المزار الكبير

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي

المزار الكبير

المؤلف:

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: نشر القيوم
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: ٧٠٤

وجعلتني من أهل اجابتك وأهل دينك وأهل دعوتك ، ووفقتني لذلك في مبتدء خلقي تفضلا منك وكرما وجودا ، ثم زدت الفضل فضلا ، والجود جودا ، والكرم كرما ، رأفة منك ورحمة ، ان جددت ذلك العهد بعد تجديدك خلقي ، وانا أنسي منسي ساه غافل ، فأتممت علي نعمتك بان ذكرتني ذلك ومننت به علي وهديتني له ، فليكن من شأنك يا الهي وسيدي ومولاي ان تتم لي ذلك ولا تسلبنيه حتى تتوفاني وانا عليه وأنت عني راض ، فأنت أحق المنعمين بان تتم نعمتك علي.

اللهم سمعنا وأطعنا واجبنا داعيك نبيك فلك الحمد ، نسألك غفرانك ربنا واليك المصير ، امنا بالله وحده لا شريك له وبمحمد صلى الله عليه وعلى أهل بيته واجبنا داعي الله واتبعنا الرسول بموالاة مولانا ومولى المؤمنين عند الله وأخي رسوله الصديق الأكبر ، وحجة الله على بريته ، المؤيد به نبيه ودينه الحق المبين ، علما لدين الله ، وخازنا لعلمه ، وعيبة لوحيه ، وموضع سر الله ، وامين الله على خلقه وشاهده في بريته.

ربنا اننا سمعنا مناديا ينادي للايمان ان امنوا بربكم فآمنا ، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ، ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة انك لا تخلف الميعاد ، فآتنا يا ربنا بلطفك ومنك ، أجبنا داعيك واتبعنا الرسول وصدقنا مع مولى المؤمنين وكفرنا بالجبت والطاغوت ، فولنا مع من تولينا ، واحشرنا مع

٣٢١

أئمتنا ، فانا بهم مؤمنون موقنون ولهم مسلمون

امنا بسرهم وعلانيتهم وغائبهم ، وحيهم وميتهم ، رضينا بهم أئمة وسادة ، وحسبنا بهم بيننا وبين الله دون خلقه ، لا نبغي بهم بدلا ولا نتخذ من دونه وليجة ، برئنا إلى الله عزوجل من كل من نصب له حربا من الجن والإنس من أول الدهر إلى آخره.

اللهم انا نشهد انا ندين بما دان به محمد وأهل بيته ، وقولنا ما قالوا ، وديننا ما دانوا به ، ما قالوا قلنا ، وما دانوا دنا ، وما أنكروا أنكرنا ، ومن والوا والينا ، ومن عادوا عادينا ، ومن لعنوا لعنا ، ومن برئوا برئنا منه ، ومن ترحموا عليه ترحمنا عليه ، آمنا وسلمنا ورضينا موالينا صلوات الله عليهم.

اللهم فتمم ذلك به لنا ولا تسلبنا إياه ، واجعله مستقرا ولا تجعله مستودعا ، أحينا ما أحييتنا عليه ، وأمتنا إذا أمتنا عليه ، ال محمد أئمتنا ، وبهم نأتم ، ولهم نوالي وعدوهم نعادي ، فاجعلنا معهم في الدنيا والآخرة ومن المقربين فانا بذلك وافون.

ثم تسجد وتحمد الله مائة مرة وتشكره مائة مرة وأنت ساجد.

فإذا فرغت من دعائك فقل مائة مرة :

الحمد لله على اكمال الدين واتمام النعمة ورضى الرب الكريم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله (١).

__________________

(١) رواه في الاقبال ٢ : ٢٧٧ ، عنه البحار ٩٨ : ٢٩٨.

