نضد القواعد الفقهيّة على مذهب الاماميّة

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي

نضد القواعد الفقهيّة على مذهب الاماميّة

المؤلف:

جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي


المحقق: السيد عبد اللطيف الحسيني الكوه‌كمري الخوئي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٢

لا يقال : هذا يقلب ، لأن ما في الورع من العلم كاف في تحصيل هذا الحكم فيبقى ورعه زائدا بغير معارض.

لأنا نقول : لما كان الحكم الشرعي إنما يحصل بالعلم كان الأزيد علما أقرب إلى تحصيله من الناقص ، إذ عمدة الفتوى إنما هي العلم.

( ومنها ) لو تعارض الحر غير الفقيه والعبد الفقيه في صلاة الجنازة قدم الفقيه لأن فضيلته اكتسابية ، بخلاف الحرية.

وهذا مبني على جواز إمامة العبد الحر أو على كون المأموم عبدا ، وحينئذ ينسحب في الصلاة اليومية ولو منعنا من إمامته فلا تعارض.

( ومنها ) تعارض الصلاة جماعة في آخر الوقت وفرادى في أوله ، أو جماعة في تقديم الثانية عن وقت فضلها وفرادى في وقت تأخرها إلى وقت الفضيلة ، كما في تأخير العصر إلى المثل والعشاء إلى ذهاب الشفق.

ولعل مراعاة الجماعة أشبه للحنث عليها على الإطلاق ، ولأن فضيلة الجماعة يفيد تضعيف الصلاة إلى سبع وعشرين ، بخلاف مراعاة الوقت.

ولو كان التقديم أو التأخير لعذر عام كما في المطر والوحل ، فلا إشكال في ترجيح الجماعة ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يجمع بين الصلاتين في الليلة المطيرة بأذان وإقامتين.

( ومنها ) أصحاب الأعذار كالمتيمم الراجي الماء أو غير الراجي والعاري. والأولى أن التأخير أفضل. وأوجبه المرتضى رحمه‌الله.

( ومنها ) لو كان في الوضوء وأقيمت الجماعة فتعارض إسباغه (١) وفوات

__________________

(١) في ص : إشباعه.

١٠١

الجماعة في البعض أو في الكل. والأولى ترجيح الجماعة ، لأن المتوسل إليه أولى في المراعاة من الوسيلة لو كان مدافعا للأخبثين أو الريح وخشي فوت الجماعة بالوضوء ، فوجهان لاشتمالها على صفة الكراهية المغلظة باعتبار سلبه للخشوع الذي هو روح الصلاة ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو كمن صلى وهو معه.

أما لو عارضها كمال شرط ـ كإزالة النجاسة المعفو عنها أو زيادة في اللبس مستحبة كالقميص والعمامة والرداء ـ فالظاهر ترجيحها ، لما ذكرناه من مراعاة المتوسل إليه.

وليس منها (١) جاهل القراءة إذا رجا للتعلم باقي الوقت ، إذ يترك صلاة الجماعة توقعا للتعلم وجوبا على الأقرب.

( ومنها ) تعارض الصف الأول وفوات ركعة ، ففي إيثار الصف الأخير ليحصل الركعة الزائدة فصاعدا يصلي في الأخير قطعا.

( ومنها ) تعارض تعجيل الزكاة للأجنبي أو المفضول وتأخيرها للرحم أو الفاضل على القول بجواز تأخيرها شهرا أو شهرين. ويعارض دفعها قرضا ودفعها عند الحول ، فإن القرض راجح من حيث الجمع بينه وبين الزكاة والأداء راجح من حيث قرار (٢) الملك فيه وتزلزله في القرض مع امتداد أعين الفقراء في رأس الحول.

( ومنها ) تعارض الصوم والاشتغال بوظائف علمية أو عملية ، ففي ترجيح أحدهما احتمال.

__________________

(١) في ص : وليس منه.

(٢) في ص : من حيث إقرار.

١٠٢

وكذا تعارض الاعتكاف والاشتغال بقضاء حوائج الإخوان ، والمروي عن مولانا الحسن عليه‌السلام ترجيحها.

( ومنها ) تعارض المشي في الحج والضعف عن العبادة ، والمروي مراعاة العبادة.

( ومنها ) تعارض الجهاد وحق الأبوين ، والمروي تقديم حقهما إلا مع التعيين.

