نضد القواعد الفقهيّة على مذهب الاماميّة

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي

نضد القواعد الفقهيّة على مذهب الاماميّة

المؤلف:

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي


المحقق: السيد عبد اللطيف الحسيني الكوه‌كمري الخوئي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٢

وأما التحسين فكشبه العبد الحر ، فإنه لا فرق بينهما في الآدمية ولكن المملوكية تلحقه بشبه غير الآدمي من الحيوان. ولهذا يلحق بالحر فيما فيه مقدر وبالحيوانات المملوكة فيما لا مقدر فيه.

وبنى بعضهم حل العبد الآبق على ذلك فيما لو أبق ، وفصل الأصحاب بعقله وجنونه لقوة اختيار العاقل ، فقالوا يضمن الحال لو كان العبد مجنونا ولا يضمن لو كان عاقلا.

( ومنه ) اللعان متردد بين الأيمان والشهادات ، وبشبه الأيمان أقوى ، فيجوز من الذمي.

وحد القذف متردد بين حق الله تعالى وحق الآدمي ، من جهة أنه ينظر بالرق (١) وأن استيفاءه بإذن الإمام فيشبه حق الله تعالى ، ومن توقفه على مطالبة المستحق وسقوطه بعفوه ، وأنه لا يسقط بالرجوع من المقربة ، وأنه يورث. ويتفرع عليه ثبوته بالشهادة على الشهادة.

والعدة مترددة بين حق الله تعالى وحق الآدمي ، ويغلب فيها حق الله تعالى لوجوبها مع الوفاة وإن لم يدخل ، ولذلك كان الأقرب عدم تداخل العدتين.

وجنين الأمة هل يعتبر بنفسه أو بكونه عضوا من أعضاء أمه لعسر اعتباره بنفسه ، ولهذا يدخل عند الشيخ في البيع والعتق والتدبير والوصية ، فمن ثمَّ وجب فيه عشر قيمة الأم. وهذا كله إظهار للحكمة وإلا فالاستناد إلى المنصوص منهما (٢) واجب.

__________________

(١) في ص والقواعد : تشطر بالرق.

(٢) في ص : منها.

١٢١

قاعدة :

قد يتردد الشي‌ء بين أصلين ، فيختلف الحكم فيه بحسب دليلي الأصلين ، فمنه الإقالة في كونها فسخا أو بيعا. والأقوى أنه فسخ وإلا لصحت مع غير المتعاقدين وبغير الثمن الأول.

ويتفرع على ذلك فروع كثيرة ، كالإقالة في العبد بعد إسلامه والبائع كافر فعلى الفسخ يمكن الصحة وثبوت خيار المجلس والشرط والحيوان والشفعة وجوازها بعد التلف وجوازها قبل القبض في المكيل والموزون ، وغرم أرش المبيع لو تعيب في يد المشتري بعد الإقالة على قول الفسخ وعلى البيع يتخير البائع بين إجازة الإقالة والأرش وبين الفسخ. وقيل الأرش ، وهو قضية قول من قال من الأصحاب بأن العيب الحادث بعد العقد قبل القبض لا أرش فيه.

ولو اطلع البائع على عيب حدث في يد المشتري قبل الإقالة فلا رد له على الفسخ وعلى البيع ، والأقرب الرد على القولين.

ومن المتردد بين أصلين الإبراء هل هو إسقاط أو تمليك ، ويتفرع عليه احتياجه إلى القبول وعدمه ، فإن اعتبرنا القبول ارتد برده وتولى المبرإ العقد عن المبرئ بوكالته جائز على الإسقاط وعلى التمليك يبني على جواز تولي الطرفين.

والإبراء عن المجهول يصح على الإسقاط ويبطل على التمليك.

ولو قال لمن اغتابه « قد اغتبتك » ولم يعين الغيبة فأبرأه يمكن القول بالصحة لأنه هنا إسقاط محض. والأقرب لا ، للاختلاف في الأغراض والرضى بالمجهول لا يمكن.

ولو كان له على جماعة دين فقال « أبرأت أحدكم » فعلى التمليك لا يصح

١٢٢

قطعا وعلى الإسقاط يمكن الصحة ويطالب بالبيان.

( ومنه ) الحوالة هل هي استيفاء أو إبراء ذمة المحال عليه أو هي اعتياض عما كان في ذمة المحيل بما في ذمة المحال عليه؟

وجه الأول عدم اشتراط القبض في المجلس لو كان الحقان من الأثمان ، وتحقق براءة ذمة الأمر (١) بمجردها ، ولأنها لو كانت اعتياضا لكانت بيع دين بدين وهو باطل.

