المزار الكبير

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي

المزار الكبير

المؤلف:

الشيخ أبو عبد الله محمّد بن جعفر المشهدي


المحقق: جواد القيّومي الاصفهاني
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: نشر القيوم
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-92002-0-7
الصفحات: ٧٠٤

الباب (١٢)

التوجه إلى مشهد أمير المؤمنين عليه‌السلام

١ ـ فإذا أردت الخروج من الكوفة والتوجه إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فاحرز رحلك وتوجه وأنت على طهرك وغسلك ، وعليك السكينة والوقار وتقول :

اللهم إني توجهت (١) من منزلي ابغي فضلك ، وأزور وصي نبيك صلوات الله عليهما ، اللهم فيسر لي ذلك وسبب المزار له ، واخلفني في عاقبتي (٢) وحزانتي (٣) بأحسن الخلافة يا ارحم الراحمين.

فإذا وردت الخندق فقل :

الله أكبر ، أهل الكبرياء والعظمة ، الله أكبر أهل التكبير والتقديس والتسبيح والمجد والآلاء ، الله أكبر مما أخاف واحذر ، الله أكبر عمادي وعليه أتوكل ، الله أكبر رجائي واليه أنيب.

اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على طلبتي ، تعلم حاجتي وما تضمره هواجس الصدور (٤) ، فأسألك بحق نبيك المرضي ، الذي قطعت به حجج المحتجين ، وعذر المعتذرين ، فاخترته حجة على العالمين ،

__________________

(١) خرجت ( خ ل ).

(٢) العاقبة : الولد.

(٣) حزانة الرجل : عياله الذين تتحزن لأمرهم.

(٤) هواجس الصدور اي ما يخطر فيها ويدور فيها من الأحاديث والأفكار.

١٨١

ان لا تحرمنا زيارة أمير المؤمنين وثواب مزاره ، وان تجعلني من وفده الصالحين وشيعته ومنتجبيه المباركين.

وإذا تراءت لك القبة فقل :

الحمد لله على ما اختصني من طيب المولد ، واستخلصني اكراما به من (١) موالاة الأبرار ، السفرة الأطهار ، والخيرة الاعلام ، اللهم فتقبل سعيي إليك ، وتضرعي بين يديك ، واغفر لي الذنوب [ التي لا تخفى عليك ] (٢) ، انك أنت الله الملك الغفار.

فإذا وصلت إلى العلم فقل :

اللهم انك ترى مكاني ، وتسمع كلامي ، ولا يخفى عليك شئ من أمري ، وكيف يخفى عليك ما أنت مكونه وبارؤه ، وقد جئتك مستشفعا بنبيك نبي الرحمة ، ومتوسلا بوصي رسولك ، وأسألك بهما اثباتا في الهدى ، ونورك في الآخرة والأولى ، وقربة إليك ، وزلفة لديك ، انك أنت الملك القديم.

فإذا وصلت إلى باب الحائر كبرت ثلاثين تكبيرة ، وهللت ثلاثين تهليلة ، وحمدت الله ثلاثين تحميدة ، وصليت على محمد وآله ثلاثين مرة ، ثم دنوت من حيث تدخل ، فقدمت رجلك اليمنى وقلت :

__________________

(١) استخلصني اكراما به اي استخلصني به اكراما لي ، ومن بيانية ، يقال : استخلصه لنفسه : استخصه.

(٢) من المصادر.

١٨٢

بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله.

وصل ركعتين تحية المشهد مندوبا وقل :

السلام على رسول الله خاتم النبيين صلى‌الله‌عليه‌وآله ، السلام على وصيه أمير المؤمنين عليه‌السلام ، السلام على جميع ملائكة هذا الحرم الذي هم به محفون ، وبمشهده محدقون ، ولزواره مستغفرون ، الحمد لله الذي أكرمنا بمعرفته ومعرفة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن فرض علينا طاعته صلى الله عليه ، رحمة وتطولا.

الحمد لله الذي سيرني في بلاده ، وحملني على دوابه ، وطوى لي البعيد ، ودفع عني المكاره ، وبلغني حرم أخي نبيه ووصي رسوله صلى الله عليهما ، وادخلني البقعة التي قدسها ، وبارك عليه ، واختارها لوصي نبيه صلى الله عليهما.

