الحاشية على الروضة البهيّة

الشيخ أحمد بن محمّد مهدي النراقي

الحاشية على الروضة البهيّة

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد مهدي النراقي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-632-3
الصفحات: ٨٤٨

وحكم المشتري مفهوم من مفهومه.

وفيه نظر ؛ لأنّ المستفاد من المفهوم : أنه إذا لم يكن الشي‌ء قائما لم يكن القول قول البائع ، وهو أعمّ من كون القول قول المشتري.

ودفعه بأن الأمر لا يخلو من كون القول قول أحدهما ، فإذا لم يكن القول قول البائع ، كان قول المشتري مردود باحتمال بطلان البيع مع يمينهما ، كما هو أحد الأقوال في المسألة.

واستدلّوا على المطلوب أيضا : بأنّ المشتري مع قيام العين يدّعي تملّكها وانتقالها إليه بما يدّعيه من العوض ، والبائع ينكره ، وأما مع التلف فالبائع يدّعي على المشتري مالا في ذمّته وهو ينكره.

واعترض على كلّ منهما بوجوه وتحقيقه موكول على الكتب الاستدلالية.

قوله : لأنّ كلّا منهما.

هذا تعليل لتحالفهما. وأما علّة بطلان البيع فهي أنّه مع التحالف ينفى كلّ من دعوى البائع والمشتري بيمين صاحبه ، فيبقى الثمن مجهولا ، فيبطل البيع.

قوله : لتشخّص.

متعلّق بكلّ من المدّعي والمنكر

قوله : في شرحه.

الضمير راجع إلى شيخه أي : في شرحه ، ولكون شرحه منحصرا ومعهودا لم يذكر المشروح ، فالإضافة للعهد. ويمكن إرجاع الضمير إلى القواعد. والمراد : قواعد العلامة ، فيكون فيه استخدام.

قوله : العلّة الموجبة للحكم.

العلّة الموجبة للحكم بحلف المشتري مع التلف ، هو ما مرّ من أنّ البائع يدّعي مالا في ذمّته وهو ينكره ، ومع بقاء العين ، ولو مع الانتقال لا يدعي ذلك ، بل يدّعي عدم تملّكه لها بما ادعاه ، فلم يجز له نقله ، ويكون النقل باطلا.

وأما جعل العلّة الخروج عن حدّ الانتفاع بالنسبة إلى المشتري ، فمنظور فيه ؛ لمنع كون ذلك علّة الحكم ، بخلاف ما ذكرناه ، فإنّهم عللوه به.

٦٠١

قوله : ولو اختلفا في تعجيله.

بأن يقول البائع : الثمن معجّل بعدم اشتراط التأجيل ، ويقول المشتري اشترط التأجيل. أمّا لو قال البائع : شرطنا التعجيل لاثبات الخيار على القول به في الشرط ، وأنكره المشتري ، فالمقدّم قول المشتري مع يمينه.

قوله : عن البائع.

متعلّق بكلّ من الرهن والضمين والمراد : الرهن والضمين على الدرك كما صرّح في شرح القواعد أو على نفس المبيع إذا كان سلفا فيقول المشتري : شرطنا أن نأخذ الرهن من البائع على درك المبيع وأخذ الضامن عنه وأنكره البائع.

قوله : لأصالة عدم ذلك.

أصالة العدم في الاختلاف في شرط الرهن والضمين ظاهرة ، وكذا في الاختلاف في التعجيل بأن يقول المشتري : شرطنا التأجيل. وأما في الاختلاف في قدر الأجل ، فالمراد :أصالة عدم الأجل المتأخّر ؛ لاتّفاقهما معا على الأجل الأقل ، فالزائد منفي بالأصل.

قوله : ومعينا كهذا الثوب.

هذا مثال للمعيّن. وأما المطلق فكما إذا قال : بعتك ثوبا بألف فيقول : بل ثوبين بألف.

قوله : وإلا قوي التحالف.

أي : فيما إذا تضمن الاختلاف في الثمن. ولا يخفى أن للاختلاف حينئذ صورتين :

أحدهما :

أن يقول المشتري : بل هو والآخر بألفين على أن يكون الألفان على المجموع من غير بيان ثمن كلّ واحد.

وثانيهما :

أن يقول المشتري : بل هو والآخر كلّ واحد بألف ، وحينئذ يتحقّق القدر المشترك ؛ إذ كلّ من البائع والمشتري معترف ببيع واحد بألف. وكذا إذا كان المبيع مثليا كأن يقول :بعتك منا من الحنطة بدرهم وهو يقول : بل منين بدرهمين. والظاهر حينئذ تقديم قول البائع أيضا.

٦٠٢

قوله : ولا جامعة بينهما.

عطف على قوله : « لا على إثبات » أي : ولا يحلف يمينا جامعة بين النفي والإثبات أي :نفي ما يدّعيه الآخر واثبات ما يدعيه نفسه ، ولا دعوى جامعة بينهما. بأن يدّعي كل منهما أمرا يكون بعضا ممّا يدعيه الآخر أيضا وفائدة هذا القيد صحّة تفريع قوله : « فإذا حلفا انفسخ العقد » ؛ فإنّه لو كان بينهما دعوى جامعة لم ينفسخ العقد ؛ لثبوته في القدر الجامع.

قوله : ثمّ إذا حلف البائع إلى آخره.