ووجه الثاني أنه لم يقبض نفس حقه بل أخذ بدله عوضا عنه ، وهو معنى الاعتياض. ويتفرع على ذلك فروع كثيرة :

( منها ) لو احتال البائع ثمَّ ردت السلعة (٢) بعيب سابق ، فإن قلنا بالأول بطلت لأنها نوع إرفاق ، فإذا بطل الأصل بطل هبة الإرفاق ، كما لو دفع الصحاح عوض المكسرة ثمَّ فسخ فإنه يرجع بالصحاح. وإن قلنا بالثاني لم يبطل ، كما لو استبدل عن قبض (٣) الثمن ثوبا ثمَّ فسخ فإنه يرجع بالثمن لا بالثوب ، فللمشتري الرجوع على البائع خاصة إن قبض ولا يتعين المقبوض ، وإن لم يقبضه فله ـ أي للبائع ـ قبضه إلى غير ذلك.

( ومنه ) ما هو متردد بين القرض والهبة ، كقوله أعتق عبدك عني ولم يذكر العوض أو اقض ديني ولم يذكر الرجوع ، فهل يرجع في الموضعين بالعوض كالقرض أو لا كالهبة؟

ولو دفع إليه مالا وقال اتجر في حانوتي لنفسك ، أو دفع إليه بزرا وقال

__________________

(١) في ص : الآخر.

(٢) السلعة : البضاعة ، الجمع سلع كسدرة وسدر.

(٣) ليس « قبض » في ك.

١٢٣

« أزرعه في أرضى لك » فهو معير للحانوت والأرض ، وهل المال قرض أو هبة؟

ولو دفع إلى فقير دراهم وقال « اشتر بها قميصا لك » هل يكون هبة أو قرضا؟ يقوى الهبة عملا بالقرينة وليس له شراء غير القميص بها قطعا إلا أن يكون قوله على سبيل التبسط فينصرف كيف شاء.

ولو دفع إلى شاهد في موضع تلحقه المشقة بحضوره أجرة دابة ليركبها فهل هو قرض أو هبة؟

( ومنه ) تردد العين المستعارة للرهن بين العارة والضمان ، فكان المعير ضامن المال في عين ماله والمستعير مضمون عنه. ويتفرع عليه معرفة الجنس والقدر والصفة على قول الضمان ، بل ومعرفة المرهون عنده.

ولو تلف في يد المرتهن فعلى قول الضمان لا شي‌ء عليه ولا على الراهن ، وعلى قول العارية على الراهن الضمان. ولو تلف في يد الراهن ضمن على القولين.

( فرع ) لو قال مالك العبد « ضمنت ما لفلان عليك في رقبة هذا العبد » قيل يصح على قول الضمان ، ويكون كالإعارة للرهن. ويشكل بعدم قبول المضمون له ، إلا أن يقال قبوله غير شرط بل يكفي الرضا.

( ومنه ) أن الصداق قبل الدخول هل هو مضمون على الزوج ضمان عقد أو ضمان يد؟ فيه وجهان ، ووجه الأول أنه مملوك بعقد معاوضة فهو كالبيع ، ووجه الثاني أن النكاح لا ينفسخ بتلفه وما لا ينفسخ العقد بتلفه يكون مضمونا ضمان اليد كما لو غصب البائع المبيع بعد قبضه فإنه يضمن عليه ضمان اليد.

والأصل فيه أن في الصداق مشابهة العوض فيشابهه النحلة (١) ، والنحلة هي

__________________

(١) في ص والقواعد : ومشابهة النحلة.

١٢٤

العطية من غير عوض ، فلا يكون مضمونا عليه ضمان العقود.

وحجة المعاوضة : أن للزوجة رده بالعيب وحبس نفسها إلى القبض ، والنحلة لا يتعين للعطية بل هي التدين والشريعة. سلمنا أنها عطية لكن هي عطية من الله للزوجات.

وأما عدم انفساخ النكاح بتلفه فلأن المهر ليس ركنا في عقد النكاح لصحته مع تجرده عنه ، فالزوجان هما الركنان في النكاح كالعوضين في البيع ، ومن ثمَّ وجب تسمية الزوجين في العقد لو باشره الوكيل كما تجب تسمية العوضين. وفروع ذلك كثيرة :

( منها ) إذا تلف الصداق في يده ، فإن قلنا ضمان عقد انفسخ عقد الصداق وتعذر عود الملك إليه قبل التلف ويكون لها مهر المثل ، لأن النكاح مستمر والبضع كالتالف فيرجع إلى عوضه. وإن قلنا ضمان اليد لم ينفسخ العقد في الصداق بل يتلف على ملك الزوجة حتى لو كان عبدا وجب عليها مئونة تجهيزه ويضمن الزوج بدله مثلا أو قيمة.

( ومنها ) الظهار يشبه الطلاق من حيث اشتراط الشاهدين والطهر والاستبراء ويشبه اليمين من حيث بقاء حقيقة الزوجية واحتياج البينونة إلى الطلاق.

وفرع العامة عليه توقيت الظهار ، فعلى الطلاق لا يجوز وعلى اليمين يجوز.

ولو قال لأربع « أنتن علي كظهر أمي » فعلى الطلاق لكل واحدة كفارة ، وعلى اليمين كفارة واحدة كما لو حلف : لا كلمت جماعة فكلمهم.

