نضد القواعد الفقهيّة على مذهب الاماميّة

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي

نضد القواعد الفقهيّة على مذهب الاماميّة

المؤلف:

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي


المحقق: السيد عبد اللطيف الحسيني الكوه‌كمري الخوئي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٢

فائدة :

الواجب على الكفاية له شبه بالنفل (١) من حيث سقوطه عن البعض بفعل الباقين ، وقد يسقط بالتعرض له فرض العين ، كمن له مريض يقطعه تمريضه عن الجمعة وإن كان غيره من الأقارب ، وقد يقوم مقامه.

ومن ثمَّ ظن بعض الناس أن الإتيان بفرض الكفاية أفضل من الفرض العين ، من حيث إنه يسقط بفعله الحرج عن نفسه وعن غيره.

ويشكل بجواز استناد الأفضلية إلى زيادة الثواب والمدح لا إلى إسقاط الذم ، أما الشروع فيه فإنه يلزم إتمامه غالبا كالجهاد وصلاة الجنازة.

ومن جهة أن له شبها بالندب جاز الاستيجار عليه كالاستئجار على الجهاد.

وربما جاز أخذ الأجرة على فرض العين ، كاللبأ (٢) من الأم وإطعام المضطر إذا كان له مال فإنه يطعمه ويأخذ العوض.

قاعدة :

قسم بعضهم الواجب إلى الكلي على الإطلاق ، وإلى الكلي الذي يقال فيه إنه واجب فيه أو به أو عليه أو عنده أو منه أو عنه أو مثله أو إليه.

وذلك لأن خطاب الشرع قد يتعلق بجزئي وقد يتعلق بكلي ، وهو القدر المشترك بين أفراد جنس ، دون خصوصية الأفراد.

__________________

(١) في ك : بالفعل. أي الواجب الكفائي كالنوافل إن أتي به يستحق الثواب وإن تركه لا يستحق العقاب والذم.

(٢) اللبأ كعنب : أول اللبن عند الولادة ، جمعه الباء كأعناب.

٢١

والمتعلق بالجزئي كالأمر بالشهادتين والتوجه إلى الكعبة.

فالواجب الكلي مطلقا هو المخير ، والواجب فيه هو الموسع.

والواجب به ينقسم إلى سبب الوجوب وآلة الفعل ، مثال الأول مطلق الزوال سبب وجوب الظهر في أي يوم كان ، ومطلق الإتلاف سبب لوجوب الضمان ، ومطلق ملك النصاب سبب وجوب الزكاة ، إذ لا خصوصية للذهب والفضة مثلا في ذلك ، فالمنصوب سببا إنما هو المطلق الذي هو قدر مشترك بين النصب. ومثال الآلة مطلق الماء في الوضوء والغسل ، ومطلق التراب في التيمم ، ومطلق الساتر في الستر والجمار في الرمي والشاة في الذبح والرقبة في العتق.

وبهذا يجاب عن مغالطة ، وهي أن يقال : المدعى أن الوضوء من هذا الإناء واجب ، لأن الوضوء واجب بالإجماع ولا يجب من غيره بالإجماع ، فيجب منه ، وإلا لانتفى (١) الوجوب. أو يقال : الستر بهذا الثوب واجب في الصلاة ، لأن الستر في الصلاة واجب بالإجماع إلى آخره.

والواجب : قولكم « الوضوء واجب بالإجماع » مسلم لكنه واجب بمطلق الماء وهو القدر المشترك بين هذا الإناء وغيره فإذا انتقى الوجوب عن غير ذلك الإناء بالإجماع لا يتعين ذلك الإناء للوجوب ، بل يتعين القدر المشترك بين هذا الإناء وغيره. والخصوصيات ساقطة من البين.

ومثال الواجب عليه فرض الكفاية ، فإنه واجب على مطلق المكلفين.

ومثال الواجب عنده دوران الحول في الزكاة وعدم الحيض في الصلاة ، فإن الواجب (٢) بالسبب عند عدم الحيض وغيره من الموانع (٣) ، وكذا عدم الماء فإن

__________________

(١) في هامش ك : لا يبقى الوجوب.

(٢) في ص : فإن الوجوب.

(٣) في ك : من المواضع. وفيه : وإن التيمم يجب.

٢٢

التيمم يجب عنده لا به. وكذا أكل الميتة عند عدم المباح ، إذ السبب في وجوب الأكل حفظ النفس عند عدم المباح. وعدم الخصلة الأولى من خصال الواجب المرتب كالظهار ، وإن السبب هو الظهار ، فيجب به الصوم عند عدم العتق.

ومثال الواجب فيه كالجنس المخرج منه الزكاة غنما أو إبلا أو نقدا أو قوتا في الفطرة أو كفارة.

ومثال الواجب عنه وهو جنس المعول في آخر شهر رمضان ، أي ولد كان وأية زوجة كانت وأي ضيف كان.

