نضد القواعد الفقهيّة على مذهب الاماميّة

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي

نضد القواعد الفقهيّة على مذهب الاماميّة

المؤلف:

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي


المحقق: السيد عبد اللطيف الحسيني الكوه‌كمري الخوئي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٢

وجوب الغسل أيضا بهذه المثابة.

قاعدة :

يجب انحصار المبتدأ في خبره نكرة كان أو معرفة ، إذ الخبر لا يجوز أن يكون أخص بل مساويا أو أعمل ، والمساوي منحصر في مساويه والأخص منحصر في الأعم.

فإن قلت : قد فرقوا بين « زيد عالم » و « زيد العالم » ، فجعلوا الثاني للحصر لا الأول ، فكيف يتوجه الإطلاق؟

قلت : الحصر الذي أثبتناه على الإطلاق ـ وهو حصر ـ يقتضي نفي النقيض ، والذي نفوه عن النكرة هو الحصر الذي يبقى معه النقيض الضد والمخالف ، لأن قولنا « زيد عالم » يقتضي حصر زيد في مفهوم عالم لا يخرج عنه إلى نقيضه إلا أن عالما مطلق في العلم فهو في قوة موجبة جزئية في وقت واحد ، فنقيضه سالبة كلية دائمة ، أي لا يكون زيد عالما في زمان ماض ولا حال ولا استقبال. وهذا المفهوم ينتفي بقولنا « زيد عالم في وقت ما » بخلاف ما إذا كان الخبر معرفة فإنه ينتفي كل ما خالفه.

ويتفرع عليه أحكام :

( منها ) قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الصلاة تحريمها التكبير ، فإنه يفيد انحصار حصولها (١) في حرمة الصلاة بالتكبير ، دون نقيضه الذي هو عدم التكبير ، وضده الذي هو الهزء واللعب والنوم ، وخلافه الذي هو الخشوع والتعظيم ، فلو فعل أحد هذه لم يتحرم بالصلاة.

__________________

(١) في ك : دخولها.

٢٢١

( ومنها ) قوله « صلى‌الله‌عليه‌وآله » وتحليلها التسليم ، يقتضي انحصار التحلل (١) في التسليم دون نقيضه الذي هو عدمه ، ودون ضده وهي أضداد التكبير ، ودون خلافه الذي هو الحدث وغير ذلك. والمراد بالمحلل هنا ما كان مباحا آخر الصلاة ليخرج سائر ومبطلات الصلاة ونفس التسليم إذا وقع في أثنائها.

وكما اقتضى الحصر في التكبير اقتضى الحصر في الصيغة ، وهي « الله أكبر » لأن اللام فيه للعهد ، والمعهود من فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ، فلا ينعقد بمعناه ولا بتعريف الخبر ولا بتقديمه (٢) ولا ترجمته إلا مع العجز. وكذا الكلام في التسليم.

فائدة :

لا يتعلق الأمر والنهي والدعاء والإباحةوالشرط والجزاء والوعد والوعيد والترجي والتمني إلا بمستقبل ، فمتى وضع (٣) تشبيه بين لفظتي دعاء أو أمر أو نهي أو واحد مع الآخر فإنما يقع في مستقبل. وعلى هذا خرج بعضهم الجواب عن السؤال المشهور في قوله صلى ‌الله‌عليه ‌وآله : قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم [ وآل إبراهيم ] (٤) وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم « وفي روايات أخرى » كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم (٥) فإن التشبيه يعتمد كون المشبه به أقوى في وجه الشبه أو مساويا.

__________________

(١) في ك : المحلل.

(٢) في ص : ولا تقديمه.

(٣) في ك : فمتى وقع.

(٤) ليس في ص.

(٥) البحار ٩٤ / ٨٧ نقلا عن الدر المنثور ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٢٢٢

والصلاة هنا الثناء أو العطاء والمنحة التي هي من آثار الرحمة والرضوان فيستدعي أن يكون عطاء إبراهيم أو الثناء عليه فوق الثناء على محمد أو مساويا له وليس كذلك وإلا لكان أفضل منه.

والواقع خلافه ، فإن الدعاء إنما يتعلق بالمستقبل ونبينا « صلى‌الله‌عليه‌وآله » كان الواقع قبل هذا الدعاء أنه أفضل من إبراهيم عليه‌السلام. وهذا الدعاء يطلب فيه زيادة على هذا الفضل مساوية لصلاته على إبراهيم ، فهما وإن تساويا في الزيادة إلا أن الأصل المحفوظ خال عن معارضة الزيادة ، وهو جواب أحمد بن إدريس المالكي.