( ومنها ) تعارض الخطاب في النكاح كعبد عفيف عدل عالم وحر فاسق. ولعل ترجيح العبد هنا أولى إذا كانت الزوجة المخطوبة أما الولي فلا ، أو حر فقير عالم وغني جاهل ، والأقرب ترجيح العالم لعلمه أو معيب عالم ورع وصحيح جاهل فاسق إذا كان العيب موجبا للفسخ ، والأقرب ترجيح الصحيح.

قاعدة :

المجاز لا يدخل في المنصوص كأسماء العدد وإنما يدخل في الظواهر ، فمن أطلق العشرة وقال « أردت تسعة » لم يقبل منه ويعد مخطئا لغة وإن ثبت تسمية الشي‌ء باسم أكثره كالأسود ، ومنه لا يضع عصاه عن عاتقه.

ومن أطلق العموم وأراد الخصوص فهو مصيب لغة.

وكل لفظ لا يجوز دخول المجاز فيه لا تؤثر النية فيه في صرفه عن موضوعه فلو طلق المخالف ثلاثا وقال « أردت اثنتين » لم يسمع منه ، ولو حلف على الأكل وقال « أردت الخمر » (١) سمع بعثا كان أو منعا.

__________________

(١) في ص : أردت الخبز.

١٠٣

قاعدة :

الصفة ترد للتخصيص تارة وللتوضيح أخرى ، ولها فروع :

( منها ) الاختلاف في ملك العبد وعدمه ، فإنه يمكن استناده إلى قوله تعالى « لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ » (١) ، فإن ذلك صفة لقوله عبدا ، فإن قلنا : إنها للتوضيح دلت على عدم ملكه مطلقا ، وإن جعلناها للتخصيص فمفهومه الملك ، لأن المخصص بالوصف يدل على نفيه عن غيره.

ويقرب منه تعارض الجملة بين الحال والاستئناف ، فإن الجملة الحالية مفيدة لصاحب الحال ومخصصة له. وعليه يتفرع توجيه قوله تعالى « وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ » (٢) فإن هذه الجملة على تقدير جعلها مستأنفة تكون الآية حجة على تحريم متروك التسمية ، وإن جعلناها حالا فهي حجة تستعمل في حله.

وهاتان الآيتان مما يتمسك به الخصمان.

( ومنها ) الاختلاف في العارية ، فإنها عندنا لا تضمن إلا بالشرط ، وعند بعض العامة تضمن من غير شرط ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استعار من صفوان بن أمية أدراعا فقال له : أغصبا؟ فقال النبي : بل عارية مضمونة (٣) فالوصف للتوضيح.

قلنا لم لا يكون للتخصيص؟ ويكون ذلك شرطا لضمانها ، ونحن نقول بموجبة ، إذ مع شرط الضمان تكون مضمونة.

( ومنها ) لو قال لوكيله « استوف ديني الذي على فلان » فمات استوفاه من

__________________

(١) سورة النحل : ٧٥.

(٢) سورة الأنعام : ١٢١.

(٣) التهذيب ٧ / ١٨٢ ، الفروع الكافي ٥ / ٢٤٠ ، الوسائل ٦ / ٢٣٦.

١٠٤

وارثه ، لأن الصفة للتوضيح والتعريف. ولو قال « من فلان » لم يكن له مطالبة وارثه ، سواء علقنا « من » باستوف فيكون ظرفا لغوا أو بمحذوف فيكون حالا من المفعول ، إذ الحال نص في التخصيص ويبعد جعلها بيانية. ولو أمكن (١) صارت كالمسألة السابقة ، وقال بعضهم بالمنع بناء على أنها للتخصيص.

( ومنها ) لو قال لزوجته « إن ظاهرت من فلانة » وسيجي‌ء في الظهار.

( ومنها ) لو حلف أن لا يكلم هذا الصبي فصار شيخا ، أو لا أكل من لحم هذا الحمل فصار كبشا ، أو لا أركب دابة هذا العبد فعتق وملك دابة فركبها ، فعلى التوضيح يحنث وعلى التخصيص لا حنث.

ويقرب منه ما يعبر عنه الفقهاء باجتماع الإشارة والإضافة ، كقوله « لا كلمت هذا عبد زيد » أو « هذه زوجته » أو « زوجته هذه » أو « عبده هذا » ، فإن الإضافة في معنى الصفة ، فإن جعلناها للتوضيح فزال الملك والزوجية فاليمين باقية وإن جعلناها للتخصيص انحلت. وكذا لو قال « لأعطين فاطمة زوجة زيد أو سعيد عبده ».