ومثال الواجب مثله كل متلف له مثل مضمون وجزاء الصيد.

ومثال الواجب إليه كالليل في الصوم ، والمعتبر جنس الغروب ودخول الليل في أية ليلة اتفق ، وكالوصول إلى مشاهدة الجدران أو سماع الأذان للمسافر ، وكالنهاية في العدد.

فهذه عشر اشتركت كلها في تعلق الوجوب لمعنى كلي ، واختص كل واحد منها بخصوصية.

قاعدة :

الأمر التخييري يتعلق بالقدر المشترك ، وهو مفهوم أحدها ولا تخير فيه (١). ومتعلق التخير الخصوصيات ، لأنه لا يجب عليه عين أحدها كما لا يجوز له الإخلال بجميعها.

وهل يصح النهي تخييرا؟ منع منه بعضهم ، لأن متعلقه هو مفهوم أحدها

__________________

(١) في ص : ولا تخيير فيه ومتعلق التخيير.

٢٣

الذي هو مشترك بينها ، فيحرم جميع الأفراد. لأنه لو دخل فرد إلى الوجود لدخل في ضمنه المشترك وقد حرم بالنهي.

لا يقال : ينتقض بالأختين والأم والبنت ، فإنه منهي بالتزويج بأيهما شاء.

فنقول : التحريم هنا ليس على التخيير ، لأنه إنما تعلق بالمجموع عينا لا بالمشترك بين الأفراد ، ولما كان المطلوب لا يدخل ماهية المجموع في الوجود وعدم الماهية يتحقق بعدم جزء من أجزائها أي الأجزاء كان ، فأي أخت تركها خرج عن عهدة النهي عن المجموع. لا لأنه نهي عن القدر المشترك ، بل لأن الخروج عن عهدة المجموع يكفي فيه فرد من أفراد ذلك المجموع ويخرج عن العهدة بواحدة لا بعينها.

وكذا نقول في خصال الكفارة ، لما وجب المشترك حرم ترك الجميع لاستلزامه ترك المشترك ، فالمحرم ترك الجميع لا واحدة بعينها من الخصال ، فلا يوجد نهي على هذه الصورة إلا وهو معلق بالمجموع لا بالمشترك.

وكيف لا يكون كذلك ، ومن المحال العقلي (١) أن يفعل فردا من نوع أو جزءا من كلي مشترك ولا يفعل ذلك المشترك المنهي عنه ، لاشتمال الجزئي على الكلي بالضرورة ، وفاعل الأخص فاعل الأعم ، فلا يخرج عن العهدة في النهي إلا بترك كل فرد.

فرعان :

( الأول ) يمكن التخيير بين الواجب والندب إذا كان التخيير بين جزء وكل لا بين أمور متباينة ، وذلك كتخيير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قيام

__________________

(١) في ص : العقل أن يعقل. وفيه : ولا يعقل ذلك.

٢٤

الليل بين الثلث والنصف والثلاثين ، وتخير (١) المسافر في الأماكن الأربعة بين القصر والتمام ، وتخير المصلي في الآخرتين بين التسبيح ثلاثا أو مرة ، وتخير المدين في انتظار المعسر والصدقة. وفي هذا يقال : المندوب أفضل من الواجب وسيجي‌ء بحثه.

( الثاني ) قد يقع التخيير بين ما يخاف سوء عاقبته وبين ما لا خوف فيه ، كتخير الإسراء فإنه عليه‌السلام خير بين اللبن والخمر فاختار اللبن ، فقال له جبرئيل عليه‌السلام اخترت الفطرة ولو اخترت الخمر لغوت أمتك (٢).

وليس هذا تخييرا بين المباح والحرام ، لأن سوء العاقبة يرجع إلى اختيار الفاعلين.

فائدة :

التخيير في الكفارات تخير شهوة ، وتخيير الإمام بين الفداء والاسترقاق والمن في الأسير وبين القتل والصلب والقطع مخالفا مخير (٣) الأصلح للمسلمين ، وكذا في التعزيرات.

والأقرب أن تخيير شهر للمحبوس فيصومه من هذا القبيل ، و ( كذا ) تخير (٤) المرأة للستة أو السبعة إذا كانت متحيرة ، مع أن ظاهر الأخبار أنه بحسب الشهوة ،

__________________

(١) في ص : وتخيير المسافر. في ص : والإتمام وتخيير المصلي. في ص : في إنظار المعسر.

(٢) البخاري في باب المعراج. وليس فيه « اخترت الفطرة » إلى آخره ، وفيه مكانه « فقال : هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك ».

(٣) في ص : تخيير الأصلح.

(٤) في ص ليس « كذا » وفيه : تخيير المرأة.

٢٥

وكذا تخير المكلف بين الحقاق (١) وبنات اللبون في موضوع إمكان الإخراج.