وفيه نظر ، لأن ذلك بناء على أن الزيادة أمر يحصل بدعائنا ، وقد قال علماء الكلام في باب الدعاء حيث قسموه إلى أقسامه : إن هذا القسم من أقسام الدعاء تعبد ونفعه عائد إلى الداعي ، لأن الله تعالى قد أعطى نبيه « صلى‌الله‌عليه‌وآله » من علو القدر وارتفاع المنزلة ما لا يؤثر فيه دعاء داع ، فحينئذ يصير هذا كالإخبار عما أعطى الله تعالى نبيه « صلى‌الله‌عليه‌وآله » كما يشهد به القرآن العزيز والسنة القويمة والأخبار لا توقع فيه.

وأجيب بوجوه أخر :

الأول ـ أن المشبه به المجموع المركب من الصلاة على إبراهيم وآله ومعظم الأنبياء هم آل إبراهيم والمشبه الصلاة على نبينا « صلى‌الله‌عليه‌وآله » وآله عليهم‌السلام وآل محمد صلوات الله عليهم ليسوا بأنبياء (١) فكانت الصلاة على آل إبراهيم أبلغ من الصلاة على آل محمد ، فإذا قوبل آله بآل إبراهيم رجحت الصلاة على آل إبراهيم على الصلاة على آله عليه‌السلام ، فيكون الفاضل من الصلاة على آل

__________________

(١) معظم أنبياء آل إبراهيم هم أنبياء بني إسرائيل وقد ورد في الحديث عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل فعلم من هذا أن آل محمد صلوات الله عليهم أفضل من أنبياء بني إسرائيل بلا خفاء وشبهة.

٢٢٣

إبراهيم لمحمد ، فيزيد به على إبراهيم. وهو جواب عز الدين بن عبد السلام.

وفيه أيضا نظر ، لأنه يشكل بأن ظاهر اللفظ تشبيه الصلاة على محمد بالصلاة على إبراهيم والصلاة على آله بآلة قضية لإيراد كل منهما وآله ، فلا يقع المقابلة بالمجموع بل إنما هي مقابلة الأفراد بالأفراد.

مع أن في هذا الجواب هضما لآل محمد عليهم‌السلام ، وقد قام الدليل على أفضلية علي عليه‌السلام على [ من ] خلق من الأنبياء وهو واحد من الآل ، فيكون السؤال عند الإمامية على حاله (١).

الثاني ـ أن تشبيه أصل الصلاة ب [ أصل ] الصلاة لا كميتها بكميتها ولا صفة من صفاتها بصفتها ، كما في قوله تعالى « كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ » (٢) إن المراد تشبيه أصل الصوم بأصل لا الوقت والعدد.

وفيه أيضا نظر ، لأن الكاف في « كما » للتشبيه ، فهو اسم بمعنى « مثل » منصوب صفة لمصدر محذوف ، أي صلاة مماثلة للصلاة على إبراهيم. والمصدر إذا وقع موصوفا استحال أن يشار به إلى الماهية من حيث هي ، لأن الماهية من حيث هي لا تكون مقيدة بقيد ، والوصف قيد.

الثالث ـ أن المساواة في التشبيه وإن كانت حاصلة فهي في الأفراد بالنسبة إلى كل مصل (٣) وصلاة على حدته ، فإذا جمع جميع المصلين في جميع الصلوات

__________________

(١) بل قام الدليل على أفضلية علي عليه‌السلام على جميع الأنبياء ما عداه صلى‌الله‌عليه‌وآله بالآية وهي قوله تعالى « وَأَنْفُسَنا » لأن المراد بها كما يظهر من مساواة علي عليه‌السلام لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو « ص » أفضل من الأنبياء قطعا والمساوي للأفضل أفضل أيضا.

(٢) سورة البقرة : ١٨٣.

(٣) في ك : إلى كل فضل.

٢٢٤

زاد ذلك أضعافا مضاعفة. وهو جواب أبي الفتح القشيري.

ويشكل هذا بأن التشبيه (١) واقع في كل صلاة تذكر في حال كونها صلاة واحدة. سلمنا لكن كان ينبغي مع توالي الصلوات في زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يزيد المشبه على المشبه به ، كيف وهو متوال في جميع الأعصار إلى حين انقطاع التكليف.

الرابع ـ أن قوله اللهم صل على محمد وآل محمد ، في قوة جملتين ، والتشبيه إنما وقع في الثانية ، أعني الصلاة على الآل.

وهذا فيه بحث نحوي ، وهو أن العامل في المعطوف هل هو العامل في المعطوف عليه وهو القول بالانسحاب أو لا.

ويدفعه سياق الكلام ، فإن ذكر إبراهيم مقابل ذكر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالتشبيه واقع في الجملتين. مع أن في هذا أيضا هضما لآل محمد ، وفيه ما فيه.

الخامس ـ أن مطلوب كل مصل المساواة لإبراهيم في الصلاة ، وكل منهم طالب صلاة مساوية للصلاة على إبراهيم ، وإذا اجتمعت هذه الصلوات كانت زائدة على الصلاة على إبراهيم.

