المزار الكبير

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي

المزار الكبير

المؤلف:

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: نشر القيوم
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: ٧٠٤

الغامرة ، يأمن من ركبها ، ويغرق من تركها ، المتقدم لهم مارق ، والمتأخر عنهم زاهق ، واللازم لهم لاحق.

اللهم صل على محمد وال محمد الكهف الحصين ، وغياث المضطر المستكين ، وملجأ الهاربين ، وعصمة المعتصمين.

اللهم صل على محمد وال محمد صلاة كثيرة تكون لهم رضى ، ولحق محمد وال محمد أداء (١) وقضاء ، بحول منك وقوة يا رب العالمين.

اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الأبرار الأخيار ، الذين أوجبت حقوقهم ، وفرضت طاعتهم وولايتهم.

اللهم صل على محمد وال محمد ، واعمر قلبي بطاعتك ، ولا تخزني بمعصيتك ، وارزقني مواساة من قترت عليه من رزقك بما وسعت علي من فضلك ، ونشرت علي من عدلك ، وأحييتني تحت ظلك ، وهذا شهر نبيك سيد رسلك ، شعبان الذي حففته (٢) منك بالرحمة والرضوان ، الذي كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يدأب (٣) في صيامه وقيامه ، في لياليه وايامه ، بخوعا (٤) لك في اكرامه واعظامه إلى محل حمامه.

__________________

(١) أداء : فرضا.

(٢) حففته : حصصته.

(٣) يدأب : يجد ويتعب.

(٤) بخوعا : خضوعا.

٤٠١

اللهم فاعنا على الاستنان بسنته (١) فيه ، ونيل الشفاعة لديه ، اللهم واجعله لي شفيعا مشفعا ، وطريقا إليك مهيعا ، (٢) واجعلني له متبعا حتى ألقاك (٣) يوم القيامة عني راضيا ، وعن ذنوبي غاضيا ، قد أوجبت لي منك الرحمة (٤) والرضوان ، وأنزلتني دار القرار ، ومحل الأخيار (٥).

٢ ـ وروى محمد بن أبي حمزة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من قال في كل يوم من شعبان سبعين مرة :

استغفر الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ، الحي القيوم ، وأتوب إليه.

كتبه الله في الأفق المبين ، قلت : وما الأفق المبين؟ قال : قاع بين يدي العرش فيه انهار تطرد فيه من القدحان عدد النجوم (٦).

__________________

(١) الاستنان بسنته : العمل بشريعته.

(٢) مهيعا : واسعا بينا.

(٣) ألقاه ( خ ل ).

(٤) الكرامة ( خ ل ).

(٥) أورده الشيخ في مصباحه : ٥٧٥ بالاسناد عن محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد السياري ، عن العباس بن مجاهد ، عنه الوسائل ٧ : ٣٦٥.

رواه السيد في الاقبال ٣ : ٢٩٩ بعدة طرق إلى جده الشيخ ، وعن محمد بن علي الطرازي في كتابه.

أخرجه الكفعمي في البلد الأمين : ١٨٦ ، وفي مصباحه : ٥٤٤ مرسلا عنه عليه‌السلام.

(٦) رواه الصدوق في الخصال : ٥٨٢ ، ثواب الأعمال : ١٩٨ ، فضائل الأشهر الثلاثة : ٥٦

٤٠٢

ليلة النصف :

الف ـ أفضل الأعمال فيها زيارة أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما‌السلام.

١ ـ وروى خداش ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من زار قبر الحسين ابن علي عليهما‌السلام ثلاث سنين متواليات لا يفصل بينهن في النصف من شعبان غفرت له ذنوبه البتة (١).

٢ ـ وروى محمد بن مارد القمي قال : قال لنا أبو جعفر عليه‌السلام : من زار قبر الحسين في النصف من شعبان غفرت له ذنوبه ولم يكتب عليه سيئة في سنته حتى يحول عليه الحول ، فان زاره في السنة الثانية غفرت ذنوبه (٢).

