الكافي في الفقه

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي

الكافي في الفقه

المؤلف:

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي


المحقق: رضا الاستادي
الموضوع : الفقه
الناشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام العامّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٤

فصل في تنفيذ الأحكام

المقصود في الأحكام المتعبد بها تنفيذها ، وصحة التنفيذ يفتقر إلى :

معرفة من يصح حكمه ويمضي تنفيذه ممن لا يصح ذلك منه.

الثاني بيان ما يصح الحكم به وترتبه.

الثالث كيفية إيقاعه.

الفصل الأول من التنفيذ

تنفيذ الأحكام الشرعية والحكم بمقتضى التعبد فيها من فروض الأئمة عليهم‌السلام المختصة بهم دون من عداهم ممن لم يؤهلوه لذلك ، فان تعذر تنفيذها بهم عليهم‌السلام وبالمأهول لها من قبلهم لأحد الأسباب لم يجز لغير شيعتهم تولي ذلك ولا التحاكم اليه ولا التوصل بحكمه إلى الحق ولا تقليده الحكم مع الاختيار ، ولا لمن لم يتكامل له شروط النائب عن الإمام في الحكم من شيعته ، وهي :

العلم بالحق في الحكم المردود اليه ، والتمكن من إمضائه على وجهه ، واجتماع العقل والرأي ، وسعة الحلم ، والبصيرة بالوضع ، وظهور العدالة ، والورع ، والتدين بالحكم ، والقوة على القيام به ووضعه مواضعه.

٤٢١

ومنعنا من صحة الحكم لغير أهل الحق لضلالهم عنه ، وتعذر العلم عليهم بشي‌ء منه لأجله وتدينهم (١) بالباطل وتنفيذه ، وفقد الاذن من ولي الحكم بالحق فيما يحكمون به منه ، وذلك مقتض لاختلال معظم الشروط فيهم ، ولبعض ذلك حرم على من لم يتكامل شروط الحكم فيه من أوليائهم النيابة في تنفيذ الأحكام وتقليده ذلك والتحاكم اليه.

واعتبرنا العلم بالحكم لما بيناه من وقوف صحة الحكم على العلم ، لكون الحاكم مخبرا بالحكم عن الله سبحانه وتعالى ونائبا في إلزامه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقبح الأمرين من دون العلم.

واعتبرنا التمكن من إمضائه على وجهه من حيث كان تقلد الحكم بين الناس مع تعذر تنفيذ الحق يقتضي الحكم بالجور ، وفيه مع كونه كذلك ما في الحكم بغير علم (٢).

واعتبرنا اجتماع العقل والرأي ، لشديد (٣) حاجة الحكم إليهما وتعذره صحيحا من دونهما.

واعتبرنا سعة الحلم ، لتعرضه بالحكم بين الناس للبلوى بسفهائهم فيسعهم بحلمه.

واعتبرنا البصيرة بالوضع ، من حيث كان الجهل بلغة المتحاكمين اليه يسد طريق العلم بالحكم عنه ، ويمنع من وضعه موضعه.

واعتبرنا الورع ، من حيث كان انتفاؤه لا يؤمن معه الحيف في الحكم

__________________

(١) في بعض النسخ وفي السرائر : وأقدامهم بالباطل.

(٢) في بعض النسخ وفي السرائر هكذا : وهو مع كونه كذلك ينافي الحكم لغير علم.

(٣) لشدة.

٤٢٢

لعاجل رجاء أو خوف من غيره سبحانه.

واعتبرنا الزهد (١) ، لان لا تطمح نفسه الى ما لم يؤته سبحانه فيبعثه ذلك الى تناول أموال الناس لقدرته عليها وانبساط يده بالحكم فيها.

واعتبرنا التدين ، من حيث كان تقلد الحكم رئاسة دنيوية ، أو للاستعلاء على النظراء ، أو للمعيشة لا يؤمن معه جوره ولا ينفي (٢) ضرره.

واعتبرنا القوة وصدق العزيمة في تنفيذ الأحكام ، من حيث كان الضعف مانعا من تنفيذ الحكم على موجبه ومقصرا بصاحبه عن القيام بالحق لصعوبته وعظم المشقة في تحمله.

فمتى تكاملت هذه الشروط فقد أذن له في تقلد الحكم وان كان مقلده ظالما متغلبا ، وعليه متى عرض لذلك أن يتولاه ، لكون هذه الولاية أمرا بمعروف ونهيا عن منكر تعين فرضها بالتعريض للولاية عليه ، وان كان في الظاهر من قبل المتغلب ، فهو نائب عن ولي الأمر عليه‌السلام في الحكم ومأهول له لثبوت الاذن منه وآبائهم عليهم‌السلام لمن كان بصفته في ذلك ، ولا يحل له القعود عنه.