وكل هذا أيضا بناء على أن صلاتنا عليه « صلى‌الله‌عليه‌وآله » تفيده زيادة في رفع الدرجة ومزيد الثواب ، وقد أنكر هذا جماعة من المتكلمين وخصوصا الأصحاب ، وقد تقدم بيانه. بل فائدة هذا الامتثال (٢) تعود إلى المكلف نفسه ، فيستفيد به ثوابا كما جاء في الحديث من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا (٣). فقد ظهر ضعف

__________________

(١) في ك : بأن النسبة.

(٢) في ص : هذا المقال.

(٣) الكافي ٢ / ٤٩٢ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا ذكر النبي صلى‌الله‌عليه

٢٢٥

هذه الأجوبة.

لكن الأولى منها جواب تشبيه الأصل بالأصل ويلزم المساواة في الصلاتين ، ولكن تلك أمور موهبية فجاز تساويهما فيها وإن تفاوتا في الأمور الكسبية المقتضية للزيادة ، فإن الجزاء على الأعمال هو الذي يتفاضل فيه العمال لا المواهب التي يجوز نسبتها إلى كل واحد تفضلا خصوصا على قواعد العدلية.

وهذا باطل إن الجزاء كله تفضل كما تقوله الأشعرية ، إلا أن الصلاة هنا موهبة محضة ليس باعتبار الجزاء ، فالذي يسمى جزاء عند العمل وإن لم يكن مسببا عن العمل هو الذي يتفاضلان فيه. وهذا واضح.

فائدة :

كل واحدة من الصلوات الخمس لا بدل لها ، إلا الظهر فقد قيل الجمعة بدل منها ، فهي في المعنى كظهر مقصورة لمكان الخطبتين. وقيل بل الجمعة صلاة على حيالها (١) ، وهو الأقرب.

وتظهر الفائدة في عروض ما يمنع من إدراك ركعة مع تلبسه بها ، فعلى البدلية يتمها ظهرا. والأقرب اشتراط نية العدول كما يعدل المسافر من القصر إلى الإتمام [ وإن اتحد عين الصلاة إلا أن المسافر ] (٢) ينوي الإتمام. وهذا يحتمل

__________________

‌وآله‌وسلم فأكثروا الصلاة عليه فإنه من صلى على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة واحدة صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة ولم يبق شي‌ء مما خلفه الله إلا صلى على العبد لصلاة الله عليه وصلاة ملائكة فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور وقد برئ الله منه ورسوله وأهل بيته.

(١) كذا في النسختين وفي القواعد : على حالها.

(٢) ليس ما بين القوسين في ص.

٢٢٦

فيه ذلك ، ويحتمل أن يوجد العدول ليسري إلى أول الصلاة.

وعلى الاستقلال فلا ريب في عدم وقوعها ظهرا من غير نية ، وهل يقبل العدول؟ يحتمله كما في الصلوات وعدمها لمخالفتها بالنوع وإنه قد حكم ببطلانها فكيف تنقلب صحيحة.

قاعدة :

الأصل في الأسباب عدم تداخلها ، وقد استثني منها صور :

( منها ) أسباب سجود السهو ، فحكم جماعة منهم ابن الجنيد بتداخلها ، ومع قوله بكونه قبل التسليم للنقيصة يزول التداخل في صور :

الأولى ـ لو سجد للسهو للنقيصة ثمَّ سهى بعده ناسيا قبل التسليم أعاده ، كما لو تكلم بعده ناسيا إن قلنا بوجوب التسليم. وكلامه فيه محتمل ، ويبعد هنا كون السهو للنقيصة ، لأنه لم يبق فعل يتصور فيه النقيصة لأنه قبل التسليم.

الثانية ـ لو سهى للنقيصة ثمَّ سجد في صلاة القصر ثمَّ عن له المقام بعده ، فالظاهر أنه تصح النية لعدم التسليم والخروج من الصلاة. وحينئذ لو سهى بعد ذلك سجد له. ويحتمل أيضا إعادة سجوده الأول ، لأنه لم يقع آخر الصلاة.

الثالثة ـ لو كانت الفريضة مسبوقة فعدل إلى السابقة بعد التشهد وكان أزيد عددا منها ثمَّ سهى فإنه يسجد ويجي‌ء في الأول الإعادة أيضا.

ويحتمل في الموضعين عدم العدول ، لأن سجود السهو حائل وإلا يلزم زيادة صورة سجدتين متواليتين في الصلاة ، إلا أن نقول : المبطل زيادة الركن وهذا ليس بركن وإنما هو صورته. ويتفرع على اعتقاد هذا الزائد فروع :

« أ » لو شك هل سهى أم لا فسجد جاهلا بالحكم ثمَّ علم في الصلاة ، فعلى

٢٢٧

القول بالاغتفار ينبغي أن يسجد ثانيا لأنه الآن قد زاد سجودا فيسجد له.

