الكافي في الفقه

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي

الكافي في الفقه

المؤلف:

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي


المحقق: رضا الاستادي
الموضوع : الفقه
الناشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام العامّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٤

العقبة ، ويجوز قبل الرمي ، وتأخيره إلى آخر أيام التشريق.

ولا يجزى الصرورة من الرجال غير الحلق ، ويجزى من عداه التقصير ، وكذلك حكم النساء.

والسنة فيه أن يبدأ الحلاق (١) بالناصية ثم الجانب الأيمن ثم الأيسر ، ويدفن الشعر بمنى.

فان حلق بغيرها أثم ولزمه أن يدفنه بها. ولا يجوز الحلق قبل محله مختارا فان أضطر لأذى يلحقه جاز الحلق والتكفير بشاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام.

ويلزم افتتاح الرمي وسياق الهدى وذبحه وحلق الرأس بالنية كسائر الفرائض.

الفصل الخامس

شروط الحج التي بها يصح ويفسد لاختلال بعضها الإسلام لفساد كل عبادة من دونه لما بيناه ، والعلم بأحكامه وشروطه وكيفية فعله لوجوهه لما ذكرناه ، وتأديته للوجه الذي له شرع مخلصا به لما أوجبناه ، والختنة ، والإحرام ، وصحته موقوفة على العلم بالوقت المشروع لعقده ، والميقات المنصوص على تعلق مخصوصية فعله به ، وما ينعقد به ، ليقصد اليه ، وبيان ما يجتنبه المحرم لكون فعله مفسدة فيه ، وكفارة ما يأتيه لتبرأ ذمته من تبعته.

فأما الوقت للإحرام فأشهر الحج : شوال وذو القعدة وثمان من ذي الحجة فإن أهل بالحج من دونها لم ينعقد ، ووجب تجديده فيها ، فان لم يفعل فلا إحرام له.

__________________

(١) في بعض النسخ : الحالق.

٢٠١

وأما الميقات فلكل أهل إقليم ميقات ، فميقات أهل العراق « بطن العقيق » وأوله « المسلخ » وأوسطه « الغمرة » ، وآخره « ذات عرق » ، وميقات أهل المدينة « مسجد الشجرة » وهو « ذو الحليفة » ، ومرخص لصبيانهم وضعفائهم أن يحرموا من « الجحفة » ، وميقات أهل الشام « الجحفة » وميقات أهل الطائف « قرن المنازل » وميقات أهل اليمن « يلملم ».

فمن سلك طريق أحد هذه المواقيت فميقاته ميقاتهم.

فمن أحرم من دون ميقاته لم ينعقد إحرامه ، وعليه إذا انتهى اليه أن ينعقد الإحرام منه ، فان لم يفعل فلا حج له.

وان تجاوزه من غير إحرام فعليه الرجوع اليه ليهل منه ، فان لم يتمكن أحرم من موضعه.

ويجوز لمن منزله دون الميقات أن يحرم منه وخروجه الى الميقات أفضل.

وميقات المجاور ميقات بلده ويجوز له أن يحرم من « الجعرانة » ، وان ضاق عليه الوقت فمن خارج الحرم.

وميقات المعتمر ميقات أهله ، فإن اعتمر من مكة فمن خارج الحرم ، وميقات أهله أفضل.

وأهل مكة مخيّرون بين سائر المواقيت.

وأما ما ينعقد به الإحرام فالتلبية أو إشعار الهدى أو تقليدها ، لا ينعقد بشي‌ء سوى هذا مما يتقدم ذلك أو يصاحب أو يتأخر من الصلاة والتجرد ولبس ثوبي الإحرام وقول وفعل.

ولا يصح الا بنية هي العزم عليه موجبا أفعالا مخصوصة هي ما قدمناه من المناسك واجتناب أمور نذكرها لوجوبه مخلصا له سبحانه.

وأما ما يجتنبه فالنساء رؤية وسماعا وضما وتقبيلا ومباشرة ، والطيب

٢٠٢

كله ، والادهان الزكية ، وما خالطه شي‌ء من ذلك ، والصيد ، والدلالة عليه ، والجدال ، والكذب ، وحك الجلد حتى يدمي ، وإماطة الشعر عن الجسم ، وقص الأظفار ، وطرح القمل عنه ، وقتله ، ولبس المخيط ، وتغطية الرجل رأسه ، والمرأة وجهها ، والتظلل في المحمل ، وعقد النكاح له ولغيره ، وقطع شجرة الحرم ، واختلاء خلاه ، [ ها ظ ] وقتل شي‌ء من الحيوان عدا الحية والعقرب والفأرة والغراب ما لم يخف (١) شيئا منه ، والفصاد ، والحجامة من غير ضرورة والنظر في المرآة ، والاغتسال للتبريد ، (٢) وحمل السلاح وإشهاره الا (٣) للمدافعة.

