الحاشية على الروضة البهيّة

الشيخ أحمد بن محمّد مهدي النراقي

الحاشية على الروضة البهيّة

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد مهدي النراقي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-632-3
الصفحات: ٨٤٨

قوله : فيما قبضه الآخر.

سواء كان حقّه أيضا مؤجّلا أم لا.

قوله : وإن كان لواحد.

أي : كان البيع لشخص واحد أي : كان المشتري منهما واحدا.

قوله : من المشتركين.

لفظة « من » تبعيضية. أي : المشتري الذي هو أحد المشتركين.

قوله : شراء شي‌ء.

أي : ولو كان أدّى العوض من المال المشترك

قوله : والاشتراك لا يعيّن.

أي : مجرّد الاشتراك في مال لا يوجب تعيّن التصرّف فيه بأنّه تصرف من جهة الشريكين معا ، حتّى إذا أدّاه عوضا عمّا شراه يدلّ على أنّه شراه لهما معا ؛ إذ يمكن أن يتصرّف أحدهما فيه بقصد حصّته ، وإن لم يلزم ، بل لا بدّ من القصد في تعيين جهة التصرّف.

٦٦١
٦٦٢

كتاب المضاربة

قوله : ومنه : قارض إلى آخره.

هذا الكلام يحتمل معان :

أحدها : أن يكون المراد : أنّه ساو الناس في المعاشرة والمخالطة ما دام هم يساوونك ولا يريدون الزيادة والتسلّط عليك ، ولا تتركهم ، فإنّك إن تركت الناس [ و ] لم تعاشرهم ولم تخالطهم لم يتركوك ، بل يقعون فيك ويغتابونك مطلقا ، فساوهم ودار معهم وعاشرهم بالمساواة ، إلّا إذا أرادوا الزيادة عليك ، فاتركهم حينئذ ، وإن لم يتركوك حينئذ أيضا ، ولكن تحمّل زيادتهم وتسلّطهم أشد من غيبتهم ووقوعهم فيك.

وثانيها : أن يكون المراد : ساوهم ما داموا يساوونك ، فإن تركتهم في هذه الحالة ولم تعاشرهم أصلا لم يتركوك ؛ إذ يعلمون أنّه لا عذر لك في ترك مخالطتهم.

وثالثها : أن يكون المراد : ساوهم ما داموا يساوونك ، فإن تركت مساواتهم حينئذ وأردت الزيادة عليهم لم يتركوك ويغتابوك أو لم يتركوك مسلطا عليهم ، بل يضعوك ويذلوك.

قوله : ولا في الأجل.

عطف على قوله : « بذلك » أي : ولا تصير لازمة في الأجل أي : في ظرف المدّة التي بين العقد والأجل.

قوله : أو نوعا خاصّا.

أي : نوعا من بعض التصرّفات كنوع خاصّ من البيع ، أو من الشركاء ، كأن يقول : بشرط أن يشتري المتاع الفلاني إلى سنة كذا ، أو تبيع من زيد إلى شهر ، وأمثال ذلك.

٦٦٣

قوله : والمشهور.

« الواو » حالية. والغرض بحث على المصنّف يعني : أنّه يفهم من تشريك المصنّف تساوي الشرطين في الصحّة ، والحال أنّ المشهور أنّ الشرط الأوّل مبطل للعقد.

لا يقال : إنّه يفهم من التشريك عدم الصحّة في الأمرين مع أنّه الظاهر من قوله : « ولا يصح ».

لأنّا نقول : إنّ قوله بعده « ولكن الأجل يثمر المنع » صريح في صحّة اشتراط الأجل ، فلا بدّ أن يكون مراده من لا يصح : عدم اللزوم مع الصحّة.

قوله : لكان التصرف باطلا.

وكان البيع لرب المال لتبعيته للمال ، والترديد بين البطلان ، والإيقاف للترديد في صحّة الفضولي وعدمها ، فالأوّل مبني على الثانى ، والثاني على الأوّل.

قوله : وله الاستيجار.

ولو لم يستأجر عليه وباشر العمل بنفسه ، ففي استحقاقه الاجرة مع قصدها وعدمه وجهان : الوجه الاستحقاق خصوصا على القول بأنّ للوكيل في البيع أن يبيع من نفسه ، وفي الشراء أن يشتري من نفسه ، فيكون للوكيل في الاستيجار أن يستأجر نفسه.

قوله : وآلات.

أي : آلات المأكول والمشروب كالأواني المحتاج إليها ، وآلات المركوب كالسرج واللجام ، وأمثالهما.

قوله : قبل فساده.

أي : فساد ما بقي ، فإن لم يعد إلى سفر قبل فساده يجب الرد إلى التجارة معيّنا.

قوله : منه.

أي : وإن ربح كانت من الربح.

قوله : أتمّ الصلاة.

لكونه كثير السفر ، أو نوى الإقامة ، أو دخل في ملكه على القول بكفاية مطلق الملك في إتمام الصلاة.