« ب » ـ لو ظن أنه سهى فسجد ثمَّ تبين له بعده أنه لم يسه ، فالأقرب السجود حينئذ للزيادة. ويحتمل ضعيفا عدمه بناء على أن السجود كما جبر غيره فيجبر نفسه.

« ج » ـ لو ظن أن سبب سجوده بسبب نقيصة سجدة فسجد ثمَّ تبين له أن الفائت تشهد مثلا. احتمل أنه لا يعيد ، لأن القصد جبر الخلل الواقع في الصلاة والتعيين لغو. واحتمل الإعادة ، لأنه لم يجبر ما يحتاج إلى الجبر. وهذا نظير الإشكال فيما إذا نوى رفع حدث والواقع غيره غلطا.

قاعدة :

كل صلاة اختيارية تتعين فيها فاتحة الكتاب ولا تتم إلا بها إلا أن يسهو عنها فإن كانت ركعة أو ركعتين فلا بدل لها فرضا كان أو نفلا ، وإن كانت أكثر من ذلك تخير في التسبيح في الزائد.

وابن أبي عقيل يرى في السنة جواز القراءة في الركعة الثانية من حيث قطع في السورة التي قرأها مع الحمد في الركعة الأولى. وهو نادر.

ولا يتعين سورة من السور للقراءة إلا ما ذكره ابن بابويه وأبو الصلاح في الجمعة والمنافقين لظهرها وجمعتها (١) ينبغي أن يكون أولى بالتعيين كما قاله أبو الصلاح ، مع أن الخبر الصحيح عن أبي الحسن عليه‌السلام بعدمه (٢).

ولا شي‌ء من الفرائض يجزي فيه التبعيض عند من أوجب السورة إلا صلاة الآيات ، وفي تعيين الحمد ثانيا في الركعة الواحدة منها لو لم يبعض ، قولان

__________________

(١) الفقيه ١ / ٢٠١.

(٢) التهذيب ٣ / ٧.

٢٢٨

أقربهما الوجوب.

واحترزنا بالاختيارية عن صلاة جاهل الفاتحة مع ضيق الوقت ، وعن المصلي بالتسبيح في شدة الخوف.

وألحق بهما ابن إدريس ذا الحدث الدائم إذا لم يتمكن من الفاتحة لتوالي الحدث فإنه يجتزي بالتسبيح أربعا في جميع الركعات ، قال : فإن لم يتمكن لتوالي الحدث فليقتصر على مرة واحدة في قيامه ومثلها في ركوعه وسجوده.

وهذا التخفيف لم نقف لغيره عليه ورده أولى بل ، إن كان مبطونا توضأ وبنى. والظاهر أنه مع التوالي يسقط الوضوء إلا في افتتاح الصلاة ، وإن كان سلسا استمر مطلقا إلا أن يكون فيه فترات يمكن فعل جميع الصلاة فيها. وقد حررناه في الذكرى.

قلت : قال فيها عقيب ذكر الروايات الدالة على بناء المبطون : هل ينسحب مضمون الرواية في السلس؟ يمكن ذلك لاستوائهما في الموجب وإشارة الروايات إلى البناء بالحدث مطلقا. والوجه العدم ، لأن أحاديث التحفظ بالكيس والقطن مشعرة باستمرار الحدث وأنه لا مبالاة به. والظاهر أنه لو كان في السلس فترات وفي البطن تواتر أمكن نقل حكم كل منهما إلى الآخر.

قاعدة :

إذا كان الفعل موصوفا بالوجوب وله هيئات يقع عليها وجب كل واحدة منها تخييرا ، وجاز أن يوصف بعضها بالاستحباب بكماله ويكون الاستحباب راجعا إلى اختيار تلك الهيئة لا إلى نفسها ، وله صور :

« أ » الجهر في صلاة الجمعة إجماعا وفي الظهر على قول مشهور موصوف بالاستحباب ، وهو صفة للقراءة الواجبة.

٢٢٩

« ب » الجهر بالبسملة في مواضع الإخفات كذلك.

« ج » استحباب قراءة سورة بعينها في الفريضة مع وجوب أصل السورة.

« د » الجهر للإمام بالأذكار والإخفات للمأموم ، فإنه يوصف بالاستحباب مع وجوب أصله. ولو جعل الجهر صفة زائدة على الإخفات بحيث تكون نسبة الإخفات إلى الجهر كنسبة البعض إلى الكل لم يكن من هذا الباب.

« ه » الهرولة بين الصفا والمروة موصوفة بالاستحباب مع وجوب أصل الحركة ، وهو السبب في إفتاء بعض الأصحاب وبوجوب الجهر في البسملة ووجوب الهرولة ، لأنهم لحظوا أصل الوجوب ولم ينظروا إلى جواز الانفكاك.

« و » التسبيح في الركوع والسجود ، فإن التسبيحة الكبرى موصوفة بالأفضل مع قيام أصل الوجوب بها من حيث اشتمالها على التسبيح أو الذكر المطلق.