المراد : في صورة الاختلاف في تعيين المبيع وتحالف كلّ منهما. والمعنى : أنّ حين دعوى البائع : بعتك هذا الثوب الابيض فقال المشتري : بل هذا الأسود يجب حلفهما معا ، فإذا حلف البائع على نفي ما يدعيه المشتري من الثوب الأسود بقي الأسود على ملك البائع إذ لم يكن له معارض سوى دعوى المشتري ، وهي قد بطلت باليمين ، فيكون باقيا على ملك البائع.

وعلى هذا فإن كان الثوب في يد البائع ، فهو ملكه في يده ، وإن كان في يد المشتري له انتزاعه وأخذه منه. هذا حكم الثوب الأسود. وأما الأبيض الذي كان يدّعي البائع بيعه ، فنفيه عن المشتري موقوف على حلفه ، فإذا حلف المشتري على نفي ما يدعيه البائع من بيع الابيض ، فيبطل دعوى البائع بالنسبة إلى مطالبة ثمنه أما عين الثوب الأبيض فلا يجوز للبائع المعترف ببيعه أخذه من يد المشتري لو كان بيده.

فقوله : « وكان الثوب » أي : الأبيض في يد المشتري لم يكن للبائع مطالبته بالثوب الأبيض ؛ لأنّ البائع لا يدّعيه ، بل يعترف ببيعه وإن كان هذا الثوب في يد البائع نفسه لم يكن له التصرّف فيه ظاهرا لاعترافه بكونه للمشتري ، وإن جاز التصرّف واقعا لو كان البائع كاذبا في دعواه ، وحينئذ فللبائع ثمنه في ذمّة المشتري واقعا لو كان البائع صادقا ، لكن لا يحكم به بحسب ظاهر الشرع. ولازمه أنه إن كان البائع قد قبض الثمن من المشتري ردّه عليه ؛ لأنّه الحكم الظاهري ، فيبقى في الواقع ذمّة المشتري مشغولة مع صدق البائع.

٦٠٣

وحينئذ فللبائع أخذ الثوب من المشتري بالتقاص عن الثمن الذي ردّه عليه ، وإن لم يكن الثمن مقبوضا ، وكان في ذمّة المشتري ، فللبائع أيضا أخذ الثوب الأبيض تقاصا ؛ فإن ساوى قيمة الثوب الثمن فهو وإن زادت فيبقى الزائد عند البائع مالا لا يدعيه أحد ظاهرا ، وإن كان من المشتري في الواقع على تقدير صدق البائع.

هذا شرح كلام الشارح ، وفيه نظر من وجهين :

أحدهما :

أنّ اعتراف البائع إنّما كان ببيع الثوب الأبيض ، لا بانّه ملك المشتري مطلقا ، وقد حكم الشارح بانفساخ البيع بالتحالف ، فما فائدة اعترافه بالبيع بعد انفساخه حتى لم يكن للبائع مطالبته به ولا التصرف فيه.

وثانيهما :

أنّ البائع كما اعترف ببيع الثوب الأبيض كذلك المشتري اعترف بالثمن وانتقاله إلى البائع لو كان البائع قبضه ، واشتغال ذمّة المشتري به لو لم يقبضه البائع ، فيكون حكمه حكم الثوب الأبيض الذي اعترف ببيعه البائع ، فما وجه قوله : « فإن كان قد قبض الثمن ردّ على المشتري »؟.

ويمكن الجواب عنهما :

أما عن الأوّل :

فبأنّ انفساخ العقد إنما هو بعد التحالف. ويحتمل أن يكون كلام الشارح مختصّا بما قبل التحالف ؛ فإنّه عيّن أوّلا البادئ منهما باليمين ، ثمّ فصّل حكم البادئ بقوله : ثمّ إذا حلف البائع أوّلا فحكمه أنه ينتفي بحلف البائع دعوى المشتري وبمجرّده يبطل دعوى المشتري ، ويأخذ الثوب الأسود عنه.

وإذا حلف المشتري أوّلا ، لكونه هو البادئ بالدعوى عليه فبمجرد حلفه يبطل تسلّط البائع عليه ، ولكن لا يبطل مقتضى اعترافه ، فليس للبائع مطالبة الثوب الأبيض ، ولا التصرف فيه ، وإنّما هو بعد وقوع التحالف.

٦٠٤

أما عن الثاني : فبأنا نسلّم أنّ حكم الثمن بالنسبة إلى المشتري حكم الثوب الأبيض بالنسبة إلى البائع ، فليس له أخذه من البائع أوّلا قبل انفساخ العقد ، ولم يحكم الشارح بجواز أخذه منه بل قال بأنّ على البائع ردّه ، وإن لم يجز للمشتري مطالبته ، وكان الثوب الأبيض أيضا كذا ، فإنّه لم يمكن للبائع مطالبته وأمّا المشتري فكان عليه ردّه ، فتأمّل.

[ الحكم ] الخامس في الكيل والوزن

قوله : استعمالا وإطلاقا.

المراد بغلبة الاستعمال : غلبة دورانه بين الناس ، ولو بضم القرائن. والمراد بغلبة الإطلاق : أنّ الاسم يغلب على واحد بحيث لو لم تكن قرينة على التعيين سبق هو إلى الذهن ، وإن كان غيره أكثر استعمالا كما يتّفق في كثير من البلاد مثل : وقر الحطب في هذه البلاد ؛ فإنّ غلبة استعماله في حمل الدابة بلغ ما بلغ ، وإطلاقه إنّما على ما كان عشرين منا بالمن الشاهي.