٣٢٢

القسم الرابع

في زيارة أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام وفضيلتها

واعمال شهر شعبان وذي الحجة

٣٢٣

٣٢٤

الباب (١)

ما ورد في فضل أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه

وثواب زيارته والحث على ذلك

١ ـ وبالاسناد المتقدم ، قال : حدثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن إسماعيل ، عن الخيبري (١) ، عن الحسين بن محمد القمي ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قال : من زار قبر أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما‌السلام بشط الفرات كان كمن زار الله فوق عرشه (٢).

٢ ـ وبالاسناد عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عيينة (٣) بياع القصب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من اتى

__________________

(١) في الأصل : الحريري ، ما أثبتناه هو الأصح ، لأنه خيبري بن علي الطحان ، الراوي عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، راجع معجم الرجال ٧ : ٧٨.

(٢) رواه في ثواب الأعمال : ١١٠ ، كامل الزيارة : ١٤٧ ، التهذيب ٦ : ٤٥ ، عنهم البحار ١٠١ : ٧٠ ، الوسائل ١٤ : ٤١١.

(٣) في الأصل : عتيبة ، ما أثبتناه هو الأصح ، لأنه عيينة بن ميمون البجلي مولاه القصباني ، ذكره الشيخ في رجاله : ٢٦٢ ، الرقم : ٣٧٣٣.

٣٢٥

الحسين عارفا بحقه كتبه الله في أعلى عليين (١)

٣ ـ وبالاسناد عن محمد بن أحمد ، عن علي بن إسماعيل ، عن محمد بن عمرو الزيات ، عن فائد (٢) الخياط ، عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام قال : من زار قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام عارفا بحقه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (٣).

٤ ـ وبالاسناد قال : حدثني محمد بن أحمد (٤) ، عن أبيه ، عن محمد ابن احمد ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن الخيبري (٥) ، عن الحسين بن محمد القمي ، قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد الله عليه‌السلام بشط الفرات إذا عرف حقه وحرمته وولايته ان يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (٦).

__________________

(١) رواه في ثواب الأعمال : ١١٠ ، كامل الزيارة : ٢٧٩ مسندا ، وفي الفقيه ٢ : ٣٤٧ مرسلا ، عنهم البحار ١٠١ : ٧٠ ، الوسائل ١٤ : ٤١٧.

(٢) قائد ( خ ل ) ، أقول : اختلف أصحاب الرجال بين كون اسمه : فائد أو قائد ، والحناط أو الخياط ، والظاهر أنهما واحد ، وما هو المذكور في الروايات هو فائد ، كما ذكره الشيخ و النجاشي بهذا العنوان ، وان عنونه البرقي بقائد ، راجع معجم الرجال ١٣ : ٢٤٥ ، ١٤ : ٧١.

(٣) رواه الصدوق في أماليه : ١٢٢ و ١٩٧ ، ثواب الأعمال : ١١٠ ، وابن قولويه في الكامل : ٢٦٢ ، عنهم البحار ١٠١ : ٢١ ، الوسائل ١٤ : ٤١٨.

(٤) في الأصل : حسين بن أحمد ، وهو تصحيف ، لأنه محمد بن أحمد بن يحيى العطار ، راجع المصادر.

(٥) في الأصل : الحريري ، ذكرنا قبيل هذا بان الأصح : الخيبري.

(٦) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٨٢ ، والصدوق في ثواب الأعمال : ١١١ ، والفقيه ٢ : ٣٤٨ ، وابن قولويه في الكامل : ٢٦٣ ، عنهم البحار ١٠١ : ٢٤ ، الوسائل ١٤ : ٤١٠.

٣٢٦

٥ ـ وبالاسناد قال : حدثنا أبي رحمه‌الله ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان ، عن إسماعيل بن عباد ، عن الحسن بن علي ، عن أبي سعيد (١) المدائني ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقلت له : جعلت فداك آتي قبر الحسين عليه‌السلام ، قال : نعم يا أبا سعيد ائت قبر ابن رسول الله أطيب الطيبين واطهر الأطهرين وابر الأبرين ، فإذا زرته كتب الله لك اثنين وعشرين عمرة (٢).

