٨ ، وابن قولويه في الكامل : ٥٠٨ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٨٤ ، عنهم البحار ١٠٢ : ٣٨.

(٢) في الأصل : حماد بن إسحاق ، راجع معجم الرجال ٦ : ٢٤٨.

(٣) في المصدر : فرأيت بعد أيوب بن نوح.

(٤) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٨٥ ، والصدوق في الفقيه ٢ : ٣٥٠ ، العيون ٢ : ٢٥٥ ، الأمالي : ١٠٦ ، الخصال : ١٦٧ ، والمفيد في المقنعة : ٧٤ ، وابن قولويه في الكامل : ٥٠٨ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٨٥ ، عنهم البحار ١٠٢ : ٤١ ، الوسائل ١٤ : ٥٥١.

٥٤٦

قلت : سبعين حجة ، قال : نعم وسبعمائة حجة ، قلت : وسبعمائة حجة قال : نعم وسبعين الف حجة ، قلت : وسبعين الف حجة ، قال : رب حجة لا تقبل ، من زاره وبات عنده ليلة كان كمن زار الله في عرشه ، قلت : كمن زار الله في عرشه ، قال : نعم ، إذا كان يوم القيامة كان على عرش الرحمان أربعة من الأولين وأربعة من الآخرين ، فاما الأربعة الذين هم من الأولين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم‌السلام ، واما الأربعة الذين من الآخرين فمحمد وعلي والحسن والحسين ثم يمد المضمار (١) فيقعد معنا من زار قبور الأئمة عليهم‌السلام الا ان أعلاهم درجة وأقربهم حبوة (٢) زوار قبر ولدي علي عليه‌السلام (٣).

الباب (٦)

مختصر زيارته عليه‌السلام

١ ـ تقف على القبر فتصلي على رسول الله وأمير المؤمنين عليهما‌السلام

__________________

(١) في الأصل : الطعام ، ما أثبتناه من الكامل.

أقول : المضمار ميدان السباق والذي يضر فيه الخيل ، ولعله كناية عن المجلس ، عبر به عنه لسعته ، وفي بعض النسخ المطمار ، والمطمر خيط للبناء يقدر به ، ولعل مده ليدخل فيه من كان من أوليائهم ويخرج عنه مخالفوهم.

(٢) الحبوة العطية.

(٣) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٨٥ ، والصدوق في العيون ٢ : ٢٥٩ ، الأمالي : ١٠٥ ، وابن قولويه في الكامل : ٥١١ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٨٤ ، عنهم البحار ١٠٢ : ٤٢ ، الوسائل ١٤ : ٥٦٤.

٥٤٧

ثم على الحسن والحسين والأئمة ، واحدا واحدا إلى اخرهم عليهم‌السلام ، ثم تجلس عند رأسه وتقول :

السلام عليك يا ولي الله ، السلام عليك يا حجة الله ، السلام عليك يا نور الله في ظلمات الأرض ، السلام عليك يا عمود الدين.

السلام عليك يا وارث ادم صفوة الله ، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله ، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله ، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله ، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله ، السلام عليك يا وارث محمد رسول الله.

السلام عليك يا وارث على ولي الله ، السلام عليك يا وارث فاطمة خير النساء ، السلام عليك يا وارث الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، السلام عليك يا وارث علي بن الحسين سيد العابدين ، السلام عليك يا وارث محمد بن علي باقر علم الأولين والآخرين.

السلام عليك يا وارث جعفر بن محمد الصادق البار الأمين ، السلام عليك يا وارث موسى بن جعفر الكاظم الحليم ، السلام عليك أيها الشهيد الصديق الغريب المسموم المقتول ، السلام عليك أيها الوصي البار التقي.

اشهد انك أقمت الصلاة واتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر ، وعبدت الله حتى اتاك اليقين ، السلام عليك يا أبا الحسن ورحمة الله وبركاته انه حميد مجيد.

