المزار الكبير

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي

المزار الكبير

المؤلف:

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: نشر القيوم
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: ٧٠٤

وعقدي ، والبر والاحسان من شاني وخلقي ، واجعل السلامة لي شاملة ، والعافية بي محيطة ملتفة ، ولطف صنعك وعونك مصروفا إلي ، وحسن توفيقك ويسرك موفورا علي ، وأحيني يا رب سعيدا ، وتوفني شهيدا ، وطهرني للموت وما بعده.

اللهم واجعل الصحة والنور في سمعي وبصري ، والجدة والخير (١) في طرفي (٢) ، والهدى والبصيرة في ديني ومذهبي ، والميزان أبدا نصب عيني ، والذكر والموعظة شعاري ودثاري ، والفكرة والعبرة اسي (٣) وعمادي ، ومكن اليقين في قلبي ، واجعله أوثق الأشياء في نفسي ، وأغلبه على رأيي وعزمي.

واجعل الارشاد في عملي ، والتسليم لأمرك مهادي وسندي ، والرضا بقضائك وقدرك أقصى عزمي ونهايتي ، وأبعد همي وغايتي ، حتى لا أتقي أحدا من خلقك بديني ، ولا أطلب به غير آخرتي ، ولا أستدعي منه إطرائي ومدحي.

واجعل خير العواقب عاقبتي ، وخير المصاير مصيري ، وأنعم العيش عيشي ، وأفضل الهدى هداي ، وأوفر الحظوظ حظي ، وأجزل الأقسام قسمي ونصيبي ، وكن لي يا رب من كل سوء وليا ، وإلى كل خير

__________________

(١) الجلاء ( خ ل ).

(٢) طرقي ( خ ل ).

(٣) انسي ( خ ل ).

٣٠١

دليلا وقائدا ، ومن كل باغ وحسود ظهيرا ومانعا

اللهم بك اعتدادي وعصمتي ، وثقتي وتوفيقي ، وحولي وقوتي ، ولك محياي ومماتي ، وفي قبضتك سكوني وحركتي ، وإن بعروتك الوثقى استمساكي ووصلتي ، وعليك في الأمور كلها اعتمادي وتوكلي ، ومن عذاب جهنم ومس سقر نجاتي وخلاصي ، وفي دار أمنك وكرامتك مثواي ومنقلبي ، وعلى أيدي ساداتي وموالي آل المصطفى فوزي وفرجي.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، واغفر للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، واغفر لي ولوالدي وما ولدا وأهل بيتي وجيراني ، ولكل من ولدني (١) من المؤمنين والمؤمنات ، إنك ذو فضل عظيم (٢).

١٥ ـ زيارة أخرى لمولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه :

تقف على باب السلام وتقول :

اللهم إليك وجهت وجهي ، وعليك توكلت ربي ، الله أكبر كما بمنه هدانا ، الله أكبر إلهنا ومولانا ، الله أكبر ولينا الذي أحيانا ، الحمد الله الذي بمنه هدانا ، اللهم إني أشهدك والشهادة حظي ، والحق علي ،

__________________

(١) قلدني ( خ ل ).

(٢) عنه البحار ١٠٢ : ١٦٢ ، ذكره السيد في مصباح الزائر : ٢٣٧.

٣٠٢

وأداء لما كلفتني ان محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله عبدك ورسولك ونبيك وصفيك ، وخليلك وخاصتك ، وخيرتك من بريتك.

اللهم فصل عليه بصلواتك ، وأحب بكراماتك ، ووفر ببركاتك ، وحي بتحياتك مذكي العالم ، مقيم الدعائم ، ومجلي الظلماء ، وماحي الطخياء ، رسولك الشاهد ، ودليلك الراشد ، الذي اختصصته ، ولك أخلصته ، وبهدايتك بعثته ، وآياتك أورثته ، فتلا وبين ، ودعا وأعلن ، وطمست به أعين الطغيان ، وأخرست به ألسن البهتان ، وكتبت العزة لأوليائه ، وضربت الذلة على أعدائه.

واشهد أنه رسولك وخاتم النبيين ، جاء بالحق من عند الحق وصدق المرسلين ، وأن الذين كذبوه ذائقوا العذاب الأليم ، وأن الذين آمنوا معه واتبعوا النور الذي انزل معه أولئك المفلحون.