( ومنها ) جواز التوكيل في الظهار ، فعلى اليمين لا يجوز وعلى الطلاق يجوز.

ولو كرر الظهار من واحدة فعلى اليمين يلزمه بكل مرة كفارة إن قصد التأسيس ، وعلى الطلاق كفارة واحدة ، إذ لا يصح طلاق المطلقة ثانيا قبل

١٢٥

الرجعة عندنا.

( ومنه ) المطلقة بائنا مع الحمل تجب نفقتها بالنص ، وهل هي للحامل أو الحمل؟ وفروعه كثيرة ، كوجوبها على العبد وسقوط قضائها أو لا ، ووجوبها لو كانت ناشزا حال الطلاق أو نشزت بعده أو ارتدت بعد الطلاق ، وصحة ضمان الماضي منها.

وإذا كان الزوج حرا والزوجة أمة ومنعها المولى من الليل ، وكذا لو كان رقيقا مع الشرط ، وإذا مات وهي حامل لأن نفقة القريب تسقط بالموت وإن قلنا للحامل وجبت ، وروى الأصحاب أن نفقة الحامل من نصيب الحمل ، وفي أخرى لا نفقة لها. وهو يؤيد أن النفقة للحامل وبالبينونة زالت توابع الزوجية.

ولو مات الزوج معدما فلا نفقة إن قلنا للحامل قطعا ، وإن قلنا للحمل وجبت في ماله ، فإن خلف أبا فإن قلنا لها فلا نفقة وإلا وبت على الجد. ويحتمل أن لا نفقة على القولين.

ولو أبرأته عن النفقة الحاضرة كما بعد طلوع الفجر عن نفقة اليوم لم تسقط على الحمل.

ولو أعتق أم ولده الحامل منه وجبت إن جعلناها للحمل ويقبض من الزكاة والخمس مع فقرها إن جعلناها للحمل ، وإن قلنا لها فلا لأنها في نفقة الزوج.

قال : وهذا الفرع مشكل ، لأن الزوج أبو الحمل فالنفقة واجبة على التقديرين. والقابض فإن كان موسرا أداها وإن أعسر كان هو القابض. نعم لو مات أو كان كافرا والأم مسلمة فإن كانت فقيرة قبضت على التقديرين لأن المصروف إنما هو إليها ، وإلا فلا لوجوب نفقة الحمل عليها.

ولو سافرت بغير إذنه فإن قلنا للحمل وجبت وإلا فلا ، ويصح الاعتياض

١٢٦

عنها إن كانت لها. واستلم (١) وهي كافرة وجبت إن قلنا للحمل وإلا فلا.

ولو سلم إليها نفقة اليوم فخرج الولد ميتا في أوله لم تسترد إن قلنا لها وإلا استرد.

ووجوب الفطرة إن قلنا للحامل دون الحمل ، ويشكل بما أنها منفق عليها حقيقة فكيف لا تجب فطرتها.

ولو أتلفها متلف بعد قبضها وجب بدلها إن قلنا للحمل ولم تفرط.

ولو نشزت في النكاح وهي حامل أمكن وجوب النفقة إن قلنا إنها للحمل ، ويشكل بأنها غير مطلقة ولا معتدة.

ولو حملت الأمة من رقيق فإن قلنا للحمل وجبت على السيد وإن قلنا للحامل فعلى العبد إذا انفرد السيد بالولد.

تنبيه :

لو كانت معتدة عن غير الطلاق ، منهم من بناها على الحمل والحامل فتجب إن قلنا للحمل وإلا فلا كالمعتدة عن النكاح الفاسد أو الشبهة أو المفسوخ نكاحها لعيبها ، ومنهم من قال إن نفقة الحامل إنما تجب لكونها كالحاضنة ومئونة الحاضنة على الأب ، فلا يفرق الحال بين المطلقة والمفسوخ نكاحها فتجب النفقة عليها على التقديرين. فهذه نيف وثلاثون فرعا.

( ومنه ) إذا نذر عبادة كصلاة مثلا وأطلقها فهل تصير كالصلاة الواجبة فتنزل على أقل واجب أو تنزل على أقل ما يصح من الصلاة شرعا؟ الأقرب الأول.

ويتفرع جواز صلاتها على الراحلة ، وصلاتها قاعدا ، ووجوب السورة

__________________

(١) في ص : ولو أسلم. وفي هامش ك : ولو أسلم وبقيت كافرة.

١٢٧

وتعلق الاحتياط بها وسجود السهو فيها ، وجواز الائتمام بها وفيها ، وجواز ركعة ووجوب التشهد بين كل ركعتين لو نذر أربع ركعات بتسليمة ، وكما لو نذر ركعتين فصلى أربعا إما بتشهد واحد أو اثنين ، فإن قلنا كالجائز شرعا صح وإلا فلا ، كما لو صلى الصبح أربعا.

