الكافي في الفقه

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي

الكافي في الفقه

المؤلف:

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي


المحقق: رضا الاستادي
الموضوع : الفقه
الناشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام العامّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٤

ولو وطئ الحامل لم يحل له بيع ولدها ولا الاعتراف به ولدا ، ولكن يجعل له قسطا من ماله لأنه غذاه بنطفته.

وإذا كانت الأمة بين شريكين فما زاد لم يحل لواحد منهم ، فإن وطئها بعضهم أثم ووجب تأديبه ، فإن جاءت بولد لحق به ، واغرم ما يفضل من قيمته على سهمه لشركائه ، وان وطئها الجميع أدبوا جميعا ، فان جاءت بولد أقرع بينهم فأيهم خرج اسمه الحق به ، وأغرم ما يفضل من قيمته على سهمه لباقي الشركاء.

٣٠١

الضرب الثاني من الأحكام ما يقتضي تحريم المعقود عليها

غبطة على ضربين : أحدهما مصاحب للعقد والأخر يقتضي فسخه.

والأول ضربان : إيلاء وظهار ، والثاني على ضروب ثلاثة : طلاق ولعان ارتداد ، لكل حكم نبينه.

فصل في بيان حكم الإيلاء

الإيلاء حلف الزوج بما ينعقد به الايمان من أسماء الله تعالى خاصة أن لا يقرب زوجته ، ولا يلزم حكمه ألا بعد الدخول ، فمتى قربها حنث ولزمته كفارة يمين ، فان استمر اعتزاله لها ، فهي بالخيار بين الصبر عليه ، ومرافعته الى الحاكم.

فان ترافعا فكان ايلاؤه في صلاحه لمرض يضر به الجماع ، أو في صلاح الزوجة لمرض أو حمل أو رضاع ، فعلى الحاكم إنظاره ، وعلى الزوجة التصبر عليه ، حتى تزول العذر ، فان لم يكن هناك عذر أمره بما يقتضي حنثه والكفارة عن يمينه ، فان فعل والا أنظره أربعة أشهر ، فإن فعل والا ألزمه بالطلاق ، فان امتنع ضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يفي‌ء إلى أمر الله من مباشرة أو طلاق.

فان حلف أن لا يقرب أمته أو متعته فعليه الوفاء ، فان حنث كفر ، وان أقام على مقتضى الإيلاء لم يكن لهما عليه حكم على كل حال.

٣٠٢

فصل في الظهار

لا يكون الظهار ظهارا شرعيا الا بقصد من المظاهر الى التحريم لزوجته حرة كانت أو أمة غبطة أو متعة ، وصريح قول : « أنت على كظهر أمي أو أحد المحرمات » دون ما عداه من الألفاظ ، مطلقا من الاشتراط ، بمحضر من شاهدي عدل ، في طهر لا مساس فيه بحيث يمكن اعتباره ، فان اختل شرط لم يكن ظهارا.

وإذا تكاملت حرمت على (١) المظاهر منها حتى يكفر بعتق رقبة ، فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فان لم يستطع فإطعام ستين مسكينا. فإن وطئها قبل التكفير فعليه كفارتان.

وان أصر على تحريمها فزوجة الغبطة خاصة حرة كانت أو أمة بالخيار بين الصبر عليه ومرافعته الى الحاكم ، وعلى الحاكم أن يأخذه بالتكفير والرجوع الى مباشرتها ، أو الطلاق ، فان امتنع أنظره ثلاثة أشهر ، فإن فاء إلى أمر الله تعالى والا ضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يفي‌ء إلى أمر الله سبحانه من طلاق ، أو رجوع إليها وتكفير.

فاذا طلق المظاهر قبل التكفير فتزوجت المرأة ، ثم طلقها الثاني أو مات

__________________

(١) عليه ظ.

٣٠٣

عنها ، وتزوج بها الأول ، لم يحل له وطؤها حتى يكفر.

وإذا ظاهر من عدة أزواج حر من ولزمته للعزم على وطء كل منهن كفارة.

ولا يصح الظهار في ملك اليمين ، ويلزم العبد المظاهر من زوجته الحرة أو الأمة إذا أراد وطأها أن يكفر بالصوم ، الا أن يبيحه السيد ما معه يكون معتقا فيلزمه العتق ، وفرضه في الصوم كفرض الحر.