__________________

معاني الأخبار : ٢٢ ، باسناده عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن موسى بن جعفر البغدادي ، عن محمد بن جمهور ، عن عبد الله بن عبد الرحمان ، عن ابن أبي حمزة ، عنهم البحار ٥٨ : ٢٩ ، ٩٧ : ٩١ ، الوسائل ١٠ : ٥١٠ ، أخرجه الكفعمي في مصباحه : ٥٤٥ ، البلد الأمين : ١٨٧.

ذكره الشيخ في مصباحه : ٧٦١ عن محمد بن أبي حمزة ، عنه السيد في الاقبال ٣ : ٢٩٥.

أورده السيد في الاقبال ٣ : ٢٩٥ عن محمد بن الحسن الصفار من كتاب فضل الدعاء ، وفيه : ( الحي القيوم الرحمن الرحيم ) ، عنه الوسائل ١٠ : ٥١١.

(١) رواه ابن قولويه في الكامل : ٣٣٤ ، والشيخ في مصباحه : ٧٦١ ، والأمالي ١ : ٤٦ ، عنهم البحار ١٠١ : ٩٤.

(٢) رواه ابن قولويه في الكامل : ٣٣٤ ، والشيخ في مصباحه : ٧٦١ ، والأمالي ١ : ٤٦ ، عنهم البحار ١٠١ : ٩٤ ، الوسائل ١٤ : ٤٦٨.

٤٠٣

٣ ـ وروى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أحب ان يصافحه مائة وعشرون الف نبي فليزر قبر الحسين عليه‌السلام في نصف شعبان ، فان أرواح النبيين تستأذن في زيارته فيؤذن لهم (١).

ب ـ صلاة ليلة النصف من شعبان :

١ ـ روى أبو يحيى الصنعاني عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ، ورواه عنهما ثلاثون رجلا ممن يوثق به ، قالا : إذا كان ليلة النصف من شعبان فصل أربع ركعات ، تقرأ في كل ركعة ( قل هو الله أحد ) مائة مرة ، تنوي أصلي صلاة ليلة النصف من شعبان مندوبا قربة إلى الله تعالى ، كل ركعتين بتسليمة ، فإذا فرغت منهما فقل :

اللهم إني إليك فقير ، ومن عذابك خائف مستجير ، اللهم لا تبدل اسمي ، ولا تغير جسمي ، ولا تجهد بلائي ، ولا تشمت بي أعدائي.

أعوذ بعفوك من عقابك ، وأعوذ برحمتك من عذابك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بك منك جل ثناؤك ، أنت كما أثنيت على نفسك وفوق ما يقول القائلون (٢).

__________________

(١) رواه ابن قولويه في الكامل : ٣٣٣ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٤٨ ، مصباحه : ٧٦١ ، عنهم البحار ١٠١ : ٩٣.

(٢) رواه الكليني في الكافي ٣ : ٤٦٩ باسناده عن علي بن محمد مرفوعا عن الصادق عليه‌السلام ، عنه الشيخ في التهذيب ٣ : ١٨٥ ، أورده المفيد في مسار الشيعة : ٧٥ مرسلا

٤٠٤

٢ ـ صلاة أخرى في هذه الليلة

روى أبو يحيى عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : سئل الباقر عليه‌السلام عن فضل ليلة النصف من شعبان ، فقال : هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر ، فيها يمنح الله العباد فضله ويغفر لهم بمنه ، فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها ، فإنها ليلة آلى الله عزوجل على نفسه لا يرد سائلا فيها ما لم يسأل الله معصية ، فإنها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله سبحانه ، فإنه من سبح الله تعالى فيها مائة مرة وحمده مائة مرة وكبره مائة مرة ، غفر الله له ما سلف من معاصيه ، وقضى له حوائج الدنيا والآخرة ما التمسه ، وما علم حاجته إليه وان لم يلتمسه ، منة وتفضلا على عباده.

قال أبو يحيى : فقلت لسيدنا الصادق عليه‌السلام : أي شئ أفضل الأدعية؟ فقال : إذا أنت صليت عشاء الآخرة فصل ركعتين ، تقرأ في الأولى الحمد مرة وسورة الجحد ، وهي ( قل يا أيها الكافرون ) ، واقرأ في الركعة الثانية الحمد وسورة التوحيد ، وهي ( قل هو الله أحد ).