وقد يقع التخيير بين المباحات والمستحبات.

قاعدة :

الواجب منه فوري ، وهو ما يجب المبادرة إليه في أول أوقات الإمكان ، وما ليس كذلك فهو على التراخي.

واختلف في مجرد الأمر العاري عن القرائن ، فعند بعض الأصحاب أنه المبادرة إليه في أول أوقات الإمكان ، وما ليس كذلك فهو على التراخي. فهنا أمور :

( الأول ) أداء الصلاة عند دخول الوقت ، يظهر من كلام بعض الأصحاب أنه على الفور ، ولكنه يعفى عن ذنب من أخر. والحق عدمه.

( الثاني ) قضاء الصلوات الفائتة ، والأكثرون على أنه للفور ، سواء فاتت (٢) عمدا أو نسيانا ، لعذر أو لا ، اتحدت أو لا. والأقرب التراخي.

( الثالث ) استتابة المرتد ، والمروي أنه إلى ثلاثة أيام.

( الرابع ) دفع الزكاة والخمس وكل حق لآدمي غير عالم به أو عالم مطالب [ على القول ] (٣) ، ورد السلام لفاء التعقيب في قوله تعالى « فَحَيُّوا » (٤) ، ولكونه متوقعا

__________________

(١) الحقاق جمع « حق » بكسر الأول ، وهو الإبل الداخل في الرابعة ، لأنه آن له أن يركب ، ولاستحقاقه أن يحمل عليه وأن ينتفع به. و « بنات اللبون » جمع بنت اللبون ، وهي ولد الناقة الأنثى التي استكملت السنة الثانية ودخلت في الثالثة ، سميت بذلك لأن أمها ولدت غيرها فصار لها لبن.

(٢) في ص : سواء كانت عمدا.

(٣) ليس « على القول » في ص.

(٤) سورة النساء : ٨٥.

٢٦

في الحال ، فتأخره إضرار كإضرار الفقراء والهاشميين بتأخير حقهم ، والدائن بتأخر ماله ، وكذا الحج للأحاديث الدالة عليه ولجواز عروض العارض ، إذ السلامة من المشكوك فيها ، وكذا الجهاد والحسبة لما في التأخير من التغرير (١) على المعصية ، وكذا الكفارات لأنها كالتوبة الواجبة على الفور.

( الخامس ) لو تحجر أرضا أو حفر معدنا ولما يتمم يطالب بتمام الإحياء أو رفع اليد. والأقرب أنه ليس على الفور.

( السادس ) حق الاستمتاع للرجل إذا طالب به في موضوع المطالبة على الفور ، كذا حقها منه في الأربعة الأشهر ، وحق القسم والنفقة والبناء [ وحقه ] (٢) عليها لو طلبه أمهلت بقدر التنظيف للتهيئة لا غير.

( السابع ) نفي الولد ، قيل على الفور ، والأقرب التراخي ، فله نفيه ما لم يقربه.

( الثامن ) لو ذكر الشفيع غيبة الثمن أو المدعي غيبة البينة أجل الثلاثة أيام.

( التاسع ) لو سأل المولى والمظاهر الإنظار بعد انقضاء المدة لم ينظر ، إلا أن يذكر عذرا فيؤخر إلى انقضائه.

( العاشر ) إذا عسر (٣) الزوج بالنفقة وقلنا لها الفسخ يجي‌ء حكمه.

( الحادي عشر ) إذا سكت المدعى عليه عن الجواب ، قيل ترد اليمين على المدعي في الحال أو يقضي بالنكول ، وقيل له الحاكم ثلاثا.

( الثاني عشر ) المتهم بالدم قيل يحبس ستة أيام.

__________________

(١) في ص وهامش ك : من التقرير.

(٢) ليس « وحقه » في ص. وفيه : والتهية لا غير.

(٣) في ص : إذا أعسر الزوج.

٢٧

( الثالث عشر ) إذا ردت اليمين على المدعي فطلب الإمهال ، فالأقرب إجابته ولا تقدير لإمهاله.

قاعدة :

السنة ترادف المستحب غالبا ، كما يرادفه التطوع والفضل والإحسان. وقد أطلق على الواجب في مواضع :

الأول ـ ما روي : التشهد سنة.

الثاني ـ غسل مس الأموات سنة.

الثالث ـ قول ابن بابويه : القنوت سنة واجبة من ترك متعمدا في كل صلاة فلا صلاة له.

الرابع ـ قول الشيخ : الرمي مسنون ، وفسره ابن إدريس بالوجوب.

وكل هذا يراد به الثبوت [ بالسنة ] (١) ، فصار لفظ « السنة » من قبيل المشترك.

الفصل الثاني

( في أقسام الوضع )

وفيه أبحاث :

( الأول ) قد عرفت أنه يقسم إلى السبب والشرط والمانع.