٦ ـ وبالاسناد قال : حدثني محمد بن الحسن الصفار ، قال : حدثني الحسين بن الحسن بن ابان ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن هارون ، قال : سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام وانا عنده : ما لمن زار قبر الحسين عليه‌السلام فقال : ان الحسين وكل الله به أربعة آلاف ملك شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ، فقلت له : بابي أنت وأمي أنت تروي ابائك في الحج ، قال : نعم حجة وعمرة حتى عد عشرا (٣).

٧ ـ وبالاسناد عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ،

__________________

(١) في الأصل : أبو سعد ، ما أثبتناه هو الصحيح ، عنونه الشيخ في رجاله : ٣٢٦ ، الرقم : ٤٨٧٨.

(٢) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : ٧٩ و ٨٣ ، وابن قولويه في الكامل : ٢٩١ و ٣٠٣ و ٣٠٨ ، عنهم البحار ١٠١ : ٢٨ و ٣٤ و ٤١ ، الوسائل ١٤ : ٤٤٨.

(٣) رواه مع اختلاف ابن قولويه في الكامل : ٣٠٠ ، عنه البحار ١٠١ : ٣٩.

٣٢٧

عن عبد الله بن القاسم ، عن عمر بن ابان الكوفي (١) ، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان أربعة آلاف ملك عند قبر الحسين عليه‌السلام شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ، رئيسهم ملك يقال له منصور ، فلا يزوره زائر الا استقبلوه ، ولا يودعه مودع إلا شيعوه ، ولا يمرض الا عادوه ، ولا يموت الا صلوا على جنازته ، واستغفروا له بعد موته (٢).

٨ ـ وبالاسناد قال : حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، قال : حدثنا علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : وكل الله عزوجل بالحسين عليه‌السلام سبعين الف ملك يصلون عليه [ كل يوم ، شعثا غبرا من يوم قتل إلى ما شاء الله ] (٣) ويدعون لمن زاره ويقولون : يا ربنا هؤلاء زوار الحسين افعل بهم وافعل بهم (٤).

٩ ـ وبهذا الاسناد عن بشير الدهان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام :

__________________

(١) في المصادر : الكلبي ، وكلاهما صحيح ، عنونه الشيخ في رجاله : ٢٥٣ ، الرقم : ٣٥٦١ ، وفيه : عمر بن ابان الكلبي ، مولى أبو حفص ، كوفي.

(٢) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٨١ ، والصدوق في أماليه : ٢٢ و ١٢٢ ، ثواب الأعمال : ١١٣ ، وابن قولويه في الكامل : ٢٣١ و ٣٥٠ ، والنعماني في الغيبة : ١٦٨ ، والراوندي في الخرائج ١ : ٣٢٥ ، عنهم البحار ١٠١ : ٦٣ ، الوسائل ١٤ : ٤٠٩.

(٣) من المصادر.

(٤) رواه الصدوق في الفقيه ٢ : ٣٤٧ ، ثواب الأعمال : ١١٣ ، وابن قولويه في الكامل : ٢٣٢ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٤٧ ، عنهم البحار ١٠١ : ٥٤ ، الوسائل ١٤ : ٤١٦.

٣٢٨

ربما فاتني الحج فاعترفت (١) عند قبر الحسين عليه‌السلام ، قال : أحسنت يا بشير أيما مؤمن أتى قبر الحسين عليه‌السلام عارفا بحقه في غير يوم عيد كتبت له عشرون حجة وعشرون عمرة مبرورات متقبلات وعشرون غزوة مع نبي مرسل أو امام عادل ، ومن أتاه في يوم عيد كتبت له مائة حجة ومائة عمرة ومائة غزوة مع نبي مرسل أو امام عادل ، ومن أتاه في يوم عرفة عارفا بحقه كتبت له الف حجة والف عمرة متقبلات والف غزوة مع نبي مرسل أو امام عادل.