٣٠٤

فصل في الطلاق وأحكامه

صحة الطلاق الشرعي تفتقر الى شروط يثبت حكمه بتكاملها ويرتفع باختلال واحدها :

منها كون المطلق ممن يصح تصرفه ، ومنها إيثاره الطلاق ، ومنها قصده اليه ، ومنها تلفظه بصريحه دون كناياته ، ومنها كونه مطلقا من الشروط ، ومنها توجهه الى المعقود عليها (١) ، ومنها تعيينها ، ومنها الاشهاد ، ومنها إيقاعه في طهر لا مساس فيه بحيث يمكن اعتباره.

واشترطنا صحة التصرف احترازا من الصبي والمجنون والسكران وفاقد التحصيل بأحد الآفات.

واشترطنا الإيثار احترازا من المكره.

واشترطنا القصد احترازا من الحلف واللغو والسهو.

واشترطنا إطلاق اللفظ احترازا من مقارنة الشروط كقوله : « أنت طالق ان دخلت الدار » و « ان دخلت الدار فأنت طالق ».

واشترطنا صريح قوله : « أنت طالق » أو « هي فلانة » ( كذا ) احترازا من

__________________

(١) كذا في بعض النسخ ، وفي بعضها الأخر : المقصود عليها.

٣٠٥

الكنايات كقوله : « أنت حرام » أو « بائنة » أو « خلية » أو « برية » أو « ألحقي بأهلك » أو « حبلك على غاربك » أو « اعتدى » أو « لا حاجة لي فيك » وأشباه ذلك.

واشترطنا تعيين المطلقة احترازا من قوله : « زوجتي طالق » وله عدة أزواج ، أو « أحد زوجاتي طالق » من غير تعيين لها بقول ولا عزم.

واشترطنا الاشهاد احترازا من وقوعه بغير شهادة.

واشترطنا الطهر الخالص احترازا من الحيض والنفاس ومما حصل (١) فيه مباشرة.

وقلنا بحيث يمكن ، لصحته ممن لا يمكن ذلك فيها ، وهي التي لم يدخل بها ، والتي لم تبلغ ، واليائسة ، (٢) والحامل ، والغائبة ، لتعذر العلم به فيهن ، وقبح التكليف مع التعذر.

فاذا تكاملت هذه الشروط فهو على ضربين : رجعي وبائن.

والبائن على ثلاثة أضرب : طلاق العدة والخلع والمبارأة ، ولكل حكم.

اما الرجعي فصفته أن يطلق واحدة ويدعها تعتد في سكناه ونفقته ، ويحل له النظر إليها ، وهو أملك برجعتها ما لم تخرج عن العدة ، وإذا أراد مراجعتها فليشهد عليها ، ويجوز من دون الاشهاد وهي زوجته بالعقد الأول ، وتبقى معه على تطليقتين ، فان لم يراجع حتى خرجت من العدة ملكت نفسها عليه وصار كبعض الخطاب ، فان تراضيا بالمراجعة فبعقد جديد ومهر جديد وهي معه على اثنين.

وأما طلاق العدة فمختص بمن يمكن اعتبار طهرها بكونها مدخولا بها ، مستقيمة الحيض والطهر ، فاذا عزم على ذلك فليرقب طهرها بعد الحيض ، فيطلقها بمحضر من شاهدي عدل ثم يراجعها فيه أى وقت شاء منه بشاهدي

__________________

(١) حصلت.

(٢) واليائسة.

٣٠٦

عدل ويطأها فيه ، فاذا حاضت وطهرت طلقها ثانية بشاهدي عدل ثم يراجعها فيه بشاهدي عدل ويطأها ، فإذا حاضت وطهرت الثالثة ( كذا ) طلقها ثالثة بشاهدي عدل ، فاذا لفظ بها حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره وتبين منه وتعتده.

ويلزمه سكناها ونفقتها الى أن يتلفظ بالثالثة فيسقط فرضها (١) عنه ، وتحرم رؤيتها ، فإن حملت في بعض المراجعتين أو يئست من الحيض فهو بالخيار بين الإقامة عليها وبين تطليقها.