فالسبب لغة كل ذريعة إلى مطلوب ، واصطلاحا كل وصف ظاهر منضبط دل

__________________

(١) ليس « بالسنة » في ص.

٢٨

الدليل على كونه معرفا لإثبات حكم شرعي بحيث يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم.

وقد يتخلف الحكم عنه إما لوجود مانع أو فقد شرط. ووجود الحكم بدونه محال ، لأن المراد به نوع السبب ، فإذا عدم بعض أصنافه ووجد الحكم عند صنف آخر فهو تابع لذلك الآخر.

أو نقول : الحكم الخاص المستند إلى سبب خاص يمتنع وجوده بدونه.

والشرط لغة العلامة ، وعرفا ما يتوقف عليه التأثير ، بحيث يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود ، كالطهارة للصلاة والحول للزكاة.

والمانع يجي‌ء بيانه.

( الثاني ) في أقسام السبب وأحكامه ، وفيه قواعد :

قاعدة :

السبب إما معنوي أو وقتي ، فالأول هو كون الوصف مستلزما لحكمة باعثة على شرعية الحكم ، كالزنا فإنه سبب الحد ، والملك فإنه سبب الانتفاع ، والإتلاف والمباشرة واليد فإنها أسباب الضمان.

وطريق السببية قد يكون الشرع ، وقد تقدم.

والثاني أن لا يكون هناك حكمة ظاهرة سوى مجرد الوقت ، كأوقات الصلوات والزكاتين والصوم والحج.

قاعدة :

العلة لا بد فيها من المناسبة للحكم المرتب عليها ، سواء جعلناها باعثة أو

٢٩

معرفة للحكم. والسبب أعم من ذلك ، إذ من الأسباب ما لا يظهر فيه المناسبة.

فالعلة أقسام :

الأول ـ النجاسة في وجوب الغسل ، فإنها مستقذرة طبعا ، فناسب ذلك وجوب الإزالة بالغسل وشبهه.

الثاني ـ الزنا في وجوب الحد ، لأنه مؤد إلى اختلاط الأنساب ، فيقع التقاطع والتدابر ، فناسب وجوب الحد الرادع عنه.

الثالث ـ القتل عمدا للمكافئ في وجوب القصاص ، فإنه سبب في زهاق الأنفس المطلوب بقاؤها للقيام بعبادة الله ، فجعل الرادع عنه القتل ليكون سببا في بقاء الحياة ، كما أشار إليه سبحانه بقوله « وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ » (١).

الرابع ـ الكبيرة لا لعذر شرعي في الفسق ، فإنها أمر فاحش عقلا وشرعا ، فلا يناسبها قبول الشهادة من المتلبس بها ، بل يجب رد شهادته ، ليرتدع هو وأمثاله عنها.

ولو كانت الكبيرة لعذر كزنا الإكراه وشرب الخمر لإساغة اللقمة لم يكن ذلك قادحا ، لأنه لا يؤذن (٢) بالتهاون بالأمور الشرعية.

والسبب الذي لا يظهر فيه مناسبة ـ وإن كان مناسبا في نفس الأمر كما بين في الأصول ـ مثاله كالدلوك وباقي الأوقات للصلوات والحدث الموجب للوضوء والغسل والاعتداد مع عدم الدخول واستئناف العدة في المسترابة بعد التربص والهرولة في السعي ورمي الجمار وتقديم الأضعف على الأقوى في ميراث الغرقى على القول الأصح من عدم التوريث مما ورث منه ، فإن العقل لا يهتدي إلى وجه

__________________

(١) سورة البقرة : ١٧٩.

(٢) في هامش ص : يؤدي.

٣٠

الحكمة المقتضية لنصب هذه الأشياء أسبابا دون غيرها أو شروطا أو موانع.

فالحكمة الظاهرة فيها مجرد الإذعان والانقياد ، ولهذا قيل إن الثواب في هذا النوع التعبدي أكثر ، لما فيه من الانقياد المحض إلى العبادة ، فهو أبلغ في الإخلاص مما تهتدي العقول إلى علته ، فإنه ربما كانت العلة باعثة على الفعل ، فلا يقع مخلصا.

ومن هنا عمل بعضهم بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ، محافظة على قوة التوطين على امتثال الأمر. وليس ذلك ببعيد عن الصواب.

قاعدة :

السبب قد يكون قوليا كالعقود والإيقاعات ، ومنه تكبيرة الإحرام والتلبيات. وقد يكون فعليا كالصيد والالتقاط والاحتياز وإحياء الموات والكفر والزنا والسرقة وقتل النفس المعصومة والوطء المقرر لكمال المهر.

وزعم بعضهم أن الفعلي أقوى من القولي ، لصحته من المحجور والعبد ، فإن السفيه لو وطئ أمته فأحبلها صارت أم ولد ، ولو أعتقها لم ينفذ (١). ولو التقط العبد دون الدرهم أو اصطاد ملكه السيد إن شاء ، ولو وهب (٢) لم يملك السيد ولا يتملك.