قال : فقلت له : وكيف لي بمثل الموقف ، قال : فنظر إلي شبه المغضب ثم قال : يا بشير ان المؤمن إذا اتى قبر الحسين عليه‌السلام يوم عرفة فاغتسل بالفرات ثم توجه إليه كتبت له بكل خطوة حجة بمناسكها ولا اعلمه الا قال : وغزوة (٢).

١٠ ـ وبالاسناد عن صالح ، عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان لله ملائكة موكلين بقبر الحسين عليه‌السلام فإذا هم الرجل بزيارته أعطاهم الله ذنوبه ، فإذا أخطأ محوها ، ثم إذا خطا ضاعفوا بها له حسناته ، فما تزال حسناته تضاعف حتى يوجب له الجنة ، ثم اكتفوه فقدسوه

__________________

(١) في المصادر : فاعرف.

(٢) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٨٠ ، والصدوق في أماليه : ١٢٣ ، ثواب الأعمال : ١١٥ ، الفقيه ٢ : ٣٤٦ ، وابن قولويه في الكامل : ٣١٦ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٤٦ ، الأمالي ١ : ٢٠٤ ، مصباح المتهجد : ٤٩٧ ، عنهم البحار ١٠١ : ٨٥ و ٩٠ ، الوسائل ١٤ : ٤٦٠ ، ذكر عجزه الكفعمي في مصباحه : ٥٠١.

٣٢٩

وينادون ملائكة السماء ان قدسوا زوار حبيب الله (١) فإذا اغتسلوا ناداهم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا وفد الله أبشروا بمرافقتي في الجنة ، ثم ناداهم أمير المؤمنين عليه‌السلام : انا ضامن لقضاء حوائجكم ودفع البلاء عنكم في الدنيا والآخرة ، ثم اكتنفوهم (٢) عن ايمانهم وعن شمائلهم حتى ينصرفوا إلى أهاليهم (٣).

١١ ـ وبالاسناد عن الأعمش قال : كنت نازلا بالكوفة وكان لي جار كثيرا ما كنت اقعد إليه وكان ليلة الجمعة فقلت له : ما تقول في زيارة الحسين ، فقال لي : بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ، فقمت من بين يديه وانا ممتلئ غيظا (٤) وقلت : إذا كان السحر اتيته فحدثته من فضائل أمير المؤمنين ما يشحن (٥) الله به عينيه.

قال : فأتيته وقرعت عليه الباب ، فإذا انا بصوت من وراء الباب انه قد قصد الزيارة في أول الليل ، فخرجت مسرعا فأتيت الحير ، فإذا انا بالشيخ ساجد لا يمل من السجود والركوع ، فقلت له : بالأمس تقول لي بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار واليوم تزوره ، فقال لي :

__________________

(١) حبيب حبيب الله ( خ ل ).

(٢) في الكامل : اكتنفهم ( التقاهم ) النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٣) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : ١١١ ، وابن قولويه في الكامل : ٢٥٤ و ٢٨٧ ، عنهما البحار ١٠١ : ٦٥ ، الوسائل ١٤ : ٤٨٤.

(٤) غضبا ( خ ل ).

(٥) يسخن ( خ ل ) ، شحنه : ملاه.

٣٣٠

يا سليمان لا تلمني فاني ما كنت أثبت لأهل هذا البيت امامة حتى كانت ليلتي هذه فرأيت رؤيا أرعبتني (١) ، فقلت : ما رأيت أيها الشيخ.