ولو نذر الخطبة في الاستسقاء فإن نزلناه على الواجب من جنسه وجب الصيام وإن نزلناه على الجائز شرعا في الخطبة المطلقة لم يجب ، ووجوب تبييت النية مبني على ذلك ، فإن جعلناه كأقل مجزئ شرعا فهو كالصوم المنذور يجزي فيه عدم التبييت.

ولو نذر المغصوب حجا وقلنا بجواز نيابة المميز في حج التطوع وهو الظاهر فإن نزلناه على الواجب من جنسه لم يجز استنابته وإن قلنا ينزل على الجائز من جنسه أجزأ.

ولو نذر عتق رقبة فهل تجزي الكافرة إن قلنا بجواز عتق الكافر ابتداء ، يبنى على التنزيل على العتق الواجب أو على العتق الجائز.

ولو نذر أن يهدي بعيرا أو شاة فهل ينزل على الهدي الواجب فيشترط فيه شروطه أم على الهدي الجائز شرعا.

ولو نذر كسوة فقير أو يتيم فإن نزلناه على الكسوة الواجبة لم يجز غير المسلم ولا أجزأ الذمي.

وقد ذكر الأصحاب جواز الأكل بل استحبابه في الأضحية المنذورة ، وفيه إشارة إلى تنزيله منزلة الأضحية المستحبة لا الهدي الواجب.

ولو نذر إتيان المسجد الحرام فإن نزلنا النذر على واجب الشرع لزمه إتيانه بنسك وإن نزلناه على الجائز شرعا وكان لمن يجوز له دخول مكة بغير إحرام لم يجب.

١٢٨

( ومنه ) أن قاطع الطريق إذا قتل فإنه يقتل ، ففي هذا القتل معنى القصاص لأنه قتل في مقابلة قتل ، وفيه معنى الحد لأنه لا يصح العفو عنه ، بل لو عفى الولي قتل حدا سواء قلنا بالترتيب أو بالتخيير ، فهل يغلب حق الله أو جانب الآدمي؟ فيه وجهان. وتظهر الفائدة في مواضع :

( منها ) إذا قتل من لا يقاد به كالأب ولده والحر العبد والمسلم الكافر إن غلبنا حق الله تعالى قتل به وإن غلبنا حق الآدمي قتل لا به.

ولو قتل جماعة فإن غلبنا معنى القصاص قتل بواحد منهم وللباقين الدية في وجه ذكره الأصحاب وهو الأولى إن ترتبوا وواحد بالقرعة إن لم يترتبوا ، وإن غلبنا حق الله تعالى قتل بهم ولا دية. ولو مات قبل القود فإن غلبنا حق الله تعالى فلا شي‌ء لورثة المقتول ولا أخذت من تركته على القول به في غير المحاربة.

ولو عفى الولي على مال فإن غلبنا حق الآدمي فلا قصاص وتجب الدية ويقتل حدا كمرتد استوجب القصاص فيعفى عنه ، وإن غلبنا حق الله تعالى لغي العفو.

ولو قتل المحارب أجنبي كمن تولى المقتول بغير إذن الإمام فإن غلبنا القصاص فعليه الدية لوارثه ، والأقرب عدم الاقتصاص منه لأنه قتله متحتم ، ويحتمل القصاص لأنه معصوم بالنسبة إليه ، وإن غلبنا حق الله عزوجل عزر فقط.

ولو كان مستحق القصاص صبيا أو مجنونا فينبغي أن يخرج عفو الولي على هذا الاختلاف ، فإن غلبنا حق الآدمي لم يقبض حتى يبلغ أو يفيق إن أوجبنا التربص في مثله لئلا يفوت عليه المال لو أراده ، وإن غلبنا حق الله تعالى فعفوه لاغ فيقتل في الحال.

ولو مات قبل الظفر فإن غلبنا حق الآدمي لم يسقط القصاص ويسقط التحتم وإن غلبنا حق الله تعالى سقط.

١٢٩

( ومنه ) اليمين المردودة على المدعي والواجبة بالنكول عليه هل هي كإقرار المدعى عليه أو كالبينة؟ يحتمل الأول ، لأن المدعى عليه بنكوله يوصل إلى إثبات حق المدعي فأشبه إقراره ، ووجه الثاني أنها حجة صادرة من المدعي مع جحد المدعى عليه.

قاعدة :

العمل بالأصلين المتنافيين واقع في كثير من المسائل ، وأصله الأخذ بالاحتياط غالبا.

وما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قضية عبد بن زمعة هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش واحتجبي منه (١) يا سودة (٢). قيل : قال فيه ذلك لما رأى فيه شبها بعتبة بن أبي وقاص فاتبعه للفراش بأخي سودة أم المؤمنين وأمرها بالاحتجاب منه للشك الطارئ على الفراش ، ولما روي عنهم عليهم‌السلام في الذي وطئ أمته ووطئها أجنبي فجورا وحصلت أمارة على كون الولد ليس منه فإنه لا ينفيه (٣) ولا يورثه ميراث الأولاد.