٥٤٨

لعن الله من قتلك ، ولعن الله من ظلمك بالأيدي والألسن ، عليك سلام الله يا مولاي ورحمة الله وبركاته.

ثم تنكب على القبر فقبله وتضع خدك الأيمن عليه وتقول :

اللهم إليك صمدت من أرضي ، وقطعت البلاد رجاء رحمتك ، فلا تخيبني ولا تردني بغير قضاء حوائجي ، وارحم تقلبي على قبر ابن رسولك صلى‌الله‌عليه‌وآله.

بابي أنت وأمي ، اتيتك زائرا وافدا عائذا مما جنيت على نفسي ، واحتطبت (١) على ظهري ، فكن لي شفيعا إلى الله عزوجل يوم فقري وفاقتي ، فلك عند الله مقاما محمودا وأنت عنده وجيه.

ثم ارفع يدك اليمنى وابسط اليسرى على القبر وقل :

اللهم إني أتقرب إليك بحبهم وبولايتهم ، أتولى اخرهم كما توليت أولهم ، وابرء من كل وليجة دونهم ، اللهم العن الذين بدلوا نعمتك ، واتهموا نبيك ، وجحدوا آياتك ، وحملوا الناس على أكتاف ال محمد ، اللهم إني أتقرب إليك باللعنة عليهم والبراءة منهم في الدنيا والآخرة يا رحمن.

ثم تحول إلى عند رجله وقل :

صلى الله عليك يا أبا الحسن ، صلى الله على روحك وبدنك ، ولعن الظالمين لكم من الأولين والآخرين.

__________________

(١) احتطبت : الاحتطاب جمع الحطب ، وهنا استعير لما يوجب النار من الذنوب والآثام.

٥٤٩

ثم ارجع إلى عند رأسه فصل ركعتين وصل بعدهما ما بدا لك إن شاء الله (١).

فإذا أردت الانصراف فقف عند قبره عليه‌السلام وودعه وتقول :

السلام عليك يا مولاي وابن مولاي وسيدي ورحمة الله وبركاته ، أنت لنا جنة من العذاب ، وهذا أوان انصرافي عنك ، غير راغب عنك ، ولا مستبدل بك ، ولا مؤثر عليك ، ولا زاهد في قربك ، وقد جدت بنفسي للحدثان ، وتركت الأهل والأولاد والأوطان ، فكن لي شافعا يوم فقري وفاقتي يوم لا يغني عني حميمي ولا قريبي ، يوم لا يغني عني والدي ولا ولدي.

فاسأل الله الذي قدر رحيلي إليك ان ينفس بك كربتي ، واسأل الله الذي قدر علي فراق مكانك ان لا يجعله اخر العهد من رجوعي إليك ، واسأله ان يجعل زيارتي لك ذخرا عنده.

واسأل الله الذي أراني مكانك ، وهداني للتسليم عليك وزيارتي إياك ، ان يوردني حوضكم ، ويرزقني مرافقتكم في الجنان.

السلام عليك يا صفوة الله ، السلام على رسول الله محمد بن عبد الله خاتم النبيين ، السلام على أمير المؤمنين سيد الوصيين ، السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين ،

__________________

(١) عنه البحار ١٠٢ : ٥١.

٥٥٠

السلام على الأئمة الراشدين ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين

ثم تدعو لنفسك ولوالديك ولجميع إخوانك المؤمنين ، وتسأل الله ان لا يجعله اخر العهد منك إن شاء الله (١).

٢ ـ زيارة أخرى للرضا عليه‌السلام.

تغتسل كما ذكرناه وتقف على قبره كما قدمناه ، وتقول :

السلام عليك يا ولي الله وابن وليه ، السلام عليك يا حجة الله وابن حجته وأبا حججه ، السلام عليك يا امام الهدى والعروة الوثقى ورحمة الله وبركاته.

اشهد انك مضيت على ما مضى عليه آباؤك الطاهرون عليهم السلام ، لم تؤثر عمى على هدى ، ولم تمل من حق إلى باطل ، وانك قد نصحت لله ولرسوله ، وأديت الأمانة ، فجزاك الله عن الاسلام وأهله خير الجزاء.