ومنه لو أوصى لحمل فلانة من زيد فظهر من عمرو أو نفاه زيد باللعان ، فإن قلنا الصفة للتوضيح فالوصية باقية أو للتخصيص بطلت لو ظهر من عمرو. وفي صورة اللعان نظر مبني على اعتبار مدلول اللفظ في الحال أو اعتبار مدلوله المستقر ، فعلى الأول يأخذ الوصية وعلى الثاني لا.

__________________

(١) في هامش ك : ولو أنكر.

١٠٥

المطلب الخامس

( في قواعد متعددة وأحكام متبددة )

قاعدة :

للمطلق والمقيد أقسام :

( الأول ) اختلاف الحكم والسبب ولا حمل فيه اتفاقا ، مثل « فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً » مع قوله تعالى « وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ » (١) ، فإنه لا يقتضي تقييد المساكين بالعدالة.

( الثاني ) أن يتحد السبب والحكم فيحمل المطلق على المقيد قطعا ، مثل « وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ » (٢) مع قوله « وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ » (٣) ، وقوله تعالى « وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ » (٤) مع قوله تعالى « مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ » (٥).

وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الحمى من قيح جهنم فأبردوها بالماء (٦). وفي حديث آخر فأبردوها من ماء زمزم. ومثله قوله عليه‌السلام خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم ـ وذكر الغراب منها (٧). وفي حديث آخر

__________________

(١) سورة الطلاق : ٢.

(٢) سورة المائدة : ٥.

(٣) سورة البقرة : ٢١٧.

(٤) سورة البقرة : ٢٨٢.

(٥) سورة البقرة : ٢٨٢.

(٦) البحار ٦٢ / ١٠٢ ، رواه عن دعائم الإسلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيه الحمى من فيح جهنم فأطفئوها بالماء. الفيح بالفاء : تصاعد الحر ، يقال : فاحت القدر إذا غلت.

(٧) التهذيب ٥ / ٣٦٦ ، الفروع ٤ / ٣٦٣ ، صحيح البخاري باب ما يقتل المحرم.

١٠٦

تقييد الغراب بالأبقع.

ومن أمثلة اتحادهما وهما يفيان قوله صلى الله عليه آله وسلم لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل (١) ، مع قوله في الحديث الآخر إلا يدا بيد ولا تبيعوا منها شيئا غائبا بناجز.

( الثالث ) أن يختلف السبب ويتحد الحكم ، كتحرير رقبة في الظهار مطلقة مع تقييدها في القتل بالإيمان.

( الرابع ) أن يتحد السبب ويختلف الحكم ، ففي الثبوت مثل « فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ » (٢) مع قوله تعالى في آية الوضوء « وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ » (٣) ، فإن السبب فيهما واحد وهو التطهير للصلاة بعد الحدث والحكم مختلف بالغسل في أحدهما والمسح في الآخر.

قاعدة :

التأويل إنما يكون في الظواهر دون النصوص ، ولا يقال « تأويل » لبيان المجمل ، كالمشترك إذا حمل على أحد معنييه بقرينة.

وللتأويل مراتب ، أعلاها ما كان اللفظ محتملا له ويكثر دخوله في الكلام ، ويليه ما يكون احتماله فيه بعد لكن يقوم قرينة يقتضي ذلك ، فإن زاد البعد أشكل القبول والرد من جهة القرينة قوة وضعفا ، وأبعده ما لا يحتمله ولا يقوم عليه قرينة فيرد.

__________________

(١) صحيح البخاري باب بيع الذهب من أبواب البيوع.

(٢) ( سورة المائدة : ٦.

(٣) ( سورة المائدة : ٦.

١٠٧

وهذا وارد في الأدلة ، ويجي‌ء مثله في ألفاظ المكلفين. ، مثل « طلقتك » للرجعية يحتمل الإنشاء والإخبار ، فإذا ادعى الإخبار قبل منه. وهذا في الحقيقة تبيين أحد محتملي اللفظ المشترك وليس بتأويل.

ولو كان اسمها « طالق » أو « حرة » فناداها بذلك ، فإن قصد النداء فلا بحث وإن قصد الإيقاع احتمل الوقوع ، وإن أطلق فالأقرب الحمل على النداء للقرينة.

ومنه تخصيص العام وتقييد المطلق بالنية كما يقع في الإيمان.

ومنه « طلقتك » أو « أنت طالق » وادعى سبق لسانه من غير قصد وإنه أراد أن يقول : طلبتك.

