المزار الكبير

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي

المزار الكبير

المؤلف:

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: نشر القيوم
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: ٧٠٤

الباب (١٣)

فضل طين قبر الحسين صلوات الله عليه ومقدار ما يؤخذ من تربته

وما يقال عند اخذها ويصنع ، وفضل السبحة منها والتسبيح بها

وما يقال عند اكلها

١ ـ وبالاسناد عن أبي جعفر بن بابويه وأبي القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه رضي‌الله‌عنهما ، عن أبويهما ، قالا جميعا : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن أبيه ، عن محمد بن سليمان البصري ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : في طين قبر الحسين عليه‌السلام الشفاء من كل داء وهو الدواء الأكبر (١).

٢ ـ وقال عليه‌السلام : لو أن مريضا من المؤمنين يعرف حق أبي عبد الله عليه‌السلام وحرمته وولايته اخذ له من طين قبر الحسين عليه‌السلام مثل رأس أنملة كان له دواء (٢).

٣ ـ وقال عليه‌السلام : طين قبر الحسين عليه‌السلام فيه شفاء وان اخذ على رأس ميل (٣).

٤ ـ وقال عليه‌السلام : من اصابته علة فبدأ بطين قبر الحسين عليه‌السلام شفاه

__________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ٦ : ٧٤ ، عنه البحار ١٠١ : ١٢٣.

(٢) رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٦٥ و ٤٦٧ ، عنه البحار ١٠١ : ١٢٢ و ١٢٥ ، الوسائل ١٤ : ٥٣٠.

(٣) رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٦٢ ، والشيخ في مصباحه : ٦٧٤ ، عنه البحار ١٠١ : ١٢٤ ، الوسائل ١٤ : ٥١٣.

٣٦١

الله من تلك العلة الا أن تكون علة السام (١). (٢)

٥ ـ وبالاسناد قال : حدثني محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم ، عن الحسين بن أبي العلاء ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : حنكوا أولادكم بتربة الحسين صلوات الله عليه ، فإنها أمان (٣).

٦ ـ وبالاسناد قال : حدثني أبي وجماعة مشايخي رحمهم‌الله ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عيسى ، عن رجل قال : بعث إلي الرضا عليه‌السلام من خراسان بثياب رزم (٤) وكان بين ذلك طين ، فقلت للرسول : ما هذا ، فقال : طين قبر الحسين عليه‌السلام ما يكاد يوجد شيئا من الثياب ولا غيره الا ويجعل فيه الطين ، وكان يقول : هو أمان بإذن الله (٥).

٧ ـ وبالاسناد قال : حدثني أبي ومحمد بن الحسن وعلي بن الحسين رحمهم‌الله ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن رزق الله بن العلاء ، عن سليمان بن عمرو السراج ، عن بعض أصحابنا ، عن

__________________

(١) السام : الموت.

(٢) رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٦٢ ، عنه وعن فقه الرضا عليه‌السلام ، البحار ١٠١ : ١٢٤ و ١٣١ ، الوسائل ١٤ : ٥٢٦.

(٣) رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٦٦ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٧٤ ، عنه البحار ١٠١ : ١٢٤ ، الوسائل ١٤ : ٥٢٤.

(٤) رزم الثياب جمعها وشدها في ثوب.

(٥) رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٦٧ ، والشيخ في التهذيب ٨ : ٤٠ ، الاستبصار ٣ : ٢٧٩ ، عنهم البحار ١٠١ : ١٢٤ ، الوسائل ١٤ : ٥٢٤.

٣٦٢

أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يؤخذ طين قبر الحسين صلوات الله عليه من عند القبر على قدر سبعين ذراعا (١).

٨ ـ وبالاسناد قال : حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يعقوب ، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : ان الله تبارك وتعالى خلق آدم من الطين فحرم الطين على ولده ، قال : قلت : فما تقول في طين قبر الحسين عليه‌السلام ، قال : يحرم على الناس اكل لحومهم ويحل لهم اكل لحومنا ، ولكن الشئ اليسير منه مثل الحمصة (٢).