٦٦٤

قوله : أن يخرج.

أي : يخرج عرفا كأن يتوطّن في بلد سافر إليه ويأخذه وطنا بحيث يقال في العرف : إنّه متوطن فيه ، أو يزيد السفر عمّا يحتاج إليه في التجارة سواء كان بالمكث في بلد واحد ، أو بالمسافرة إلى بلد آخر.

قوله : وهو ما اشتمل.

أي : السفر الشرعي ما اشتمل على المسافة الشرعية فـ « اللام » في « المسافة » للعهد.

قوله : أن يصدق.

أي : يصدق وصف المسافر في الأوّل ، ووصف السفر المحتاج إليه التجارة في الثاني.

قوله : واحترز بكمال النفقة.

يعنى : أضاف المصنّف الكمال بالنفقة ؛ ليحترز به عن القدر الزائد في السفر عن نفقة الحضر يعني : لئلّا يتوهّم أنّ المراد بنفقة السفر هو القدر الزائد على الحضر كما يوهمه التعليق بالسفر. وإنّما احترز به ؛ لأنّه كان محلّا للتوهّم حيث قد قيل : إنّه لا ينفق في السفر من مال التجارة سوى القدر الزائد. فـ « الفاء » في قوله : « فقد قيل » للتعليل.

قوله : لا يشترط حصول ربح.

غرض الشارح من هذا الكلام بيان أنّه ليس مراد المصنّف من قوله : « وينفق من أصل المال » : أنّه يكون منه مطلقا ولو حصل الربح ، بل المراد التنبيه بأنّه قبل حصول الربح ينفق من أصل المال ، وإن أنفق من الربح بعد حصوله.

قوله : يجوز بغيره.

أي : يجوز كلّ من الاشتراء والبيع بغير ما ذكر من النسيئة وغير نقد البلد كالعرض وغير ثمن المثل.

قوله : نقصان يتسامح.

أي : نقصان البيع بثمن المثل بقدر يتسامح به عادة ، والزيادة في الشراء كذلك ، ولم يذكره ؛ لظهوره بالمقايسة. ويمكن أن يكون المراد بالنقصان : ما يشمل الزيادة في الشراء

٦٦٥

أيضا أي الخسران بربّ المال ، فإنّه يشمل نقص البيع عن ثمن المثل أو زيادة الشراء عليه ، وهو بعيد.

ولا يخفى أنّ بعد التسامح به عادة يكون هو ثمن المثل ، فلا يكون استثناء.

قوله : بعين المال.

لأنّ الغرض من المضاربة الاسترباح بالمال ، وهو يتوقّف على الاشتراء به ، والمراد بالاشتراء بالذمّة : الاشتراء لا بشي‌ء معيّن سواء كان نقدا ـ أي : حالّا ـ أو نسيئة. فلا يتوهّم أنّ ذكر ذلك بعد قوله : « وليشتر نقدا » تكرار ؛ فإنّ النقد مقابل النسيئة ، والذمّة مقابل العين.

قوله : أمّا لو تجاوز بالعين الى آخره.

المراد بالتجاوز بالعين : الاشتراء بغير المال ، وبالمثل : الاشتراء بغير ثمن المثل ، وبالنقد : الاشتراء بغير نقد البلد ، فـ « اللام » فيها للعهد الذكري.

قوله : ولو انفسخ.

اعلم أنّ صور المسألة اثنتان وثلاثون ؛ لأنّه إذا انفسخ عقد المضاربة فإمّا يكون فسخه من المالك ، أو من العامل ، أو منهما ، أو من غير جهتهما كعروض ما يقتضي الانفساخ من موت ، أو جنون ، أو نحوهما. وعلى التقادير إمّا يكون المال كلّه ناضّا ، أو بقدر رأس المال ، أو بجميعه عروضا ، أو ببعضه بحيث لا يكون الناضّ بقدر رأس المال ، وعلى جميع التقادير إمّا أن يكون قد ظهر ربح إمّا بالفعل أو بالقوّة كوجود من يشتري بزيادة عن القيمة أو لا فالمصنّف أشار بقوله : « ولو فسخ المالك » إلى آخره الى حكم أربع صور منها ، وهي ما كان الفسخ من المالك ولم يظهر ربح سواء كان المال كلّه ناضّا أو بقدر رأس المال أو بجميعه عروضا أو ببعضه ، بقيت ثمان وعشرون صورة اخرى.

ذكر الشارح أربعة منها بقوله : « وإلّا فله حصّته » إلى آخره ، وهي ما كان الفسخ من المالك وظهر الربح مطلقا.