ومنه لو صدقت الزوج في عدم الرجعة ثمَّ رجعت إلى تصديقه ، هل يقبل إقرارها لإمكان إخبارها عن ظنها ثمَّ تبين لها خلافه؟ ويشكل بالإقرار بالمحرمية والرضاع ثمَّ يرجع ، فإنه لا يقبل مع قيام الاحتمال فيه.

وفرق بينهما بأن المحرمية والرضاع أمران ثبوتيان وعدم الرجعة نفي والإحاطة في الثبوت أقرب من النفي ، ومن ثمَّ لو ادعت الطلاق عليه البائن فرد اليمين فحلفت ثمَّ رجعت لم يقبل منها لاستنادها إلى الإثبات.

ولو زوجت وقالت لم أرض ثمَّ رجعت قبل ، لرجوعه إلى النفي ولأنها أنكرت حق الزوج فرجعت إلى التصديق فيقبل لحقه. وقيل لا يقبل في جميع هذه المواضع ، لأن النفي في فعلها كالإثبات ، ولهذا تحلف على القطع.

وكالتأويل في الرجوع عن الإقرار بقدر الثمن بشراء وكيله وشبهه فتسمع دعواه ، ولو قال له علي شي‌ء ، ففسره بحبة حنطة قيل يقبل لأنه شي‌ء يحرم أخذه ويجب رده ، ولو فسره بوديعة قبل لأن عليه ردها ويضمنها لو فرط وتلفت ولو فسره بالعبادة ورد السلام لم يقبل لبعد التأويل.

١٠٨

ولو قال « له علي حق » احتمل قبول رد السلام ، ويشكل بأن الحق أخص ويبعد قبول الأخص بتأويل لا يقبله الأعم. ولو قيل بأن العرف يأبى تأويله في الوجهين أمكن.

ومنه دعوى إقامة القبالة في الدين والرهن.

قاعدة :

قد يثبت ضمنا ما لا يثبت أصلا ، وهو مأخوذ من قاعدة المقتضي في أصول الفقه ، وهي ما إذا كان المدلول مضمرا ، لضرورة صدق المتكلم لرفع الخطأ أو لتوقف صحة اللفظ عليه « كاسأل القرية » ، أو لاقتضاء الشرع ذلك ، مثل « أعتق عبدك عني » ، فإنه يقتضي تقدير سبق انتقال المال إليه ، كما لو حكمنا بثبوت أول الصوم بشهادة الواحد ، فإنهم يفطرون عند كمال الثلاثين ضمنا وإن كان هلال شوال لا يثبت به ، وقيل لا إفطار.

ويتفرع حلول الدين وتعليق الظهار وغير ذلك. أما لو شهد النساء على الولادة قبل ويثبت النسب وإن كان لا يثبت النسب بشهادتين.

ولو وقف على الفقراء ثمَّ صار فقيرا ، فهنا دخل في الوقف وإن كان لو وقف على نفسه بطل.

وكبيع الثمرة مع الأصل لا يشترط فيها مع الظهور بدو الصلاة لأنها في ضمن الشجر.

ولو تجددت اللفظة الثانية قبل أخذ الأولى وترك البائع للمشتري وقلنا : لا خيار لحصول (١) التملك ضمنا في الترك ، وكذا لو رد مشتري العبد المسلم من الكافر للعيب فإنه يدخل المسلم في ملك الكافر ضمنا ، أو وجد البائع في الثمن

__________________

(١) في ص : بحصول.

١٠٩

المعين عيبا والضمن في هذا أظهر.

ولو باع المريض محاياة والزائد (١) هبة ولا يشترط فيه القبض لأنه في ضمن البيع.

ولو قال « أعتق عبدك المستأجر عني » صح وإن قلنا بمنع بيع العين المستأجرة لأن الملك ضمني. وكذا لو أعتق العبد المغصوب عنه ولا يقدر الإذن على انتزاعه فإنه يصح وإن لم يصح بيعه ، لأن الملك في ضمن العتق.

وكذا حب الزوان في الحنطة بمثلها ، وكذلك اللبن في الشاة إذا باعها بحالبه ولو قلنا بمذهب الشيخ إن الغسل عن الجنابة إذا كان على البدن نجاسة فغسلها بنية رفع الحدث وزالت ، فإنه يكون قد يضمن إزالة الحدث إزالة الخبث ، وكذا تدخل الأشجار في بيع الأرض ضمنا ، وكإرث الخيار تبعا للمال وإن كان الخيار وحده لا يورث.