٩ ـ وبالاسناد قال : ان رجلا سأل الصادق عليه‌السلام فقال : اني سمعتك تقول : ان تربة الحسين عليه‌السلام من الأدوية المفردة ، وانها لا تمر بداء الا هضمته ، فقال : قد كان ذلك أو قد قلت ذلك فما بالك؟ قال : اني تناولتها فما انتفعت بها ، فقال : أما ان لها دعاء فمن تناولها ولم يدع به واستعملها لم يكد ينتفع بها ، قال : فقال له : ما أقول إذا تناولت التربة؟ فقال :

قبلها قبل كل شئ وضعها على عينيك ، ولا تناول منها أكثر من حمصة ، فإذا تناولت ، فقل :

اللهم إني أسألك بحق الملك الذي قبضها ، واسالك بحق النبي

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٨٨ ، وابن قولويه في الكامل : ٤٦٩ و ٤٧١ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٧٤ ، والسيد في مصباح الزائر : ١٣٦ ، عنهم البحار ١٠١ : ١٣٠ ، الوسائل ١٤ : ٥١١.

(٢) رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٧٨ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٧٤ ، والسيد في مصباح الزائر : ١٣٦ ، عنهم البحار ١٠١ : ١٣٠ ، الوسائل ١٤ : ٥٢٨.

٣٦٣

الذي خزنها ، واسالك بحق الوصي الذي حل فيها ان تصلي على محمد وال محمد وان تجعله شفاء من كل داء ، وأمانا من كل خوف ، وحفظا من كل سوء.

فإذا فعلت ذلك إن شاء الله فاشددها في شئ ، واقرأ عليها : ( انا أنزلناه في ليلة القدر ) ، فان الدعاء الذي تقدم لاخذها في الاستيذان لاخذها ، وقراءة ( انا أنزلناه ) ختمها ، فإذا أردت اكلها فقل :

بسم الله وبالله ، اللهم اجعله رزقا واسعا ، وعلما نافعا ، وشفاء من كل داء ، انك على كل شئ قدير (١).

١٠ ـ وبالاسناد عن جابر بن يزيد الجعفي قال : دخلت على مولانا أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام فشكوت إليه علتين متضادتين بي ، إذا داويت أحدهما انتقضت الأخرى ، وكان بي وجع الظهر ووجع الجوف ، فقال لي : عليك بتربة الحسين بن علي عليهما‌السلام ، فقلت : كثيرا ما استعملتها ولا تنجح في.

قال جابر : فتبينت في وجه سيدي ومولاي الغضب ، فقلت : يا مولاي أعوذ بالله من سخطك ، وقام فدخل الدار وهو مغضب ، فاتى

__________________

(١) رواه الشيخ في مصباحه : ٦٧٦ ، مرسلا عن الصادق عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠١ : ١٣٥ ، الوسائل ١٦ : ٣٩٧.

أورده المفيد في مزاره : ١٣٠ عنه عليه‌السلام ، ذكره السيد في مصباح الزائر : ١٣٦ عنه عليه‌السلام.

ذكره الراوندي في دعواته : ١٨٦ ، والكفعمي في مصباحه : ٥٠٨ مرسلا عنه عليه‌السلام.

أورده الطبرسي في مكارم الأخلاق ١ : ٣٦٠ ، الرقم : ١١٨٠ مرسلا عنه عليه‌السلام

٣٦٤

بوزن حبة في كفه فناولني إياها ، ثم قال لي : استعمل هذه يا جابر ، فاستعملتها فعوفيت لوقتي ، فقلت : يا مولاي ما هذه التي استعملتها فعوفيت لوقتي ، فقال : هذه التي ذكرت انها لم تنجح فيك شيئا ، فقلت : والله يا مولاي ما كذبت فيها ولكن قلت لعل عندك علما فأتعلمه منك فيكون أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ، فقال لي :

إذا أردت ان تأخذ من التربة ، فتعمد لها آخر الليل ، واغتسل لها بماء القراح (١) والبس أطهر اطمارك ، (٢) وتطيب بسعد (٣) ، وادخل فقف عند الرأس ، فصل أربع ركعات ، تقرأ في الأولى الحمد واحدى عشرة مرة ( قل يا أيها الكافرون ) ، وفي الثانية الحمد مرة واحدى عشرة مرة ( انا أنزلناه في ليلة القدر ) ، وتقنت فتقول في قنوتك :

لا إله إلا الله حقا حقا ، لا إله إلا الله عبودية ورقا ، لا إله إلا الله وحده وحده ، انجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، سبحان الله مالك السماوات وما فيهن وما بينهن ، سبحان الله ذي العرش العظيم والحمد لله رب العالمين.