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واشهد ان عليا عليه‌السلام عبده وأخو رسوله.

اللهم إني عبدك وزائرك ، الوافد إليك ، المتقرب إليك بزيارة أخي نبيك ومستحفظ رسولك صلى الله عليهما وسلم ، وعلى كل مأتي حق لمن زاره ، وأنت خير مأتي وأكرم مزور.

فأسألك اللهم بمعاقد العز من عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك ،

١٨٣

وبموجبات رحمتك وعزائم مغفرتك ، ان تصلي على محمد واله وان تجعل حظي من زيارتي في موضعي فكاك رقبتي من النار ، وتجعلني ممن يسارع في الخيرات ويدعوك رغبا ورهبا ، واجعلني من الخاشعين.

اللهم انك بشرتني على لسان نبيك صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : ( وبشر الذين امنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ) (١).

فاني مؤمن بك وبجميع أنبيائك ورسلك صلواتك عليهم ، وبكلماتك وأنبيائك ، فلا توقفني بعد معرفتهم موقفا تفضحني فيه على رؤوس الاشهاد ، وأوقفني مع محمد وآله صلواتك عليهم ، وتوفني على التصديق بهم والتسليم لهم ، فإنهم عبيدك ، وأنت خصصتهم بكرامتك ، وأمرتني باتيانهم ، وفرضت علي طاعتهم ، فلك الحمد يا رب العالمين.

فإذا وقفت على باب السلام فقل :

السلام على أبي الأئمة ، ومعدن النبوة ، والمخصوص بالاخوة ، السلام على يعسوب (٢) الايمان ، وكلمة الرحمن (٣) ، وكهف الأنام ، وسلام

__________________

(١) يونس : ٢.

(٢) اليعسوب : السيد والرئيس والمقدم ، واصله أمير النحل.

(٣) كلمة الرحمن : اي يبين للخلق ما أراد الله اظهاره ، كما أن الكلمة تبين ما في ضمير صاحبها ، أو المراد انه صاحب كلمات الله وعلومه.

١٨٤

على ميزان الأعمال (١) ومقلب الأحوال (٢) وسف ذي الجلال ، وسلام على صالح المؤمنين ، ووارث علم النبيين ، والحاكم في يوم الدين.

سلام على شجرة التقوى ، وسامع السر والنجوى ، ومنزل المن والسلوى ، سلام على حجة الله البالغة ، ونعمته السابغة ، ونقمته الدامغة.

سلام على إسرائيل الأمة ، وباب الرحمة ، وأبي الأئمة ، سلام على صراط الله الواضح ، والنجم اللائح ، والامام الناصح ، سلام على وجه الله الذي من آمن به امن ، سلام على نفسه القائمة فيه بالسنن ، وعينه التي من رعته اطمأن ، سلام على اذن الله الواعية في الأمم ، ويده الباسطة بالنعم ، وجنبه الذي من فرط فيه ندم.

اشهد انك مجازي الخلق ، ومالك الرزق ، والحاكم بالحق ، بعثك الله علما لعباده ، فوفيت بمراده ، وجاهدت فيه حق جهاده ، صلى الله عليك ، وجعل أفئدة من المؤمنين تهوي إليك ، والخير منك وفي يديك.

عبدك الزائر بحرمك ، اللائذ بكرمك ، الشاكر لنعمك ، قد هرب إليك من ذنوبه ، ورجاك لكشف كروبه ، فأنت ساتر عيوبه ، فكن لي إلى

__________________

(١) لأنهم ـ على ما ورد في الروايات الكثيرة ـ موازين يوم القيامة وهم يحاسبون الخلق.

(٢) اي يقلب أحوالهم من الضلالة إلى الهداية ، ومن الجهل إلى العلم و ... ، أو انه محنة الورى به يتميز المؤمن من الكافر ، وبه انتقل جماعة من الكفر إلى الايمان ، وبه ظهر كفر المنافقين ، وله معنى آخر دقيق ليس هنا موضع ذكرها.