وأما كفارة ما يأتيه المحرم فعلى ضربين : أحدهما موجب لها بشرط الذكر للإحرام والقصد دون السهو والخطأ ، والثاني موجب لها على كل حال وهو الصيد ، والأول ما عداه مما ذكرناه ، ولكل كفارة تخصه.

ففي النظر إلى المرأة بشهوة والإصغاء إلى حديثها أو حملها أو ضمها الإثم فإن أمنى فدم شاة ، وفي القبلة دم شاة ، فإن أمنى فعليه بدنة ، وفي الوطي في إحرام المتعة قبل طوافها أو سعيها فساد المتعة ، وكفارته (٤) بدنة ، وفي إحرام الحج قبل العرفة بدنة ، فان كان في الفرج فسد الحج ولزمه استينافه ، وبعد عرفة (٥) بدنة ، وفي الاستمناء والتلوط وإتيان البهائم بدنة.

__________________

(١) وفي الروايات : كل ما يخاف المحرم على نفسه من السباع والحيات وغيرها فليقتله.

(٢) للتبرد.

(٣) في بعض النسخ : لا للمدافعة.

(٤) كفارة. خ.

(٥) العرفة. خ.

٢٠٣

وفي أكل الصيد أو بيضة ، أو شم مسك أو عنبر أو زعفران أو ورس ، أو أكل طعام فيه شي‌ء منه دم شاة ، وفيما عدا ذلك من الطيب الإثم دون الكفارة.

وفي تظليل المحمل وتغطية رأس الرجل ووجه المرأة مختارا لكل يوم دم شاة ، ومع الاضطرار بجملة المدة دم شاة.

وفي قص ظفر كف من طعام ، وفي أظفار إحدى يديه صاع ، وفي أظفار كلتيهما دم شاة ، وكذلك حكم أظفار رجليه ، فان قص أظفار يديه ورجليه في مجلس واحد فعليه دم واحد.

وفي قص الشارب أو حلق العانة والإبطين دم شاة ، وفي حلق الرأس دم شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام.

وفي المجادلة وهي قوله : لا والله ثلاث مرات فما فوقهن صادقا دم شاة وفي مرة كاذبا شاة ، ومرتين دم بقرة ، وفي ثلاث مرات فما فوقهن دم بدنة.

وفي حك الجسم حتى يدمي مد من طعام لمسكين.

وفي قطع بعض شجر الحرم من أصله دم شاة ، ولقطع بعضها ، أو اختلاء خلاها ما تيسر من الصدقة.

وفي لبس المخيط بعد الإحرام شقه وإخراجه من قبل الرجلين ، وللإحرام فيه نزعه ، وفي كل منهما دم شاة.

وفي قلع الضرس دم شاة.

وعقد النكاح فاسد وعاقده آثم.

وفي إتيان ما عدا ما بيناه (١) لزوم الكفارة منه (٢) مما يلزم المحرم اجتنابه الإثم.

__________________

(١) كذا في النسخ ، والظاهر زيادة الهاء.

(٢) كذا في النسخ ، والظاهر : فيه.

٢٠٤

فأما الصيد فيلزم من قتله أو ذبحه أو شارك في ذلك أو دل عليه فقتل ان كان محلا في الحرم أو محرما في الحل فداؤه بمثله من النعم ، وان كان محرما في الحرم فالفداء والقيمة ، وروى الفداء مضاعفا.

وكفارة العبد والأمة ان كان إحرامهما بإذن السيد عليه ، وبغير اذنه عليهما بالصوم دون الهدى والإطعام.

وكفارة الصغير والمأوف العقل على وليه.

ووقوع ذلك عن قصد يقتضي مع الكفارة استحقاق العقاب ، وعن خطأ أو سهو الكفارة حسب ، والندم يجب من المقصود ، وهو مقسط للذم والعقاب دون الكفارة.

وتكرير (١) القتل يوجب تكرير الكفارة.

فإن كان المقتول نعامة ففيها بدنة ، فان لم يجد فقيمتها ، فان لم يجد فض القيمة على البر ، وصام لكل نصف صاع يوما.

وان كان حمار وحش أو بقرة وحش فعليه بقرة ، فان لم يجدها تصدق بقيمتها ، فان لم يجد فض القيمة على البر ، وصام لكل نصف صاع يوما.

وان كان ظبيا أو ثعلبا أو أرنبا فعليه شاة ، فان لم يجدها فقيمتها ، فان لم يجد صام عن كل نصف صاع من قيمتها يوما.