فإذا أنت سلمت قلت : سبحان الله ـ ثلاثا وثلاثين مرة ، والحمد لله  ـ ثلاثا وثلاثين مرة ، والله أكبر ـ أربعا وثلاثين مرة.

__________________

ذكره الشيخ في مصباحه : ٧٦٢ عن أبي يحيى الصنعاني ، عنه السيد في الاقبال ٣ : ٣١٤ عنهم البحار ٩٧ : ٨٨ ، ٩٨ : ٤٨ ، الوسائل ٨ : ١٠٦.

ذكره السيد في الاقبال ٣ : ٣١٤ عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري مقطوعا.

٤٠٥

ثم قل :

يا من إليه ملجأ العباد في المهمات ، واليه يفزع الخلق في الملمات ، يا عالم الجهر والخفيات ، يا من لا تخفى عليه خواطر الأوهام وتصرف الخطرات ، يا رب الخلائق والبريات ، يا من بيده ملكوت الأرضين والسماوات.

أنت الله لا إله إلا أنت ، أمت إليك بلا اله الا أنت ، فبلا اله الا أنت اجعلني في هذه الليلة ممن نظرت إليه فرحمته ، وسمعت دعاءه فأجبته ، وعلمت استقالته فأقلته ، وتجاوزت عن سالف خطيئته وعظيم جريرته ، فقد استجرت بك من ذنوبي ، ولجأت إليك في ستر عيوبي.

اللهم فجد علي بكرمك وفضلك ، واحطط خطاياي بحلمك وعفوك ، وتغمدني في هذه الليلة بسابغ كرامتك ، واجعلني فيها من أوليائك الذين اجتبيتهم لطاعتك ، واخترتهم لعبادتك ، وجعلتهم خالصتك وصفوتك.

اللهم اجعلني في هذه الليلة ممن سعد جده ، وتوفر من الخيرات حظه ، واجعلني ممن سلم فنعم ، وفاز فغنم ، واكفني شر ما أسلفت ، واعصمني من الازدياد في معصيتك ، وحبب إلي طاعتك ، وما يقربني منك ويزلفني عندك.

سيدي إليك يلجأ الهارب ، ومنك يلتمس الطالب ، وعلى كرمك يعول المستقيل التائب ، أدبت عبادك بالتكرم وأنت أكرم الأكرمين ،

٤٠٦

وأمرت بالعفو عبادك وأنت الغفور الرحيم

اللهم فلا تحرمني ما رجوت من كرمك ، ولا تؤيسني من سابغ نعمك ، ولا تخيبني من جزيل قسمك في هذه الليلة لأهل طاعتك ، واجعلني في جنة من شرار بريتك.

رب ان لم أكن من أهل ذلك فأنت أهل الكرم والعفو والمغفرة ، وجد علي بما أنت أهله لا بما استحقه ، فقد حسن ظني بك ، وتحقق رجائي لك ، وعلقت نفسي بكرمك ، وأنت ارحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

اللهم واخصصني من كرمك بجزيل قسمك ، وأعوذ بعفوك من عقوبتك ، واغفر لي الذنب الذي يحبس عني (١) الخلق ، ويضيق علي الرزق ، حتى أقوم بصالح رضاك ، وانعم بجزيل عطائك ، واسعد بسابغ نعمائك.

فقد لذت بحرمك ، وتعرضت لكرمك ، واستعذت بعفوك من عقوبتك ، وبحلمك من غضبك ، فجد بما سألتك ، وأنل ما التمست منك ، أسألك بك لا بشئ هو أعظم منك.

ثم تسجد وتقول عشرين مرة يا رب ، يا الله ـ سبع مرات ، لا حول ولا قوة الا بالله ـ سبع مرات ، ما شاء الله ـ عشر مرات ، لا قوة الا بالله ـ عشر مرات.

__________________

(١) علي ( خ ل ).

٤٠٧

ثم تصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتسال الله حاجتك ، فوالله لو سألت بها بعدد القطر لبلغك الله عزوجل إياها بكرمه وفضله (١).

