الحاشية على الروضة البهيّة

الشيخ أحمد بن محمّد مهدي النراقي

الحاشية على الروضة البهيّة

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد مهدي النراقي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-632-3
الصفحات: ٨٤٨

قوله : ومن عزل إحداهما.

إحدى الزكاتين البدنيّة أو المالية.

وقوله : بأن عيّنها.

بيان لكيفيّة العزل ، وقوله : « بالنية » متعلّق بقوله : « عيّنها ». والتعيين في مال خاص بالنيّة يشمل ما لو أفرز قدرها عن ماله ، وما لم يفرزه ، بل نوى كون قدرها زكاة كأن عيّن الصاع في الصاعين ، بل الظاهر منه هو الأخير ، واحتمل بعضهم الافراز.

وقوله : « لعذر » متعلّق بقوله : « عزل » أو بتفسيره أي : « عيّنها » إلى آخره.

قوله : ضمن مطلقا.

أي : فرط أو لم يفرط ، لأنّه مفرط بالتأخير.

قوله : معه.

أي : مع عدم العذر. وذلك إشارة إلى خلاف في بحث الزكاة المالية من أنّ مع وجود المستحق وعدم العذر هل يجوز العزل أم لا.

قوله : وتظهر فائدة العزل.

أي : تظهر الفائدة حين عدم العذر والقول بجوازه ، مع أنّه لا فرق حينئذ بينه وبين غير المعزول في الضمان مع التلف مطلقا في انحصار الزكاة في المعزول وعدم انتشارها وشيوعها بين أمواله ، ولازم الانحصار أمران : أحدهما عدم جواز تصرّف المالك فيه لنفسه. وثانيهما : كون نمائه المتّصل كالشاة التي سمنت أو المنفصل كلبن الشاة وولدها تابعا له في كونه لمن يستحقّ الزكاة دون المالك.

وقوله : « وضمانه » أي : وضمان النماء « كما ذكر » في الأصل أي : ضامن له سواء فرط أو لم يفرط. ويحتمل أن يكون الضمير في ضمانه راجعا إلى المعزول ، وتكون « الواو » حالية أي : لزم من العزل ما ذكر ، والحال أنّ ضمانها باق كما ذكر.

ويحتمل أيضا أن يكون المراد إظهار فائدة العزل مطلقا لعذر ولا لعذر من غير تخصيص بالأخير ، ويكون قوله : « وضمانه كما ذكر » إشارة إلى التفصيل المذكور من الضمان إن كان لا لعذر ، وعدمه إن كان لعذر.

٣٢١

قوله : ولا فرق بين صاع.

وربما يوجد الفرق بينهما في بعض القيود ، فجوّز التوزيع في الثاني ، دون الأوّل.

قوله : بحسبه.

الضمير راجع إلى الموجود. أي : بحسب ما يفي به الموجود.

قوله : ولا تجب التسوية.

أي : التسوية بين المستحقّين حين البسط حينئذ وإن استحب مع عدم المرجّح من فقه ، أو عقل ، أو ورع ، أو هجرة ، أو قرابة ، أو نحوها ؛ لما في الترجيح من كسر قلب المفضول ، وأمّا مع الترجيح فيستحبّ التفضّل.

قوله : بعده.

أي : بعد ذي القرابة.

قوله : بالعلم والزهد وغيرهما.

متعلّق بالفضل أي : أهل الفضل بسبب العلم ، أو الفضل بسبب الزهد ، أو بغيرهما كالعقل أو الورع وغيرهما.

وقوله : « ترجيحهم » عطف على « التخصيص » أي : كما أنّ الجماعة المذكورين من ذي القرابة ، والجار ، وأهل العلم والزهد يرجّحون على غيرهم بتخصيصهم بها إذا لم يف بهم وبغيرهم يستحبّ إن عمّم أحد هؤلاء وغيرهم إن وفى الحاضر منها بالتعميم ترجيحهم على غيرهم في سائر مراتب الإعطاء من الزيادة كمّا أو كيفا ، وتخصيصهم بما يليق بهم. أو المراد : أنّه يستحبّ ترجيحهم في سائر مراتب الرجحان أي : كما أنّه يرجّح القريب على غيره ، والجار على غيره ، وكذا العالم والزاهد ونحوهما كذلك يرجّح الأقرب من القرابات على البعيد منهم ، وهكذا في البواقي.

قوله : ارتجعت عينا أو بدلا.

تمييز للضمير المرفوع في « ارتجعت ». والارتجاع عينا إذا كانت العين باقية ، وبدلا إن لم تكن باقية.

٣٢٢

قوله : ان اجتهد الدافع.

لم يقل : المالك ليشمله والإمام ، والساعي ، والوكيل ، ونائب الإمام.

قوله : بخلافه.

أي : كان المستحق بخلاف ما أظهره من الاستحقاق.

قوله : عبده.

أي : عبد المزكّي ، لا عبد الدافع ، بقرينة قوله : « لأنّه لم يخرج عن ملك المالك ». وقوله :« مطلقا » أي : اجتهد أم لا.

قوله : لأنّه لم يخرج عن ملك المالك.

لأنّ العبد وما في يده لمولاه ، ولا يتفاوت في ذلك بقاء العين وعدمه ؛ لأنّ مع عدم البقاء وإن كان العين تالفة غير مملوك للمالك حينئذ ، ولكنّها ما دامت باقية لم تخرج عن ملكه ، فالتالف يكون من ماله.