قاعدة :

يستفاد من دلالة الإشارة أحكام ، كقوله تعالى « وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً » (٢) مع قوله تعالى « وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ » (٣) ، فإنه يشير إلى أن أقل الحمل ستة أشهر. ومن ذلك قول المصلي « ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ » وقصد التلاوة والأمر ، فإن صلاته لا تبطل ، لما روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أبيا بفتح القراءة على من ارتج عليه.

وهل تقوم الإشارة منه مقام اللفظ على الإطلاق؟ تظهر الفائدة في إبطال

__________________

(١) في ص : فالزائد.

(٢) سورة الأحقاف : ١٥.

(٣) سورة لقمان : ١٤.

١١٠

إشارة الأخرس لصلاته.

قاعدة :

إذا تعارضت الإشارة والعبارة ففي ترجيح أيهما؟ وجهان. ويتفرع عليهما مسائل ، مثل « أصلي خلف هذا زيد » وكان عمرا ، أو « على هذه المرأة » وكان رجلا ، أو « زوجتك هذه العربية » وهي عجمية. قوى العامة تغليب الإشارة في الكل.

ومنه بعتك الفرس بهذا فإذا هو حمار ، وخلعتك على هذا الثوب الصوف فبان قطنا.

وفي الأيمان مسائل من هذا ، ومنه ، لله علي إن اشتريت هذه الشاة جعلتها أضحية فإنه قيد بالمنع ، لأن التعليق على تملك معين لا يجوز ، بخلاف ما لو قال إن اشتريت شاة والأصح الصحة في الموضعين.

قاعدة :

قد يثبت الحكم على خلاف الدليل لمعارضة دليل أقوى ، منه ، كرد الصاع عوضا عن قيمة لبن المصراة ، وقبول قول ذي اليد في شراء ما في يده من العين المربحة للمضاربة والجعالة والعرية ، وغرامة مهر زوجة المهاجرة والكتابة ومنع سيده التصرف في ماله بغير الاستيفاء ، وجعل (١) جارية من القلعة للدال مع أنها غير معلومة ولا مقدور على تسليمها.

__________________

(١) أي جعل الإمام أو المنصوب من قبله في الجهاد للدال على فتح القلعة جارية بعد الفتح.

١١١

قاعدة :

كل ما وقع الاتفاق على أصل أجريت فروعه عليه وقد يختلف فيها لعارض ثمَّ قد يكون الاختلاف بعد تعيين العلة ، كالاتفاق على أن العلة في طهورية الماء هي إطلاقه ثمَّ خالف العامة في المتغير بالتراب المطروح قصدا أو بالملح المائي.

وهذا عجيب ، لأن العلة إذا كانت قائمة كيف يتخلف عنها المعلول؟ قالوا هذه تسلب اسم الماء ، لأن طهوريته إما تعبد لا يعقل معناه وإما لاختصاصه بمزيد لطافة ورقة ونفوذ لا يشاركه فيها سائر المائعات. وعلى التقديرين المناط للاسم. قلنا : مسلم ، لكن التقدير أنه لم يزل الاسم بهذا النوع من التغير ، ولو زال فلا إشكال في زوال الطهورية.

وقد يكون الاختلاف بعد تعيين العلة ، والمرجع فيه إلى العرف ، كالغرر في البيع ، فإنه نهي عنه مع الاختلاف في صحة بيع سمك الآجام مع ضم القصب وشبهها من الأحكام ، فمن أبطله يقول لا تغني الضميمة عن معرفة المنضم إليه مع كونه مقصودا فالغرر بحاله ، ومن صححه يقول الضميمة معلومة والباقي في ضمنها ، كالحمل في بيع الدابة إذا شرط أو مطلقا على قول الشيخ وابن البراج.

وليس من هذا بيع الغائب ، لأن الوصف الشارح يزيل الغرر عرفا وما فات من اللفظ يتدارك بخيار الرؤية ، فمثله لا يسمى غررا عرفا.

وقد يكون الاختلاف بعد تعيين العلة ، والمرجع فيه إلى الحس ، كزوال تغير الماء بالتراب عند من قال من الأصحاب بطهارة الماء بزوال التغير كيف اتفق ، فمن قال : التراب مزيل فهو كالماء في التطهير ، ومن قال ساتر فهو كالمسك والزعفران في عدم التطهير. فحاصل الاختلاف راجع إلى أمر حسي.

ومنه ما يكون قبل تعيين العلة ، والنزاع إنما هو في العلة ، كالقول بعدم طهورية الماء المستعمل والاختلاف في التعليل إما بأداء الفرض أو أداء العبادة.

١١٢

قاعدة :

الحكم المعلق على اسم الجنس قد يعقل فيه معنى وقد يكون تعبدا.