( ومنها ) المتحيرة إذا قلنا بالاحتياط فهي يعرض بالنسبة إلى وجوب العبادة ظاهرا وبالنسبة إلى وجوب القضاء وتحريم الوطء وغيرهما حائضا.

( ومنها ) حيض الحامل مع عدم انقضاء العدة به من صاحب الحمل ومن غيره الأقرب الانقضاء. واشتباه موت الصيد بالجرح أو الماء القليل في أحد

__________________

(١) في ص : واحتجي منه.

(٢) أخرجه البخاري في صحيحه في باب « من قضى له بحق أخيه فلا يأخذه » من كتاب الأحكام.

(٣) في ص : فإنه لا يتبعه.

١٣٠

الوجهين ، ونفي إحصان من اعترف بالولد من زوجته ونفي وطئها فإنه يلحق به الولد ولا يثبت إحصانه إلا أن يتصور علوقها من مائه بغير وطء مثلا.

ولو ادعى المطلق انقضاء عدتها وأنكرت حلفت ووجب عليه الإنفاق وله التزويج بالأخت أو الخامسة في وجه.

واللقيط في دار الإسلام لو أقر بالرقية أعملنا فيه الأصلين المتنافيين على ما اختاره بعض الأصحاب.

قاعدة :

التعليل بانتفاء المقتضي ووجود المانع مختلف فيه ، ويرجح الأول اعتضاده بالأصل ، والثاني كونه على خلاف الأصل. وله فروع :

( منها ) أن الحكم ببطلان البيع الصادر من المميز وشبهه كالإجارة هل هو لانتفاء المقتضي وهي الأهلية المقتضية لصحة التصرف ـ وهي التكليف ـ أو لوجود المانع وهو انفراده عن الولي. وتظهر الفائدة لو أذن له الولي ، فعلى الأول البطلان بحاله وعلى الثاني يصح.

قاعدة :

في الاحتياط وشرعه لاختلاف المصالح ودفع المفاسد. وقد ظهر أثره في الشاك في فعل من أفعال الصلاة وهو في محله ، فإنه يأتي به.

والشاك في العدد يبطل في الثنائية والثلاثية ، وهو احتياط ، إذ الأصل عدم فعل المشكوك فيه ، وفي الرباعية يبني على الأكثر ، وهو ضد الاحتياط لكنه يجبر بالتدارك.

١٣١

والشاك في عين الفائتة يصلي خمسا احتياطا ، وآخر يوم من شعبان يصام احتياطا ، والصلاة على جميع القتلى ودفنهم احتياطا عند اشتباه المسلمين بالكفار ، وترك التزويج بالمشتبهة بالمحرمة في عدم محصور.

وأصل هذا أحاديث خاصة في بعضها وعموم قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (١).

أما إعادة الصلاة لو شك بعد الانتقال في ركن أو فعل أو إعادة الصوم لو شك في نيته أو غسل والزكاة لو شك في استحقاق القابض وإعادة الحج لو شك في تمام أركانه بل إعادة جميع العبادات عند زيادة الفقه بعد فعلها ، فلم نظفر فيه بنص على خصوصه ولا بلغنا فيه نقلا عن السلف. وإن كان متأخرو الأصحاب أولو الورع يصنعونه كثيرا.

ويمكن ترجيحه بقوله تعالى « وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ » (٢) وقوله تعالى « وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ » (٣) وقوله « صلى‌الله‌عليه‌وآله » دع ما يريبك إلى ما لا يريبك وقوله « صلى‌الله‌عليه‌وآله » من اتقى الشبهات استبرأ لدينه (٤) وقول الصادق عليه‌السلام أرى لك أن تنتظر الحزم وتأخذ الحائطة لدينك (٥) وغير ذلك.

ويطرد ذلك لو شك في الحدث بعد تيقن الطهارة ، أو في دخول الوقت قبل الطهارة ، أو في اشتغال ذمته بصلاة واجبة لينوي واجب الطهارة ، أو في كون

__________________

(١) الجامع الصغير : ١٥ نقلا عن مسند أحمد وعن النسائي. البخاري ، كتاب البيوع.

(٢) سورة الحج : ٧٨.

(٣) سورة المؤمنون : ٦٠.

(٤) البحار : ٢ / ٢٥٩ نقلا عن الغوالي.

(٥) رواه في البحار : ٢ / ٢٥٩.

١٣٢

الخارج منيا ، أو في تعيين المني من صاحبي الثوب المشترك. فطريق الاحتياط لا يحصل بمجرد الفعل في مسائل الأحداث أو الشك في الطهارات ، بل ينبغي اتحاد السبب اليقيني ثمَّ الفعل ، لأن الفعل مع النية المشكوك فيها كلا فعل عند بعض الأصحاب.

ويتوغل في ذلك إلى استحباب طلاق الزوجة مع الشك في وقوعه ، وإلى إثباتها (١) بطلقة جديدة لو شك.

ومن شك بما ذا أحرم يتمتع احتياطا ، ومن شك في تملك شي‌ء توصل إلى اليقين ـ إلى غير ذلك مما لا ضابط له.