بقيت أربع وعشرون ذكر الشارح ستّ عشرة منها بقوله : « ولو انفسخ العقد » إلى آخره. وهي ما إذا كان المال ناضا أو قدر رأس المال ، أو بجميعه عروضا ، أو ببعضه ، وعلى

٦٦٦

التقادير سواء ظهر الربح أم لا ، فحكم في الجميع بعدم الاجرة وبالحصّة من الربح في صورة ظهوره. بقيت ثمان صور لم يشر إلى حكمها ، ويمكن إدراج أربعة منها في قول المصنّف : « ولو فسخ المالك » فإنّه أعمّ من أن يكون العامل أيضا فاسخا أم لا ، وأربعة اخرى في قول الشارح ، وإلّا فله حصّته.

قوله : مأخذهما إلى آخره.

فيه لفّ ونشر مشوّش ، فإنّ « انصراف الإذن » إلى آخره ، مأخذ الثاني أي إلحاقه بالعالم و « من كون الشرط » إلى آخره ، مأخذ الصحة والعتق أي : الشرط الذي هو المقصود من هذه المعاملة ـ وهو الاسترباح ـ إنّما هو بحسب الظاهر ، واشتراء العبد الذي لا يعلم انعتاقه بالشراء ، مظنّة الاسترباح ظاهرا ، وإن لم يكن كذلك في الواقع.

قوله : لعدم كونه.

أي : عدم كون هذا الشراء متعلّق الإذن في المضاربة والاشتراك في الربح ؛ لأنّ متعلّق ذلك ما كان فيه ربح ، ولا يتصوّر في هذا الشراء ، لايجابه العتق.

قوله : ويحتمل ثبوت الحصّة.

أي : يحتمل في صورة ظهور الربح ثبوت حصّة الربح للعامل ، فيشترك في العبد. ولكن هذا إذا قلنا بأنّ العامل يملك الحصّة من الربح بمجرّد ظهوره ، وأمّا إذا قلنا باشتراطه بالانضاض فلا ؛ إذ لا إنضاض هاهنا.

قوله : إن قلنا بالسراية في العتق القهري.

يعني : إذا قلنا بثبوت الحصّة للعامل ، فيسري العتق عليه أي : يسري عتق حصّة المالك في حصّة العامل أيضا فينعتق حصته ؛ إن كان المالك وهو رب المال موسرا ، فيؤدى قيمة حصّة العامل عليه ، ولكن هذا الحكم إذا قلنا بالسراية في العتق القهري مطلقا سواء كان سبب العتق باختيار من الشريك الذي يعتق عليه كما إذا شرى حصّة من أبيه أو بدون اختياره كما إذا انتقل إليه حصّة من أبيه بالميراث ، أو قلنا بالسراية في العتق القهري الذي كان سببه اختيار الشريك ، وإن لم نقل بها فيه بالإطلاق ، فإنّه على القولين يعتق حصّة

٦٦٧

العامل فيما نحن فيه ؛ لأنّ العتق على المالك قهري وسببه باختياره أيضا حيث يأذن في شراء أبيه.

ولكن لو لم نقل بالسراية في العتق القهري مطلقا ، فلا يسري العتق إلى حصّة العامل هنا. ثمّ إنّ الشريك الذي اختار السبب هنا هو ربّ المال.

قوله : لصحيحة محمّد بن أبي عمير عن الصادق عليه‌السلام.

في رجل دفع إليه رجل ألف درهم مضاربة ، فاشترى أباه ، وهو لا يعلم. قال : « يقوّم ، فإن زاد درهما واحدا اعتق واستسعي في مال الرجل ». (١) وفيها أطلق الحكم بالاستسعاء من غير سؤال عن حال العامل هل هو موسر أم معسر ، وترك الاستفصال دليل العموم كما ثبت في الاصول.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١٩ / ٢٦.

٦٦٨

كتاب الوديعة

قوله : بالذات.

أي : يكون المقصود بالذات الاستنابة في الحفظ ، لا أن يكون المقصود أمرا آخر ، وإن استلزم الاستنابة في الحفظ أيضا.

قوله : ثمّ الاستنابة.

الغرض من هذا الكلام اعتراض على المصنّف حيث عرّف الوديعة بالاستنابة.

قوله : وإن اكتفينا.

لفظة « إن » وصلية. يعني : أنّ الوديعة هي الاستنابة وقبولها ولو كان فعليّا لا قوليا.

قوله : وكأنّ التعريف لما كان لعقدها كما علم من مذهب المصنّف.

هذا توجيه من جانب المصنّف وتوضيحه : أنّ التعاريف المذكورة لهذه الامور تارة تكون لنفس العقد كما يقال في البيع : إنّه العقد المشتمل على الإيجاب والقبول ، واخرى للأثر المترتب عليه كما يقال : البيع هو نقل المال بعوض وقد علم في ابتداء تعريف البيع وغيره أنّ مذهب المصنّف أنّ التعاريف للعقود ، فهذا التعريف أيضا يكون للعقد ، والعقد حقيقة هو اللفظ ، أو ما في حكمه من الإشارة.

