المزار الكبير

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي

المزار الكبير

المؤلف:

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: نشر القيوم
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: ٧٠٤

شئ قدير ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم (١)

ه ـ ويستحب ان يقول ما رواه سفيان الثوري عن مولانا الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، قال : سمعته وهو بعرفة يقول :

اللهم اجعل خطواتي هذه التي خطوتها في طاعتك كفارة لما خطوتها في معصيتك ، اللهم انك امرتنا ان نعفو عمن ظلمنا وقد ظلمنا أنفسنا فاعف عنا.

اللهم انك قلت : استعينوا على كل صنعة بصالحي أهلها ، اللهم فانا صنعك فاصنع في خيرا.

اللهم اجعلنا نبات نعمتك ولا تجعلنا حصاد نقمتك ، اللهم هذه ليلة عيد ولك فيها أضياف وانا ضيفك فاجعل قراي الجنة واطعمني عنبا ورطبا.

قال سفيان : فوالله لقد هممت ان انزل واشتري له تمرا وموزا ، وأقول له : هذا عوض العنب والرطب ، فإذا انا بسلتين معاطيتين قد وضعتا بين يديه ، إحداها رطب والأخرى عنب ـ تمام الخبر.

__________________

(١) الصحيفة السجادية : الدعاء ٤٦ ، عنها الكفعمي في مصباحه : ٤٣٣ ، البلد الأمين : ٤٩٠.

أورده الشيخ في مصباحه : ٢٥٨ ، رواه السيد في جمال الأسبوع : ٤٢٣ ، وقال : ما رويناه بعدة طرق ، ورواه أبو الحسين محمد بن هارون التلعكبري.

٤٦١

و ـ زيارة أبي عبد الله عليه‌السلام في يوم عرفة

ومن لم يمكنه حضور الموقف للحج وقدر على اتيان قبر الحسين عليه‌السلام يوم عرفة فليحضر ، فان في ذلك فضلا كبيرا ، وقد ذكرنا فيما سلف من هذا الكتاب ، فينبغي ان تغتسل من الفرات ان أمكنك والا فمن حيث تقدر عليه وتمشي على سكينة ووقار ، فإذا بلغت باب الحائر فكبر الله تعالى وقل :

الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، لقد جاءت رسل ربنا بالحق.

ثم تسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمة عليهم‌السلام من بعده ، ثم تقول :

السلام عليك يا أبا عبد الله ، عبدك وابن عبدك ، وابن أمتك ، الموالي لوليك ، المعادي لعدوك ، استجار بمشهدك ، وتقرب إليك بقصدك ، والحمد لله الذي هداني لولايتك ، وخصني بزيارتك ، وسهل لي قصدك.

ثم تأتي باب القبة فتقف مما يلي الرأس وتقول :

السلام عليك يا وارث ادم صفوة الله ، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله ، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله ، السلام عليك يا

٤٦٢

وارث موسى كليم الله ، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله.

السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله ، السلام عليك يا وارث أمير المؤمنين حجة الله ، السلام عليك يا بن محمد المصطفى ، السلام عليك يا بن علي المرتضى ، السلام عليك يا بن فاطمة الزهراء ، السلام عليك يا بن خديجة الكبرى.

السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور ، اشهد انك قد أقمت الصلاة ، واتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ، ونهيت عن المنكر ، وأطعت الله حتى اتاك اليقين.

لعن الله أمة قتلتك ، ولعن الله أمة ظلمتك ، ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به ، يا مولاي يا أبا عبد الله ، اشهد الله وملائكته وأنبياءه ورسله اني بكم مؤمن ، وبإيابكم موقن ، بشرائع ديني وخواتيم عملي ، فصلوات الله عليكم وعلى أرواحكم وعلى أجسادكم ، وعلى شاهدكم وغائبكم ، وظاهركم وباطنكم.