ثم تقول :

السلام عليك يا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سيد الوصيين وحجة رب العالمين ، على الأولين والآخرين ، السلام عليك يا أمير المؤمنين ووارث علم النبيين ، وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين.

السلام عليك يا أمير المؤمنين يا إمام الهدي ومصباح الدجى ، وكهف اولي الحجى ، وملجأ ذوي النهى ، السلام عليك يا حجاب الورى والدعوة الحسنى ، والآية الكبرى والمثل الاعلى.

٣٠٣

السلام عليك يا شجرة الندى وصاحب الدنيا ، والحجة على جميع الورى في الآخرة والأولى ، السلام عليك يا صفي الله وخيرته ، وولي الله وحجته ، وباب الله وحطته ، وعين الله وآيته ، السلام عليك يا عيبة غيب الله ، وميزان قسط الله ، ومصباح نور الله ومشكاة ضياء الله.

السلام عليك يا حافظ سر الله ، وممضي حكم الله ، ومجلي إرادة الله ، وموضع مشية الله ، السلام عليك يا غاية من برأه الله ، ونهاية من ذرأ الله ، وأول من ابتدع الله ، والحجة على جميع من خلق الله.

السلام عليك أيها النبأ العظيم ، والخطب الجسيم ، والذكر الحكيم ، والصراط المستقيم ، السلام عليك أيها الحبل المتين ، والامام الأمين ، والباب اليقين ، والشافع يوم الدين ، السلام عليك يا أمير المؤمنين وهادي المضلين ومرشد الوليين وصالح المؤمنين ، السلام عليك أيها الصديق الأكبر والناموس الأنور ، والسراج الأزهر والزلفة والكوثر.

السلام عليك يا باب الايمان وعين المهيمن المنان ، وولي الملك الديان وقسم الجنان والنيران ، السلام عليك يا معدن الكرم وموضع الحكم ، وقائد الأمم إلى الخيرات والنعم ، السلام عليك أيها الامام التقي ، والعدل الوفي ، والوصي الرضي ، والولي الزكي ، السلام عليك أيها النور المصطفى والولي المرتجى والكريم المرتضى.

٣٠٤

السلام عليك يا نور الأنوار ومحل سر الاسرار ، وعنصر الأبرار ومعلن الأخيار ، السلام عليك يا لسان الحق وباب الأفق ، وبيت الصدق ومحل الرفق ، السلام عليك يا نور الهدايات ومرشد البريات وعالم الخفيات ، السلام عليك يا صاحب العلم المخزون وعارف الغيب المكنون وحافظ السر المصون والعالم بما كان ويكون.

السلام عليك أيها العارف بفصل الخطاب ومثيب أوليائه يوم الحساب ، والمحيط بجوامع علم الكتاب ومهلك أعدائه بأليم العذاب ، السلام عليك يا صاحب علم المعاني وعلم المناني (١) ، والنور الشعشعاني والبشر الثاني ، السلام عليك يا عماد دين الجبار (٢) وهادي الأخيار ، وأبا الأئمة الأطهار وقاصم المعاندين الأشرار.

السلام عليك يا مشهورا في السماوات العليا ، ومعروفا في الأرضين السابعة السفلى ، ومظهر الآية الكبري وعارف السر وأخفى ، السلام عليك أيها النازل من عليين والعالم بما في أسفل السافلين ، ومهلك من طغى من الأولين ومبيد من جحد من الآخرين.

السلام عليك يا صاحب الكرة والرجعة ، وإمام الخلق وولي الدعوة (٣) ، ومنطق البرايا ومحنة الأمة ، السلام عليك يا مثبت التوحيد

__________________

(١) المثاني ( خ ل ).

(٢) عماد الجبار ( خ ل ).

(٣) زيادة : وكالي أهل الفتية السبعة ( خ ل ).

٣٠٥

بالشرح والتجريد ، ومقرر التمجيد بالبيان والتأكيد ، السلام عليك يا سامع الأصوات ومبين الدعوات ، ومجزل الكرامات بجزيل العطيات.