قاعدة :

السبب والمسبب باعتبار الزمان مقارنة وعدمها أقسام :

__________________

(١) في النسختين كلتيهما هكذا ، ولعله « لم ينفذ » والمراد : ولو أعتقها لم يصح.

(٢) أي ولو وهب شخص العبد شيئا لم يملك السيد بهذا الشي‌ء لأن العبد لا يجوز له القبول.

٣١

( الأول ) ما يتقارنان كالشرب والزنا والسرقة والمحاربة والمقارنة لاستحقاق الحد وقتل الكافر لاستحقاق السلب مع الشرط (١) لا بدونه في الأصح.

ومن ذلك مقارنة الملك لأسبابه مع النية على الأقوى كالحيازة والاصطياد والأخذ من المعدن والاحتطاب والاحتشاش والإحياء.

( الثاني ) ما يتقدم فيه المسبب كتقدم غسل الجمعة في الخميس وغسل الإحرام على الميقات وأذان الفجر ليلا وزكاة الفطرة في شهر رمضان على قول مشهور إلا أن يجعل السبب دخول الشهر فيكون من المقارن ، وتقديم الزكاة قبل الحول بشهر أو شهرين على قول ضعيف.

ومن هذا القسم أيضا توريث الدية للوارث ، مع أنها لا تجب إلا بعد الموت وهو بعد موته لا يملك شيئا ، والإرث إنما هو لما كان مالكا له قبل الموت.

وإنما قدر العلماء تملكه قبل موته لينتقل عنه إلى ورثته ، إلا أنه على هذا التقدير لا يتقدم الحكم على سببه.

وهذا التقدير واجب لوجوب قضاء ديونه وإنفاذ وصاياه ، وربما التزم بعضهم بجواز الملك الميت في هذه الصورة.

واعلم أنه لا يجوز تقديم دم المتعة على الإحرام بالحج ، ولا صومه على الظاهر ، ولا جزاء الصيد قبل موته ، ولا فدية اللبس والطيب والحلق ، ولا جزاء النذر قبل شرطه ، ولا كفارة الظهار قبل العود ، ولا كفارة القتل على الزهوق ، ولا كفارة اليمين على الحنث.

( الثالث ) ما اختلف فيه ووقع فيه شك ، وهو صيغ العقود والإيقاعات ، فقيل بمقارنة الحكم للحرف الأخير من اللفظ ، وقيل بل يقع عقيبه بلا فصل.

__________________

(١) أي مع شرط الإمام أن كل من قتل قتيلا فله سلبه.

٣٢

ويتفرع على ذلك أمران :

الأول ـ لو زوج الكافر ابنه الصغير امرأة بالغة ثمَّ أسلم الأب والمرأة معا ، فإن قلنا بمقارنة الجزء الأخير استمر النكاح لعدم سبق إسلامها ، وإن قلنا بالتعقيب فإسلام الولد الحكمي إنما حصل بعد إسلام أبيه فيكون إسلامها سابقا فينفسخ النكاح.

الثاني ـ لو باع المفلس ماله من غريمه بالدين ولا دين سواه ، فإن قلنا إن ارتفاع الحجر يقارن الجزء الأخير من البيع صح ، وإن قلنا يتعقبه بطل. لأن صحة البيع موقوفة على رفع الحجر الموقوف على سقوط الدين الموقوف على صحة البيع ، فيدور.

ويحتمل الجزم بصحة البيع هنا ، لأن هذا الحجر لحق الغريم ، والغرض منه عدم نزول الضرر به ، وهو منفي هنا ، كما لو باع الراهن الرهن من المرتهن. أو نقول : مجرد إيقاع القبول معه رضى يرفع الحجر.

قاعدة :

السبب والمسبب قد يتحدان وقد يتعددان ، ومع التعدد قد يقع دفعة وقد يترتب. ثمَّ قد تتداخل الأسباب والمسببات وقد تتباين ، فهنا مباحث :

( الأول ) اتحادهما ، كالقذف والحد إذا صدر من الفاسق أو العدل ، إن لم نعتبر مسببية الفسق ، وكالدلوك لإيجاب صلاة الظهر ، ولو اعتبرنا مسببية سببها تعدد المسبب.

( الثاني ) أن تعدد (١) الأسباب والمسبب واحد كأسباب الوضوء الموجبة له ،

__________________

(١) في ص : أنه يتعدد الأسباب.

٣٣

فيجزي عنها واحد إذا نوى رفع الحدث وأطلق ، وأن نوى رفع واحد منها فالأصح ارتفاع الجميع ، إلا أن ينوي نفي رفع غيره فيبطل.

وإن تعددت أسباب الغسل ، قال شيخنا الأقرب أنه كذلك.