ثم انكب على القبر وقبله وقل :

بابي أنت وأمي يا أبا عبد الله ، لقد عظمت الرزية وجلت المصيبة بك علينا وعلى جميع أهل السماوات والأرض ، فلعن الله أمة أسرجت وألجمت وتهيأت لقتالك ، يا مولاي يا أبا عبد الله قصدت حرمك واتيت مشهدك ، اسأل الله بالثار الذي لك عنده ، والمحل الذي لك لديه ان تصلي على محمد وال محمد وان يجعلني معكم في الدنيا والآخرة.

٤٦٣

ثم تصلى عند الرأس ، تقرأ فيها ما أحببت ، فإذا فرغت فقل :

اللهم إني صليت وركعت وسجدت لك ، وحدك لا شريك لك ، لان الصلاة والركوع والسجود لا تكون الا لك ، لأنك أنت الله لا إله إلا أنت ، اللهم صل على محمد وال محمد وأبلغهم عني أفضل السلام والتحية ، واردد علي منهم.

ثم صر إلى عند رجلي الحسين وزر علي بن الحسين عليهما‌السلام ورأسه عند رجلي أبي عبد الله عليه‌السلام ، وقل :

السلام عليك يا بن رسول الله ، السلام عليك يا بن نبي الله ، السلام عليك يا بن أمير المؤمنين ، السلام عليك يا بن الحسين الشهيد ، السلام عليك أيها الشهيد ابن الشهيد ، السلام عليك أيها المظلوم وابن المظلوم ، لعن الله أمة قتلتك ، ولعن الله أمة ظلمتك ، ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به.

ثم انكب على القبر وقبله وقل :

السلام عليك يا ولي الله وابن وليه ، لقد عظمت المصيبة وجلت الرزية بك علينا وعلى جميع المسلمين ، فلعن الله أمة قتلتك ، وابرأ إلى الله واليك منهم.

ثم اخرج من الباب الذي عند رجل علي بن الحسين عليهما‌السلام فتوجه هناك إلى الشهداء وزرهم وقل :

السلام عليكم يا أولياء الله وأحباءه ، السلام عليكم يا أصفياء الله

٤٦٤

وأوداءه ، السلام عليكم يا أنصار دين الله وأنصار نبيه وأنصار أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم‌السلام ، بابي أنتم وأمي طبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم وفزتم فوزا عظيما ، فيا ليتني كنت معكم فأفوز معكم.

ثم عد إلى عند رأس الحسين عليه‌السلام وأكثر من الدعاء لنفسك ولأهلك وإخوانك المؤمنين ، فإذا أردت الخروج فانكب على القبر وقل :

السلام عليك يا مولاي ، السلام عليك يا حجة الله ، السلام عليك يا صفوة الله ، السلام عليك يا خالصة الله ، السلام عليك يا امين الله ، سلام مودع لا قال ولا سئم ، فان امضي فلا عن ملالة ، وان أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين.

لا جعله الله يا مولاي اخر العهد لزيارتك ، ورزقني العود إلى مشهدك ، والمقام في حرمك ، وان يجعلني معكم في الدنيا والآخرة.

ثم اخرج ولا تول ظهرك ، وأكثر من قول :

انا لله وانا إليه راجعون.

ثم امض إلى مشهد العباس بن علي عليهما‌السلام ، فإذا اتيته فقف عليه وقل :

السلام عليك أيها العبد الصالح ، المطيع لله ولرسوله ولأمير المؤمنين والحسن والحسين ، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته على روحك وبدنك.

٤٦٥

اشهد الله انك مضيت على ما مضى البدريون والمجاهدون في سبيل الله ، المناصحون في جهاد الأعداء ، المبالغون في نصرة أوليائه.

فجزاك الله أفضل الجزاء ، وأوفر جزاء أحد ممن وفى ببيعته ، واستجاب له دعوته ، وحشرك مع النبيين والشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

ثم صل ركعتين عند الرأس وادع الله بعدهما بما أحببت ، فإذا أردت الخروج فودعه وقل :

استودعك الله واسترعيك ، واقرأ عليك السلام ، امنا بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله ، اللهم اكتبنا مع الشاهدين ، اللهم لا تجعله اخر العهد من زيارة قبر وليك وابن أخي نبيك ، وارزقني زيارته ابدا ما أبقيتني ، واحشرني معه ومع ابائه في الجنان.