قوله : لذلك المبيع.

متعلّق بالمعتاد.

قوله : فإن اختلفا في ذلك.

أي : اختلف الاستعمال والإطلاق من حيث الغلبة في ذلك أي : في كلّ واحد ممّا ذكر من الكيل والوزن والنقد بأن يغلب الاستعمال في كيل ـ مثلا ـ والإطلاق في كيل آخر ، وكذا الوزن والنقد.

والمعنى : فإن اختلف الاستعمال والإطلاق في ذلك ـ أي : في كونه أغلب ـ لا بمعنى :أن يكون أحدهما أغلب دون الآخر ؛ لأن الحكم حينئذ واضح ، بل بمعنى : أن تكون أغلبية أحدهما في كيل ـ مثلا ـ وأغلبية الآخر في كيل آخر ، أو المعنى : إن اختلف الكيل والوزن في ذلك أي : في غلبة الاستعمال والإطلاق أي : اختلف كلّ منهما في ذلك بأن يكون لكيل غلبة الاستعمال ، ولآخر غلبة الإطلاق.

والأخير خلاف الظاهر فإنّ المتبادر من قولنا : « اختلف الكيل والوزن » أن يكون للكيل ـ مثلا ـ غلبة الاستعمال ، وللوزن غلبة الإطلاق وهذا ليس مرادا ، بل المراد

٦٠٥

حينئذ : وإن كان اختلف كلّ من الكيل والوزن ، هذا مع أنّه يوجب عدم التعرّض للنقد ، والاقتصار على ما ذكره المصنّف.

قوله : فإن تساوت.

أي : تساوت الغلبة بالنسبة إلى الكيلين والوزنين ، أو النقدين بمعنى : أن لا يكون أحدهما أغلب في الاستعمال ولا في الإطلاق ، بل كان غلبة الاستعمال والإطلاق في أحدهما مثلها في الآخر. والمراد من الاستعمال في قوله : « في الاستعمال » : ما يعمّ الإطلاق أيضا ، واقتصر على الاستعمال على سبيل المثال وظهور حكم الإطلاق أيضا منه.

وتقييد المبيع بالخاص ؛ لأنّ التساوي فيه هو موجب عدم الترجيح ، فهذا احتراز عمّا إذا تساوت الغلبة في مطلق المبيع ، دون المبيع الخاص كأن يغلب أحد الكيلين في مبيع والآخر في آخر وإن تساوت الغلبة ، ولكن يرجع في كلّ مبيع إلى الغالب فيه.

قوله : كلام الأصحاب أنه لا يجمع بينهما.

أي : كلامهم هذا ، وهو أنّه لا يجمع بينهما لواحد.

وقوله : « لواحد » أي : لدلّال واحد. وهو آخر كلام الأصحاب وقوله : « عليه » متعلّق بالحمل. وقوله : « لأنّه » تعليل لقوله : « لا يتّجه ». والضمير المجرور في قوله : « به » راجع إلى قول الأصحاب أنه لا يجمع بينهما لواحد ، والضمير في « جوازه » راجع إلى تولّي الطرفين. والضمير المنصوب في قوله : « المراد أنه » راجع إلى الدلال.

ولفظة « إن » في قوله : « وإن أمره البائع » وصلية ، والضمير فيه أيضا للدلال.

والمقصود من الكلام الرد على المصنّف في الدروس حيث قال : « ولو منعنا من توليته الطرفين امتنع أخذ اجرتين ، وعليه يحمل كلام الأصحاب : أنّه لا يجمع بينهما لواحد ». انتهى.

وحاصل الكلام : أنه لو منعنا من تولّي واحد طرفي العقد امتنع لدلّال واحد أخذ اجرتين حيث يمتنع منه عملان ولكن ما قاله الأصحاب من : « أنه لا يجمع بين الاجرتين دلّال واحد » ليس محمولا على ذلك ؛ لأنه قد ذكره من يقول بجواز تولّي طرفي العقد لواحد.

٦٠٦

وعلى هذا فالمراد من قولهم هذا : أن الدلال الواحد لا يجمع بين الاجرتين لعمل واحد هو بيع واحد ، وإن توقّف على أمرين : الإيجاب الذي أمره البائع ، والقبول الذي أمره المشتري ؛ فإن هذا أمر واحد عرفا ، بل له اجرة واحدة على البائع والمشتري.

قوله : إلّا بتفريط.

لما كان معنى التفريط عرفا هو : التقصير والمساهلة في المحافظة فإبقاؤه على معناه يوجب عدم ضمان الدلال لو تعدّى عن الحد شرعا بأن يضع المتاع وأتلفه بقصده واختياره فأراد الشارح توجيه كلام المصنّف فقال : إن المراد بالتفريط ليس هو التقصير وحده ، بل المراد به ما يشمل التعدي عن الحد الواجب شرعا أيضا.