وتفصيل بعض الأصحاب بنية الجنابة المجزية عن غيرها وعدم إجزاء غيرها عنها ، بعيد.

والأصل فيه أن المرتفع ليس نفس الحدث ، بل المنع من العبادة المشروطة به ، وهو قدر مشترك بين الجميع والخصوصيات ملغاة.

وفيه نظر ، لمنع إلغاء الخصوصيات ، فإن خصوصية الجنابة لا توجب الوضوء بخلاف غيرها. وهذا صريح في اعتبار الخصوصية ، فلا يجزي نيتها عن غيرها ( لكن إن نوى خصوصية ، توجب الوضوء والغسل وجبا وإلا اكتفى (١) بالغسل وحده كنية الجنابة ) (٢).

وأما الاجتزاء بغسل الميت لمن مات جنبا أو حائضا بعد طهرها فليس من هذا الباب ، إذا بالموت يرتفع التكليف ، فلا يبقي للأسباب المتقدمة أثر.

وما روي من أنه يغسل غسل الجنابة بعد موته ، (٣) يوجب عدم التداخل في

__________________

(١) في ص : وإلا اكتفى بنية الغسل وحده.

(٢) في ص ما بين القوسين « لكن » إلى كنية الجناية « مقدم على » وهذا صريح إلى « عن غيرها ».

(٣) الكافي ٣ / ١٥٤ وفي التهذيب ١ / ٤٣٣ بسنده عن عيص عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن رجل مات وهو جنب. قال : يغسل غسلة واحدة بماء ثمَّ يغسل بعد ذلك.

ثمَّ روى روايتين في هذا المعنى عن عيص ، وفي إحداهما : قال يغسل من الجنابة ثمَّ يغسل بعد غسل الميت. وقال : فلا تنافي بين هذه الأخبار وبين ما قدمناه أولا ، لأن هذه الروايات الأصل فيها كلها عيص بن القاسم وهو واحد ، ولا يجوز أن تعارض بواحد جماعة

٣٤

الغسلين المنسوبين إلى الولي ( المباشر لغسله ) (١) أو نائبه ، أما الميت فليس له هنا مدخل إلا في قبول الغسل (٢) إذا كان مسلما.

واختلف (٣) في تداخل أسباب الأغسال المندوبة إذا انضم إليها واجب ، وظاهر الروايات التداخل.

__________________

كثيرة لما بيناه في غير موضع ، ولو صح لاحتمل أن يكون محمولا على ضرب من الاستحباب دون الفرض والإيجاب.

على أنه يمكن أن يكون الوجه في هذه الأخبار أن الأمر بالغسل بعد غسل الميت غسل الجنابة إنما توجه إلى غاسله ، فكأنه قيل له ينبغي أن تغسل الميت غسل الجنابة ثمَّ تغتسل أنت ، فيكون ذلك غلطا من الراوي أو الناسخ.

وقد روى الذي ذكرناه هذا الراوي بعينه ، ثمَّ روى بسنده عن عيص عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا مات الميت وهو جنب غسل غسلا واحدا ثمَّ اغتسل بعد ذلك. تمَّ ما في التهذيب ، وكذا قال في الاستبصار أيضا.

وفي هامش الاستبصار عن المولى المجلسي الثاني في شرح « ثمَّ يغسل بعد غسل الميت » قال رحمه‌الله : يمكن حمله على أن المعنى إزالة الجنابة ، أي المني ، بأن يقرأ « يغسل » بالتخفيف ـ انتهى.

وقال أبوه المجلسي الأول المولى محمد تقي رضوان الله تعالى عليهما في كتابه الشريف « روضة المتقين » عند شرح رواية « الجنب إذا مات غسل غسلا واحدا يجزي عنه لجنابته » رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وفي معناه أخبار كثيرة. وما ورد من الأمر بالغسل منها محمول على التقية أو الاستحباب ، والظاهر أن التداخل كناية عن أنه كان جنبا يرتفع حكم الجنابة بالغسل ، لا أنه جنب لأنها من أحكام الإحياء لا الأموات. ويمكن حمله على الظاهر ويقال ببقاء حكمها وارتفاعه بغسل الميت ، على أنه قد تقدم أن غسل الميت أيضا غسل الجنابة وفي حكمه ـ انتهى.

(١) ما بين القوسين ليس في ص. وفيه : إلا في قبول الغسلة. أيضا فيه : واختلفوا في تداخل.

٣٥

أقول : يمكن حملها على التداخل النوعي ، ( وإلا ) (١) فلا دلالة فيها.

فعلى التداخل فهل يشترط نية السبب؟ يحتمل ذلك ، لقوله عليه‌السلام إنما لكل امرئ ما نوى. فيشكل حينئذ مع انضمام الواجب ، إذا الفعل الواحد لا يقع على وجهين متباينين ، مع أن فروع النية فعلى القول بإجزاء نية القربة تلغى الأسباب خصوصا مع الاشتراك في الوجوب كالجنابة والحيض والمس ، أو الاشتراك في الندب كالجمعة والزيارة والحرام ، فإن الإلغاء موجه.