السلام عليك يا من حظي بكرامة ربه فجل عن الصفات ، واشتق من نوره فلم تقع عليه الأدوات ، وازلف بالقرب من خالقه فقصر دونه المقالات ، وعلا محله فعلا كل البريات.

السلام عليك يا من أحسن عبادة ربه فحباه بأنواع الكرامات ، واجتهد في النصح والطاعة فخوله جميع العطيات ، واستفرغ الوسع في فعاله فأسداه جزيل الطيبات ، وبالغ في النصح والطاعة فمنحه الحوض والشفاعة.

اشهد بذلك يا مولاي يا أمير المؤمنين ـ وأنا عبدك وابن عبدك ووليك وابن وليك ـ أنك سيد الخلق وإمام الحق وباب الأفق ، اجتباك الله لقدرته فجعلك عصا عزه وتابوت حكمته ، وأيدك بترجمة وحيه وأعزك بنور هدايته وخصك ببرهانه.

فأنت عين غيبه وميزان قسطه ، وبين فضلك في فرقانه ، وأظهرك علما لعباده وأمينا في بريته ، وانتجبك لنوره فجعلك منارا في بلاده وحجته على خليقته ، وأيدك بروحه ، فصيرك ناصر دينه وركن توحيده ، واختصك بفضله.

فأنت تبيان لعلمه وحجة على خليقته ، واشتقك من نوره ، فصيرك دليلا على صراطه وسبيلا لقصده ، وأورثك كتابه ، فحفظت سره

٣٠٦

ورعيت خلقه ، وخصك بكرائم التنزيل ، فخزنت غيبه وعرفت علمه وجعلك نهاية من خلق ، فسبقت العالمين وعلوت السابقين ، وصيرك غاية من ابتدع ، ففقت بالتقديم كل مبتدع ، ولم تأخذك في هواه لومة ولم تخدع.

فكنت أول من في الذر برأ ، فعلمت ما علا ودنا ، وقرب ونأى ، فأنت عينه الحفيظة التي لا يخفى عليها خافية ، واذنه السميعة التي حازت المعارف العلوية ، وقلبه الواعي البصير المحيط بكل شئ ، ونوره الذي أضاء به البرية ، وحويت العلوم الحقيقية ، ولسانه الناطق بكل ما كان من الأمور ، والمبين عما كان أو يكون في سالف الأزمان وغابر الدهور.

كل يا مولاي عن نعتك أفهام الناعتين ، وعجز عن وصفك لسان الواصفين ، لسبقك بالفضل البرايا ، وعلمك بالنور والخفايا ، فأنت الأول الفاتح بالتسبيح حتى سبح لك المسبحون ، والاخر الخاتم بالتمجيد حتى مجد بوصفك الممجدون.

كيف أصف يا مولاي حسن ثنائك ، أم أحصي جميل بلائك ، وعرفت الافهام الآيات المعروفة في آفاق البلاد ، وهي فعلك ، وعجزت الأعين عن الإحاطة بالأنوار المريئة بين العباد ، وهي فرعك ، والأوهام عن معرفة كيفيتك عاجزة ، والأذهان عن بلوغ حقيقتك قاصرة ، والنفوس تقصر عما تستحق فلا تبلغه ، وعجز عما تستوجب ولا تدركه.

٣٠٧

بابي أنت وأمي يا أمير المؤمنين وأعزائي وأهلي وأحبائي اشهد الله ربي ورب كل شئ ، وأنبياءه المرسلين ، وحملة العرش والكروبيين ، ورسله المبعوثين ، وملائكته المقربين ، وعباده الصالحين ، ورسوله المبعوث بالكرامة ، المحبو بالرسالة ، السيد المنذر ، والسراج الأنور ، والبشير الأكبر ، والنبي الأزهر ، والمصطفى المخصوص بالنور الأعلى ، المكلم من سدرة المنتهى.

اني عبدك وابن عبدك ، ومولاك وابن مولاك ، مؤمن بسرك وعلانيتك ، كافر بمن أنكر فضلك وجحد حقك ، موال لأوليائك ، معاد لأعدائك ، عارف بحقك ، مقر بفضلك ، محتمل لعلمك ، محتجب بذمتك.