وان لم يقلد من هذه حاله النظر بين الناس فهو في الحقيقة مأهول لذلك بإذن ولاة الأمر ، وإخوانه في الدين مأمورون بالتحاكم وحمل حقوق الأموال اليه والتمكين من أنفسهم لحد أو تأديب تعين عليهم ، لا يحل لهم الرغبة عنه ولا الخروج عن حكمه ، وأهل الباطل محجوجون بوجود من هذه صفته مكلفون الرجوع اليه وان جهلوا حقه لتمكنهم من العلم (٣) لكون ذلك

__________________

(١) الزهد لم يعتبر من قبل الا ان يكون هو المقصود من ظهور العدالة.

(٢) ولا يتقى.

(٣) من العلم به. كذا في السرائر.

٤٢٣

حكم الله سبحانه وتعالى الذي تعبد ( يعتد ـ خ ) بقوله وحظر خلافه.

ولا يحل له مع الاختيار وحصول الأمن من معرة (١) أهل الباطل الامتناع من ذلك ، فمن رغب عنه ولم يقبل حكمه من الفريقين فعن دين الله رغب ، ولحكمه سبحانه رد ، ولرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خالف ، ولحكم الجاهلية ابتغى ، والى الطاغوت تحاكم.

وقد تناصرت الروايات عن الصادقين عليهما‌السلام بمعنى ما ذكرناه :

فروى عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : أيما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق فدعاه الى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه فأبى الا أن يرافعه إلى هؤلاء ، كان بمنزلة الذين قال الله عزوجل (٢) ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً ) (٣).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) انه قال : إياكم أن يخاصم بعضكم بعضا الى أهل الجور ولكن انظروا الى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم فاني قد جعلته (٥) قاضيا فتحاكموا اليه (٦).

وروى عن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلين من

__________________

(١) مضرة.

(٢) سورة النساء ، الاية : ٦٠.

(٣) الوسائل ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ، الباب الأول ، الحديث الثاني.

(٤) كذا.

(٥) في بعض النسخ : جعلته عليكم قاضيا.

(٦) الوسائل ، أبواب صفات القاضي ، الباب الأول ، الحديث الخامس ، وفيه « يحاكم » مكان « يخاصم ».

٤٢٤

أصحابنا تكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما الى السلطان والى القاضي أيحل ذلك؟ قال : من تحاكم الى الطاغوت فحكم له فإنما يأخذ سحتا وان كان حقه ثابتا ، لأنه أخذ بحكم الطاغوت وقد أمر الله عزوجل أن يكفر بها قلت : كيف يصنعان؟ قال : أنظروا الى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا فليرتضوا به حكما فاني قد جعلته عليكم حاكما فاذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما بحكم الله استخف وعلينا رد والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله (١).

واعلم أن فرض هذا التحاكم مشترط بوجود عارف من أهل الحق وكون المتنازعين من أهله ، فأما ان فقد العارف وكان الخصم الدافع للحق (٢) جاز التوصل بحكم المنصوب من قبل الظالم الى المستحق ، ولا يحل ذلك بين أهل الحق ، فإن فقد العارف بالحق من اخوانهما في مصرهما فليرحلا اليه أو يصطلحا.

وروى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام لشريح : قد جلست مجلسا لا يجلسه إلا نبي أو وصي نبي أو شقي (٣).

يعنى بالشقي من جلس بغير اذن من الله ورسوله وولي الأمر ، لأن المأذون له في الحكم ، بحكم الله يحكم فيجلس في الحكم مجلسهما (٤).

وروى عن أبي جعفر عليه‌السلام انه قال : الحكم حكمان : حكم الله وحكم

__________________

(١) الوسائل ، أبواب صفات القاضي ، الباب الأول ، الحديث الرابع ، والباب ١١ الحديث الأول ، مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ.

(٢) في السرائر : للحق مخالفا.

(٣) الوسائل ، أبواب صفات القاضي ، الباب الثالث ، الحديث الثاني.

(٤) في السرائر : فمجلسه في الحكم مجلسهما.

٤٢٥

الجاهلية ، وقد قال الله تعالى ( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) وأشهد على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية (١).

وروى عن أبي عبد الله انه قال : الحكم حكمان حكم الله وحكم الجاهلية فمن أخطأ حكم الله فقد حكم بحكم الجاهلية (٢).

وروى عن أبي جعفر عليه‌السلام انه قال : من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرضا وملائكة العذاب فيلحقه وزره ووزر من يعمل بفتياه (٣).

وروى عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله فهو كافر بالله العظيم (٤) وقد قال الله تعالى ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) و ( الظّالِمُونَ ) و ( الْفاسِقُونَ ).