وقوله : « مجازا » مصدر ميمى بقرينة قوله : « أو اشتراكا » ومتعلّق بالإرادة أي : حال كون تلك الإرادة ـ أي : الاستعمال ـ تجوزا أو اشتراكا أي : استعمالا للفظ المشترك في المعنيين وقوله : اشتراكا مصدر بمعنى المفعول بقرينة قوله : « مجازا ». وهما حالان عن التفريط مع هذه الإرادة مجازا فيما يشمل أو مشتركا. والمراد بالمجاز والاشتراك هنا :عموم المجاز وعموم الاشتراك بقرينة قوله : « ما يشمل » ، ويحتمل إرادة نفس المجاز والمشترك بجعل الموصول هو المعنيان معا ، لا واحدا يشملهما والترديد بين المجازية والاشتراك ؛ لأجل ما في كتب اللغة من تفسير التفريط بالمعنيين معا ، فيحتمل التجوّز والاشتراك.

خاتمة في الاقالة

قوله : سواء وقعت بلفظ الفسخ أم الإقالة.

ردّ على بعض الشافعية حيث فرّق بينهما ، فخصّ الخلاف بما إذا ذكرت بلفظة « الإقالة » دون « الفسخ ».

قوله : في حقّ المتعاقدين إلى آخره.

هذا ردّ على أبى حنيفة وأبي يوسف القاضي حيث إنّهما يقولان بأنّ الإقالة فسخ في حقّ المتعاقدين ، لا بيع ، فلا يترتّب عليه لوازم البيع من خيار الغبن وغيره ، ولكنه بيع في حقّ الشفيع بمعنى : أنه يترتّب عليه آثار البيع بالنسبة إليه فله أخذ ما فسخه أحد الشريكين بعد ابتياعه من ثالث بسبب الشفعة.

٦٠٧

وقوله « إذ لا شفعة هنا » تعليل لكونه فسخا في الشفيع ، أو تعليل لتفسيره الشفيع بالشريك أي : إنّما المراد بالشفع الشريك ؛ إذ لا شفعة هنا. وإنما اطلق الشفيع على الشريك ، لصيرورته شفيعا في بعض الأوقات ، أو لأنّه من له الشفعة مع تحقّق شرائطها.

قوله : أمّا المنفصل.

أي : المتجدّد بعد البيع قبل الإقالة. ولفظة « إن » في قوله : « وإن كان حملا » وصلية وقوله : « لم ينفصل » صفة لقوله : « حملا ». وأراد الحمل الحادث بعد البيع ، دون مطلقه ، وإن كان حاصلا حاله ؛ لأنّه حينئذ جزء المبيع.

قوله : من غير فصل يعتدّ به.

أي : حال كون صدور أحد اللفظين من كلّ المتعاقدين معا أي : في زمان واحد بأن يتلفّظا معا دفعة واحدة بلفظة ( تفاسخنا ) أو بلفظة ( تقايلنا ) ، أو متلاحقين بأن يتلفّظ أحدهما به بعد الآخر ، ولكن يشترط أن يكون حينئذ من غير فصل يعتدّ به عرفا.

٦٠٨

كتاب الدين

قوله : قيل : والسرّ فيه.

اعلم أنّ الوجهين اللذين ذكرهما سرّا إنما يصلحان سرّ الزيادة ثواب القرض على الصدقة وامّا تعيين الزيادة على النحو المذكور فلا ، فهما سرّان لنفس الزيادة.

ويمكن أن يكونا سرّين للزيادة والتعيين معا بأن يكون الوجه الأوّل سرّا للزيادة والثاني للتعيين. ووجه دلالة الثاني على التعيين على ما قيل : أنّ القرض والصدقة مشتركان في كونهما إعانة المحتاج ، فلا بدّ من تساويهما ثوابا ولكون القرض يعود فيقرض ثانية يكون القرض الواحد لأوله إلى قرضين ، وكونه في قرضهما كصدقتين والصدقتان ثوابهما عشرون ، فالقرض الواحد أيضا لأجل عوده واقتراضه يكون عشرين ، إلّا أن واحدا منه يعود في الأوّل ، وواحدا في الثاني فيبقى ثمانية عشر.

فإن قلت :

فعلى هذا يلزم زيادة ثواب القرض عن ثمانية عشر ؛ إذ يعود ثانيا ، فيقرض ثالثا.

قلت :

لعلّ الوجه في الاقتصار على المرّتين إنّما هو أنّ اقتراض ما أقرض أوّلا وعاد يقع متكرّرا ، بخلاف المرّة الثالثة ؛ فإنها وإن احتملت ، بل وقعت ، ولكن ليست ظاهرة بحيث يترتّب عليها الحكم قبل وقوعها وبناء الأحكام على الغالب. أو لأنّ المرّة الثالثة مال الثانية ، والرابعة مال الثالثة ، وهكذا.

ثمّ انّه اورد على الوجه الأوّل : بأنّ الناس مكلّفون بالظاهر ؛ فإذا كان المتصدّق عليه محتاجا ظاهرا يكون كالصدقة. وفيه : أن معنى كون التكليف بالظاهر : أنّه يحصل الامتثال

٦٠٩

بالإتيان بما هو الظاهر ، ويسقط التكليف ، لا أن ثواب الظاهر المطابق للواقع [ مطابق ] لما لا يعلم أنه مطابق له أو لا ، بل ثواب المطابق [ للواقع اكثر ] ، فإنّه ورد أن للمصيب أجرين ، وللمخطئ أجرا واحدا.

قوله : أمّا إفادته الملك.

أي : الملك اللازم أو المتزلزل الموجب لاختصاص المقترض بنمائه المنفصل لو رجع المقرض قبل تلف العين على اختلاف القولين كما يأتي.