موقن بآياتك ، مؤمن برجعتك ، منتظر لأمرك ، مترقب لدولتك ، آخذ بقولك ، عامل بأمرك ، مستجير بك ، مفوض أمري إليك ، متوكل فيه عليك ، زائر لك.

لائذ ببابك الذي فيه غبت ومنه تظهر ، حتى تمكن دينه الذي ارتضى ، وتبدل بعد الخوف أمنا ، وتعبد المولى حقا ، ولا تشرك به شيئا ، ويصير الدين كله لله ، وأشرقت الأرض بنور ربها ، ووضع الكتاب وجئ بالنبيين والشهداء ، وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ، والحمد لله رب العالمين.

٣٠٨

فعندها يفوز الفائزون بمحبتك ، ويامن المتوكلون (١) عليك ، ويهتدي الملتجئون إليك ، ويرشد المتعصمون بك ، ويسعد المقرون بفضلك ، ويشرف المؤمنون بأيامك ، ويحظى الموقنون بنورك ، ويكرم المزلفون لديك ، ويتمكن المتقون من أرضك ، وتقر العيون برؤيتك ، ويجلل بالكرامة شيعتك (٢) ، ويشملهم بها زلفتك ، وتقعدهم في حجاب عزك وسرادق مجدك ، وفي نعيم مقيم وعيش سليم ، وسدر مخضود وطلح منضود ، وظل ممدود وماء مسكوب.

ونجد ما وعدنا ربنا حقا وصدقا ، وننادي : هل وجدتم ما سول لكم الشيطان حقا ، فتكثر الحيرة والفظاظة ، والعثرة والحمقية ، ويقال : يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين.

شقي من عدل عن قصدك يا أمير المؤمنين ، وهوى من اعتصم بغيرك يا أمير المؤمنين ، وزاغ من آمن بسواك ، وجحد من خالفك ، وهلك من عاداك.

وكفر من أنكرك ، وأشرك من أبغضك ، وضل من فارقك ، ومرق من ناكثك ، وظلم من صد عنك ، وأجرم من نصب لك ، وفسق من دفع حقك ، ونافق من قعد عن نصرتك ، وخاب من أنكر بيعتك ، وخزي من تخلف عن فلكك ، وخسر خسرانا مبينا.

__________________

(١) المتوكلون ( خ ل ).

(٢) عبادك ( خ ل ).

٣٠٩

أشهدك أيها النبأ العظيم والعلي الحكيم ، اني موف بعهدك ، ومقر بميثاقك ، مطيع لأمرك ، مصدق لقولك ، مكذب لمن خالفك ، محب لأوليائك ، مبغض لأعدائك ، حرب لمن حاربت ، سلم لمن سالمت ، محقق لما حققت ، مبطل لما أبطلت ، مؤمن بما أسررت ، موقن بما أعلنت ، منتظر لما وعدت ، متوقع لما قلت ، حامد لربي عزوجل على ما أوزعني من معرفتك ، شاكر له على ما طوقني من احتمال فضلك.

بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين ، اشهد أنك تراني وتبصرني ، وتعرف كلامي وتجيبني ، وتعرف ما يجنه قلبي وضميري ، فاشهد يا مولاي واشفع لي عند ربك في قضاء حوائجي.

اللهم بحقه الذي أوجبت له عليك صل على محمد وآل محمد وسلم مناسكي ، وتقبل مني ، وتفضل علي ، وارحمني وارحم فاقتي ، واكشف ضري وذلي ، وتعطف بجودك على مسكنتي ، وتب علي ، وأقلني عثرتي (١) ، وحط وزري ، وارفع درجتي ، واقض ديني ، واجبر كسري ، واصفح عن جرمي ، وأقم صرعتي ، وأسقط عني ذنبي ، وأثبت حسناتي ، واشف سقمي ، وفرج غمي ، وأذهب همي ، ونفس كربتي ، واقلبني بالنجح ، مستجابا لي دعوتي ، واشكر سعيي ، وأد أمانتي ، وبلغني أملي ، وأعطني منيتي ، واكبت عدوي ، وأفلج حجتي ، بحق محمد وآله صلى الله عليهم.

__________________

(١) اقبل توبتي ( خ ل ).