وأما الخلع فهو أن تكره الزوجة صحبة الرجل وهو راغب فيها فتدعوه الى تسريحها ، فله إجابتها والامتناع ، حتى تقول له : لان لم تفعل لأعصين الله فيك ولا أطيعه في حفظ نفسي عليك ولا وطئن فراشك غيرك ، فلا يحل له لذلك (٢) إمساكها ، ويجوز له والحال هذه أن يأخذ منها أضعاف ما أعطاها.

فإذا أراد خلعها فليقل : « قد خلعتك على كذا فأنت طالق » مع تكامل جميع الشروط المذكورة ، فإذا قال ذلك بانت منه ، ولا سكنى لها ولا نفقة ، ولا يحل له النظر إليها ، وأمرها بيدها ، فان اختار مراجعتها في العدة وبعدها ورضيت فبعقد جديد ومهر جديد ، ولا تحل لغيره حتى تخرج من العدة.

وأما المبارأة فمن شرطها أن يكره كل واحد من الزوجين صاحبه فيصطلحا على المبارأة على أن ترد ما أخذت منه أو بعضه ، ولا يحل له أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها ، فإذا أراد مباراتها فليقل : « قد بارأتك على كذا وكذا فأنت طالق » مع تكامل الشروط ، فاذا لفظ بذلك بانت منه ، وسقط عنه فرض سكناها ونفقتها وحرم عليه ما كان حلالا منها ، فان آثر مراجعتها في العدة أو بعدها ورضيت فبعقد جديد ومهر جديد بخلاف غيره ( كذا ).

__________________

(١) كذا.

(٢) إذ ذاك.

٣٠٧

وللمختلعة والمبارأة الرجوع بما افتدته (١) أو بعضه ما دامت في العدة ، وإذا رجعت بشي‌ء منه كان الزوج أملك برجعتها بالعقد الأول ولا خيار لهما بعد العدة.

وإذا طلق للسنة أو خلع أو بارأ ثلاثا ساوي تطليقه للعدة ثلاثا وتحريمها (٢) حتى تنكح زوجا غيره.

وهذا مختص بحرائر النساء سواء كان المطلق حرا أو عبدا ، فأما الأمة إذا كانت زوجة فاقتضى (٣) طلاقها بحر أو عبد تطليقتان.

__________________

(١) افتدت به.

(٢) كذا ، ولعل الصحيح في تحريمها.

(٣) كذا في النسخ ، ولعل الصحيح : فأقصى.

٣٠٨

فصل في اللعان

اللعان أن يقذف الرجل حرا كان أو عبدا ، زوجته بنكاح الغبطة حرة كانت أو أمة ، بمعاينة الزنا أو ينكر حملها أو يجحد ولدها ، فتنكر ما قذفها به ، ففرض الحاكم بينهما أن يجلس مستدبر القبلة ، ويوقف الرجل بين يديه ووجهه إلى القبلة ، والمرأة عن يمينه كذلك ، ويخوفهما الله تعالى ، فان رجع الزوج عن القذف جلده حد المفتري الا أن تعفو عنه الزوجة ، وان أقرت رجمها ان كانت حرة ، وان كانت أمة جلدها خمسين جلدة على كل حال.

وان إصرا قال له : قل : اشهد بالله أني فيما ذكرته عن هذه المرأة لمن الصادقين ، فاذا قالها أعادها عليه حتى يكمل أربع شهادات كذلك ، ثم يعظه ويخوفه الله تعالى ويغلظ عليه ويحذره الدخول في لعنة الله ، فان رجع عن القذف جلده وان أصر قال له : قل : ان لعنة الله على ان كنت من الكاذبين ، فاذا قالها أقبل على المرأة فوعظها وخوفها ، فإن أقرت رجمها ، وان أصرت قال لها : قولي : أشهد بالله أنه فيما رماني به لمن الكاذبين ، فاذا شهدت كررها حتى تشهد أربع شهادات كذلك ، فاذا شهدت أربعا خوفها الله وقال : ان لعنة الله شديدة وعذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة ، فإن أقرت رجمها ، وان

٣٠٩

أصرت قال لها : قولي : ان غضب الله على ان كان من الصادقين ، فاذا قالتها فرق بينهما ، فلا تحل له أبدا.