١٨٥

الله سبيلا ، ومن الله مقيلا ، ولما آمل فيك كفيلا ، نجني نجاة من وصل حبله بحبلك ، وسلك إلى الله بسبلك ، وأنت سامع الدعاء ، ولي الجزاء ، عليك منا التسليم ، وأنت السيد الكريم ، وأنت بنا رحيم ، منك النوال ، وعليك بعد الله التكلان ، والحمد لله وحده.

السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، السلام عليك يا ولي الله ، السلام عليك يا صفوة الله ، السلام عليك يا حبيب الله ، السلام عليك يا وصي رسول رب العالمين وخاتم النبيين ، السلام عليك يا سيد الوصيين ، السلام عليك يا حجة الله على الخلق أجمعين.

السلام عليك أيها النبأ العظيم ، الذي هم فيه مختلفون ، وعنه مسؤولون ، السلام عليك أيها الفاروق الأعظم ، السلام عليك يا أمير المؤمنين ، السلام عليك يا امين الله ، السلام عليك يا حبل الله وموضع سره ، وعيبة علمه وخازن وحيه.

بابي أنت وأمي يا مولاي يا حجة الخصام ، بابي أنت وأمي يا باب المقام (١) ، اشهد انك حبيب الله وخاصة الله وخالصته.

واشهد انك عمود الدين ، ووارث علم الأولين والآخرين ،

__________________

(١) باب المقام اي مقام إبراهيم لحج البيت واعتماره لا يقبل الا بولايتك فمن لم يأته بولايتك فكأنما اتى البيت من غير بابه ، أو باب القيام عند رب العالمين للحساب ، كناية عن أن إياب الخلق إليه وحسابهم عليه ، فكما انه لا يدخل البيت الا بعد المرور على الباب كذلك لا يأتي أحد ليقوم للحساب الا بعد أن يلقاه عليه‌السلام بما هو أهله من البشارة أو الاكتياب ـ البحار.

١٨٦

وصاحب الميسم (١) والصراط المستقيم ، اشهد انك قد بلغت عن الله وعن رسوله ، ورعيت ما استحفظت ، وحفظت ما استودعت ، وحللت حلال الله ، وحرمت حرام الله ، وأقمت احكام الله ، ولم تتعد حدود الله ، وعبدت الله مخلصا حتى اتاك اليقين.

اشهد انك أقمت الصلاة ، واتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ، ونهيت عن المنكر ، واتبعت الرسول ، وتلوت الكتاب حق تلاوته ، وجاهدت في الله حق جهاده ، ونصحت لله ولرسوله ، وجدت بنفسك صابرا محتسبا ، وعن دين الله مجاهدا ، ولرسول الله موفيا ، ولما عند الله طالبا ، وفيما وعد راغبا ، ومضيت للذي أنت عليه شاهدا وشهيدا ومشهودا ، فجزاك الله عن رسول الله وعن الاسلام وأهله أفضل الجزاء.

لعن الله من افترى عليك وغضبك ، ولعن الله من قتلك ، ولعن من بايع على قتلك ، ولعن من بلغه ذلك فرضي به ، أنا إلى الله منهم برئ ، ولعن الله أمة خالفتك ، وأمة جحدت ولايتك ، وأمة تظاهرت عليك ، وأمة قاتلتك ، وأمة جارت عليك وحادت عنك (٢) وخذلتك (٣) ، الحمد لله الذي جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود.

__________________

(١) إشارة إلى ما ورد في الاخبار انه عليه‌السلام الدابة التي يخرج في آخر الزمان ، ومعه العصا والميسم ، يسم بهما وجوه المؤمنين والكافرين.

(٢) الحيد : الميل.

(٣) خذله : ترك نصرته.

١٨٧

اللهم العن قتلة أنبيائك وأوصياء أنبيائك بجميع لعناتك وأصلهم (١) حر نارك ، اللهم العن الجوابيت والطواغيت والفراعنة ، واللات والعزى ، وكل ند يدعى من دون الله ، وكل ملحد مفتر.

اللهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم ، وأولياءهم وأعوانهم ومحبيهم لعنا كثيرا ، لا انقطاع له ولا اجل.

اللهم إني أبرأ إليك من جميع أعدائك ، وأسألك اللهم ان تصلي على محمد وآله وان تجعل لي لسان صدق في أوليائك ، وتحبب إلي مشاهدهم ، حتى تلحقني بهم ، وتجعلني لهم تبعا في الدنيا والآخرة ، يا ارحم الراحمين.

ثم تحول إلى عند رأسه صلوات الله عليه وتقول :

سلام الله وسلام ملائكته المقربين ، والمسلمين لك بقلوبهم ، والناطقين بفضلك ، والشاهدين على أنك صادق صديق ، عليك يا مولاي ورحمة الله وبركاته ، صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك ، اشهد أنك طاهر مطهر ، من طهر طاهر مطهر.

اشهد لك يا ولي الله وولي رسوله بالبلاغ والأداء ، واشهد أنك حبيب الله ، وأنك باب الله (٢) الذي يؤتى منه ، وأنك سبيل الله ، وانك

__________________

(١) صلى اللحم : شواه أو ألقاه في النار للاحراق.

(٢) المراد بالباب الذي لا يؤتي الا منه ، اي لا يوصل إلى الله والى معرفته وعبادته الا بمتابعتك.

١٨٨

عبد الله وأخو رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

اتيتك متقربا إلى الله بزيارتك ، في خلاص نفسي ، متعوذا بك من نار استحقها مثلي بما جنيت على نفسي ، اتيتك انقطاعا إليك وإلى ولدك (١) الخلف من بعدك على بركة الحق ، فقلبي لكم مسلم ، وأمري لكم متبع ، ونصرتي لكم معدة.

أنا عبد الله ومولاك وفي طاعتك ، الوافد إليك ، ألتمس كمال المنزلة عند الله تعالى ، وأنت يا مولاي ممن أمرني الله بصلته ، وحثني على بره ، ودلني على فضله ، وهداني لحبه ، ورغبني في الوفادة إليه ، وألهمني طلب الحوائج عنده.

أنتم أهل بيت يسعد من تولاكم ، ولا يخيب من أتاكم ، ولا يخسر من يهواكم ، ولا يسعد من عاداكم ، لا أجد أحدا أفزع إليه خيرا لي منكم ، أنتم أهل بيت الرحمة ، ودعائم الدين ، وأركان الأرض ، والشجرة الطيبة.

اللهم لا تخيب توجهي إليك برسولك وال رسولك ، واستشفاعي بهم ، اللهم أنت مننت علي بزيارة مولاي أمير المؤمنين وولايته ومعرفته ، فاجعلني ممن ينصره وينتصر به ، ومن علي بنصرك لدينك في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أحيى على ما حيي عليه علي بن أبي طالب وذريته الطاهرون.

__________________

(١) المراد بالولد الحسين عليه‌السلام ، أو جميع الأئمة عليهم‌السلام ، فان الولد يكون واحدا وجمعا.

١٨٩

ثم انكب على القبر فقبله وضع خديك عليه ، ثم انفتل إلى القبلة وأنت مقامك عند الرأس ، فصل ركعتين ، تقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وسورة الرحمن ، وفي الثانية فاتحة الكتاب وسورة يس ، ثم تتشهد وتسلم.

فإذا سلمت فسبح تسبيح الزهراء فاطمة عليها‌السلام واستغفر وادع ، ثم اسجد وقل في سجودك :

اللهم إني إليك توجهت ، وبك اعتصمت ، وعليك توكلت ، اللهم أنت ثقتي ورجائي ، فاكفني ما أهمني وما لا يهمني وما أنت اعلم به مني ، عز جارك وجل ثناؤك ولا اله غيرك ، صل على محمد وآل محمد وقرب فرجهم.

ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقل :

اللهم ارحم ذلي بين يديك ، وتضرعي إليك ، ووحشتي من الناس ، وانسي بك يا كريم.

ثم ضع خدك الأيسر على الأرض وقل :

لا إله إلا أنت حقا حقا ، سجدت لك يا رب تعبدا ورقا ، اللهم ان عملي ضعيف ، فضاعفه لي يا كريم.