٣١٠

يا مولاي اشفع لي عند ربك ، فلك عند الله المقام المحمود ، والجاه العريض ، والشفاعة المقبولة ، والمحل الرفيع ، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول والنور الذي انزل معه فاكتبنا مع الشاهدين ، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

اللهم رب الأخيار ، وإله الأبرار ، العزيز الجبار ، العظيم الغفار ، صل على محمد وآله الأخيار ، صلاة تزلفهم وتمنحهم ، وتكرمهم وتحبوهم ، وتقر بهم وتدنيهم ، وتقويهم وتسددهم ، وتجعلني وجميع محبيهم في موقفي هذا ممن تناله منك رحمة ورأفة ، وكرامة ومغفرة ، ونظرة وموهبة ، وتعطيني جميع ما سألتك وما لم أسألك ، مما فيه صلاح آخرتي ودنياي ، ولإخواني وأهلي وولدي وأهل بيتي ، وارحمهم وارحم والدي ، وتجاوز عنهما ، ونور قبريهما ، وجميع من أحبني من المؤمنين والمؤمنات ، ومن عرفته ومن لم أعرفه ، انك تعلم منقلبهم ومثواهم ، وارزقني الوفاء بعهدك ، وثبتني على موالاة أوليائك ومعاداة أعدائك ، ولا تجعله آخر العهد مني ومن موقفي هذا ، إنك جواد كريم.

اللهم لك الحمد وإليك المشتكي وأنت المستعان ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ، وثبنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

٣١١

الهي ان كانت ذنوبي قد حالت بيني وبينك ان ترفع لي صوتا ، أو تستجيب لي دعوة ، فها أنا ذا بين يديك ، متوجه إليك بنبيك محمد وأهل بيته صلواتك عليهم أجمعين ، وأسألك بعزتك يا مولاي لما قبلت عذري ، وغفرت ذنوبي بتوسلي إليك بمحمد وآل محمد صلواتك ورحمتك عليهم أجمعين ، فإنك قلت : الأعمال بخواتيمها ، وجعلت لكل عامل أجرا.

فأسألك يا إلهي أن تصلي على محمد وآل محمد وتجعل جزائي منك عتقي من النار ، وأن تنظر إلي نظرة رحيمة لا أشقى بعدها أبدا في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين.

ثم تصلي للزيارة وتدعو بعدها فتقول :

يا الله يا الله يا الله ، يا مجيب دعوة المضطرين ، يا كاشف كرب المكروبين ، يا غياث المستغيثين ، يا صريخ المستصرخين ، ويا من هو أقرب إلي من حبل الوريد (١).

يا من يحول بين المرء وقلبه (٢) ، يا من هو بالمنظر الاعلى وبالأفق المبين ، يا من هو الرحمن على العرش استوى ، يا من لا تتشابه عليه الأصوات ، يا من لا تغلطه الحاجات ، يا من لا يبرمه (٣) الحاح الملحين.

__________________

(١) الحبل : العرق ، الوريدان عرقان مكتنفان بصفحتي العنق في مقدمها متصلان بالوتين ، و في نسبة الأقربية إليه إشارة إلى جهة القرب ، وهي العلية.

(٢) اي يقلب القلوب إلى ما لا يريده الانسان.

(٣) أبرمه : ملله.

٣١٢

يا مدرك كل فوت (١) ، يا جامع كل شمل (٢) ، ويا بارئ النفوس بعد الموت ، يا من هو كل يوم في شأن ، يا قاضي الحاجات ، يا منفس الكربات ، يا ولي الرغبات ، يا كافي المهمات ، يا من يكفي من كل شئ ولا يكفي منه شئ في السماوات والأرض.

أسألك بحق النبي محمد وبحق أمير المؤمنين علي الوصي ، وبحق فاطمة البتول ، وبحق الحسن والحسين صلواتك عليهم ، فاني بهم أتوجه إليك في مقامي هذا ، وبهم أتوسل ، وبهم أتشفع ، وبحقهم أسألك وأقسم عليك واعزم عليك ، وبالشأن الذي لهم عندك ، وبالقدر الذي فضلتهم على العالمين.

وباسمك الذي جعلته عندهم ، وبه خصصتهم دون العالمين ، وبه أبنتهم وأبنت فضلهم من فضل العالمين ، حتى فاق فضلهم فضل العالمين جميعا.