ومعنى قوله : « على صحّة القرض » أي : على وقوع القرض الصحيح ، لا بمعنى مشروعيّته وجوازه شرعا ؛ فإنّه يترتّب عليه صحّة الملك ، دون الملك نفسه.

قوله : استنادا إلى رواية إلى آخره.

الرواية هي : صحيحة يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله ( عليه‌السلام ) عن الرجل يقرض الرجل الدراهم الغلّة ، فيأخذ منه الدراهم الطازجية طيبة بها نفسها قال :« لا بأس » (١). والطازج الخالص ، والغلّة غيره.

ووجه عدم دلالتها على مطلوبهم ما ذكره الشارح : « وظاهرها ـ أي : ظاهر الرواية ـ إعطاء الزائد الصحيح بدون الشرط » إذ لم يذكر فيه شرط ، والأصل عدمه.

قوله : اقترض بكرا فردّ بازلا رباعيا.

البكر بفتح « الباء » وضمها الفتيّ من الإبل بمنزلة الغلام من الناس كما في النهاية.

وفي القاموس : أنّه ولد الناقة وفيه أيضا البكر المرأة والناقة إذا ولدتا بطنا واحدا.

والبازل من الإبل الذي تمّ ثماني سنين ودخل في التاسعة ، وحينئذ يطلع نابه وتكمل قوته. ذكره في النهاية (٢).

وفي القاموس : بزل ناب البعير بزلا وبزولا طلع ، جمل وناقة بازل وبزول جمعه بزّل كركّع وكتب وبوازل ، وذلك في تاسع سنيه.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١٨ / ١٩٢.

(٢) راجع النهاية : بزل وبكر.

٦١٠

وفي القاموس أيضا : الرباعية كثمانية السن التي بين الثنيّة والناب. ويقال للذي يلقيها رباع كثمان ، فإذا نصبت ـ أي : الرباع ـ اتممت وقلت : ركبت برذونا رباعيا (١)

قوله : على وجه يرتفع عنه الحجر في المال.

هذا لا يلائم ما ذكره من تعميم الكامل على وجه يشمل القابل أيضا باضافة المصدر إلى الفاعل والقابل ؛ لأنّ المحجور عليه لأجل الفلس لا يمنع من الاقتراض ، وإن منع من الإقراض.

ويمكن التوجيه : بأنّ « اللام » في قوله : « في المال » للعهد أي : الذي هو مورد القرض ، أو الاقتراض ، وحينئذ فلا يصدق على المفلس المقترض لمال أنه محجور عليه في هذا المال ، ويصدق على المفلس المقرض أنه محجور عليه فيه.

ويمكن التوجيه أيضا بأن يقال المراد بقوله : يرتفع عنه الحجر في المال : أنه لم يكن محجورا عليه في المال ولو في الجملة والمفلس أيضا كذلك ؛ إذ ليس محجورا عليه في مطلق التصرف في المال ؛ إذ يجوز له قبول الهبة وأمثاله.

فإن قلت :

فيلزم أن يصح اقتراضه مع أنه لا يصح.

قلنا :

لا نسلّم أنّه لا يصح ، بل يصحّ بإذن الغرماء والحاكم ، فهو صحيح بالشرط ، بخلاف مثل الطفل والمجنون ؛ فإن اقتراضهما لا يصح مطلقا ، ولا يتصوّر في حقّهما.

قوله : وإن ملّكناه.

وتظهر الفائدة في النماء المنفصل المتخلل بين طلب المالك وبين القرض ؛ فإنّه للمقرض على القول بتوقّف الملك على التصرّف ، وللمقترض على القول بحصوله بالقبض ، وإن وجب دفع العين مع بقائها وطلب المالك إيّاها.

قوله : بأن يحيل كلّ منهما.

أي : من الشريكين المقرضين. والمراد بصاحبه : أحد المقترضين. والضمير في قوله :

__________________

(١) القاموس : ٣ / ٢٧ ، ربع.

٦١١

« بحصته » راجع إلى المحيل. وصاحبه الثاني منصوب على المفعوليّة ، وهو مفعول ثان لقوله : « يحيل » أو مفعول لقوله : « اعطاءها ». وعلى التقديرين لا بدّ من تقدير صاحبه أيضا والمراد به : الشريك الآخر المقرض أيضا. والضمير فيه يحتمل أن يكون راجعا إلى المحيل ، وإلى صاحبه الأوّل.

ولتوضيح المعنى يفرض أن زيدا وعمرا أقرضا مائة دينار بكرا وخالدا بالسوية ، فيريدان القسمة ، فالمعنى على جعل صاحبه الثاني مفعولا ثانيا وإرجاع الضمير في صاحبه الثاني إلى صاحبه الأوّل : فيحيل زيد بكرا الذي هو صاحبه باعتبار تعلّق حوالته عليه بخمسين دينارا التي يريد أن يعطيها لعمرو ، عمرا الذي هو صاحب بكر باعتبار اختصاصه به بعد الحوالة ، فيقبل عمرو الذي هو المحال.

وعلى إرجاع الضمير إلى المحيل : فيحيل زيد بكرا الذي هو صاحبه بخمسين دينارا عمرا الذي هو صاحب زيد باعتبار اشتراكهما في الإقراض.

وعلى جعل صاحبه الثاني مفعول الإعطاء يكون المحتال محذوفا ، ويكون المعنى :فيحيل عمرو بكرا بخمسين دينارا الّتي يريد أن يعطيها زيدا والمحتال أيضا زيد ، ولكنّه محذوف مقدّر.