ولما لم يعتبر في عقد الوديعة القبول اللفظي ، فيكون المعتبر في عقدها هو الإيجاب خاصّة ؛ لأنّه وإن توقّف تماميّته على القبول ، ولكن لما لم يشترط القبول اللفظي ، والمعتبر في العقد هو اللفظ ، فالمعتبر في عقد الوديعة الإيجاب خاصّة. والضمير في قوله :« منه » راجع إلى « عقدها » لا إلى مطلق العقد.

قوله : دخولها.

٦٦٩

أي : دخول الوديعة. وفيه ارتكاب استخدام ؛ لأنّ المراد بالوديعة المتقدّمة : هو الاستنابة والعقد ، وبالوديعة في المرجع هو الشي‌ء المستودع ، فإنّه يطلق عليه الوديعة أيضا.

قوله : فبه.

« الباء » بمعنى : « مع » أي : فبالايجاب أولى في الدخول في الضمان والالتزام بالحفظ.

قوله : وأمّا الإيجاب فقد يحصل بالطرح إلى آخره.

غرضه من هذا الكلام دفع لما يتوهّم حيث إنّه فهم ممّا سبق أنّ الوديعة هي الاستنابة التي هي مجرّد الإيجاب ، وأنّ المعتبر من الوديعة هو الإيجاب فكان قوله : « لم تصر وديعة » مظنّة لتوهّم أنّ الطرح لا يكفي في الإيجاب أيضا حتّى لو قبلها بعده لم يتمّ الوديعة.

فدفع ذلك بأنّ الإيجاب قد يحصل بالطرح ، وإنّما لا تحصل الوديعة المركّبة من الإيجاب والقبول.

قوله : وفي الثاني.

أي : في صورة الاقتصار على مجرد الطرح لا تصير وديعة أي : ايجاب وديعة أو عقد الوديعة حيث إنّ المعتبر منه الإيجاب أيضا ، أو لا تصير وديعة أي : استنابة.

قوله : في الثاني يجب.

أي : في القبول الفعلي.

قوله : وفي الأوّل.

أي : في الطرح مع ضمّ ما يدلّ على الإيداع.

قوله : فقوله فلا يجب.

هذا تفريع على ما سبق من التفصيل في الطرح والإكراه. و « قوله » مبتدأ خبره « مطلق » وقوله : « في الثاني » المراد منه صورة الإكراه ، وقوله : « من حيث الوديعة » متعلّق بقوله : « مطلق » ، وقوله : « ومع عدم القبول والقبض » عطف على قوله : « مطلق » والمراد بالأوّل : صورة الطرح يعني : إذا عرفت أنّ مع الإكراه لا يجب الحفظ ولو مع القبض ومع

٦٧٠

الطرح لا يجب الحفظ ، إلّا إذا قبل أو قبض ، فقول المصنّف : « فلا يجب حفظها » المذكور بعد « الطرح والإكراه » مطلق بالنسبة إلى الإكراه من حيث الوديعة أي : لا يجب الحفظ من جهة الوديعة مع الإكراه مطلقا ، قبضها أو لم يقبض ، قبلها أو لم يقبل ، وإن وجب الحفظ من غير جهة الوديعة حينئذ كما في صورة الاضطرار. وغير مطلق ، بل مقيّد منضمّ مع قيد عدم القبول والقبض بالنسبة إلى الطرح حيث عرفت أنّه حينئذ يجب الحفظ مع القبول أو القبض. وفي بعض النسخ « مطلقا » مكان قوله : « مطلق » فيكون حالا عن « قوله » وخبره يكون قوله : « من حيث الوديعة » ويكون قوله : « ومع عدم القبول » عطفا على قوله :

« من حيث الوديعة » والمعنى : وإذا عرفت ما فصل فقول المصنّف : « لا يجب حفظها حالكونه مطلقا في الثاني » إنّما هو من جهة الوديعة ، وفي الثاني إنّما هو مع عدم القبول والقبض أي : لا يجب الحفظ مطلقا مع عدمهما.

قوله : فلا يجب عليه حفظها.

ويلزمه أنّه لا يضمنه لو أهمل في الحفظ ، نعم إذا وضع يده عليها بعد زوال الإكراه مختارا ، فإنّه يجب عليه حينئذ الحفظ باليد الجديدة ، وإن لم يجب بالإكراه.

وقوله : « مطلقا » إشارة إلى ما مرّ في الطرح من أنّ مع القبض يجب عليه الحفظ ، فيكون المعنى : فلا يجب مع الإكراه حفظها ، قبضها أو لا.

وقد يقال : إنّه اشارة إلى ما مرّ في الطرح من أنّ مع القبض قد يجب الحفظ لأمر آخر. فالمعنى : مع الإكراه لا يجب الحفظ لا للوديعة ، ولا لأمر آخر ، وذلك مناف لما يأتي من أنّ مع الإكراه قد يجب الحفظ أيضا في صورة الاضطرار.