أسألك ان تصلي على محمد وعلى أهل بيت محمد وان تكشف عني غمي وهمي وكربي ، وتكفيني المهم من أموري ، وتقضي عني ديني ، وتجيرني من الفقر ، وتغنيني عن الفاقة ، وتحرسني عن المسألة والوقوف لمسألة المخلوقين ، وتكفيني مؤونة من اذاني بسوء بلا مؤونة على ذلك ، وتكفيني هم ما أخاف همه ، وعسر ما أخاف عسره ،

__________________

(١) الفوت : السبق ، فاته : سبقه فلم يدركه.

(٢) الشمل : الجمع ، وما اجتمع من الامر والحزونة والخشونة.

٣١٣

وحذر ما أخاف حذره ، وشر ما أخاف شره ، ومكر من أخاف مكره ، وبغي ما أخاف بغيه ، وحزن ما أخاف حزنه ، وسلطان ما أخاف سلطانه ، وكيد ما أخاف كيده ، وقدرة ما أخاف قدرته بلا مؤونة علي ، وترد عني كيد الكائدين ومكر الماكرين.

اللهم صل على محمد وعلى أهل بيت محمد ومن أرادني بسوء فارده ، ومن كادني فكده ، واصرف عني كيده وبأسه ، وادفعه عني كيف شئت وامنعه مني.

اللهم صل على محمد وعلى أهل بيت محمد واشغله عني بفقر لا تجبره ، وبلاء لا تستره ، وفاقة لا تسدها ، وسقم لا تعافيه ، وذل لا تعزه ، ومسكنة لا تجبرها.

اللهم صل على محمد وأهل بيته واضرب الذل بين عينيه ، وادخل الفقر عليه في منزله ، والسقم في جوفه ، حتى تشغله بشغل لا فراغ له ، وأنسه ذكري ، وخذ عني سمعه وبصره ولسانه ، ويده ورجله ، وجميع جوارحه ، وادخل عليه في جميع ذلك السقم ، ولا تشفه حتى يكون شغله بسقمه.

واكفني يا كافي ما لا يكفيه سواك ، فإنك أنت الكافي لا كافي سواك ، ومفرج لا مفرج سواك ، وجار من لا يجيرني سواك ، خاب من كان جاره سواك ، ومهربه إلى غيرك ، ومعينه سواك ، ومفزعه سواك ، ولجاؤه إلى غيرك.

٣١٤

أنت رجائي وثقتي ، ومفزعي ومهربي ، ولجأي وملتجأي ومنجاي ، بك استفتح ، بك استنجح ، وبمحمد وأهل بيته صلى الله عليهم أتوجه بهم إليك أتوسل واستشفع.

فاسالك يا الله يا الله يا الله ، يا من له الحمد والشكر ، واليه المشتكى ، وهو المستعان ، أسألك بحق محمد وأهل بيت محمد ان تصلي على محمد وعلى أهل بيته وان تكشف عني غمي وهمي وكربي في مقامي هذا كما كشفت عن نبيك محمد صلى الله عليه وعلى أهل بيته همه وغمه وكربه ، وكفيته هول عدوه ، فبحقه عليك اكشف عني كل غم وهم كما فرجت عنه ففرج عني ، واكفني كما كفيته ، واذهب عني هم ما أخاف همه ، واذهب عني هول ما أخاف مؤونته بلا مؤونة علي في ذلك ، واقض حوائجي بحق محمد واله.

واصرفني من هذا الموضع بقضاء حوائجي ، وبالنجاح عن موقفي ، حتى أتوصل إلى جميع حوائجي من أمر دنياي واخرتي ، واتمام النعمة علي ، وتبارك لي في نفسي وأهلي وولدي وما أنعمت به علي حتى يصل ذلك بعاقبة الآخرة ونعيمها ، فاني أتوجه إليك بمحمد وأهل بيته صلى الله عليه وأهله.