ويمكن أن يراد بصاحبه الأوّل الشريك الآخر وبصاحبه الثاني أحد المقترضين أيضا.

ثمّ على التقادير يمكن أن يكون فاعل الاعطاء المحيل وأن يكون صاحبه الأوّل والأخير اظهر.

ثمّ فائدة التقييد بقوله : « التي يريد اعطاءها » تظهر فيما لو لم يتساو الشريكان في المال كما فرض في المثال المذكور أن ستّين من المائة مال زيد وأربعين مال عمرو ، فإنّ زيدا لا يحيل جميع حصّته التي هي ستّون عمرا ، بل بحصته التي اعطاها عمرا ، وهي أربعون.

قوله : بناء على صحّة الحوالة من البري‌ء.

المراد بالبري‌ء : أحد الشريكين المقرضين ، وهو زيد في المثال المتقدّم ، فإنّه بري‌ء من حق لعمرو.

٦١٢

وقد جعل بعضهم المراد بالبري‌ء : المديون المحال عليه عند كون الدين مؤجّلا وتكون لفظة « من » حينئذ بمعنى « على » كما قالوا في قوله تعالى : ( وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ ) (١).

ولا يخفى ما فيه من التخصيص الذي لا يستفاد من الكلام أصلا ، وكأنّه لأجل ما رأى من الاختلاف الواقع في أنّ الحوالة على البري‌ء هل هي صحيحة أم لا؟ وتوهّم عدم الخلاف في صحّة الحوالة من البري‌ء ، مع أنّهم تكلّموا فيه أيضا ، فمنهم من أرجعه إلى الوكالة.

ويدلّ على أنّ المراد ما ذكرنا ما ذكره المحقّق الشيخ علي في شرح القواعد حيث بنى الحوالة الاولى خاصّة على صحة الحوالة من البري‌ء. فإنّه على ما قلنا يكون المحيل الأوّل بريئا عن حقّ المحتال ، ولكن بعد الحوالة يصير المحتال مشغول الذمّة بحقّ المحيل ، فيصح حوالته الثانية ، بخلاف ما لو اريد من البري‌ء أحد المديونين باعتبار التأجيل ، فإنّ المديون الآخر حينئذ بري‌ء أيضا ، فلا يختصّ البناء بالحوالة الاولى.

قوله : وكذا لو اصطلحا إلى آخره

أي : اصطلح الشريكان المقرضان على ما في ذمم المقترضين ببعض ، كأن يصلح زيد مع عمرو ماله في ذمّة بكر بما لعمرو في ذمّة خالد في المثال المتقدّم.

قوله : من المديون.

متعلّق بقوله : « بيعه ». وفيه ردّ على ابن إدريس كما يأتي.

قوله : ولا يمنع.

أي : في صورة كونه مؤجّلا.

قوله : بمقتضى تعلّق « الباء » به.

« الباء » في قوله : « بمقتضى » للسببية. والضمير المجرور راجع إلى العوض أو الدين. وقوله : « بمقتضى » متعلّق بقوله : « ما كان عوضا » إلى آخره وسبب له. والمراد : أنّ الدين الممنوع من كونه عوضا ما كان عوضا مع كونه دينا ؛ لأنّه مقتضى تعلّق « الباء » بالعوض أو العين.

__________________

(١) الأنبياء : ٧٧.

٦١٣

فإنّ معنى النهي عن بيع الدين بالدين أو الكالي بالكالي : أن يكون مدخول الباء الذي هو العوض دينا وكالئا حين العقد أي : يصير الدين والكالي عوضا حال اتّصافه بكونه دينا أو كالئا مثل أن يكون لأحد دين مؤجّل على غيره ، فباعه بعوض دين مؤجّل للمشتري على غيره أيضا.

وأمّا فيما نحن فيه فيباع الدين بشي‌ء مضمون على البائع مشروط تأجيله في ضمن هذا العقد ، فصيرورته دينا إنّما هي بعد العقد ، ولا يكون دينا قبله ، ولا حاله ، فلا يكون مدخول « الباء » العوضية دينا حال صيرورته عوضا.

قوله : فيقصد أنّ الثمن بقي في ذمّته دينا.

يعني : يقصد من هذا القول أنه بقي دينا بعد البيع ، لا أنه كان دينا حال البيع فمعنى قولهم : باعه ماله بالدين أنه باعه بما بقي دينا ، لا بما كان دينا.

قوله : على رواية محمّد بن الفضيل إلى آخره

الرواية رواها محمّد بن أحمد عن محمّد بن عيسى عن محمد بن الفضيل قال : قلت للرضا عليه‌السلام رجل اشترى دينا على رجل ، ثمّ ذهب إلى صاحب الدين فقال له : ادفع إليّ ما لفلان عليك ، فقد اشتريته منه. فكيف يكون القضاء في ذلك؟ قال : « يدفع إليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين ، ويبرأ الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه » (١).

والرواية الاخرى رواها أبو حمزة الثمالي عن الباقر ( عليه‌السلام ) قال : سألته عن رجل كان له على رجل دين فجاءه رجل فاشترى منه بعرض ، ثمّ انطلق إلى الذي عليه الدين ، فقال له : أعطني ما لفلان عليك ، فإني قد اشتريته منه ، كيف يكون القضاء في ذلك؟ فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : « يرد عليه الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشتراه به من الرجل الذي له الدين » (٢).