ويجوز له ان فقد الفداء أو القيمة أن يصوم للنعامة ستين يوما ، وللبقرة ثلاثين يوما ، وللظبي ثلاثة أيام ، وان صام بالقيمة أقل من هذه المدة أجزأ وان زادت القيمة عليها لم يتجاوزها.

وان كان المقتول لا مثل له من الانعام كالطير والوحش ففيه القيمة أو عدلها صياما على ما بينا وصفه.

__________________

(١) وتكرر.

٢٠٥

وفي قتل الزنبور كف من طعام ، فان قتل زنابير فصاع ، وفي قتل الكثير دم شاة.

وفي كل حمامة من حمام الحرم شاة ، وفي فراخها حمل ، وفي بيضها درهم وفي حمامة الحل درهم ، وفي فراخها نصف درهم ، وفي بيضها ربع درهم.

وفي القنفذ والضب واليربوع حمل قد فطم ورعى من الشجر. وفي صغار الصيد مثله من صغار الانعام. وفي بيض النعام إذا تحرك فيها الفراخ لكل بيضة فصيل ، وان لم يتحرك فيها الفراخ فإرسال فحولة الإبل على إناثها بعدد ما كسر فما نتج كان هديا فان لم تكن له إبل فلكل بيضة شاة ولبيض القبج والدجاج (١) إرسال فحولة الغنم على إناثها فما نتج كان هديا.

ومن رمى صيدا فأصابه فمر لوجهه ولم يعرف حاله فعليه فداؤه ، وان رآه بعد ذلك كسيرا فعليه ما بين قيمته سليما وكسيرا ، وان رآه سليما تصدق بشي‌ء.

وإذا اشترك جماعة في قتل صيد والدلالة عليه فعلى كل منهم فداؤه.

وسياق فداء الصيد واجب من حيث قتل الى محله ، ومحل فداء ما أتاه في إحرام المتعة أو العمرة المبتولة قبالة الكعبة ، وفي إحرام الحج منى ، فان تعذر السياق فمن حيث أمكن لميقاته ، أو من قابل ، أو عدل ذلك من الإطعام أو الصوم.

الفصل السادس

إذا أراد المكلف الحج فليصل ركعتي الاستخارة ، وبعدهما ركعتي الحاجة يسبح بعدهما تسبيح الطاهرة ، ويدعو ويستخير الله سبحانه ويستحفظه دينه

__________________

(١) الدراج.

٢٠٦

ونفسه وأهله وماله ، ويعفر (١) ويجمع أهله فيوصي إليهم وصية مفارق لا يظن إيابا ، وليكثر في سفره من ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن والصلاة على محمد وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليحسن صحبة من صحبه من رفيق ومعين ، وليوطن نفسه على حمل الأذى ، وليجهد في فعل الخير.

فاذا انتهى الى الميقات فليقص أظفاره وشاربه ، ويحلق إبطيه وعانته ، ويغتسل غسل الإحرام ، ويلبس ثوبي إحرامه يأتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر ، وأفضل ذلك ثياب البياض الجدد من القطن والكتان ، ولا يجوز الإحرام فيما لا تجوز فيه الصلاة من اللباس.

ثم يصلى ركعتي الإحرام يتوجه لها كتوجهه للفرائض ، فإن كان وقت فريضة قدم صلاة الإحرام ثم الفريضة ، وأحرم دبرها ، فان كانت الوقت ضيقا بدأ بالفرض ثم صلى صلاة الإحرام وأحرم.

وقال ان كان يريد التمتع بالعمرة إلى الحج : اللهم اني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك فيسر لي أمري وبلغني قصدي وأعني على أداء مناسكي ، فإن عرض لي عارض يحبسني فحلني (٢) حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي ، اللهم ان لم تكن حجة فعمرة ، اللهم ان لم تكن عمرة فحجة ، أحرم لك لحمي ودمي وعصبي وعروقي وشعري وبشرى من النساء والطيب والصيد ، ومن كل ما حرم على المحرمين ، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة.

وان كان قارنا قال : اللهم اني أريد الحج قارنا فسلم لي هديي وأعني على مناسكي ـ إلى آخر الكلام.

__________________

(١) في بعض النسخ : ويغفر ، والظاهر ما أثبتناه.

(٢) في بعض النسخ : فخلني.

٢٠٧

وان كان مفردا قال : اللهم اني أريد الحج مفردا فسلم لي مناسكي وأعني على أدائها ـ إلى آخر الكلام.

ثم يعقد إحرامه بالتلبية الواجبة ، أو بإشعار هديه أو تقليده ان كان قارنا. وليفتح ذلك بالنية على الوجه الذي بيناه.

وليلب بالواجبة كلما علا هضبة أو هبط واديا ، وفي الأسحار ، وأدبار الصلوات ، وعند اليقظة من النوم ، وهو مرغب في التلبية المسنونة.