وتقول :

الهي تعرض لك في هذا الليل المتعرضون ، وقصدك القاصدون ، وأمل فضلك ومعروفك الطالبون ، ولك في هذا الليل نفحات وجوائز وعطايا ومواهب ، تمن بها على من تشاء من عبادك ، وتمنعها من لم تسبق له العناية منك ، وها انا ذا عبيدك الفقير إليك ، المؤمل فضلك ومعروفك.

فان كنت يا مولاي تفضلت في هذه الليلة على أحد من خلقك ، وعدت عليه بعائدة من عطفك ، فصل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ، الخيرين الفاضلين ، وجد علي بطولك ومعروفك يا رب العالمين ، وصلى الله على محمد خاتم النبيين وآله الطاهرين وسلم تسليما ، ان الله حميد مجيد.

__________________

(١) رواه الشيخ في مصباحه : ٧٦٣ باسناده عن أبي يحيى ، عنه السيد في الاقبال ٣ : ٣١٥ ، عنه البحار ٩٨ : ٤٠٨.

ذكره الشيخ في أماليه ١ : ٣٠٢ باسناده عن الفحام ، عن صفوان بن حمدون الهروي ، عن أحمد بن محمد السري ، عن أحمد بن محمد بن عبد الرحمان ، عن الحسين بن عبد الرحمان بن محمد الأزدي ، عن أبيه وعمه عبد العزيز بن محمد ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي يحيى ، عنه البحار ٩٧ : ٨٦.

أخرجه الكفعمي في مصباحه : ٥٤١ ، البلد الأمين : ١٧٤.

٤٠٨

اللهم إني أدعوك كما أمرت فاستجب لي كما وعدت انك لا تخلف الميعاد (١).

٣ ـ صلاة أخرى في هذه الليلة :

روى محمد بن صدقة العنبري قال : حدثنا موسى بن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : الصلاة ليلة النصف من شعبان أربع ركعات ، تقرأ في كل ركعة الحمد مرة و ( قل هو الله أحد ) مائتين وخمسين مرة ، ثم تجلس وتتشهد وتسلم.

وتدعو بعد التسليم وتقول :

اللهم إني إليك فقير ، ومن عذابك خائف ، وبك مستجير ، رب لا تبدل اسمي ، رب لا تغير جسمي ، رب لا تجهد بلائي.

اللهم إني أعوذ بعفوك من عقوبتك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ برحمتك من عقابك ، وأعوذ بك منك لا إله إلا أنت ، جل ثناؤك ، ولا احصي مدحتك ولا الثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك وفوق ما يقول القائلون ، أنت صل على محمد وال محمد وافعل بي كذا وكذا.

وسل حاجتك إن شاء الله (٢).

٤ ـ صلاة أخرى في هذه الليلة :

__________________

(١) رواه الشيخ في مصباحه : ٧٦٣ مرسلا ، عنه السيد في الاقبال ٣ : ٣١٨ ، عنه البحار ٩٧ : ٨٨ و ٩٨ : ٤١١.

(٢) رواه الشيخ في مصباحه : ٧٦٩ باسناده عن محمد بن صدقة العنبري ، عن الكاظم ، عن أبيه عليهما‌السلام

٤٠٩

روى علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه قال : سألت أبا الحسن علي ابن موسى الرضا عليهما‌السلام عن ليلة النصف من شعبان قال : هي ليلة يعتق الله فيها الرقاب من النار ويغفر فيها الذنوب الكبار ، قلت : فهل فيها صلاة زيادة على سائر الليالي؟ قال : ليس فيها شئ موظف ، ولكن ان أحببت ان تتطوع فيها بشئ فعليك بصلاة جعفر بن أبي طالب عليه‌السلام ، وأكثر فيها من ذكر الله تعالى ومن الاستغفار والدعاء ، فان أبي عليه‌السلام كان يقول : الدعاء فيها مستجاب ، قلت : ان الناس يقولون : انها ليلة الصكاك ، فقال : تلك ليلة القدر في شهر رمضان (١).

وقد روي صلوات اخر ذكرت في المصباح لا نطول بذكره هاهنا.