وكذا قوله : « مطلق من حيث الوديعة » يشعر بأنّه ليس مطلقا من حيثيّة اخرى.

قوله : وبذلك يظهر.

أي : ممّا ذكر من قوله : « وكذا من بعده » إلى آخره. فذلك إشارة إلى التقسيم الذي ذكره.

ووجه ظهور عدم المنافاة : أنّه علم أنّ وجوب الحفظ ؛ [ ليس ] لأجل كونه مستودعا حتّى يرد أنّه إذا لم يجب الاستيداع ولم يلزم ، كيف يلزم ما يترتّب عليه ، بل هو أعمّ من أن يكون بسبب الوديعة.

٦٧١

قوله : أو فتح الكيس المختوم إلى آخره.

فيضمن ولو لم يأخذ منه شيئا ، وكذا لو تلف لا لأجل فتحه ، بل لأمر آخر لا دخل له بالفتح أصلا.

والوجه فيه حينئذ : أنّه بالفتح صار متصرّفا فيه تصرّفا غير مأذون من المالك ، فيكون ضامنا لو تلف بأيّ وجه كان.

قوله : من الدفع.

أي : دفع الظالم من الوديعة.

قوله : وأمّا أخذ المال.

أي : أخذ الظالم المال من المستودع عوضا عن الوديعة.

قوله : لم يجب بذله مطلقا.

أي : سواء استوعب ما أخذ من ماله الوديعة أم لم يستوعب.

قوله : فأخذ الجميع.

أي : أخذ الظالم جميع المال المستودع.

قوله : ولو أمكن حفظها.

أي : لو أمكن حفظ الوديعة عن الظالم باستتار نفسه عن الظالم ، وصيرورته مخفيا وجب الاستتار.

قوله : أو يد وارثه.

أي : ويبقى في يد وارث المستودع إن مات ، أو وليه إن جنّ ، أو يده بعد صحّته إن جنّ وافيق ، ولم يتصرّفه وليّ على تقدير عروض ذلك للمستودع.

قوله : إلّا ببيّنة.

يعني : يكون على الودعي البيّنة ، ولو لم يكن له بيّنة فاليمين على المالك ، فلا يقبل قوله بمجرّد يمينه.

قوله : وقد يقبل قوله إلى آخره.

أي : يقبل مع يمينه ، وليس اليمين على المالك.

٦٧٢

قوله : وإن كان كسبا.

أي : وإن كان ذلك المال الذي للغير في يد الصبي والمجنون مكتسبا للصبي والمجنون من قمار قامره الصبي والمجنون مع الغير ، وكسبه منه ، فالكاسب هو الصبي والمجنون ، وكونه فردا خفيا ؛ لما فيه من اطّلاع ذلك الغير الذي هو المالك ، بل إذنه وإعطائه بنفسه.

ويمكن أن يكون المستتر في « كان » راجعا إلى « الأخذ » المدلول عليه بقوله : « وما يؤخذ » أي : وإن كان الأخذ من الصبي والمجنون مكتسبا للآخذ من قمار قامره الآخذ مع الصبي والمجنون.

والأوّل هو الأظهر كما يدلّ عليه كلامه في المسالك ، ولأنّه لا يظهر وجه على الثاني للتخصيص بمال الغير ، وأيضا [ لا ] يكون حينئذ فردا خفيّا.

قوله : نسيانا.

أي : على غفلة من أنّه صبي أو مجنون ولا يجوز التسلّم منه ، ومن دون التفات إلى ذلك ، فإذا التفت تكون في يده أمانة شرعيّة.

قوله : مع ظهور المالك.

التقييد بذلك ؛ لأنّه بدون ظهور المالك لا يجب ردّها إلى أحد ، ولا بينة ولا يمين ، فهي ليست من القسمين المذكورين للامانة ، بل لها حكم على حدة مذكورة في بابها.

قوله : وهو ممنوع.

أي : الطريق الاولى ممنوع ، لما مرّ من اختلاف الأغراض. فهذا تسليم لصحّة القياس بالطريق الأولى ، ومنع للأولوية هنا. وقوله : « هو قياس باطل » ردّ لأصل القياس حيث إنّه قياس المساواة ، فقوله : « باطل » صفة احترازية. وهذا هو الوجه في المنع في الأوّل والإبطال في الثاني.

قوله : ويمكن شمول كلامه.

أي : كلام المصنّف ، وهو قوله : « إلّا أن يخاف تلفها ». ووجه الشمول : إطلاق كلامه حيث لم يقيّد بالمساوي أو الأعلى. وقوله : « كما يشمل المنع » أي : المنع في كلامه الأوّل ، وهو قوله : « اقتصر المستودع عليه » المنع من الأعلى فالمنع فاعل قوله : « يشمل » ، والمفعول مقدّر يدلّ عليه الفاعل.

٦٧٣

ويمكن أن يكون « المنع » مفعولا ، والفاعل هو كلام المصنّف ، ويكون فيه استخدام حيث إنّ المراد بكلامه المذكور كلامه أخيرا ، وبالمرجع غيره.