وليكثر من « لبيك ذا المعارج لبيك. » وليقل المتمتع : « لبيك متمتعا بالعمرة إلى الحج لبيك » ولا يقل « بحجة وعمرة تمامها عليك » ، لان ذلك تعليق منه للإحرام بالحج والعمرة وهو فاسد باتفاق.

فاذا عاين المتمتع بيوت مكة قطع التلبية ، وأكثر من حمد الله تعالى على بلوغها.

فاذا انتهى الحرم فليغتسل ويدخله ماشيا عليه السكينة والوقار ، ويجوز راكبا ، وليدخل مكة من أعلاها ، وليغتسل قبل دخولها فاذا عاين البيت فليقل : الحمد لله ـ الى آخر الدعاء.

ثم ليحرز رحله ويغتسل لدخول المسجد ويأتيه ماشيا ذاكرا لله تعالى عليه ذلة وخشوع ، فاذا انتهى الى باب بني شيبة فليقف عليه وليقل قبل دخوله : بسم الله وبالله ـ الى آخر التقديس.

ثم يدخل المسجد فاذا عاين البيت فليقل :

اللهم اني اشهد أن هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس وأمنا مباركا وهدى للعالمين ـ الى آخر الدعاء.

ثم يفتتح الطواف بالحجر الأسود فيستقبله بوجهه ويرفع يديه ويقول :

الحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله سبحان الله والحمد

٢٠٨

لله ولا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ثم يدنو منه فيقبله فان لم يتمكن من تقبيله فليمسحه بيديه ويقبلهما (١) ويقول :

أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة عند الله تعالى ، اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله وان الأئمة من ذريته ـ ويسميهم ـ حججه في أرضه وشهداءه على عباده ـ إلى آخر الدعاء.

ثم يستلمه (٢) ويطوف وهو ذاكر فاذا بلغ الكعبة فليقل :

« اللهم صل على محمد وآله وأدخلني الجنة برحمتك وعافني من السقم وأوسع علي من الرزق الحلال وادرأ عني شر فسقة العرب والعجم والجن والانس ».

وإذا استقبل الميزاب فليقل : « اللهم أعتقني من النار ، وأوسع علي من رزقك الحلال ، وادرأ عني شر فسقة الجن والانس ، وأدخلني الجنة برحمتك ».

ويقول بين الركن الغربي واليماني (٣) : « اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واعف عني وأقلني عثرتي وأقبل توبتي أتوب الى الله ـ ثلاث مرات ـ ويطابق ذلك بالندم والعزم ويقول ثلاث مرات : استغفر الله.

ويقول كلما استقبل الحجر الأسود : « الله أكبر الله أكبر السلام على رسول الله وآله الطاهرين » ويقبله في كل شوط ، فان لم يقدر فليفتتح به ويختم ،

__________________

(١) في بعض النسخ : بيده ويقبلها.

(٢) في بعض النسخ : ثم يستقبله.

(٣) في بعض النسخ : بين الركن والمقام العراقي واليماني ، وفي بعضها الأخر :

بين الركن والمقام الغربي واليماني.

٢٠٩

فان لم يتمكن منه فليمسحه بيده ويقبلها ، فان لم يقدر على ذلك فليشر اليه بيده ويقبلها.

ويقول في طوافه : « اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشي به على ظلل الماء كما يمشي به على جدد الأرض ، وأسألك بكل اسم عظمته ، أن تقبل توبتي وتغفر خطيئتي وتجاوز عن زلتي وتشكر سعيي في مرضاتك وتضاعف ثوابي على طاعتك وتوسع علي من رزقك الحلال ».

ويدعو في أثناء ذلك بما أحب ، ويسأل الله تعالى ما أحب.

ويقول عند باب الكعبة : « سائلك فقيرك مسكينك ببابك فتصدق عليه بالجنة ».

فإذا بلغ الركن اليماني فليستلمه ويقبله وليسر منه (١) الى زاوية المسجد مقابلة (٢) ويقول : « السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك وعلى أهل بيتك الطاهرين ، ( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا ) برحمتك ( عَذابَ النّارِ ) يصنع هذا في كل شوط.

فاذا كان في الشوط السابع فليقف على المستجار ، ويبسط يديه على البيت وليلصق بطنه وخده به ويقول : « اللهم ان البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مقام العائذ بك من النار اللائذ بعفوك من سخطك المستجير برحمتك من عذابك فارحم اللهم ذل موقفي بين يديك وارزقني في مقامي هذا الفوز بالجنة وأجرني من النار وزوجني من الحور العين » ويتعلق بأستار الكعبة ويدعو ويتضرع ويلج (٣) في المسألة للدنيا والآخرة.