وادع لنفسك ولوالديك ولاخوانك المؤمنين.

ثم ارجع إلى مشهد الحسين عليه‌السلام للوداع ، فإذا أردت وداعه تقف كوقوفك عليه أول مرة وقل :

السلام عليك يا ولي الله ، السلام عليك يا أبا عبد الله ، أنت لي جنة من العذاب ، وهذا أوان انصرافي ، غير راغب عنك ، ولا مستبدل بك سواك ، ولا مؤثر عليك غيرك ، ولا زاهد في قربك.

اسأل الله تعالى أن لا يجعله اخر العهد مني ومن رجوعي ، أسأل الله الذي أراني مكانك ، وهداني للتسليم عليك ، ولزيارتي إياك ، ان

٤٦٦

يوردني حوضكم ويرزقني مرافقتكم في الجنان مع ابائك الصالحين

ثم سلم على النبي والأئمة عليهم‌السلام واحدا واحدا وانصرف ان شئت وتدعو بما أحببت.

وداع الشهداء رضوان الله عليهم :

ثم حول وجهك إلى قبور الشهداء فودعهم وقل :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، اللهم لا تجعله اخر العهد من زيارتي إياهم ، واشركني معهم في صالح ما أعطيتهم على نصرهم ابن نبيك وحجتك على خلقك ، اللهم اجعلنا وإياهم في جنتك مع الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

استودعكم الله واقرأ عليكم السلام ، اللهم ارزقني العود إليهم واحشرني معهم يا ارحم الراحمين.

ثم اخرج ولا تول وجهك عن القبر حتى تغيب عن معاينتك ، وقف على الباب متوجها إلى القبلة وادع بما أحببت وانصرف إن شاء الله تعالى (١).

ز ـ دعاء يوم الأضحى لعلي بن الحسين عليهما‌السلام :

اللهم هذا يوم مبارك ، والمسلمون فيه مجتمعون في أقطار

__________________

(١) رواه السيد في مصباح الزائر : ١١٤ ، والشهيد في مزاره ، عنهما البحار ١٠١ : ٣٦٣.

٤٦٧

ارضك ، يشهد السائل منهم ، والطالب والراغب ، وأنت الناظر في حوائجهم ، فاسالك بجودك وكرمك ، وهوان (١) ما سألتك عليك ان تصلي على محمد وال محمد.

وأسألك اللهم ربنا بان لك الملك ولك الحمد لا إله إلا أنت الحليم الكريم ، الحنان المنان ، ذو الجلال والاكرام ، بديع السماوات والأرض ، مهما قسمت بين عبادك من خير أو عافية ، أو بركة أو هدى ، أو عمل بطاعتك ، أو خير تمن به عليهم وتهديهم به إليك ، أو ترفع لهم درجة ، أو تعطيهم به خيرا من خير الدنيا والآخرة ، ان توفر حظي ونصيبي منه.

وأسألك يا الله بان لك الملك والحمد لا إله إلا أنت ان تصلي على محمد ، عبدك ورسولك ، وحبيبك وصفيك ، وخيرتك من خلقك ، وعلى ال محمد الأبرار الكرام الطيبين الطاهرين الأخيار ، صلاة لا يقوى على احصائها الا أنت ، وان تشركنا في صالح من دعاك في هذا اليوم من عبادك المؤمنين يا رب العالمين ، وان تغفر لنا ولهم انك على كل شئ قدير.

اللهم إليك تعمدت بحاجتي ، وبك أنزلت اليوم فقري وفاقتي ومسكنتي ، وانا بمغفرتك ورحمتك أوثق مني بعملي ، ولمغفرتك ورحمتك أوسع من ذنوبي ، فصل على محمد واله وتول قضاء كل

__________________

(١) هوان : سهولة.