ثم تركع وتسجد وتصلي ركعتين أخراوين ، تقرأ في الأولى الحمد واحدى عشر مرة ( قل هو الله أحد ) وفي الثانية الحمد واحدى عشرة

__________________

(١) الماء القراح : الماء الذي لا يخالطه شئ.

(٢) الطمر جمع اطمار : الثوب البالي.

(٣) السعد : نبت له أصل تحت الأرض ، يستعمل في الطيب والأدوية.

٣٦٥

مرة ( إذا جاء نصر الله والفتح ) ، وتقنت كما قنت في الأوليين ، ثم تسجد سجدة الشكر وتقول الف مرة : شكرا ، ثم تقوم وتتعلق بالتربة وتقول :

يا مولاي يا بن رسول الله اني اخذ من تربتك باذنك ، اللهم فاجعلها شفاء من كل داء ، وعزا من كل ذل ، وامنا من كل خوف ، وغنى من كل فقر ، لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات.

وتأخذ بثلاث أصابع ثلاث مرات ، وتدعها في خرقة نظيفة أو قارورة زجاج ، وتختمها بخاتم عقيق ، عليه :

ما شاء الله ، لا قوة الا بالله ، استغفر الله.

فإذا علم الله منك صدق النية لم يصعد معك في الثلاث قبضات الا سبعة مثاقيل وترفعها لكل علة ، فإنها تكون مثل ما رأيت (١).

١١ ـ وبالاسناد عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : ان فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليهما

__________________

(١) عنه البحار ١٠١ : ١٣٨ ، المستدرك ١٠ : ٣٢٨.

أورده السيد ولي الله في مجمع البحرين في مناقب السمطين مع اختلاف ، عنه المستدرك ١٠ : ٣٣٩ ، البحار ١٠١ : ١٣٩.

قال في البحار ١٠١ : ١٣٩ : ( وجدت تلك الرواية عن جابر رضي الله عليه نقلا عن خط ابن سكون قدس‌سره ).

رواه ابن قولويه في الكامل : ٤٦٩ ، باسناده عن حكيم بن داود ، عن سلمة ، عن علي بن الريان ، عن الحسين بن أسد ، عن أحمد بن مصقلة ، عن عمه أبي جعفر الموصلي ، عن الباقر عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠١ : ١٢٧ ، المستدرك ١٠ : ٣٣٩.

أورده في مصباح الزائر : ١٣٦ مرسلا ، عنه البحار ١٠١ : ١٣٧.

٣٦٦

كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات ، وكانت عليها‌السلام تديرها بيدها ، تكبر وتسبح ، حتى قتل حمزة بن عبد المطلب عليه‌السلام فاستعملت تربته وعملت التسابيح فاستعملها الناس ، فلما قتل الحسين صلوات الله عليه وجدد على قاتله العذاب ، عدل بالامر إليه ، فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزية (١).

١٢ ـ وروي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : من أدار الحجير من تربة الحسين عليه‌السلام فاستغفر به مرة واحدة كتبت له بالواحدة سبعون مرة ، ومن أمسك السبحة بيده ولم يسبح بها ففي كل حبة منها سبعة مرات (٢).

١٣ ـ وروى أبو القاسم محمد بن علي ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : من أدار الطين من التربة فقال :

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.

مع كل حبة منها كتب الله له بها ستة آلاف حسنة ، ومحا عنه ستة آلاف سيئة ، ورفع له ستة آلاف درجة ، وأثبت له من الشفاعة مثلها (٣).