__________________

(١) في بعض النسخ : وليشر منه :

(٢) كذا.

(٣) يلح. ظ.

٢١٠

ويقبل الركن اليماني في كل شوط ويعاقبه (١) ويقول : « اللهم تب علي حتى أتوب ، واعصمني حتى لا أعود ، وأتوب الى الله أتوب الى الله أتوب الى الله ، اللهم إني تائب إليك مما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت وسهوت عنه وأحصيته (٢) علما ، نادم على ما مضى ، عازم ألا أعود إلى مثله أبدا أبدا ، فاقبل توبتي وأعف عني واغفر لي ما بيني وبينك ، وتحمل عني جرائر خلقك بجودك وكرمك وسعة رحمتك يا أرحم الراحمين ».

فاذا فرغ من أسبوعه فليأت مقام إبراهيم عليه‌السلام ، فيجعله أمامه ، ويصلي ركعتي الطواف على الوجه الذي تقدم ذكره ، وليعقب بعدهما ويدعو ويجتهد ويعفر.

ثم ينهض خاشعا ذاكرا حتى يخرج من الباب المقابل للحجر الأسود إلى الصفا ، فاذا انتهى الى الصفا فليصعد عليه ويستقبل البيت بوجهه ثم يكبر الله سبعا ويحمده سبعا ويهلله سبعا ويسبحه سبعا ويصلي على محمد وآله ما تيسر ثم يدعو ربه ، وينحدر إلى السعي فيفتتحه بالنية ، ويمشي إلى الميل فاذا انتهى اليه هرول ملأ فروجه (٣) حتى يقطع سوق العطارين ، وينتهي إلى الميل فيقطع الهرولة ، ويمشي حتى يصعد المروة ، فيستقبل البيت بوجهه ويقول : « لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شي‌ء قدير » ثلاث مرات.

ثم يقول : « اللهم إني أسألك حسن الظن بك في كل حال ، وصدق النية

__________________

(١) كذا في بعض النسخ وفي بعضها الأخر : والعاقبة.

(٢) كذا يقرء ما في بعض النسخ.

(٣) كذا في بعض النسخ ، وقال في السرائر : فإذا انتهى الى الموضع الذي يرمل فيه أى يهرول فيه ، والرمل الإسراع وهو أن يملأ فروجه.

٢١١

في التوكل عليك ».

ثم ينحدر منها حتى يفعل ذلك سبع مرات ، يهرول في كل شوط ما بين الميلين ، ويمشي بين كل منهما الى ما يليه من الصفا والمروة.

وليكثر قوله في سعيه : « رب اغفر وأرحم وتجاوز عما تعلم انك أنت الأعز الأكرم ».

فاذا فرغ من سعيه فليقصر من شعر رأسه ولحيته وشاربه أو من إحداهما (١) ويحل له كل شي‌ء أحرم منه ، والاولى أن يتشبه بالمحرمين الى يوم التروية.

فإذا زالت الشمس منه فليغتسل ويلبس ثوبي إحرامه ، ويأتي المسجد الحرام حافيا وعليه السكينة والوقار ، فيطوف بالبيت أسبوعا ، ثم يصلى ركعتي الطواف ثم يحرم بعدهما ، ويجزيه أن يصلى ركعتي الإحرام حيث شاء من المسجد الحرام ، وأفضله تحت الميزاب أو عند المقام ، فاذا سلم فليقل : « اللهم انى أريد الحج فيسره لي وأعنى على مناسكي فإن عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني ، أحرم لك وجهي وشعري وبشرى ولحمي ودمي وعصبي وعروقي ومخي من النساء والطيب والثياب والصيد وكل محرم على المحرم أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة ».

ثم يلبى مستسرا ، فاذا نهض به بعيره أعلى (٢) بالتلبية ، وان كان ماشيا فليجهر بها من عند الحجر الأسود ، وليلب بالواجبة والمندوبة ، ثم يتوجه إلى منى وهو يقول : « اللهم إياك أرجو وإياك أدعو فبلغني أملي وأصلح لي عملي وتقبل منى وأعطني سؤلي من رضوانك وأجرني من عذابك ».

فاذا انتهى الى الرقطاء دون الردم وأشرف على الأبطح فليرفع صوته

__________________

(١) كذا.

(٢) كذا في النسخ ، وفي المختلف : أعلن ، وهو الصحيح.

٢١٢

بالتلبية حتى يأتي منى فاذا انتهى إليها فليقل : « الحمد لله الذي أقدمنيها صالحا وبلغني هذا المكان في عافية اللهم هذه منى وهي مما مننت به علينا من المناسك فأسألك أن تتم علي فيها بما مننت به على أوليائك فإنما أنا عبدك وفي قبضتك حيث أطلب رحمتك وأؤم رضوانك فاجعل حظي منها أو فر حظ برحمتك يا أرحم الراحمين ».