ج ـ وفي هذه الليلة ولد الحجة الصالح صاحب الزمان عليه‌السلام ، ويستحب ان يدعى فيها بهذا الدعاء :

اللهم بحق ليلتنا ومولودها ، وحجتك وموعودها التي قرنت إلى فضلها فضلا ، فتمت كلمتك صدقا وعدلا ، لا مبدل لكلماتك ولا معقب لآياتك ، نورك المتألق ، وضياؤك المشرق ، والعلم النور في طخياء الديجور ، الغائب المستور ، جل مولده ، وكرم محتده ، والملائكة شهده ، والله ناصره ومؤيده إذا آن ميعاده ، والملائكة أمداده.

__________________

(١) رواه الصدوق في العيون ١ : ٢٩٢ ، الأمالي : ٣٢ ، فضائل الأشهر الثلاثة : ٤٥ ، عنهم الوسائل ٨ : ٦٠.

٤١٠

سيف الله الذي لا ينبو ، ونوره الذي لا يخبو ، وذو الحلم الذي لا يصبو ، مدار الدهر ، ونواميس العصر ، وولاة الامر ، والمنزل عليهم ما يتنزل في ليلة القدر ، وأصحاب الحشر والنشر ، تراجمة وحيه وولاة امره ونهيه.

اللهم فصل على خاتمهم وقائمهم ، المستور عن عوالمهم ، وأدرك بنا أيامه ، وظهوره وقيامه ، واجعلنا من أنصاره ، واقرن ثارنا بثاره ، واكتبنا في أعوانه وخلصائه ، وأحينا في دولته ناعمين ، وبصحبته غانمين ، وبحقه قائمين ، ومن السوء سالمين ، يا ارحم الراحمين ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد خاتم النبيين والمرسلين ، وعلى أهل بيته الصادقين وعترته الناطقين ، والعن جميع الظالمين ، واحكم بيننا وبينهم يا احكم الحاكمين (١).

د ـ وروى إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال : علمني أبو عبد الله عليه‌السلام دعاء ادعو به ليلة النصف من شعبان وهو :

اللهم أنت الحي القيوم ، العلي العظيم ، الخالق الرازق ، المحيي المميت ، البدئ البديع ، لك الجلال ولك الفضل ، ولك الحمد ولك المن ، ولك الجود ولك الكرم ، ولك المجد ، ولك الامر ولك الشكر ، وحدك لا شريك لك.

يا واحد يا أحد يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا

__________________

(١) رواه السيد في الاقبال ٣ : ٣٣٠.

٤١١

أحد ، صل على محمد وال محمد واغفر لي وارحمني ، وكفني ما أهمني ، واقض ديني ، ووسع علي في رزقي ، فإنك في هذه الليلة كل أمر حكيم تفرق ، ومن تشاء من خلقك ترزق ، فارزقني وأنت خير الرازقين.

فإنك قلت وأنت خير القائلين الناطقين : ( واسألوا الله من فضله ) (١) ، فمن فضلك اسال ، وإياك قصدت ، وابن نبيك اعتمدت ، ولك رجوت ، فارحمني يا ارحم الراحمين (٢).

ه ـ دعاء آخر ليلة شعبان :

روى الحارث بن المغيرة النصري قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام يقول في آخر ليلة من شعبان وأول ليلة من شهر رمضان :

اللهم ان هذا الشهر المبارك الذي انزل فيه القران ، وجعل هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان قد حضر ، فسلمنا فيه ، وسلمه لنا ، وتسلمه منا ، في يسر منك وعافية ، يا من اخذ القليل وشكر الكثير اقبل مني اليسير.

اللهم إني أسألك ان تجعل لي إلى كل خير سبيلا ، ومن كل ما

__________________

(١) النساء : ٣٢.

(٢) رواه الشيخ في مصباحه : ٧٧٤ باسناده عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي.

أورده الكفعمي في البلد الأمين : ١٨٧.