قال : رأيت رجلا لا بالطويل الشاهق ولا بالقصير اللاصق ، لا أحسن أصفه من حسنه وبهائه ، معه أقوام يحفون به حفيفا ويزفونه زفا ، بين يديه فارس على فرس له ذنوب ، على رأسه تاج ، للتاج أربعة أركان ، في كل ركن جوهرة تضئ مسيرة ثلاثة أيام ، فقلت : من هذا ، فقالوا : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت : والاخر ، فقالوا : وصيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ثم مددت عيني فإذا انا بناقة من نور عليها هودج من نور تطير بين السماء والأرض ، فقلت : لمن الناقة ، قالوا : لخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ، قلت : والغلام ، قالوا : الحسن بن علي ، قلت : فأين يريدون ، قالوا : يمضون بأجمعهم إلى زيارة المقتول ظلما الشهيد بكربلاء الحسين بن علي ، ثم قصدت الهودج وإذا انا برقاع تساقط من السماء أمانا من الله جل ذكره لزوار الحسين بن علي ليلة الجمعة ، ثم هتف بنا هاتف : الا اننا وشيعتنا في الدرجة العليا من الجنة ، والله يا سليمان لا أفارق هذا المكان حتى يفارق روحي جسدي (٢).

١٢ ـ وبالاسناد قال : حدثني محمد بن الحسن ، قال : حدثني أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد

__________________

(١) أرغبتني ( خ ل ).

(٢) عنه البحار ١٠١ : ٥٨.

٣٣١

ابن إسماعيل ، عن الخيبري ، عن موسى بن القاسم الحضرمي ، قال : ورد أبو عبد الله عليه‌السلام في أول ولاية أبي جعفر فنزل النجف فقال : يا موسى اذهب إلى الطريق الأعظم فقف على الطريق وانظر فإنه سيجيئك رجل من ناحية القادسية ، فإذا دنا منك فقل له : هاهنا رجل من ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يدعوك ، فإنه سيجئ معك.

قال : فذهبت حتى قمت على الطريق والحر شديد ، فلم أزل قائما حتى كدت اعصي وانصرف وادعه ، إذ نظرت إلى شئ مقبل شبه رجل على بعير ، قال : فلم أزل انظر إليه حتى دنا مني ، فقلت له : يا هذا هاهنا رجل من ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يدعوك وقد وصفك لي ، فقال : اذهب بنا إليه ، قال : فجاء حتى أناخ بعيره ناحية قريبا من الخيمة ، قال : فدعا به فدخل الاعرابي إليه ودنوت انا ، فصرت على باب الخيمة اسمع الكلام ولا أراهما.

فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : من أين قدمت ، قال : من أقصى اليمن ، قال : فأنت من موضع كذا وكذا ، قال : نعم انا من موضع كذا وكذا ، قال : فيم جئت هاهنا ، قال : جئت زائرا للحسين عليه‌السلام ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : فجئت من غير حاجة ليس الا للزيارة ، قال : جئت من غير حاجة ليس الا ان أصلي عنده وأزوره واسلم عليه وارجع إلى أهلي.

قال له أبو عبد الله عليه‌السلام : وما ترون في زيارته ، قال : انا نرى (١) في

__________________

(١) نروي ( خ ل ).

٣٣٢

زيارته البركة في أنفسنا وأهالينا وأولادنا وأموالنا ومعايشنا وقضاء حوائجنا ، قال : فقال له أبو عبد الله : أفلا أزيدك من فضله فضلا يا أخا اليمن ، قال : زدني يا بن رسول الله ، قال : ان زيارة أبي عبد الله عليه‌السلام تعدل حجة مقبولة متقبلة زاكية مع رسول الله عليه‌السلام ، فتعجب من ذلك ، فقال : اي والله وحجتين مبرورتين متقبلتين زاكيتين مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتعجب من ذلك ، فلم يزل أبو عبد الله عليه‌السلام يزيد حتى قال : ثلاثين حجة مبرورة متقبلة زاكية مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١).

١٣ ـ وبالاسناد قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن يزيد بن عبد الملك ، قال : كنت مع أبي عبد الله عليه‌السلام فمر يوما على حمير فقال : أين يريد هؤلاء ، فقلت : قبور الشهداء ، قال : فما يمنعهم من زيارة قبر الغريب (٢) ، فقال له رجل من العراق : زيارته واجبة ، قال : زيارته خير من حجة وعمرة وعمرة وحجة ، حتى عد عشرين حجة وعمرة ، ثم قال : مبرورات متقبلات.