وروى عنه عليه‌السلام انه قال : إذا كان الحاكم يقول لمن عن يمينه وعن يساره ما ترى؟ ما تقول؟ فعلى ذلك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين الا يقوم من مجلسه ويجلسهما مكانه (٥).

مقتضى هذا الحديث ظاهر ، لان الحاكم إذا كان مفتقرا إلى مسألة غيره كان جاهلا بالحكم ، وقد بينا قبح الحكم بغير علم ، وجواب من يسأله لا يقتضي حصول العلم له بالحكم بغير شبهة ، فلهذا حقت عليه اللعنة ، ولأنه عند مخالفينا ان كان من أهل الاجتهاد فهو مستغن عن غيره ولا يحل له تقليده ، وان

__________________

(١) الوسائل ، أبواب صفات القاضي ، الباب الرابع ، الحديث الثامن ، والآية في سورة المائدة : ٥٠.

(٢) الوسائل ، أبواب صفات القاضي ، الباب الرابع ، الحديث السابع.

(٣) الوسائل ، أبواب صفات القاضي ، الباب الرابع ، الحديث الأول مع اختلاف يسير.

(٤) الوسائل ، أبواب صفات القاضي ، الباب الخامس ، الحديث الثاني.

(٥) الوسائل ، أبواب آداب القاضي ، الباب الرابع ، الحديث الأول.

٤٢٦

كان عاميا لم يحل له تقليد الحكم بين الناس ، فقد حقت لعنته (١) بإجماع.

وروى عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : القضاة أربعة ثلاثة في النار وواحد في الجنة : رجل قضى بجور وهو لا يعلم أنه جور فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم انه حق فهو من أهل النار ، ورجل قضى بالجور وهو يعلم انه جور فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو يعلم أنه حق فهو في الجنة (٢).

وهذا صريح بوقوف الحكم على العلم ووجوبه واستحقاق الحاكم به الثواب ، وفساده من دونه واستحقاق الحاكم من دونه النار.

وقد تجاوز التحريم الحكم بالجور والتحاكم الى حكامه الى تحريم مجالسة أهله.

فروى عن محمد بن مسلم الثقفي انه قال : مر بي أبو جعفر عليه‌السلام أو أبو عبد الله عليه‌السلام وأنا جالس عند قاضي المدينة ، فدخلت عليه من الغد فقال لي : ما مجلس رأيتك فيه أمس؟ فقلت : جعلت فداك ان هذا القاضي لي مكرم فربما جلست اليه ، فقال عليه‌السلام لي : وما يؤمنك أن تنزل اللعنة فتعم من في المجلس (٣).

لفظ الحديث ومعناه مطابق لما تقرر الشرع به من وجوب إنكار المنكر وقبح الرضا به ، والحكم بالجور من أعظم المنكرات ، فمجالس الحكام به لغير الإنكار والتقية راض بما يجب إنكاره من الجور واستحقاق اللعنة (٤) معا وإذا كانت هذه حال الجليس فحال الحاكم بالجور ومقلده النظر والتحاكم اليه والأخذ بحكمه أغلظ ، لارتفاع الريب في رضا هؤلاء بالقبيح.

__________________

(١) في السرائر : فلهذا حقت عليه اللعنة.

(٢) الوسائل ، أبواب صفات القاضي ، الباب الرابع ، الحديث السادس.

(٣) الوسائل ، أبواب صفات القاضي ، الباب الأول ، الحديث العاشر.

(٤) كذا في أكثر النسخ وفي السرائر وفي بعض النسخ فاستحقا اللعنة معا وهو الصحيح.

٤٢٧

الفصل الثاني من تنفيذ الأحكام

لا يصح الحكم إيجابا ولا حظرا ولا تمليكا ولا منعا ولا إلزاما ولا إسقاطا ولا امضاء ولا فسخا الا عن علم بما يقتضي ذلك أو إقرار المدعي عليه ، أو ثبوت البينة بالدعوى ، أو يمين المدعى عليه ، أو المدعى ، دون ما عدا ذلك ، ولكل حكم.

فصل في العلم بما يقتضي الحكم

علم الحاكم بما يقتضي تنفيذ الحكم كاف في صحته ومغن عن إقرار وبينة ويمين ، سواء علم ذلك في حال تقلد الحكم أو قبلها ، لسكون نفس الحاكم العالم الى ما علمه في حال حكمه بمقتضاه ، سواء كان علمه حادثا في حال (١) أو باقيا إليها (٢) أو متولدا عن أمثاله الماضية أو حادثا حالا بعد حال في كيفية تعلقه (٣) بالمعلوم على حد واحد وانتفاء الشبهة عنه في صحته ، وعدم السكون لصحة (٤) الدعوى مع الإقرار أو البينة أو اليمين و (٥) انتفاء الثقة بشي‌ء من ذلك ، وانما يعلم الحاكم مع الإقرار أو الشهادة أو اليمين صحة التنفيذ متى علم التعبد دون صدق المدعي مع ذلك أو المدعى عليه مع يمينه ، وهو مع ذلك العلم عالم بالأمرين صدق المدعى في الدعوى وصحة الحكم بها ، ولا

__________________

(١) في بعض النسخ : حادثا في الحال ثابتا أو.