وظاهر المحقق اعتبار نية السبب في الأغسال المندوبة دون الواجبة (٢) ، قال : وربما نسب إلى التحكم ، وليس لأن الغرض في الواجبة زوال المنع من العبادة وهو قدر مشترك كما تقدم ، أما المندوبات فالغرض منها التنظيف لأجلها ، فالخصوصيات مرادة فيها ، فالتحكم ممن نسبه إلى التحكم.

فإن قلت : على القول بإجزاء نية القربة يلغى السبب كما تقدم.

قلت : ذلك في الواجبة أو المندوبة من حيث اعتبار جهة الندب أو الوجوب أما من حيث سببيتها فلا ، فإن نية السبب مشخصة للفعل ، ولا قائل بإجزاء نية القربة عن تشخص الفعل.

وبيانه : أن الناوي للغسل المطلق تقربا معرضا عن السبب في شرعية الغسل ملتزم بشرعية غسل لا لسبب ( له ) (٣) ، وهذا لا وجود له في الشرع ، فحينئذ إنما يحصل الغسل عبادة القصد إلى السبب ، وعند التجرد عنه يكون فعلا مطلقا

__________________

(١) ليس « وإلا » في ك.

(٢) قال في الشرائع في الأغسال المسنونة : إذا اجتمعت أغسال مندوبة لا يكفي نية القربة ما لم ينو السبب ، وقيل إذا انضم إليها غسل واجب كفاه نية القربة ، والأول أولى. وذكر المسألة في المعتبر مشروحا.

(٣) ليس « له » في ك.

٣٦

لا يوصف بالتقرب.

لا يقال : هذا يسد باب الاجتزاء بنية القربة في الطهارة ، مع أنه قال به جمع من فحول العلماء.

لأنا نقول : بالتزامه فيها ، والقائل ليس جميع الإمامية حتى يكون إجماعا لا يجوز رده.

مع أنه يمكن الفرق باحتمال الوجوب لنفسها كما قيل في غسل الجنابة ، ولعل القائل به يتمسك بالاجتزاء بالقربة الساذجة في تمسكاته الأخر.

وقد قال بعض المفسرين والفقهاء : بأن جميع الوضوآت والأغسال الواجب لنفسها.

فإن قلت : الأسباب معتبرة على المذهبين ، ولم يشترط صاحب نية القربة قصد الأسباب ، فليكن في الأغسال المندوبة كذلك.

قلت : الفرق عند من قال بالوجوب النفسي أن السبب في الواجب فاعلي وفي الندب غائي ، وظاهر أن الغاية معتبرة في كل فعل اختياري. وبه استدل المتكلمون على علم الله وإرادته ، والعدلية منهم على اعتبار الغرض في أفعاله تعالى.

ومن التداخل موجبات الإفطار في يوم واحد للكفارة على قول ، ويتداخل ما عدا الوطء في قول ، ويتداخل مع عدم تخلل التكفير في المتحد الجنس وعدم التداخل في المختلف الجنس مطلقا وفي المتحد مع التخلل في قول. وهو الأقوى.

ومنه تداخل مرات الوطء بالشبهة بالنسبة إلى وجوب مهر واحد إن اتحدت الشبهة ، ولو تعددت فالأقوى عدم التداخل.

ومنه تعدد وطء المستكرهة. نعم تداخل مرات الزنا يوجب حدا واحدا.

٣٧

ومن التداخل أسباب السرقة في الاجتزاء بقطع واحد ، ولم يظفر به (١). وفي الرواية : لو قامت البينة بسرقة أخرى بعد القطع قطع ثانيا. وفيه بعد ، وأبعد إذا ما أمسك للقطع ثمَّ قامت البينة بأخرى.

ولا شك في تداخل أسباب المحاربة في قطع واحد أو قتل أو نفي ، وكذا أسباب القذف لو أخذ في حد واحد أو لعان واحد ، وكذا الشرب وإن تغاير جنس المشروب.

وفي تداخل أسباب التعزير ، شك ، إذ تضعيفه بالزيادة هل يكون من باب تعدد التعزير أم لا؟.

الثالث أن يتعدد السبب ولكن يختلف الحكم ، فينقسم حينئذ أقساما :

« الأول » ما يمكن فيه الجمع ، بأن يندرج أحدهما في الآخر ، كما إذا نوى داخل المسجد فريضة أو نافلة راتبة ، فالظاهر إجزاؤها عن التحية. ويحتمل العدم توفية لحق الأسباب مع اختلاف الأحكام.

ومنه أداء الوضوء المستحب ، كوضوء قراءة القرآن بالوضوء الواجب والأصل فيه أن الغرض من الوضوء رفع الحدث وهو حاصل ، فلا معنى للتعدد. وكذا يقال : الغرض إيجاد حقيقة الصلاة لداخل المسجد وهو حاصل هنا.