قال : فوالله ما قمت حتى اتاه رجل فقال : اني قد حججت تسع عشرة حجة فادع الله لي ان يرزقني تمام العشرين ، قال : فهل زرت قبر

__________________

(١) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : ١١٨ ، وابن قولويه في الكامل : ٣٠٤ ، عنهما البحار ١٠١ : ٣٨ ، الوسائل ١٤ : ٤٥٠.

(٢) في المصادر : زيارة الشهيد الغريب.

٣٣٣

الحسين ، قال : لا ، قال : لزيارته خير من عشرين حجة (١)

١٤ ـ وبالاسناد عن سعد بن عبد الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن معاوية بن وهب ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام وهو في مصلاه ، فجلست حتى قضى صلاته ، فسمعته وهو يناجي ربه فيقول :

يا من خصنا بالكرامة ، ووعدنا الشفاعة ، وحملنا الرسالة ، وجعلنا ورثة الأنبياء ، وختم بنا الأمم السالفة ، وخصنا بالوصية ، وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي ، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا ، اغفر لي ولإخواني ، ولزوار قبر أبي عبد الله الحسين بن علي صلى الله عليه ، الذين انفقوا أموالهم ، وأشخصوا أبدانهم ، رغبة في برنا ، ورجاء لما عندك في صلتنا ، وسرورا أدخلوه على نبيك محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإجابة منهم لامرنا ، وغيظا أدخلوه على عدونا ، أرادوا بذلك رضوانك.

فكافهم عنا بالرضوان ، واكلأهم بالليل والنهار ، واخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف ، واصحبهم ، واكفهم شر كل جبار عنيد ، وكل ضعيف من خلقك وشديد ، وشر شياطين الجن والإنس ، وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم ، وما

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٨١ ، والصدوق في ثواب الأعمال : ١١٩ ، وابن قولويه في الكامل : ٣٠٢ و ٣٠٥ ، عنهم البحار ١٠١ : ٤٠ ، الوسائل ١٤ : ٤٤٨.

٣٣٤

آثرونا على أبنائهم (١) وأهاليهم وقراباتهم.

اللهم ان أعداءنا عابوا عليهم خروجهم ، فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا خلافا منهم على من خالفنا ، اللهم فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس ، ارحم تلك الخدود التي تقلب على قبر أبي عبد الله عليه‌السلام ، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا ، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا ، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا.

اللهم إني استودعك تلك الأنفس ، وتلك الأبدان ، حتى ترويهم من الحوض يوم العطش.

قال : فما زال صلوات الله عليه يدعو بهذا الدعاء وهو ساجد ، فلما انصرف قلت له : جعلت فداك لو أن الدعاء الذي سمعته منك كان لمن لا يعرف الله لظننت ان النار لا تطعم شيئا منه ابدا ، والله لقد تمنيت اني كنت زرته ولم أحج ، فقال : ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته ، ثم قال : يا معاوية ولم تدع ذلك ، قلت : جعلت فداك لم ادر ان الامر يبلغ هذا كله.

قال : يا معاوية ومن يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو له في الأرض ، يا معاوية لا تدعه لخوف من أحد ، فمن تركه لخوف رأى من

__________________

(١) أبدانهم ( خ ل ).

٣٣٥

الحسرة ما يتمنى ان قبره كان بيده (١) اما تحب ان يرى الله شخصك وسوادك فيمن يدعو له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله [ وعلي وفاطمة والأئمة عليهم‌السلام ، اما تحب أن تكون غدا ممن ينقلب بالمغفرة لما مضى ويغفر له ذنوب سبعين سنة ] (٢) ، اما تحب أن تكون غدا فيمن تصافحه الملائكة ، اما تحب أن تكون غدا فيمن رؤي (٣) وليس عليه ذنب فيتبع به ، اما تحب أن تكون غدا فيمن يصافح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

١٥ ـ وبهذا الاسناد عن الحسن بن محبوب ، عن داود الرقي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة ، وانه لينزل من السماء كل مساء سبعون الف ملك يطوفون بالبيت ليلتهم ، حتى إذا طلع الفجر انصرفوا إلى قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيسلمون عليه ، ثم يأتون قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام فيسلمون عليه ، [ ثم يأتون قبر الحسن بن علي عليهما‌السلام فيسلمون عليه ] (٥) ، ثم يأتون قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فيسلمون عليه ، ثم يعرجون إلى السماء قبل ان تطلع الشمس.