٤٦٨

حاجة هي لي بقدرتك عليها ، وتيسير ذلك عليك ، وفقري إليك وغناك عني ، فاني لم أصب خيرا قط الا منك ، ولم يصرف عني سوءا قط غيرك ، ولا أرجو لأمر اخرتي ودنياي سواك.

اللهم من تهيا وتعبا واعد واستعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده وطلب نيله وجائزته ، فإليك كانت يا مولاي اليوم تهيئتي واعدادي واستعدادي رجاء عفوك ورفدك ، وطلب نيلك وجائزتك.

اللهم فصل على محمد وال محمد ، ولا تخيب اليوم ذلك من رجائي ، يا من لا يحفيه (١) سائل ، ولا ينقصه نائل ، فاني لم آتك ثقة مني بعمل صالح قدمته ، ولا شفاعة مخلوق رجوته ، الا شفاعة محمد وأهل بيته صلواتك عليه وعليهم سلامك ، اتيتك مقرا بالجرم والإساءة على نفسي ، اتيتك أرجو عظيم عفوك الذي عفوت به عن الخاطئين ، ثم لم يمنعك طول عكوفهم (٢) على عظيم الجرم ان عدت عليهم بالرحمة والمغفرة.

فيا من رحمته واسعة وعفوه عظيم ، يا عظيم يا عظيم ، يا كريم يا كريم ، صل على محمد وال محمد ، وعد علي برحمتك ، وتعطف علي بفضلك ، وتوسع علي بمغفرتك.

اللهم ان هذا المقام لخلفائك وأصفيائك ومواضع امنائك في

__________________

(١) لا يحفيه : لا يمنعه.

(٢) عكوفهم : ملازمتهم واستمرارهم.

٤٦٩

الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها (١) وأنت المقدر لذلك لا يغالب امرك ، ولا يجاوز المحتوم من تدبيرك ، كيف شئت وانى شئت ، ولما أنت اعلم به غير متهم على خلقك ولا لإرادتك ، حتى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين ، يرون حكمك مبدلا ، وكتابك منبوذا (٢) ، وفرائضك محرفة عن جهات اشراعك وسنن نبيك متروكة ، اللهم العن أعداءهم من الأولين والآخرين ، ومن رضي بفعالهم وأشياعهم واتباعهم.

اللهم وصل على محمد وال محمد أفضل صلواتك وبركاتك وتحياتك على أصفيائك إبراهيم وال إبراهيم ، انك حميد مجيد ، وعجل الفرج والروح (٣) والنصرة والتمكين والتأييد لهم.

اللهم واجعلني من أهل التوحيد والايمان بك ، والتصديق برسولك والأئمة الذين حتمت (٤) طاعتهم ممن يجري ذلك به وعلى يديه امين رب العالمين.

اللهم انه لا يرد غضبك الا حلمك ، ولا يرد سخطك الا عفوك ، ولا يجير من عقابك الا رحمتك ، ولا ينجي منك الا التضرع إليك ، وبين يديك ، فصل على محمد وال محمد ، وهب لنا يا الهي من لدنك فرجا

__________________

(١) ابتزوها : سلبوها.

(٢) منبوذا : متروكا.

(٣) الروح : الرحمة والراحة.

(٤) حتمت : أوجبت.

٤٧٠

بالقدرة التي تحيي بها أموات العباد ، وتنشر (١) بها ميت البلاد ، ولا تهلكني يا الهي غما حتى تستجيب لي ، وتعرفني الإجابة في دعائي ، وأذقني طعم العافية إلى منتهى اجلي ، ولا تشمت بي عدوي ، ولا تمكنه من عنقي ، ولا تسلطه علي.

الهي ان رفعتني فمن ذا الذي يضعني ، وان وضعتني فمن ذا الذي يرفعني ، وان أكرمتني فمن ذا الذي يهينني ، وان أهنتني فمن ذا الذي يكرمني ، وان عذبتني فمن ذا الذي يرحمني ، وان أهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك ، أو يسألك عن امره.