وليصل بها المغرب وعشاء الآخرة والفجر من يوم عرفة ، ويجوز أن يصلى بغيرها إذا تعذر ذلك بها ، وليقطع ليله أو أكثره بالصلاة والدعاء والتقديس فاذا طلع الفجر فيصل الفرض ويفض الى عرفات ، ولا يجوز له أن يفيض منها قبل الفجر مختارا ، ولا يفيض منها الامام حتى تطلع الشمس.

فاذا توجه الى عرفات فليلب ويقول : « اللهم إليك صمدت وإياك اعتمدت ولوجهك أردت أسألك أن تصلى على محمد وآله وبارك لي في رحلتي » ـ إلى آخر الدعاء.

وليلب الى أن تزول الشمس من يوم عرفة ، فاذا أتى عرفات فليضرب خباه بنمرة قريبا من المسجد اقتداء برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ونمرة هي بطن عرنة ـ فإذا زالت الشمس فليقطع التلبية ويغتسل ويصلى الظهر والعصر يجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين أمام (١) الدعاء والعمل.

ثم يأتي الموقف ، وأفضله ميسرة الجبل ، فيستقبل القبلة فيهلل الله سبحانه مائة مرة ، ويكبر مائة مرة ، ويسبح مائة مرة ، ويصلى على محمد وآله صلى‌الله‌عليه‌وآله مائة مرة ، ويستغفر سبعين مرة ، ويقول : أتوب الى الله أتوب الى الله ـ حتى ينقطع نفسه ـ أتوب الى الله تعالى من جميع ذنوبي ، صغيرها وكبيرها ، ظاهرها وباطنها ، توبة نصوحا.

__________________

(١) في أكثر النسخ : أيام ، والظاهر ما أثبتناه.

٢١٣

وليقرن ذلك بالندم على ماضي القبائح لوجه قبحها ، والعزم على اجتناب أمثالها في المستقبل ، لكون ذلك مصلحة له مخلصا له سبحانه.

اللهم فصل على محمد وآله واقبل توبتي وامح حوبتي واغفر لي اللهم ما بيني وبينك وتحمل عنى جرائر خلقك بجودك وكرمك العفو العفو ـ سبعين مرة ـ ما شاء الله لا قوة إلا بالله ـ مائة مرة ـ لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك ـ الى آخرها مائة مرة ـ ، ويقرأ من أول البقرة عشر آيات وآية الكرسي ، وآخر البقرة : لله ما في السموات وما في الأرض ـ إلى آخرها ـ وآيات السخرة : إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض ـ إلى قوله ـ ان رحمة الله قريب من المحسنين ، وثلاث آيات في آخر الحشر ، وسورتي القدر والإخلاص ، والمعوذتين ، ثم يدعو بدعاء الموقف حتى تغرب الشمس.

ثم ليفض الى المشعر الحرام وعليه السكينة والوقار مستغفرا ، فاذا انتهى الى الكثيب الأحمر الذي عن يمين الطريق فليقل : « اللهم صل على محمد وآل محمد وزك عملي وارحم ذل موقفي وسلم لي ديني وتقبل مني مناسكي اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف وارزقنيه أبدا ما أبقيتني فإذا انتهى الى المزدلفة فلينزل قريبا من المشعر ، وليصل بها المغرب وعشاء الآخرة يجمع بينهما ، ويصلى نوافل المغرب بعد الفراغ من عشاء الآخرة ، وليقطع الليلة أو أكثرها بالعبادة.

ويستحب له أن يطأ المشعر الحرام وذلك في حجة الإسلام آكد.

فاذا صعده فليكثر من حمد الله تعالى على ما مر به ويجتهد في الدعاء فاذا طلع الفجر من يوم النحر فليؤدن وليقم لصلاة الغداة ، فإذا سلم منها فليقف داعيا الى أن تطلع الشمس.

وليفتتح وقوفه بعرفة والمشعر الحرام بالنية.

٢١٤

ثم ليفض إلى منى خاشعا داعيا مقدسا ، فاذا انتهى الى وادي محسر فليقطعه ماشيا مهر ولا أو أكثره ، ويجزيه أن يهرول فيه مائة خطوة.

وليلقط من المشعر حصى الحمار : سبعين حصاة كرأس الأنملة أفضلها البرش ، وتكره السودة.