١٤ ـ وفي كتاب الحسن بن محبوب : ان أبا عبد الله عليه‌السلام سئل عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة وقبر الحسين عليهما‌السلام والتفاضل بينهما ، فقال عليه‌السلام : السبحة التي هي من طين قبر الحسين عليه‌السلام تسبح بيد

__________________

(١) عنه البحار ١٠١ : ١٣٣.

(٢) رواه الشيخ في مصباحه : ٥١٢ ، عنه البحار ١٠١ : ١٣٦.

(٣) عنه البحار ١٠١ : ١٣٣ ، المستدرك ٤ : ١٣ و ١٠ : ٣٤٤.

ذكره المفيد في مزاره : ١٣٢ عن أبي القاسم محمد بن علي.

٣٦٧

الرجل من غير أن يسبح (١).

١٥ ـ قال : وقال : رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام وفي يده السبحة منها ، وقيل له في ذلك (٢) ، فقال : اما انها أعود علي ، أو قال : أخف علي (٣).

١٦ ـ وروي ان الحور العين إذا بصرت بواحد من الاملاك يهبط إلى الأرض لأمر ما يهدين منه السبح والتربة من طين قبر الحسين عليه‌السلام (٤).

١٧ ـ وروي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : السبح الرزق في أيدي شيعتنا مثل الخيوط الزرق في أكسية بني إسرائيل ، ان الله عزوجل أوحى إلى موسى عليه‌السلام ان مر بني إسرائيل ان يجعلوا في أربعة جوانب أكسيتهم الخيوط الزرق ويذكرون بها اله السماء (٥).

١٨ ـ وروى عبيد الله بن علي الحلبي ، عن أبي الحسن موسى صلوات الله عليه أنه قال : لا يخلو المؤمن من خمسة : سواك ، ومشط ، وسجادة ، وسبحة فيها أربع وثلاثون حبة ، وخاتم عقيق (٦).

__________________

(١) عنه البحار ١٠١ : ١٣٣.

(٢) اي سئل لم اختار طين قبر الحسين عليه‌السلام على طين قبر حمزة ، فأجاب بكونها أعود من العادة أو العود مع فقده ، أو كونها أخف تقية ـ البحار.

(٣) عنه البحار ١٠١ : ١٣٣.

(٤) عنه البحار ١٠١ : ١٣٤.

(٥) عنه البحار ١٠١ : ١٣٤ ، قائلا : الظاهر كون حبات السبح زرقا ، ويحتمل أن يكون المراد كون خيطها كذلك كما قيل.

(٦) رواه الشيخ في مصباحه : ٥١١ ، عنه البحار ١٠١ : ١٣٦.

٣٦٨

الباب (١٤)

التوجه إلى مشهد أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه وشرائطه

فإذا خرجت من الكوفة أو غيرها متوجها نحو مشهد الحسين بن علي صلوات الله عليه ، أو من منزلك ، أو من حيث توجهت ، فكن على السنن الذي قدمنا وصفه ، من الصمت الا من ذكر الله تعالى وما يتعلق به من الكلام المحمود ، واهجر اللهو واللعب ، واجتنب الملذ من الطعام والشراب ، واقتصر على المقيم للرمق مما عداه.

١ ـ فقد روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : إذا زرت الحسين عليه‌السلام فزره وأنت حزين مكروب ، شعث مغبر ، جائع عطشان ، فان الحسين صلوات الله عليه قتل حزينا مكروبا ، شعثا مغبرا عطشان ، واسأله الحوائج وانصرف عنه ، ولا تتخذه وطنا (١).

٢ ـ وروي عنه عليه‌السلام أنه قال : بلغني ان قوما زاروا الحسين عليه‌السلام فحملوا معهم السفر فيها الحداء والأحبصة وأشباهه ، ولو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا (٢).

٣ ـ وروي عنه عليه‌السلام أنه قال : تزورون خير من أن لا تزورون ولا تزورون خير من أن تزوروا ، فقال له المفضل بن عمر رحمة الله عليه

__________________

(١) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : ٨٠ ، وابن قولويه في الكامل : ٢٥٢ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٧٦ ، عنهم البحار ١٠١ : ١٤٠.