وقوله : « يشمل أيضا » أي : ويشمل كلامه في الموضعين ما إذا نهاه صريحا عن النقل إلى غير المكان الذي عيّنه وما إذا لم ينهه صريحا ، بل اقتصر على مجرّد التعيين ؛ فإنّه لا يجوز النقل في الصورتين في الموضع الأوّل ، ويجوز النقل فيهما في الموضع الثاني. والضمير في « عدمه » راجع إلى « النهي » و « عدمه » معطوف على « ما لو نهاه ».

قوله : أو الموضوع.

عطف على المقفّل.

قوله : في المراح.

أي : المراح المضبوط بالغلق.

قوله : أو المحفوظ بنظر المستودع.

يعني : في الثلاثة. أي : يجب إما كون الصندوق مقفلا ، والاصطبل والمراح مضبوطين بالغلق ، أو كونها محفوظا بسبب نظر المستودع وإن لم يكن مقفّلا أو مضبوطا بالغلق بأن يحضر المستودع عندها ، ويكون متوجّها لها حافظا إيّاها.

قوله : لما ذكر.

متعلّق بقوله : « حرزا » والمراد بما ذكر : الثوب ، والنقد ، والدابّة ، والشاة.

قوله : وقد يفتقر إلى أمر آخر.

أي : وقد يفتقر الحرز أو ما ذكر مضافا إلى هذه الثلاثة إلى أمر آخر زائد عليها كالاصطبل المضبوط بالغلق ، فإنّه قد يكون مظنّة كسر الغلق ، فيحتاج إلى شي‌ء آخر رافع لهذه المظنّة. وقوله : « أو يقوم غيرها » أي : وقد لا يجب هذه الثلاثة ، بل يقوم غيرها مقامها كما أن يضع الدابة في بيت السكنى وأمثاله.

قوله : بين من يملكه.

الموصول في الأوّل عبارة عن المستودع ، وفي الثاني عبارة عن المودع. ويمكن أن يكون المراد به : المستودع أيضا ، ويكون قوله : « يعلم » مبنيا للمفعول. والمراد : أنّه لا فرق

٦٧٤

في وجوب الحفظ بين أن يكون المستودع مالكا للحرز أو لا. ولا بين علم المودع بأنّ المستودع مالك للحرز أو قادر على تحصيله أو لا ، فلو أودعه دابّة مع علمه بأنّه لا اصطبل له أو [ ما ] لا مع علمه بأنّه لا صندوق له ، ونحو ذلك لم يكن عذرا.

قوله : وإن ادّعيا.

أي : وإن ادّعى الطفل والمجنون فيما إذا كان المال لغيرهما إذن ذلك الغير المالك لهما في إيداع المال عند الغير. ووجه عدم الفرق : أنّ دعواهما غير مسموعة ، ولا يترتّب عليها أثر.

قوله : لا نقلها.

عطف على « رفع يده ».

قوله : والمعتبر في السعي القصد.

أي : السعي المتوسط ، ولا تجب الزيادة عليه بالتعجيل كأن يعدو في السير وإن قدر عليه.

قوله : كالعقلي

خبر لقوله : « والعذر الشرعي » أي : العذر الشرعي والعادي كالعذر العقلي وهو ما يستحيل معه الردّ عقلا ، فإنّه عذر قطعا.

قوله : وإن كان المودع.

هذا ردّ على أبي الصلاح ؛ فإنّه قال : « إذا كان المودع حربيا وجب على المودع أن يؤدّي ما عنده من وديعته إلى سلطان الاسلام ».

قوله : للأمر بأداء الأمانة.

المراد الأمر بها في قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ). (١)

قوله : « فلم أدع شيئا ».

أي : لم أترك شيئا من النقائص ، والصفات الخسيسة إلّا نسبته إليه.

قوله : ولو لزوجته أو ثقة.

__________________

(١) النساء : ٥٨.

٦٧٥

نبّه بذلك على خلاف بعض العامّة حيث جوّز له إيداع زوجته. وقوله : « ولو زوجة » فيما بعد تنبيه على خلاف جماعة اخرى منهم حيث جوّزوا الاستنابة بالزوجة. وقوله :« ولدا » على خلاف بعضهم أيضا حيث جوّز إيداع من عليه نفقته.

قوله : في سائر الأوقات.

السائر هنا إمّا بمعنى : الجميع أي : في جميع الأوقات كما مرّ سابقا من أنّ السائر يستعمل بهذا المعنى أو المراد : سائر الأوقات التي ليس له التصرف ، فإنّ الاشتراك في التصرّف قد يكون بأن يتصرّف هو في وقت ، والشريك في وقت آخر ، فيكون المراد من سائر الأوقات : أوقات تصرّف الشريك.

قوله : فترك وأخذها معه.