وإذا قذف الرجل مطلقته بما يوجب اللعان وهي في العدة وكان الطلاق رجعيا تلاعنا ، وان كان بائنا جلد مع فقد البينة والإقرار حد المفتري.

وإذا قذفها وهي حامل أخر اللعان الى أن تضع.

وإذا قذفها وهي صماء أو خرساء فرق بينهما وجلد حد المفتري.

وإذا قال لها : يا زانية ، أو زنى بك فلان ، أو ما يفيد ذلك ولم يدع معاينة ولا بينة له وأنكرت فعليه حد المفتري ، ولا لعان بينهما.

وإذا قذفها بما يوجب اللعان وهي حامل ، وأعترف بالحمل ، تلاعنا ولحق به الولد ، وإذا أنكر الحمل أو عين الولد فتلاعنا لم يلحق به ما أصر ، فإن رجع عن الإنكار ورثه الولد ومن يتعلق بنسبه ونسب الأب ، ولا يرثه الأب ولا من يتعلق بنسبه ولا نسب الولد.

وإذا قذف متعته ولم تكن له بينة جلد حد المفتري ، وان قذف أمته فهو مأزور ولا لعان بينهما ولا يجب عليه حد ، وان أنكر ولدها لم يلحق به وهو أعلم بنفسه ، ولا يحل له مع وطء الأمة والشبهة إنكاره ، وإذا أنكر الرجل ولدا قد أقر به حد حد المفتري ولم يسمع إنكاره.

٣١٠

فصل في أحكام الردة

الردة إظهار شعار الكفر بعد الايمان بما يكون معه منكر نبوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو بشي‌ء من معلوم دينه كالصلاة والزكاة والزنا وشرب الخمر.

فأما ما يعلم كونه كافرا له (١) باستدلال من جبر أو تشبيه أو إنكار امامة الى غير ذلك فليس بردة وان كان كفرا.

وإذا ارتد المؤمن وكان ولد على الفطرة قتل على ردته وان كان ذميا أو كافرا غيره أسلم بعد كفر عرضت عليه التوبة ، فإن رجع الى الحق والا قتل ، فإن أسلم هذا المرتد ثم ارتد ثانية قتل على ردته.

وتعتد زوجة المرتد عدة الوفاة قتل أم أفلت (٢) فإذا خرجت من العدة حللت للأزواج.

فإن رجع الى الإسلام من يصح ذلك منه وزوجته في العدة فهو أحق بها بالنكاح الأول ، وان خرجت عن العدة قبل رجوعه إلى الإسلام فلا سبيل له عليها الا أن يختار مراجعتها فبعقد جديد ومهر جديد.

__________________

(١) كافرا به. ظ

(٢) في بعض النسخ : قتل أم لا.

٣١١

فصل في العدة وأحكامها

سبب العدة شيئان : طلاق وموت وما يجرى مجراه.

فأما الطلاق فان وقع من حر أو عبد ، بحرة أو أمة ، قبل الدخول ، أو بعده وقبل أن تبلغ تسع سنين ، أو بعد ما يئست من الحيض ومثلها لا تحيض فلا عدة عليها ، وان كان بحرة بعد الدخول وقبل الحيض (١) أو بعد ارتفاعه لعلة ومثلها من تحيض فعدتها ثلاثة أشهر ، وان كانت أمة فخمسة وأربعون يوما. وان كانت الحرة ممن تحيض فعدتها ثلاثة قروء والأمة قرءان ، فإن أعتقت وهي في العدة تممتها عدة الحرة ـ والقرء الطهر بين الحيضتين.

وان كانت الحرة أو الأمة حاملا فعدتها أن تضع ما في بطنها.

وعدة المتمتع بها قرءان فان كانت ممن لا تحيض فخمسة وأربعون يوما وعدة الأمة الموطوءة إذا أعتقت عدة الحرة.

وحكم المعتدة في الطلاق الرجعي ملازمة منزل مطلقها ، ولا تخرج منه الا باذنه ، ولا يخرجها الا أن تؤذيه أو تأتي في منزله ما يوجب الحد فيخرجها لإقامته ويردها اليه ، ولا تبيت الا فيه ، ويخرجها للأذى من غير رد ، وتحل لها الزينة.

__________________

(١) كذا في النسخ.

٣١٢

والبائنة تسكن حيث شاءت ، ولا تبيت خارجة عن بيت سكناها ، وتحل لها الزينة.