اتيتك بابي وأمي زائرا عارفا بحقك ، مواليا لأوليائك ، معاديا لأعدائك ، فاشفع لي عند ربك جل وعز.

ثم انكب على القبر فقبله وضع خديك عليه ، وتحول الرأس وقل :

السلام عليك يا مولاي يا بن رسول الله ورحمة الله وبركاته ، اشهد انك الإمام الهادي ، والموالي الراشد ، والولي المجاهد ، وابرأ إلى الله

__________________

(١) رواه الصدوق في العيون ٢ : ٢٧٠ ، عنه البحار ١٠٢ : ٤٨.

٥٥١

تعالى من أعدائك ، وأتقرب إلى الله بموالاتك صلى الله عليك ورحمة الله وبركاته.

ثم صل ركعتين وصل بعدهما ما أحببت ، وتحول إلى عند الرجلين وادع بما شئت.

فإذا أردت وداعه عند الانصراف فقف على قبره كوقوفك أولا وقل :

السلام عليك يا مولاي يا أبا الحسن ، السلام عليك يا بن رسول الله ورحمة الله وبركاته ، استودعك الله واقرأ عليك السلام ، امنا بالله وبما جئت به ودللت عليه ، اللهم اكتبنا مع الشاهدين.

ثم انكب على القبر فقبله وضع خديك عليه وانصرف.

الباب (٧)

مختصر زيارة السيدين الامامين أبي الحسن علي بن محمد الهادي

وأبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما‌السلام بسر من رأي

١ ـ إذا وردت مشهدهما صلى الله عليهما اغتسل مندوبا ، فإذا وقفت على قبرهما تقول :

السلام عليكما يا وليي الله ، السلام عليكما يا نجيي الله ، السلام عليكما يا نوري الله في ظلمات الأرض ، السلام عليكما يا أميني الله.

أتيتكما زائرا لكما ، عارفا بحقكما ، مؤمنا بما آمنتما به ، كافرا بما كفرتما به ، محققا لما حققتما ، مبطلا لما أبطلتما.

٥٥٢

اسأل الله ربي وربكما ان يجعل حظي من زيارتكما الصلاة على محمد واله ، وان يرزقني شفاعتكما ، ولا يفرق بيني وبينكما ، ولا يسلبني حبكما وحب آبائكما الصالحين ، وان لا يجعله اخر العهد من زيارتكما ، ويحشرني معكما ، ويجمع بيني وبينكما في الجنة برحمته.

ثم تنكب على كل واحد من القبرين فتقبله وتضع خديك عليه ، ثم ترفع رأسك وتقول :

اللهم ارزقني حبهم ، وتوفني على ملتهم ، اللهم العن ظالمي ال محمد حقهم ، وانتقم منهم ، اللهم العن الأولين منهم والآخرين ، وضاعف عليهم العذاب الأليم ، انك على كل شئ قدير.

اللهم عجل فرج وليك وابن وليك ، واجعل فرجنا مع فرجهم يا ارحم الراحمين.

ثم تصلي عند الرأس أربع ركعات ، وتصلي بعدها ما بدا لك ، وتدعو لنفسك ولوالديك ولجميع المؤمنين بما تريد.

فإذا أردت الانصراف فودعهما عليهما‌السلام تقول :

السلام عليكما يا وليي الله ، استودعكما الله واقرأ عليكما السلام ، امنا بالله وبالرسول وبما جئتما به ودللتما عليه ، اللهم اكتبنا مع الشاهدين (١).

__________________

(١) رواه الصدوق في الفقيه ٢ : ٣٦٨ مع اختلاف ، وابن قولويه في الكامل : ٥٢٠ ، عنهما البحار ١٠٢ : ٦١.