قوله : وفي الاستثناء نظر.

أي : الاستثناء المذكور بقوله : « إلّا أن يكون عبده ». وقوله : « في نفس الأمر » متعلّق بالعلّة ، لا بقوله : « مشتركة » أي : النفس الأمرية مشتركة كما أنّ النص الذي هو العلّة الظاهرية مطلق.

قوله : فإنّ القابض مع عدم استحقاقه إلى آخره

هذا تعليل لاشتراك العلّة ، وتوضيحه : أنّ علة عدم الإجزاء إمّا أنّ القابض إذا كان عبدا لا يصير مالكا فيكون باقيا على ملك المالك ، فهو كذلك في غير العبد أيضا ؛ لأنّ القابض مع عدم استحقاقه لا يملك مطلقا ، عبدا كان ، أو غيره ، وإن برأ الدافع إذا دفعها على الوجه السائغ شرعا ، بل يبقى المال مضمونا عليه أي : على الآخذ باقيا على [ ملك ] المالك أو العلّة للإجزاء تعذّر الارتجاع مع كون دفعها على الوجه المشروع ، وذلك أيضا مشترك بين العبد وغيره.

قوله : والنص مطلق.

النص حسنة عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام وفيها قال : قلت : « فإنّه لم يعلم أهلها

٣٢٣

[ فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل ] وقد كان طلب واجتهد ، ثمّ علم بعد ذلك سوء ما صنع. قال : ليس عليه أن يؤدّيها مرّة اخرى ». (١)

ورواية زرارة عنه عليه‌السلام : « إن اجتهد فقد برأ ، وإن قصر في الاجتهاد والطلب فلا ». (٢)

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٢١٤.

(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٢١٤.

٣٢٤

كتاب الخمس

قوله : الغنيمة ، وهي إلى آخره

الغنيمة ـ كما ذكره الشيخ في المبسوط ـ المنفعة من الغنم ، وهو ما يستفيده الانسان بجميع وجوه الاستفادة.

والمراد بها : الفائدة المكتسبة ، سواء اكتسب برأس مال كأرباح التجارات والزراعات ، أو لا به كالاتّهاب والأخذ من أموال الكفّار.

وأمّا التعريف الذي ذكره الشارح ، فإنّما هو مراد المصنّف هاهنا.

قوله : إذا حواها.

أي : حوى مالهم. وتأنيث الضمير باعتبار أنّ المراد من مالهم : أموالهم ، فاكتفى بجمع المضاف إليه عن جمع المضاف.

قوله : فداء.

أي : ما يفدى به اسراء المشركين. والمراد بما صولحوا عليه : ما صولحوا من حيث إنّهم مشركون ، ومن جهة شركهم لا مطلقا.

قوله : وما أخرجناه إلى آخره

مقصوده من هذا الكلام بيان أنّ استثناءه المتقدّم من الغنيمة بقوله : « بغير سرقة ولا غيلة » ليس لعدم وجوب الخمس فيما استثناه ، بل لعدم دخوله في اسم الغنيمة وعدم وجوب الخمس فيه لذلك ، بل لكونه من المكاسب.

ولفظة « من » في قوله : « من الغنيمة » بيانية للموصول ، وليست متعلّقة بقوله :« أخرجناه » وقوله : « بغير إذن الإمام » متعلّق بالغنيمة أي : الغنيمة التي اغتنمت بغير إذن

٣٢٥

الإمام ، والسرقة والغيلة بمعنى : المسروقة والمغتال فيه معطوفان إمّا على مجرور « الباء » أي : الغنيمة المأخوذة بهما ، أو على الغنيمة.

قوله : لأنّ الأوّل.

أي : لأنّ الغنيمة بالمعنى المشهور ، ما يعمّ المجاهدين أو المؤمنين ممّا يؤخذ من الكفّار أو البغاة قهرا ، والأوّل من الأشياء المخرجة أي : ما غنم بغير إذن الإمام للإمام خاصّة ، والثاني ـ أي : السرقة والغيلة ـ لآخذه خاصّة ، وإن وجب فيهما الخمس.

قوله : بقول مطلق.

أي : من غير تقييد بالمعنى المشهور.

قوله : فيصحّ إخراجه منها.

الضمير في « إخراجه » راجع إلى الموصول في قوله : « ما أخرجناه » والتفريع يحتمل أن يكون على عدم الدخول في اسم الغنيمة بالمعنى المشهور ، وأن يكون على الدخول بالمعنى الأعم. فالأوّل على تقدير أن يكون الإخراج بمعنى : عدم الإدخال في مفهوم الاسم. والثاني على تقدير كونه بمعنى الاستثناء وإن كان بعيدا عن قوله : « بغير سرقة » ، كما لا يخفى.

قوله : الجعائل على الأقوى.

أي : ما يشترط لمجاهد أو معاون جعالة ، كأن يشترط سلب قتيل لقاتله ؛ فإنّه لا خمس فيه ، بل يخرج أوّلا ، ثمّ يخمس المال.

قوله : والمعدن.