وقد علمت أنه ليس في حكمك ظلم ، ولا في نقمتك عجلة ، إنما يعجل من يخاف الفوت ، وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف ، وقد تعاليت عن ذلك يا الهي علوا كبيرا.

اللهم صل على محمد واله ، ولا تجعلني للبلاء غرضا (٢) ، ولا لنقمتك نصبا (٣) ، ومهلني ونفسني (٤) ، وأقلني عثرتي ، ولا تبتليني ببلاء على اثر بلاء ، فقد ترى ضعفي ، وقلة حيلتي وتضرعي إليك.

أعوذ بك يا الهي اليوم من غضبك ، فصل على محمد واله وأعذني ، واستجير بك اليوم من سخطك فصل على محمد واله

__________________

(١) تنشر : تحيي.

(٢) غرضا : هدفا.

(٣) نصبا : علما منصوبا ، غرضا.

(٤) نفست : رفهت وفرجت.

٤٧١

واجرني ، واسالك امنا من عذابك فصل على محمد واله وامني وأستهديك فصل على محمد واله واهدني.

وأسترحمك فصل على محمد واله وارحمني ، واستنصرك فصل على محمد واله وانصرني ، وأستكفيك فصل على محمد واله واكفني ، واسترزقك فصل على محمد واله وارزقني ، واستعينك فصل على محمد واله واعني ، واستغفرك لما سلف من ذنوبي فصل على محمد واله واغفر لي ، وأستعصمك فصل على محمد واله واعصمني ، فاني لن أعود لشئ كرهته مني ان شئت ذلك يا رب يا رب.

يا حنان يا منان ، يا ذا الجلال والاكرام ، فصل على محمد واله واستجب لي جميع ما سألتك وطلبت إليك ورغبت فيه إليك ، وارده وقدره ، واقضه وامضه ، وخر لي (١) فيما تقضي منه ، وبارك لي في ذلك ، وتفضل علي به ، واسعدني بما تعطيني منه ، وزدني من فضلك وسعة ما عندك ، فإنك واسع كريم ، وصل ذلك بخير الآخرة ونعيمها يا ارحم الراحمين.

ثم تدعو بما بدا لك وصل على محمد واله الف مرة ، وهكذا كان يفعل عليه‌السلام (٢).

__________________

(١) خر لي : اجعل لي الخير.

(٢) الصحيفة السجادية : الدعاء ٤٨ ، عنها الشيخ في مصباحه : ٢٦٠ ، والسيد في جمال الأسبوع : ٤٢٧ ، والكفعمي في مصباحه : ٤٣٤ ، وفي البلد الأمين : ٤٩٢ ، والبحار ٨٩ : ٢١٨ ، ينابيع المودة : ٥٠٧ مختصرا.

٤٧٢

٦ ـ زيارة أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام في يوم عاشوراء

أخبرنا الشيخ الفقيه العالم عماد الدين محمد بن أبي القاسم الطبري قراءة عليه وانا اسمع في شهور سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، عن الشيخ المفيد أبي على الحسن بن محمد ، عن والده الشيخ أبي جعفر رضي‌الله‌عنه ، عن الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، عن ابن قولويه وأبي جعفر بن بابويه ، عن محمد بن يعقوب الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الله بن سنان ، قال :

دخلت على سيدي أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام في يوم عاشوراء ، فألفيته كاسف اللون (١) ، ظاهر الحزن ، ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط ، فقلت : يا ابن رسول الله مم بكاؤك لا أبكى الله عينيك ، فقال لي : أو في غفلة أنت ، أما علمت أن الحسين بن علي عليه‌السلام قتل (٢) في مثل هذا اليوم.

فقلت : يا سيدي فما قولك في صومه ، فقال لي : صمه من غير تبييت ، وأفطر من غير تشميت (٣) ، ولا تجعله صوم يوم كملا ، وليكن

__________________

(١) عن الجوهري : رجل كاسف البال سئ الحال ، وكاسف الوجه عابس.

(٢) أصيب ( خ ل ).