تقول ذلك ثلاثا ، ثم عد إلى السجود وقل : شكرا شكرا ـ مائة مرة.

وتقوم فصل أربع ركعات كما صليت ، ويجزيك ان عدلت عن ذلك إلى ما تيسر من القرآن ، تكمل بالأربع ست ركعات الأوليان ، منها لزيارة

١٩٠

أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والأربع لزيارة ادم ونوح عليهما‌السلام ، وتسبح تسبيح الزهراء عليها‌السلام وتستغفر لذنبك وتدعوا بما شئت.

ثم تحول إلى عند الرجلين وقل :

السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، أنت أول مظلوم ، وأول مغصوب حقه ، صبرت واحتسبت حتى اتاك اليقين ، اشهد انك لقيت الله وأنت شهيد ، عذب الله قاتلكم بأنواع العذاب.

جئتك زائرا عارفا بحقك ، مستبصرا بشأنك ، معاديا لأعدائك ، مواليا لأوليائك ، القى على ذلك ربي إن شاء الله تعالى ، ولي ذنوب كثيرة ، فاشفع لي عند ربك ، فان لك عند الله مقاما معلوما وجاها وشفاعة ، وقد قال الله تعالى : ( ولا يشفعون الا لمن ارتضى (١) وهم من خشيته مشفقون ) (٢).

صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك ، وعلى الأئمة من ذريتك ، صلاة لا يحصيها الا هو ، وعليكم أفضل السلام ورحمة الله وبركاته.

واجتهد في الدعاء فإنه موضع مسألة ، وأكثر من الاستغفار فإنه

__________________

(١) لعل المراد بالشفاعة أولا في قوله : ( فاشفع لي إلى ربك ) الاستغفار في هذه الحالة ، وبالشفاعة ثانيا في قوله : ( ولا يشفعون الا لمن ارتضى ) في القيامة ، اي ادع لي الان بالغفران لأصير قابلا لشفاعتك في القيامة ، ويحتمل أن يكون المعنى اشفع لي فان كل من شفعتم له فهو المرتضى ، ويحتمل أن يكون المقصود الاستشهاد بالقران لمجرد وقوع الشفاعة لا لخصوص المشفوع له ، والله العالم ـ البحار.

(٢) الأنبياء : ٢٨.

١٩١

موطن مغفرة ، اساله الحوائج فإنه مقام إجابة ، وأكثر من الصلاة والدعاء والزيارة والتحميد والتسبيح والتهليل وذكر الله تعالى وتلاوة القرآن والاستغفار ما استطعت.

زيارة أبي البشر آدم صلى الله عليه :

تقف على ضريح أمير المؤمنين عليه‌السلام وتقول :

السلام عليك يا صفي الله ، السلام عليك يا حبيب الله ، السلام عليك يا نبي الله ، السلام عليك يا امين الله ، السلام عليك يا خليفة الله في ارضه.

السلام عليك يا أبا البشر ، سلام الله عليك وعلى روحك وبدنك ، وعلى الطاهرين من ولدك وذريتك ، صلاة لا يحصيها الا هو ورحمة الله وبركاته.

باب الوداع :

فإذا قضيت نسكك واردت الانصراف فقف على القبر كوقوفك عليه في ابتداء زيارتك ، وتستقبله بوجهك وتجعل القبلة بين كتفيك ، تقول :

السلام عليك يا أمير المؤمنين وعلى ضجيعيك ادم ونوح ورحمة الله وبركاته ، أستودعكم الله وأسترعيكم واقرأ عليكم

١٩٢

السلام ، امنا بالله وبالرسل ، وبما جاءت به ودلت عليه ، اللهم اكتبنا مع الشاهدين.

اللهم إني أشهدك في مماتي على ما شهدت عليه في حياتي ، اشهد انكم الأئمة ـ وتسميهم واحدا بعد واحد.

واشهد ان من قتلكم وحاربكم مشركون ، ومن رد عليكم في أسفل درك من الجحيم ، واشهد ان من حاربكم لنا أعداء ، وانهم حزب الشيطان ، وعلى من قتلكم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ومن شرك فيه ومن سره قتلكم.