(٢) في السرائر المطبوع : ومتولدا.

(٣) في بعض النسخ : في كيفية التعلق بالمعلوم.

(٤) بصحة.

(٥) في بعض النسخ : أو انتفاء.

٤٢٨

شبهة على متأمل في أن الظن لا حكم له مع إمكان العلم فكيف بثبوته.

وكيف يتوهم عاقل صحة الحكم مع صحة الظن (١) وفساده مع العلم به وهو يفرق بين حالتي العالم والظان.

وأيضا فصحة الحكم بالإقرار أو البينة أو اليمين فرع للعلم بالإقرار وقيام البينة وحصول اليمين وثبوت التعبد ، فلو كان العلم بصحة الدعوى أو الإنكار غير متعبد به لم يصح حكم بإقرار ولا بينة ولا يمين ، لوقوف صحته على العلم الذي لا يعتد بمثله ، لان العلم بالشي‌ء ان اعتد به في موضع فهذا حكمه في كل موضع (٢) وفي هذا خروج عن الحق جملة إذ لا برهان عليه له يميز من الباطل غير العلم (٣).

وأيضا فلو لم يلزم الحاكم الحكم بما علمه من غير توقف على إقرار أو بينة أو يمين ، لاقتضى ذلك الحكم بما يعلم خلافه إذا حصل به إقرار أو بينة أو يمين ، من تسليم ما يجب المنع منه ، والمنع مما يجب تسليمه ، وقتل وقطع من علم عدم استحقاقه لهما ، وإلحاق نسب من يعلم براءته منه الى غير ذلك مما لا شبهة في فساده.

وأيضا فلو لم يكن الحكم بالعلم معتبرا لم يصح للحاكم تنفيذ ما تقدم الإقرار به أو الشهادة لزمان التنفيذ ، لأنه ان حكم في هذه الحال فإنما يحكم لعلمه بماضي الإقرار أو البينة ، فإذا كان الحكم بالعلم لا يصح هاهنا (٤) والمعلوم خلاف ذلك ، إذ لا فرق بين أن يحكم للعلم بالإقرار والبينة وبين العلم بصحة

__________________

(١) في السرائر : مع ظن الصدق.

(٢) في السرائر : وان ألغى حكمه في موضع فهذا حاله في كل موضع.

(٣) في بعض النسخ : عن العلم وهو تصحيف.

(٤) في السرائر : لا يصح لم يصح هاهنا.

٤٢٩

الدعوى أو الإنكار ، بل الثاني أظهر.

وأيضا فلو كان يعتبر في الحكم بالإقرار (١) والبينة واليمين دون العلم لم يجز إبطال ذلك متى علم الحاكم كذب المقر أو الشهود أو الحالف ، والإجماع بخلاف ذلك ، فثبت كون العلم أصلا في الأحكام ، وسقط قول من منع من تنفيذها له (٢).

وليس لأحد أن يمنع من الحكم بالعلم للنهى عنه أو فقد تعبد بمقتضاه ، من (٣) حيث كان ما قدمناه من الأدلة على صحة الحكم به وكونه غير مستند الى علم أصلا فيها وتعذر الحكم فيها من دونه مسقطا لهاتين الدعويين ، وكيف يشتبه فسادهما على عارف بالتكليف الموقوف صحته في الأصول والفروع على العلم وحصول اليقين بفساد (٤) الظن فيهما مع إمكان العلم وبالظن مع تعذر العلم والمظنون غير مستند الى علم.

وكيف يجتمع له اعتقاد ذلك مع علمه بصحة الحكم مع ظن صدق المدعى أو المنكر ونفى الحكم مع العلم بصدق أحدهما لولا جهل الذاهب الى ذلك بمقتضى التكليف وطريق صحة العمل فيه وتعويله على استحسان فاسد ورأى قائل.

وليس (٥) العلم حاصلا لكل سامع للأخبار بإمضاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحكم لخزيمة بن ثابت وسماه لذلك ذا الشهادتين (٦) ، وإمضاء ما حكم به أمير

__________________

(١) في السرائر : في الإقرار : ولعل الصحيح : الإقرار ، بدون الواو وفي.

(٢) في السرائر : به.