(٣) من غير تبييت اي من غير أن تبيت نية الصوم من الليل ، وأفطر لا على وجه الشماتة و الفرح بل لمخالفة من يصومه تبركا.

٤٧٣

افطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء ، فإنه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وانكشفت الملحمة عنهم ، ومنهم في الأرض ثلاثون صريعا في مواليهم ، يعز على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مصرعهم ، ولو كان في الدنيا يومئذ حيا لكان صلى‌الله‌عليه‌وآله هو المعزى بهم.

قال : وبكى أبو عبد الله عليه‌السلام حتى اخضلت (١) لحيته بدموعه ، ثم قال :

ان الله جل ذكره لما خلق النور خلقه يوم الجمعة في تقديره في أول يوم من شهر رمضان ، وخلق الظلمة في يوم الأربعاء يوم عاشوراء في مثل ذلك ـ يعني يوم العاشر من شهر المحرم ـ في تقديره ، وجعل لكل منهما شرعة ومنهاجا ، يا عبد الله بن سنان ان أفضل ما تأتي به في هذا اليوم ان تعمد إلى ثياب طاهرة فتلبسها وتتسلب ، قلت : وما التسلب؟

قال : تحلل ازارك وتكشف عن ذراعيك كهيئة أصحاب المصائب ، ثم تخرج إلى ارض مقفرة (٢) ، أو مكان لا يراك به أحد ، أو تعمد إلى منزل خال ، أو في خلوة منذ حين يرتفع النهار ، فتصلي أربع ركعات تحسن ركوعهن وسجودهن ، وتسلم بين كل ركعتين ، تقرأ في الركعة الأولى سورة الحمد ، و ( قل يا أيها الكافرون ) ، وفي الثانية الحمد ، و ( قل هو الله أحد ) ، ثم تصلي ركعتين أخريين ، تقرأ في الأولى الحمد وسورة

__________________

(١) اخضلت من باب الافعال والافعلال اي ابتلت.

(٢) مقفرة : خالية.

٤٧٤

الأحزاب ، وفي الثانية الحمد و ( إذا جاءك المنافقون ) أو ما تيسر من القرآن.

ثم تسلم وتحول وجهك نحو قبر الحسين عليه‌السلام ومضجعه ، فتمثل لنفسك مصرعه ومن كان معه ، وتلعن قاتليه وتبرأ من أفعالهم ، يرفع الله عزوجل لك بذلك في الجنة من الدرجات ويحط عنك من السيئات.

ثم تسعى من الموضع الذي أنت فيه إن كان صحراء أو فضاء أو اي شئ كان خطوات ، تقول :

انا لله وانا إليه راجعون ، رضا بقضائه وتسليما لامره.

وليكن عليك في ذلك الكآبة والحزن ، وأكثر من ذكر الله سبحانه والاسترجاع في ذلك اليوم ، فإذا فرغت من سعيك وفعلك هذا ، فقف في موضعك الذي صليت فيه ، ثم قل :

اللهم عذب الفجرة ، الذين شاقوا رسولك ، وحاربوا أولياءك ، وعبدوا غيرك ، واستحلوا محارمك ، والعن القادة والاتباع ومن كان منهم محبا ومن أوضع معهم ، أو رضي بفعلهم لعنا كثيرا.

اللهم وعجل فرج ال محمد واجعل صلواتك عليه وعليهم ، واستنقذهم من أيدي المنافقين المضلين والكفرة الجاحدين ، وافتح لهم فتحا يسيرا ، وأتح (١) لهم روحا وفرجا قريبا ، واجعل لهم من لدنك سلطانا نصيراً.

__________________

(١) أتاح الله لفلان : قدره وانزله به.