٥٥٣

٢ ـ زيارة أخرى لهما عليهما‌السلام

إذا اتيت سر من رأي فاغتسل قبل دخولك المشهد واقصد المشهد على أصحابه السلام ، فإذا أتيتهما فقف على قبريهما ، واجعل وجهك تلقاء القبلة ، وقل :

السلام عليكما يا وليي الله ، السلام عليكما يا أميني الله ، السلام عليكما يا نوري الله في ظلمات الأرض ، السلام عليكما من معتمد بعد الله سبحانه عليكما من عبدكما وزائركما ووليكما.

أتيتكما زائرا لكما ، عارفا بحقكما ، مؤمنا بما آمنتما به ، كافرا بما كفرتما به ، محققا لما حققتما ، مبطلا لما أبطلتما ، فاسأل الله ربي وربكما بحقكما ان يجعل حظي من زيارتكما مغفرة ذنوبي ، واعطائي سؤلي ، وان يصلي على محمد وال محمد ويرزقني شفاعتكما ، ولا يفرق بيني وبينكما ، ويجمعني وإياكما في مستقر من رحمته.

ثم ارفع يديك بالدعاء وقل :

اللهم ارزقني حب محمد وال محمد ، وتوفني على ملتهم ، اللهم العن ظالمي ال محمد وانتقم منهم ، اللهم وعجل فرج وليك وابن وليك ، واجعل فرجنا مقرونا بفرجهم.

ثم صل مكانك أربع ركعات ، وادع الله كثيرا (١).

__________________

(١) رواه في البحار ١٠٢ : ٦٢ عن المزار للمفيد.

٥٥٤

الباب (٨)

زيارة جامعة لسائر المشاهد على أصحابها أفضل السلام

١ ـ املاها علينا الشريف الجليل العالم أبو المكارم حمزة بن علي ابن زهرة أدام الله عزه من فلق (١) فيه ، قال :

إذا أردت زيارة أحد من الأئمة عليهم‌السلام فقف على بابه وقل :

اللهم إني قد وقفت على باب بيت من بيوت نبيك وال نبيك عليه وعليهم‌السلام ، وقد منعت الدخول إلى بيوته الا باذن نبيك ، فقلت : ( يا أيها الذين امنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا ان يؤذن لكم ) (٢).

اللهم إني اعتقد حرمة نبيك في غيبته كما اعتقد في حضرته ، واعلم أن رسلك وخلفاءك احياء عندك يرزقون ، يرون مكاني في وقتي هذا ، ويسمعون كلامي ، وانك حجبت كلامهم.

فاني استأذنك يا رب أولا ، واستأذن رسولك صلواتك عليه واله ثانيا ، واستأذن خليفتك الامام المفترض علي طاعته في الدخول في ساعتي هذه ، واستأذن ملائكتك الموكلين بهذه البقعة المباركة المطيعة لك السامعة ، السلام عليكم أيها الملائكة الموكلون بهذا المشهد المبارك ورحمة الله وبركاته.

__________________

(١) الفلق : نصف الشئ الملفوق ، كلمني من فلق فيه اي من شقه.

(٢) الأحزاب : ٥٣.

٥٥٥

بإذن الله واذن رسوله واذن خلفائه واذن هذا الامام وبإذنكم صلوات الله عليكم أجمعين ، ادخل هذا البيت متقربا إلى الله ، بالله ورسوله محمد وآله الطاهرين ، فكونوا ملائكة الله أعواني ، وكونوا أنصاري حتى ادخل هذا البيت.

وادعو الله بفنون الدعوات ، واعترف لله بالعبودية ، ولهذا الامام ولآبائه صلوات الله عليهم بالطاعة.

ثم ادخل مقدما رجلك اليمنى ، وكبر الله تعالى مائة تكبيرة ، واستقبل الضريح بوجهك وقل :

بسم الله الرحمن الرحيم ، اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، كما شهد الله لنفسه ، وشهدت له ملائكته وأولوا العلم من خلقه ، لا اله إلا هو العزيز الحكيم ، واشهد أن محمدا عبده المنتجب ، ورسوله المرتضى ، أرسله بالهدى ودين الحق ، ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.