هو مكان جواهر الأرض ، ممّا يذكره الشارح ونحوه ، من عدن بالمكان أقام به وعدنت البلد توطّنته ، وجنّة عدن أي إقامة. وسمّي المعدن « معدنا » ؛ لأنّ الناس يقيمون فيه بالصيف والشتاء كذا قال الجوهري ، وقال الأزهري : لعدون ما أنبته الله من الجواهر فيه ، والمراد به هنا : هو المعنى [ الثاني ] وعليه تفسير الشارح.

قوله : ممّا كانت أصله.

أي : كانت الأرض أصله. وهذا القيد لإخراج النباتات ؛ فإنّ أصلها بذورها ، أو أصلها

٣٢٦

العناصر الأربعة جميعا دون الأرض فقط ، بخلاف المعدن ؛ فإنّ أصله ليس سوى الأرض ، ولو خالطه غيرها فقليل جدّا.

قوله : كالملح.

المتكوّن من الأرض أو الحجر لا مطلقا ولو من الماء.

قوله : ليس عليها سكّة.

الوصف للذهب والفضّة معا. وفيه استغناء بوصف أحدهما عن وصف الآخر. والتقييد بهذا القيد ؛ لأنّه إن كانت فيها سكّة الإسلام يكون لقطة شرعا ، لا غوصا ، وإن صدق عليه الغوص. ويظهر من بعض الروايات كونها غوصا وإن كانت عليه سكّة الإسلام.

قوله : والعنبر.

قال الشيخ الرئيس في القانون : « إنّه فيما نظن نبع من عين في البحر ، والذي يقال : إنّه زبد البحر أو روث الدابّة بعيد ». انتهى.

وقيل : إنّه نبات بحري كالكمأة. وقيل : إنّه نوع من الصمغ يكون في بعض الجزائر ويلقيه الريح في البحر. وقيل إنّه طل يقع على بعض الأشجار.

قوله : والمفهوم منه.

أي : من الغوص. وإطلاق الإخراج من داخل الماء يعمّ ما لو أخرجه منه بآلة لا بغوص المخرج ، وصرّح في المسالك بكونه في حكم الغوص ، ويظهر من بعضهم اشتراط الإخراج بغوص المخرج في الماء.

قوله : وحيث لا يلحق به يكون من المكاسب.

لفظة « حيث » إمّا زمانية أي : إذا كان لا يلحق المأخوذ من الساحل أو من وجه الماء به أي : بالغوص ، أو مكانية أي : في كلّ موضع لا يلحق به المأخوذ ـ وهو ما ذكر من الموضعين ـ يكون من المكاسب.

ومنهم من ألحق مثل الذهب والفضّة بالمعادن ، ومثل العنبر واللؤلؤ والمرجان بالمكاسب. ويمكن أن يكون مراد الشارح من المكاسب : المعنى الشامل للمعادن أيضا ، لا العلم بها ( كذا ).

٣٢٧

قوله : وتظهر الفائدة في الشرائط.

أي : فائدة كونها حينئذ من المكاسب أو الغوص مع وجوب الخمس فيها على التقديرين في الشرائط الآتية ؛ فإنّه قد تختلف شرائط وجوب الخمس في الغوص معها في المكاسب.

قوله : والتفصيل.

المراد بالتفصيل : أن يقال : إن أخرج من داخل الماء فغوص ، وإن أخذ من وجه الماء ومن الساحل فمن المكاسب.

قوله : أرباح المكاسب.

أي : زياداتها. قال الراغب : « الربح : الزيادة الحاصلة في المبايعة ، ثمّ تجوز به في كل ما يعود من ثمرة عمل ».

والمكاسب يحتمل أن يحمل على المعنى المصدري ، وعلى معنى اسم المفعول ، وعلى الثاني يكون كلّ ما ذكر من التجارة وأخواتها أيضا كذلك ، وتكون « من » في قوله :« ممّا يكتسب » بيانية ، وما موصولة. وعلى الأوّل تكون « ما » مصدرية. ولفظة « من » في قوله : « من غير الأنواع » على الثاني بيانية ، وعلى الأوّل ابتدائية متعلّقة بالاكتساب.

قوله : قسيمها.

بالكسر صفة للانواع ، أو بالفتح ، حالا عن الضمير في المذكورة أي : المذكورة قسيما لها أي : غير الأنواع المذكورة قسيما للمكاسب كالغنيمة والغوص والمعادن.

قوله : ولو بنماء.

متعلّق بالأرباح ، أو بالمكاسب ، أو مما يكتسب أي : ولو كان حصول أحد المذكورات بنماء في الكم أو الكيف ، وتولّد ولد ، أو ثمر ، أو بذر ، أو لبن ، أو غيرها ، أو ارتفاع قيمة للسوق من غير زيادة في العين كمّا أو كيفا وغيرها كوجدان من يطلبه أزيد من غير ارتفاع القيمة في السوق.

قوله : ولا يتميّز.

« الواو » حالية ، والجملة حال عن الحرام أو من الحلال.

٣٢٨

قوله : بوجه.

لا تفصيلا ولا إجمالا. وهو متعلّق بالتمييز والعلم بالصاحب والقدر جميعا.

قوله : فلو تميّز كان للحرام حكم.