(٣) العبارة لا تخلو من سقم فلا تغفل.

(٤) في السرائر : وفساد.

(٥) في بعض النسخ : إذ ليس ، ولعل الصحيح : أو.

(٦) راجع الوسائل ج ١٨ ص ٢٠١.

٤٣٠

المؤمنين عليه‌السلام في قصة الأعرابي والناقة (١) لعلمهما بصدقه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع ما ينضاف الى ذلك من مشهور إنكار أمير المؤمنين على شريح لما طالبه بالبينة على ما ادعاه في درع طلحة : ويلك خالفت السنة بمطالبة إمام المسلمين بينة وهو مؤتمن على أكثر من ذلك (٢) ، فأضاف الحكم بالعلم إلى السنة على رءوس الجميع (٣) من الصحابة والتابعين ، فلم ينكر عليه منكر ، وهذا مع ما تقدم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله برهان واضح على جهل طالب البينة مع العلم وكونه مقدما عليها.

وليس للمخالف فيما نصرناه أن يمنع منه لظنه أن الحكم بالعلم يقتضي تهمة الحاكم به ، لان ذلك رجوع عن مقتضى الأدلة استحسانا ولا شبهة في فساده ، على أن ذلك لو منع من الحكم بالعلم لمنع من الحكم بالشهادة والإقرار الماضين ، إذا كان الحكم في المجلس الثاني بالإقرار الحاصل في المجلس الأول أو البينة مستندا الى العلم وإذا لم تمنع التهمة هاهنا من الحكم بالعلم فكذلك هناك.

وبعد فحسن الظن بالحاكم المتقابل (٤) الشروط يقتضي الرجوع الى (٥) حكمه بالعلم ، ويمنع من تهمته ، بالإقرار (٦) أو البينة ، لولا ذلك لم يستقر له حكم ولم يسمع قوله أقر عندي بكذا أو قامت البينة بكذا أو ثبت عندي كذا أو صح عندي ، الا أن يكون حصول الإقرار والبينة بمحضر من لا يجوز الكذب عليه وهذا يقتضي نقص نظام الأحكام بغير اشكال.

__________________

(١) راجع الوسائل ج ١٨ ص ٢٠٠.

(٢) راجع الوسائل ج ١٨ ص ١٩٤.

(٣) جمع.

(٤) في السرائر : المتكامل للشروط.

(٥) في السرائر : لحكمه.

(٦) كذا في النسخ.

٤٣١

وإذا كان علمه بالمدعى عليه (١) مقرا أو مشهودا عليه أو له أو حالفا أو محلوفا له موجبا عليه الحكم وان لم يعلم ذلك أحد سواه ولا يحل له (٢) الامتناع لخوف التهمة ، فكذلك يجب أن يحكم متى علم صدق المدعى أو المنكر بأحد أسباب العلم من مشاهدة أو تواتر أو نص صادق أو ثبوت عصمة الى غير ذلك من طرق العلم لعدم الفرق ، بل ما توزعنا (٣) فيه أولى.

ان قيل : فلو شاهد الإمام أو الحاكم رجلا يزني أو يلوط أو سمعه يقذف غيره أو يطلق زوجته أو يظاهر منها أو يعتق غلامه أو يبيع غيره شيئا أكان يحكم بعلمه أو يبطل ذلك؟

قيل : ان كان ما علمه الامام عقدا أو إيقاعا شرعيا حكم بعلمه ، وان كان بخلاف ذلك لاختلال بعض الشروط كعلمه بغيره ناطقا بكنايات الطلاق أو صريحه (٤) في الحيض أو بغير شهادة ، أو ظهار بغير لفظه أو بغير إشهاد أو قصد ، أو بيع من غير افتراق الى غير ذلك ، لم يحكم ، لفقد ما معه يصح الحكم من صحة العقد أو الإيقاع ، فأما ما يوجب الحد فان كان العالم بما يوجب الامام فعليه الحكم بعلمه ، لكونه معصوما مأمونا ، فإن كان غيره من الحكام الذين يجوز عليهم الكذب لم يجز له الحكم بمقتضاه ، لأن إقامة الحد أولا ليست من فرضه ، ولأنه بذلك شاهد على غيره بالزنا واللواط وغيرهما وهو واحد ، وشهادة الواحد بذلك قذف يوجب الحد وان كان عالما ، يوضح ذلك أنه إذا علم ثلاثة نفر غيرهم زانيا لم يجز لهم الشهادة عليه ، فالواحد أحرى أن لا يشهد عليه ، وليست هذه حال الامام المعصوم ولا تنفيذ الأحكام بالعلم على من أمل ذلك.

__________________

(١) في السرائر : بكون المدعى عليه.