اللهم إني أسألك بعد الصلاة والتسليم ان تصلي على محمد النبي وآله  ـ وتسميهم ـ ولا تجعل هذا اخر العهد من زيارتي إياهم ، فان جعلته فاحشرني معهم.

اللهم وذلل قلوبنا لهم بالطاعة والمناصحة ، وحسن المؤازرة والتسليم (١).

__________________

(١) رواه السيد ابن طاووس في مصباح الزائر : ٦٠ والشهيد في مزاره : ٢٩ والمفيد في مزاره ، عنهم البحار ١٠٠ : ٢٨١

ذكره عبد الكريم بن طاووس في فرحة الغري : ٩٣ عن صفي الدين بن معدان ، عن الحسين ابن الفضل ، عن الحسين بن محمد بن مصعب ، وعن زيد بن علي بن محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد بن مصعب ، عن محمد بن حسين بن أبي الخطاب ، عن صفوان بن علي البزاز عن صفوان الجمال ، عن الصادق عليه‌السلام ، عنه البحار ١٠٠ : ٢٣٥

١٩٣

الباب (١٣)

فأما العمل والصلاة ليلة المبعث ، وهي ليلة سبع وعشرين من رجب

الف ـ فإنه روى صالح بن عقبة عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال : صل ليلة سبع وعشرين من رجب أي وقت شئت من الليل اثنتي عشرة ركعة ، تقرأ في كل ركعة الحمد ، والمعوذتين ، و ( قل هو الله أحد ) أربعا يعني سورة منها أربع ركعات ، وينوي انه يصلي صلاة ليلة المبعث مندوبا قربة إلى الله تعالى.

فإذا فرغت قلت وأنت في مكانك أربع مرات :

لا إله إلا الله والله أكبر ، والحمد لله ، وسبحان الله ، ولا حول ولا قوة الا بالله.

ثم ادع ما شئت (١).

ب ـ رواية أخرى : روي عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليهما‌السلام أنه قال : ان في رجب ليلة خير مما طلعت عليه الشمس ، وهي ليلة سبع وعشرين من رجب ، فيها نبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في صبيحتها ، وان للعامل فيها من شيعتنا أجر عمل ستين سنة ، قيل له : وما العمل فيها أصلحك الله؟ قال :

__________________

(١) رواه الشيخ في مصباحه : ٨١٣ ، عنه السيد في الاقبال ٣ : ٢٦٧ ، عنه الوسائل ٨ : ١١١.

١٩٤

إذا صليت العشاء الآخرة واخذت مضجعك ، ثم استيقظت اي ساعة شئت من الليل قبل الزوال ، صليت اثنتي عشرة ركعة ، تقرأ في كل ركعة الحمد وسورة من خفاف المفصل.

فإذا سلمت في كل شفع جلست بعد التسليم ، وقرأت الحمد سبعا ، و ( قل هو الله أحد ) ، و ( قل يا أيها الكافرون ) سبعا سبعا (١) ، وقلت بعقب ذلك هذا الدعاء :

الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.

اللهم إني أسألك بمعاقد عزك على أركان عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك ، وباسمك الأعظم الأعظم الأعظم ، وذكرك الاعلى الاعلى الاعلى ، وبكلماتك التامات ان تصلي على محمد واله وان تفعل بي ما أنت أهله (٢).

ويستحب الغسل في هذه الليلة.

__________________

(١) كذا ، وفي بعض المصادر زيادة : المعوذتين وانا أنزلناه وآية الكرسي.

(٢) رواه الشيخ في مصباحه : ٨١٣.

رواه السيد ابن طاووس في الاقبال ٣ : ٢٦٦ ، باسناده عن الطرازي في كتابه ، عن عدة من أصحابنا ، عن عبد الباقي بن قانع بن مروان ، عن محمد بن زكريا الغلابي ، عن محمد بن عفير الضبي.

وأيضا عن محمد بن عبد الله ، عن جعفر بن فروخ ، عن الغلابي ، عن العباس بن بكار ، عن الضبي ، عنه مستدرك الوسائل ٦ : ٢٨٩.