قاعدة :

الأصل في هيئات المستحب أن تكون مستحبة ، لامتناع زيادة الوصف على الأصل. وقد خولف في مواضع :

١ ـ الترتيب في الأذان ، وصفه الأصحاب بالوجوب.

٢ ـ رفع اليدين بالتكبير في التكبيرات الصلاة ، وصفه المرتضى بالوجوب.

٣ ـ وجوب القعود في النافلة أو القيام تخييرا إن قلنا بعدم جواز الاضطجاع. وهذا وترتيب الأذان الوجوب بمعنى الشرط ، ومنه وجوب الطهارة للصلاة المندوبة ، ويسمى الوجوب غير المستقر.

٢٣٠

قاعدة :

قد غيا الشارع العبادات بغايات مخصوصة ، كتغيية الصوم بالليل والغسل بالمرافق والمسح بالكفين والوقوف بالموقفين بغاياتهما. والظاهر دخول الغاية في المغيى إذا لم ينفصل بمفصل محسوس.

ويكفي مسمى الغاية من العبادات ما غايته آخر أفعاله ، كالطواف والسعي وإن كان تحقق الآخر موقوفا على جزء زائد من المطاف والمسعى.

ومن الأول الانحناء في الركوع والسجود ، ومن الثاني الصلاة ، فإن غايتها آخر أفعالها. ويظهر من كلام العلماء أنه لا يكفي انقضاء أفعالها في الخروج منها ، بل لا بد من محلل وهو التسليم بعينه على الأصح من قولي الأصحاب ، فإن اتفق الخروج بغيره من حدث وشبهه سقط التسليم لوجود المخرج ، فاستغني عنه.

ويمكن حمل صحيح زرارة عن الباقر عليه‌السلام في المحدث قبل التسليم أن صلاته تامة (١) على ذلك ، ولا يكون فيه دلالة على نفي وجوب التسليم مطلقا ، وإنما يلزم ذلك لو كان التسليم واجبا وجزءا ، وأما إذا كان واجبا لا جزءا لأجل الخروج من الصلاة فلا يلزم ذلك.

وكذا قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما صلاتنا هذه تكبير وقراءة وركوع وسجود. لا ينافي وجوب التسليم ، لأنه عد أجزاء الصلاة والتسليم ليس جزءا.

وكذا صحيح زرارة عن الباقر عليه‌السلام فيمن صلى خمسا إن كان قد جلس في الرابعة قدر التشهد تمت صلاته (٢). ولا يلزم منه عدم وجوب التسليم ،

__________________

(١) الكافي ٣ / ٣٤٧.

(٢) التهذيب ٢ / ١٩٤ ، الفقيه ١ / ٢٢٩.

٢٣١

للاستغناء عنه بالركعة الزائدة المنافية.

فإن قلت : هذا باطل إن التسليم ليس جزءا لكن التشهد جزء قطعا ، فلا تكون الصحة مستندة إلى الإتيان بالمنافي بدلا عن التسليم بل إلى أنهما ليسا ركنا ، وترك غير الركن لا تبطل الصلاة.

قلت : هذا أيضا لا ينافي وجوب التسليم ، إذ لا يلزم من نفي ركنيته نفي وجوبه ، لأن انتفاء الأخص لا يلزم منه انتفاء الأعم. على أن الجلوس بقدر التشهد جاز أن يكون مصاحبا للتشهد فلم يتخلف سوى التسليم واستغني عنه بالإتيان بالمنافي. فظهر بذلك كله ضعف تمسك القائل بندب التسليم وبقاء أدلة الوجوب خالية عن معارض.

قاعدة :

إذا دل دليل على حكم لم يكف به إلا بعدم المعارض ، لأن وجود المقتضي مع وجود المانع لا أثر له ، وخصوصا إذا كان ذلك الدليل قاصرا في كيفية الدلالة عن المعارض ، فلا يجوز أن يجعل مدلول ما عارضه مدلولا له وإلا لكان قد أقيم منافي الشي‌ء مقام ذلك الشي‌ء ، وهو غير جائز.

ومن ذلك يظهر أنه لا يمكن الاستدلال بقوله تعالى « وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً » (١) على وجوب التسليم على النبي « صلى‌الله‌عليه‌وآله » في الصلاة ، لأن الإجماع واقع على خلاف الدليل ، إذ الإجماع حاصل على استحبابه فيها وعدم تكرره وفوريته. والآية لو سلم كونها في التسليم عليه « صلى‌الله‌عليه‌وآله » لم تدل على التكرار ولا على الفورية ولا على كونه في الصلاة ، فكيف يجوز أن يجعل ما أجمع على منافاته للدليل موردا له.

__________________

(١) سورة الأحزاب ٥٦.