فاذا انتهى الى منى فلينزل بها ، ويأت جمرة العقبة فليقف من قبل وجهها ولا يقف من أعلاها ، وليكن بينه وبينها قدر عشر أذرع إلى خمسة عشر ذراعا ويقول والحصى في يده (١) : « اللهم هؤلاء حصياتي فأحصهن لي وارفعهن في عملي » ثم ليرم خذفا يضع الحصاة على باطن إبهامه ويدفعها بظاهر مسبحته ويقول مع كل حصاة إذا رميها : « بسم الله اللهم صل على محمد وآل محمد الله أكبر اللهم ادحر عنى الشيطان وجنوده اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك صلى‌الله‌عليه‌وآله اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا » حتى يرمى بسبع حصيات.

ثم يرجع الى منى فيشترى هديا لمتعة (٢) ان كان متمتعا ، أعلاه بدنة وأدناه شاة ، تستقبل بما يذبح أو ينحر من هدى متعته أو ما ساق منه ان كان قارنا القبلة ويقول : « ( وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً ) مسلما على ملة إبراهيم ودين محمد وولاية (٣) أهل بيته الطاهرين ( وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ـ ( إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ ) وأنا من المسلمين اللهم بك ومنك وإليك بسم الله والله أكبر اللهم تقبل مني انك أنت السميع العليم ».

ثم يمر الشفرة ويذبح ولا ينخع ، وينحر في اللبة لما ينحر ، وهو معقول

__________________

(١) في بعض النسخ : في بطن يده.

(٢) لمتعته. ظ.

(٣) في بعض النسخ : وولاية على وأهل بيته.

٢١٥

اليد اليسرى ، وهو قائم في الجانب الأيمن ولا يمسها حتى تبرد.

فان ضعف عن ذلك أو لم يحسنه فليستنب مسلما يجعل يده مع يده ويقول ما ذكرناه.

وليأكل من هديه ويطعم الباقي ، ولا يعطى الجزاز منها ولا من جلالها ولا قلائدها شيئا.

ثم ليحلق رأسه يجلس متوجها الى الكعبة ويأمر الحلاق أن يبدأ بالناصية من الجانب الأيمن ، لا يجزى في حج الإسلام غير الحلق ، وفيما عداه التقصير والحلق أفضل ، وفرض النساء التقصير على كل حال وليقل : « اللهم أعطني بكل شعرة يوم القيامة نورا وحسنات مضاعفات ، وكفر عنى السيئات انك على كل شي‌ء قدير ».

وليفتتح الرمي والذبح والحلق بالنية.

ثم ليدخل مكة لطواف الزيارة وهي طواف الحج ، ويصنع قبل دخولها والمسجد ما فعله حين دخل مكة في الابتداء. وليطف بالبيت طواف الزيارة ، ويسعي بعده بين الصفا والمروة ، ويرجع الى البيت فيطوف به طواف النساء يصنع في كل ذلك ما صنعه حين طاف وسعى للمتعة ، فبالطواف الأول والسعي يحل من كل شي‌ء أحرم منه الا النساء ، وبالطواف الأخر يحل منهن.

ثم ليخرج ليومه (١) إلى منى فيبيت بها وليرم في غده الجمرات الثلاث يبدء بالعظمى فيرميها بسبع حصيات ، ثم الوسطى ، ثم العقبة ، ويرمى في اليوم الذي يليه كذلك ، وفي الثالث كذلك ، على الوجه الذي ذكرناه ، ثم لينفر منها إلى مكة ، وقد مضى (٢) جميع المناسك.

__________________

(١) في بعض النسخ : من يومه.

(٢) قضى. ظ.

٢١٦

ومن السنة أن يأتي مسجد الخيف فيصلي فيه ست ركعات عند المنارة التي في وسطه ، ثم يسبح تسبيح فاطمة عليها‌السلام ويدعو بما أحب ، فإذا جاوز جمرة العقبة فليحول وجهه إلى منى ويرفع يديه الى السماء ويقول : « اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا المقام وارزقنيه أبدا ما أبقيتني » فإذا بلغ مسجد الحصباء (١) فليدخله ويصل فيه ويدع ويسترح بالاستلقاء فيه على ظهره.

ثم ينهض حتى يدخل مكة فيطوف بالبيت ما شاء تطوعا ، ويستحب له أن يتطوع بطواف بثلاثمائة وستين أسبوعا.

ويجوز تأدية جميع مناسك الحج والمكة (٢) محدثا ، وطاهرا أفضل ، إلا الطواف بالبيت ، فمن شرطه أن يكون الطائف طاهرا.

فإذا أراد المسير عن مكة فيأت المسجد فيطوف بالبيت ويدخله ويصلى في زواياه وعند المقام وعلى الرخامة الحمراء ويدعو ويجتهد ، ويأتي زمزم ويشرب من مائها ، ويدعو بدعاء الوداع ويودع.