أي : تميّز الحلال والحرام أو المال. ولو كان المستتر هو الحرام يكون إظهاره في قوله :

« للحرام » بعد إضماره للتنصيص على أنّ حكم المال المجهول المالك للحرام خاصّة ، لا لجميع المال سيّما مع احتمال كون المستتر غير الحرام أيضا ، كما ذكرنا.

قوله : حيث لا يعلم.

يحتمل أن يكون متعلّقا بالمال المجهول المالك ، فيكون المراد به حيث لا يعلم بوجه لا بعينه ولا في جملة محصورين ، وأن يكون متعلّقا بكان أي : [ كان ] له حكمه حيث لا يعلم صاحبه ، فيكون الكلام في قوّة : ولو تميّز الحرام وكان الجهل بصاحبه باقيا كان له حكم ذلك.

قوله : ولو علم صاحبه.

أي : لو لم يتميّز ولكن علم صاحبه ، لا بدّ من التخلّص منه أي : من صاحبه أو من الحرام بأيّ وجه أمكن من إبراء أو غيره ولو بصلح.

قوله : ولا خمس.

أي : بعد التخلّص لا يجب الخمس في الباقى ، أو حين العلم بصاحبه لا يجب خمس ؛ بل الواجب التخلص.

قوله : زيادته.

أي : زيادة الحرام على الخمس ، أو زيادة الخمس على الحرام. وكذا يشترط في دفع الخمس أن لا يعلم نقصانه وإنما تركه اكتفاء بذكره أخيرا.

قوله : أو ما يغلب على ظنّه.

عطف على « خمسه » أي : أو دفع إليه ما يغلب على ظنّه امتزاجه مع ماله من الحرام في صورة العلم بالزيادة أو النقصان وعدم العلم بالقدر.

ولا يخفى أنّه على هذا يكون حكم ما إذا لم يغلب على ظنّه قدر الحرام مسكوتا عنه.

٣٢٩

ويمكن أن يكون المعنى : أو يدفع ما غلب على ظنّه براءة ذمّته بدفعه أي : يدفع ما يحصل معه الظن بالتخلص ، وعلى هذا يكون شاملا لجميع صور العلم بالزيادة أو النقصان ، وعدم تعين القدر.

قوله : ولو علم قدره.

أي : خاصة من غير علم بصاحبه.

قوله : جملة لا تفصيلا.

بأن علم أنّه زائد عن القدر الفلاني ـ مثلا ـ أو ناقص عنه من غير تعيين قدر الزيادة أو النقصان.

قوله : ولو ظنّا.

متعلّق بالزائد ، أي : ولو بحسب ظنّه ، أو ولو ظنّ قدر الزائد ظنّا.

لا يقال : كيف جعل التصدّق بالزائد الظنّي الفرد الأخفى مع أنّ في صورة العلم بالزيادة إجمالا يكون التصدّق بالظنّي أجلى الفردين ؛ إذ ليس حينئذ إلّا الزائد الاحتمالي والظنّي ، ولا شكّ أن الأخير أوضح بوجوب التصدّق من الأوّل.

لأنا نقول : إنّه لا شكّ في أنّ في هذه الصورة لا يكفي التصدّق الزائد الاحتمالي ، بل اللازم إمّا تصدّق ما يعلم أنّه لا أزيد منه إن لم يكن هناك قدر يظنّ أنّه لا أزيد منه ، أو تصدّق ما يظنّ أنّه لا أزيد منه إن كان ، وحينئذ فيكون التصدّق بالزائد الظنّي فردا أخفى

قوله : اقتصر.

لا يقال : إنّه ليس هاهنا موضع الاقتصار ، لأنّه إنّما يستعمل في موضع يحتمل الأزيد والأنقص ، ويقتصر على الأنقص ، وهاهنا قد اقتصر بالأزيد ؛ إذ غاية الواجب ما تيقّن به البراءة.

لأنّا نقول : إن إطلاق الأخبار بوجوب الخمس في المال المختلط بالحرام يشمل هذا الموضع أيضا ، فيمكن أن يكون الواجب هنا أيضا الخمس ، فقال : إنّه لا يجب عليه الخمس ، بل يقتصر على الأقل منه ، وهو ما تيقّن منه البراءة عن الحرام.

وقوله : « صدقة » متعلّق بقوله : « اقتصر ».

٣٣٠

قوله : ممّا يجب فيه الخمس خمّسه ، الى آخره

أي : من غير جهة الخلط بالحرام ، بل من جهة التكسب ونحوه خمّسه بعد ذلك أي : بعد ما ذكر لأجل الخلط من إخراج الخمس ، أو الزائد ، أو الناقص. وقوله : « بحسبه » متعلّق بقوله : « خمّسه » أي : خمس الحلال بحسب ما يقتضيه ذلك المال الحلال من غوص أو تكسّب أو معدن أو نحوها ، فيلاحظ شرط ما كان منه في وجوب خمسه.

قوله : ولو تبيّن المالك.

أي : ولو تبين مالك المال الحرام الذي كان مخلوطا مع مال المخمّس وكان صاحبه أوّلا غير معلوم ، وأخرج خمسه ، ففي ضمان المخمس له أي : للخمس أو للمالك إن لم يرض بما فعله من إخراج الخمس أو الصدقة وجهان : الضمان وعدمه ، أجودهما الضمان.

قوله : تحت الأرض قصدا.