٤١٢

لا تحب مانعا ، يا ارحم الراحمين ، يا من عفى عني وعما خلوت به من السيئات ، يا من لم يؤاخذني بارتكاب المعاصي ، عفوك عفوك عفوك ، يا كريم ، الهي وعظتني فلم اتعظ ، وزجرتني عن محارمك فلم انزجر ، فما عذري فاعف عني يا كريم ، عفوك عفوك.

اللهم إني أسألك الراحة عند الموت ، والعفو عند الحساب ، عظم الذنب من عبدك فليحسن التجاوز من عندك ، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة ، عفوك عفوك.

اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، ضعيف فقير إلى رحمتك ، وأنت منزل الغنى والبركة على العباد ، قاهر مقتدر ، أحصيت أعمالهم ، وقسمت ارزاقهم ، وجعلتهم مختلفة ألسنتهم وألوانهم خلقا من بعد خلق.

اللهم لا يعلم العباد علمك ، ولا يقدر العباد قدرك ، وكلنا فقير إلى رحمتك ، فلا تصرف عني وجهك ، واجعلني من صالحي خلقك في العمل والأمل ، والقضاء والقدر.

اللهم أبقني خير البقاء ، وأفنني خير الفناء ، على موالاة أوليائك ومعاداة أعدائك ، والرغبة إليك ، والرهبة منك ، والخشوع والوفاء والتسليم لك ، والتصديق بكتابك ، واتباع سنة رسولك.

اللهم ما كان في قلبي من شك أو ريبة ، أو جحود أو قنوط ، أو فرح أو بذخ ، أو بطر أو خيلاء ، أو رياء أو سمعة ، أو شقاق أو نفاق ، أو كفر

٤١٣

أو فسوق ، أو عصيان أو عظمة ، أو شئ لا تحب ، فأسألك يا رب ان تبدلني مكانه ايمانا بوعدك ، ووفاء بعهدك ، ورضا بقضائك ، وزهدا في الدنيا ، ورغبة فيما عندك ، وأثرة وطمأنينة ، وتوبة نصوحا ، أسألك ذلك يا رب العالمين.

الهي أنت من حلمك تعصى ، ومن كرمك وجودك تطاع ، فكأنك لم تعص ، وانا ومن لم يعصك سكان ارضك ، فكن علينا بالفضل جوادا ، وبالخير عوادا ، يا ارحم الراحمين ، وصلى الله على محمد واله ، صلاة دائمة لا تحصى ولا تعد ، ولا يقدر قدرها غيرك ، يا ارحم الراحمين (١).

١ ـ زيارة للحسين بن علي عليهما‌السلام أيضا مختصرة ، يزار بها في ليلة القدر وفي العيدين.

وبالاسناد عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : إذا أردت زيارة أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام فليأت مشهده بعد أن تغتسل وتلبس أطهر ثيابك ، فإذا وقفت على قبره فاستقبله بوجهك واجعل القبلة بين كتفيك وقل :

السلام عليك يا ابن رسول الله ، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين ،

__________________

(١) رواه الشيخ في مصباحه : ٧٨١ باسناده عن الحارث بن المغيرة النضري.

أورده السيد في الاقبال ١ : ٤٣ عن عدة طرق عن الصادق عليه‌السلام.

ذكره الكفعمي في البلد الأمين : ١٩٢.

٤١٤

السلام عليك يا ابن الصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين ، السلام عليك يا مولاي ، يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته.

اشهد أنك قد أقمت الصلاة ، واتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ، ونهيت عن المنكر ، وتلوت الكتاب حق تلاوته ، وجاهدت في الله حق جهاده ، وصبرت على الأذى في جنبه محتسبا حتى أتاك اليقين.

واشهد ان الذين خالفوك وحاربوك ، وان الذين خذلوك ، والذين قتلوك ملعونون على لسان النبي الأمي ، وقد خاب من افترى ، لعن الله الظالمين لكم من الأولين والآخرين ، وضاعف عليهم العذاب الأليم.

اتيتك يا مولاي يا ابن رسول الله ، زائرا عارفا بحقك ، مواليا لأوليائك ، معاديا لأعدائك ، مستبصرا بالهدى الذي أنت عليه ، عارفا بضلالة من خالفك ، فاشفع لي عند ربك.