ووجه دلالته الثانية : أن الضمير في قوله : « اشتراه » راجع إلى الدين. والضمير المجرور في « به » راجع إلى ماله ، فيكون المعنى : يرد ماله الذي اشترى الدين بهذا المال ، فاللازم دفع ما دفعه المشتري.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١٨ / ٣٤٨ ، والتهذيب : ٦ / ١٩١ ، وملاذ الاخيار : ٩ / ٥٠٦.

(٢) وسائل الشيعة : ١٨ / ٣٤٧.

٦١٤

ووجه أصرحيّة الاولى : أنه يمكن في الثانية أن يرجع الضمير المنصوب إلى ماله والمجرور إلى العرض الذي ذكره بقوله : « اشترى منه بعرض » فيكون المعنى : يرد المديون على المشتري ماله الذي اشتراه ـ أي : هذا المال ـ بالعرض وماله الذي اشتراه هو ما في ذمّة المديون ، فيجب دفعه.

قوله : وعمل بمضمونها الشيخ.

تكون « الواو » عاطفة ، والجملة معطوفة على الجملة التعليلية الاولى ، ويكون هذا أيضا علّة للاقتصار أي : لأنّ الاولى أصرح ولأنّ الشيخ وجماعة عمل بمضمونها.

فإن قلت : مع تفاوت المضمونين يكون العمل بمضمونهما معا.

قلت : لعلّ المراد بالعمل بمضمونها : الاستدلال بها بخصوصها.

ويمكن ان تكون « الواو » استينافية ، ويكون المقصود نقل الأقوال وإفراد الضمير لكون الاولى خاصّة مذكورة في كلام المصنّف ، ولكونها أصرح.

قوله : وحمل على الضمان.

أي : حمل المستند على الضمان أي : اريد من الشراء الواقع فيه الضمان. أو حمل الشراء فيه على الضمان ، فالمشتري هو الضامن بإذن من عليه الحق. فمعنى اشتريته منه في الرواية : أني دفعت ما في ذمّتك أقل من الدين ، ولما ليس للضامن أن يأخذ من المضمون عنه زيادة عمّا دفع ، فيكون له حينئذ قيمة ما دفع ويبرأ المديون من جميع ماله.

وقوله : « لشبهه » تعليل لصحة الحمل المجازي يعني : أنّ الضمان مشابه للبيع في المعاوضة حيث إنّ المضمون له عوّض ما في ذمّة المديون بما أدّاه الضامن.

قوله : فيكون الدفع مأذونا فيه للبائع.

اورد على هذا الحمل : بأنّه لا يناسبه الرواية ؛ لأنّ مقتضى هذا الحمل أنّ ما زاد عن المدفوع لمالكه ، والرواية صريحة في براءة من عليه المال من جميع ما بقي عليه.

أقول :

يمكن التوجيه بأن يقال : إن مقتضى الحمل كون ما زاد للمالك لو لا ابراؤه ومعنى قوله :« ويبقى الباقي لمالكه » : أنه مال له ، فإن شاء أبرأ ، وإن شاء أخذ. ومبنى الرواية على أن

٦١٥

أخذ المالك من الضامن أقلّ من الدين قرينة على أنه أبرأ المديون من الزائد ، أو هي محمولة على ذلك.

قوله : لو وقع صلحا.

أي : صالح المقرض ما في ذمّة المديون من غيره اغتفر وجوب مراعاة شروط الصرف ، فلا تجب ، لاختصاصه بالبيع. وهذا بناء على أنّ الصلح ليس فرعا للبيع وأنّ الربا جار في جميع المعاوضات.

قوله : لبقاء ذمّته.

أي : حياته المستلزمة لتحقّق ذمّته في الخارج ، بخلاف الميّت ؛ فإنّه لا ذمة له.

فإن قيل :

بقاء الذمّة لا يوجب أثرا لجريان ما ذكر للفرق في المفلس أيضا بأن يقال : إن منع الغرماء من التصرّف إلى أن يحل يتضررون ، وإن لم يمنعوا يتضرّر صاحب الدين المؤجّل.

قلنا :

إنّ الميّت لما لم يكن له ذمّة لا يتعلّق حقّ صاحب الدين بذمّته ، ولا بذمّة الوارث ؛ لعدم اشتغالها ، ولا يمكن عدم تعلّق حقّه بشي‌ء ، فيتعلّق بالمال ، فله حقّ فيه ، فيكون في المال حقّان : حقّ الورثة وحقّ صاحب الدين ، فمنع واحد منهما موجب لتضرر الآخر مع تعلّق حقّ كلّ منهما به ، بخلاف المفلس ؛ فإنّ بقاء ذمّته يمنع من تعلّق حقّ صاحب الدين المؤجّل بالمال ، فلا يكون له حقّ فيه ، فلا يؤثّر تضرّره وعدم تضرّره.

ومن هذا ظهر أنّ مراد الشارح تضرر الورثة أو صاحب الدين مع تعلّق حقّهما معا به. وأشار إلى هذا القيد الأخير بقوله : « لبقاء ذمّته » واندفع ما يتوهّم من عدم مناسبة قوله :« لبقاء ذمّته » تعليلا لمخالفة المفلس مع الميّت ، فيما ذكره فرقا من تضرّر الوارث أو صاحب الدين.

قوله : وإن ظهرت.