هذا القيد لخروج ما استتر في الأرض بسبب الضياع عن صاحبه ، فإنّه يلحق باللقطة.

ويعلم كونه كنزا أو ضائعا بالقرائن الحالية كالوعاء ومثله.

قوله : ولا أثر له.

« الواو » حالية ، والضمير في قوله : « له » راجع إلى الاسلام ، أو أثر الاسلام كاسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو أحد ولاة الاسلام.

قوله : وقت سابق إلى آخره

بأن كان للغير أوّلا ، فانتقل منه إليه ، والغير يشمل مورثه إذا كان له وارث غيره أيضا ، وغيره ، فالكنز ما وجده في ملك نفسه الذي أحياه بنفسه أو أحياه مورثه الذي لا وارث له غيره ، أو وجده في أرض موات لا مالك له.

قوله : بقوله مجرّدا.

أي : عن اليمين والبيّنة والتوصيف اعتبارا بيده السابقة على الأرض.

قوله : وإلّا عرّفه.

أي : وإلّا يعترف به وكان قبله مالك آخر من بائع وغيره من الواهب والمصالح ونحوهما.

٣٣١

قوله : فان اعترف به.

أي : فهو له بمجرّد قوله.

قوله : فمن قبله.

أي : الأقرب فالأقرب ممّن يمكن تعريفه ، وفي حكمهم إذا فقدوا ورثتهم.

قوله : فإن تعدّدت الطبقة.

أي : أفراد الطبقة الواحدة للملّاك لا تعددت نفس الطبقات ؛ لأنّ اللازم حينئذ التعريف من الأقرب فالأقرب ، فالمراد : أن يكون في طبقة واحدة ملّاك متعدّدة وتساووا في البيّنة أو اليمين أو الوصف أو عدمها ، والمراد بالسبب : سبب قبول القول وهو ملكيّة الأرض السابقة. والمراد بالتقسيم بحسب السبب أنّهم إن شاركوا في الملك بالسويّة قسم عليهم كذلك ، وإلّا فبحسب حصصهم ، فلمالك الثلث الثلث ، والنصف النصف ، وهكذا.

قوله : سببا.

كأن يقول : سبب ادّعائي أنّ البائع الذي باع هذا الملك منّي ومن شريكي شرطنا معه أنّه لو كان فيه كنز كان لنا ولم يكن له مدخليّة فيه.

قوله : وإلّا الجميع.

أي : وإن لم يذكر سببا أو ذكر سببا لا يقتضي التشريك سلّم إليه الجميع.

قوله : وحصّة الباقي.

أي : على الأوّل.

قوله : ومثله.

أي : مثل الكنز الموجود في أرض مملوكة في الاحكام المذكورة ، لا في كونه كنزا ، بل إذا اختصّ بالواجد كان من المكاسب.

قوله : في جوف دابّة.

يعنى : أنّه إذا لم يكن في ملك غيره ولو سابقا كان للواجد ، وإن كان فإن اعترف به المالك كان له وإلّا عرف من قبله ، فإن لم يعرف أحد منهم فهو للواجد أيضا ، أو لقطة بالتفصيل المتقدّم.

٣٣٢

قوله : ولو سمكة مملوكة بغير الحيازة.

المراد بغير الحيازة : الاشتراء أو الاتهاب أو نحوهما.

وتوضيح المقام : أنّ الدابّة التي يوجد في جوفها شي‌ء إمّا غير السمكة أو السمكة ، فإن كانت غير السمكة فحكمها ما ذكر مطلقا. وأمّا السمكة ففرق بينها وبين سائر الدواب في أنّها قد تصير مملوكة بالحيازة وقد تكون مملوكة بغير الحيازة :

أمّا الأوّل : فحكمه غير حكم سائر الدواب عند الأكثر ؛ إذ لا حيازة في سائر الدواب ، وحكمه ما ذكره الشارح : « أمّا بها » إلى آخره وحاصله أنّه يكون الموجود في بطنها لواجده مطلقا سواء كان مالكها أو غيره.

وأمّا الثاني أي : ما كانت مملوكة بغير الحيازة من اشتراء أو اتهاب أو نحوهما ، فاختلفوا في أنّه هل حكمها حكم سائر الدواب أو لا؟ ففرّق بعضهم بينها وبين السائر ، وحكم بأنّها أيضا كالمملوك بالحيازة كان الموجود في جوفها للواجد أيضا من غير تعريف ، بخلاف سائر الدواب ؛ فإنّه يجب فيها تعريف المالك السابق ، واستند الفارق بأنّ الحال تشهد في سائر الدواب بابتلاعها ما في تملك البائع أو الواهب أو مثلهما ، وفي السمك بالخلاف.

وقول الشارح : « ولو سمكة مملوكة بغير الحيازة » إشارة إلى الردّ على هذا الفارق أي :يجب على الواجد في جوف السمكة المملوكة بغير الحيازة ما يجب على الواجد في جوف سائر الدواب.

وقوله : « أمّا بها » إشارة إلى بيان الفرق بين السمكة المملوكة بالحيازة وبين سائر الدواب كما عليه الأكثر ، وحاصله أنّ الواجد في جوف السمكة المملوكة بالحيازة لا يعرف مالكها ، بل يحوزه ولو لم يكن مالكا.