(٢) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : ٨٠ ، وابن قولويه في الكامل : ٢٥٠ ، عنهما البحار ١٠١ : ١٤١.

٣٦٩

قطعت ظهري ، فقال تالله ان أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيبا حزينا وتأتونه أنتم بالسفر ، كلا حتى تأتونه شعثا غبرا (١).

الباب (١٥)

ورود كربلاء وموضع النزول منها والغسل

فإذا وردت إن شاء الله ارض كربلاء فأنزل منها بشاطئ العلقمي ، ثم اخلع ثياب سفرك ، واغتسل منه غسل الزيارة مندوبا ، وصف هذه النية لهذا الغسل بقلبك : اغتسل غسل زيارة الحسين عليه‌السلام مندوبا قربة إلى الله ، وتكون النية مقارنة للفعل ، وقل وأنت تغتسل :

بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، اللهم صل على محمد وال محمد وطهر قلبي ، وزك عملي ، ونور بصري ، واجعل غسلي هذا طهورا وحرزا ، وشفاء من كل داء وسقم وآفة وعاهة ، ومن شر ما احذر ، انك على كل شئ قدير.

اللهم صل على محمد وال محمد واغسلني من الذنوب كلها والآثام والخطايا ، وطهر جسمي وقلبي من كل آفة يمحق بها ديني ، واجعل عملي خالصا لوجهك يا ارحم الراحمين.

اللهم صل على محمد وال محمد واجعله لي شاهدا يوم حاجتي وفقري وفاقتي ، انك على كل شئ قدير.

__________________

(١) رواه ابن قولويه في الكامل : ٢٥٠ ، عنه البحار ١٠١ : ١٤١.

٣٧٠

فاقرأ ( انا أنزلناه في ليلة القدر ).

فإذا فرغت من الغسل فالبس ما طهر من ثيابك ، ثم توجه إلى المشهد على ساكنه السلام ، وعليك السكينة والوقار ، وأنت متحف خاضع ذليل ، تكبر الله تعالى وتحمده وتسبحه وتستغفره ، وتكثر من الصلاة على نبيه محمد وآله الطاهرين عليهم‌السلام.

باب ورود المشهد :

فإذا انتهيت إلى بابه فقف عليه وكبر أربعا ثم قل :

اللهم ان هذا مقام أكرمتني به وشرفتني ، اللهم فاعطني فيه رغبتي ، على حقيقة ايماني بك وبرسولك عليه‌السلام.

ثم ادخل رجلك اليمنى قبل اليسرى وقل :

بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين.

ثم امش حتى تدخل الصحن ، فإذا دخلته فكبر أربعا وتوجه إلى القبلة ، وارفع يديك وقل :

اللهم إني إليك توجهت ، واليك خرجت ، واليك وفدت ، ولخيرك تعرضت ، وبزيارة حبيب حبيبك إليك تقربت ، اللهم فلا تمنعني خير ما عندك لشر ما عندي.

اللهم اغفر لي ذنوبي ، وكفر عني سيئاتي ، وحط عني خطيئاتي

٣٧١

واقبل حسناتي.

ثم اقرأ الحمد والمعوذتين و ( قل هو الله أحد ) ، و ( انا أنزلناه ) ، وآية الكرسي ، وآخر الحشر :

( لو أنزلنا هذا القران على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون * هو الله الذي لا إله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم * هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون * هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) (١).

وتصلي ركعتين تحية المشهد ، وصفة النية لها ان تضمر بقلبك أصلي تحية المشهد مندوبا قربة إلى الله.

فإذا فرغت وسبحت فقل :

الحمد لله الواحد في الأمور كلها ، خالق الخلق ، لم يعزب عنه شئ من أمورهم ، عالم كل شئ بغير تعليم ، وصلوات الله وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه ، وسلامه وسلام جميع خلقه على محمد المصطفى وأهل بيته.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، الحمد لله الذي أنعم علي وعرفني فضل محمد وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم ورحمة الله

__________________

(١) الحشر : ٢١ ـ ٢٤.

٣٧٢

وبركاته.