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصادر ، والظاهر أنه مصحف : ( عنده ) ـ كما في بعض الروايات ـ ، أي يتمنى أن يكون قتل لزيارته عليه‌السلام وقبر عنده ، ويمكن توجيه ما في المتن بان يتمنى أن يكون زاره عليه‌السلام متيقنا للموت حافرا قبره بيده.

(٢) من المصادر.

(٣) في المصادر : فيمن يخرج من الدنيا.

(٤) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٨٢ ، والصدوق في ثواب الأعمال : ١٢٠ ، وابن قولويه في الكامل : ٢٣٠ ، عنهم البحار ١٠١ : ٨ و ٥٢ ، الوسائل ١٤ : ٤١٣.

(٥) من المصادر.

٣٣٦

ثم تنزل ملائكة النهار سبعون الف ملك فيطوفون بالبيت الحرام نهارهم ، حتى إذا غابت الشمس انصرفوا إلى قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيسلمون عليه ، ثم يأتون قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام فيسلمون عليه ، [ ثم يأتون قبر الحسن بن علي عليهما‌السلام فيسلمون عليه ] (١) ، ثم يأتون قبر الحسين ابن علي عليهما‌السلام فيسلمون عليه ، ثم يعرجون إلى السماء قبل ان تغيب الشمس (٢).

١٦ ـ وبالاسناد قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : زوروه ـ يعني الحسين عليه‌السلام ـ ولا تجفوه ، فإنه سيد شباب أهل الجنة (٣).

الباب (٢)

فضل كربلاء

١ ـ وبالاسناد المتقدم عن أبي القاسم جعفر بن محمد ، قال : حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز ، عن محمد بن الحسين بن

__________________

(١) من المصادر.

(٢) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : ١٢٢ ، عنه الوسائل ١٤ : ٤٢١ ، والسيد ابن طاووس في كشف اليقين : ٦٧ باسناده ، عنه البحار ١٠١ : ٦٢.

(٣) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : ١١٠ ، وابن قولويه في الكامل : ٢١٦ ، عنهما البحار ١٠١ : ١.

٣٣٧

أبي الخطاب ، عن أبي سعيد ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١) قال : قال علي بن الحسين عليهما‌السلام :

اتخذ الله ارض كربلاء حرما آمنا مباركا قبل ان يخلق ارض الكعبة ويتخذها حرما بأربعة وعشرين الف عام ، وانه إذا زلزل الله تبارك وتعالى الأرض وسيرها رفعت كما هي بتربتها نورانية صافية ، فجعلت في أفضل [ روضة من رياض الجنة ، وأفضل ] (٢) مسكن في الجنة ، لا يسكنها الا النبيون والمرسلون ، ـ أو قال : أولو العزم من الرسل ـ وانها لتزهر بين رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري بين الكواكب لأهل الأرض ، يغشي نورها ابصار أصحاب الجنة ، وهي تنادي : انا ارض الله المقدسة الطيبة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة (٣).

٢ ـ وبالاسناد قال : حدثنا محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان لموضع قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام حرمة معروفة من عرفها واستجار بها أجير ، قلت : فصف لي موضعها جعلت فداك ، فقال :

امسح من موضع قبره اليوم خمسا وعشرين ذراعا من ناحية رجليه

__________________

(١) كذا ، وفي المصادر : عن بعض رجاله ، عن أبي الجارود.

(٢) من المصادر.