ثمّ لا يخفى أنّ بناء الأكثر فيما ذكروا إنّما هو على أنّه لا يتحقّق الحيازة في غير السمكة من الدواب.

ولا يخفى ما فيه ؛ لأنّ سائر الدواب أيضا كما تكون مملوكة في الأصل كالفرس ونحوها قد تكون من الدواب الوحشية التي تملك بالحيازة ، فلا يتوجّه قصد تملّكها إلى

٣٣٣

تملك ما لا يعلمه في بطنها ، بل السمكة أيضا قد تكون مملوكة بالأصل كما لو كانت في ماء محصور مملوك للبائع بحيث يكون منشؤها فيه ، فتكون كالدابّة.

قوله : بالدينار.

« اللام » في الدينار للعهد ، وكذا المثقال أي : المراد بالدينار المذكور : المثقال المعهود أي : من الذهب كما في غير هذا الدينار من الدنانير.

قوله : وفي الاكتفاء بمائتي درهم.

أي : عينا أو قيمة إن خالفت قيمتها قيمة العشرين دينارا.

قوله : صحيح البزنطي عن الرضا عليه‌السلام

هو ما قال : أنّه سألته عمّا يجب فيه الخمس من الكنز. فقال عليه‌السلام : « ما يجب الزكاة منه في مثله ففيه الخمس ». (١)

قوله : منه في مثله.

الضمير في قوله : « منه » راجع إلى « الكنز » ، وفي « مثله » إلى الموصول ، ولفظة « من » بيانية ، وهي يبيّن الموصول أي : ما يجب [ من ] الكنز في مثله الزكاة يجب فيه الخمس.

قوله : وصحيح البزنطى دالّ.

هذا غير ما ذكره أوّلا ، وهو أنّه قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عمّا أخرج من المعدن من قليل أو كثير هل فيه شي‌ء. قال : « ليس فيه شي‌ء حتّى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا ». (٢)

قوله : كما مر.

بقوله : « مع قطعه بالاكتفاء بها في المعدن ».

قوله : مع أنّ الرواية هنا لا تدلّ عليه.

التقييد بقوله : « هنا » ؛ لأنّ صحيح البزنطي في الكنز لعمومه كان يدلّ على أنّ البلوغ بمائتي درهم في حكم عشرين دينارا ، بخلاف هذا الصحيح ؛ فإنّه خاص.

قوله : ولا نصاب له.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٤٩٦.

(٢) وسائل الشيعة : ٩ / ٤٩٥.

٣٣٤

الضمير المجرور راجع إلى « المعدن » وكذا الضمير في قوله : « فيه ».

قوله : استنادا إلى رواية قاصرة.

هي رواية محمّد بن عليّ بن أبى عبد الله عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد ، وعن معادن الذهب والفضّة هل فيها زكاة؟فقال : « إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس ». (١)

وقصورها إنّما هو من حيث السند ، لجهل محمّد بن على.

قوله : بالتشبيه هنا.

وذلك لأنّ معنى قوله : « كالغوص » أنّ أبا الصلاح اعتبر فيه الدينار ، كما هو معتبر في الغوص ، لا أنّه اعتبره فيه ، كما اعتبره في الغوص.

قوله : وآلة الغوص.

أي : تلف الآلة وأرش الآلة إن كانت بحيث نقصت قيمته بسبب الغوص.

قوله : مطلقا.

أي : سواء أخرج أحد الثلاثة دفعة أو دفعات ، فقوله : « ويعتبر النصاب بعدها » لا تعلّق له بما تقدّم ، بل هو من متعلّقات ما بعده الذي يذكره بقوله : « ولا يعتبر » إلى آخره أي : اعتبار النصاب بعد المئونة مطلق من غير اشتراط اتّحاد الإخراج في الثلاثة.

ويمكن أن يكون المراد بقوله : « مطلقا » أي : سواء كانت المئونة ممّا تقدّمت على حصول أحد الثلاثة أو تأخّرت. ويكون قوله : « ويعتبر النصاب » ثابتا إلى قوله : « في ظاهر الأصحاب » [ وقوله « في ظاهر الأصحاب ] مسألة على حدة ، والمراد باتحاد الإخراج : أن يخرج قدر النصاب دفعة واحدة ، والمراد بقصد الإعراض : الإعراض عن الإخراج حينئذ وإن قصد الإخراج بعد ذلك أو الإعراض عن الإخراج مطلقا.

قوله : اتحاد النوع.

أي : في كلّ من هذه الثلاثة حتّى لو اشتمل أحدها على نوعين فصاعدا كالذهب والفضّة ، ولم يبلغ النصاب إلّا المجموع لم يجب الخمس وجهان.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٤٩٣.

٣٣٥

قوله : جماعة.

أي : في أحد الثلاثة.

قوله : مئونته.

أي : مئونة المشترك ، أو النصيب.

قوله : وإن تضمّن بعض الأخبار.

أي : بعض مطلق الأخبار ، لا بعض أخبار هذا الباب ؛ لانحصار ما ورد فيه بالخبر المتضمّن للشراء ، وهو صحيح أبي عبيدة الحذاء قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « أيّما ذمّي اشترى من مسلم أرضا فعليه الخمس ». (١)

قوله : حيث يصح بيعها.

اعلم أن الأراضي المفتوحة عنوة لجميع المسلمين بعد إخراج خمسها واختلفوا في جواز بيعها وعدمه.