وتظهر الفائدة في تعدية الحكم عند من قال بالقياس من العامة ، ونحن نذكره إلزاما لهم. وذلك مثل اختصاص الماء بالطهورية هل هو تعبد أو لعلة كما مر ، واختصاص التراب بذلك تعبد واستعماله في الولوغ للجمع بين الطهورين أو تعبدا أو استظهارا. وتظهر الفائدة في الأشنان والدقيق ، فعلى الأولين لا يجزيان وعلى الثالث يجزي.

ونحن نقول : التعدية غير ممكنة ، لأنه إذا دار الأمر بين احتمالين لا يمكن القطع بأحدهما تعينا فيبقى عدم التعدية بحاله ، وأما عدم تعين الحجر في الاستجمار فمأخذه عندنا النصوص الصريحة ، وعند العامة قد يؤخذ من نهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يستنجي بروث أو عظم ، فإنه يعلم منه أنه لا يتعين الحجر وإلا لما كان لاستثناء هذين فائدة ، وإنما ذكر الأحجار لتيسرها غالبا في كل موضع ، وأما الأحجار في رمي الجمار فلا بحث في عدم التعدي.

قاعدة :

الأمور الخفية جرت عادة الشرع أن يجعل لها ضوابط ظاهرة.

ومنه الاستنجاء ، لماء كانت المشربة تخفى عن العيان وكانت الثلاثة مما يزيل النجاسات عنها غالبا ضبطها بثلاث.

والقصر لما كان للمشقة وهي مضطربة مختلفة باختلاف المسافرين والأوقات ضبطت بالمسافة التي هي مظنة المشقة غالبا.

والعقل الذي هو مناط التكليف لا يكاد يعلم ضبط الأمور (١) المعرفة للبلوغ

__________________

(١) في ص : بالأمور المعرفة.

١١٣

وضبط التراضي في العقود بصيغها الخاصة والإسلام بالشهادتين لا التصديق القلبي لا يطلع عليه ، وضبط العدة الاستبرائية بالوطء والوطء بغيبوبة الحشفة.

فرعان :

( الأول ) لو علق الظهار بمشيئتها فقالت « شئت » وهي كارهة لذلك فهل يقع على هذه القاعدة؟ ينبغي أن يقع ، لأن الأمور منوطة بالظاهر.

( الثاني ) لو أوقع بيعا أو شراء قاصدا إلى خلاف مدلوله أو غير مريد له فهل ينفذ (١) ظاهرا وباطنا؟ يحتمل النفوذ ، لأن الشارع جعل ذلك سببا.

قاعدة :

إذا دار الوصف بين الحسي والمعنوي فالظاهر أن الحسي أولى لكونه أضبط. ويتفرع عليه تحريم انهزام مائة ضعيف من المسلمين عن مائة بطل وثبات مائة بطل من المسلمين لمائتي ضعيف وواحد.

وحال التبسط في أطعمة الغنيمة وإن كان هناك سوق ، ولا يجزي المكسورة وإن كان غير مؤثر في الهزال بعد الذبح ، ولا يمنع الذمي من ركوب البغل وإن كان أنفس من الفرس.

قاعدة :

كل ما كانت العلة مركبة توقف الحكم على اجتماع أجزائها ، كالقتل عمدا عدوانا في ثبوت القود ، وكالسكوت لا بنية القطع والقطع لا بنية السكوت في

__________________

(١) في ك : فهل ينقل.

١١٤

القراءة لا تبطل واجتماعهما يبطل.

وكل من نية التعدي والنقل في الوديعة يضمن وأحدهما لا يضمن.

فرع :

لو راج نقدان متساويان جاز بيع الوكيل بأيهما شاء ، وفي جواز بيعه بهما وجهان.

فائدة :

كل حكم شرط فيه شروط متعددة كالجمعة ووجوب الحد والقصر في المسافة فإنه ينعدم بفوات واحد منها.

قاعدة :

المعارضة بنقيض المقصود واقعة في مواضع ، كحرمان القاتل من الإرث ، وإثبات الشفعة للشريك. ومن ثمَّ قال ابن أبي عقيل بمنع قتل الخطأ الإرث مطلقا ، لئلا يتوصل مدعي الخطأ إلى استعجال الإرث بالقتل.

وتوغل العامة في الإمام لو قتل مورثه حدا بالرجم أو المحاربة ، فذكروا فيه أوجها ثلاثة يفرق في الثالث بين ثبوته بالبينة أو الإقرار ، ففي الأول يمنع ، وفي الثاني لا يمنع لعدم التهمة ، وفي قتله قصاصا خلاف مرتب وأولى بالحرمان عندهم.