اللهم أنت خير من وفد إليه الرجال ، وشدت إليه الرحال ، وأنت يا سيدي أكرم مأتي وأكرم مزور ، وقد جعلت لكل آت تحفة ، فاجعل تحفتي بزيارة قبر وليك وابن بنت نبيك وحجتك على خلقك فكاك رقبتي من النار.

اللهم صل على محمد وآل محمد وتقبل عملي ، واشكر سعيي ، وارحم مسيري من أهلي ، بغير من اللهم مني عليك ، بل لك المن علي ، إذ جعلت لي السبيل إلى زيارة وليك ، وعرفتني فضله ، وحفظتني حتى بلغتني.

اللهم وقد أتيتك وأملتك ، فلا تخيب أملي ، ولا تقطع رجائي ، واجعل مسيري هذا كفارة لما قبله من ذنوبي ، ورضوانا تضاعف به حسناتي ، وسببا لنجاح طلباتي ، وطريقا لقضاء حوائجي ، يا أرحم الراحمين.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، واجعل سعيي مشكورا ، وذنبي مغفورا ، وعملي مقبولا ، ودعائي مستجابا ، إنك على كل شئ قدير ، اللهم إني أردتك فأردني ، وأقبلت بوجهي إليك فلا تعرض عني ، وقصدتك فتقبل مني ، وإن كنت لي ماقتا فارض عني ، وارحم تضرعي إليك ولا تخيبني.

٣٧٣

باب القول عند معاينة الجدث :

ثم امش حتى تعاين الجدث ، فإذا عاينته فكبر أربعا واستقبل وجهه بوجهك ، واجعل القبلة بين كتفيك وقل :

اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، وإليك يرجع السلام ، يا ذا الجلال والاكرام ، السلام على رسول الله ، أمين الله على وحيه وعزائم أمره ، الخاتم لما سبق ، والفاتح لما استقبل ، والمهيمن على ذلك كله ، وعليه‌السلام ورحمة الله وبركاته.

السلام على أمير المؤمنين ، عبد الله وأخي رسوله ، الصديق الأكبر ، والفاروق الأعظم ، سيد المسلمين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة من الخلق أجمعين.

السلام على أئمة الهدى الراشدين ، السلام على الطاهرة الصديقة فاطمة سيدة نساء العالمين.

السلام على ملائكة الله المنزلين ، السلام على ملائكة الله المردفين ، السلام على ملائكة الله المسومين ، السلام على ملائكة الله الزوارين ، السلام على ملائكة الله الذين هم في هذا المشهد بإذن الله مقيمون.

٣٧٤

باب القول عند الوقوف على الجدث :

ثم امش حتى تقف عليه ، فإذا وقفت فاستقبله بوجهك على الحد المرسوم لك عند المعاينة وقل :

السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله ، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله ، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله ، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله ، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله ، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله.

السلام عليك يا وارث وصي رسول الله ، السلام عليك يا وارث الحسن الرضي ، السلام عليك أيها الشهيد الصديق ، السلام عليك أيها الوصي البر التقي ، السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك ، السلام على ملائكة الله المحدقين بك.

اشهد أنك قد أقمت الصلاة ، وآتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ، ونهيت عن المنكر ، وتلوت الكتاب حق تلاوته ، وجاهدت في الله حق جهاده ، وصبرت على الأذى في جنبه ، وعبدته مخلصا حتى أتاك اليقين.

لعن الله أمة ظلمتك ، وأمة قاتلتك ، وأمة قتلتك ، وأمة أعانت عليك ، وأمة خذلتك ، وأمة دعتك فلم تجبك ، وأمة بلغها ذلك فرضيت به ، وألحقهم الله بدرك الجحيم.

اللهم العن الذين كذبوا رسلك ، وهدموا كعبتك ، واستحلوا

٣٧٥

حرمك ، وألحدوا في البيت الحرام ، وحرفوا كتابك ، وسفكوا دماء أهل بيت نبيك ، وأظهروا الفساد في أرضك ، واستذلوا عبادك المؤمنين.