١٩٥

ويوم السابع والعشرين منه :

فيه بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويستحب صومه ، وهو أحد الأيام الأربعة في السنة ، ويستحب الغسل فيه ندبا والصلاة المخصوصة.

الف ـ وروى الريان بن الصلت قال : صام أبو جعفر الثاني عليه‌السلام لما كان ببغداد يوم النصف من رجب ويوم سبع وعشرين منه ، وصام معه جميع حشمه ، وأمرنا ان نصلي الصلاة التي هي اثنتا عشرة ركعة ، تقرأ في كل ركعة الحمد وسورة.

فإذا فرغت قرأت الحمد أربعا ، و ( قل هو الله أحد ) أربعا ، والمعوذتين أربعا ، وقلت :

لا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله والحمد لله ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ـ أربعا.

الله الله ربي لا أشرك به شيئا ـ أربعا (١).

ب ـ ويستحب ان يدعي في هذا اليوم بهذا الدعاء :

يا من أمر بالعفو والتجاوز ، وضمن على نفسه العفو والتجاوز ، يا من عفى وتجاوز ، اعف عني وتجاوز يا كريم.

__________________

(١) رواه السيد ابن طاووس في الاقبال ٣ : ٢٧٤ ، عن الشيخ في مصباحه : ٨١٤ ، عنه الوسائل ٨ : ١١٢.

١٩٦

اللهم وقد أكدى (١) الطلب ، وأعيت الحيلة والمذهب ، ودرست الآمال ، وانقطع الرجاء الا منك وحدك لا شريك لك.

اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة (٢) ، ومناهل (٣) الرجاء لديك مترعة (٤) ، وأبواب الدعاء لمن دعاك مفتحة ، والاستعانة لمن استعان بك مباحة ، واعلم انك لداعيك بموضع إجابة ، وللصارخ إليك بمرصد إغاثة ، وان في اللهف إلى جودك والضمان بعدتك عوضا من منع الباخلين ، ومندوحة (٥) عما في أيدي المستأثرين ، وانك لا تحتجب (٦) عن خلقك الا ان تحجبهم الأعمال دونك.

وقد علمت أن أفضل زاد الراحل إليك عزم إرادة ، وقد ناجاك بعزم الإرادة قلبي ، فأسالك بكل دعوة دعاك بها راج بلغته امله ، أو صارخ إليك أغثت صرخته ، أو ملهوف مكروب فرجت عن قلبه (٧) ، أو مذنب خاطئ غفرت له ، أو معافى أتممت نعمتك عليه ، أو فقير أهديت غناك إليه ، ولتلك الدعوة عليك حق ، وعندك منزلة ، الا صليت على محمد

__________________

(١) أكدى : بخل أو قل خيره.

(٢) مشرعة : مفتوحة.

(٣) المناهل : المشارب.

(٤) مترعة : مملوة.

(٥) المندوحة : السعة.

(٦) تحجب ( خ ل ).

(٧) فرجت كربه ( خ ل ).

١٩٧

وال محمد وقضيت حوائجي وحوائج الدنيا والآخرة.

وهذا رجب المرجب المكرم ، الذي أكرمتنا به أول أشهر الحرم ، أكرمتنا به من بين الأمم يا ذا الجود والكرم ، فنسألك به وباسمك الأعظم الأعظم الأعظم ، الاجل الأكرم الذي خلقته فاستقر في ظلك فلا يخرج منك إلى غيرك ، ان تصلي على محمد وأهل بيته الطاهرين ، وتجعلنا من العاملين فيه بطاعتك ، والآملين فيه لشفاعتك.

اللهم واهدنا إلى سواء السبيل ، واجعل مقيلنا (١) عندك خير مقيل ، في ظل ظليل ، فإنك حسبنا ونعم الوكيل ، والسلام على عباده المصطفين وصلواته عليهم أجمعين.

اللهم بارك لنا في يومنا هذا الذي فضلته ، وبكرامتك جللته ، وبالمنزل العظيم منك أنزلته ، وصل على من فيه إلى عبادك أرسلته ، وبالمحل الكريم أحللته.