(٢) كان في الأصل : سواه دلالة الامتناع.

(٣) كذا يقرأ ما في بعض النسخ.

(٤) في بعض النسخ : صريحة.

٤٣٢

فصل في الإقرار

الإقرار مقتض لسقوط حق المقر فيما أقر به لغيره ، إذا كان من حر كامل العقل سليم الرأي مريضا كان أو صحيحا.

فان كان مبتدءا مما وصفنا حاله كقوله هذه الدار لفلان ، أو هذا الثوب أو المال لفلان ، أو لفلان على كذا ، وكان غير مأمون لم يمض إقراره ، وان كان مأمونا مضى إقراره واستحق المقر له تسليم ما أقر به ما لم يمنع مانع من يد أو بينة أو وثيقة أو رهن أو دين فيبطل الإقرار ، فإن تسلم المقر له ما حصل الإقرار به واستحق بعض وجوه الاستحقاق نزع من يده ورد الى مستحقه ولا درك له على المقر لاختصاص فائدة الإقرار بإسقاط حق المقر حسب فان اقترن إقراره بضمان الدرك فمنع المانع من التسليم أو استحق بعده فعليه دركه من حيث كان ضمان المقر للدرك دلالة للحكم على أن الإقرار حصل عن استحقاق يقتضي ضمان الدرك.

وان كان الإقرار بعد تقدم دعوى بقائم العين كالدار أو الفرس ، أو بمعين في الذمة كالدين وثمن المبيع والأجر والأرش وأمثال ذلك ، فعلى الحاكم إلزامه بالخروج الى المقر له مما تعلق بذمته وتسليم ما في يده من الأعيان القائمة ، فإن قامت بينة بعد التسليم باستحقاق عين المقر به بالضمان أو تكون من حقوق

٤٣٣

الذمم كالديون وغيرها فيضمن على كل حال.

ولا يعتد بإقرار الصبي ولا المأوف العقل والسفيه ولا العبد ولا الأمة فيما يتعدى ضرره الى المالك كالمال والجراح والقتل ولا بما يعلم كذب المقر فيه.

وإذا اشتبه الأمر على الحاكم في صفة المقر فقبل إقراره ثم انكشف له كونه ممن لا يعتد بإقراره لأجل ما ذكرنا لسقط (١) حكمه ورجع بما حكم به على المحكوم له به.

وإذا أقر بعض الورثة بوارث لزمه في حق إرثه ، وان كانا اثنين وكانا عدلين قبلت شهادتهما وثبتت نسبته الى الموروث ، وان لم يكونا كذلك فهما مقران يلزمهما حكم نسبه في حقهما دون سائر الورثة.

وإذا رجع المقر بحق غيره عليه لم يؤثر رجوعه عنه في صحة الحكم به.

وقد سلف بيان حكم الإقرار بما يوجب القصاص أو الحد أو التأديب بصفة المقر وأين يعتد بإقراره ويعتد برجوعه عنه وأين لا يعتد بذلك بما أغنى عن تكراره هاهنا.

__________________

(١) أسقط ، كذا في بعض النسخ.

٤٣٤

فصل في الشهادات

تنفيذ الأحكام بالشهادة يتعلق بتكاليف خمسة : أولها العلم بما معه تقبل ، وثانيهما ما يلزم متحملها ومؤديها ، وثالثها معرفة كمية أعيانها ، ورابعها الحكم بها إذا تعارضت ، وخامسها معرفة ما يبطلها.

التكليف الأول من الشهادات

العدالة شرط في صحة الشهادة على المسلم ويثبت حكمها بالبلوغ وكمال العقل والايمان واجتناب القبائح أجمع وانتفاء الظنة بالعداوة أو الحسد أو المناقشة (١) أو المملكة أو الشركة ، والعلم بتكامل هذه الشروط للشاهد من فروض المشهود عنده في حال إقامتها دون تحملها.

فاذا تكاملت ثبتت العدالة ولزم القبول حرا كان الشاهد أو عبدا قريبا أو أجنبيا رجلا أم امرأة بحيث يصح شهادتهما ، وان اختل شرط لم تقبل الشهادة.

ولا تقبل شهادة العبد على سيده ولا الولد على والده فيما ينكرانه وتقبل شهادتهما عليهما بعد الوفاة ، ولا تقبل شهادة العبد لسيده على كل حال ،

__________________

(١) كذا في النسخ ، ولعل الصحيح : المنافسة كما في مختلف العلامة.

٤٣٥

ولا تقبل شهادة الشريك فيما هو شريك فيه ولا الأجير لمستأجره ولا ذمي على مسلم (١) ولا مبطل على محق وتقبل شهادة بعضهم على بعض ولأهل الحق عليهم.