٢٣٢

قاعدة :

إذا تعارض العام والخاص بني العام على الخاص ، ومن ذلك صورة استحباب الجهر في القنوت ، لأن قول الصادق عليه‌السلام القنوت كله جهار « (١) خاص ، وقول النبي » صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة النهار عجماء « عام ، وكذا قول الصادق عليه‌السلام » السنة في صلاة النهار بالإخفات (٢).

ومنها لو سلم وتكلم لظنه تمام الصلاة ، فهذا كلام وتسليم وقعا عمدا ، وطريق العموم أن تعمدهما مبطل للصلاة ، إلا أنه معارض بأخبار صحاح يتضمن خصوصية هذا بالصحة. على أن لمانع أن يمنع من تسمية ذلك تعمدا.

ومنها كون الأكل والشرب مفسدين للصلاة ، فإنه خرج في الوتر بدليل خاص ، وهو خبر سعيد الأعرج عن الصادق عليه‌السلام (٣).

قاعدة :

الأسباب تؤثر في مسبباتها ولا يجب دوام مسببها بدوامها إذا امتثل الأمر فيه والواجبات الموسعة بحسب الأوقات من هذا القبيل ، فإن الوقت سبب ويكفي إيقاع الفعل في جزء منه. ومن ثمَّ اكتفى في صلاة الكسوف والخسوف بالمرة مع أن أصل الأمر لا يدل على التكرار.

ويظهر من كلام المرتضى وأبي الصلاح وسلار وجوب الإعادة ما دام السبب كأنهم يذهبون إلى أن الوجوب مغيا برد النور أو ذهاب الخسوف ، فيكون

__________________

(١) الفقيه ١ / ٢٠٩.

(٢) التهذيب ٢ / ٢٨٩ ، الاستبصار ١ / ٣١٣ ، الوسائل ٢ / ٧٥٩.

(٣) التهذيب ٢ / ٣٢٩.

٢٣٣

الكسوف سببا لوجوب الصلاة ودوامه سببا أيضا ، ويلزم من هذا إثبات سببيته لم يدل عليها النص بأحد الدلالات.

فإن قلت : المشهور استحباب الإعادة والمنع قائم.

قلت : جاز أن يكون ابتداء الكسوف سببا في الوجوب ودوامه سببا في الاستحباب ، كما أن الزوال سبب في وجوب اليومية وطلب الجماعة لمن صلى منفردا سبب في استحبابها.

قاعدة :

الموالاة في الصلاة شرط في صحتها ، لأن النبي « صلى‌الله‌عليه‌وآله » صلاها كذلك ، فيقطعها الفعل الكثير في أثنائها. وقد يعرض ما يخرجها عن الشرطية في مواضع :

( منها ) المبطون إذا فاجأه الحدث فإنه يتوضأ ويبني.

( ومنها ) من سلم على نقص (١) من صلاته ثمَّ ذكر ، وقد رواه علي بن النعمان الرازي (٢) عن الصادق عليه‌السلام والحسين بن أبي العلاء (٣) وعبيد بن زرارة عنه عليه‌السلام بسند آخر (٤). وأبلغ منه ما رواه عمار بن موسى عنه عليه‌السلام : يبني ولو بلغ الصين ولا يعيد الصلاة (٥). واختاره الصدوق ، ونقل عن يونس بن عبد الرحمن إعادة الصلاة بذلك ولم يرتضه.

( ومنها ) من كان في الخسوف فخشي فوت الحاضرة ، فإنه يقطع الكسوف

__________________

(١) في ص وهامش ك : على بعض.

(٢) التهذيب ٢ / ١٨١ ، الفقيه ١ / ٢٢٨.

(٣) التهذيب ٢ / ١٨٣.

(٤) التهذيب ٢ / ٣٤٦ ، الفقيه ١ / ٢٢٩.

(٥) التهذيب ٢ / ١٩٢ ، الفقيه ١ / ٢٢٩.

٢٣٤

ثمَّ يأتي بالحاضرة ثمَّ يبني على صلاة الكسوف. وذهب إليه أعيان الأصحاب ، وقد رواه في الصحيح محمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام (١) وعن ابن أبي عمير بسنده أيضا عنه عليه‌السلام.

( ومنها ) إذا لزمه احتياط ففعله ثمَّ ذكر النقص فإنه يجزي مع أنه قد تخلل النية والتكبير والتشهد والتسليم ، وربما تخلل فعل آخر غير ذلك.

قاعدة :

كل النوافل ركعتان بتسليمة إلا الوتر ، ولا يزاد على ركعتين إلا في مواضع ثلاثة :

ا ـ صلاة الأعرابي ، وهي من مراسيل الشيخ عن زيد بن ثابت (٢).

ب ـ صلاة العيد إذا صليت بغير خطبة ، فإن علي بن بابويه يقول : يصلي أربعا بتسليمة (٣).

ج ـ صلاة جعفر عليه‌السلام ، فإن ظاهر الصدوق أنها أربع بتسليمة (٤).