ونفقة عدة الطلاق الرجعي واجبة ، ولا تجب للبائن الا أن تكون حاملا.

واما عدة الحرة من الوفاة قبل الدخول وبعده ومع الحيض وارتفاعه فأربعة أشهر وعشرا ، فان كانت حاملا فعدتها أبعد الأجلين ، وتعتد الأمة بشهرين وخمسة أيام ، فإن كانت حاملا فبأبعد الأجلين.

فإن طلق الحر أو العبد أمة أو حرة فتوفي وهي في العدة وكان الطلاق رجعيا فعليها أن تعتد بأبعد الأجلين حاملا كانت أم خلية ، وان كانت بائنا لم يلزمها الا عدة الطلاق.

وعدة أم الولد لوفاة سيدها أربعة أشهر وعشرا ، وكذلك حكم المتمتع بها لوفاة المتمتع قبل انقضاء أيامها ، تعتد أربعة أشهر وعشرا ، فإن توفي بعد ما انقضت أيامها وهي في العدة لم يلزمها غير عدة المتعة المذكورة.

وإذا أعتقت الأمة المتوفى عنها زوجها قبل خروجها من العدة فعليها تكميل عدة الحرة.

وتعتد المرتد عنها زوجها عدة الوفاة.

ويلزم المعتدة للوفاة الحداد باجتناب الزينة في الهيئة واللباس ومس الطيب وتبيت حيث شاءت.

وإذا كانت المتوفى عنها زوجها حاملا أنفق عليها من مال ولدها حتى تضع.

وحكم جميع العدد المنع من الأزواج.

وإذا طلق الغائب أو مات فعليها أن تعتد لكل منهما من يوم بلغها الطلاق أو الوفاة ، لكون العدة من عبادات النساء وافتقار العبادة إلى نية تتعلق بابتدائها.

٣١٣

فصل في أحكام الأولاد

السنة في المولود حال وضعه تحنيكه بماء الفرات أو بماء فيه عسل ، والأذان في اذنه اليمنى والإقامة في اليسرى ، فاذا كان يوم السابع حلق رأسه وتصدق بزنته ذهبا أو فضة وختن وعق عن الذكر بذكر وعن الأنثى بأنثى وتصدق بلحم العقيقة على فقراء المؤمنين ، تعطى منها للقابلة (١) الورك بالرجل ( كذا ) ، ولا يعطى منها الجزاز شيئا ، وان طبخ لحمها وجمع له فقراء المؤمنين فهو أفضل.

ويسمى في هذا اليوم بأحسن الأسماء ، وهي أسماء الأنبياء والأوصياء عليهم‌السلام وذراريهم ، وأفضل ذلك أسماء شريعتنا.

وأقل الطهر عشرة أيام ، وأكثره ثلاثة أشهر ، وأقل الحمل ستة أشهر وأكثره تسعة أشهر ، والريب ثلاثة أشهر ، فتصير الغاية في أكثر الحمل سنة كاملة.

وإذا طلق الرجل زوجته أو مات عنها فتزوجت وجاءت بولد لستة أشهر فما زاد من يوم دخل الثاني بها فالولد لاحق به ، وان كان لأقل من ستة أشهر لم يلحق به. فان كان لمدة طلاقها أو الوفاة عنها سنة فما دونهما فهو لاحق

__________________

(١) القابلة.

٣١٤

بالأول ، وان كان لأكثر من ذلك لم يلحق به ، وكذلك الحكم فيها إذا لم تتزوج بعد الطلاق أو الوفاة وجاءت بولد لسنة فما دونها ، في لحوقه بالمطلق أو المتوفى ، ولا يلحق به بعد السنة.

وإذا باع الرجل أمة كان يطأها فجاءت بولد لستة أشهر من ملك الثاني فما فوقها فهو لاحق به ، وان كان لأقل من ذلك فهو لاحق بالأول ، فإن أنكره فهو رق للثاني.

فإن عتقها فتزوجت فجاءت بولد لستة أشهر فهو للزوج ، وان كان لأقل منها فهو للمعتق ، فإن أنكره فهو حر لا يلحق بأحد ، وان لم تتزوج وجاءت بولد لسنة من يوم عتقها فما دونها فهو للمعتق ان اعترف به ، وان أنكره أو كان لأكثر من سنة لم يلحق به وكان سائبة.