ولا تقبل شهادة النساء فيما يوجب الحد إلا شهادة امرأتين مع ثلاثة رجال في الزنا خاصة ولا الطلاق ولا رؤية الهلال ، ويقبل فيما عدا ذلك امرأتان برجل ، ولا يقتص بشهادتهن ويؤخذ بها الدية ، ولا تقبل شهادة أحد من أهل الضلال على مسلم الا عدول (٢) الذمة في الوصية في السفر خاصة بشرط عدم أهل الايمان.

وتقبل شهادة الصبيان فيما يجرى بينهم بعض على بعض فيما دون القتل ويؤخذ بأول كلامهم قبل أن يتفرقوا دون ما عدا ذلك.

وتقبل شهادة ذوي الأرحام بعض لبعض وعليهم والأجانب ، والزوج لزوجته وعليها ، والزوجة له وعليه ، وتقبل شهادة الأعمى والخصي والخنثى (٣) إذا تكاملت شروط العدالة فيهم.

التكليف الثاني من الشهادات

يلزم من دعي من أهل الشهادة أو تحملها أو ( الى ظ ) اقامة ما تحمله منها الإجابة الى ذلك إذا كان تحمله عن إشهاد ، ولا يجوز له أن يشهد الا ان يستشهد ، وهو مخير فيما يسمعه ويشاهده بين تحمله وإقامته وتركهما ، ولا يحل له أن يتحمل ولا يقيم شهادة لا يعلم مقتضاها من أحد طرق العلم وان رأى خطه.

__________________

(١) في بعض النسخ : لمسلم ، والظاهر ما أثبتناه.

(٢) أهل الذمة. ظ.

(٣) والأصم ، كذا في المختلف نقلا عن أبى الصلاح.

٤٣٦

فان كانت شهادة بما يوجب حدا أو تعزيرا لم يحل له أن يشهد بما لا يعلمه مشاهدة على الوجه الذي قررته الشريعة وسلف بيانه ، وعلى إقرار الفاعل أو المفعول به ، وان كانت بإقرار بحق أو وصية أو هبة أو صدقة أو غير ذلك فبعد العلم بعين المقر والموصي والمتصدق والواهب واسمه ونسبه وتميزه من غيره وصحة رأيه وولايته وإيثاره للإقرار.

وان كانت بملك فبعد العلم بسببه من بيع أو ميراث وغيرهما من أسباب التمليك أو ظاهر تصرف لا مانع منه ، وعين المستحق.

وان كان بعقد أو إيقاع أو إسقاط أو فسخ الى غير ذلك ، فبعد العلم بنفس العقد أو الإيقاع أو الإسقاط أو الفسخ وما يناسب ذلك وموافقته للمشروع فيه ومعرفة المتعاقدين والموقع والمسقط والفاسخ ومن يتعلق به ذلك.

ولا يجزيه في ذلك شهادة (١) المشهود له أو عليه ولا تخليته (٢) ولا وجود خطه ولما يعلم ما تضمنه ، ولا شهادة من لا يوجب خبره العلم من العدد وان كانوا عدولا ، لأنه مخبر بما يشهد به ولا يجوز الاخبار بما لا يعلمه المخبر.

وإذا أشهد على تمليك ما يصح تمليكه وما لا يصح وعلى ما يسوغ في الشريعة وما لا يسوغ فليشهد بما يصح تمليكه وما يسوغ في الشريعة دون ما لا يصح ويسوغ.

ولا يجوز لأحد أن يقيم شهادة تبطل حقا أو تقتضي باطلا أو تعديا على من لا يستحق أو ضررا في الدين أو عند حاكم جور يعلم أو يظن أنه لا يقبلها وان كان عالما بمقتضاها.

ولا يجوز الشهادة على شهادة من ليس بعدل في الحقيقة ، ولا حكم لشهادة

__________________

(١) في أكثر النسخ : مشاهدة المشهود له.

(٢) كذا.

٤٣٧

الواحد على شهادة الواحد ، ويحكم بشهادة الاثنين على شهادة الواحد ويقوم شهادتهما مقام شهادته.

ولا يجوز لمن شهد على شهادة غيره أن يشهد بنفس ما شهد به الأول ، لكن يقول : أشهد أن فلانا أشهدني أنه يشهد بكذا.

وإذا كان الشاهد عالما بتملك (١) غيره دارا أو أرضا أو غير ذلك ثم رأى غيره متصرفا فيها من غير منازعة من الأول ولا علم بإذن وما يقتضي إباحة التصرف من إجارة أو غير ذلك لم يجز له أن يشهد بملكها لواحد منهما حتى يعلم ما يقتضي ذلك في المستقبل.