يا أمير المؤمنين علي صلى الله عليه ، يا محمد يا رسول الله يا أمير المؤمنين يا علي ، اشفعا لي إلى الله عزوجل ، يا حسن يا حسين اشفعا لي إلى الله عزوجل بقضاء حوائجي ، يا ساداتي يا موالي يا أئمتي

٣١٥

اشفعوا لي إلى الله تبارك اسمه بقضاء حوائجي وخلاصي من النار

يا مولاي يا أمير المؤمنين علي يا مولاي يا مولاي يا أبا عبد الله يا بن رسول الله صلى الله عليه وعلى أهله عليكم مني السلام ما بقي الليل والنهار ، اشفعوا لي إلى الله تبارك اسمه بقضاء حوائجي وكفاية ما همني من أمر آخرتي ودنياي ، يا مولاي يا أمير المؤمنين عليك مني السلام ما بقي الليل والنهار لا جعله الله آخر العهد من زيارتكما ولافرق الله بيني وبينكما.

اللهم صل على محمد وعلى أهل بيت محمد وأحيني حياة محمد وذريته صلى الله عليه وعليهم ، وأمتني مماتهم وعلى ملتهم ، واحشرني في زمرتهم ، ولا تفرق بيني وبينهم طرفة عين ابدا في الدنيا والآخرة.

يا نبي الله يا أمير المؤمنين علي يا أخا رسول الله ، يا أبا عبد الله يا مولاي يا حسين ، يا بن رسول الله ، اتيتكم زائرا متوسلا إلى الله عزوجل ربي وربكم ، متوجها بكم ، مستشفعا إلى الله تبارك اسمه في حوائجي هذه ، فاشفعوا لي ، فان لكم عند الله عز اسمه المقام المحمود ، والجاه العريض ، والقول الوجيه ، والمنزلة الرفيعة ، والشفاعة المقبولة والوسيلة.

لا انقلب عنكم الا بنجح حاجتي وقضائها ونجاحها من عند الله تبارك وتعالى بشفاعتكم إلى الله عزوجل في ذلك فلا أخيب ،

٣١٦

ولا يكون منقلبي منقلب خائب خاسر ، بل يكون منقلبي منقلب مفلح بنجح راجح مستجاب الدعوة ، وقضاء حوائجي بشفاعتكم يا موالي وساداتي.

انقلب على ما شاء الله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، أفوض أمري إلى الله ، ملجئا ظهري إلى الله ، متوكلا على الله ، وهو حسبي ونعم الوكيل ، حسبي الله وكفى ، سمع الله لمن دعا ، ليس وراء الله ووراءكم منتهى ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، لا حول ولا قوة الا بالله.

لا جعله الله اخر العهد لي بزيارتكم ولا آخر الزيارة لكما ، انصرف يا مولاي يا أمير المؤمنين ، يا مولاي يا أبا عبد الله ، وسلامي عليكما متصلا ابد الابدين ، وصلى الله على خير خلقه محمد واله وسلم تسليما (١).

باب وداع أمير المؤمنين عليه‌السلام :

تقف عليه كوقوفك الأول وتقول :

السلام عليك يا أمير المؤمنين ، ويعسوب الدين ، وقائد الغر المحجلين ، وحجة الله على أهل السماوات والأرضين ، سلام مودع لا سئم ولا قال (٢) ورحمة الله وبركاته ، إنه حميد مجيد ، سلام ولي غير

__________________

(١) عنه البحار ١٠٠ : ٣٤٧.

(٢) قلاه : أبغضه وكرهه ، ومنه قوله تعالى : ( ما ودعك ربك وما قلى ).

٣١٧

زائغ عنك ، ولا منحرف منك ، ولا مستبدل بك ولا مؤثر عليك ، ولا زاهد فيك.

ولا جعله الله آخر العهد من زيارتك يا أمير المؤمنين وإتيان مشهدك ، والسلام عليك ، وحشرني الله في زمرتك ، وأوردني حوضك ، وجعلني من حزبك ، وأرضاك عني ، ومكنني في دولتك ، وأحياني في رجعتك ، وملكني في أيامك ، وشكر سعيي بك ، وغفر ذنبي بشفاعتك ، وأقال عثرتي بحبك ، وأعلا كعبي بموالاتك ، وشرفني بطاعتك ، وأعزني بهدايتك.