اللهم فضاعف عليهم العذاب الأليم ، واجعل لي لسان صدق في أولياءك المصطفين ، وحبب إلي مشاهدهم ، وألحقني بهم ، واجعلني معهم في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين.

ثم تضع يدك اليسرى على القبر ، وأشر بيدك اليمنى وقل :

السلام عليك يا ابن رسول الله إن لم تكن أدركت نصرتك بيدي ، فها أنا ذا وافد إليك بنصري ، قد أجابك سمعي وبصري ، وبدني ورأيي وهواي على التسليم لك ، وللخلف الباقي من بعدك ، والأدلاء على الله من ولدك ، فنصرتي لكم معدة حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.

ثم ارفع يديك إلى السماء وقل :

اللهم إني اشهد أن هذا القبر قبر حبيبك وصفوتك من خلقك ، الفائز بكرامتك ، أكرمته بالشهادة ، وأعطيته مواريث الأنبياء ، وجعلته حجة لك على خلقك ، فأعذر في الدعوة ، وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الضلالة والجهالة ، والعمى والشك والارتياب ، إلى باب الهدى والرشاد.

وأنت يا سيدي بالمنظر الأعلى ، ترى ولا ترى ، وقد توازر عليه في طاعتك من خلقك من غرته الدنيا ، وباع آخرته بالثمن الأوكس ، وأسخطك وأسخط رسولك عليه‌السلام ، وأطاع من عبادك أهل الشقاق

٣٧٦

والنفاق ، وحملة الأوزار ، المستوجبين النار ، اللهم العنهم لعنا وبيلا ، وعذبهم عذابا أليما.

ثم حط يدك اليسرى وأشر باليمنى منهما إلى القبر وقل :

السلام عليك يا وارث الأنبياء ، السلام عليك يا وصي الأوصياء ، السلام عليك وعلى آلك وذريتك الذين حباهم الله بالحجج البالغة ، والنور والصراط المستقيم.

بأبي أنت وأمي ما أجل مصيبتك وأعظمها عند الله ، وما أجل مصيبتك وأعظمها عند رسول الله ، وما أجل مصيبتك وأعظمها عند أنبياء الله (١) ، وما أجل مصيبتك وأعظمها عند شيعتك خاصة.

بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله ، اشهد أنك كنت نورا في الظلمات ، واشهد أنك حجة الله وأمينه (٢) ، وخازن علمه ووصي نبيه ، واشهد أنك قد بلغت ونصحت ، وصبرت على الأذى في جنبه.

واشهد أنك قد قتلت وحرمت ، وغصبت وظلمت ، واشهد أنك قد جحدت واهتضمت (٣) ، وصبرت في ذات الله ، وأنك قد كذبت ودفعت عن حقك ، وأسئ إليك فاحتملت.

واشهد انك الامام الراشد الهادي هديت ، وقمت بالحق وعملت

__________________

(١) عند الملا الاعلى ( خ ل ).

(٢) امين الله وحجته ( خ ل ).

(٣) اهتضمت ـ على بناء المجهول ـ غصبت.

٣٧٧

به ، واشهد أن طاعتك مفترضة ، وقولك الصدق ، ودعوتك الحق ، وأنك دعوت إلى الحق ، وإلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة فلم تجب ، وأمرت بطاعة الله فلم تطع ، واشهد أنك من دعائم الدين وعموده ، وركن الأرض وعمادها.

واشهد أنك والأئمة من أهل بيتك كلمة التقوى ، وباب الهدى ، والعروة الوثقى ، والحجة على أهل الدنيا ، واشهد الله وملائكته وأنبياءه ورسله وأشهدكم أني بكم مؤمن ، ولكم تابع في ذات نفسي ، وشرايع ديني ، وخواتيم عملي ، ومنقلبي إلى ربي.

واشهد أنك قد أديت عن الله وعن رسوله صادقا ، وقلت أمينا ، ونصحت لله ولرسوله مجتهدا ، ومضيت على يقين ، لم تؤثر ضلالا على هدى ، ولم تمل من حق إلى باطل ، فجزاك الله عن رعيتك (١) خيرا ، وصلى الله عليك صلاة لا يحصيها غيره ، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.