٤٧٥

ثم ارفع يديك واقنت بهذا الدعاء ، وقل وأنت تومئ إلى أعداء آل محمد عليهم‌السلام :

اللهم ان كثيرا من الأمة ناصبت المستحفظين من الأئمة ، وكفرت بالكلمة ، وعكفت على القادة الظلمة ، وهجرت الكتاب والسنة ، وعدلت عن الحبلين الذين أمرت بطاعتهما والتمسك بهما ، فأماتت الحق وحادت عن القصد ، ومالأت (١) الأحزاب ، وحرفت الكتاب ، وكفرت بالحق لما جاءها ، وتمسكت بالباطل لما اعترضها ، فضيعت حقك ، وأضلت خلقك ، وقتلت أولاد نبيك وخيرة عبادك وحملة علمك ، وورثة حكمتك ووحيك.

اللهم فزلزل اقدام أعدائك وأعداء رسولك وأهل بيت رسولك ، فاخرب ديارهم ، وافلل سلاحهم ، وخالف بين كلمتهم ، وفت في أعضادهم (٢) ، وأوهن كيدهم ، واضربهم بسيفك القاطع ، وارمهم بحجرك الدامغ (٣) ، وطمهم بالبلاء طما (٤) ، وقمهم بالعذاب قما (٥) ، وعذبهم عذابا نكرا ، وخذهم بالسنين والمثلات التي أهلكت بها أعداءك ، انك ذو نقمة من المجرمين.

__________________

(١) مالات : عاونت وساعدت.

(٢) الفت : الدق والكسر بالأصابع ، فت في ساعده : أضعفه ، العضد : الناصر والمعين.

(٣) دمغه : شجه حتى بلغت الشجة الدماغ.

(٤) طمهم بالبلاء : اقلعهم واستأصلهم.

(٥) قمهم بالعذاب كناية عن الاستيصال.

٤٧٦

اللهم ان سنتك ضائعة ، وأحكامك معطلة ، وعترة نبيك في الأرض هائمة (١) ، اللهم فأعز الحق وأهله ، واقمع الباطل وأهله ، ومن علينا بالنجاة ، واهدنا إلى الايمان ، وعجل فرجنا ، وانظمه بفرج أوليائك ، واجعلهم لنا ردءا ، واجعلنا لهم وفدا.

اللهم وأهلك من جعل يوم قتل ابن نبيك وخيرتك من خلقك عيدا ، واستهل (٢) بهم فرحا ومرحا (٣) ، وخذ اخرهم بما اخذت أولهم ، واضعف اللهم العذاب والتنكيل على ظالمي أهل بيت نبيك ، وأهلك أشياعهم وقادتهم ، وابر (٤) حماتهم وجماعتهم.

اللهم ضاعف صلواتك ورحمتك وبركاتك على عترة نبيك ، العترة الضائعة ، الخائفة المستذلة (٥) ، بقية من الشجرة الطيبة ، الزاكية المباركة ، واعل اللهم كلمتهم ، وافلج (٦) حجتهم ، واكشف البلاء واللأواء (٧) ، وحنادس (٨) الأباطيل والغماء عنهم ، وثبت قلوب شيعتهم وحزبك على طاعتهم وولايتهم ، ونصرتهم وموالاتهم ، وأعنهم

__________________

(١) هائمة : متحيرة.

(٢) تهلل وجهه : استنار وظهر عليه امارات السرور.

(٣) المرح : الأشر والبطر والاختيال.

(٤) الابارة : الاهلاك.

(٥) استذله : ذلله واستذله إذا رآه ذليلا.

(٦) أفلج برهانه : قومه واظهره.

(٧) اللاواء : الشدة.

(٨) الحندس : الظلمة والليل المظلم.

٤٧٧

وامنحهم الصبر على الأذى فيك.

واجعل لهم أياما مشهودة ، وأوقاتا مسعودة ، يوشك (١) فيها فرجهم ، وتوجب فيها تمكينهم ونصرهم ، كما ضمنت لأوليائك في كتابك المنزل ، فإنك قلت وقولك الحق : ( وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا ) (٢).

اللهم فاكشف عنهم ، يا من لا يكشف الضر الا هو ، يا أحد يا حي يا قيوم ، وانا يا الهي عبدك الخائف منك ، والراجع إليك ، السائل لك ، المقبل عليك ، اللاجئ إلى فنائك ، العالم بك فإنه لا ملجأ منك الا إليك.