فظاهر التهذيب ، والجامع ليحيى بن سعيد ، والدروس جواز بيعها مطلقا. وقيل : يجوز بيعها في مصالح العسكر.

وكذا يجوز من أرباب الخمس إذا أخذوا منها شيئا على هذا الوجه ، فيصحّ لهم بيع ما يأخذونه منها على جهة الخمس.

وقيل : لا يصح بيع غير حصّة أرباب الخمس إلّا بتبعيّة الآثار.

إذا عرفت ذلك فقوله : « حيث يصحّ بيعها » يحتمل أن يكون معناها : إذا قلنا بصحّة بيعها ، ويحتمل أن يكون المراد : في كلّ مكان قلنا بصحّة بيعها كما من أرباب الخمس ، أو في مصالح العسكر على القول به. وأمّا على القول بعدم جواز بيع غير حصّة أرباب الخمس مطلقا ، فيكون غير حصّتهم خارجة عمّا نحن فيه ، فالمراد بالتقييد : بيان أنّ دخول الأراضي المفتوحة عنوة فيما نحن فيه إنّما هو على بعض الأقوال ، أو بعض الصور.

أمّا ما حمله بعضهم بأنّ المراد بقوله : « حيث يصحّ بيعها » كأن يباع بتبعيّة الآثار ؛ ففيه : أن الأرض حينئذ لا تملك بتبعيّة الآثار ، بل يحصل لمالك الآثار الأحقّية بالتصرف فلا يتعلّق بها البيع.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٩ / ٥٠٥.

٣٣٦

والتأويل بإخراج خمس الأولوية بالتصرف أي : استحقاق التصرف في خمس الأرض ومرجعه إلى اجرة بقاء الآثار في خمسها بعيد.

قوله : عملا بالإطلاق.

تعليل لقوله : « وسواء اعدت » إلى آخره أو مع قوله سابقا : « وسواء كانت » إلى آخره. والمراد بالإطلاق إطلاق الأرض في الخبر.

قوله : وعلى ما اخترناه.

أي : على ما اخترناه من تعميم الأرض للبستان والدار ، فطريق معرفة الخمس من الأرض في البستان والدار مع كونهما مشغولين بالبناء والأشجار وعدم وجوب الخمس فيما عدا الأرض ؛ أن تقوّم الأرض مشغولة بما فيها من البناء والأشجار بأجرة من أرباب البناء والأشجار لمالك الأرض.

والحاصل : أنّه لما كان المخرج خمس الأرض ، دون ما يشغلها ، فتجب قيمة الأرض ، ثمّ لما كانت الأرض مشغولة بالبناء أو الأشجار ، وكانت قيمتها تتفاوت بالشغل وعدمه غالبا ، وكذا تتفاوت قيمة أجزاء الأرض بحسب وجود الشاغل فيها وعدمه ، ولم يكن الشاغل من مال مالك خمس الأرض ، فتجب قيمة الأرض حال كونها مشغولة بالبناء.

ثمّ لمّا كانت للارض المشغولة بمال الغير اجرة للمالك وتتفاوت القيمة بضمّ الاجرة وعدمه تجب القيمة مع ملاحظة اجرة للمالك.

وعلى هذا فاللازم تقويم الأرض حالكونها مشغولة بالبناء أو الاشجار بأن يكون لمن يملك الارض ومنه ربّ الخمس اجرة من جهة اشتغال الارض بالبناء او الشجر ثمّ بعد التقويم فيتخيّر الحاكم فيها أيضا كغيرها من الأراضي من أخذ عين الأرض بالقيمة المذكورة ومن اجرتها.

ولا يتوهّم أنّه إذا جاز الأخذ من عين الارض فلا فائدة في تقويم الأرض مشغولة بالبناء ، بل يمكن أخذ خمس الأرض من غير تقويم ؛ وذلك لأنّه لمّا كان مال ربّ الخمس :

هو خمس الأرض المشغولة بالبناء مع الاجرة ، فيتفاوت أجزاء الأرض ، فإنّ المشغول منها قيمته غير الخالي ، والمشغول ببناء عال ضروري قيمته غير المشغول بالبناء الدون.

٣٣٧

فقوله : « مشغولة » حال عن المرفوع في « تقوّم » ، وقوله : « بما فيها » متعلّق بمشغولة ، وقوله : « باجرة » متعلّق بمشغولة أي : مشغولة بالاجرة أي : شغلا مصاحبا أو ملاصقا للاجرة لا مجانا وقد يقال : إنّه متعلّق بتقوّم.

قوله : والارتفاع.

أي : المحصول والانتفاع في كلّ سنة.

قوله : ولا حول هنا.

أي : لا يعتبر حول ، لا وجوبا كما في الزكاة ، ولا جوازا كما في خمس أرباح المكاسب حيث يجوز التأخير فيها حولا ، لتحصيل العلم بما يزيد عن مئونة السنة.

قوله : وجوبها.

أي : وجوب النية على الآخذ عن الآخذ ، لا عن الذمّي أي : عن نفسه لا نيابة عن الذمّي.

قوله : على أنّها فسخ.