قاعدة :

قصر الصلاة قد يكون في الكم وهو ثابت في المسافر والخائف وإن كان حاضرا سواء كان منفردا أو في جماعة إذا استوعب العذر الوقت أو بقي منه مالا

__________________

(١) الفقيه ١ / ٣٤٦ ، التهذيب ٣ / ١٥٥.

(٢) رواها السيد ابن طاوس في جمال الأسبوع والشيخ في المصباح.

(٣) التهذيب ٣ / ١٣٥.

(٤) الفقيه ١ / ٣١٧. ويقال لها صلاة الحبوة والتسبيح أيضا. وفي المصباح : حبوت الرجل حباء بالمد والكسر : أعطيته الشي‌ء بغير عوض والاسم منه الحبوة بالضم.

٢٣٥

يسع الطهارة وركعة سواء كان الخائف رجلا أو امرأة ، وخالف ابن الجنيد في المرأة فزعم أنها لا تقصر في الحرب. وقد تكون في الكيف ، وهو كثير كالمريض والخائف والمضطر.

تنبيه :

غاية القصر ركعتان سواء كان في السفر أو الخوف ، وظاهر ابن الجنيد ورواه ابن بابويه في الصحيح عن حريز عن الصادق عليه‌السلام أن الخائف مع الإمام يقتصر على ركعة فيكون للإمام ركعتان ولكل فرقة ركعة (١).

قاعدة :

لا يقضى شي‌ء من الواجبات بعد التسليم سوى السجدة والتشهد والصلاة على النبي وآله ، وخالف في الصلاة ابن إدريس فأسقط قضاءها إلا مع فوات التشهد. أما ما يفعل احتياطا عند الشك فإنه ليس معلوم الجزئية.

ولا يقضى شي‌ء من المندوبات سوى القنوت لو لم يتذكره بعد الركوع فإنه يقضيه بعد التسليم في المشهور. وقال ابن الجنيد يقضيه في تشهده ، وهو نادر.

ولو تذكره فعله بعد الركوع للخبر الصحيح عن محمد بن مسلم عن الباقر صلوات الله عليه (٢) ، وعليه الأصحاب إلا ابن أبي عقيل فإنه نفى قضاءه بعد الركوع وبه خبر صحيح لكنه مجهول المسئول (٣) ، ولو سلم حمل على نفي وجوب

__________________

(١) الفقيه ١ / ٢٩٥.

(٢) التهذيب ٢ / ١٦٠.

(٣) التهذيب ٢ / ١٦١.

٢٣٦

القضاء لا على نفي المشروعية.

قاعدة :

ضابط الجماعة أن يكون المقتدى فيه فرضا أو أصله فرضا أو بصفة ما أصله الفرض كالاستسقاء ، ولا يتخلف الاستحباب في ذلك كما لا يتجاوزه الاستحباب.

وخالف في الأولين قوم ، قال ابنا بابويه في الكسوف : يصلي جماعة مع الاستيعاب وفرادى لا معه ، اعتمادا على قول الصادق عليه‌السلام في رواية ابن أبي يعفور إذا انكسفت الشمس والقمر وانكسف كلها فإنه ينبغي للناس أن يفزعوا إلى إمام يصلي بهم وإن كسف بعضه فإنه يجزي الرجل أن يصلي وحده (١).

وهو دال على تأكد الجماعة في احتراق الكل أكثر لا على النفي بالكلية (٢) ، والجماعة لا تنكر تأكدها في بعض دون بعض ، فإنها واجبة في الجمعة والعيدين وفي الفرائض آكد من النوافل التي يستحب فيها الجماعة.

والمفيد يقول في قضاء الكسوف بقول ابني بابويه ، وقال أبو الصلاح باستحبابها في صلاة الغدير ، وفي كلامه إيماء إلى أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعله.

قاعدة (٣) :

ذهب المرتضى وابن الجنيد وابن أبي عقيل رحمهم‌الله تعالى إلى أن المنبر يحمل بين يدي الإمام في الصلاة الاستسقاء إلى الصحراء ، وبه رواية مرسلة عن

__________________

(١) التهذيب ٣ / ٢٩٢.

(٢) في ص : لا على نفي الكلية.

(٣) في ص : فائدة.

٢٣٧

الصادق عليه‌السلام (١). وأنكر ذلك متأخرو الأصحاب ، ولم نقف لهم على رواية سوى عموم أنها كصلاة العيد.

قاعدة :

كل مؤتم لا يجوز له التقدم في الموقف على إمامه إجماعا ، والمشهور جواز المساواة ، وأوجب ابن إدريس تقدم الإمام بقليل في الصلاة الاختيارية وفي العراة والروايات خالية عن هذا القيد ، وقضية الأصل تنفيه ، والتمسك بصحة صلاة الاثنين لو قال كل منهما كنت إماما يضعف لجواز توهم كل واحد منهما التقدم.