اللهم فتقبل دعائي ، واسمع يا الهي علانيتي ونجواي ، واجعلني ممن رضيت عمله ، وقبلت نسكه ، ونجيته برحمتك ، انك أنت العزيز الحكيم الكريم.

اللهم وصل أولا واخرا على محمد وال محمد ، وبارك على محمد وال محمد ، وارحم محمدا وال محمد بأكمل وأفضل ما صليت و باركت وترحمت على أنبيائك ورسلك وملائكتك وحملة عرشك بلا اله الا أنت.

__________________

(١) يوشك : يقرب ويسرع.

(٢) النور : ٥٥.

٤٧٨

اللهم لا تفرق بيني وبين محمد وال محمد صلواتك عليه وعليهم ، واجعلني يا الهي من شيعة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وذريتهم الطاهرة والمنتجبة ، وهيئ لي التمسك بحبلهم ، والرضا بسبيلهم ، والاخذ بطريقهم انك جواد كريم.

ثم عفر وجهك على الأرض ، وقل :

يا من يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد ، أنت حكمت فلك الحمد محمودا مشكورا ، ففرج يا مولاي فرجهم وفرجنا بهم ، فإنك ضمنت اعزازهم بعد الذلة ، وتكثيرهم بعد القلة ، واظهارهم بعد الخمول ، يا أصدق الصادقين ويا ارحم الراحمين.

فاسالك يا الهي وسيدي متضرعا إليك بجودك وكرمك بسط املي ، والتجاوز عني ، وقبول قليل عملي وكثيره ، والزيادة في أيامي ، وتبليغي ذلك المشهد ، وان تجعلني ممن يدعى فيجيب إلى طاعتهم ، وموالاتهم ونصرهم ، وتريني ذلك قريبا سريعا في عافية ، انك على كل شئ قدير.

ثم ارفع يدك إلى السماء وقل :

أعوذ بك ان أكون من الذين لا يرجون أيامك ، وأعذني برحمتك من ذلك.

فان هذا أفضل يا ابن سنان من كذا وكذا حجة ، وكذا وكذا عمرة تتطوعها ، وتنفق فيها مالك ، وتتعب فيها بدنك ، وتفارق فيها أهلك وولدك.

٤٧٩

واعلم أن الله تعالى يعطي من صلى هذه الصلاة في هذا اليوم ودعا بهذا الدعاء مخلصا ، وعمل هذا العمل موقنا مصدقا عشر خصال ، منها : ان يقيه الله ميتة السوء ، ويؤمنه من المكاره والفقر ، ولا يظهر عليه عدوا إلى أن يموت ، ويقيه من الجنون والبرص في نفسه وولده إلى أربعة اعقاب له ، ولا يجعل للشيطان ولا لأوليائه عليه ولا على نسله إلى أربعة اعقاب سبيلا.

قال ابن سنان : فانصرفت وأنا أقول :

الحمد لله الذي من علي بمعرفتكم وحبكم ، واسأله المعونة على المفترض علي من طاعتكم بمنه ورحمته (١).

٧ ـ زيارة أخرى له عليه‌السلام في يوم عاشوراء من قريب أو بعيد ، تقول :

السلام عليك يا أبا عبد الله ، السلام عليك يا بن رسول الله ، السلام

__________________

(١) عنه البحار ١٠١ : ٣١٣.

رواه الشيخ في مصباحه : ٧٢٦ ، باسناده عن عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠١ : ٣٠٣.

ذكره السيد في مصباح الزائر : ١٣٨ ، عنه البحار ١٠١ : ٣٠٩.

أخرجه السيد في الاقبال ٣ : ٦٧ مع اختلافات ، باسناده عن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن الحسن بن محمد الحضرمي ، عن عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠١ : ٣١٠.

رواه السيد هذه الرواية كما في مصباح المتهجد بعينها في مصباح الزائر ، وأوردها في الاقبال بوجه آخر بينهما اختلاف كثير.

٤٨٠