اللهم اجعل أفضل صلواتك وأكملها ، وأنمى بركاتك وأعمها ، وأزكى تحياتك وأتمها ، على سيدنا محمد عبدك ورسولك ، ونجيك ووليك ، ورضيك وصفيك ، وخيرتك من خلقك ، وخاصتك وخالصتك ، وأمينك ، الشاهد لك ، والدال عليك ، والصادع بأمرك ، والناصح لك ، والمجاهد في سبيلك ، والذاب عن دينك ، والموضح لبراهينك.

٥٥٦

والمهدي إلى طاعتك ، والمرشد إلى مرضاتك ، والواعي لوحيك ، والحافظ لعهدك ، والماضي على إنفاذ أمرك ، المؤيد بالنور المضئ ، والمسدد بالأمر المرضي ، المعصوم من كل خطأ وزلل.

المنزه من كل دنس وخطل ، والمبعوث بخير الأديان والملل ، مقوم الميل والعوج ، ومقيم البينات والحجج ، المخصوص بظهور الفلج وإيضاح المنهج ، المظهر من توحيدك ما استتر ، والمحيي من عبادتك ما دثر ، والخاتم لما سبق ، والفاتح لما انغلق.

المجتبى من خلائقك ، والمعتام (١) لكشف حقائقك ، والموضحة به أشراط الهدى ، والمجلو به غربيب (٢) العمى ، دامغ جيشات (٣) الأباطيل ، ودامغ (٤) صولات الأضاليل ، المختار من طينة الكرم ، وسلالة (٥) المجد الأقدم ، ومغرس الفخار المعرق ، وفرع العلاء المثمر المورق.

المنتجب (٦) من شجرة الأصفياء ، ومشكاة الضياء ، وذؤابة العلياء (٧) ،

__________________

(١) اعتام الشئ يعتامه : اختاره ـ النهاية ٣ : ١٦٣.

(٢) الغربيب : الشديد السواد ـ النهاية ٣ : ١٧٣.

(٣) دامغ جيشات الأباطيل ، هي جمع جيشة وهي مرة من جاش إذا ارتفع ـ النهاية ١ : ٢٢٤.

(٤) دافع ( خ ل ).

(٥) السلالة : ما انسل من الشئ.

(٦) المنتخب ( خ ل ).

(٧) الذؤابة ـ بالضم ـ من العز والشرف وكل شئ أعلاه ، والعلياء ـ بالفتح ـ السماء ورأس الجبل والمكان العالي وكل ما علا من شئ.

٥٥٧

وسرة البطحاء (١) بعيثك بالحق ، وبرهانك على جميع الخلق ، خاتم أنبيائك ، وحجتك البالغة في أرضك وسمائك.

اللهم صل عليه صلاة ينغمر في جنب انتفاعه بها قدر الانتفاع ، ويجوز من بركة التعلق بسببها ما يفوق قدر المتعلقين بسببه ، وزده بعد ذلك من الإكرام والاجلال ما يتقاصر عنه فسيح الآمال ، حتى يعلو من كرمك أعلى محال المراتب ، ويرقى من نعمك أسنى منازل المواهب ، وخذ له اللهم بحقه وواجبه ، من ظالميه وظالمي الصفوة من أقاربه.

اللهم وصل على وليك ، وديان دينك ، والقائم بالقسط من بعد نبيك علي بن أبي طالب ، أمير المؤمنين ، وإمام المتقين ، وسيد الوصيين ، ويعسوب الدين ، وقائد الغر المحجلين ، وقبلة العارفين ، وعلم المهتدين ، وعروتك الوثقى ، وحبلك المتين ، وخليفة رسولك على الناس أجمعين ، ووصيه في الدنيا والدين.