وقد اعتبره بعض العامة ما لم يؤد إلى كثرة الشك ، فإنه مغتفر.

أما ستارة الخنثى كالمرأة وجمعه بين إحرامي الرجل والمرأة فالأقرب وجوبه لتساوي الاحتمالين.

ومن هذا الباب الجمع بين المذاهب مهما أمكن في صحة العبادة والمعاملة.

قاعدة :

الأصل يقتضي قصر الحكم على مدلول اللفظ وإنه لا يسري إلى غير مدلوله إلا في مواضع :

( منها ) العتق في الأشقاص (٢) لا في الأشخاص إلا على مذهب الشيخ من السراية إلى الحمل ، والعفو عن بعض الشقص في الشفعة على احتمال ، وعن بعض القصاص في النفس على وجه ، والسراية الصوم في أول النهار.

__________________

(١) في ص : إلى إتيانها.

(٢) جمع شقص وهو الجزء ، أي لو عتق جزء من العبد يسري إلى أجزائه الأخرى ولا يسرى عتق عبد إلى عبد آخر.

١٣٣

ويحتمل سراية ثواب الوضوء إلى المضمضة والاستنشاق إذا نوى عند غسل الوجه لأنه يعد وضوء واحدا. ويمكن الفرق بين الوضوء وبين الصوم أن بعض الصوم (١) مرتبط ببعض بخلاف الوضوء فإنه لا يرتبط بالمقدمات.

ومن السراية تسمية الأكل في الأثناء إذا قال « على أوله وآخره » بعد نسيان التسمية ، وسراية الظهر إلى تحريم غيره. وهذا من الغريب أن الشقص يسري إلى الأكل من غير عكس ، كما لو قال « أنت كأمي » ، ومثله الإيلاء يختص بالجماع قبلا ويسري على احتمال.

قاعدة :

الأحكام التابعة لمسميات الأصل أن يناط بحصول تمام المسمى ، كالحمل فإنه علق على وضعه العدة فيشترط خروجه بتمامه ، والإرث المعلق على وضعه حيا ، وكذلك الوصية فيشترط خروجه بأجمعه حيا فلا يكفي بعضه وكذلك دية الجنين.

أما الغرة (٢) أو المقدر المشهور أو الدية إلا أن يعلم عدم قبوله الحياة بعد ذلك فهو كالخارج ، ولو ماتت الأم بعد خروج بعضه وجبت ديته لعلمنا بوجوده.

أما إلحاق الولد بالنكاح (٣) فالتمام الستة الأشهر فلا يلحق الولد التام الحي الذي يمكن أن يعيش بدونها ، أما الولد الناقص فيلحق بالواطئ في الزمان

__________________

(١) في ك : أن بعض اليوم.

(٢) الغرة بالضم عبد أو أمة ومنه قضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الجنين بغرة. قال أبو سعيد الضرير : الغرة عند العرب أنفس كل شي‌ء يملك ، وقال الفقهاء : الغرة من العبد الذي يكون ثمنه عشر الدية. المجمع.

(٣) في ص والقواعد : بالناكح.

١٣٤

الممكن. وتظهر الفائدة في أخذ ديته لو جنى عليه.

وفي وجوب مئونة تجهيزه وإن نقص عن ستة أشهر فحينئذ إطلاق أن الولد لا يلحق بأبيه إذا نقص عن الستة مقيد بالتمام.

ومما علق بالتمام إجزاء الحج إذا مات المحرم بعد دخول الحرم فيشترط دخول جميعه والطواف خارج البيت خروجه بجميع بدنه.

قاعدة :

طريان الرافع للشي‌ء هل هو مبطل له أو بيان لنهايته؟ وهي مأخوذة من النسخ هل هو رافع (١) أو بيان؟

ويتفرع على ذلك مسائل ، كالرد بالعيب والغبن وفسخ الخيار ورد المسلم إليه العين بالعيب.

وقد يعبر عنها بأن الزائل [ العائد ] هل هو كالذي لم يزل أو كالذي لم يعد؟ فإن القائل بأنها كالذي لم يزل يجعل العود بيانا لاستمرار الحكم الأول ، والقائل بأنها كالذي لم يعد يقول : رفع الحكم الأول بالزوال فلا يرجع حكمه بالعود.

ومنه ـ لو انعقد دم الاستحاضة بعد الطهارة ولما تعلم أهو للبرء أم لا؟ فإنها تعيد الطهارة ، فلو تركت ودام الانقطاع قضت ما صلت بالطهارة التي يعقبها الانقطاع.

وإن عاد الدم ففي القضاء وجهان مبنيان على أن هذا العائد يكشف (٢) على أن الدم لم يزل فهذا (٣) بمثابة الواقع ، أو أنه كالذي لم يعد فيجب القضاء.

__________________

(١) في ص : هل هو رفع.

(٢) في ك : كشف عن أن الدم.

(٣) في ص : فهو.