قاعدة :

ضابط إمام الصلاة كماله وإيمانه وعدالته وطهارة مولده ، وباقي شرائطه إضافية كالقيام بالإضافة إلى القائمين والذكورة بالنسبة إلى الرجال ، وينقسم الأئمة إلى أقسام سبعة :

( الأول ) من لا تجوز إمامته ، وهو الصبي غير المميز والكافر والفاسق والمجنون والمحدث والجنب ونجس الثوب أو البدن مع إمكان الإزالة والحائض والنفساء والمستحاضة لا مع فعلها فرضها. وهذا مع علم المقتدي بحالهم ، فلو ظن الكمال أجزأت إلا في الجمعة إذا اعتبرنا كون الإمام من العدد أو كان تمام العدد به.

( الثاني ) من تجوز إمامته بقبيل دون قبيل ، وهو الأمي واللاحن والخنثى والمرأة والمئوف اللسان والصبي المميز.

( الثالث ) من تجوز إمامته في صلاة دون صلاة ، وهو العبد يستثنى من

__________________

(١) التهذيب ٣ / ١٤٩ ، الكافي ٣ / ٤٦٢.

٢٣٨

الجمعة على قول ، وكذا الأصم والأبرص والمسافر على قول من لا يوجب على المسافر لو حضر الجمعة.

( الرابع ) من يكره إمامته كالأجذم والأبرص والمتيمم بالمتطهرين والمسافر بالحاضرين ومن يكرهه المأموم.

( الخامس ) من يجوز إمامته مع أن غيره أفضل منه ، كالعبد والمبعض والمكاتب والمدبر والمكفوف ومراتب الأقرأ والأفقه إلى آخرها.

( السادس ) من تجب إمامته وتقدمه ـ يعني يحرم تقديم غيره عليه ـ وهو إمام الأصل صلوات الله عليه إلا لعذر.

( السابع ) من يستحب إمامته ، وهو من عدا هذه الأقسام.

قاعدة :

كل من فاته صلاة فريضة نوعية لا بدل لها وجب قضاؤها مع تكليفه وإسلامه ولو حكما والطهارة من الحيض والنفاس ، فعلى هذا هل يقضي فاقد الطهورين لأن الوقت سبب ولم يثبت كون التمكن من المطهر شرطا في تحقق السببية؟

واجتزأ المفيد هنا في أوقات الصلوات عن الدعاء بقدرها عن الأداء والقضاء وهو بدل له لم يثبت.

قاعدة (١) :

لو صلى ما عدا العشاء بطهارة ثمَّ أحدث فصلاها بطهارة ثمَّ ذكر إخلالا بعضو من إحدى الطهارتين ، احتمل وجوب الخمس بعد الطهارة ووجوب صبح ومغرب

__________________

(١) في ص : فائدة.

٢٣٩

ورباعيتين يطلق في الأولى بين الظهر والعصر وفي الثانية بين العصر قضاء وبين العشاء الآخرة أداء إذا كان الوقت باقيا وإلا كان الجميع قضاء.

ولو سها عن الوضوء الذي كلف به الآن وصلى الصلوات الخمس أو الأربع ثمَّ ذكر أنه صلاها بغير وضوء مستأنف ، فعلى الأول ليس عليه إلا إعادة العشاء لا غير ، لأن الإخلال إن كان من طهارته الأولى فهو الآن متطهر وقد صلى ما فاته بطهارة صحيحة ما فاته وزيادة ، وإن كان من طهارته الثانية فلم يضره هذا التكرار ووجب عليه صلاة العشاء.

وأما على الثاني فيحتمل هذا أيضا ، ويحتمل أن يعيد ما عدا الصبح ، لأنه إذا كانت طهارته الأولى فاسدة وجب عليه الصلوات بنية جازمة وهنا قد وقع الترديد.

فائدة (١) :

الترتيب في القضاء معتبر بين الفرائض اليومية ، لقوله عليه‌السلام فليقضها كما فاتته « (٢) وقد فاتته مرتبة فيجب الترتيب عملا بمدلول الأمر.

هذا مع الذكر ، أما مع النسيان فيحتمل سقوطه لقوله عليه‌السلام » رفع عن أمتي الخطأ والنسيان « (٣) والمراد حكمهما والمؤاخذة عليهما ، ولقوله » صلى‌الله‌عليه‌وآله الناس في سعة ما لم يعلموا ، ولأن الزائد حرج وعسر ، وهو منفي بالقرآن العزيز ، ولأن التكليف مع عدم العلم تكليف بالمحال ، ولأصالة البراءة من الزائد

__________________

(١) في ص : قاعدة.

(٢) انظر التهذيب ٣ / ١٥٨ وهذه العبارة نقلها في طي كلامه انظر : ص ١٦٤ من هذا المجلد.

(٣) الخصال ٢ / ١٨٤.

٢٤٠