أي : ترك كلا من الإيصال إلى المالك أو وكيله ، أو الإيداع ، وأخذ الوديعة مع نفسه وسافر بها.

قوله : واضطر إلى السفر فلا ضمان.

أي : واضطر أن يسافر بأن يلزم عليه السفر لضرورة. وفي بعض النسخ : « أو اضطر ». ومقتضاه حينئذ أنّه إن اضطرّ إلى السفر ولو لم يتعذّر جميع ما تقدّم ، ولم يخف عليها في البلد يجوز المسافرة بها ، وهو مشكل ويمكن أن يكون المراد حينئذ أنّه اضطرّ إلى السفر بالوديعة ، أي : يلزم عليه المسافرة بها بأن يعلم أنّه لو لم يسافر بها وأودعها إلى عدل أو غيره في البلد يأخذها ظالم قطعا ، ويتخلّص لو سافر بها ، وإن لم يكن السفر ضروريا لنفسه.

قوله : بل قد يجب.

لفظة « قد » إمّا للتحقيق وإن كان مدخولها مضارعا ؛ فإنّه مستعمل ، أو للتقليل والمراد ليس حين الاضطرار المذكور ، بل المراد : أنّه قد يجب مطلقا ، وهو حين الاضطرار المذكور. أو المراد أنّه حين الاضطرار أيضا ليس واجبا مطلقا ؛ إذ قد يحتاج إلى نفقة وكراية وغير ذلك من ماله ، فلا يجب عليه صرف ماله ، فيجب إذا لم يحتج إلى هذه الامور ، فتأمّل.

٦٧٦

قوله : وفي السفر.

عطف على قوله : « في تعذّر ». « والعرفي » خبر المعتبر أي : المعتبر في السفر العرفي.

قوله : في مثله.

أي : في مثل التردّد إلى حدود البلد ، أو في مثل ما قصر عنه.

قوله : ما لو أودعه.

الضمير في « أودعه » راجع إلى المستودع. وقوله : « مسافرا » حال عنه أي : لو أودع المالك المال المستودع حال كون المستودع مسافرا.

قوله : منتجعا.

أي : من الذين لا يستقرّ في مكان ، بل يتردّد في المنازل لطلب الماء والكلاء. وانتجع أي : طلب الكلاء في موضعه.

قوله : في الحيوان مطلقا.

سواء أمره المالك ، أو نهاه ، أو أطلق.

قوله : ذو روح.

وسقيه وعلفه من حقوق الله سبحانه ، لا من حقوق الآدمي ، فلا يسقط بيمين الآدمي.

قوله : بتركه كغيره.

أي : كغير ذلك ممّا يجب في نفسه ، لا من حيث الوديعة ؛ لوجوب حفظ ما غاب مالكه من باب الإعانة على البر.

قوله : قوله فيها.

أي : في نية الرجوع. وفي بعض النسخ : « فيهما » بالتثنية ، والضمير للانفاق ، ونيّة الرجوع.

قوله : بالمعروف.

متعلّق بالقدر المقبول أي : قبل في القدر بالمتعارف.

قوله : وكذا القول.

أي : توصل إلى استيذانه أيضا وإرضائه بالانفاق ، وإن تعذّر رفع أمره إلى الحاكم إلى آخره فليس عليه السعي في الاستيذان.

٦٧٧

قوله : للريح.

متعلّق بالنشر. أي : نشره عند الريح إذا احتاج إليه ، أو نشره لهبوب الريح عليه.

قوله : العلف والسقي.

معطوفان على النقل.

قوله : على الركوب.

متعلّق بالتوقّف أي : يجب الركوب.

قوله : لذلك.

أي : لا للحفظ والوقاية عن الفساد.

قوله : وليرد الوديعة حيث يؤمر به ، أو يريده هو.

الغرض من هذا الكلام بيان من يرد إليه الوديعة ، لا بيان وجوب الرد ، فلا تكرار فيه مع قوله : أوّلا : « ويجب اعادة الوديعة ». والضمير المجرور في « به » راجع إلى الرد ، وكذا الضمير المنصوب في « يريده ». والمرفوع فيه راجع إلى المستودع ، وكذا ضمير « هو ».

والمراد : أنّه يجب إذا أمره المالك ، أو وكيله ، أو يريد المستودع الرد حيث إنّه عقد جائز.

قوله : المتناول وكالته مثل ذلك.

أي : ردّ الوديعة إليه ، فهو احتراز عن الوكيل الخاص بغير ذلك ، وشامل للوكيل الخاص بذلك ، والعام. وقوله : « مخيّر » خبر مبتدأ محذوف أي : والمستودع مخير في الرد إلى المالك وإلى الوكيل.

قوله : لا بدونها (١).