(٣) رواه مع اختلاف ابن قولويه في الكامل : ٤٥١ ، عنه البحار ١٠١ : ١٠٨ ، الوسائل ١٤ : ٥١٥ ، ذكره عباد العصفري في أصله : ١٧ ( ضمن الأصول الستة عشر ).

٣٣٨

وخمسا وعشرين ذراعا من خلفه ، وخمسا وعشرين ذراعا مما يلي وجهه ، وخمسا وعشرين ذراعا من ناحية رأسه ، وموضع قبره منذ يوم دفن روضة من رياض الجنة ، ومنه معراج يعرج فيه باعمال زواره إلى السماء ، فليس ملك في السماوات ولا في الأرض الا وهم يسألون الله عزوجل في زيارة قبر الحسين عليه‌السلام ، ففوج ينزل وفوج يعرج (١).

٣ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : حريم قبر الحسين عليه‌السلام خمسة فراسخ من أربعة جوانب القبر (٢).

الباب (٣)

فضل زيارته عليه‌السلام وحد وجوبها في الزمان على الأغنياء والفقراء

١ ـ وبالاسناد عن سعد بن عبد الله ومحمد بن يحيى وعبد الله بن جعفر وأحمد بن إدريس جميعا ، عن الحسين بن عبيد الله ، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان ، عن عبد الجبار النهاوندي ، عن أبي سعيد ، عن الحسين

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٨٨ ، والصدوق في ثواب الأعمال : ١١٩ ، وابن قولويه في الكامل : ٤٥٧ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٧١ ، مصباح المتهجد : ٥٠٩ ، عنهم البحار ١٠١ : ١١٠ ، الوسائل ١٤ : ٥١١ ، المصباح للكفعمي : ٥٠٨.

ذكر عجزه الصدوق في ثواب الأعمال : ١٢١ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٤٦ ، عنهما الوسائل ١٤ : ٤١٤.

(٢) رواه الصدوق في الفقيه ٢ : ٣٤٦ ، وابن قولويه في الكامل : ٤٥٦ ، عنهما البحار ١٠١ : ١١١ ، الوسائل ١٤ : ٥١٣.

٣٣٩

ابن ثوير بن أبي فاختة ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام :

يا حسين من خرج من منزله يريد زيارة الحسين بن علي عليهما‌السلام إن كان ماشيا كتبت له بكل خطوة حسنة وحط بها عنه سيئة ، فإن كان راكبا كتب الله له بكل خطوة حسنة وحط بها عنه سيئة ، حتى إذا صار في الحائر كتبه الله من المفلحين المنجحين ، حتى إذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين ، حتى إذا أراد الانصراف ناداه ملك فقال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرؤك السلام ويقول لك : استأنف العمل فقد غفر الله لك ما مضى (١).

٢ ـ وبالاسناد قال : حدثنا أبي ومحمد بن الحسن رحمهما‌الله ، عن الحسن بن متيل ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن الحسن بن علي ابن فضال ، عن أبي أيوب إبراهيم بن عيسى الخزاز (٢) ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام ، فان اتيانه مفترض على كل مؤمن يقر للحسين بن علي عليهما‌السلام بالإمامة من الله عزوجل (٣).

__________________

(١) رواه الصدوق في ثواب الأعمال : ١١٧ ، وابن قولويه في الكامل : ٢٥٢ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٤٣ ، عنهم البحار ١٠١ : ٧٢ ، الوسائل ١٤ : ٤٣٩.

(٢) في الأصل : إبراهيم بن عمر ، ما أثبتناه هو الصحيح ، عنونه الشيخ في رجاله : ١٦٧ ، الرقم : ١٩٣٥.

(٣) رواه الصدوق في أماليه : ١٢٣ ، الفقيه ٢ : ٣٤٨ ، والمفيد في المقنعة : ٧٢ ، وابن قولويه في الكامل : ٢٣٦ ، والشيخ في التهذيب ٦ : ٤٢ ، عنهم البحار ١٠١ : ٤٨ ، الوسائل ١٤ : ٤١٤

٣٤٠