اللهم إني أصلي عليه كما صليت عليه ، وصلى عليه ملائكتك وأنبياؤك ورسلك وأمير المؤمنين والأئمة أجمعون ، صلاة كثيرة متتابعة مترادفة يتبع بعضها بعضا ، في محضرنا هذا وإذا غبنا ، وعلى كل حال ، صلاة لا انقطاع لها ولا نفاد.

اللهم بلغ روحه وجسده في ساعتي هذه وفي كل ساعة تحية مني

__________________

(١) رعيته ( خ ل ).

٣٧٨

كثيرة وسلاما ، آمنا بالله وحده واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين.

السلام عليك يا ابن رسول الله ، أتيتك بأبي أنت وأمي زائرا وافدا إليك ، متوجها بك إلى ربك وربي لينجح لي بك حوائجي ، ويعطيني بك سؤلي ، فاشفع لي عنده ، وكن لي شفيعا ، فقد جئتك هاربا من ذنوبي متنصلا (١) إلى ربي من سيئ عملي ، راجيا في موقفي هذا الخلاص من عقوبة ربي ، طامعا أن يستنقذني ربي بك من الردى.

أتيتك يا مولاي وافدا إليك ، إذ رغب عن زيارتك أهل الدنيا ، وإليك كانت رحلتي ، ولك عبرتي وصرختي ، وعليك أسفي ، ولك نحيبي وزفرتي ، وعليك تحيتي وسلامي ، ألقيت رحلتي بفنائك ، مستجيرا بك وبقبرك مما أخاف من عظيم جرمي ، وأتيتك زائرا ألتمس ثبات القدم في الهجرة إليك.

وقد تيقنت أن الله جل ثناؤه بكم ينفس الهم ، وبكم يكشف الكرب ، وبكم يباعدنا عن نائبات الزمان الكلب (٢) ، وبكم فتح الله ، وبكم يختم ، وبكم ينزل الغيث ، وبكم ينزل الرحمة ، وبكم يمسك الأرض أن تسيخ (٣) بأهلها ، وبكم يثبت الله جبالها على مراتبها (٤).

وقد توجهت إلى ربي بك يا سيدي في قضاء حوائجي ومغفرة

__________________

(١) تنصل إليه من الجناية إذا خرج وتبرأ.

(٢) كلب الزمان : اشتد.

(٣) ساخ قدمه في الطين : غاصت.

(٤) مراسيها ( خ ل ).

٣٧٩

ذنوبي ، فلا أخيبن من بين زوارك فقد خشيت ذلك إن لم تشفع لي ، ولا ينصرفن زوارك يا مولاي بالعطاء والحباء والخير والجزاء ، والمغفرة والرضا ، وأنصرف مجبوها بذنوبي ، مردودا علي عملي ، قد خيبت لما سلف مني.

فان كانت هذه حالي فالويل لي ما أشقاني وأخيب سعيي ، وفي حسن ظني بربي وبنبيي وبك يا مولاي وبالأئمة من ذريتك ساداتي أن لا أخيب ، فاشفع لي إلى ربي ليعطيني أفضل ما أعطى أحدا من زوارك ، والوافدين إليك ، ويحبوني ويكرمني ويتحفني بأفضل ما من به علي أحد من زوارك والوافدين إليك.

ثم ارفع يديك إلى السماء وقل :

اللهم قد ترى مكاني ، وتسمع كلامي ، وترى مقامي وتضرعي ، وملاذي بقبر وليك وحجتك وابن نبيك ، وقد علمت يا سيدي حوائجي ، ولا يخفى عليك حالي.

وقد توجهت إليك بابن رسولك وحجتك وأمينك ، وقد أتيتك متقربا به إليك وإلى رسولك ، فاجعلني به عندك وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ، وأعطني بزيارتي أملي ، وهب لي مناي ، وتفضل علي بشهوتي ورغبتي ، واقض لي حوائجي ، ولا تردني خائبا ، ولا تقطع رجائي ، ولا تخيب دعائي ، وعرفني الإجابة في جميع ما دعوتك من أمر الدين والدنيا والآخرة.

٣٨٠