اللهم صل عليه صلاة دائمة ، تكون لك شكرا ولنا ذخرا ، واجعل لنا من أمرنا يسرا ، واختم لنا بالسعادة إلى منتهى اجالنا ، وقد قبلت اليسير من أعمالنا ، وبلغنا برحمتك أفضل امالنا ، انك على كل شئ قدير ، وصلى الله على محمد وآله وسلم (٢).

__________________

(١) المقيل : موضع الاستراحة.

(٢) رواه الشيخ في مصباحه : ٨١٤.

ذكره السيد في الاقبال ٣ : ٢٧٦ باسناده إلى محمد بن علي الطرازي ، عن علي بن إسماعيل ابن يسار.

١٩٨

ج ـ رواية أخرى : رواية أبو القاسم الحسين بن روح رحمة الله عليه قال : تصلي في هذا اليوم اثنتا عشرة ركعة ، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وما تيسر من السور ، وتتشهد وتسلم وتقول بين كل ركعتين :

الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا.

يا عدتي في مدتي ، ويا صاحبي في شدتي ، ويا وليي في نعمتي ، يا غياثي في رغبتي ، يا مجيبي في حاجتي ، يا حافظي في غيبتي ، يا كالئي في وحدتي ، يا أنسي في وحشتي.

أنت الساتر عورتي فلك الحمد ، وأنت المقيل عثرتي فلك الحمد ، و أنت المنفس صرعتي فلك الحمد ، صل على محمد وال محمد واستر عورتي ، وآمن روعتي ، وأقلني عثرتي ، واصفح عن جرمي ، وتجاوز عن سيئاتي في أصحاب الجنة ، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.

فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد والاخلاص والمعوذتين و ( قل يا أيها الكافرون ) و ( انا أنزلناه ) وآية الكرسي سبع مرات ، ثم تقول :

لا إله إلا الله والله أكبر ، وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة الا بالله ـ سبع مرات.

ثم تقول :

١٩٩

الله الله ربي لا أشرك به شيئا ـ سبع مرات.

فاسأل ما أحببت (١).

فاما الزيادات في عمل رجب :

الف ـ فإنه روي أبو سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الا ان رجبا شهر الله الأصم ـ وذكر فضل صيامه وما لصائم أيامه من الثواب ، ثم قال في آخره ـ : قيل : يا رسول الله فمن لم يقدر على هذه الصفة يصنع ماذا لينال ما وصفت ، قال : يسبح الله تعالى في كل يوم من رجب إلى تمام ثلاثين بهذا التسبيح مائة مرة :

سبحان الاله الجليل ، سبحان من لا ينبغي التسبيح الا له ، سبحان الأعز الأكرم ، سبحان من لبس العز وهو له أهل (٢).

__________________

(١) رواه السيد في الاقبال ٣ : ٢٧٣ ، باسناده عن الطرازي في كتابه ، عن أبي العباس احمد ابن علي بن نوح ، عن أصل كتاب أبي احمد المحسن بن عبد الحكم الشجري ، عن كتاب أبي نصر جعفر بن محمد بن الحسن بن الهيثم ، عن الحسين بن روح ، عنه المستدرك ٦ : ٢٩١.

ذكره مع اختلاف السيد في الاقبال ٣ : ٢٧٥ عن الشيخ الطوسي في المصباح : ٧٥٠ باسناده عن أبي القاسم بن روح.

(٢) رواه السيد في الاقبال ٣ : ١٩٧ عن جده الشيخ الطوسي ، عن أبي سعيد الخدري.

ذكره الصدوق في أماليه : ٤٢٩ ، باسناده عن محمد بن أبي إسحاق بن أحمد الليثي ، عن محمد ابن الحسين الرازي ، عن علي بن محمد بن علي المفتي ، عن الحسن بن محمد بن المروزي ، عن أبيه ، عن يحيى بن عياش ، عن علي بن عاصم ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ذكره في الاقبال ٣ : ٢٨٤ عن أمالي الصدوق وثواب الأعمال.

٢٠٠