أي : الإقالة فسخ عندنا ، فكأنّ البيع لم يقع ، فيسقط الخمس. والضمير في قوله : « حينه » راجع إلى « البيع » يعني : وإن احتمل السقوط بناء على كون الإقالة فسخا لكن لما كان الخمس ثابتا من حين البيع ، فيجب استصحابه ، لعدم العلم بالمزيل ، واحتماله غير كاف. ويحتمل رجوعه إلى الفسخ ، ويكون الفسخ أيضا اسما لقوله : « كان » يعني : لكن لما كان الفسخ من حين الفسخ لا فسخا من الأوّل ـ أي : من حين البيع ـ وكان الخمس ثابتا قبله ، فيجب استصحابه.

قوله : على وجوبه.

أي : وجوب الخمس في هذه الأرض.

قوله : بأنّه.

أي : كلّ واحد من الثلاثة.

قوله : تحت العموم.

أي : تحت عموم الآية والأخبار الدالة على وجوب الخمس في الفوائد والاكتسابات.

٣٣٨

قوله : في السبب.

أي : سبب وجوب الخمس في هذه الثلاثة وهو كونه من المكاسب والشك في السبب يوجب الشك في المسبب.

قوله : لظهور كونها.

أي : لظهور كون الثلاثة غنيمة بالمعنى الأعم من الغنيمة المذكورة أوّلا : « وهي ما يحوزه المسلمون » إلى آخره وإذا كانت من الغنيمة بالمعنى الأعم ، فتلحق بالمكاسب في وجوب الخمس فيها ؛ لأن وجوبه فيها لأجل كونه غنيمة بالمعنى الأعم.

وقوله : « إذ لا يشترط » تعليل لظهور كونها من الغنيمة ، والضمير في قوله : « فيها » راجع إلى الغنيمة ، وفي قوله : « حصوله » إلى المغتنم وكذا في قوله : « منه ».

وقد يجعل التعليل للّحوق بالمكاسب ، والضمير الأوّل راجعا إلى المكاسب والأخيران إلى المكسوب ، وليس كذلك بل المرجع ما ذكرنا.

قوله : المتوقّفة على القبول.

أي : المتوقّف لزومها كالهبة ، أو انتقالها كالهدية.

قوله : فأظهر.

أي : كونها من الغنيمة ، أو لحوقها بالمكاسب فأظهر.

قوله : ومن ثمّ يجب حيث يجب.

أي : لأجل كون القبول فيها اكتسابا ، يجب القبول حيث يجب الاكتساب ، كالاكتساب للنفقة الواجبة وينتفي وجوب القبول حيث ينتفي وجوب الاكتساب.

قوله : ما يرشد إلى الوجوب فيها.

أي : في الثلاثة. وهذه الصحيحة طويلة ، وموضع الارشاد منها قوله عليه‌السلام بعد ذكر الخمس في بعض الأموال ونفيه عن بعضها : « فأمّا الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كلّ عامّ » إلى أن قال : « فالغنائم والفوائد ـ يرحمك الله ـ فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها والجائزة من الانسان للانسان لها خطر والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ، ولا ابن » إلى آخر الحديث.

٣٣٩

فالجائزة تشمل الهدية ، والهبة ، والميراث مذكور بنفسه ، ولكن هذا الخبر مخصوص بالجائزة الخطيرة والميراث الذي لا يحتسب ، فمراده بارشاده إلى الوجوب فيها : الوجوب فيها في الجملة ، أو وجوبه فيها أجمع ولو بضميمة ، وهي عدم القول بالفصل ، وإن ناقش فيه هنا بعض المتأخرين.

قوله : أو لكونه.

عطف على قوله : « تخصيص » أي : ذكره لكونه إلى آخره ، فالأوّل بناء على جعل العنبر أخص مطلقا من الغوص وتخصيصه بالذكر للنصّ عليه بخصوصه. والثاني بناء على جعله أعمّ من وجه منه.

قوله : كما سلف.

أي : لما سلف ، أو على ما سلف من أنّ المفهوم من الغوص الأخذ من تحت الماء. أو هذا الكلام كما سلف من الكلام في تحقيق الغوص. أو فلا يكون غوصا كما تقدّمه ممّا يدخل فيه مفهوم الغوص. ( كذا )

قوله : لعموم الأدلّة.

أي : أدلّة وجوب الخمس في الغنائم من غير تخصيص بغنيمة بالغة حد النصاب.

قوله : على ما أوجب إخراجه لها منه.

أي : إخراج المفيد للأدلّة عن العموم وتخصيصها ببعض الأفراد ، أو إخراجه للغنيمة المذكورة في الأدلّة عن العموم وتخصيصها بغنيمة بلغت حد النصاب ، والمآل واحد. والضمير المنصوب في قوله : « فإنّه » أيضا راجع إلى المفيد. والمنصوب في « ذكرها » إلى « الغنيمة » ، أو الثلاثة : الغنيمة والغوص والعنبر ؛ فإنّ الثلاثة مذكورة في كلامه. والمراد : أنّ المفيد ذكرها في مقام بيان وجوب الخمس فيها مجرّدة عن الحجّة على وجوبه فيها حتّى ينظر أنّها هل توجب إخراج الأدلّة العامّة عن عمومها أم لا؟

قوله : للرواية عن الكاظم عليه‌السلام.

هي رواية محمّد بن على المتقدّمة.

٣٤٠