١٣٥

وهذا يتم إذا دخلت في الصلاة ذاهلة عن وجوب الطهارة بها مع علمها بأنها مكلفة بإعادة الطهارة ، فإنها تعتقد فساد صلاتها فلا تكون صحيحة.

ولو تعجل الفقير الزكاة ثمَّ ارتد في أثناء الحول أو فسق وقلنا إنها زكاة معجلة وعاد إلى الإسلام ، فإن قلنا إن الزائل العائد كأنه لم يزل أجزأت ، وإن قلنا كالذي لم يعد لم تجز. والأول أقرب.

ومنه ـ لو عاد الملك بعد زواله إلى يد المفلس ، فهل لغريمه الرجوع. وكذا لو عاد الملك إلى الموهوب بعد زواله وقلنا إن التصرف غير مانع.

ومنه ـ لو زال ملك المرأة عن المهر ثمَّ عاد وطلقها قبل الدخول.

ولو أصدقها عصيرا ثمَّ تخمر في يدها ثمَّ عاد خلا فهل يرجع الزوج المطلق بنصفه لكون عينه باقية وإنما تغيرت صفتها أو لا يرجع بشي‌ء لأن حق الرجوع إنما يثبت إذا كان المقبوض مالا والمالية حدثت في يدها والأقرب الرجوع.

ومنه ـ لو دبر عبدا ثمَّ ارتد ثمَّ عاد إلى الإسلام فهل يعود التدبير.

ولو جار في القسمة وطلقها ثمَّ تزوجها فهل يجب عليه القضاء أو فسق الحاكم أو جن أو أغمي عليه ثمَّ زالت الأسباب ، فهل تعود ولاية القاضي ، أو جرحه مسلم (١) ثمَّ ارتد المجروح ثمَّ عاد بعد حدوث سراية في زمان الردة أو قبله.

قاعدة :

في جريان الأحكام قبل العلم ، احتمالان لعلهما مأخوذان من قاعدة جواز الفسخ قبل الفعل. وفروعه كثيرة ، كرجوع الموكل قبل علم الوكيل ، وعزل

__________________

(١) في ص : أو جرح مسلمين.

١٣٦

القاضي ولم يعلم ، ورجوع السيد عن إذن الإحرام لعبده ولم يعلم حتى أحرم ، ورجوع واهبة الليلة ولم يعلم الزوج ، وصلاة الأمة مكشوفة الرأس ولم تعلم بعتقها ( قبل؟ ) (١) أو أباح زاده فأكل بعد رجوعه ولم يعلم ، أو رجع المعير فانتفع بها المستعير جاهلا.

والأصح أنه لا أثر لهذا كله ، بل تمضي الأحكام قبل العلم ، لامتناع التكليف بالمحال.

قاعدة :

الإنشاء هو القول الذي يوجد به مدلوله في نفس الأمر.

فقولنا « يوجد به مدلوله » احتراز عن الخبر ، فإنه تقرير لا إيجاد.

وقولنا « يوجد » المراد به الصلاحية للإيجاد ، فلو صدر الإنشاء عن سفيه أو ناقص الأهلية لم يخرج عن كونه إنشاء لصلاحية اللفظ لذلك ، وإنما امتنع تأثيره لأمر خارجي.

وقولنا « في نفس الأمر » ليخرج به العقد المكرر فإنه قول صالح لإيجاد مدلوله ظاهرا ولا يسمى إنشاء لعدم الإيجاد في نفس الأمر.

( ومن قال بالكلام النفسي قال : إن إنشاء السببية والشرطية والمانعية بل الأحكام الخمسة قائم بذاته ، ثمَّ يقال لما أنزل الكتاب دالا على ما قام بذاته زيد من الحد أو متعلقه ، لأن كلام النفس لا دلالة فيه ولا مدلول وإضافة متعلق ومعلق. ولكن الظاهر أن النيات إنشاء ، وهي من أفعال القلوب. وقد قال كثير منا بوقوع النذر والعهد بالنية ، فالأولى أن يقال : الإنشاء هو قول أو عقد يوجد به مدلوله؟

__________________

(١) ليس « قيل » في ص ، وأيضا فيه : أو أباح سان.

١٣٧

ولا حاجة إلى نفس الأمر ، لأن الصيغة الثابتة لا تسمى إنشاء إلا مجاز مستعارا (١). والفرق بينه وبين الخبر من أربعة أوجه :

الأول ـ أن الإنشاء سبب لمدلوله والخبر ليس سببا.

الثاني ـ الإنشاء يتبعه مدلوله والخبر يتبع مدلوله ، والمراد بتبعية الخبر لمدلوله أنه تابع لتقريره (٢) في زمانه ماضيا كان أو حاضرا أو مستقبلا ، لا أنه تابع لمخبره في وجوده. وإلا لم يصدق إلا في الماضي ، فإن الحاضر مقارن ، فهو مساو في الوجود والمستقبل وجوده بعد الخبر فكان متبوعا لا تابعا.