الصديق الأكبر في الأنام ، والفاروق الأزهر بين الحلال والحرام ، ناصر الإسلام ، ومكسر الأصنام ، ومعز الدين وحاميه ، وواقي الرسول وكافيه ، والمخصوص بمؤاخاته يوم الإخاء ، ومن هو منه بمنزلة هارون من موسى ، خامس أصحاب الكساء ، وبعل سيدة النساء ، المؤثر بالقوت بعد ضر الطوى (٢) ، والمشكور سعيه في ( هل أتى ).

__________________

(١) اي أشرف من نشأ ببطحاء مكة ، فان السرة في وسط الانسان وخير الأمور أوسطها.

(٢) الطوى : خلا البطن والجوع.

٥٥٨

مصباح الهدى ، ومأوى التقى ، ومحل الحجى ، وطود (١) النهى الداعي إلى المحجة العظمى ، والظاعن (٢) إلى الغاية القصوى ، والسامي إلى المجد والعلى ، العالم بالتأويل والذكرى.

الذي أخدمته خواص ملائكتك بالطاس (٣) والمنديل حتى توضأ ، ورددت عليه الشمس بعد دنو غروبه (٤) ، حتى أدى في أول الوقت لك فرضا ، وأطعمته من طعام أهل الجنة حين منح المقداد قرضا ، وباهيت به أملاكك (٥) ، إذ شرى نفسه ابتغاء مرضاتك (٦) لترضى ، وجعلت ولايته إحدى فرائضك.

فالشقي من أقر ببعض وأنكر بعضا ، عنصر الأبرار ، ومعدن الفخار ، وقسيم الجنة والنار ، صاحب الأعراف ، وأبي الأئمة الأشراف ، المظلوم المغتصب ، والصابر المحتسب ، والموتور في نفسه وعترته ، المقصود (٧) في رهطه وأعزته ، صلاة لا انقطاع لمزيدها ، ولا اتضاع لمشيدها.

__________________

(١) الطود : الجبل العظيم.

(٢) الظاعن : السائر.

(٣) الطاس : اناء يشرب فيه.

(٤) مغيبها ( خ ل ).

(٥) خواص ملائكتك ( خ ل ).

(٦) طاعتك ( خ ل ).

(٧) كذا ، ولعله تصحيف المقهور.

٥٥٩

اللهم ألبسه حلل الانعام ، وتوجه تاج الاكرام ، وارفعه إلى اعلا مرتبة ومقام ، حتى يلحق نبيك عليه وعلى آله السلام ، واحكم له اللهم على ظالميه ، إنك العدل فيما تقضيه.

اللهم وصل على الطاهرة البتول ، الزهراء ابنة الرسول ، أم الأئمة الهادين ، سيدة نساء العالمين ، وارثة خير الأنبياء ، وقرينة خير الأوصياء ، القادمة عليك ، متألمة من مصابها بأبيها ، متظلمة مما (١) حل بها من غاصبيها ، ساخطة على أمة ، لم ترع حقك في نصرتها ، بدليل دفنها ليلا في حفرتها ، المغتصبة حقها ، والمغصصة بريقها ، صلاة لا غاية لأمدها ، ولا نهاية لمددها ، ولا انقضاء لعددها.

اللهم فتكفل لها عن مكاره دار الفناء في دار البقاء ، بأنفس الأعواض ، وأنلها ممن عاندها نهاية الآمال ، وغاية الأغراض ، حتى لا يبقى لها ولي ساخط لسخطها إلا وهو راض ، إنك أعز من أجاب المظلومين ، وأعدل قاض ، اللهم ألحقها في الاكرام ببعلها وأبيها ، وخذ لها الحق من ظالميها.

اللهم وصل على الأئمة الراشدين ، والقادة الهادين ، والسادة المعصومين ، الأتقياء الأبرار ، مأوى السكينة والوقار ، خزان العلم ، ومنتهى الحلم والفخار ، ساسة العباد ، وأركان البلاد ، وأدلة الرشاد ، الألباء الأمجاد.

__________________

(١) بما ( خ ل ).

٥٦٠