ثم تنكب على القبر وتضع خدك عليه وتتحول إلى عند الرأس وتقول :

السلام عليك يا حجة الله في ارضه وسمائه ، صلى الله على روحك الطيبة وجسدك الطاهر ، وعليك السلام يا مولاي ورحمة الله وبركاته.

ثم تنكب على القبر وتقبله وتضع خدك عليه وتنحرف إلى عند الرأس فتصلي ركعتين للزيارة وتصلي بعدهما ما تيسر ، ثم تتحول إلى عند الرأس وتزور علي بن الحسين عليهما‌السلام فتقول :

٤١٥

السلام عليك يا مولاي وابن مولاي ورحمة الله وبركاته ، لعن الله من ظلمك ، ولعن من قتلك ، وضاعف عليهم العذاب الأليم.

وتدعو بما تريد.

وتزور الشهداء منحرفا من عند الرجلين إلى القبلة فتقول :

السلام عليكم أيها الصديقون ، السلام عليكم أيها الشهداء الصابرون ، اشهد انكم جاهدتم في سبيل الله ، وصبرتم على الأذى في جنب الله ، ونصحتم لله ولرسوله حتى اتاكم اليقين.

اشهد انكم احياء عند ربكم ترزقون ، فجزاكم الله عن الاسلام وأهله أفضل جزاء المحسنين ، وجمع الله بيننا وبينكم في محل النعيم.

ثم تمضي إلى مشهد العباس ابن أمير المؤمنين عليهما‌السلام ، فإذا وقفت عليه فقل :

السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين ، السلام عليك أيها العبد الصالح ، المطيع لله ولرسوله ، اشهد انك قد جاهدت ونصحت وصبرت حتى أتاك اليقين ، لعن الله الظالمين لكم من الأولين والآخرين والحقهم بدرك الجحيم.

ثم يصلي في مسجده تطوعا ما أراد وينصرف (١).

__________________

(١) عنه البحار ١٠١ : ٣٥١.

أورده الشهيد في مزاره : ١٦٧ ، والسيد في مصباح الزائر : ١٧١ مقطوعا.

ذكره الشهيد والسيد وابن المشهدي بعنوان زيارته في ليلة القدر والعيدين ، وقال السيد

٤١٦

٢ ـ زيارة أخرى لأبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه يزار بها أيضا في العيدين.

إذا أردت زيارته عليه‌السلام فصم ثلاثة أيام ، واغتسل في اليوم الثالث ، واجمع أهلك إليك وولدك وقل :

اللهم إني استودعك اليوم نفسي وأهلي ومالي وولدي ، وكل من كان مني بسبيل ، الشاهد منهم والغائب ، اللهم احفظنا بحفظ الايمان واحفظ علينا.

اللهم اجعلنا في حرزك ، ولا تسلبنا نعمتك ، ولا تغير ما بنا من نعمة وعافية ، وزدنا من فضلك انا إليك راغبون.

واخرج من منزلك خاشعا ، وأكثر من التهليل والتكبير والتحميد والتمجيد والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وامض وعليك السكينة والوقار.

وروي ان الله تعالى يخلق من عرق زوار قبر الحسين ، من كل عرقة سبعين الف ملك يسبحون الله ويستغفرون له ولزوار الحسين إلى أن تقوم الساعة.

فإذا لاحت لك القبة السامية فقل :

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ، الله خير اما يشركون ،

__________________

بأنها مختصة بليلة القدر ويزار بها في العيدين ، اما لا يظهر من الرواية اختصاصها بهما والظاهر أنها من الزيارات المطلقة ولا اختصاص لها بالأزمان ، والله العالم.

٤١٧

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ، وسلام على آل يس ، انا كذلك نجزي المحسنين ، وسلام على الطيبين الطاهرين ، الأوصياء الصادقين ، القائمين بأمر الله وحجته ، الساعين إلى سبيل الله ، المجاهدين في الله حق جهاده ، الناصحين لجميع عباده ، المستخلفين في بلاده ، المرشدين إلى هدايته وارشاده.