وإذا غاب العبد أو الأمة عن مالكه لم يجز له أن يشهد بما كان يعلمه من تملكه لهما الا أن يعلم غيبته ( غيبتهما ظ ) لإباق أو اذن المالك.

وإذا لم يعلم الشاهد في حال إقامة الشهادة كون المشهود له مالكا للشي‌ء لم يجز له أن يشهد بالملك وان كان عالما بسببه الماضي.

التكليف الثالث من الشهادات

بينة الزنا واللواط والسحق أربعة رجال عدول بمعاينة الفرج في الفرج بلفظ واحد في وقت واحد ، أو ثلاثة رجال وامرأتان في الزنا خاصة ، وبينة ما عدا ذلك مما يوجب حدا أو تعزيرا أو قصاصا بقتل أو جراح وغير ذلك من جميع الحقوق بشاهدي عدل (٢) بلفظ واحد ، وليس من شرط صحتها الوقت ، ويقوم شهادة الواحد ويمين المدعى في الديون خاصة مقام الشهادة الكاملة ،

__________________

(١) في بعض النسخ : بتمليك.

(٢) في بعض النسخ : بشاهدين.

٤٣٨

وتقوم شهادة امرأتين بحيث تصح شهادة النساء مناب الرجل الواحد ، ويحكم بشهادتهما منفردتين فيما لا يعاينه الرجل من أحوالهن ، وتقبل شهادة القابلة المأمونة في الولادة والاستهلال ، ويحكم بربع الدية أو الميراث.

والقسامة في القتل خمسون رجلا يقسمون مع ولي الدم خمسين يمينا ، فان نقصوا عن ذلك كررت عليهم الايمان حتى تكمل خمسون يمينا ، ولا يحل له ولا لغيره ممن يتقسم (١) معه على قتل صاحبهم أن يقسموا على قاتل معين بالشبهة حتى يعلموا ذلك من حاله مشاهدة أو بما يقوم مقامها من طرق العلم.

والقسامة فيما يوجب الدية من الأعضاء ستة نفر ، وفيما دون ذلك بحساب الستة ، وأدناه يمين واحدة.

فان لم يقسم أولياء الدم اقسم المتهم بالقتل وأولياؤه خمسين يمينا أنهم لم يقتلوا أو برئوا ، وكذلك القول في الجراح ، فان لم يكن للمتهم أولياء أقسم هو خمسين يمينا.

وتقبل شهادة امرأتين في نصف دية النفس أو العضو أو الجرح ، أو المرأة الواحدة في الربع ، ويجوز شهادتهن في النكاح مع الرجال ، ولا يجوز في الطلاق على حال (٢).

التكليف الرابع من الشهادات

البينة يبطل حكم اليد ، ويقتضي تسليم ما قامت به (٣). فان كان للمدعي بينة وللمدعي عليه بينة ولا يد لأحدهما حكم لأعدلهما شهودا ، فان تساووا

__________________

(١) يقسم معه.

(٢) في بعض النسخ : على كل حال.

(٣) في بعض النسخ : ما فاتت به.

٤٣٩

في العدالة حكم لأكثرهما شهودا مع يمينه ، فان تساووا في العدد والعدالة أقرع بينهما واحلف من خرج سهمه وحكم له بالملك ، وان كان لأحدهما يد وبينة تشهد باليد وللآخر بينة تشهد بالملك حكم للخارج اليد ، بالملك ، وان كانت البنتان تشهدان بالملك حكم به لذي اليد ، فان كانا جميعا متصرفين فيه ولا بينة لأحدهما قسم بينهما ، وان كان لأحدهما بينة نزعت يد (١) الأخر وسلم إلى ذي البينة.

التكليف الخامس من الشهادات

إذا انكشف أن الشاهد شهد بالزور بإقراره أو بينة أو علم عزر وأشهر (٢) في المصر ، فان كان الحاكم حكم بها أبطل حكمه ورجع على المحكوم له بما أخذه فان لم يقدر على ذلك رجع به على الشاهد (٣) بالزور فان كان قتلا أو جراحا أو حدا قيد (٤) بالقتل واقتص منه بالجراح والحد.

وان رجع عن الشهادة لشبهة دخلت عليه فعليه الدية في القتل والجراح وإرضاء المحدود ومثل المستهلك بشهادته.

وان كانوا جميع الشهود شهدوا زورا أو راجعين عن شهادتهم بالشبهة فالقصاص أو الدية أو المثل لازم لجميعهم كلزومه لكل جماعة اشتركت في جناية عمدا أو خطأ.

وإذا انكشف أن الشهود أو بعضهم فساق أبطل الحكم.

__________________

(١) كذا.

(٢) وشهر.

(٣) في بعض النسخ : الشهادة.

(٤) في بعض النسخ : قتل بالقتل.

٤٤٠