وكذا في الميت بالسبب كنصب الميزاب ورفع الحجر ، والشهادة على مورثه بما يوجب رجما أو قصاصا ، وإخراج الجناح والروشن فيقع على مورثه. ومنه ما إذا شرب مسكرا أو مرقدا أو ألقى نفسه من شاهق فجن ، فإنه يجب

١١٥

عليه قضاء تلك الأيام. وفي الجنون نظر.

وفي قتل أم الولد سيدها والمدبر مدبره ورب الدين المؤجل مديونه وجه بالمقابلة بعيد.

ويورث المطلق في مرض موته بائنا والمتزوج في العدة عالما فإنه ، استعجل الحل قبل وقته (١) فعورض بنقيض مقصوده. وألحق به الجاهل مع الدخول لتوغله في الاستعجال في مظنة البقاء.

ولو جنت الزوج وقلنا بأن الحادث يفسخ به ففيه وجه يمنعها الفسخ ، أما هدم المستأجر الدار فالأصح أنه لا فسخ فيه للمعارضة ولأنه سبب إدخال النقص على نفسه.

ولو أوصى للقاتل قبل الجرح أو بعده ففيه وجه بالفرق ، فيأخذ إذا تقدمت الجراحة الوصية دون العكس. ولو قتلت نفسها قبل الدخول لم يسقط المهر ، بخلاف ما لو قتلها سيدها.

قاعدة :

ما ثبت على خلاف الدليل لحاجة قد يتقدر بقدرها وقد يصير أصلا مستقلا ومن ثمَّ وقع الخلاف في مواضع :

( منها ) الماسح على الخف أو الجبيرة أو غاسل موضع المسح ثمَّ يزول السبب.

ومما صار أصلا الإجارة فيها معاوضة على المنافع الممدوحة وشرعيتها للحاجة ، ثمَّ صارت أصلا لعموم البلوى.

__________________

(١) في هامش ص : قبل فرضه.

١١٦

والجعالة جعلت (١) للتوصل إلى تحصيل المجهول ، فلو كان معلوما ففي الجواز كلام للعامة. والأصح أنها صارت أصلا مستقلا فيجوز مع العلم.

وجواز اقتداء الأجنبي المرأة وإن كان شرعيته لحاجة المرأة.

وصلاة الخوف شرعت مقصورة بنص القرآن لأجل الخوف في السفر ، ثمَّ عم جميع الأسفار المباحة.

ويجوز المسابقة بعوض مع جهالة العمل ، وبيع العرايا (٢) والمزارعة والمساقاة. ولو تمكن من إقامة البينة على زنا زوجته ففي جواز ترك ذلك اعتمادا على اللعان ـ لأن ذلك عار وخزي ـ أولا لعموم « وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلّا أَنْفُسُهُمْ » (٣) وهذا متمكن (٤) من الإشهاد؟ وجهان.

قاعدة :

إذا دل دليل على حكم ولم يرد فيه بيان عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع عموم الحاجة إليه هل يكون ذلك قدحا في ذلك الدليل؟ فيه كلام في الأصول. ويعبر عنه العامة بالقياس الجزئي ما لم يرد فيه بيان من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع عموم الحاجة إليه في زمانه أو عموم الحاجة إلى خلافه. وله أمثلة :

( منها ) إذا غمس المجنب يده في ماء قليل فنوى رفع الحدث هل يصير الماء

__________________

(١) في ص وهامش ك : شرعت.

(٢) في هامش ك : وبيع القرايا.

(٣) سورة النور : ٦.

(٤) في ص : وهنا تمكن.

١١٧

مستعملا فمستند هذا أنه استعمل في رفع الحدث الأكبر فلا يرفع ثانيا. ويعارضه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يبين ذلك لسكان البوادي مع حاجتهم إلى ذلك.

ولو غمسها لا بنية الاستعمال فلا إشكال ، ولو غمسها لا بنية أصلا فالظاهر أنه لا يحصل الغسل. ويحتمل حصوله اعتمادا على النية الأولى.

( ومنها ) ما ذهب إليه بعض الأصحاب من بسط النية على التكبير بحيث يقع بين الهمزة والراء ، فإن دليل المقارنة قد يدل عليه وإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يبن ذلك مع احتياج كل إلى بيانه.