وإذا تزوج الرجل أو ملك أمة فوطئ في الفرج فجاءت بولد حي لستة أشهر فهو لاحق به وان عزل الماء ، وان كان لأقل من ستة أشهر لم يلحق به ، ولم يحل له الاعتراف به فان اعترف به الحق به على الظاهر ، وان أنكره وكانت المدة معلومة فلا لعان بينهما ، وان تعذر العلم بها وما يجري مجراه في الحكم تلاعنا.

ولا يحل لزوج امرأة ولا سيد امة أن يعترف بولد يعلم أنه لم يطأ أمة منذ سنة أو منذ أقل من ستة أشهر حاضرا كان أم غائبا ، وإذا ثبت ذلك حكم به وان لم يثبت لاعن الحرة دون الأمة ، ولا يلحق بالزوج ولد التي لم يدخل بها حاضرة كانت أم غائبة.

وإذا بلغ الزوجة وفاة الزوج أو طلاقه فاعتدت وتزوجت ، ثم حضر فأنكر الطلاق ولم يكن له (١) بينة فهي زوجته وعليه اعتزالها ان كان الثاني وطئها ثلاثة

__________________

(١) كذا.

٣١٥

قروء فان ظهر بها حمل فإلى أن تضع ، فان لم تضع لتسع كملها سنة ، فان جاءت بولد لأقل منها وكان لستة أشهر فما فوقها من يوم دخل بها الثاني فهو لاحق به وان كان لأقل منها فهو لاحق بالأول ، فإن أنكره تلاعنا ، وان لم يكن الثاني قربها فليستبرئها بحيضة ثم يطأها ان شاء.

وولد المتعة كولد الزوجة في جميع الأحكام المذكورة إلا اللعان في إنكاره فإنه لا لعان بين المتمتعين.

ولا يجوز لأحد أن يبيع أمة موطوءة ولا يطأ مبتاعة حتى يستبرئها بحيضة ان كانت ممن تحيض والا بخمسة وأربعين يوما.

وإذا طلق الزوجة وله منها ولد يرضع فهي أحق برضاعه وكفالته ، ولها أجر الرضاع ، فان طلبت شططا فوجد من يرضعه بالأجر القصد فرضيت به فهي أحق به وان أبت سلم إلى المرضعة ، ولها كفالته على كل حال ، ولها تسليمه الى أبيه.

٣١٦

فصل فيما يقتضي فسخ الرق

ينفسخ الرق ويتحرر المرقوق بعتق أو مكاتبة أو تدبير.

فأما العتق فتفتقر صحته الى لفظ مخصوص ، وقصد اليه ، مطلق من الشروط ، ممن يصح ذلك منه ، لوجهه متقربا الى الله تعالى به.

فاللفظ قوله : « أنت أو فلان أو فلانة حر لوجه الله تعالى » عن إيثار من عاقل لا يولى على مثله ، ولا يصح من محجور عليه ، ولا مكره ، ولا سكران ، ولا ساه ، ولا غالط ، ولا حالف ، ولا مشترط ، ولا لغير الله ، ولا له تعالى مع الجهل بالوجه ، أو مع معرفته وإيقاعه لغيره.

وينقسم الى واجب في حق التكفير ومبتدئ للترغيب ، ومعتوق القسم الأول سائبة ، لا ولاء عليه لمعتقه ، الا أن يتولاه. والثاني ولاؤه لمن أعتقه ولعصبته من بعده.

ويجوز عتق الأمة مطلقا ، ويصح أن يجعل عتقها صداقها.

وصفته مع تكامل الشروط أن يقول سيدها : « قد أعتقتك وزوجتك وجعلت عتقك صداقك لوجه الله تعالى » وإذا كان مالك العبد أو الأمة واحدا فأعتق ربعه أو ربعها أو ما زاد على ذلك أو نقص عنه عتق الجميع. وان كان مشتركا فعتق أحد الشركاء لوجه الله تعالى تحرر منه بمقدار حصته وأستسعى

٣١٧

في الباقي.

ومن السنة أن يشهد على العتق ، وما دعا اليه من تكفير أو ترغيب وان كتب بذلك وأشهد كان أولى.