فإذا أشرفت على قنطرة العلقمي فقل :

اللهم إليك قصد القاصدون ، وفي فضلك طمع الراغبون ، وبك اعتصم المعتصمون ، وعليك توكل المتوكلون ، وقد قصدتك وافدا ، وفي رحمتك طامعا ، ولعزتك خاضعا ، ولولاة امرك طائعا ، ولأمرهم متابعا.

اللهم ثبتني على محبة أوليائك ، ولا تقطع أثري عن زيارتهم ، واحشرني في زمرتهم ، وادخلني الجنة بشفاعتهم.

فإذا اتيت الفرات فكبر الله مائة تكبيرة ، وهلله مائة تهليلة ، وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مائة مرة ثم قل :

اللهم أنت خير من وفد إليه الرجال ، وشدت إليه الرحال ، وأنت سيدي أكرم مزور وأفضل مقصود ، وقد جعلت لكل زائر كرامة ولكل وافد تحفة.

فاسالك ان تجعل تحفتك إياي فكاك رقبتي من النار ، واشكر سعيي ، وارحم مسيري إليك من أهلي ، بغير من مني عليك بل لك المن

٤١٨

علي ، إذ جعلت لي السبيل إلى زيارة ابن نبيك ، وعرفتني فضله وحفظتني بالليل والنهار حتى بلغتني هذا المكان ، وقد رجوتك فلا تقطع رجائي ، وقد أملتك فلا تخيب املي ، واجعل مسيري هذا كفارة لذنوبي يا رب العالمين.

فأنزل فاغتسل وقل في غسلك :

بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة الا بالله ، وعلى ملة رسول الله والصادقين عن الله جل وعز ، اللهم طهر قلبي ، واشرح به صدري ، ونور به قلبي ، ويسر به أمري.

اللهم اجعله لي نورا وطهورا ، وشفاء من كل داء وآفة وعاهة وسوء ما أخاف واحذر ، اللهم اجعل لي شاهدا يوم حاجتي وفقري وفاقتي إليك يا رب العالمين ، انك على كل شئ قدير.

باب الصلاة في مشرعة الصادق عليه‌السلام (١) :

فإذا فرغت من غسلك فالبس ثوبين طاهرين وصل ركعتين خارج المشرعة ، وهو المكان الذي قال الله جل وعز : ( وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان

__________________

(١) الشرعة ـ بالكسر ـ والمشرعة مورد الشاربة من النهر ، والآن النهر العلقمي مطموس وشرعة الصادق عليه‌السلام غير معلوم ، لكن ينسب إليه عليه‌السلام وضع في تلك الجهة ، فلعله هي.

٤١٩

يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل ) (١)

تقرأ في الأولى فاتحة الكتاب و ( قل يا أيها الكافرون ) ، وفي الثانية فاتحة الكتاب و ( قل هو الله أحد ).

فإذا سلمت فسبح ثم قل :

الحمد لله الواحد المتوحد في الأمور كلها ، الرحمن الرحيم ، الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، لقد جاءت رسل ربنا بالحق.

اللهم لك الحمد حمدا كثيرا ابدا لا ينقطع ولا يفنى ، حمدا يصعد أوله ولا ينفد آخره ، حمدا يزيد ولا يبيد ، وصلى الله على محمد البشير النذير ، وعلى آله الأخيار الأبرار وسلم تسليما.

فإذا توجهت إلى الحائر على ساكنه السلام فقل :

اللهم إليك توجهت ، ولبابك قرعت ، وبفنائك نزلت ، وبحبلك اعتصمت ، ولرحمتك تعرضت ، وبوليك توسلت ، فصل على محمد واله واجعل زيارتي مبرورة ودعائي مقبولا.

ثم امش وقصر خطاك ، وعليك السكينة والوقار والخشوع ، والتكبير والتهليل والتحميد والتمجيد ، والثناء على الله جل وعز ، والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والبراءة ممن أسس الجور والظلم عليهم ، ودفعهم عن مقاماتهم وأزالهم عن مراتبهم ، ومن نصب لهم حربا وجحدهم حقاً.

__________________

(١) الرعد : ٤.

٤٢٠