عطف على قوله : « عند الضرورة ». والضمير فيه راجع إلى « الضرورة ». يعني : لا يجوز الدفع إلى الحاكم بدون الضرورة ؛ لأن الحاكم لا ولاية له على من له وكيل ، والودعي أي :المستودع بمنزلة الوكيل ، فما دام لا ضرورة له في الرد لا يكون الحاكم وليّا ، فلا يجوز الرد فيه ، بخلاف حالة الضرورة ؛ فإنّ الوكيل الذي هو الودعي ، لا يمكنه الحفظ حينئذ ، فيكون المالك كمن لا وكيل لحفظه.

__________________

(١) لا بدونه. خ.

٦٧٨

وقد يتوهّم أنّ الضمير راجع إلى « التعذّر » ومنشأ التوهّم ملاحظة التعليل والغفلة عن قوله : « والودعي بمنزلته ».

قوله : إلى التستّر.

أي : تستّر الودعي وخفائه في مكان. ومراده : أمّا لا مطلق التستّر ، بل التستّر المنافي لرعاية الوديعة ، فلو أمكن رعايتها مع التستّر كأن كان شي‌ء خفيف يمكن استصحابه ، فلا يدفعه إلى الحاكم.

قوله : قبل حلفه ضمن.

أي : ضمن المستودع ، ويجب عليه الرد ، ولو تلف بدون تفريطه ؛ لأنّه خرج عن كونه أمينا بالإنكار والجحود للوديعة ، ولأنّه بإنكاره اعترف بأنّ يده عليها ليست بنيابة عن المالك ، فلا يكون أمينه.

قوله : لإنكاره الاول الى آخره.

المراد بإنكاره الأوّل : الإنكار المطلق المذكور بقوله : « ولو أنكر الوديعة » وقوله : « كقوله » بيان للتأويل أي : يقول بعد الإنكار المطلق مرادي أنّه ليس لك عندي إلى آخره. فيقبل قوله مع اليمين حينئذ ، ولا يخرج عن الأمانة كما إذا قال أوّلا بهذا القول من غير سبق إنكار مطلق مؤوّل إلى ذلك.

قوله : بأنّه ليس مأخذ القبول.

يعني : يضعف تقديم قول المالك بأنّ الأمانة ليس مأخذ قبول قول الودعي وسببه هنا حتّى يصير زوالها سببا لعدم القبول ، بل المأخذ للقبول أصالة عدم الزيادة وهي باقية بحالها لا تزول بتفريطه ،

قوله : وإلّا فالى الاهل.

يعني : يسلم حصّة من له الأهلية إلى الأهل ، وحصّة الناقص عن الأهلية إلى وارثه.

قوله : كما سلف.

إشارة إلى ما مرّ من أنّ حكم الأمانة الشرعية وجوب المبادرة إلى ردّها ، فإنّ بموت المودع يصير المال أمانة شرعيّة كما مر.

٦٧٩

قوله : سواء علم الوارث.

فيه ردّ على بعض الشافعية حيث قال : « إنّ مع أهليّة الوارث وعلمه بالوديعة لا يجب الرد إلّا بعد الطلب ».

ونفى عنه البأس في التذكرة. واستوجهه في المسالك إلّا أنّه قال : « إنّه لم يتحقّق به قائل منا ».

قوله : ولا يبرأ.

أي : لا يبرأ عن الضمان.

قوله : ونحوه.

أي : نحو الترك غير مقفّل ، أو نحو التقفيل ثانيا.

قوله : أو يبرئه من الضمان.

فعل مضارع من الابراء عطف على قوله : « أو يجدّد له الاستيمان ». ويمكن بعيدا أن يكون مصدرا ويكون عطفا على « ايداعه » والضمير فيه راجعا إلى الغاصب.

قوله : بكلّ وجه.

متعلّق بقوله : « مدّعيا » أي : وإن كان مدّعيا بجميع وجوه المدّعي بأن يكون قوله مخالفا للأصل والظاهر ، وترك لو ترك الخصومة. وهذه الوجوه الثلاثة هي وجوه المدّعي المذكورة في أوّل كتاب القضاء ، ويمكن أن يكون المراد بقوله : « مدّعيا بكلّ وجه » أي :لا يكون لقوله جهة إنكار كما في بعض المدّعين الذي يتوجّه إليه اليمين لكونه منكرا من جهة.

قوله : إذا ادّعى ردّها.

أي : قبول قول المستودع إذا كان من ائتمنه وهو المودع حيّا وحاضرا ، وادّعى الرد عليه. أمّا لو ادّعى الرد على غير من أودعه وائتمنه وانتقلت [ منه ] الوديعة إليه كوارث من ائتمنه بعد موته فلا يقبل قوله ، بل هو يكون كغير المستودع من الامناء الشرعيّة.

وقد مرّ أنّ الأمين بالأمانة الشرعية لا يقبل قوله ، بل يطلب منه البيّنة ؛ لأصالة عدم الرد. وقوله : « وهو لم يأتمنه » إلى آخره تتمّة للدليل أي الأصل عدم الرد مع عدم وجود

٦٨٠