وإذا أعتق عبدا أو أمة وله مال يعلم به فهو للمعتق يملكه بإباحته ، وان لم يعلم به أو علم به فاشترطه فهو له دون المعتق.

وإذا عجز المرقوق عن الخدمة لعمى أو زمانة أو مرض سقط عنه فرضها.

ولا يجوز عتق الكافر ، ولا يعتق في الكفارة الأعمى ولا الأعرج ولا الأشل ولا المجذوم.

وأم الولد رق حيا كان أم ميتا ، ويجوز بيعها بعد موته على كل حال ، ومع بقائه إذا كان ثمنها دينا (١) خاصة ، ويجوز عتقها في الكفارة ، وإذا مات سيدها وولدها حي جعلت في سهمه وعتقت عليه.

والولاء لمن أعتق دون البائع وان اشترطه ، وميراث ولد المعتق لولي نعمته سواء كانوا ( كذا ) قبل العتق أو بعده.

وأما المكاتبة فهي بيع المرقوق منه ، وصفتها أن يشترط المالك على عبده أو أمته تأدية شي‌ء معلوم يعتق بالخروج منه اليه وهي على ضربين : أحدهما أن يشترط عليه أنه ان عجز إلى مدة معلومة عن جملة الأداء أو بعضه رجع رقا وسقط أداؤه ، والثاني أن يكاتبه ولا يشترط.

وعلى الوجه الأول متى عجز عن الأداء أو بعضه رجع رقا ، وعلى الوجه الثاني يتحرر منه بحسب ما أدى من مكاتبته.

ويستحب أن تسمح له بشي‌ء من مال المكاتبة ويعينه على الأداء من مال الزكاة ، ويجوز ذلك لغير مكاتبه.

__________________

(١) دينها.

٣١٨

واما التدبير فعتق تفتقر صحته الى شروط العتق ، ويفارقه من حيث كان العتق منجزا والتدبير بعد الوفاة ، وصفته أن يقول المالك لعبده أو أمته : « أنت حر بعد وفاتي » ويشهد بذلك ، فيكون رقا في حياته ، فاذا مات صار حرا ، وله الرجوع في تدبيره ، لأنه جار مجرى الوصية.

وليس للورثة خيار على المدبر وان لم يكن لمدبره مال غيره.

ويجوز بيعه في حال تدبيره ، فاذا مات مدبره تحرر على مبتاعة ، فإن كان عالما بتدبيره حال ابتياعه والى أن مات مدبره فلا شي‌ء له ، وان لم يكن يعلم رجع على التركة بما نقد فيه ، وان كان بيعه بعد ما رجع في تدبيره لم يتحرر بموت مدبره.

٣١٩

الضرب الثالث من الأحكام

ذكاة السمك والجراد صيد المسلم له خاصة ، وحكم ما يكون في الماء من الحيوان حكم حيوان البر فى الذكاة ، وذكاة ما يحل من الحيوان ذبح المسلم أو نحره ، وينوب مناب ذلك قتل الطير بالنشاب خاصة ، وقتل ما عداه من صيد البر بسائر السلاح وبالكلب المعلم بشرط كون المتصيد بالسلاح ومرسل الكلب مسلما.

وإذا استعصى شي‌ء من الأنعام جرى مجرى الوحش في صحة ذكاته بسائر السلاح ، وكذلك حكمه إذا وقع في زبية وتعذر فيه الذبح والنحر.

ولا تقع الذكاة بشي‌ء من الانعام وغيرها مما تقع عليه الا من مسلم.

وإذا أراد التذكية فليستقبل بالإبل القبلة ويعقل احدى اليدين ويطعنها في لبتها ويسمى ، ويضجع باقي الذبائح تجاه القبلة ويسمى ويذبح في الحلق ، ولا يفصل الرأس حتى تبرد الذبيحة ، فإذا وجبت جنوبها وبردت حل الانتفاع بها بأكل ما يؤكل منها والتصرف فيما لا يؤكل من السباع ، فان لم تتحرك الذبيحة أو تحركت ولم يخرج منها دم فهي منخنقة لا يحل الانتفاع بها.

وذكاة ما أشعر أو أوبر من الأجنة ذكاة امه. وكذلك حكم ما يوجد من سمك

٣٢٠