ويمكن الفرق بأن الجمع بين رافعي الحدث غير متصور بخلاف الجمع بين صلاة فريضة وتحية أو نافلة راتبة وتحية.

ومنه عدم تداخل أسباب النوافل في مسبب واحد ، كالقضاء والأداء والعيد والاستسقاء. نعم قد قيل في صلاة جعفر عليه‌السلام بجواز احتسابها من رواتبه ،

__________________

(١) أي ولم يظفر بالسارق في المرات السابقة.

٣٨

وكذا ركعتا الفصل بين الأذان والإقامة يتأديان بركعتين من نوافل الزوال.

وفي تأدي صلاة الاستخارة ببعض النوافل المسببة احتمال ، أما بالفريضة فلا ، لما روي من كونهما من غيرها.

ومنه أسباب الحج كالنذر المطلق وحجة الإسلام ، ففي تأدي حجة الإسلام بنية النذر قولان أصحهما العدم ، ولا خلاف في عدم إجزاء العكس.

وكذا لو نذر حجا ولا مال له فحج عن غيره ، ففي تأدي النذر بالحج عن الغير قولان ، الأصح أيضا العدم.

وقد قيل بإجزاء تكبيرة الإحرام عنه وعن الركوع إذا نواهما ، كما في المأموم إذا أدرك الإمام راكعا. قاله الشيخ.

« الثاني » ما لا يمكن فيه الجمع ، كقتل الواحد جماعة إما دفعة كأن يسقيهم سما أو يهدم عليهم جدارا أو يغرقهم أو يجرحهم فيسري إلى الجميع ، أو على التعاقب. ففي الأول يقتل بالجميع ، وفي وجه لبعض الأصحاب يقتل بواحد إما بالقرعة أو بتعيين الإمام ويأخذ الباقون الدية. وفي الثاني يقتل بالأول ، فإن عفى عنه أو صولح بمال قتل بالثاني ، وعلى هذا ويكون لمن بعده الدية.

وقيل يقتل بالجميع كالدفعي ويكون لهم ديات مكملة لحقوقهم على احتمال مخرج (١) ، كما إذا هرب القاتل أو مات وقلنا تؤخذ الدية من تركته.

__________________

(١) التخريج إجراء مناط مسألة في مسألة أخرى فتلك المسألة مخرجة. وبعبارة أخرى : التخريج تعدية الحكم من منطوق به إلى مسكوت عنه ، إما لاشتراكها في العلة كتحريم بيع العنب بالزبيب المستفاد من تحريم الرطب بالتمر ، أو يكون المسكوت عنه أولى في الحكم من المنطوق به كتحريم الضرب المستفاد من التأفيف الناطقة به الآية الشريفة ( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ).

٣٩

« الثالث » ما يمكن فيه إعمال السببين ، كتوريث عم هو خال وجدة هي أخت على نكاح المجوس ، أو في الشبهة للمسلمين.

« الرابع » ما يتنافيان فيه ، فيقدم الأقوى منهما ، كتوريث الأخ الذي هو ابن عم.

« الخامس » ما يتساقطان فيه ، كتعارض البينتين على القول بالتساقط وتعارض الدعاوي لا يتساقط (١) فيه لوجوب اليمين على كل من المتداعيين فيه.

« الرابع » أن يتحد السبب ويتعدد المسبب ، وهو قسمان :

الأول : أن يندرج بعض المسببات في بعض ، كالزنا يوجب الحد ويحصل مع (٢) الملامسة ، وهي موجبة للتعزير فيغني الحد عنه ، وكقطع الأطراف بضربة فإنه بالسراية إلى النفس تدخل دية الطرف في دية النفس. وأما القصاص فثالث الأقوال تداخله إن كان بضربة واحدة وعدمه إن تعددت ، فالأول من الباب والثاني ليس منه.

وزنا المحصن يوجب الجلد والرجم ، فيجمعان (٣) للشيخ والشيخة ، ولا تداخل ، وفي الشاب والشابة قيل بالتداخل ، فيكون من الباب لأن ما يوجب أعظم (٤) الأمرين بخصوصه لا يوجب أخفهما بعمومه. وقيل يجمع بينهما ، وهو الأصح لفعل علي عليه‌السلام ، فإنه قال في سراحة (٥) جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

__________________

(١) في ص وهامش ك : لا تساقط فيه.

(٢) في ص : ويحصل معه الملامسة.

(٣) في ص : فيجتمعان.

(٤) أعظم الأمرين هو الرجم فإنه أعظم من الجلد ، وهو مختص بالزاني إذا كان شابا بالاتفاق.

(٥) في هامش النسختين والتهذيب « سراقة » وفي الفقيه « شراجة ». وقال المولى

٤٠