فان كان الحاج قارنا أو مفردا أقاموا (٣) على إحرامه حتى يقضي المناسك ولا يقطع التلبية حتى تزول الشمس من يوم عرفه. ومناسكهما كمناسك المتمتع بعد المتعة ، إذ كانت مناسك ضروب الحج لا تختلف وانما يتميز المتمتع بالمتعة التي هي طواف وسعي ، والقارن بسياق الهدى.

وحكم النساء في فروض الحج وشروطه وكيفية فعله حكم الرجال ، إلا في التجرد للإحرام والحلق ، ويلزمهن كشف الوجوه والتقصير بعد الذبح حسب ولا يرفعن أصواتهن في التلبية كرفع الرجال.

__________________

(١) الحصبة.

(٢) كذا.

(٣) كذا.

٢١٧

فان حاضت المرأة أو نفست قبل الإحرام اغتسلت (١) وشدت ولبست ثيابا طاهرة وأحرمت ولبثت ، فان طهرت قبل فوات المتعة اغتسلت وطافت وسعت وان خافت الفوت قبل الطهر فليسع بين الصفا والمروة ، فإذا قضت المناسك قضت الطواف.

وان حاضت بعد ما أحرمت فليقض جميع المناسك الا الطواف ، فان طهرت في زمان الحج أدت ، وان خرج الزمان ولما يطهر ، فليقض ما فاتها من طواف.

ويجوز للمرأة إذا خافت مجي‌ء الدم أن تقدم طواف الزيارة والسعي على شهادة الموقفين ، وتقف بالمشعر ليلا وتفيض منه وتأتي منى فترمي الجمرة وتذبح وتقصر وتدخل مكة لطواف الزيارة والسعي ان لم تكن قدمتهما.

وإذا صد المحرم بالعدو أو أحصر بالمرض عن تأدية المناسك فلينفذ القارن هديه ، والمتمتع والمفرد ما يبتاع به شاة فما فوقها ، فاذا بلغ الهدى محله ـ وهو يوم النحر ـ فيحلق رأسه ويحل المصدود بالعدو من كل شي‌ء أحرم منه ، ويحل المحصور بالمرض من كل شي‌ء الا النساء حتى يحج من قابل له (٢) يحج عنه.

__________________

(١) في بعض النسخ : اغتسلت له.

(٢) كذا في النسخ ، ولعل الصحيح : أو يحج عنه.

٢١٨

فصل في النيابة في الحج

ومن تعلق عليه التمكن بالسعة في المال فمنعه مانع ، فليخرج عنه نائبا يدفع اليه من ماله ما يكفيه لنفسه وأهله في مدة سفره ذاهبا وراجعا ، وفضلا يرجع اليه ويجوز إعطاؤه ما يرضى به وان قل ، والأفضل ما ذكرناه.

ومن حق النائب ان يكون عارفا بالحج وأحكامه وما يبنى عليه من المعارف العقلية ، ظاهر الورع والعدالة ، باعتقاد الحق واجتناب القبائح ، وتصح نيابة من لم يحج ما لم يكن مخاطبا بالحج ، وتجزى (١) من قد حج للنيابة أولى.

ويستحب لمن قد حج أو حج عنه إذا كان ذا سعة أن يخرج عنه في كل سنة نائبا من بلده ، ويجوز من ميقات أهله.

فإذا تمكن المستنيب من الحج بنفسه وجب عليه أداؤه.

ويلزم النائب إذا أراد الإحرام أن ينوي به الحج على جهة النيابة عن مستنيبه ، وليقل : « اللهم ما أصابني في سفري هذا من نصب ولغوب فاجر فلان ابن فلان فيه وأجرني بنيابتى عنه ».

وليقصد بكل منسك يؤديه من أركان الحج وفرائضه تأديته لوجوبه عليه في حق النيابة فيه عن مستنيبه مخلصا به لله تعالى.

__________________

(١) في بعض النسخ : وتحرى. ولعل الصحيح : وتحرى.

٢١٩

فان صد أو مات النائب أو أحصر قبل أن يؤدى المناسك ، فله من المال بحسب ما قطع من المسافة ، ولم تجز الحجة عن المستنيب الا أن يضمن العود.

وان مات بعد ما أحرم ودخل الحرم لم يرجع على ورثته بشي‌ء من مال النيابة ، وأجزأت الحجة عن المستنيب.

وإذا أتى النائب في إحرامه ما يوجب الكفارة أو ما يوجب الحج من قابل ، فهو لازم من ماله ، دون مال مستنيبه.

وإذا فضل من نفقة الحج شي‌ء فهو له ، وان عجزت عن النفقة فعليه ، الا أن يشترط (١) فيكون لهما ما اشترطاه.

__________________

(١) كذا.

٢٢٠