كأن يأخذ نفقته من رأس ماله ، لا من حرفة ونحوها ، وذكره للاشارة إلى خلاف الشافعي فيه ؛ فإنّه أوجب الحجر بظهور أمارات الفلس إذا اجتمعت سائر الشرائط.

٦١٦

قوله : وعمّ.

أي : عمّ الحجر حينئذ للملتمسين وغيرهم من الغرماء فيقسم المال بين الجميع ، ولا يختص بالملتمسين خاصة.

قوله : في الوسط.

إفراد الوسط بالذكر لبيان أنّ الأول [ والاخير ] غير مقيّدين بخلاف الوسط. فالمعنى : أنّ الأوّلين ( كذا ) يعتبران فيهما ما يليق بحاله مطلقا ، وفي الوسط ما يليق إذا كان شريفا محتاجا إلى الخادم أو عاجزا ، لا مطلقا.

قوله : عن ذلك.

أي : ما يليق بحاله.

قوله : تلف.

قيد لقوله : « يلزم ذمّته » وقوله : « يتبع » عطف على « يلزم » بحذف حرف العطف. وتقييد لزوم ذمته بالتلف ؛ لأنّه لو لم يتلف كان مال مالكه كما يصرح به الشارح.

٦١٧
٦١٨

كتاب الرهن

قوله : لا بمجرد الكتابة.

فيه ردّ على العلّامة حيث إن الظاهر منه في القواعد الاكتفاء بمجرّد الكتابة.

قوله : للغرر

أي : لزوم الغرر على المالك ؛ لاحتمال أن يرهنه على أضعاف قيمته أو على جنس أو موصوف بوصف متعذر أداؤه ، أو إلى مدّة تزيد على عمره الطبيعى ، إلى غير ذلك ، ولا غرر أعظم من ذلك.

قوله : بمثله.

متعلّق بقوله : « يضمن » أي : يضمن بمثله.

قوله : كما يصح.

متعلّق بقوله : « ويصحّ رهن الأرض » أي : يصحّ رهنها كما يصحّ بيعها.

قوله : بحيث لا يتعذّر.

بيان لقوله : « محصورا » يعني : يكون محصورا بهذه المثابة أي : لا يتعذّر قبضه عادة ، ويمكن العلم به ، وإلّا فمطلق المحصورية غير كاف ، بل هو حاصل مطلقا. ففائدة القيد بيان قدر المحصورية والمراد منها.

وأيضا بيان على أنّ المراد بالمحصور ليس المحصور عددا ، بل المراد : كونه محاطا عليه في مكان محدود بالنحو المذكور ؛ لأنّه الموجب لعدم تعذّر القبض دون الحصر العددي ؛ لإمكان كونه محصورا بالعدد ويكون في غدير عظيم لا يمكن قبضه. ويمكن أن يكون قوله : « بحيث » بيانا لقوله : « محصورا » و « مشاهدا » باللف والنشر المرتّب بأن يكون « لا يتعذّر قبضه » بيانا لقوله : « محصورا » وفائدته ما ذكر.

٦١٩

وقوله : « ويمكن العلم به » بيانا لكونه مشاهدا وفائدته التنبيه على أنّ المراد بالمشاهدة إمكان العلم به وجودا وقدرا لا العلم به بالفعل.

قوله : أو العبد.

عطف على « المصحف ».

قوله : لاقتضائه الاستيلاء.

أي : اقتضاء رهن المصحف والعبد. وفاعل الاستيلاء الكافر. والضمير في « عليهما » راجع إلى المصحف والعبد. وقوله : « السبيل » عطف على « الاستيلاء ». وقوله : « على بعض الوجوه » متعلّق بكلّ من الاستيلاء والسبيل حيث إنّه لا يستولي عليهما ولا يحصل له السبيل إليهما من جميع الوجوه ، لعدم جواز اتلافهما له ، ولا ....

والمراد بنحو البيع : المصالحة عليهما وإجارتهما حتى يستوفي دينه.

قوله : للمسلم.

متعلّق بقوله : « لم يشترط » لا « بيعه ».

قوله : لأنّه.

تعليل لجواز الرهن المستفاد من قوله : « إلّا أن يوضعا ».

قوله : ويصحّ الرهن في زمن الخيار إلى آخره

اعلم أنّ الكلام في الرهن في المعاملة الخيارية يحتمل وجوها ؛ لأنّ المراد إمّا رهن ما فيه الخيار من المبيع ، أو رهن شي‌ء آخر على ثمنه. وعلى الأوّل إمّا يكون الرهن البائع أو المشتري. وعلى تقدير كون الراهن المشتري : إمّا يرهنه عند البائع لأجل ثمنه أو عند غيره لدين له عليه ، فهذه صور أربع : رهن البائع للمبيع مع الخيار ، ورهن المشتري له عند غير البائع ، ورهنه له عنده لثمنه ، ورهن شي‌ء آخر عند البائع على الثمن.

أما الأوّل فليس المراد قطعا ، ولا يحتمله العبارة ، وحكمه واضح ؛ لأنّ الخيار إن لم يكن للبائع لا يجوز له رهن المبيع ، وإن كان له جاز ، فيكون فسخا. فيبقى الاحتمالات الثلاثة الاخر. وظاهر عبارة المصنّف هو الثاني والثالث.

أي : رهن المشتري المبيع سواء كان عند غير البائع أو عنده. وظهوره من وجوه ثلاثة.

٦٢٠