الثالث ـ قبول الخبر للتصديق ومقابله [ التكذيب ] (٣) ، بخلاف الإنشاء.

الرابع ـ أن الخبر يكفي فيه الوضع الأصلي والإنشاء قد يكون منقولا عن أصل الوضع في صيغ العقود والإيقاعات وقد يقع إنشاء بالوضع الأصلي كالأمر والنهي فإنهما ينشئان (٤) الطلب بالوضع الأول.

فائدة :

الإنشاء أقسام القسم والأمر والنهي والترجي والتمني والعرض والنداء.

قيل : وهذه متفق على كونها إنشاء في الإسلام والجاهلية ، وأما صيغ العقود فالصحيح أنها إنشاء. وقال بعض العامة : بل هي إخبار عن الوضع اللغوي والشرع قدم مدلولاتها قبل النطق بها ، بأن لضرورة صدق المتكلم بها والإضمار أولى من النقل. وهو تكلف.

__________________

(١) ليس ما بين القوسين من « ومن قال ـ إلى ـ مستعارا » في ص.

(٢) في ص : لتقرره.

(٣) ليس في ص.

(٤) في ص : يثبتان.

١٣٨

قاعدة :

الإقرار في موضع يصلح للإنشاء هل يكون إنشاء؟ النص عن أهل البيت عليهم‌السلام في المطلق على غير السنة يؤتى بشاهدين ثمَّ يقال له : هل طلقت فلانة؟ فإذا قال : نعم ، تعتد حينئذ.

وفي خبر السكوني عن الصادق عليه‌السلام في الرجل يقال له : هل طلقت امرأتك؟ فيقول : نعم. قد طلقها حينئذ.

وهذا فيه احتمال أن يقصد به الإنشاء ، وكثير من الأصحاب جرى على الأول وآخرون قيدوه بقصد الإنشاء ، وآخرون (١) على الإقرار ، لأن الإقرار والإنشاء يتنافيان ، إذ الإقرار إخبار عن ماض والإنشاء إحداث ، ولأن الإقرار يحتمل الصدق والكذب بخلاف الإنشاء.

وقد قطع بعض الأصحاب بأنهما لو اختلفا في الرجعة وهما في العدة فادعى الزوج (٢) قدم قوله ولا يجعل إقراره إنشاء.

ويقرب منه « زوجت بنتك من فلان » فقال : نعم فقبل الزوج فحمله كثير من الأصحاب على قصد الإنشاء. وهو محتمل (٣) ، لأن يراد تجعله إنشاء. والسر فيه أن الإنشاء المراد به إحداث (٤) حل أو حرمة تابع لإرادة المنشئ ذلك ، والمخبر عن الوقوع في قوة الماضي بمضمون المخبر (٥) ، والعمدة في العقود هو الرضى الباطن والإنشاء وسيلة إلى معرفته ، فإذا حصل بالخبر أمكن جعله إنشاء.

__________________

(١) في ك : والأخرى بدل « وآخرون ».

(٢) في ك : فادعاها الزوج.

(٣) في ص : وهو يحتمل.

(٤) ليس « أحداث » في ص.

(٥) في ك : الراضي بمضمون الخبر.

١٣٩

وفي مسألة الطلاق نكتتان آخرتان : إحداهما عدم استعمال الصيغة المخصوصة والثانية أن المطلق قد يفرض فيه عدم إرادة الطلاق لو علم (١) فساد الأول ، أما المخبر بوجود ما يعلم عدمه يحمل كلامه على الإنشاء صونا له عن الكذب. وحينئذ يتجه أن يقال : كل إقرار لم يسبق مضمونه يجعل إنشاء و ، كذا كل إقرار سبق مضمونة للعالم بفساده ، وكل إقرار سبق من معتقد صحته لا يكون إنشاء.

وعلى هذا يمكن حمل مسألة المطلق على غير السنة ، إلا أن في هذا إطراحا للصيغ الشرعية بالكلية. نعم يمكن نفوذ هذه القاعدة في العقود الجائزة ، إذ لا صيغ لها مخصوصة.

قاعدة :

الشرط إذا دخل على السبب منع تنجيز حكمه لا سببيته ، كتعليق (٢) الظهار على دخول الدار ، فإنه لو لا التعليق وقع الظهار في الحال.

[ و ] عند الحنفية ويظهر من كلام الشيخ منع سببية السبب ، لأنه داخل على ذات السبب. قلنا : بل دخل على حكم السبب وهو التنجيز فأخره ، وتظهر الفائدة في مسائل :

( منها ) أن البيع بشرط الخيار ينعقد سببا لنقل الملك في الحال وإنما أثر الشرط (٣) في تأخير حكم السبب وهو اللزوم.

( ومنها ) أن الخيار يورث ، لأن الملك انتقل إلى الوارث ، والثابت له

__________________

(١) في ص : إذ علم.

(٢) في ص : كتعلق.

(٣) في ص : وإنما أثر اللزوم.

١٤٠