( ومنها ) ما ذهب إليه بعض العامة من جواز الصلاة على كل ميت غائب بالنية في مشارق الأرض ومغاربها ، ولم يبينه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بقول ولا فعل.

( ومنها ) منعهم ولاية الفاسق عقد النكاح ، ولم يبينه للبوادي ولا غيرهم ممن يغلب عليه الفسق.

( ومنها ) ضمان الدرك ، فإنه ضمان ما لم يجب (١) ، وسوغه مسيس الحاجة إليه ولم يبينه النبي « صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

وجواز شراء عين أقر قابضها بشرائها من الغير ، فإن قضية الدليل عدم الجواز ، لأنه أقر بالملك لغيره وادعى حصوله لنفسه ، ولكن شرع (٢) لما قال الأئمة عليهم‌السلام : لو لا هذا لما قامت للمسلمين سوق. ولم ينقل في هذا بيان عن النبي « صلى‌الله‌عليه‌وآله » مع عموم الحاجة إليه.

__________________

(١) في ص : ما يجب.

(٢) في ص : ولكن سوغ.

١١٨

قاعدة :

الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة العامة (١) ، كجواز قتل الترس (٢) من النساء والصبيان من الكفار ، بل ومن المسلمين عند الحاجة كجواز النظر إلى الأجنبية لحاجة العلاج.

وهل هو ملحق بالتيمم الذي يبيحه المرض المعين (٣) أو مطلق المرض وإن لم يخش عاقبته؟ وفرق بينهما بأن الحاجة إلى التيمم عامة بخلاف الحاجة إلى الطبيب في هذا المقام فإنها خاصة نادرة.

وقد يعبر عن هذه القاعدة بتنزيل ما يعم وإن خف منزلة ما يثقل إذا خص.

قاعدة :

العدول عن الأصل المستعمل إلى الأصل المهجور هل هو جائز؟ الظاهر المنع ، وله صور :

( منها ) إذا كثر سهوه فحكمه عدم الالتفات ، فلو شك كثير السهو في سجدة أو تسبيحة أو قراءة وهو في محلها فإنه لا يلتفت ، لأن كثرة السهو جوزت البناء على الفعل مع أن الأصل عدمه ، فلو فعل ذلك هل تبطل صلاته؟ فيه أوجه ، ثالثها الفرق بين الركن وغيره.

__________________

(١) في ص : الضرورة الحاجية. وفي قواعد الشهيد : الضرورة الخاصة.

(٢) أي ما جعلوه الكفار سترا لأنفسهم من النساء والصبيان والشيوخ من الذين لا يجوز قتلهم عند الحرب.

(٣) في ك : الذي يبيحه هو المرض المضني ( ه ) أو مطلق المرض. ( ه ) وفي هامشه ـ ظ ـ : المضر.

١١٩

وكما لو غسل موضع المسح تقية فإنه صار أصلا ، فلو مسح حينئذ ففي الإجزاء احتمال.

وزعم العامة أن الشاة في الإبل بدل عن الإبل ، إذ الأصل كون المخرج من جنس المخرج عنه ، وجوزوا أن يكون أصلا ، ورتبوا عليه إجزاء البعير عن خمس شياه أو عن شاة.

قاعدة :

إذا تردد الفرع بين أصلين وقع الاشتباه ، وهو مناط الإشكال في مواضع : ( منها ) ما هو داخل في القياس ، فذكره إلزام.

( ومنها ) غيره ، مثاله حجر السفيه متردد بين كونه لنقص فيه كالصبي أولا لنقص بل لحفظ المال كحجر العبد. ويتفرع عليه لو أذن الولي السفيه في البيع فهل يبطل كالصبي أو يصح كالعبد؟ وكذا في عقد النكاح والوصية.

( ومنها ) الحيوانية بالنسبة إلى الآدمية وغيرها ، تارة يفرق بالضرورة وتارة بالتحسين ، فالأول منه ما إذا ألقاه في البحر فالتقمه الحوت قبل وصوله الماء ، فمن منع الضمان قال لأن الحيوان يقطع مباشرته السبب. والأصح الضمان ، لأنه متلف على كل حال.

وإذا فتح عن طائر قفصا فطار اعتبر بعضهم مباشرة الطائر. وهو خطأ ، بل يضمنه سواء طار عقيب الفتح أو بعد مكث.

ولو كسر الطائر في خروجه قارورة آخر ضمنها الفاتح أيضا ، ولو فتح جراب شعير لغيره فلما فتحه أكلته الدابة فالأقرب الضمان على الفاتح ولكن يرجع على صاحب الدابة إن فرط.

١٢٠