وجعلني ممن أنقلب مفلحا منجحا ، غانما سالما ، معافا غنيا ، فائزا برضوان الله وفضله وكفايته ، ونصرته وأمنه ، ونوره وهدايته ، وحفظه وكلاءته ، بأفضل ما بينك وبين أحد من زوارك ووافديك ، ومواليك وشيعتك ، ورزقني الله العود ما أبقاني ربي ، بايمان وبر وتقوي وإخبات ، ورزق حلال واسع ، وعافية شاملة في النفس والاخوان والأهل والولد.

اللهم صل على محمد وآل محمد ولا تجعله آخر العهد من زيارة مولاي أمير المؤمنين ، وذكره والصلاة عليه ، وأوجب لي من الخير والبركة ، والنور والايمان وحسن الإجابة مثل ما أوجبت لأوليائك ، العارفين بحقك ، الموجبين لطاعتك ، المديمين لذكرك ، الراغبين في زيارتك ، المتقربين إليك بذلك.

٣١٨

بابي أنت وأمي يا أمير المؤمنين ونفسي وأحبتي ، واجعلني يا مولاي من حزبك ، وأدخلني في شفاعتك واذكرني عند ربك.

اللهم صل على محمد وعلى أهل بيت محمد الطيبين الطاهرين ، وبلغ أرواحهم وأجسادهم مني السلام ، وأعمم بما سألتك جميع أهلي وولدي وإخواني ، إنك على كل شئ قدير ، يا أرحم الراحمين.

اللهم إني أشهدك واشهد محمدا وعليا ، والثمانية حملة عرشك ، والأربعة أملاك خزنة علمك ، أن فرض صلواتي لوجهك ، ونوافلي وزكواتي وما طاب من قول وعمل عندك ، فعلى محمد صلى الله عليه وآله فأسألك يا إلهي أن تصلي على محمد واله وتوصلني به إليه ، وتقربني به لديه ، كما أمرتنا بالصلاة عليه ، واشهد أني مسلم له ولأهل بيته ، غير مستكبر ولا مستنكف ، فسلمنا بصلاته وصلاة أهل بيته ، و اجعل ما أتينا من عمل أو معرفة مستقرا لا مستودعا ، يا أرحم الراحمين.

ثم تنكب على القبر وتقول :

وليك يا مولاي يا أمير المؤمنين بك عائذ ، وبحرمك لائذ ، وبحبلك آخذ ، وبأمرك نافذ ، فكن لي يا مولاي يا أمير المؤمنين إلى الله سفيرا ، ومن النار مجيرا ، وعلى الدهر ظهيرا ، ولزيارتي شكورا ، فمن تعلق بك سلم ، ومن تأخر عنك ندم.

وأنت مولى الأمم وكاشف النقم ، صلوات الله عليك ، عبدك بين يديك ، يدعوك ويشكو إليك ، ويتكل في أمره عليك ، وأنت مالك

٣١٩

جنته ، ومنفس كربته ، وراحم عبرته ، ومحيي قلبه ، عليك منا السلام ، وبك بعد الله الاعتصام ، إذا حل الحمام (١) وسكن الزحام ، فإليك المآب وأنت حسبنا ونعم الوكيل.

وتدعو بما شئت ، وصل على محمد المصطفى وعلى آله الطاهرين ، وانصرف راشدا (٢).

الصلاة والدعاء يوم الغدير :

ينبغي ان تغتسل قبل زوال الشمس بساعة وتصلي قبل الزوال بنصف ساعة ركعتين شكرا لله تعالى ، تقرأ في كل ركعة منهما الحمد مرة وعشر مرات : ( قل هو الله أحد ) ، وعشر مرات : ( انا أنزلناه ) ، وآية الكرسي.

فإذا صليت الركعتين تشهدت وسلمت وسجدت وشكرت الله مائة مرة ، ثم ترفع رأسك من السجود وتدعو بهذا الدعاء :

اللهم إني اشهد بان لك الحمد وحدك لا شريك لك ، واحد أحد صمد لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفوا أحد ، وأن محمدا عبدك ورسولك صلواتك عليه وعلى أهل بيته.

يا من هو كل يوم في شأن كما كان من شأنك ان تفضلت علي

__________________

(١) الحمة جمع حمام : كل ما قدر وقضى.

(٢) عنه البحار ١٠٠ : ٣٥٣.

٣٢٠